كتاب الطهارة

شارك الاستفتاء

المقصد السابع

الأغسال المندوبة

وهي على أنواع ثلاثة: زمانية ومكانية وفعلية. ويكون الغسل للزمان بعد دخوله وللمكان قبل دخوله والفعل قبل إنجازه وقد يكون بعده كمسّ الميت بعد تغسيله أو قتل الوزغ على ما قيل.

النوع الأول: الأغسال الزمانية ولها أفراد كثيرة أهمها:

غسل الجمعة، حتى قيل بوجوبه لكنه ضعيف، ووقته من طلوع الفجر الصادق يوم الجمعة إلى الغروب في وقت يسعه. وإذا فاته قضاه يوم السبت من الشروق - على الأحوط استحباباً- إلى الغروب. ويجوز تقديمه يوم الخميس رجاءً إن خاف إعواز الماء يوم الجمعة، ولو اتفق تمكنه منه يوم الجمعة أعاده فيه، وإذا فاته حينئذ أعاده يوم السبت.

(مسألة 389) : يجزي غسل الجمعة الأدائي عن الوضوء ولو حصل بعد الزوال، وكذلك قضاؤه يوم السبت. وأمّا التقديم يوم الخميس فالأحوط وجوباً ضم الوضوء إليه، وكذلك إذا اغتسل يوم السبت مع غسله يوم الخميس. ولكن إذا اغتسل يوم الجمعة بعد غسله يوم الخميس أجزأ عن الوضوء.

(مسألة 390) : يصح غسل الجمعة من الجنب والحائض، ويجزي عن غسل الجنابة والحيض إذا كان بعد النقاء على الأقوى، بل عن كل غسل منوي معه مستحباً كان أم واجباً، مع فعلية موضوعه.

(مسألة 391) : الأغسال الزمانية الأخرى المجزية عن الوضوء كما يلي: غسل يوم عيد الفطر وغسل يوم عيد الأضحى، وكلاهما يوم واحد من شروقه إلى زواله، ولو اغتسل بعد الزوال فالأحوط وجوباً ضم الوضوء إليه، وغسل يوم عرفة وهو التاسع من ذي الحجة الحرام، وغسل يوم التروية وهو اليوم الثامن منه، وغسل الليلة الأولى والليلة السابعة عشر والليلة الحادية والعشرين والليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان. وإنّما تكون هذه الأغسال مجزية عن الوضوء إذا ثبت الهلال أول الشهر بطريق معتبر.

(مسألة 392) : الأغسال الزمانية التي يلزم الإتيان بها رجاءً ولا تجزي عن الوضوء، منها: تقديم غسل الجمعة يوم الخميس، كما سبق، وغسل أول يوم من كل شهر عدا ما سبق، وغسل ليلة الفطر، والغسل في الليالي الفرد من شهر رمضان عدا ما سبق، والغسل في جميع ليالي العشر الأواخر منه عدا ليالي القدر، وغسل يوم النيروز، وغسل أول رجب ووسطه وآخره، وغسل ليلة النصف من شعبان، والغسل يوم النصف منه، والغسل يوم التاسع من ربيع الأول واليوم السابع عشر منه، والغسل في اليوم الخامس والعشرين من ذي القعدة، وغسل يوم الغدير وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، وغسل يوم المباهلة وهو اليوم الرابع والعشرون منه، وغسل يوم المبعث النبوي وهو اليوم السابع والعشرون من رجب. 

(مسألة 393) : جميع الأغسال الزمانية يكفي الإتيان بها في وقتها مرة واحدة، ولا مشروعية لإعادتها حتى إذا صدر الحدث الأكبر أو الأصغر بعدها، ويتخير بالإتيان بها بين ساعات وقتها.

النوع الثاني: الأغسال المكانية، ولها أفراد كثيرة أيضاً.

كالغسل لدخول الحرم المكي ولدخول مكة ولدخول الكعبة ولدخول المدينة ولدخول حرم الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلم)، ولا يبعد   تداخلها إذا قصدها جميعاً، وكل هذه الأغسال مجزية عن الوضوء.

(مسألة 394) : وقت الغسل في هذا القسم قبل الدخول في هذه الأمكنة، غير بعيد عنها عرفاً مكاناً وزماناً. فلو خالف ذلك لم تجز عن الوضوء.

النوع الثالث: الأغسال الفعلية.

 وهي ما يستحب لأجل إيقاع فعل واجب أو مستحب بعده. فالمجزي عن الوضوء منها، غسل الإحرام، وغسل الاستخارة، والأحوط وجوباً فيه الاقتصار على ما أشتمل على الصلاة، والغسل للاستسقاء، والغسل لإنجاز صلاة الكسوف والخسوف أداءً وقضاءً، والأحوط عدم شموله لمطلق الآيات.

(مسألة 395) : والأغسال الفعلية غير المجزية عن الوضوء على الأحوط وجوباً، منها: الغسل للذبح والنحر والحلق في الحج، والغسل لزيارة المعصوم عليه السلام مطلقاً ولو من قريب، والغسل لمس الميت بعد تغسيله. والغسل لقتل الوزغ والغسل للمباهلة مع الخصم، والغسل لمن قصد مصلوباً ليراه بعد ثلاثة أيام، أمّا إذا لم يقصده أو قصده قبل الثلاثة فأصل مشروعية الغسل محل إشكال.

(مسألة 396) : كل غسل لم نُشِر إلى إجزائه عن الوضوء فالأحوط وجوباً الإتيان به رجاءً وضم الوضوء إليه، مما ذكرناه أو لم نذكره.

 

(مسألة 397) : يجزي في الأغسال الفعلية غسل أول النهار ليومه وأول الليل لليلته، بل مطلق الوقت إذا قصد به إيقاع الفعل،والأحوط وجوباً انتقاضه بالحدث بينه وبين الفعل، لكن إذا كرر الغسل فالأحوط وجوباً عدم إجزائه عن الوضوء.

شارك الاستفتاء

المبحث الخامس: في التيمم

 

وفيه فصول:

!+

في مسوغات التيمم

وهي متمثلة في مسوِّغين رئيسيّين: الأول عدم وجود الماء، والآخر عدم التمكن من استعماله لوجود مانع عقلي أو شرعي عند المكلف مع وجود الماء، ويجمعهما عنوان العذر المسقط لوجوب الطهارة المائية.

المسوغ الأول: عدم وجدان الماء الذي يكفي للوضوء أو الغسل أو يصلح للاستعمال فيهما، ويتحقق ضمن إحدى الحالات التالية:

الحالة الأولى: أن لا يجد المكلف الماء في بيته  ولا في مكانٍ آخر بوسعه الوصول إليه كحي سكني آخر في نفس المدينة بالنسبة للحاضر، وإن كان مسافراً لا يجد في كل أطرافه من مساحة الأرض التي يقدر على الوصول إليها من دون عائق والتحرك ضمنها ما دام وقت الصلاة باقياً، ولا فرق في ذلك بين أن لا يوجد الماء فيها أصلاً، أو يوجد بمقدار لا يكفي للوضوء أو الغسل، أو يكفي ولكن هناك مانع من استعماله كما إذا كان نجساً أو مغصوباً، ففي هذه الحالة وظيفته التيمم بديلاً عن الوضوء أو الغسل.

(مسألة 398) : إنّ تلك المساحة من الأرض التي يجب على المكلف أن يطلب الماء فيها ليست محدودة بحدود معينة شرعاً طولاً ولا عرضاً.

وما ورد في بعض الروايات من تحديدها بمقدار رمية سهم في الأرض الحزنة وسهمين في الأرض السهلة فهو لو ثبت من باب المثال على حدود إمكانية البحث المبريء للذمة، وهو متغير بحسب الأزمان والأحوال والأشخاص، فقد ينعدم الماء في الحي الذي يسكنه لكنه يستطيع الانتقال بسيارته من دون حرج أو مشقة إلى حي سكني آخر يتوفر فيه الماء، بينما لا يستطيع غيره فعل نفس الشي، فإذن يكون المعيار في وجوب الطلب ضمن تلك المساحة سعة وضيقاً إنّما هو بعدم استلزامه العسر والحرج أو الضرر والخطر الجسدي.

(مسألة 399) : إذا شهد ثقة يحصل الاطمئنان من قوله بعدم وجود الماء في تلك المساحة من الأرض، كفى في عدم وجوب الفحص والطلب.

(مسألة 400) : يجوز الاستنابة في الطلب إذا كان النائب ثقة ويحصل الاطمئنان بقوله.

الحالة الثانية: أنّ الماء موجود في بعض نقاط تلك المساحة ولكن الوصول إليه يستلزم مشقة شديدة وحرجاً كما إذا كان الماء في نقطة بعيدة، أو إنّه كان ملكاً لشخص لا يأذن بالتصرف فيه إلا بالإهانة والتذلل له بما يكون محرجاً، أو أنّ الوصول إليه محفوف بالمخاطر كما إذا كان الطريق إليه غير مأمون أو كان في مقربة من الحيوانات المفترسة، ففي هذه الحالة تكون وظيفته التيمم في كل هذه الفروض عوضاً عن الوضوء أو الغسل.

الحالة الثالثة: أن يكون الماء موجوداً في تلك المساحة ولكنه ملك لغيره وهو لا يأذن بالتصرف فيه إلا بثمن مجحف بحاله، أو أنّ الوصول إليه يتوقف على ارتكاب أمور محرمة كما إذا كان الطريق إليه مغصوباً، أو الآلة التي يستعملها في أخذ ذلك الماء مغصوبة، ففي هذه الحالة تكون وظيفته التيمم.

ونلاحظ أنّ المكلف في الحالة الأولى بما أنّه غير واجد للماء فلا يمكن أن يتحقق منه الوضوء فالواجب عليه التيمم، وفي الحالتين التاليتين وهما الحالة الثانية والثالثة فيمكن للمكلف أن يتوضأ ومرخص بتركه والعدول إلى التيمم، ولكن إذا أصر على الوضوء وحصل على الماء متحملاً كل الصعوبات من الحرج والضرر وجب عليه أن يتوضأ وصح منه.

(مسألة 401) : إذا أخلَّ بالطلب وتيمم برجاء إدراك الواقع صح تيممه إن صادف عدم الماء.

(مسألة 402) : بناءً على تحديد مساحة الفحص فانه إذا علم أو اطمأن بوجود الماء في خارج الحد المذكور وجب عليه السعي إليه وإن بعد، إلا أن يكون السعي إليه حرجياً أو فيه مشقة عظيمة.

(مسألة 403) : إذا طلب الماء قبل دخول الوقت فلم يجده ثم دخل الوقت فلا يجب عليه إعادة الطلب، إلا  إذا تجدد عنده احتمال الحصول على الماء.

(مسألة 404) : إذا طلب بعد دخول الوقت لصلاة يكفي لغيرها من الصلوات، فلا تجب إعادة الطلب عند كل صلاة، وأمّا إذا احتمل العثور مع الإعادة لاحتمال تجدد وجوده فعليه إعادة البحث.

(مسألة 405) : يسقط وجوب الطلب في ضيق الوقت، كما يسقط إذا خاف على نفسه أو ماله من لص أو سبع أو نحو ذلك، وكذلك إذا كان في طلبه حرج ومشقة لا تتحمل كما مر.

(مسألة 406) : إذا ترك المكلف طلب الماء في المساحات المذكورة حتى ضاق الوقت استحق العقوبة لعصيانه، لكن صلاته صحيحة وإن حصل العلم له بأنّه لو طلب الماء لوجده، والأحوط استحباباً القضاء في الفرض الثاني.

(مسألة 407) : إذا ترك الطلب عمداً في سعة الوقت وصلى بطلت صلاته وإن تبين عدم وجود الماء، نعم، لو حصل منه قصد القربة مع تبين عدم الماء واقعاً حين الصلاة باعتبار أنّه صلى رجاءً  أو نسياناً أو جهلاً فصلاته صحيحة، وصح منه قصد القربة.

(مسألة 408) : إذا اعتقد ضيق الوقت عن الطلب فتركه وتيمم وصلى ثم تبين سعة الوقت فإن كان التبين في الوقت وجب عليه الطلب، فإن طلب وعثر على الماء كشف ذلك عن بطلان تيممه وصلاته ووجوب الإعادة، وإن كان ذلك في خارج الوقت لم يجب القضاء.

(مسألة 409) : إذا طلب الماء فلم يجد فتيمم وصلى ثم تبين وجوده في محل الطلب فعليه وجوب الإعادة في الوقت،نعم، لايجب القضاء إذا تبين ذلك في خارج الوقت.

المسوغ الثاني: عدم تمكن المكلف من استعمال الماء مع وجوده عنده، وهو يتحقق ضمن إحدى الحالات التالية:

الحالة الأولى: خوف الضرر من استعمال الماء بحدوث مرضٍ أو زيادته أو طول أمده، أو على النفس، أو البدن، ومنه الرمد المانع من استعمال الماء، كما أنَّ منه خوف الشين الذي يعسر تحمُّله وهو الخشونة المشوَّهة للخلقة، والمؤدَّية في بعض الأبدان إلى تشقُّق الجلد.

الحالة الثانية: خوف العطش على نفسه، أو على غيره الواجب حفظه عليه، أو على نفس حيوانٍٍ يكون من شأن المكلَّف الاحتفاظ به، والاهتمام بشأنه،كدابّته وشاته ونحوهما ممَّا يكون تلفه موجباً للحرج أو الضرر.

الحالة الثالثة: أن يكون بدنه أو ثوبه نجساً وكان عنده ماءٌ يكفي لإزالة النجاسة فقط أو للوضوء كذلك، ففي هذه الحالة يجوز للمكلَّف أن يصرف الماء في غسل بدنه أو ثوبه وإزالة النجاسة عنه ويتيمَّم للصلاة.

الحالة الرابعة: ضيق الوقت عن استيعاب الوضوء والصلاة معاً، فحينئذٍ يجوز له أن يتيمَّم من أجل إدراك تمام الصلاة في الوقت.

الحالة الخامسة: أن يكون الشخص مكلفاً بواجب آخر أهم يتعين صرف الماء فيه على نحو لا يقوم غير الماء مقامه مثل إزالة النجاسة عن المسجد.

(مسألة 410) : إذا خالف المكلَّف عمداً فتوضأ في موردٍ يكون الوضوء فيه حرجيَّاً كالوضوء في شدَّة البرد- مثلاً - صح وضوؤه، وإذا خالف في موردٍ يكون الوضوء فيه محرَّماً بطل وضوؤه، كما إذا كان ضرره خطيراً وهو الضرر الذَّي يحرم على المكلَّف أن يوقع نفسه فيه، وإذا خالف في موردٍ يجب فيه حفظ الماء - كما في الحالة الثانية-  فالظاهر صحَّة وضوئه، وفي الحالة الرابعة إذا عصى وتوضأ صح شريطة أن لا ينوي بوضوئه المقدمية لهذه الصلاة التي ضاق وقتها لأنّها لا توجب وضوءاً مع ضيق الوقت، لذا لو نوى مطلق الكون على الطهارة أو الاستحباب النفسي للوضوء صح لأنّ هذه النيات غير مرتبطة بالوقت.

(مسألة 411) : إذا خالف فتطهَّر بالماء لعذرٍ من نسيانٍ، أو غفلةٍ صحَّ وضوؤه في جميع الموارد المذكورة، وكذلك مع الجهل إذا كان مركَّباً، ما لم يكن  الوضوء محرماً في الواقع.

(مسألة 412) : إذا آوى إلى فراشه لينام ذكر بعض الفقهاء أنَّه إذا لم يكن على وضوءٍ جاز له التيمُّم وإن تمكن من استعمال الماء فلا بأس بالإتيان به رجاءً، كما يجوز التيمم لصلاة الجنازة إذا خاف عدم إدراكها.

 

 @+

فيما يتيمم به

          الأقوى جواز التيمم بما يسمى أرضاً سواء كان تراباً أم رملاً أم مدراً أم حصىً أم صخراً أملس.

ومنه أرض الجص والنورة قبل الإحراق. ولا يعتبر علوق شيء منه باليد. وإن كان الأحوط استحباباً الاقتصار على التراب مع الإمكان.

(مسألة 413) : لا يجوز التيمم بما لا يصدق عليه اسم الأرض وإن كان أصله منها، كالرماد والنبات والمعادن والذهب والفضة ونحوها مما لا يسمى أرضاً، وكذلك الأحجار الكريمة كالعقيق والفيروزج، بل كل المعادن حتى الملح ومشتقات النفط وإن أصبحت جامدة كالقير، كذلك الخزف والجص والنورة بعد الإحراق على الأحوط. وهذا كله مع الاختيار، أمّا مع الانحصار بأحد هذه الأمور فيلزم التيمم بها، فإن وجد غيره في الوقت أعاد دون خارجه وإن كان أحوط.

(مسألة 414) : لا يجوز التيمم بالنجس ولا بالمغصوب إلا لغير الغاصب مع الجهل أو النسيان، ولا الممتزج بما يخرجه عن اسم الأرض، نعم، لا يضر إذا كان الخليط مستهلكاً فيه عرفاً. ولو أكره على المكث في المكان المغصوب أو مجهول المالك فالأظهر جواز التيمم فيه.

(مسألة 415) : إذا اشتبه التراب المغصوب بالمباح وجب الاجتناب عنهما، وإذا اشتبه التراب بالرماد أو الطحين ونحوه فتيمم بكل منهما برجاء المطلوبية صح، بل يجب ذلك مع الانحصار. وكذلك الحكم إذا اشتبه الطاهر بالنجس الجاف.

(مسألة 416) : إذا عجز عن التيمم بالأرض لأحد الأمور المتقدمة في سقوط الطهارة المائية، يتيمم بالغبار المجتمع على ثوبه أو عرف دابته أو غيرهما، إذا كان غبار ما يصح التيمم به، دون غيره كغبار الدقيق أو الرماد. ويجب مراعاة الأكثر فالأكثر على الأحوط. وينبغي أن يلاحظ المكلف في الغبار أن لا يكون قليلاً بحيث لا يناله الحس عرفاً، فلا يصح به التيمم. ولو أمكن نفض الغبار وجمعه على نحو يصدق معه التراب، يجوز التيمم به ابتداءً وإن كان ناعماً.

(مسألة 417) : إذا عجز عن التيمم بالغبار تيمم بالوحل وهو الطين، وإذا أمكنه تجفيفه ولو قليلاً ووسع الوقت لذلك ثم يتيمم به، تعين ذلك.

(مسألة 418) : من عجز عن التيمم بالأرض والغبار والوحل، كان فاقداً للطهور، ولكن تتعين عليه الصلاة في الوقت على الأقوى ويجب عليه قضاؤها عند توفّر الطهور.

(مسألة 419) : إذا تمكن من الثلج ولم تمكنه إذابته والوضوء به، ولكن أمكنه مسح أعضاء الوضوء به على نحو يتحقق مسمى الغسل به وجب، واجتزأ به. وإن كان على نحوٍ لا يتحقق به الغسل، فالأحوط الجمع بينه - بدهن ودلك أعضاء الوضوء- وبين التيمم.

(مسألة 420) : يستحب نفض اليدين بعد الضرب، وأن يكون ما يتيمم به من ربى الأرض وعواليها، ويكره أن يكون من مهابطها وأن يكون من تراب الطريق.

 

#+

في كيفية التيمم

 وذلك: أن يضرب بيديه الأرض، وأن يكون دفعة واحدة على الأحوط وجوباً، بمعنى بطلانه على الأحوط مع تعمد التعدد، وأن يكون الضرب بباطنهما. ثم يمسح بهما جميعاً تمام جبهته وجبينه من قصاص الشعر إلى الحاجبين والى طرف الأنف الأعلى المتصل بالجبهة، والأحوط مسح الحاجبين أيضاً. ثم مسح تمام ظاهر الكف اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع بباطن اليسرى ثم مسح ظاهر الكف اليسرى كذلك بباطن الكف اليمنى.

(مسألة 421) : لا يجب المسح بتمام كل من الكفين، بل يكفي المسح ببعض كل منهما على نحو يستوعب الجبهة والجبين، فالمهم الاستيعاب في الممسوح لا الماسح.

(مسألة 422) : لا فرق في الماسح بين باطن الكف والأصابع، سواء كان الممسوح هو الوجه أو الكفين.

(مسألة 423) : المراد من الجبهة الموضع المستوي من أعلى الوجه. والمراد من الجبين ما بين هذا الموضع وبين طرف الحاجب إلى قصاص الشعر.

(مسألة 424) : الأحوط ثبات الجزء الممسوح مع حركة الجزء الماسح، دون العكس، ولا تحريكهما معاً. كما أنّ الأحوط تحريك الجزء الماسح باتجاه واحد لا أكثر، وهو على الأحوط من الأعلى إلى الأسفل في الوجه ومن الزند إلى الأصابع في الكف.   

(مسألة 425) : يكفي في التيمم بدل الوضوء أو الغسل ضربة واحدة يمسح بها وجهه وكفيه ولكن الاحوط استحبابا أن يكون بضربتين، فيمسح بالضربة الأولى وجهه وكفيه ويمسح بالثانية كفيه. غير أنّ الأحوط نية الرجاء في الزائد.

(مسألة 426) : لا يجزي وضع اليدين على الأرض من دون مسمى الضرب ولا الضرب بـإحداهما، ولا بهما على التعاقب، ولا الضرب المتكرر بنية الجزئية، نعم، لا بأس به جهلاً أو سهواً. كما لا يجزي الضرب بظاهرهما ولا ببعض الباطن مع ترك جزء معتد به ولو بمقدار أنملة. ولا يجزي المسح بأحد الكفين وترك الآخر للوجه، ولا مسح الوجه بالكفين على التعاقب.

(مسألة 427) : الأحوط وجوباً جعل شيء من الزيادة في الجزء الممسوح من باب المقدمة العلمية.    

(مسألة 428) : إذا تعذر الضرب والمسح بالباطن انتقل إلى الظاهر، ولا ينتقل إليه لو كان الباطن متنجساً بغير المتعدي مع تعذر الإزالة. وأمّا إذا كانت النجاسة حائلة مستوعبة، فالأحوط الجمع بين الظاهر والباطن في الضرب والمسح. وإذا كان على الممسوح حائل طاهر لا تمكن إزالته أو نجس غير متعدي كذلك، مسح عليه. وإذا كان متعدياً انتظر جفافه، فإن ضاق الوقت مسح عليه.

(مسألة 429) : المحدث بالأصغر يتيمم بدلاً عن الوضوء. والمحدث بالأكبر يتيمم بدلاً عن الغسل ويجزيه عن الوضوء، وإذا كان محدثاً بالأصغر أيضاً فالأحوط استحباباً أن يتوضأ. وإن لم يتمكن من الوضوء يتيمم بدلاً عنه، ولا يجزي التيمم بدل الغسل عن الوضوء إذا كان من الاستحاضة المتوسطة، وإذا أحدث بالأصغر بعد تيممه بدلاً عن الغسل وكان معذوراً عن الوضوء تيمم بدله، وإن لم يكن معذوراً توضأ. ولا ينتقض التيمم بدل الغسل إلا  بحدثٍ أكبر.

 

$+

فيما يعتبر في التيمم

يشترط في التيمم نية القربة والإخلاص على ما تقدم في الوضوء مقارناً بها الضرب على الأظهر.

(مسألة 430) : لا تجب في التيمم نية البدلية عن الوضوء أو الغسل مادام التيمم بنحو واحد بدلاً عن أي منهما، بل تكفي حينئذ نية الأمر المتوجه إليه. والأفضل أن يعيّن المبدل عنه حينما يكون الأمر متعدداً كما في حالة الاستحاضة المتوسطة. 

(مسألة 431) : الأقوى أنّ التيمم ليس مبيحاً للدخول فيما اشترطت فيه الطهارة فقط، بل هو رافع للحدث حال مشروعيته -أي حال وجود مسوغاته- فلا يحتاج إلى تكراره في كل عمل مشروط بالطهارة مالم ينقضه، لكن لا تجب فيه نية الرفع، ولكن الأحوط أن ينوي فيه تهيئة مقدمات الدخول في أحد الأفعال المشترطة بالطهارة ولو استحباباً، كقراءة القرآن. فإنّه لم تثبت مشروعية التيمم للكون على الطهارة إلا إذا كان عاجزاً عن تحقيق هذه الحالة بالماء، كمن يستيقظ أثناء النوم ويريد أن يحافظ على النوم متطهراً فيتيمم بالضرب على الفراش ونحوه، لكن العجز المسوّغ لهذه الحالة لا ينطبق على العجز المسوّغ للصلاة ونحوها.

(مسألة 432) : يشترط فيه المباشرة والموالاة حتى فيما كان بدلاً عن الغسل، ويشترط فيه أيضاً الترتيب على حسب ما تقدم.

(مسألة 433) : من قطعت إحدى كفيه أو كلتاهما يتيمم بالذراع. ومن قطعت إحدى يديه من المرفق يكتفي بضرب الأخرى بما يتيسر والمسح بها على الجبهة ثم مسح ظهرها بالأرض، وأما أقطع اليدين من المرفق فيكفيه مسح جبهته بالأرض، وقد مرّ حكم ذي الجبيرة والحائل في المسألة (428).

(مسألة 434) : العاجز ييمَّمه غيره، ولكن يضرب بيدي العاجز ويمسح بهما مع الإمكان. ولو دار الأمر بين وضع يدي العاجز بنفسه وضربها بغيره، قدم الأول، وإن كان الأحوط الجمع رجاءً. ومع العجز عن ذلك يضرب المتولي بيدَي نفسه ويمسح بهما وجه العاجز ويديه، وتكون النية للعاجز على أي حال، والأحوط في الصورة الأخيرة ضم نية المتولي أيضاً. ويجب تحصيله مهما زاد الثمن، ما لم يكن مضراً بحاله.       

(مسألة 435) : إذا كانت للإنسان يدٌ زائدة مشتبهة باليد الأصلية وجب الجمع بين المسح بهما معاً والمسح عليهما كذلك، وإذا لم تكن مشتبهة بها لم يجب المسح بها ولا عليها، وأمّا إذا كان في مواضع التيمم لحم زائد فإن كان في الممسوح مسح عليه. وإن كان في الماسح مسح به.

(مسألة 436) : الشعر المتدلي على الجبهة يجب رفعه، سواء كان قليلاً أو كثيراً، ثم مسح البشرة تحته. وأمّا النابت فيها فالظاهر الاجتزاء بمسحه.

(مسألة 437) : إذا خالف الترتيب بطل مع فوات الموالاة وإن كانت المخالفة لجهل أو نسيان. أمّا لو لم تفُت صح إذا أعاد على نحو يحصل به الترتيب.

(مسألة 438) : الخاتم ونحوه حائل عن البشرة، يجب نزعه حال التيمم.

(مسألة 439) : الأحوط وجوباً اعتبار إباحة الفضاء الذي يقع فيه التيمم. وإذا كان التراب في إناء مغصوب لم يصح الضرب عليه.

(مسألة 440) : إذا شك في جزء منه بعد الفراغ لم يلتفت، ما لم يكن هو الجزء الأخير فإنّه يأتي به، ما لم تفُت الموالاة أو لم يدخل في عمل آخر غيره. ولو شك في جزء منه بعد التجاوز عن محله والدخول في الفعل الآخر لم يلتفت، كما لو شك في مسح جبهته بعد أن بدأ بمسح ظهر يده اليمنى، وإن كان الأحوط استحباباً التدارك.

 

%+

في أحكام التيمم

لا يجوز التيمم لصلاة مؤقتة قبل دخول وقتها، نعم، يمكنه التيمم بنية أخرى كما تقدم في المسألة (431)، ولو بقي العذر إلى حين دخول وقتها جازت الصلاة به، ويجوز التيمم عند ضيق وقتها. وفي جوازه في السعة إشكال، والأظهر الجواز مع اليأس عن التمكن من الماء، أو أن يأتي به وبالصلاة رجاء المطلوبية فلو اتفق التمكن من الماء بعد الصلاة وجبت الإعادة. 

(مسألة 441) : إذا تيمم لصلاة فريضة أو نافلة لعذر ثم دخل وقت أخرى، فإن يئس من التمكن من الطهارة المائية جاز له المبادرة إلى الصلاة في سعة وقتها، وإلاّ ففيه إشكال إلا أن يأتي بها رجاءً. فإن تبين استمرار العجز صحت صلاته، وإلاّ فعليه الإعادة، والأحوط ذلك لليائس أيضاً.

(مسألة 442) : إذا وجد الماء في أثناء العمل المتوقف على الطهارة كالصلاة بطل عمله، وعليه الاستئناف بعد تجديد الطهارة المائية إن كان في الوقت سعة وإلا  استمر بعمله بالطهارة الترابية.

(مسألة 443) : لو اجتمعت أسباب متعددة للحدث الأكبر كفاه تيمم واحد بدل الغسل بنية الجميع. وإذا كان أحدها الجنابة أو الحيض فليذكرها في نيته على الأحوط استحباباً.

(مسألة 444) : لم يثبت بدلية التيمم عن الأغسال المستحبة، كما لم يثبت كونه مستحباً استقلالياً كالوضوء، فالأحوط أن لا يؤتى به بهذه النية، ونحوها نية الكون على الطهارة. وسنشرح مشروعية البدلية في المسألة (448) الآتية بإذن الله تعالى.

(مسألة 445) : لا تجوز إراقة الماء الكافي للوضوء أو الغسل إذا كان منحصراً بعد دخول الوقت. وإذا تعمد ذلك أثم ووجب عليه التيمم مع اليأس من الماء وأجزأ، ولو تمكن بعد ذلك منه وجبت عليه الإعادة في الوقت على الأحوط دون خارجه.

(مسألة 446) : إذا كان على وضوء خلال الوقت لا يجوز له إبطاله، إذا علم بعدم وجود الماء وانتقال الوظيفة إلى التيمم. ولو أبطله والحال هذه أثم ووجب عليه التيمم.

(مسألة 447) : لا يجوز تعمد إيجاد الحدث الأكبر خلال الوقت إذا علم بفقد الماء، إلا أن يأتي أهله. والأحوط تجنب الإنزال بغير الجماع حينئذٍ، ولو أحدث والحال هذه وجب عليه التيمم. وأمّا قبل الوقت ولو قليلاً فلا إشكال في تعمد الحدث ولو علم بفقد الماء في الوقت.

(مسألة 448) : يشرع التيمم لكل عمل مشروط بالطهارة من الواجبات والمستحبات من الصلوات وغيرها، سواء كان اشتراطه أصلياً أو بالنذر ونحوه. وكذا كل ما يتوقف كماله على الطهارة إذا كان مأموراً به ولو استحباباً بدليل معتبر، كقراءة القرآن والأدعية والكون في المساجد والمراقد المقدسة. أمّا ما لم يثبت بدليل معتبر، فلا يستباح به غير ذلك العمل على الأحوط، أي ليس له الدخول في الصلاة مثلاً بذلك التيمم. وكذا الحكم - أي عدم مشروعية التيمم- في ما يحرم على المحدث من دون أن يكون مأموراً به، كمس كتابة القرآن وقراءة آيات السجدة.

(مسألة 449) : إذا تيمم المحدث لغاية جازت له كل غاية وصحت منه. فإذا تيمم للصلاة، جاز له دخول المساجد والمشاهد وغير ذلك مما يتوقف صحته أو جوازه على الطهارة، نعم، لا يجزي ذلك فيما إذا تيمم لضيق الوقت، فإنّه مع ارتفاع العذر بزوال هذا الضيق تتبع الحالة الجديدة حكمها، فلو تيمم لصلاة الصبح لضيق الوقت فإنّه - بعد أدائها وشروق الشمس- عليه أن يرتب حكم حالته في ذلك الوقت من وجود مسوّغ للتيمم وعدمه.

(مسألة 450) : المستحاضة الفاقدة للماء تتيمم بدل الوضوء أو بدل الغسل حسب تكليفها، نعم، لو ارتفع عذرها عن الغسل بعد التيمم والصلاة، فالأحوط لها الاغتسال للصلاة الأخرى إذا كانت لوقت آخر، فالمستحاضة المتوسطة إن تيممت لصلاة الصبح بدل الغسل، ثم وجدت الماء للظهرين وجب عليها الغسل. وأمّا إذا كانت الصلاة لنفس الوقت فالأحوط تجديد الغسل والصلاة، كالمستحاضة الكبيرة إذا تيممت للظهر وصلّت ثم وجدت الماء.

(مسألة 451) : ينتقض التيمم بمجرد التمكن من الطهارة المائية، ويتحقق الانتقاض بوجدان الماء الكافي في الوقت الكافي لإيجاد الطهارة المائية. مع عدم وجود المانع.

(مسألة 452) : إذا وجد الماء مَن تيمم تيمُّمين بدل الغسل وبدل الوضوء، وكان كافياً للوضوء خاصة انتقض تيمُّمه الذي هو بدل عنه. وإن كان كافياً للغسل انتقض كلا التيمُّمين على الأحوط.

(مسألة 453) : إذا وجد جماعة متيممون ماءً لا يكفي إلا لأحدهم، فإن كان ملكاً لأحدهم أو ما بحكمه كما لو أباحه له المالك انتقض تيممه خاصة. وإن كان الماء مباحاً لهم جميعاً فيجب عليهم السعي للحصول عليه، فإن لم يتيسر أن يتوضأ أحدهم لم يبطل تيممهم جميعاً، وإن تيسر ذلك لم يبطل تيمم الآخرين. وإن سعى واحد وتخلف الباقي بطل تيمم السابق. وإن لم يسعَوا إليه بطل تيمم الجميع. إلا أنّ الأحوط مع عدم حصول الحدث هو التيمم رجاء المطلوبية، ولا فرق في إباحة هذا الماء بين الإباحة الأصلية أو إباحة المالك.

(مسألة 454) : إذا اجتمع جنب ومحدث بالأصغر وميت، وكان هناك ماء لا يكفي إلا لأحدهم فإن كان مملوكاً لأحدهم أو بحكم المملوك له تعين صرفه لنفسه. وإلا فيجب على الجنب والمحدث بالأصغر السعي لتحصيل التمكن من استعماله في تكليف السابق منهما، ولو كان ولي الميت المأمور بتغسيله غيرهما وجب عليه السعي معهم.

 

(مسألة 455) : إذا شك بوجود حاجب في بعض مواضع التيمم فحاله حال الوضوء والغسل، من أنّ الحاجب هل هو مسبوق بالوجود أو بالعدم فيستصحب حالته السابقة، أو ليس كذلك فيجب الفحص حتى يحصل له الاطمئنان بالعدم مما تقدم في باب الوضوء.   



شارك الاستفتاء

المبحث السادس: الطهارة من الخبث

 وفيه فصول:

الفصل الاول

في تعداد الأعيان النجسة

وهي أحدى عشرة :

الأول والثاني: البول والغائط من الإنسان ومن كل حيوان برياً كان أو بحرياً، سواء أكان خروجهما من القُبُل والدُبُر أو من غيرهما بصورة اعتيادية أو غير اعتيادية، ويستثنى من ذلك فضلات ثلاثة أصناف من الحيوان:

1- الحيوان المأكول لحمه شرعاً، سواء كان من الطيور أم من سائر الأصناف، كالغنم والبقر والإبل والخيل والبغال والدجاج وغير ذلك، شريطة أن لا يصبح جلاّلاً بالعيش على العذرة وإلا حرم أكله وأصبحت فضلاته نجسة مادام متصفاً بالعنوان، وكذلك البهيمة التي وطأها الإنسان.

2- الطيور بكل أصنافها من المأكول وغيره، والاحتياط بالبناء على نجاسة فضلات غير المأكول حسن.

3- الحيوان الذي ليس له نفس سائلة. وسيأتي شرحها بإذن الله تعالى.

(مسألة 456) : ما يشك في أنّه له نفس سائلة محكوم بطهارة فضلاته، وكذا ما يشك في أنّه محلل الأكل أو محرمه.

(مسألة 457) : حيوانات البحر مشمولة لنفس الحكم. فما كان منها مأكولاً أو ليس له نفس سائلة أو يشك في ذلك، فهو طاهر الفضلات. وإلا فهو نجس.

(مسألة 458) : ما يكون حشرة مشمول لنفس الحكم، سواء الطائر منها والماشي. فإنّها جميعاً محرمة الأكل، فما كان منها ذو نفس سائلة كالفأرة، فبوله وخرؤه نجس دون ما يشك به أو يعلم بعدمه. وكذلك الحال في الأفاعي والزواحف وأمثالها.

(مسألة 459) : المراد بالنفس السائلة ما يخرج الدم عند قطع أوداجه بتدفق ولو قليلاً. وأمّا ما يكون بتقاطر ورشح فليس له نفس، فضلاً عما ليس له أوداج، كأكثر الحشرات والزواحف وحيوانات البحر، فضلاً عما ليس له دم أو ليس له لحم عرفاً، كالقشريات والحشرات وغيرها.

(مسألة 460) : الإنسان بكل أصنافه محرم الأكل وله نفس سائلة فبوله وخرؤه نجسان.

الثالث: المنيّ من كل حيوان له نفس سائلة وإن حل أكل لحمه،  وأمّا منيّ ما لا نفس له سائلة فطاهر، والمنيّ هو مادة التوالد وإن لم يكن على شكل منيّ الإنسان، كما لو كان أخف أو أرق منه فيشمله الحكم على الأحوط.

الرابع: الميتة من الحيوان ذي النفس السائلة وإن كان محلل الأكل، وكذا أجزاؤها المبانة منها وإن كانت صغاراً. ونقصد بالميتة كل حيوان مات من دون تذكية شرعية، سواء مات موتاً طبيعياً أو قتلاً أو خنقاً أو ذبحاً على وجه غير شرعي، على أنّ التذكية الصحيحة شرعاً لا تنحصر بقطع الأوداج الأربعة، بل تعم غيرها، كما هو معلوم من كتاب الصيد والذباحة.

(مسألة 461) : الجزء المقطوع من الحي بمنزلة الميتة من حيث النجاسة أمّا وجوب غسل المس فقد تقدّم تفصيل أحكامه بملامستها، ويستثنى من ذلك الثألول والبثور، وما يعلو الشفة أحياناً، والقروح ونحوها عند البرء، وقشور الجرب ونحوه، المتصل بما ينفصل من شعره وما ينفصل بالحك ونحوه ومن بعض الأبدان فإنّ ذلك كله طاهر إذا فصل من الحي.

(مسألة 462) : أجزاء الميتة غير النجسة ذاتاً إذا كانت مما لا تحلها الحياة طاهرة. وهي الصوف والشعر والوبر والريش والبيضة إذا اكتست القشر الأعلى وإن لم يتصلب. وأمّا العظم بأصنافه فالأحوط الاجتناب عنه لأنّه مما تحله الحياة، كالظفر والسن والقرن الداخلي والمخلب. إلا  أن يكون مما نعلم أنّه لا تحله الحياة أو نشك في ذلك، كالقرن الخارجي والظلف الخارجي والمنقار. والفرق بين القسمين هو الشعور بالألم عند قطعه باعتبار وجود الأعصاب فيه.

(مسألة 463) : فأرة المسك طاهرة إذا انفصلت من الضبي الحي، دون ما إذا انفصلت عن الميت على الأحوط. ومع الشك في ذلك يبني على الطهارة وأمّا المسك فطاهر على كل حال، إلا أن يعلم برطوبته المسرية حال موت الضبي، ففيه إشكال. وفأرة المسك هي جلدة في الغزال فيها ما يشبه الدم طيب الرائحة.

(مسألة 464) الأنفحة طاهرة : الانفحة المأخوذة من الميتة طاهرة بعد أن يغسل ظاهرها لاتصاله بالأجزاء النجسة من الميتة، ويراد بالأنفحة معدة الجدي الرضيع قبل أن يأكل فتسمى كرشاً، فقد جرت العادة عند أصحاب المواشي أن يأخذوها ويعصروها في شعرة مبتلة باللبن فتجمد كالجبن، وكذا يحكم بطهارة اللبن في الضرع إذا كان من الحيوان الذي يؤكل لحمه ولا ينجس بملاقاة الضرع، وأمّا إذا كان من الحيوان الذي لا يؤكل لحمه فهو نجس.

(مسألة 465) : ما ذكرناه من مستثنيات الميتة في المسائل السابقة إنّما هو ميتة طاهر العين، أمّا ميتة نجس العين فلا يستثنى منها شيء.

(مسألة 466) : ميتة ما لا نفس له سائلة طاهرة كالوزغ والعقرب والسمك، ومنه الخفاش على ما قضى به الاختبار. وكذا ما يشك في أنّه له نفس سائلة أم لا.

(مسألة 467) : المراد من الميتة ما استند موته إلى أمر آخر غير التذكية على الوجه الشرعي، بما فيها التذكية غير الجامعة لشرائط الصحة.

(مسألة 468) : ما يؤخذ من يد المسلم أو سوقهم من اللحم والشحم والجلد، إذا شك في تذكية حيوانه فهو محكوم بالطهارة والحلية ظاهراً، بل لا يبعد ذلك حتى لو علم بسبق يد الكافر عليه إذا احتمل إنّ المسلم قد أحرز تذكيته على الوجه الشرعي. وكذا ما صنع في أرض الإسلام أو وجد مطروحاً فيها، إذا كان عليه أثر الاستعمال منهم الدال على التذكية مثل ظروف السمن واللبن، لا مثل ظروف العذرات والنجاسات.

(مسألة 469) : المذكورات إذا أخذت من أيدي الكافرين محكومة بالطهارة أيضاً إذا احتمل أنّها مأخوذة من المذكى. لكن لا يجوز أكلها ولا الصلاة فيها ما لم نحرز أخذها من المذكى، ولو من جهة العلم بسبق يد المسلم عليها.

(مسألة 470) : السقط قبل ولوج الروح نجس، وكذا الفرخ في البيض إذا حصل له لحم وعظم عرفاً، على الأحوط وجوباً فيهما.

الخامس: الدم من الحيوان ذي النفس السائلة، أمّا دم ما لا نفس له سائلة، كالسمك فهو طاهر. فضلاً عن الحيوان الذي ليس له دم عرفاً كالحشرات وغيرها.

(مسألة 471) : ما مصه البق والبرغوث من جسم الإنسان، طاهر إن كان معدوداً عرفاً جزءاً من هذه الحشرة. وبخلافه فهو نجس، كما لو كان دم كثير في داخلها، أو كانت لا زالت تمص من الجسد. وأمّا ما يمصه العلق أو غيره من الدم فهو نجس مطلقاً.

(مسألة 472) : إذا وجد في ثوبه مثلاً دماً لا يدري أنّه من الحيوان ذي النفس السائلة أو من غيره، بنى على طهارته. وكذلك لو شك أنّه منه أو من الحيوان غير ذي النفس، بما فيه البرغوث إذا صدق عرفاً أنّه دمه، كما سبق.

(مسألة 473) : دم العلقة المستحيلة من النطفة، في الحيوان ذي النفس السائلة بما فيها الإنسان، نجس. 

        (مسألة 474) الدم الذي في البيضة : الدم الذي يكون في البيضة طاهر على الأظهر ولكن تناوله غير جائز، فيجب اجتنابه ولو بفصل البياض عن الصفار  ما لم يستهلك فيها.

(مسألة 475) : الدم المتخلف في الذبيحة بعد خروج ما يعتاد خروجه منها بالذبح أو بأي تذكية صحيحة، طاهر. إلا أن يتنجس بنجاسة خارجية مثل السكين التي يذبح بها أو الدم الذي خرج من المذبح أولاً.

(مسألة 476) : إذا خرج من الجرح أو الدمل شيء أصفر يشــك في أنّه دم أم لا حكم بطهارته، وكذا إذا شك من جهة الظلمة أو ضعف البصر، أنّه دم أو قيح، ولا يجب عليه الاستعلام وكذلك إذا حك جسده فخرجت رطوبة يشك في أنّها دم أو ماء أصفر، يحكم بطهارته.

(مسألة 477) : الدم يكون طاهراً في باطن الجسم، فلو لاقاه شيء هناك وخرج غير ملوث به فإنّه لا يتنجس، والدم الخارج من اللثّة إذا كان في باطن الفم مستهلكاً في اللعاب فيجوز بلعه.

(مسألة 478) : الدم الذي قد يكون في اللبن عند الحلب نجس ومنجس للبن.

(مسألة 479) : أشرنا في باب الوضوء إلى أنّ الدم بطول المدة قد يصبح كالجلد فيطهر بالاستحالة. وحينئذ يمكن تطهير الموضع احتياطاً والوضوء عليه ولا ينجس ملاقيه، ولا تجب إزالته وإن سهلت.

السادس والسابع: الكلب والخنزير البريان بجميع أجزائهما وفضلاتهما ورطوبتهما، دون البحريين.

(مسألة 480) : إذا وجد بالتوالد مع نوع آخر من الحيوان ما يصدق عليه الكلب أو الخنزير شمله الحكم، دون ما لا يصدق أو يشك به.

(مسألة 481) : لا فرق في الكلب والخنزير بين البري والأهلي والوحشي ولا بين الصغير والكبير. ولا فرق بين ما يجوز بيعه من الكلاب وما لا يجوز.

الثامن: المسكر المائع بالأصالة دون الجامد كالحشيشة وإن غلى وصار مايعاً بالعرض. على أن يكون المايع يصدق عليه اسم الخمر عرفاً مهما كان منشأ اتخاذه. وما لايصدق عليه اسم الخمر كبعض السوائل الصناعية التي يكون الكحول مكوناً رئيساً فيها فلا يحكم بنجاستها أمّا من حيث الحرمة فكل مسكر حرام.

(مسألة 482) السبيرتو والكحول في العطور طاهر: في ضوء ما تقدم فإنّ السبيرتو المستخدم في صبغ الأخشاب وغيرها من الاستعمالات وكذا الكحول الداخل في صناعة الأدوية والعطور ونحوها طاهر.

(مسألة 483) : العصير العنبي إذا غلى بالنار ونحوها، فالظاهر بقاؤه على الطهارة وإن صار حراماً ما لم يسمَّ خمراً عرفاً، فإذا ذهب ثلثاه بالنار صار حلالاً. والأحوط عدم كفاية غير النار في ذهاب الثلثين. ويلحق بالنار كل مصدر للحرارة العالية أمّا إذا تعرض العصير إلى حالة النشيش من تلقاء نفسه أو بحرارة هادئة وبدأت فيه حالة التخمر المحرمة بدخول اليوم الثالث كمعدّل، فإنّه يكون حراماً ونجساً.

(مسألة 484) : العصير الزبيبي والتمري لا ينجس ولا يحرم بالغليان بالنار، فضلاً عما إذا لم يصدق الغليان، فيجوز وضع التمر والزبيب والكشمش في المطبوخات مثل المرق والمحشي والطبيخ وغيرها وكذا دبس التمر بأنواعه.

التاسع: الفقاع وهو شراب مخصوص متخذ من الشعير، وليس منه ماء الشعير الذي يصفه الأطباء. وأمّا الشراب المتخذ من غيره فهو طاهر إلا أن يصدق عليه اسم الخمر عرفاً.

العاشر: الكافر - على الاحوط وجوباً-، وهو من لم ينتحل ديناً أو انتحل ديناً غير الإسلام، أو انتحل الإسلام وجحد ما يعلم أنّه من الدين الإسلامي، بحيث رجع جحده إلى إنكار الرسالة أو تكذيب نص القران الكريم. وإنكار المعاد يوجب الكفر مطلقاً. ولا فرق في الكافر بين الأصلي والمرتد ولا في المرتد بين الفطري والملّي.

(مسألة 485) : الأحوط إلحاق من حكم بكفره من فرق المسلمين بالنجاسة بإنكاره لشيء مما تقدم كمن يبغض أهل البيت (سلام الله عليهم)، وينصب الحقد والعداوة لهم، لأنّه منكر لنص قرآني (قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ) (الشورى : 23).

(مسألة 486) طهارة الكتابي : الكتابي وهم اليهود والنصارى خاصة محكوم بطهارتهم الذاتية. فإذا طهر الكتابي نفسه فسؤره طاهر ويجوز أكل الطعام الذي يباشره ويجري فيه استصحاب الطهارة حتى نعلم عرفاً بالنجاسة، ولا فرق في ذلك بين فرقهم المذهبية ولا بين كونهم حربيين أو ذميين ولا بين كونهم ملتزمين بديانتهم الأصلية أو المختلفة أم لا.

(مسألة 487) : عرق الجنب من الحرام طاهر، ولكن لا تجوز الصلاة في ما لامسه على الأحوط، ويختص الحكم بما كانت الجنابة حراماً بالأصل كالزنا واللواط والاستمناء، دون العارض كمجامعة الحائض والمُحرِم والصائم.

الحادي عشر: عرق الإبل الجلالة، وغيرها من الحيوان الجلال.

 

الفصل الثاني

في كيفية سراية النجاسة

 (مسألة 488) : الجسم الطاهر إذا لاقى الجسم النجس، لا تسري النجاسة إليه، إلا إذا كان في أحدهما رطوبة مسرية أي ناقلة للنجاسة، فإذا كان الجسمان يابسين أو نديين جافين لم تحصل السراية.

(مسألة 489) : المائع غير الرطب، كالمعادن المذابة والزئبق لا تتنجس بملاقاة النجاسة، أمّا المعادن السائلة كالنفط والغاز السائل والبنزين وغيرها، فإنّها تتنجس بمجرد الملاقاة.

(مسألة 490) : الفراش الموضوع في أرض السرداب ونحوه إذا كانت الأرض متنجسة، لا ينجس وإن سرت رطوبة الأرض إليه وصار ثقيلاً بعد أن كان خفيفاً فإنّ مثل هذه الرطوبة غير المسرية لا توجب سراية النجاسة. وكذلك جدران المسجد المجاور لبعض المواضع النجسة مثل الكنيف ونحوه، فإنّ الرطوبة السارية منها إلى الجدران ليست مسرية ولا موجبة لنجاستها، وإن كانت مؤثرة في الجدار على نحو تؤدي إلى الخراب. وإذا لم تتنجس يكون من الواضح أنّها لا توجب نجاسة ملاقيها ولو برطوبة مسرية.

(مسألة 491) : يشترط في سراية النجاسة في المائعات بأن لا يكون المائع متدافعاً نحو النجاسة، وإلا اختصت النجاسة بموضع الملاقاة. وتسري إلى ما اتصل به من الأجزاء ما دام متدافعاً. لا فرق في ذلك بين اتجاه التدافع ولا في سرعته ما دام يصدق التدافع. ولا بين الماء المطلق القليل وسائر المائعات المضافة. ومعه فإذا صب من الإبريق على شيء نجس لا تسري النجاسة إلى العمود فضلاً عن الإبريق. سواء كان في الإبريق ماء مطلق أو غيره.

(مسألة 492) : الأجسام الجامدة إذا لاقت النجاسة مع الرطوبة المسرية تنجس موضع الاتصال، أمّا غيره من الأجزاء المجاورة له فلا تسري النجاسة إليه، وإن كانت الرطوبة المسرية مستوعبة للجسم كالخيار أو البطيخ أو نحويهما إذا لاقتهما النجاسة يتنجس موضع الاتصال لا غير، وكذلك بدن الإنسان إذا كان عليه عرق ولو كان كثيراً فإنّه إذا لاقى النجاسة تنجس الموضع الملاقي لا غير، إلا أن يجري العرق المتنجس على الموضع الآخر فإنّه ينجسه أيضاً بالتفصيل الذي سنذكره عن المتنجّس الأول والثاني.

(مسألة 493) : يشترط في سراية النجاسة في المائعات أن لا يكون المائع غليظاً، وإلا اختصت بموضع الملاقاة لا غير، فالدبس الغليظ والدهن الجامد إذا أصابته النجاسة لم تسر النجاسة إلى تمام أجزائه، بل يتنجس موضع الاتصال لا غير. وكذلك اللبن الخاثر والعسل والسمن ما دامت غليظة. وأمّا إذا كان المائع رقيقاً سرت النجاسة إلى كل أجزائه كالسمن السائح والحليب.

(مسألة 494) : الحد في غلظ المائع ورقته هو أنّ المائع إذا كان بحيث لو أخذ منه شيء أو ضغط بالإصبع مثلاً، لم يمتلئ مكانه فوراً، وإن امتلأ مكانه بمجرد الأخذ فهو رقيق.

 

المتنجس الثاني لا ينجّس

(مسألة 495): المتنجس الثاني لا ينجّس: المتنجس بملاقاة عين النجاسة كالنجس ينجس ما يلاقيه مع الرطوبة المسرية، وهو المعروف بالمتنجّس الأول وهو ينجّس ملاقيه – عدا الماء القليل كما في المسائل الابتلائية الآتية- الذي يعرف بالمتنجّس الثاني مع الرطوبة المسرية، ولكن المتنجس الثاني لا ينجّس. لا فرق في ذلك بين الجوامد والسوائل الطاهرة لو فرضت مجرد الملاقاة.

إيضـاح: فلو فرض أنّ طفلاً بال على أرض وأزيلت العين بواسطة قطعة قماش، فإنّ الأرض متنجس أول فلو كانت قدم أحد رطبة ولامس تلك البقعة ثم وضعها على الفراش فإنّ القدم متنجّس ثانٍ، يجب تطهيرها قبل الصلاة لكنها لا تنجس ملاقيها كالفراش.

ويلاحظ هنا إنّ المتنجس الأول يجب أن لا يكون حاملاً للنجاسة ليكون كذلك، وإذا كان حاملاً لها فإنّ ملاقيه سيكون متنجساً أولاً أيضاً لأنّه سيلاقي عين النجاسة المحمولة فيه، فمثلاً لو سقطت قطرة ماء على نفس البول وقفزت منه فإنّها تكون حاملة للعين وسيكون ملاقيها متنجساً أولاً.

مسألة إبتلائية

لا يتنجس الماء القليل بملاقاة المتنجس مطلقاً حتى المتنجس الأول اذا كان خالياً من عين النجاسة وإنما يتنجس بملاقاة عين النجاسة فقط.

مثال توضيحي: لو بال الطفل على الأرض أو سقطت قطرة دم ومسحت عين النجاسة بقطعة قماش حتى زالت فان هذه الأرض تكون متنجسة خالية من عين النجاسة وحينئذٍ لو وقع ماء من اناء او من شخص يغسل وجهه أو يديه على هذه الأرض فانه لا يتنجس ولا يجب التحرز منه لأنه لا ينجّس ما يلاقيه من بدن أو ثوب وغيرهما.

 

ولا شك ان هاتين المسالتين ستعالج مشكلة كبيرة يعاني منها المؤمنون وفقنا الله تعالى وإياهم إلى ما يحب ويرضى.

(مسألة 496) : يحكم بنجاسة الشيء أو طهارته باعتبار اليقين بها أو الاطمئنان أو الوثوق على الأقوى، أو بإخبار ذي اليد وبشهادة العدلين بل العدل الواحد الموثوق بقوله، بل بإخبار مطلق الثقة على الأظهر. وكذلك تثبت النجاسة والطهارة بالاستصحاب وهو البناء على الحالة السابقة مع الشك في تغيرها، كما تثبت الطهارة بأصالة الطهارة مع الشك فيها.

(مسألة 497) : ما يؤخذ من أيدي الكافرين من الخبز والزيت والعسل ونحوها من المائعات والجامدات طاهر، إلا أن يعلم بمباشرتهم له بالرطوبة المسرية مع الحكم بنجاستهم، وكذلك ثيابهم وأوانيهم. والظن بالنجاسة لا عبرة به. ولكن الاجتناب أوفق بالاحتياط الاستحبابي الأكيد.

 

الفصل الثالث

في أحكام النجاسة

 (مسألة 498) : يشترط في صحة الصلاة الواجبة والمندوبة، وكذلك في أجزائها المنسية وصلاة الاحتياط وسجود السهو على الأحوط، طهارة بدن المصلي وتوابعه من شعره وظفره ونحوهما، وطهارة ثيابه من غير فرق بين الساتر وغيره (عدا ما سيأتي مما يعفى عنه). والطواف الواجب والمندوب كالصلاة في ذلك. وقد تجب بالنذر ونحوه. ولا شك أنّها الحال الأفضل في كل الأوقات.

(مسألة 499) : الغطاء الذي يتغطى به المصلي إيماءً، إن كان ملتفاً به المصلي بحيث يصدق عليه عرفاً  أنّه لابس له وجب أن يكون طاهراً، وإلاّ فلا.

(مسألة 500) : يشترط في صحة الصلاة طهارة محل السجود، وهو ما يحصل به مسمى وضع الجبهة، دون غيره من مواضع السجود وإن كان أحوط استحباباً.

(مسألة 501) : كل واحد من أطراف الشبهة المحصورة بحكم النجس، فلا يجوز لبسه في الصلاة ولا السجود عليه. بخلاف ما هو من أطراف الشبهة غير المحصورة ولا فرق في ذلك بين العالم بالحكم التكليفي (عدم جواز الصلاة في النجس) او الوضعي (كون الخمر نجساً) أو الجاهل بهما او الغافل عنهما. ونقصد بالشبهة المحصورة وقوع الشيء النجس ضمن عدة أشياء ولا يُعرف أيها النجس تحديدا،ً بحيث إذا صلّى بأحدها لا على التعيين فإنّ احتمال كونه النجس بمقدار معتد به. أمّا الشبهة غير المحصورة فيكون فيها احتمال كون هذا الشيء بالذات هو النجس ضعيفاً جداً، لكثرة أطراف الشبهة ونحوها.

(مسألة 502) : لو كان جاهلاً بوجود النجاسة، ولم يعلم بها حتى فرغ من صلاته فلا إعادة عليه في الوقت، فضلاً عن خارجه. هذا إذا لم يكن عنده شك بوجودها، ومعه يجب عليه الفحص.

(مسألة 503) : لو علم أثناء الصلاة بوقوع بعض الصلاة في النجاسة، أي إنّه علم بسبق حدوث النجاسة على الدخول في الصلاة، فإن كان الوقت واسعاً قطعها وتطهر واستأنفها من جديد، وإن كان الوقت ضيقاً حتى عن إدراك ركعة فإن أمكن إزالتها بنزع أو تطهير أو غيره على وجه لا ينافي الصلاة بما فيه بقاء التستر، فعل ذلك ومضى في صلاته. وإلا صلّى فيها وأعادها احتياطاً.

(مسألة 504) : لو عرضت النجاسة في أثناء الصلاة، فإن أمكن التطهير أو التبديل على وجه لا ينافي الصلاة فعل ذلك، وأتم صلاته ولا إعادة عليه. وإذا لم يمكن ذلك، فإن كان الوقت واسعاً استأنف الصلاة بالطهارة. وإن كان ضيقاً فمع عدم إمكان النزع لبرد ونحوه ولو لعدم الأمن من الناظر يتم صلاته ولا شيء عليه. ولو أمكنه النزع ولا ساتر له غيره، فالأظهر وجوب الإتمام فيه. والأحوط استحباباً القضاء أيضاً.

(مسألة 505) : إذا كان على ثوبه أو بدنه نجاسة لا يعذر فيها، ونسيها وصلى بطلت صلاته وكان عليه الإعادة إن ذكر في الوقت، وإن ذكر بعد خروج الوقت فعليه القضاء. ولا فرق بين الذكر بعد الصلاة أو في أثنائها مع إمكان التبديل أو التطهير وعدمه.

(مسألة 506) : إذا طهّر ثوبه النجس وتأكد من حصول الطهارة، ثم صلى فيه ثم تبين أنّ النجاسة باقية فيه، لم تجب الإعادة ولا القضاء لأنه جاهل بالنجاسة.

(مسألة 507) : إذا لم يجد إلا ثوباً نجساً، فإن لم يمكن نزعه لبرد أو نحوه صلّى فيه بلا إشكال ولا يجب عليه القضاء، وإن أمكن نزعه فالظاهر وجوب الصلاة فيه، والأحوط استحباباً الجمع بين الصلاة فيه وبين الصلاة عارياً - مع وجود الناظر المميز- وهو جالس، لإمكان التستر بهذه الصورة بالنسبة للرجل دون المرأة.

(مسألة 508) : إذا كان عنده ثوبان يعلم إجمالاً بنجاسة أحدهما وهو جاف، وجبت الصلاة في كل منهما مع سعة الوقت، ومع الضيق يتخير، ولو كان عنده ثوب ثالث يعلم بطهارته فيجوز له أن يتخّير بين الصلاة فيه والصلاة في كل منهما، إن وجد مبرر للخيار الثاني أي الصلاة بكلٍ من الثوبين المعلوم إجمالاً نجاسة أحدهما. وإلا فيتعين الصلاة في الطاهر.

(مسألة 509) : إذا تنجّس موضعان من بدنه، أو من ثوبه، ولم يكن عنده من الماء ما يكفي لتطهيرهما معاً، لكن كان يكفي لأحدهما وجب تطهير أحدهما مخيرا،ً إلا مع الدوران بين الأقل والأكثر، أو الأخف والأشد، أو متحد العنوان ومتعدده فيقدّم الثاني - الاكثر والاشد ومتعدد العنوان-.

وإن كان كلٌ من بدنه وثوبه نجساً فالأحوط وجوباً تطهير البدن إلا  إذا كان تطهير الثوب أهم.

(مسألة 510) : مع الاضطرار إلى الصلاة في النجاسة، فإن كانت كلها من المستثنيات كدم الجروح أو الأقل من الدرهم البغلي، فلا إشكال في صحتها. وإن لم يكن منها فإن لم يمكن تقليلها لبرد أو مرض ونحوهما، فالصلاة صحيحة أيضاً. وإن أمكن تقليلها بنزع أو تطهير بعضها وجب. ولو صلى والحال - إمكان التقليل- هذه بطلت.

(مسألة 511) : يحرم أكل النجس وشربه، ويجوز الإنتفاع به فيما لا يشترط فيه الطهارة.

(مسألة 512) : لا يجوز بيع الخمر والخنزير. أمّا بقية الأعيان النجسة كالميتة والدم، فيجوز البيع بشرط قصد غرض عقلائي، كبيع الغائط للتسميد أمّا الأنواع الأربعة من الكلاب وهي: كلب الصيد وكلب البستان وكلب الماشية وكلب الحراسة، فلا إشكال في جواز بيعها. ويتوقف جواز بيع الأنواع الأخرى  على قصد غرض عقلائي.

(مسألة 513) : يجوز بيع المتنجس إذا كان له منفعة عقلائية. سواء كان قابلاً للتطهير أم لا، وسواء كانت المنفعة قليلة أو مشهورة مالم يقصد النفع المحرم أو غير العقلائي، فتبطل المعاملة. والأحوط إخبار المشتري بالنجاسة، وخاصة فيما يستعمل عادة فيما يشترط فيه الطهارة كالثياب والأطعمة.

(مسألة 514) : يحرم تنجيس المساجد أرضاً وبناءً وفراشاً على الأحوط. وإذا تنجس شيء منها وجب تطهيره، بل يحرم إدخال النجاسات العينية غير المتعدية إليه إذا لزم هتك حرمة المسجد، ولا بأس به مع عدم الهتك لا سيما فيما لا يعتد به خارجاً لكونه من الداخل، مثل أن يدخل الإنسان وعلى ثوبه أو بدنه دم لجرح أو قرحة أو نحوها، وكذلك النجاسة المحمولة بشكل مخفي في الجيب وغيره فإنّ كل ذلك جائز، وإن كان الأحوط استحباباً المنع مطلقاً.

(مسألة 515) : تجب المبادرة إلى إزالة النجاسة عن المسجد وتوابعه مما يحرم تنجيسه. حتى إذا دخل المسجد ليصلي فيه فوجد فيه نجاسة وجبت المبادرة إلى إزالتها مقدماً لها على الصلاة مع سعة الوقت. لكن لو صلّى وترك الإزالة عصى وصحت صلاته، أمّا في الضيق فتجب المبادرة إلى الصلاة مقدماً لها على الإزالة. وأمّا إذا تنجس المسجد خلال الصلاة لم يجب قطعها للإزالة حتى مع سعة الوقت.

(مسألة 516) : إذا توقف تطهير المسجد على تخريب شيء منه وجب تطهيره إذا كان التخريب يسيراً غير معتد به. وأمّا إذا كان التخريب مضراً بالوقف ففي جوازه فضلاًُ عن الوجوب إشكال، لكن الأقوى الوجوب إذا كان بقاؤه على النجاسة موجباً للهتك، فيجب التخريب بمقدار دفع الهتك مع وجود باذل لتعميره.

(مسألة 517) : إذا توقف تطهير المسجد على بذل مال وجب، إلا إذا كان بحيث يضر بحاله. ولا يضمنه من صار سبباً للتنجيس، كما لا يختص وجوب إزالته به، نعم، من صار سبباً لتنجيس ما هو وقف على المسجد يكون ضامناً لنقصان قيمته إذا عد ذلك عيباً عرفاً.

(مسألة 518) : إذا توقف تطهير المسجد على تنجيس بعض المواضع الطاهرة منه، وجب إذا كان يطهر بعد ذلك.

(مسألة 519) : إذا لم يتمكن الإنسان من تطهير المسجد مباشرة وامكن بشكل غير مباشر كاعلام غيره ممن يحتمل حصول التطهير بسببه مباشرة أو بالواسطة وجب.

(مسألة 520) : إذا تنجس حصير المسجد وجب تطهيره، وخاصة لدى إمكان سراية النجاسة، فيما إذا لم يستلزم التطهير فساده على الأحوط. وأمّا مع استلزام الفساد على الحصير أو على المسجد إذا أخرج الحصير منه، فالواجب التطهير بأقل الأضرار الممكنة، ولو كان هو قطع موضع النجس عنه، إذا كان بقاؤه على النجاسة موجباً للهتك.

(مسألة  521) : لا يجوز تنجيس المسجد الذي صار خراباً وإن لم يُصَلِّ فيه أحد، ويجب تطهيره إذا تنجس. هذا مع انحفاظ عنوان المسجد فيه. وأمّا إذا أصبح أرضاً بواراً وغير متميز فالظاهر سقوط هذا الحكم خاصة من أحكام المسجد.

(مسألة 522) : إذا علم إجمالاً بنجاسة أحد المسجدين أو أحد المكانين من مسجد وجب تطهيرهما.

(مسألة 523) : يلحق بالمساجد في عدم جواز التنجس ووجوب المبادرة إلى التطهير المصحف الشريف والمشاهد المشرفة. وكذلك التربة الحسينية، بل تربة الرسول (صلى الله عليه وآله) وسائر الأئمة (عليهم السلام) المأخوذة للتبرك فيحرم تنجيسها إذا كان ذلك موجباً لإهانتها، وتجب إزالة النجاسة عنها حينئذ.

(مسألة 524) : إذا غصب المسجد وجعل طريقاً أو دكاناً وغيره، ففي حرمة تنجيسه ووجوب تطهيره إشكال. والأقوى ثبوت ذلك في غير الأراضي المفتوحة عنوة.

(مسألة 525) : معابد الكفار لا يشملها حكم المساجد الإسلامية إلا إذا اتخذت مسجداً. وأمّا مساجد سائر الطوائف الإسلامية فيشملها الحكم حتى لو كان الواقف أو المتولي ممن حكم بكفره من المذاهب على الأحوط.


 

الفصل الرابع

فيما يعفى عنه في الصلاة من النجاسات

 وهي أمور:

الأول: دم الجروح والقروح في البدن واللباس حتى تبرأ، والأحوط استحباباً اعتبار المشقة النوعية بلزوم الإزالة أو التبديل في كل يوم مرة. ومنه دم البواسير ظاهرة كانت أم باطنة، وكذا كل جرح باطني خرج دمه إلى الظاهر. والأحوط اعتبار عدم سرايتها إلى محال لا تصل إليها عرفاً وعادةً.

(مسألة 526) : كما يعفى عن الدم المذكور يعفى أيضاً عن القيح المتنجس به، والدواء الموضوع عليه، والعرق المتصل به. والأحوط استحباباً شده إذا كان الشد مانعاً عن توسع النجاسة.

(مسألة 527) : إذا كانت الجروح والقروح المتعددة متقاربة بحيث تعد جرحاً واحداً عرفاً جرى عليه حكم الواحد. فلو برأ بعضها لم يجب غسله، بل هو معفو عنه حتى يبرأ الجميع.

(مسألة 528) : إذا شك في دم أنّه دم جرح أو قرح أو لا، لا يكون معفواً عنه من هذه الجهة.

(مسألة 529) : كما يعفى عن دم الجروح والقروح يعفى عما يخالطها من الخارج مما هو متصل بعمل الإنسان عادة، كالدسومة أو الطحين أو الجص، إذا كان على الوجه المتعارف كمية وكيفية، غير أنّ الأحوط استحباباً تجنيب الجرح من ذلك واجتناب الصلاة فيه إن حصل مع الإمكان.

الثاني: الدم في البدن واللباس إذا كانت سعته أقل من الدرهم البغلي، ولم يكن من دم نجس العين ولا من الميتة ولا من غير مأكول اللحم ولا من الدماء الثلاثة (الحيض والنفاس والاستحاضة)، وإلا فلا يعفى عنه.

(مسألة 530) : لا يلحق - بالدم- المتنجس به في الخارج أو في تنجس الموضع. كما لا يلحق به موضعه بعد زوال العين.

(مسألة 531) : إذا تفشى الدم من أحد الجانبين إلى الآخر فهو دم واحد، رقيقاً كان القماش أم سميكاً، نعم، إذا تفشى من مثل الظهارة إلى البطانة، أو الحشوة فهو دم متعدد فيلحظ التقدير المذكور على فرض اجتماعه. فإن لم يبلغ سعة الدرهم عُفِيَ عنه وإلا  فلا يعفى عنه.

(مسألة 532) : إذا تردد قدر الدم بين المعفو عنه والأكثر بُني على عدم العفو. وإذا كانت سعة الدم أقل من الدرهم وشك في أنّه من الدم المعفو عنه أو من غيره بُني على العفو، ولم يجب الاختبار، وإذا انكشف بعد الصلاة أنّه من غير المعفو عنه لم تجب الإعادة.

(مسألة 533) : الأحوط الاقتصار في مقدار الدرهم على ما يساوي عقد السبابة. وإن كان الظاهر إمكان أخذ عقد الإبهام مقاساً.

الثالث: الملبوس الذي لا تتم الصلاة به وحده، يعني لا يستر العورتين كالخف والجورب والتكة والقلنسوة وبعض الأحزمة. سواء كان ملبوساً مستقلاً أم في ضمن غيره كالتكة وسواء كان من قماش أو غيره.

(مسألة 534) : لا يفرق في العفو بين وجود عين النجاسة وزوالها. وإن كان الأحوط إزالتها، ولكن تتعين إزالتها إذا كانت من غير مأكول اللحم أو من الميتة أو من نجس العين أو من الدماء الثلاثة على الأحوط. ولكن يبقى محلها معفواً عنه وإن كان الأحوط خلافه.

(مسألة 535) : ينبغي الالتفات هنا إلى التحفظ من سريان النجاسة إلى البدن والثوب من هذه النجاسات المعفو عنها.

(مسألة 536) : الأحوط استحباباً عدم العفو عن المحمول المتخذ من نجس العين، كالكلب والخنزير. وكذا ما تحله الحياة من أجزاء الميتة. وكذا ما كان من أجزاء ما لا يؤكل لحمه وإن كان مذكّى كالارنب والثعلب، أو أحد الدماء الثلاثة، مع عدم السريان إلى اللباس أو البدن، كما لو وضع الدم أو البول في قارورة في جيبه. وأمّا المحمول المتنجس، فهو معفو عنه حتى إذا كان مما تتم فيه الصلاة، فضلاً عما لا تتم به كالساعة والدراهم والسكين والمنديل ونحوها. بل يعفى عنه حتى لو كان متنجساً بالميتة أو بنجس العين أو بما لا يؤكل لحمه.

(مسألة 537) : لا حكم لمربية الصبي كاستثناء من القاعدة وإنّما يدور العذر فيها كغيرها مدار العسر والحرج الفعلي.

 

المطهرات

وهي أمور :

الأول: الماء المطلق الطاهر وهو مطهر لكل متنجس يغسل به على نحو يستولي على المحل، وقد يجب التعدد أحياناً كما ياتي. بل قد يطهر الماء النجس أيضاً على تفصيل تقدم في أحكام المياه،  نعم،  لا يطهر الماء المضاف حال كونه مضافاً، وكذا غيره من المايعات وإنّما تكون طهارته بالاستهلاك في الكثير كما تقدم.

(مسألة 538) : يعتبر في التطهير إزالة عين النجاسة ثم استيلاء الماء على المحل النجس بعد زوال عين النجاسة.

(مسألة 539) : يعتبر بالتطهير بالقليل مع التعدد انفصال ماء الغسلة الأولى. فإذا كان المتنجس مما ينفذ فيه الماء مثل الثوب والفراش، فلا بد من عصره أو غمزه لإخراج الماء منه. والأحوط وجوباً عدم الاكتفاء عن العصر بتوالي الصب عليه إلى أن يعلم بانفصال الماء الأول.

(مسألة 540) : الأجسام التي تنفذ فيها الرطوبات كالصابون والطين والخزف والخشب، يمكن أن تنفذ فيه النجاسة إلى باطنه. ولكن يمكن تطهير ظاهره بإجراء الماء عليه. وفي طهارة باطنه تبعاً للظاهر إشكال، وإن كان لا يبعد حصول الطهارة للباطن بنفوذ الماء الطاهر فيه، بعد طهارة الظاهر على نحو يصل إلى ما وصل إليه النجس، فيغلب على المحل. وأمّا إذا كان النافذ في باطنه الرطوبة غير المسرية فقد عرفت أنّه لاينجس بها.

(مسألة 541) : الثوب المصبوغ بالصبغ المتنجس يطهر بالغسل بالماء القليل فضلاً عن الكثير، إذا بقي الماء على إطلاقه ونفذ في جميع أجزائه، نعم، في صورة وجوب تعدد الغسل، يجب عصره لإخراج الغسالة الأولى كما سبق.

(مسألة 542) : العجين النجس يطهر إن خبز ووضع في الماء الكثير بحيث ينفذ إلى أعماقه، وكذلك الخبز إذا تنجس بعد خبزه، ومثله الطين المتنجس والخزف والخشب ونحوها مما أشرنا اليه، فإنّها تطهر بنفوذ الماء الطاهر القليل فضلاً عن الكثير، فضلاً عن الاستنقاع في الكثير.

(مسألة 543) : لا يعتبر في غسل المتنجس بعد زوال العين في المعتصم العصر والعدد، بل يكفي فيه ما يتحقق به مسمى الغسل عرفاً، ولو مرة واحدة مطلقاً من غير فرق بين الجاري وغيره على الأقوى، والأحوط التعدد في غير الجاري لاسيما في البول والولوغ للكلب والخنزير، وهو الأفضل في الجاري أيضاً على وجه في الأخير.

(مسألة 544) : المتنجس ببول غير الرضيع إذا طهر بالقليل فلا بد من الغسل مرتين. وأمّا المتنجس بغير البول وكذلك المتنجس بالمتنجس بالبول فيكفي في تطهيره غسلة واحدة بعد زوال عين النجاسة، ولا فرق في ذلك بين الآنية وغيرها إلا في الولوغ كما سيأتي، والأحوط عدم احتساب الغسلة المزيلة إلا إذا استمر إجراء ماء الإزالة ولو قليلاً. فتحسب حينئذ ويطهر المحل بها.

(مسألة 545) : إذا تنجست الآنية بولوغ الكلب بما فيها من ماء وغيره، مما يصدق عليه الولوغ عرفاً، غسلت بالتراب أولاً بمعنى مسح موضع النجاسة به على نحو يستولي التراب عليه، ثم غسلت بالماء مرتين، والأحوط عدم كفاية الغسل بالكثير عن التعفير. والأحوط كون التراب جافاً أو نحوه، بحيث يصدق عليه التراب ولا يصدق عليه الطين.

(مسألة 546) : إذا لطع الكلب الإناء أو شرب منه بلا ولوغ لقطع لسانه أو باشره بلعابه، فالأحوط أنّه بحكم الولوغ في كيفية التطهير. وليس كذلك ما إذا تنجس بعرقه أو سائر فضلاته أو بملاقاة بعض أجزائه، نعم، إذا صب الماء الذي ولغ فيه الكلب في إناء آخر جرى عليه حكم الولوغ على الأحوط. وليس كذلك الماء الثاني في الإناء الذي ولغ فيه وقد صب في إناء آخر، وإن كان متنجساً.

(مسألة 547) : الآنية التي يتعذر تعفيرها بالتراب، مما يجب ذلك فيه تبقى على النجاسة. أمّا إذا أمكن إدخال شيء من التراب في داخلها وتحريكه بحيث يستوعبها، أجزأ ذلك في طهرها مع ضم الغسل إليه.

(مسألة 548) : يجب أن يكون التراب الذي يعفر به الإناء طاهراً قبل الاستعمال على الأحوط.

(مسألة 549) : التراب المستعمل في التعفير طاهر مع الجفاف، فيمكن استعماله في التطهير مرتين أو أكثر.

(مسألة 550) : يجب في تطهير الإناء النجس من موت الجرذ غسله سبع مرات. وكذا المتنجس بشرب الخنزير وإن كان الأظهر فيه كفاية الثلاثة. وكذلك كفايتها - أي الثلاثة- في الغسل بالكثير فيهما.

(مسألة 551) : أواني الخمر يجب غسلها ثلاث مرات في القليل، والأحوط التعدد في الكثير والجاري أيضاً. والأولى أن تغسل سبعاً.

(مسألة 552) : في مورد وجوب تعدد الغسلات فانه لا بد من عصر الثياب بينهما لإخراج الغسالة وصدق التعدد العرفي.

(مسألة 553) : التطهير بماء المطر يحصل باستيلائه على المحل النجس، من غير حاجة إلى عصره ولا تعدده إناءً كان أم غيره، وبولاً كان أم غيره، نعم، الإناء المتنجس بولوغ الكلب لا يسقط فيه الغسل بالتراب قبله وإن سقط التعدد.

(مسألة 554) : يكفي الغسل مرة واحدة بعد ذهاب العين في تطهير المتنجس ببول الصبي قبل أن يغتذي بالطعام، بل في مدة الرضاع على الأحوط، وإن كان الأقوى عدم اعتبار ذلك، بل يكفي الصب مادام رضيعاً لم يغتذ وإن تجاوز عمره الحولين، ولا يحتاج إلى عصر. ولا فرق بين الذكر والأنثى، وإن كان الأحوط عدم الشمول للأنثى.

(مسألة 555) : يتحقق غسل الإناء بالقليل بأن يصب فيه شيء من الماء ثم يدار فيه إلى أن يستوعب تمام أجزائه ثم يراق. فإذا فعل به ذلك ثلاث مرات فقد غسل ثلاث مرات وطهر.

(مسألة 556) : الأواني الكبيرة المثبتة يمكن تطهيرها بالقليل بأن يصب الماء فيها ويدار حتى يستوعب جميع أجزائها، ثم يخرج حينئذ ماء الغسالة المجتمع فيها بنزح أو غيره. والأحوط وجوباً المبادرة إلى إخراجه في الأواني الماصة للرطوبة. ولا يقدح الفصل بين الغسلات ولا تقاطر ماء الغسالة حين الإخراج على الماء المجتمع نفسه. والأحوط وجوباً تطهير آلة الإخراج كل مرة، وفي الغسلة الأولى.

(مسألة 557) : يعتبر في الماء المستعمل في التطهير طهارته قبل الاستعمال، سواء كان قليلاً أو كثيراً.

(مسألة 558) : يعتبر في التطهير زوال عين النجاسة دون أوصافها كاللون والريح، فإذا بقي مثل ذلك لم يقدح في حصول الطهارة مع العلم بزوال العين.

(مسألة 559) : الأرض الصلبة أو المفروشة بالآجر أو الصخر أو الزفت أو نحوها، يمكن تطهيرها بالماء القليل إذا جرى عليها بعد زوال العين، وكذا الأرض الرخوة، حتى وإن تسرب الماء إلى أعماقها ولم يتجاوزها إلى غيرها.

(مسألة 560) : لا يعتبر التوالي فيما يعتبر فيه تعدد الغسل، فلو غسل في يوم مرة وفي آخر أخرى كفى ذلك. وكذلك تأخير عصر مايجب عصره، بل يكفي الجفاف في الجو الحار عنه مع المدة الكافية، وإن كان الأحوط استحباباً المبادرة إلى عصره.

(مسألة 561) : ماء الغسالة إن كان من غسل المتنجس بالماء الكثير والجاري فهو طاهر، حتى إذا كان مزيلاً لعين النجاسة عنه، مالم يتغير بأحد أوصافها، وإن كان من غسله بالماء القليل، فحينئذ إن كان المتنجس خالياً عن عين النجس فهو طاهر، وإن كانت فيه أجزاء عينية من النجس فهو نجس.

(مسألة 562) : الدسومة التي في اللحم أو اليد لا تمنع من تطهير المحل، إلا  إذا بلغت حداً تكون جرماً حائلاً، ولكنها حنيئذ لا تكون دسومة بل شيئاً آخر.

(مسألة 563) : إذا تنجس اللحم أو الأرز أو الماش أو نحوها، ولم تدخل النجاسة في عمقها، يمكن تطهيرها باستيلاء الماء المعتصم عليها ولو مرة واحدة. وأمّا إذا كان الماء قليلاً فيمكن وضعها في إناء مثقب كالمصفاة وصب الماء عليها على نحو يستولي عليها ويجري من الثقوب، فيطهر المتنجس وكذا الإناء تبعاً. وكذا إذا أريد تطهير الثوب فإنّه يوضع في الإناء ويصب عليه الماء حتى تنفصل النجاسة فيطهر الثوب والإناء أيضاً.

(مسألة 564) : الحليب النجس يمكن تطهيره بأن يصنع جبناً ويوضع في الماء الكثير حتى يصل الماء إلى أعماقه.

(مسألة 565) : إذا غسل ثوبه النجس ثم رأى بعد ذلك فيه شيئاً من الطين أو الصابون الذي كان متنجساً، لا يضر ذلك في طهارة الثوب بل يحكم أيضاً بطهارة ظاهر الطين أو الصابون الذي رآه، بل باطنه إذا نفذ فيه الماء على الوجه المعتبر.

(مسألة 566) : الحلي التي يصوغها الكافر المحكوم بنجاسته إذا لم يعلم ملاقاته لها مع الرطوبة أو ملاقاة نجاسة أخرى، حكم بطهارتها وإن علم ذلك يجب غسلها، ويطهر ظاهرها ويبقى باطنها على النجاسة، وإذا استعملت مدة وشك في ظهور الباطن لم يجب تطهيرها وإن كان أحوط.

(مسألة 567) : الدهن المتنجس لا يمكن تطهيره بجعله في الكر الحار ومزجه به إذا أصبح الماء بالمزج مضافاً، وإلا فلا يبعد الحكم بطهارته. والمائعات المتنجسة عموماً لا تطهر إلا بالاستهلاك في المعتصم، بما فيها الحليب وسوائل الفواكه.

(مسألة 568) : إذا تنجس التنور يمكن تطهيره بصب الماء من الإبريق عليه فيطهر. وإذا تنجس بالبول وجب تكرار الغسل مرتين إلا إذا صدق الجريان فيكتفى بالمرة.

الثاني: الأرض، فإنّها تطهّر باطن القدم وما توقى به كالنعل والخف والحذاء بالمشي عليها ولو خمس خطوات، بعد زوال عين النجاسة. على أن تكون الأرض جافة عرفاً، ويشترط على الأحوط وجوباً كون النجاسة حاصلة بالمشي على الأرض، أو مما يحصل عادة للأرجل والأحذية دون النجاسات الطارئة الأخرى كدم الجرح مثلاً ولا يشمل ما تسببه الأرض كما لو جرحت القدم.

(مسألة 569) : المراد من الأرض مطلق ما يسمى أرضاً من حجر أو تراب أو رمل، ولا يبعد تعميم الحكم على مطلق ما يمشى عليه عادة كالآجر والجص والأسفلت، بل حتى المعدن الظاهر كالأرض المالحة.

(مسألة 570) : الأقوى اعتبار طهارة الأرض في تطهيرها، وإذا شك في طهارتها أمكنه البناء على الطهارة فتكون مطهرة عندئذ إلا مع العلم بنجاستها أو كانت هي حالتها السابقة.

(مسألة 571) : تطهر الأرض كل ما قام مقام القدم ونحوها، كأسفل خشبة الأقطع وأسفل العصى وأسفل القدم الاصطناعية وأسفل الصولجان، ونحو ذلك.

(مسألة 572) : في إلحاق ظاهر القدم وعيني الركبتين واليدين إذا كان المشي عليها، وكذلك ما توقى به الركبة أو الكف وإن كان نعلاً وكذلك في حواشي القدم القريبة من الباطن إشكال. وإن كان في إلحاق ظاهر القدم أو جوانبها مع اعتياد المشي عليها وجه وجيه.

(مسألة 573) : لا يكفي المشي على غير الأرض في التطهير، كالفراش أو الخشب أو غيرهما. كما لا يكفي المسح بالأرض دون مشي أو الوقوف عليها مهما طال الزمن.

(مسألة 574) : إذا كان في الظلمة أو كان أعمى لا يدري أنّ ما تحت قدمه أرض أو شيء آخر من فرش ونحوه، لم يكفِ المشي عليها في حصول الطهارة، بل لابد من العلم أو الوثوق بكونها أرضاً.

(مسألة 575) : إذا كان في الأرض رطوبة غير مسرية فلا إشكال في تطهيرها للقدم وبقاء الأرض على طهارتها. وأما إذا كانت رطوبتها أكثر قليلاً بأن كانت مسرية أو فيها قطرات متفرقة، طهرت القدم بالمشي وتنجست الأرض بالملاقاة إلى أن يصدق المشي المطهر وتطهر القدم، وحينئذٍ يبقى الملامس من الأرض للقدم بعد طهارتها طاهراً.

 

 

مطهرية الشمس

الثالث: الشمس.

(مسألة 576) : تطهر الشمس الأرض النجسة وما يصدق عليه عنوان الأرضية كالسقوف وأسطح المنازل، ولا يتعداها إلى الأبنية وما اتصل بها ولا الأشجار والثمار ولا  الحصر ولا  البواري.

(مسألة 577) : يشترط في الطهارة بالشمس- مضافاً إلى زوال عين النجاسة وإلى رطوبة المحل-  اليبوسة المستندة إلى الإشراق عرفاً، وإن شاركها غيرها في الجملة من ريح أو غيرها.

(مسألة 578) : إذا كانت الأرض النجسة جافة وأريد تطهيرها،  صُبَّ عليها الماء الطاهر أو النجس، فإذا يبست بالشمس طهرت.

(مسألة 579) : إذا تنجست الأرض بالبول فأشرقت عليها الشمس حتى يبست طهرت من دون حاجة إلى صبَّ الماء عليها، نعم، إذا كان البول غليظاً له جرم لم يطهر جرمه بالجفاف، ولا يطهر سطح الأرض الذي عليه الجرم، فيفعل ما قلناه في المسألة  السابقة.

(مسألة 580) : الحصى والتراب والطين والأحجار المعدودة جزءاً من الأرض، بحكم الأرض في الطهارة بالشمس، وإن كانت في نفسها منقولة، نعم، لو لم تكن معدودة، كقطعة من الطابوق في أرض مفروشة بالحصى أو الأسفلت أو نحوهما فلا يجري فيها حكم الطهارة.

الرابع: الاستحالة إلـى جسم آخر عرفاً، والاستحالة هي تبدل حقيقة الشيء وصورته النوعية إلى صورة أخرى تغايرها بشكلٍ أساسي، فتطهَّر النار ما أحالته رماداً أو دخاناً أو بخاراً، سواء كان نجساً أو متنجساً، وكذلك لو استحال إلى أحدها بغير النار، أمّا ما أحالته النار خزفاً أو آجراً أو جصاً أو نورة أو فحماً، فهو باق على النجاسة على الأحوط.

(مسألة 581) : لو استحال الشيء بخاراً ثم استحال عرقاً فهو طاهر، إلا إذا صدق على العرق نفسه عنوان إحدى النجاسات، كعرق الخمر فإنّه نجس. وإذا شك في ذلك، فهو طاهر.

(مسألة 582) : السائل النجس أو المتنجس إذا صار بولاً لحيوان مأكول اللحم أو عرقاً له أو لعاباً منه، فهو طاهر. وكذلك لو أصبح جزءاً من عصارة النبات أو الفاكهة.

(مسألة 583) : الغذاء النجس أو المتنجس إذا صار خرءاً لحيوان مأكول اللحم أو لبناً أو صار جزءاً من الخضروات أو النباتات أو الأشجار أو الأثمار فهو طاهر.

(مسألة 584) : إذا استحالت الميتة أو أي عين من النجاسات إلى تراب طهرت، وحتى الكلب.

(مسألة 585) : تحول السائل إلى جامد وبالعكس، ليس من الاستحالة المطهرة، سواء تحول بنفسه أم بعلاج.

(مسألة 586) : استحالة المنيّ النجس إلى حيوان طاهر العين، بما فيها الإنسان الطاهر، مطهر له، وإن فرض كونه مأخوذاً من نجس العين، فلو نزا كلب على شاة فأولدها شاة كانت طاهرة، بل هذا المولود وأمثاله طاهر على أيّ حال ما لم يشبه الكلب أو الخنزير.

الخامس: الإنقلاب، فإنّه مطهر للخمر إذا خرجت عن كونها خمراً، سواء انقلبت خلاً  أو غيره، نعم، لو تنجست بنجاسة خارجية ثم انقلبت خلاً لم تطهر على الأحوط وجوباً وكذلك العصير العنبي إذا غلى بناءً على نجاسته فإنّه يطهر ويحل إذا انقلب خلاً.

السادس: ذهاب الثلثيـن (بحسب الحجم لا بحسب الوزن)، كما لو كان مقداره ثلاثة ألتـار فبقي بالغليان لتراً واحداً، فإنّه مطهر للعصير العنبي المغلي بناءً على نجاسته ويحل شربه أيضاً عندئذ.

السابع: الانتقال، فإنّه مطهر للمنتقل إذا أضيف إلى المنتقل إليه وعد جزءاً منه كدم الإنسان الذي يشربه البق والبرغوث والقمّل على تفصيل سبق في نجاسة الدم.

(مسألة 587) : إذا ركب جزء من ميت أو كافر نجس أو من حيوان نجس العين، لإنسان طاهر العين أو حيوان كذلك، أصبح جزءاً منه ويحكم بطهارته، ويجزي معه الوضوء والغسل وتصح معه الصلاة.

 الثامن: الإسلام، فإنّه مطهر للكافر النجس بجميع أقسامه حتى المرتد عن الفطرة على الأقوى. ويتبعه أجزاؤه كشعره وظفره وفضلاته من عرقه وبصاقه ونخامه وقيئه وغيرها. كما تطهر معه ثيابه التي يلبسها إن كانت نجاستها من جسده أو برطوبة طاهرة لولا ذلك. كما يطهر معه كل ما يمسك به أو يماس بدنه حال الدخول في الإسلام  مما سرت النجاسة إليه حال كفره.

التاسع: التبعية، فإنّ الكافر إذا أسلم يتبعه ولده في الطهارة إذا كان دون البلوغ، وإن كان مميزاً على الأقوى، ما لم يحكم بكفره لسوء اعتقاده. أباً كان الكافر أم جداً لاب أم أُماً، وذكراً كان الطفل أم أنثى. وكذا أواني الخمر تتبعها في الطهارة إذا انقلبت خلاً وكذلك أواني العصير العنبي إذا ذهب ثلثاه بناءً على نجاسته، ولا فرق في الإناء بين ما لامسه الخمر أو العصير أو لا. أما طهارة يد العامل لذلك وثيابه أو الوجه الآخر للإناء بالتبع فمحل إشكال، أشبهه البقاء على النجاسة.

(مسألة 588) : إذا تم تغسيل الميت طهر جسده وكذلك يد الغاسل والسدة التي يغسل عليها والثياب التي يغسل فيها، فإنّها تتبع الميت في الطهارة، قلت أو كثرت، وأمّا بدن الغاسل وثيابه وسائر آلات التغسيل فالحكم بتبعيتها في الطهارة محل إشكال، أحوطه البقاء على النجاسة مع إحراز الملاقاة. وإلا حكم بطهارتها كما كانت قبل البدء بالتغسيل.

العاشر: زوال عيـن النجاسة عن بواطن الإنسان وجسد الحيوان ظاهره وباطنه، فيطهر منقار الدجاجة الملوث بالعذرة بمجرد زوال عينها ورطوبتها، وكذا بدن الدابة المجروحة وفم الهرة الملوث بالدم أو الميتة. وكذلك يطهر ولد الحيوان الملوث بالدم عند الولادة بمجرد زوال عين النجاسة. وكذا يطهر باطن فم الإنسان إذا أكل نجساً أو شربه ولو عصياناً، أو حصل دم في فمه من أسنانه ونحو ذلك، بمجرد زوال عين النجاسة. وكذا باطن عينه عند الاكتحال بالنجس أو المتنجس.

(مسألة 589) : لا يحكم بنجاسة بواطن الإنسان وجسد الحيوان، وكذلك لا يحكم بسراية  النجاسة من النجس إلى الطاهر إذا كانت الملاقاة بينهما في الباطن. سواء أكانا متكونين في الباطن كالودي يلاقي البول في الباطن، أو كان النجس متكوناً في الباطن والطاهر يدخل إليه كماء الحقنة، فإنّه لا ينجس بملاقاة النجاسة في الأمعاء، أو كان النجس في الخارج والطاهر في الباطن، كالماء أو الطعام النجس الذي يتناوله الإنسان فإنّه لا ينجس الباطن. بل الحكم بنجاسة الدم والبول والغائط قبل خروجهما محل إشكال بل منع، وكذلك إذا كانا معاً متكونين في الخارج وتلاقيا في الداخل، كما إذا ابتلع شيئاً طاهراً وشرب عليه ماءً نجساً، فإنّه إذا خرج ذلك الطاهر من جوفه غير ملوث بالنجاسة ولا بذلك الماء المتنجس حكم عليه بالطهارة. ولا يجري الحكم الأخير في الملاقاة في باطن الفم، فلا بد من تطهير الملاقي.

الحادي عشر: غيبة المسلم، فإنّها مطهرة لجسم المسلم وثيابه وفراشه وأوانيه وغيرها من توابعه، إذا احتمل حصول الطهارة لها، وكان قد علم بنجاستها ولكن استعملها صاحبها فيما يعتبر فيه الطهارة، مع علمه بنجاستها وعلمه بشرطية الطهارة، ولم يكن ممن لا يبالي بالنجاسة. فإنّه حينئذ يحكم بطهارتها.

(مسألة 590) : الغيبة حجة شرعية لإثبات الطهارة، على نحو ما سبق سواء كانت الحالة السابقة عليها هي العلم بالنجاسة أو الشك فيها.

(مسألة 591) : الأحوط اختصاص الغيبة بالمؤمن البالغ العاقل.

(مسألة 592) : لا تختص الغيبة بالأمور التي ذكرناها في العنوان، بل تعم سائر الأشياء الجامعة للشرائط السابقة.

الثاني عشر من المطهرات: استبراء الحيوان الجلال، فإنّه مطهر له ولفضلاته من نجاسة الجلل، بأن يمنع الحيوان عن أكل النجاسة مدة يخرج بعدها عن صدق عنوان الجلال عليه والأحوط وجوباً اعتبار مضي المدة المعينة له شرعاً، وهي في الإبل أربعون يوماً وفي البقر عشرون وفي الغنم عشرة وفي البطة سبعة على الأحوط وفي الدجاجة ثلاثة، والأحوط اعتبار أطول المدتين. ومع عدم تعيين المدة شرعاً، فإن كان الحيوان في حجم ما هو معين شرعاً فالأظهر إلحاقه به مع اعتبار زوال الاسم على الأحوط، وإن لم يكن في حجمها اعتبر زوال الاسم خاصة.

(مسألة 593) : كل حيوان أحرز وجود الأوداج الأربعة فيه، فالظاهر قبوله للتذكية عدا نجس العين وما كان حشرة عرفاً، وإن لم يكن حشرة بالدقة كالفأرة. ويلحق به ما شك في وجود الأوداج الأربعة له، أو ما لا يمكن التسلط على قطعها. وأثر التذكية -غير أكل لحمه- طهارة الأجزاء المأخوذة منه كالجلد وجواز استعمالها فيما يشترط فيه الطهارة كالصلاة، مع ملاحظة عدم جواز الصلاة فيما لا يؤكل لحمه.

(مسألة 594) : تثبت الطهارة بالعلم وبالبينة وهي الشاهدان العادلان وبإخبار ذي اليد إذا لم يوثق بكذبه. وكذلك خبر الثقة الواحد. وإذا شك في نجاسة ما علم طهارته سابقاً يبنى على طهارته.

 

الأواني

 يحرم استعمال الأواني المصنوعة من الذهب والفضة في الأكل والشرب، وكذلك في الطهارة من الحدث والخبث وغيرها من أنواع الاستعمال على الأحوط. ولا يحرم نفس المأكول والمشروب الذي فيها. والأحوط استحباباً عدم التزيين بها وكذا اقتناؤها وبيعها وشراؤها وأخذ الأجرة على استعمالها، والأقوى الجواز في جميع ذلك، غير أنّ الأحوط وجوباً عدم جواز صنعها والاكتساب بها.

(مسألة 595) : للآنية صدق عرفي، وإن كان الظاهر كونها معدة لأن يحرز فيها المأكول أو المشروب أو نحوهما، ويترتب على ذلك أنّ رأس الغرشة ورأس الشطب وقراب السيف والخنجر والسكين وقاب الساعة ومحل فص الخاتم وبيت المرآة وملعقة الشاي وأمثالها خارج عن الآنية، وإن كان الأحوط شمولها لكل مقعر يمكن ملؤه بالماء.

(مسألة 596) : لا فرق في حكم الآنية بين الصغيرة والكبيرة، وبين ما كان على هيئة الأواني المتعارفة التي من النحاس والحديد وغيرهما.

(مسألة 597) : لا بأس بما يصنع بيتاً للتعويذ من الذهب والفضة، أو للقرآن الكريم، وإن كان الأحوط الأولى كونه مخرماً مثقباً.

(مسألة 598) : يكره استعمال القدح المفضض، والأحوط عزل الفم عن موضع الفضة، بل لا يخلو وجوبه عن قوة.

 

تم كتاب الطهارة بعونه تعالى

والله سبحانه العالم وهو حسبنا ونعم الوكيل

 

1 2
المجموع: 13 | عرض: 11 - 13

مكتب المرجع الديني

الشيخ محمد اليعقوبي(دام ظله) - ارسل استفتاءك

النجف الاشرف