كتاب الطهارة

شارك الاستفتاء

كتاب الطهارة

 الطهارة قسمان:

الأول: الطهارة المعنوية وهي تطهير قلب الإنسان من الغل والحسد والحقد والأنانية ونحوها من الرذائل وتهذيب النفس من اتِّباع الهوى والتعلق بالدنيا ونسيان الآخرة والغفلة عن الله تبارك وتعالى وهو الطريق الأكمل للوصول إلى الله تبارك وتعالى وقد تكفّلت كتب الأخلاق والمعرفة الإلهية بيان الفضائل والرذائل وكيفية تحلية النفس بالأولى وتخليتها عن الثانية.

الثاني: الطهارة الظاهرية وهي قد تكون من:

 الخبث وهي النجاسات التي تصيب الجسد وغيره كالبول والدم ونحوها ولرفع أثرها كيفيات خاصة.

أو من الحدث وهي فعاليات حياتية وفسلجية يقوم بها الإنسان وتصدر منه وهي على قسمين:

1- الحدث الأصغر وهو ما يوجب الوضوء أو بديله التيمم عند التعذر وتشمل النوم وخروج البول والغائط.

2- الحدث الأكبر وهو ما يوجب الغسل أو بديله وتشمل الجنابة وهي ممارسة الفعاليات الجنسية والحيض وغيرها.

وسيأتي تفصيل ذلك لاحقاً بإذن الله تعالى.

ولما كان الماء هو العنصر الرئيسي في رفع الخبث والحدث قال تعالى: (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً) (الفرقان : 48)، أي طاهراً ومطهراً إذا فهمناه بمعنى اسم الفاعل، وقال تعالى: (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ) (الأنفال : 11).

 

لذا بدأ الفقهاء حديثهم عنه في المبحث الأول من كتاب الطهارة ثم اتبعوه بمقاصد أخرى لبيان سائر التفاصيل.

شارك الاستفتاء

المبحث الأول : أقسام المياه وأحكامها

وفيه فصول : 

!+

في أقسام المياه

ينقسم ما يستعمل فيه لفظ الماء إلى قسمين:

الأول: ماء مطلق، وهو الماء الطبيعي المتعارف الموجود في الأنهار والبحار وأنابيب إسالة الماء وغير ذلك.

الثاني: ماء مضاف، كماء الرمان وماء الورد وإنّما يطلق عليه لفظ الماء مجازاً لأنّه ليس ماءً حقيقة لذا فإنّه لا يذكر إلا مع المضاف إليه.

 

@+

في الماء المطلق

 الماء المطلق أمّا لا مادة له، أي ليس متصلاً بمصدر ومعين يعوض المقدار المأخوذ منه باستمرار، أو له مادة فمثلاً وعاء فيه كمية من الماء فتارة تجري عليه حنفية الإسالة بحيث تعوض كل ما يؤخذ منه أو بئر يستقى منه الماء فيعود إلى مستواه الطبيعي أو عين نابعة من الأرض فهذا متصل بمادة.

والأول - أي غير المتصل بمادة- قد يكون قليلاً أي لا يبلغ مقداراً محدداً شرعاً يسمى الكُرّ فيسمى (الماء القليل)، وقد يكون كثيراً أي يبلغ هذا المقدار فيسمى (الماء الكثير)، ولكل واحد منهما أحكامه.

وبغض النظر عن هذا التقسيم فإنّ الماء قد يكون جارياً فتترتب عليه بعض الأحكام التي تاتي مع تعريف الجريان بإذن الله تعالى ويسمى (الماء الجاري) ويسمى الماء المتصل بمادة، والماء الكثير وإن لم يتصل بمادة، والماء الجاري بـ (الماء المعتصم) وغيرها بـ (الماء غير المعتصم).

 

1- الماء القليل:

 وهو ما لم يبلغ مقداره الكر وليس متصلاً بمادة فإنّه ينفعل - أي يتنجس- ويتأثر كله بملاقاة ولو جانب منه للنجاسة، سواء كانت عين النجاسة أو المتنجس المباشر بها، أي ما يسمى بالمتنجس الأول.

(مسألة 36) : يطهر الماء المتنجس القليل باتصاله بماء معتصم كفتح حنفية الإسالة عليه مثلاً أو بوصله بخزان ماء يحتوي على كرٍّ فأكثر، كما يطهر بتقاطر ماء المطر بمقدار معتد به وليس بقطرات بسيطة.

 (مسألة 37) : الماء القليل المستعمل في رفع الحدث الأصغر والأغسال المستحبة طاهر ومطهر من الحدث  والخبث، والمستعمل في رفع الحدث الأكبر- مع طهارة بدن المغتسل- طاهر ومطهر من الخبث، والأفضل عدم استعماله في رفع الحدث - بنوعيه - مرة أخرى بجمعه في إناء مثلاً عند الاغتسال به ثم إعادة استعماله مرة أخرى إذا تمكن من ماء آخر، وإذا فعل ذلك مع التمكن من غيره فالأحوط استحباباً ضم الطهور من الحدث بالماء الآخر، واذا لم يكن عنده ماء غيره تطهر به من الحدث والاحوط استحباباً ضم وظيفة فاقد الماء اليه بحسب نوع الحدث بنية رجاء المطلوبية.

أمّا المستعمل منه في رفع الخبث فهو نجس إذا لاقى عين النجاسة والصبة الأولى بعد زوالها.

 

2- الماء الجاري:

 وله مصاديق عديدة كالماء النازل من الميزاب نتيجة هطول الأمطار على السطح وكالنابع من العيون ثم يجري على الأرض وكالماء المتدفق من حنفيات الإسالة ويسيل على الأرض، وهذا كله معتصم لأنّه متصل بمادة فلا ينفعل بملاقاة النجاسة، وإنّما الكلام في الماء القليل الجاري سواء كان منصبّاً من الأعلى إلى الأسفل كالمتدفق من الإبريق أو كان من الأسفل إلى الأعلى كالماء الخارج من الفوارة أو النافورة، وعلى كلا التقديرين فإذا لاقى النجاسة فإنّ محل الملاقاة فقط يتنجس دون العمود المتصل، أي ينطبق حكم الماء القليل على الجزء الملامس لعين النجاسة فقط.

(مسألة 38) : الجريان حالة يحكم بها العرف ويشترط فيها مستوى من سرعة الجريان والكمية.

(مسألة 39) : ماء الحنفية والدوش من الجاري ما دام متصلاً فإن تقطع كان من القليل.

 

3- الماء الكثير:

 وهو ما بلغ مقداره الكُر وله تحديدان شرعاً:

الأول: بحسب الحجم أو المساحة بحسب تعبيرهم وذكرت له عدة مقادير بحسب الأشبار تتراوح بين (27) شبراً مكعباً و(7من8 .42) شبراً مكعباً فإذا فرض أنّ طول الشبر المتعارف حالياً يتراوح بين (21 و23) سنتمتراً نتجت عندنا حجوم متباينة بشدة تتراوح بين (250) لترا ًحيث اللتر يساوي (1000) سنتمترٍ مكعب و(522) لتراً.

الثاني: بحسب الوزن ويتراوح بين (377) كغم و(400) كغم.

وحيث أنّ كثافة الماء الصافي هي (1) كغم لكل لتر فيمكن تحويل مقدار الكر بحسب الحجم إلى ما يساويه بحسب الوزن.

والمختار أنّ وزن الكر هو (377) كغم أو لتر، ويحسن الاحتياط بالرقم الآخر وهو (400) كغم أو لتر.

ويمكن إحراز ذلك بدقّة بأن يكون حجم الخزان (377) لتراً بغض النظر عن شكله واطواله، اما الحجم المذكور في الروايات كـ ((7من8 .42))شبراً مكعباً أو (36) شبراً مكعباً فهو لاحراز تحقق هذا المقدار وليس من الضروري الوصول اليه. ويكفي تحقق (36) شبراً مكعباً بطول للشبر يساوي (22) سنتمتراً بأن تذرع أضلاعه وعمقه بالأشبار ثم يستخرج الحجم وفق القواعد الحسابية المعروفة للأشكال الهندسية كالمكعب والاسطوانة وغيرها.

(مسألة 40) اذا اتصل اكثر من خزان وكان مجموعهما كراً كفى في تحقق الكرّية في أحدهما ما دام الاتصال قائماً.

(مسألة 41) : الماء الكثير لا ينفعل بملاقاة النجاسة فضلاً عن المتنجس بها إلا إذا تغير بلون النجاسة أو طعمها أو ريحها.

(مسألة 42) : ينقسم التغير في أحد الأوصاف الثلاثة إلى حسي وتقديري، والتغير الحسي هو التغير الذي يظهر إلى الحس ولا إشكال في كونه منجساً للماء عند حصوله.

أمّا التغير التقديري فهو افتراضي لا يظهر للحواس وهو على أقسام :

أولاً: التغير الذي لا يظهر للحس لكون النجاسة الملاقية للماء فاقدة للصفات المؤثرة فيه بأحد الأوصاف الثلاثة وفي مثله لا إشكال في طهارة الماء الكثير.

ثانياً: التغير الذي لا يظهر للحس لكون الماء حاصلاً على مانع ذاتي عن تغيره بالصفة، كما إذا كان مسخناً إلى درجة حرارية عالية وفرض أنّ مثل هذه الحالة تعصمه من التأثر بأوصاف النجاسة وفي مثله يبقى الماء طاهراً أيضاً.

ثالثاً: التغير الذي لا يظهر للحس لكون الماء متصفاً بصفة تمنع ظهور التأثر بأوصاف النجس مع وجود هذا التأثر حقيقة، كما لو وقعت قطرات حبر أحمر في الماء من دون خروجه عن عنوان الماء المطلق طبعاً ثم تلاها وقوع قطرات دم بحيث أنّه لولا حمرة الحبر لظهر تغير الماء بحمرة الدم بوضوح وفي مثله يحكم بنجاسة الماء.

(مسألة 43) : إذا تغير الماء بغير اللون والطعم والرائحة كما لو تغيرت كثافته مثلاً فإنّه لا يتنجس.

(مسألة 44) : إذا تغير لونه أو طعمه أو رائحته بالمجاورة للنجاسة وليس بالملاقاة فلا يتنجس أيضاً.

(مسألة 45) : يكفي في حصول النجاسة التغير بوصف النجس في الجملة ولو لم يتطابق مع أوصاف النجس، فإذا اصفر الماء بملاقاة الدم تنجس، إذ لا نعني بالتغير الذي ينجَّس الماء الكثير أن يكتسب نفس لون النجس أو طعمه أو ريحه بالضبط.

(مسألة 46) : إذا تغير الماء بوقوع المتنجس فيه لم ينجس - مع الالتفات إلى أنّ كلامنا في الماء المطلق- إلا أن يتغير بوصف النجاسة التي هي موجودة في المتنجس، كالماء الملوث بالدم يقع في الماء الكثير فيتغير لونه إلى الصفرة مثلاً فإنّه يتنجس.

 

4- ماء المطر:

(مسألة 47) : ماء المطر معتصم فلا يتنجس بملاقاة النجاسة في حال نزوله ومطهر لغيره على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى، أمّا لو وقع على شيء كورق الشجر أو على سقف ونحوهما ثم تسّرب ووقع على النجس تنجس، ومنشأ الاعتصام أكثر من وجه فإنّه متصل بمادة وجارٍ.

(مسألة 48) : إذا اجتمع ماء المطر في مكان وكان قليلاً، فإن كان يتقاطر عليه المطر فهو معتصم كالكثير، وإن انقطع عنه التقاطر كان بحكم القليل، نعم، إذا كان وقوعه على ورق الشجر بنحو يمر منه إلى الأرض لا إنّه ينزو منه إليها فهو معتصم لوجه أو أكثر مما تقدم.

(مسألة 49) : الماء الجاري من الميزاب معتصم ولا ينفعل بملاقاة عين نجسة في الأرض ما دام المطر يتقاطر من السماء.

(مسألة 50) : الثوب أو الفراش المتنجس إذا تقاطر عليه المطر ونفذ في جميعه طهر الجميع، وإذا وصل إلى بعضه دون بعض طهر ما وصل إليه دون غيره، هذا إذا لم يكن فيه عين النجاسة، وإلا فلا يطهر إلا إذا تقاطر عليه بعد زوال عينها، ولا يحتاج المتنجس بالبول إلى التعدد- وهو شرط التطهير بغير الماء الجاري- لأنّ ماء المطر جارٍ.

(مسألة 51) : الأرض المتنجسة تطهر بوصول المطر إليها بشرط أن يكون من السماء ولو بإعانة الريح، وأمّا لو وصل إليها بعد الوقوع على محل آخر -كما إذا ترشح بعد الوقوع على مكان كسقف أو أوراق شجر من دون أن يكون هذا المكان مجرى له كما أشرنا إليه في المسألة (48)، فوصل مكاناً نجساً- لا يطهر، نعم، لو جرى على وجه الأرض فوصل إلى أي مكان آخر لم يسقط عليه المطر مباشرة طهر بهذا الماء الجاري.  

(مسألة 52) : إذا تقاطر ماء المطر على عين النجس فترشح منها على شيء آخر لم يتنجس ما دام متصلاً بماء السماء بتوالي تقاطره عليه شريطة أن لا يكون حاملاً لعين النجس معه أو متغيراً بأحد أوصافه.

 

#+

في الماء الذي له مادة

(مسألة 53) : الماء الذي له مادة وقد عرّفناه بالمتصل بمعين أو مصدر يمده بالماء ويعوض النقص فيه كالماء المتدفق من أنابيب الإسالة أو ماء المطر المستمر بالهطول أو ماء العيون المتدفقة أو مياه الأنهار والبحار والمياه الجوفية ونحوها، وهذا الماء معتصم لا ينجس بملاقاة النجاسة إلا إذا تغيّر بأحد أوصاف النجس كما تقدم.

(مسألة 54) : يمكن للماء القليل أن يكون معتصماً إذا اتصل بماء كثير أو بما له مادة كالوعاء إذا فتح عليه أنبوب الإسالة، وكذا إذا كان ما في الوعاء نجساً فإنّه يطهر بمجرد اتصاله بالمادة مع عدم وجود التغير بالنجاسة، وكذا الماء الراكد المتصل بالمادة كالحوض الصغير المتصل بالنهر من خلال ساقية فإنّه يكون معتصماً ولا يتنجس بالملاقاة.

(مسألة 55) : إذا شك في كون الماء متصلاً بمادة أو لا وكان قليلاً بُني على عدمه فلا يكون معتصماً من هذه الجهة.

(مسألة 56) : الماء المعتصم يطهر ذاتياً إذا زال التغير بأوصاف النجس إذا كان اعتصامه لكونه مما له مادة، أمّا إذا كان اعتصامه لأنّه ماء كثير فلا يكفي زوال التغير ذاتياً، بل لابد من اتصاله بمادة أو ماء كثير طاهر آخر.

(مسألة 57) : ما يوضع في فوهة اتصال خزان الماء بالمادة التي يستمد منها الخزان ويسمى بالطوافة، يقطع اتصال ماء الخزان بالمادة في حالة امتلائه، وحينئذٍ فإذا كان الخزان بقدر الكر كان معتصماً، وإن كان دون الكر اعتبر ما في الخزان ماءاً قليلاً، ولكن بمجرد أن يبدأ الخزان بدفع الماء وتنخفض الطوافة، يعود الاتصال بالمادة ويصبح معتصماً.

وقد يوضع في فوهة الأنبوب حاجز فيه ثقوب صغيرة متقاربة، ينفذ الماء من خلالها بقوة ودفع، ويسمى بالدوش، وهذا الماء النازل من هذه الثقوب إذا كان ينزل بشكل قطرات متلاحقة مع فواصل بينها ولو صغيرة بنظر العرف فهو ماء قليل غير معتصم، وإن كان ينزل بنحو يشكل خطاً متصلاً في نظر العرف فهو معتصم لا ينفعل بالملاقاة.

(مسألة 58) : الماء الذي كان قليلاً ثم شُك في صيرورته كراً يكون بحكم القليل، كما أنّ الماء الذي كان كراً في السابق ثم شك في صيرورته قليلاً يكون بحكم الكر.

أمّا الماء الذي يشك أصلاً في كونه كراً ولا يعلم بحالته السابقة من هذه الناحية فيلحق بالقليل من حيث آثار الكثير كالاعتصام، ويلحق بالكثير من حيث آثار القليل كالانفعال بالنجاسة بمجرد الملاقاة، فلو فُرض سقوط شيء متنجس في وعاء ماء بهذا الوصف فلا الماء يتنجس بالملاقاة ولا الشيء يطهر بالوقوع في الماء.

 

$+

حكم الماء المشتبه

 إذا عُلم إجمالاً بنجاسة أحد الإناءين وطهارة الآخر لم يجز رفع الخبث بأحدهما، ولا رفع الحدث، ولكن لا يحكم بنجاسة الملاقي لأحدهما حتى وإن كان الآخر مشكوك النجاسة.

وإذا اشتبه المطلق بالمضاف جاز رفع الخبث بالغسل بأحدهما ثم الغسل بالآخر، وكذا رفع الحدث وإذا اشتبه المباح بالمغصوب، حرم التصرف بكل منهما، ولكن لو غسل متنجساً بأحدهما طهر، ولا يرفع بأحدهما الحدث.

هذا كله إذا كانت الشبهة محصورة، أمّا إذا كانت أطراف الشبهة غير محصورة جاز الاستعمال مطلقاً.

والمعيار في كون الشبهة غير محصورة أن تكون الحالة بشكل يوجب ضعف احتمال الابتلاء بالتكليف عند مباشرة المكلف لأحد الأطراف بحيث يكون الإنسان واثقاً ومطمئناً بالعدم، فمثلاً لا يتوقف المسلم عن شراء اللحم من سوق القصابين المسلمين لمجرد علمه بوجود حالة غير منضبطة بالحدود الشرعية للتذكية، ولا يتوقف عن شراء الجبن من السوق لمجرد علمه أنّ بعض صانعيه لا يتورع عن النجاسات، لأنّ احتمال كون ما وصل إلى يده هو المحظور شرعاً بعينه احتمال ضعيف لا يَعتدّ به العقلاء ولا يأخذون بأمثاله في حياتهم.

(مسألة 59) : لا يختلف الحكم المذكور آنفاً لأطراف الشبهة المحصورة فيما لو أريق ماء أحد الإناءين ونحوه مما يخرجه عن دائرة الابتلاء والتعاطي مع الطرف الآخر، لأنّ العلم الإجمالي وإن انحل بذلك وتحول إلى شبهة إلا أنّها ليست مورداً لإجراء أصالة الطهارة فيها لأنّها مسبوقة بعلم إجمالي فلا يمكن استعمال هذا الماء لرفع الحدث والخبث.

 

%+

في الماء المضاف

الماء المضاف (وقد تقدم تعريفه في أول كتاب الطهارة)،  وهو المعتصر من الاجسام الرطبة بالخلقة كالفواكه، أو الممتزج ببعض الاجسام امتزاجاً يسلبه الصدق العرفي للماء الاعتيادي او المطلق: كماء الورد ونحوه، وكذا سائر المائعات كالدبس والخل والزيت، ينجس القليل منها والكثير بمجرد الملاقاة للنجاسة، إلا إذا كان متدافعاً على النجاسة بقوة كالجاري من العالي والخارج من الفوارة، فتختص النجاسة حينئذ بالجزء الملاقي للنجاسة، ولا تسري إلى العمود.

(مسألة 60) : إذا تنجس الماء المضاف فإنّه لا يطهر أصلاً، وإن اتصل بالماء المعتصم كماء المطر أو الكر، نعم، إذا استهلك في الماء المعتصم كالكر فقد ذهبت عينه ويكون الحاصل طاهراً، ومثل الماء المضاف في الحكم المذكور سائر المائعات.

(مسألة 61) : الماء المضاف لا يرفع الخبث ولا الحدث.

(مسألة 62) : الأسئار كلها طاهرة إلا سؤر الكلب والخنزير والاحوط وجوباً في الكافر غير الكتابي، أمّا الكتابي فإنّه طاهر ذاتاً، ويكره سؤر غير مأكول اللحم عدا الهرة.

وورد في الروايات الشريفة أنّ سؤر المؤمن شفاء، بل إنّ في بعضها إنّه شفاء من سبعين داءً.

(مسألة 63) : إذا شك في ماء أنّه مطلق أو مضاف وكانت له حالة سابقة من أحدهما قبل الشك فتُستَصحب، وإن لم تكن له حالة سابقة بأن كان الشك ابتداءً من الأصل فيحكم له بالاطلاق من حيث التأثر-كالانفعال بالنجاسة- ويحكم له بالإضافة من حيث التأثير -كالتطهير- .

(مسألة 64) : لا تتحقق الإضافة باختلاط الماء المطلق بمواد أخرى كالتراب والصابون والسدر فيبقى اسمه ماءً مخلوطاً بشيء حتى يقتنع الوجدان بأنّ اسمه قد تحول إلى الإضافة فأصبح طيناً أو ماءَ صابونٍ.

 

 

شارك الاستفتاء

المبحث الثاني : أحكام الخلوة

 وفيه فصول:

 !+

في واجبات التخلي

يجب حال التخلي ملاحظة ما يلي:

أولاً: وجوب ستر العورة([1])ويراد منها هنا في باب التخلي (القبل والدبر وما بينهما والبيضتان) عن كل ناظر مميز عدا من تحل له الاستمتاعات الجنسية كالزوجين.

ثانياً: حرمة استقبال القبلة واستدبارها حال التخلي بمقاديم بدنه وإن أمال عورته، وبعورته وإن أمال بدنه، ويجوز حال الاستبراء والاستنجاء، ولو اضطر إلى أحدهما (أي الاستقبال والاستدبار) :فيتخير والأَوْلى له اجتناب الاستقبال.

(مسألة 65) : لو اشتبهت القبلة فعليه الصبر والتحري عن جهتها لتأدية هذه الوظيفة الشرعية حتى إذا حصل له اليأس من معرفتها أو كان في الانتظار ضرر أو حرج عليه فيسقط عنه التكليف.

(مسألة 66) : لا يجوز النظر إلى عورة الغير - حتى وإن كان كافراً أو صبياً على الاحوط- بالمباشرة ولا من خلال المرآة أو الماء الصافي أو العدسات التصويرية.

(مسألة 67) : لا يجوز التخلي في ملك غيره إلا بإذنه ولو بالفحوى، أي أنّ عنده اطمئناناً برضا المالك لو استأذنه.

(مسألة 68) : لا يجوز استعمال المرافق الصحية التابعة لجهة خاصة كالمدارس الدينية الموقوفة على طلبة العلم ونحوها ما لم يعلم بعموم الإذن بالتصرف من خلال إخبار متولي الوقف والإدارة.

 

@+

التطهير عند التخلي

يجب غسل موضع البول بالماء القليل غير الجاري مرتين، ومقدار الأُولى هو ما يزيل عين النجاسة وتكفي المرة بالجاري والكثير، كما لابد من استيلاء الماء عليه بنحو يصدق عليه الغسل عرفاً.

وأمّا موضع الغائط فإن تعدى المخرج تعيّن غسله بالماء كغيره من المتنجسات، وإن لم يتعدَّ المخرج تخير بين غسله بالماء حتى ينقى ومسحه بالأحجار أو أي جسم قالع كورق التنظيف الصحي(كلينكس)، والماء أفضل والجمع أكمل مع تقديم إزالة النجاسة بالجسم القالع.

(مسألة 69) : يشترط في التطهير بالمسح بمزيلات النجاسة - إضافة إلى  عدم تعديها المحل وكون الأجسام مزيلة للنجاسة وقالعة لها وليست هشة أو صقيلة كبعض ورق الشجر- ما يلي:

1- التثليث بالمسح فإن زالت النجاسة قبله وجب إكمالها، وإن لم تزل وجب الزائد حتى تزول النجاسة.

2- التثليث بالأحجار أو أكثر كما سبق حتى يحصل النقاء فلا يكفي المسح بجسم واحد أكثر من مرة من أكثر من جهة.

3- طهارة الممسوح به.

4- أن لا تكون من الأجسام التي لها حرمة ومكانة في النفس لا تناسب هذا الاستعمال.

5- أن لا تكون من العظم والروث.

6-  أن لا تكون فيها رطوبة مسرية.

(مسألة 70) : يجب في الغسل بالماء إزالة العين والأثر، ولا تجب إزالة اللون والرائحة، ويجزي في التطهير بالحجر إزالة العين، ولا تجب إزالة الأثر الذي لا يزول بالمسح بالأحجار عادة.

(مسألة 71) : إذا خرج مع الغائط أو قبله أو بعده، نجاسة أخرى مثل الدم، ولاقت المحل لا يجزي التطهير إلا بالماء.

(مسألة 72) : يستحب للمسلم حال التخلي ملاحظة أمور، منها أن يكون بحيث لا يراه الناظر، ولو بالابتعاد عنه، كما يستحب له تغطية الرأس والتقنع، والتسمية عند التكشف، والدعاء بالمأثور، وتقديم الرجل اليسرى عند الدخول، واليمنى عند الخروج، وأن لا يتبوّل وهو واقف إلا إذا كان معذوراً، ويستحب الاستبراء بالخرطات التسع ليأمن من نجاسة البلل الخارج بعد القيام من التبول، وأن يتكئ حال الجلوس على رجله اليسرى، ويفرج اليمنى.

 ويكره الجلوس للتخلي في الشوارع والمشارع - على شواطيء الانهار -ومساقط الثمار ومواضع اللعن كأبواب الدور وجدران المنازل ونحوها من المواضع التي يكون المتخلي فيها عرضة للعن الناس، وتكره في المواضع المعدة لنزول الزائرين والسياح والمتنزهين واستراحتهم، واستقبال قرص الشمس أو القمر بفرجه، واستقبال الريح بالبول، والبول في الأرض الصلبة التي تنزو منها قطرات البول، وفي ثقوب الحيوان، وفي الماء خصوصاً الراكد، وأن يطمّح بالبول في الهواء، والأكل والشرب حال الجلوس للتخلي، والكلام بغير ذكر الله، إلى غير ذلك مما ذكره العلماء (قدس الله أرواحهم) وورد في الروايات الشريفة.

(مسألة 73) : ماء الاستنجاء - وإن كان من البول- غير طاهر فلا يمكن استعماله في الوضوء أو الغسل ولا في رفع الخبث، وهو غير منجّس لما يلاقيه بشروط هي:

أولاً: أن لا يتغير بالنجاسة.

ثانياً: أن لا تتجاوز النجاسة عن المحل المعتاد.

ثالثاً: أن لا تكون فيه أجزاء متميزة.

رابعاً: أن لا تصيبه نجاسة أخرى من الخارج أو من الداخل.

والكلام إنّما هو في الماء القليل وأمّا لو كان معتصماً فلا إشكال في طهارته ما لم يتغير.

 

 

 #+

في الاستبراء

 المهم في كيفية الاستبراء تحقيق نتيجته وهو إفراغ المجاري البولية من البول المتبقي، لكن الكيفية الأفضل والتي وردت في الروايات الشريفة هي المسماة بالخرطات التسع، حيث يبدأ بالمسح من المقعد إلى أصل القضيب ثلاثاً ثم منه إلى رأس الحشفة ثلاثاً أي من جانبه الأسفل ثم ينتر الحشفة أو يعصرها ثلاثاً.

(مسألة 74) : فائدة الاستبراء طهارة البلل الخارج بعده إذا احتُمِل أنّه بول حتى لو كان كثيراً، ولا يجب الوضوء منه، ولو خرج البلل المشتبه بالبول قبل الاستبراء بُنيَ على كونه بولاً، فيجب التطهير منه والوضوء وإن كان تركه لعدم التمكن منه، ويلحق بالاستبراء من حيث تحقق هذه الفائدة طول المدة على وجه يعلم أو يطمأن بعدم بقاء الرطوبة في المجرى.

(مسألة 75) : لا استبراء للنساء والبلل المشتبه الخارج منهن طاهر لا يجب له الوضوء، نعم، الأولى أن تصبر وتتنحنح وتعصر فرجها عرضاً.

(مسألة 76) : فائدة الاستبراء تترتب عليه ولو كان بفعل غيره.

(مسألة 77) : إذا شك في الاستبراء أو الاستنجاء بنى على عدمه وإن كان من عادته فعله وإذا شك من لم يستبرئ في خروج رطوبة بنى على عدمها وإن كان ظانّاً بالخروج.

(مسألة 78) : إذا علم أنّه استبرأ أو استنجى وشك في كونه على الوجه الصحيح بنى على الصحة.

(مسألة 79) : لو علم بخروج الودي (وهو سائل يخرج بعد البول) ولم يعلم باصطحابه لبلل آخر يشك في كونه بولاً بُنيَ على طهارته وإن كان لم يستبرئ.



(1) ورد ذكر ستر العورة في أكثر من مورد وذكرت أحكامها في كل تلك الموارد بحسبها ومن تلك الموارد لباس المصلي وما يجب ستره عن الجنس الآخر من غير المحارم في كتاب النكاح وهي بالنسبة للرجل ما بين السرة والركبة وبالنسبة للمرأة تمام بدنها عدا الوجه والكفين وظاهر القدمين إلا أن تكون هذه سبباً للفتنة النوعية فيجب سترها أيضاً.

شارك الاستفتاء

المبحث الثالث: الوضوء

 وفيه فصول:

!+

في أجزائه وكيفيته

 أجزاء الوضوء أربعة: غسل الوجه واليدين ومسح الرأس والرجلين.

فهنا أمور:

الأمر الأول: غسل الوجه:

يجب غسل الوجه ابتداءً من قصاص شعر الرأس إلى نهاية الذقن طولاً، وما اشتملت عليه الإصبع الوسطى والإبهام عرضاً ولا يجب أزيد من ذلك إلا بعض الأطراف من باب المقدمة العلمية، أي أنّ هذا الفعل يؤتى به مقدمة لحصول العلم بتحقق المقدار الواجب، ويجب الابتداء بأعلى الوجه إلى الأسفل فالأسفل عرفاً ولا يصح أن تكون حركة الغسل من الأسفل إلى الأعلى ولو حصلت فلا يحتسبها من أفعال الوضوء، نعم، لو ردَّ الماء منكوساً ونوى الوضوء بإرجاعه إلى الأسفل صح وضوؤه.

(مسألة 80) : غير مستوي الخلقة لكبر الوجه أو صغره أو لطول الأصابع أو قصرها يرجع إلى متناسب الخلقة المتعارف بالنسبة، وكذا لو كان أغمّ قد نبت الشعر على جبهته أو كان أصلع المقدم فإنّه يرجع إلى المتعارف.

(مسألة 81) : الشعر النابت في ما دخل في حد الوجه كالحاجبين والأشفار وبعض العارضين يجب غسل ظاهره، ولا يجب التخليل إلى الشعر المستور فضلاً عن البشرة المستورة ويغسل الشعر الرقيق النابت في البشرة معها وكذلك الشعرات الغليظة التي لا تستر البشرة.

(مسألة 82) : لا يجب غسل باطن العين والفم والأنف ومطبق الشفتين والعينين.

(مسألة 83) : الشعر النابت في الخارج عن الحد كبعض شعر الرأس إذا تدلى على ما دخل في الحد لا يجب غسله، وكذا المقدار الخارج عن الحد وإن كان نابتاً في داخل الحد كمسترسل اللحية.

(مسألة 84) : إذا بقي مما في الحد شيء لم يغسل ولو بمقدار رأس إبرة لا يصح الوضوء، فيجب أن يلاحظ آماق وأطراف عينيه حتى لا يكون عليها شيء من القيح أو الكحل المانع، وكذا يلاحظ حاجبه أن لا يكون عليه شيء من الوسخ، وأن لا يكون على حاجب المرأة وسائر وجهها من بعض مواد الزينة مما له جرم مانع.

(مسألة 85) : إذا تيقن من وجود ما يشك في مانعيته وحاجبيته عن الغسل أو المسح يجب تحصيل اليقين أو الاطمئنان بزواله أو بوصول الماء إلى البشرة من خلاله بحيث يصدق عليه غسلها عرفاً، ولو شك في أصل وجود المانع وجب الفحص عنه على الأحوط إلا مع الظن بعدمه أو كون عدمه هو الحالة السابقة له.

(مسألة 86) : الثقبة في الأنف كموضع الحلقة أو الخزامة لا يجب غسل باطنها بل يكفي غسل ظاهرها سواء أكان فيها الحلقة أم لا.

الأمر الثاني: يجب غسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الأصابع، ويجب الابتداء بالمرفقين ثم الأسفل منهما فالأسفل عرفاً إلى أطراف الأصابع، بمعنى أن تكون حركة الغسل نحو الأسفل، والمقطوع بعض يده يغسل ما بقي، ولو قطعت من فوق المرفق سقط وجوب غسلها. ولو كان له ذراعان دون المرفق وجب غسلهما وكذا اللحم الزائد والإصبع الزائدة، ولو كانت له يد زائدة فوق المرفق ولم يعلم الأصلية منهما فيغسلهما معاً وإن علمها لم يجب غسل الزائد.

(مسألة 87) : المرفق مجمع عظمي الذراع والعضد ويجب غسله كله مع اليد ولا يجب غسل شيء من العضد إلا  من باب المقدمة العلمية.

(مسألة 88) : إذا كان مقطوع اليدين من فوق المرفقين سقط وجوب غسل اليدين والمسحات الثلاث ووجب على الأحوط غسل الوجه مع النية.

(مسألة 89) : إذا دخلت شوكة في اليد لا يجب إخراجها إلا إذا كان ما تحتها محسوباً من الظاهر فيجب غسله حينئذ ولو بإخراجها.

(مسألة 90) : الوسخ الذي يكون على الأعضاء إذا كان معدوداً جزءاً من البشرة لا تجب إزالته كبعض العاملين في الأحياء الصناعية حين تصبح بعض الدهون جزءاً من بشرته، وكذا بعض عمال البناء حين تصبح بعض المواد الإنشائية جزءاً من أيديهم ولا يمكن إزالتها بالجهد الاعتيادي، وكذلك الجلد الميت المتصل بالبشرة كبيراً كان أو صغيراً، وكذلك الدم الذي قد يصبح جزءاً من البشرة بعد مدة من خروجه، وكذلك الدواء إن أصبح منها، وكذلك ما يُعد لوناً للبشرة وليس له جرم عرفاً كالوشم.

(مسألة 91) : لا يجب العمل بما عرف مؤخراً بالوضوء التقطيعي الذي يراد منه تجزئة اليد الى مناطق ثلاث او اربع واكمال غسلها على الترتيب بدعوى تحقيق شرط الغسل من الاعلى الى الاسفل.

(مسألة 92) : الوسخ تحت الأظفار إذا لم يكن زائداً عن المتعارف لا تجب إزالته إلا إذا كان ما تحته معدوداً من الظاهر، وإذا قص أظفاره فصار ما تحتها ظاهراً وجب غسله مع إزالة الوسخ.

(مسألة 93) : إذا انقطع لحم من اليدين وجب غسل ما ظهر بعد القطع على الأحوط، ويجب غسل ظاهر ذلك اللحم أيضاً ما دام لم ينفصل وإن كان اتصاله بجلدة رقيقة، ولا يجب قطعه أيضاً ليغسل ما تحت تلك الجلدة وإن كان هو الأحوط وجوباً لو عد ذلك اللحم شيئاً خارجياً ولم يحسب جزءاً من اليد كما لو ماتت القطعة المتدلية.

(مسألة 94) : الشقوق التي تحدث على ظهر اليد من جهة البرد أو بسبب آخر إن كانت وسيعة يُرى جوفها وجب إيصال الماء إليها مع الإمكان على الأحوط وإلا فلا. ومع الشك فالأحوط استحباباً الإيصال.

(مسألة 95) : ما ينجمد على الجرح ويصير كالجلد من دم أو دواء أو غيرهما لا يجب رفعه وإن حصل البرء، ويجزي غسل ظاهره وإن كان رفعه سهلاً.

(مسألة 96) : الدملج والخاتم ونحوها إن كان يصل تحتها الماء فلا إشكال وأمّا إن كان الدملج ضيقاً كفى تحريكه، وأمّا الخاتم الضيق فالأحوط نزعه.

(مسألة 97) : يجوز الوضوء بماء المطر كما إذا قام تحت السماء حين نزوله وقصد بجريانه على وجهه غسل الوجه مع مراعاة الأعلى فالأعلى، وكذلك بالنسبة إلى يديه وكذلك إذا قام تحت الميزاب ونحوه، وكذلك إذا احتاج الجريان إلى مساعدة الكف، ولكن ينبغي لهذا المكلف أن يلاحظ:

أولاً: عدم إراقة الماء الزائد على يده اليسرى بحيث يصيبها الماء بعد الاطمئنان بالاستيعاب. وكذلك اليد اليمنى إن لم يمسح بها اليسرى.

ثانياً: عدم وصول ماء المطر إلى محالّ المسح إلا مع الاهتمام بتجفيفها جيداً بالمقدار اللازم الذي يأتي في أحكام المسح.

(مسألة 98) : إذا شك في شيء أنّه من الظاهر حتى يجب غسله أو الباطن فلا يجب غسله فالأحوط استحباباً غسله ما لم يكن مسبوقاً بكونه ظاهراً فيجب.

الأمر الثالث: يجب مسح مقدم الرأس وهو ما يقارب ربعه مما يلي الجبهة ويكفي فيه تحقق عنوان المسح طولاً وعرضاً ولو بحركة بسيطة، ويستحب أن يكون عرض الماسح قدر ثلاثة أصابع والأحوط وجوباً أن يكون المسح من الأعلى إلى الأسفل ويكون بنداوة الكف اليمنى بل الأحوط وجوباً بباطنها.

(مسألة 99) : يكفي المسح على الشعر المختص بالمقدم فلا يجب ما يفعله البعض من تفريق الشعر حتى يمسح على جلد الرأس، نعم، لا يصح ان يكون الشعر على منطقة المسح من غيرها بأن يكون شعره طويلاً وقد سرحه على منطقة مقدم الرأس، فلو كان كذلك فجمع وجعل على الناصية لم يجُز المسح عليه، وكذلك لو حصل عليها شعر من أحد الجانبين أو من الخلف.

(مسألة 100) : لا تضر كثرة بلل الماسح وإن حصل معه الغسل.

(مسألة 101) : لو تعذر المسح بباطن الكف مسح بظاهر الكف، فإن تعذر مسح بالذراع.

(مسألة 102) : يعتبر أن لا يكون على الجزء الذي يتحقق به الواجب من الممسوح بلل ظاهر مانع عن تأثر الممسوح برطوبة الماسح ولا بأس بالرطوبة القليلة غير المانعة عن ذلك.

(مسألة 103) : لما كان الواجب هو المسح بالبلل المتبقي على اليدين فلا بد من مراعاة عدم وصول ماء زائد إليهما قبل المسح، ولو وصل إلى بعضها كإصبع أو إصبعين فليمسح بالبعض الآخر.

(مسألة 104) : لو جف ما على اليد من بلل لعذر أخذ من بلل حاجبيه وأشفار عينيه ومن شعر لحيته الداخل في حد الوجه، بل من سائر مواضع الوضوء على الأقوى، ومسح به.

(مسألة 105) : لو لم يمكن حفظ الرطوبة في الماسح لحرًّ أو غيره فالأحوط وجوباً الجمع بين المسح بالماء الجديد والتيمم، هذا مع انحصار الماء أو ضيق الوقت، وأمّا بخلاف ذلك فله أن يقطع الوضوء ويستأنفه من جديد على أمل عدم الجفاف.

(مسألة 106) : لا يجوز المسح على العمامة والقناع وغيرهما من الحائل وإن كان شيئاً رقيقاً لا يمنع من وصول الرطوبة إلى البشرة.

الأمر الرابع: يجب مسح القدمين من أطراف الأصابع إلى الكعبين وهو مفصل الساق ويكفي تحقق عنوان المسح عرضاً، والأحوط وجوباً مسح اليمنى باليمنى أولاً ثم اليسرى باليسرى وإن كان الأقوى جواز مسحهما سوية، نعم، تقديم اليسرى بالمسح أو النكس فيه أو المسح باليد الأخرى مما لا ينبغي فعله.

(مسألة 107) : حكم العضو المقطوع من الممسوح حكم العضو المقطوع من المغسول، وكذا حكم الزائد من الرجل والرأس وحكم البلل وحكم جفاف الممسوح والماسح كما سبق.

(مسألة 108) : لا يجب المسح على خصوص البشرة، بل يجوز المسح على الشعر النابت فيها أيضاً، إذا لم يكن خارجاً عن المتعارف وإلا وجب المسح على البشرة.

(مسألة 109) : لا يجوز المسح على الحائل كالجورب إلا لتقية، ولو حصلت الصلاة في ظرف التقية صحّت وإلا فعليه إعادة الطهارة، أمّا إذا كان المسح على الحائل لضرورة فلا يُكتفى به ويُضم إليه التيمم.

(مسألة 110) : لو دار الأمر بين المسح على الجورب والغسل للرجلين للتقية اختار ما هو الأقرب إلى تكليفه مع موافقته للتقية كما لو كان الغسل متضمناً للمسح ولو بماء جديد وإلا فيتخيّر الأوفق بالتقية.

(مسألة 111) : يعتبر عدم المندوحة - أي عدم وجود خيار آخر- في تحقق التقية، فلو أمكنه ترك التقية وإراءة المخالف عدم مخالفته لم تشرع التقية، ومن الخيارات المفتوحة أمامه الزمان الآخر والمكان الآخر أو بذل مالٍ لرفع التقية، إلا  أن يستلزم بذله حرجاً وضرراً، ونفس الكلام يأتي في تحقق حالة الاضطرار.

(مسألة 112) : إذا زال المسوغ لغسل الرجلين بعد الوضوء لم تجب الإعادة ما دامت التقية متحققة وتجب بزوالها وبزوال سائر الضرورات إلا إذا كان بنحو تغير الموضوع، كمن سقط عنه غسل اليد لأنّها مقطوعة ثم ركبت له يد اصطناعية بعد الصلاة.

(مسألة 113) : لو توضأ على خلاف التقية خلالها فالأحوط وجوباً الإعادة ولو بنحو التقية.

(مسألة 114) : لا يجب في مسح الرجلين أن يضع يده على الأصابع ويمسح على الكعبين بالتدريج، بل يجوز وضع تمام كفه على تمام ظهر القدم من طرف الطول إلى المفصل ويجرّها قليلاً بمقدار صدق المسح مع المحافظة على المسح على كل ارتفاعات وانخفاضات القدم بالمقدار الواجب.

 

@+

في وضوء الجبيرة

 يراد بالجبيرة قطعة القماش أو الألواح التي يلف بها العضو لوجود جرح أو قرح أو كسر فيه أو مرض يضر معه وصول الماء إليه، ويعمم حكمها إلى كل حاجب عن وصول الماء يكون على العضو بحيث يصعب إزالته وتسبب له حرجاً ومشقة، كالعاملين في تصليح المكائن والسيارات أو البناء فإنّ أيديهم تكتسب قشرة من الزيوت والمواد التي يشق تنقية الجلد منها، وهكذا.

وحكم من كان على بعض أعضاء وضوئه جبيرة أنّه إن تمكن من غسل ما تحتها بنزعها أو بغمسها في الماء مع إمكان الغسل من الأعلى إلى الأسفل
- أي بإزالة الحاجب عموماً- وجب، وإن لم يتمكن لخوف الضرر والحرج اكتفى بالمسح عليها، وكذلك لو لم يمكنه إيصال الماء إلى ما تحت
الجبيرة، ولو أمكنه المسح على البشرة مسح عليها، ولا بد من استيعابها بالمسح إلا ما يتعسر استيعابها به كالخلل التي تكون بين الخيوط ونحوها.

ويلاحظ في الاكتفاء بوضوء الجبيرة إضافة إلى ما تقدم من وجود ضرر أو حرج ومشقة في إيصال الماء إلى البشرة، تحقق الشروط التالية:

1- أن لا تكون الجبيرة أو العصابة نجسة بأن تكون طاهرة ولو ظاهرها ولا تضر نجاسة ما هو داخل الجبيرة.

2- أن لا تكون الجبيرة أو العصابة زائدة على الحد المتعارف سمكاً ومساحة وهو عادة أوسع من محل الإصابة بقدرٍ ما.

3- أن تكون مباحة فلا يجوز المسح على الجبيرة أو العصابة المغصوبة وإلا فوظيفته التيمم.

4- أن يكون العضو المتضرر بماء الوضوء من أعضاء الوضوء نفسه، فلو تضرر بماء الوضوء عضو من غيرها فلا يجوز له الاكتفاء بوضوء الجبيرة وتنتقل وظيفته إلى التيمم.

(مسألة 115) : إذا كانت الجبيرة نجسة فبالإمكان وضع مادة كقطعة قماش طاهرة عليها والمسح عليها وإلا تعين التيمم.

(مسألة 116) : الجروح والقروح المعصبة حكمها حكم الجبيرة المتقدم، وإن لم تكن معصّبة - أي كانت مكشوفة - وكانت في مواضع الغسل فإن أمكن غسلها مع سائر العضو وجب، وإن لم يمكن غسل ما حولها ومسح عليها - إن كانت طاهرة ولا يتضرر بهذا المقدار- وإلا فيضع قطعة قماش طاهرة عليها ويمسح عليها، وإذا كان غسل أطرافه بالمقدار المتعارف ضررياً أو كان نجساً ولا يمكن غسله فوظيفته التيمم.

(مسألة 117) اذا كانت الجبيرة زائدة عن الحد المتعارف فيجب تصغيرها إن أمكن، وإلا فوظيفته التيمم إن لم تكن الجبيرة في مواضع التيمم، وإلا فوظيفته الجمع بينه وبين وضوء الجبيرة.

وخلاصة احكام هذه الحالة وامثالها ان من كان تكليفه الوضوء الجبيري ولم يتمكن منه بشكل صحيح - لكون الجبيرة ازيد من المتعارف كما في هذه المسألة ونحوها- انتقلت وظيفته الى التيمم إن لم تكن الجبيرة في اعضاء التيمم، وإلا فوظيفته الجمع بين الوضوء والتيمم وبصورة عامة فإن ضم التيمم إلى الوضوء الجبيري على كل التقادير الواردة في المسائل المتقدمة واللاحقة شيء حسن وسبيل للنجاة بإذن الله تعالى.

 (مسألة 118) : إذا كان العضو المصاب بالجرح أو القرح مكشوفاً أي غير معصب وكان في مواضع المسح وكان مستوعباً لتمام الموضع، فإن تمكن من المسح عليه وجب وإن لم يتمكن أمّا لضرر أو لنجاسة فوظيفته التيمم.

(مسألة 119) : إذا كان العضو مصاباً بكسر - وليس بجرح أو قرح - وكان مكشوفاً، فإن كان غسل الموضع المصاب ضررياً فوظيفته التيمم وليست وظيفته غسل ما حول العضو كما في حالة الجرح والقرح، وإذا كان الكسر المكشوف في موضع المسح فإن أمكن المسح عليه توضأ اعتيادياً وإلا فوظيفته التيمم، ولذا يجب التفريق بين ما لو كان العضو المكشوف المتضرر فيه جرح أو قرح أو فيه كسر.

(مسألة 120) : إذا كان على العضو المصاب جبيرة ولم يكن بإمكانه حلها لأنّها محكمة الشد أو لها طريقة فنيّة لتركيبها ولا يتيسّر له حلها وشدها وبنفس الوقت لا يستطيع تسريب الماء إلى العضو مع وجودها فيجب المسح عليها، إذا لم يكن العضو المعصَّب من الأعضاء المشتركة بين الوضوء والتيمم وإلا يتيمم ويتوضأ معاً.

 (مسألة 121) : الجبيرة أو العصابة قد تكون في الأعضاء المختصة بالغسل وهي الوجه واليدان، وقد تكون في الأعضاء المختصة بالمسح وهي مقدم الرأس والقدمان، وقد تكون في الأعضاء المشتركة بين الغسل والمسح وهي الكف، ففي الحالة الأولى يكون المسح على الجبيرة بديلاً شرعاً عن غسل ما تخفيه من البشرة وهو العضو المغسول، وفي الحالة الثانية يكن بديلاً شرعاً عن المسح على ما تستره من البشرة وهو العضو الممسوح، شريطة أن لا يبقى منه مقدار مكشوف يكفي للمسح، والأحوط وجوباً ضم التيمم إليه أيضاً وإذا بقي منه مقدار يكفي للمسح مسح عليه.

وفي الحالة الثالثة يمسح على الجبيرة عند غسل العضو، ويمسح بها بعد ذلك بدلاً عن المسح بالبشرة إذا لم يبقَ منه مقدار مكشوف يكفي المسح به.

(مسألة 122) : اللطوخ المطلي بها العضو للتداوي يجري عليها حكم الجبيرة إذا كان لاصقاً تعسر إزالته أو أصبح معدوداً جزءاً من البشرة كالعاملين في الحي الصناعي والبناء، أمّا الحاجب اللاصق اتفاقاً كالقير وبعض الأصباغ فإن أمكن رفعه وجب، وإن لم يمكن فإن كان في غير مواضع التيمم وجب عليه التيمم وإلا جمع بين الوضوء عليه والتيمم.

(مسألة 123) : يختص الحكم المتقدم بالجبيرة الموضوعة في موارد الجرح أو القرح أو الكسر، وأمّا في غيرها كالعصابة التي يعصب بها العضو لألمٍ، أو ورم ونحو ذلك فلا يصح الاكتفاء بالوضوء الجبيري وإنّما يضم إليه التيمم.

(مسألة 124) : يجري حكم الجبيرة في الأغسال غير غسل الميت كما كان يجري في الوضوء وفق الصور التالية:

الأولى: إذا كانت الحالة حالة كسر وكان مكشوفاً، فحينئذٍ إن كان غسل العضو المصاب المكشوف ضررياً فوظيفته التيمم، وإن لم يكن ضررياً وجب عليه الغسل بالطريقة الاعتيادية.

الثانية: نفس الحالة السابقة وكان الكسر مجبوراً فوظيفته الاغتسال مع المسح على الجبيرة.

الثالثة: إذا كانت الحــــالة جرحـاً أو قرحــاً وكان مكشوفاً فعليه التيمم، والأحوط ضم الوضوء الجبيري إليه بغسل ما حوله ويمسح على الموضع أو يضع قطعة قماش طاهرة يمسح عليها.

الرابعة: كالحالة الثالثة وكان الجرح أو القرح معصباً فوظيفته الغسل مقتصراً على غسل ما ظهر مما ليس عليه الجبيرة، ولا يجب عليه نزعها وفكها إلا إذا توقف غسل الأطراف عليه كما إذا شغلت الجبيرة حجماً أكبر مما هو مألوف ومتعارف ولا يترك الاحتياط بالمسح على الجبيرة.

ونعيد التذكير بأن الأحوط في مثل حالات الجبائر المذكورة وغيرها الجمع بين الغسل بالكيفية السابقة والتيمم.

(مسألة 125) : الجبيرة على العضو الماسح بحكم البشرة، فيجب المسح ببلتها وإذا كان بعض الماسح مكشوفاً فيمسح به.

(مسألة 126) : الأرمد إن كان يضره استعمال الماء مطلقاً تيمم، ولا يجزيه غسل ما حول العين ويحسن ضمُّه إلى التيمم، نعم، إذا صدق عليه الجرح أو كانت العين مغطاة بالدواء فيجري عليها حكم الجبيرة.

(مسألة 127) : ذو الجبيرة إذا كان يأمل الشفاء خلال الوقت أو تقليل موانع الوضوء، لزم تأخيره، فإن حصل ذلك توضأ بحسب حاله، وإن لم يحصل توضأ الوضوء الاضطراري، وله أن يتوضأ ويصلي أول الوقت بقصد احتمال استمرار العذر، فإن لم يرتفع أجزأه وإلا وجبت الإعادة، وإن لم يكن يأمل الشفاء ولو بالاطمئنان أو الوثوق، ولا تقليل المانع، أجزأته المبادرة إلى الوضوء، فإن زال العذر بدون احتساب خلال الوقت وجبت عليه الإعادة.

(مسألة 128) : إذا كان في عضو واحد جبائر متعددة يجب الغسل أو المسح في فواصلها.

(مسألة 129) : إذا كان بعض الأطراف الصحيح تحت الجبيرة، فإن كان وجود الجبيرة بالمقدار المتعارف مسح عليها، وإن كان أزيد من المقدار المتعارف وجب رفع المقدار الزائد وغسل الموضع السليم تحته إذا كان مما يغسل، ومسحه إذا كان مما يمسح، وإن لم يتمكن من رفعه، أو كان فيه حرج أو ضرر على الموضع السليم نفسه وجب التيمم إذا لم تكن الجبيرة في مواضعه، وإلا جمع بينه وبين الوضوء وهو الأحوط في الحالة التي سبقته أيضاً.

(مسألة 130) : إذا أضر الماء بأطراف الجرح بالمقدار المتعارف يكفي المسح على الجبيرة التي عليها أو يريد وضعها عليها، وأمّا إذا كانت الأطراف المتضررة أزيد من المتعارف فالأظهر أنّه يتعين عليه التيمم إذا لم تكن الجبيرة في مواضعه، وإلا فالأحوط الجمع بينه وبين الوضوء.

(مسألة 131) : لا فرق في حكم الجبيرة بين أن يكون الجرح، أو نحوه حدث باختياره - على وجه العصيان أو غيره- وبين أن لا يكون كذلك.

(مسألة 132) : إذا كان ظاهر الجبيرة طاهراً لا يضره نجاسة باطنها، ما لم تكن النجاسة سارية إلى رطوبة الوضوء، فالمتعين عندئذٍ منع السريان ولو بلفها بخرقة أخرى طاهرة والمسح عليها.

(مسألة 133) : محل الفصد - هو موضع زرق الإبرة ونحوها في الوريد وغيره لسحب الدم أو الحجامة ونحوها- داخل في الجروح، فلو كان غسله مضراً يكفي المسح على قطعة القماش التي عليه، إن لم تكن أزيد من المتعارف، وإلا حلها وغسل المقدار الزائد ثم شدها، وأمّا إذا لم يمكن غسل المحل - لا من جهة الضرر بل لأمر آخر كعدم انقطاع الدم مثلاً- فلا بد من التيمم، ولا يجري عليه حكم الجبيرة.

(مسألة 134) : إذا كان ما على الجرح مغصوباً لم يجز المسح عليه، بل يجب رفعه وتبديله، وإن لم يمكن التبديل وجب تصحيح حالة الغصب وبراءة الذمة مقدمة للوضوء، وإن كان ظاهره مباحاً وباطنه مغصوباً مسح على الظاهر إلا  إذا عد ذلك تصرفاً في الباطن المغصوب فلا يجوز.

(مسألة 135) : لا يشترط في الجبيرة خلال الوضوء أن تكون مما تصح فيه الصلاة، فلو كانت حريراً أو ذهباً أو جزءاً مما لا يؤكل لحمه من الحيوان لم تضر بوضوئه، ولكن يجب تغييرها عند الصلاة مع الإمكان وإن لم يمكن كانت الصلاة مجزية فالذي يضرّ هو نجاسة ظاهرها أو غصبيته على ما مرَّ.

(مسألة 136) : إذا أمكن رفع الجبيرة وغسل المحل ولكن كان موجباً لفوات الوقت، عدل إلى التيمم.

(مسألة 137) : ما دام خوف الضرر باقياً بشكل معتدٍّ به جرى حكم الجبيرة، وإذا ظن البرء وزال الخوف وجب رفعها.

(مسألة 138) : الدواء الموضوع على الجرح ونحوه إذا اختلط مع الدم وصار كالشيء الواحد ولم يمكن رفعه بعد البرء بأن كان مستلزماً لجرح المحل وخروج الدم، فإن تحققت الاستحالة التي هي من المطهرات بحيث لا يصدق عليه الدم وصار كالجلد أمكن تطهيره والوضوء عليه كالبشرة العادية، وإن لم يستحل كان كالجبيرة النجسة، فإن أمكن غسل ما حوله وجب، وإلا وضع عليه خرقة طاهرة ومسح عليها، ولا يترك الاحتياط بضم التيمم.

(مسألة 139) : إذا كان العضو صحيحاً، لكنه كان نجساً ولم يمكن تطهيره لمرض كالورم أو لضيق الوقت أو لقلة الماء أو لأي سبب، لم يجرِ عليه حكم الجرح بل يتعين التيمم.

(مسألة 140) : لا يلزم تخفيف ما على الجرح من الجبيرة ما دامت على المقدار المتعارف له، كما لا يجوز وضع شيء آخر عليها مع طهارة الظاهر، إلا  أن يعد جزءاً منها عرفاً بعد الوضع.

(مسألة 141) : الوضوء مع الجبيرة رافع للحدث وكذلك الغسل معها.

(مسألة 142) : إذا اعتقد الضرر في غسل البشرة فعمل بالجبيرة، ثم تبين عدمه في الواقع، لم يصح الوضوء ولا الغسل، وإذا اعتقد عدم الضرر فغسل ثم تبين أنّه كان مضراً وأنّه كانت وظيفته الجبيرة، صح وضوؤه وغسله، إلا  إذا كان الضرر بحيث كان تحمله حراماً شرعاً، وكذلك يصحان لو اعتقد الضرر ولكنه ترك الجبيرة وتوضأ أو اغتسل ثم تبين عدم الضرر، ولكن الصحة في هذه الصورة تتوقف على تحقق الطاعة منه لله تبارك وتعالى وليس التمرد على الحكم الشرعي لان الوضوء من العبادات التي لا تصح إلا مع قصد القربة لله تبارك وتعالى. ولو تبين في مثل ذلك الضرر فالأقوى صحة وضوئه وغسله مع توفر قصد القربة وعدم صدق التهلكة، ولكن الأحوط استحباباً ضم التيمم على أي حال.

(مسألة 143) : في كل مورد يشك في أن وظيفته الوضوء الجبيري أو التيمم، ولم يكن هناك أصل معين للوظيفة كاستصحاب حالة الجرح، فالأحوط وجوباً الجمع بينهما، وهو الأحوط على كل حال.

 

#+

في شرائط الوضوء

وهي أمور:

منها: طهارة الماء وإطلاقه وإباحته وعدم استعماله في التطهير من الخبث. بل ولا من رفع الحدث الأكبر لاستعماله في الأغسال الواجبة بأصل الشرع إذا تمكّن من ماء آخر على الأحوط استحباباً كما تقدم في المسألة (37) .

(مسألة 144) : إذا وُجِد عند المكلَّف ماءان، أحدهما مطلق والآخر مضاف وكلاهما طاهر ولكنهما تشابها ولم يميز بينهما، فعليه أن يتوضأ بكليهما معاً حتى يحصل له العلم بصحة وضوئه، وأمّا إذا كان أحدهما نجساً والآخر طاهراً، أو أحدهما مباحاً والآخر مغصوباً، فوظيفته التيمم، ووجب الاجتناب عن كلا الماءين معاً، إلا إذا علم المكلف بنجاسة أحدهما المعلوم لديه بالخصوص أو بغصبية أحدهما كذلك، فعندئذٍ لا مانع من استعمال الآخر.

ومنها: طهارة المحل المغسول والممسوح ورفع الحاجب عنه.

ومنها: إباحة الفضاء الذي يقع فيه الغسل والمسح على الأحوط وجوباً. والأظهر عدم اعتبار إباحة الإناء الذي يتوضأ منه مع الانحصار به فضلاً عن عدمه، فإنّه وإن كانت وظيفته مع الانحصار التيمم، لكنه لو خالف وتوضأ بماء مباح في إناء مغصوب أثم وصح وضوؤه من دون فرق بين الاغتراف منه دفعة أو تدريجاً والصب منه، نعم، لا يصح الوضوء الارتماسي في الإناء المغصوب إذا صدق التصرف فيه، وأمّا حكم مصب الماء الذي يسقط عليه ماء الوضوء، فان كان غسل العضو بالماء مقدمة لوصوله اليه فهو كحكم الاناء فيصح الوضوء وإن أثم.

(مسألة 145) : يكفي طهارة كل عضو قبل غسله أو مسحه، ولا يجب أن تكون كل الأعضاء قبل الشروع طاهرة، في الوضوء فضلاً عن الغسل، وأمّا تطهيره بنفس الغسل الوضوئي فهو مشكل لا يترك معه الاحتياط بالترك، ولا يضر تنجيس عضو بعد تمام غسله أو مسحه وإن لم يتم الوضوء وإن كان الأحوط استحباباً خلافه.

(مسألة 146) : إذا توضأ في إناء الذهب أو الفضة صح وضوؤه من دون فرق بين صورة الانحصار وعدمه، ولو توضأ بالارتماس فيه فالصحة مشكلة.

ومنها: عدم المانع من استعمال الماء لمرض أو عطش يخاف منه على نفسه أو على نفس محترمة، بل على حيوان غير مضر مما له مالية عرفاً سواء كان له أو لغيره ممن تصان ملكيته، وإذا خالف وتوضأ في حالة الخوف على الغير صح وضوؤه مطلقاً، وإن كان الخوف على نفسه فإن كان الضرر خطيراً بدرجة يحرم على المكلف إيقاع نفسه فيه فإذا توضأ في هذه الحالة بطل وضوؤه، وإن كان الضرر دون هذه الدرجة فخالف وتوضأ صح وضوؤه.

(مسألة 147) : إذا توضأ في حال ضيق الوقت عن الوضوء، فإن قصد به المقدمية لهذه الصلاة التي ضاق وقتها رغم علمه بأنّ وظيفته التيمم لضيق الوقت بطل وضوؤه لعدم وجود النية المخلصة في طاعة الله تعالى، وإن كان جاهلاً بضيق الوقت أو قصد غاية أخرى كالكون على الطهارة أو استحباب الوضوء على كل حال صح حتى مع العلم بضيق الوقت.

(مسألة 148) : لا فرق في عدم صحة الوضوء بالماء المضاف أو المتنجس أو مع الحائل بين صورة العلم والعمد أو الجهل أو النسيان، وكذلك الحال إذا كان الماء مغصوباً، فإنّه يحكم ببطلان الوضوء حتى مع الجهل أو النسيان إن كان هو الغاصب حقيقة. وأمّا لو كان الغاصب غيره فالأقوى عدم صحة وضوئه عندئذٍ إلا  مع عدم نهي المالك. ولا يفرق في كل ذلك بين ما إذا كان المغصوب الماء أو الإناء أو المكان أو الفضاء أو المصب.

(مسألة 149) : بناءً على صحة وضوء غير الغاصب في المسألة  السابقة فإذا التفت غير الغاصب إلى الغصبية أثناء وضوئه صح ما مضى منه، ويجب تحصيل الماء المباح للباقي على وجه لا تفوت معه الموالاة. ولكن إذا التفت إلى الغصبية بعد الغسلات وقبل المسح أو خلال المسحات، فيجوز له المسح بما بقي من الرطوبة، وإن كان الأحوط استحباباً له إعادة الوضوء.

(مسألة 150) : اذا دخل المكان الغصبي غفلة أو نسياناً ثم التفت ولكنه توضا حال خروجه، بحيث لا ينافي الفورية، فالظاهر صحة وضوئه، وكذلك لو دخل عصياناً ثم تاب وتوضا حال الخروج.

(مسألة 151) : مع الشك في رضا المالك لا يجوز التصرف ويجري عليه حكم الغصب، فلا بد من تحصيل العلم العرفي برضا المالك أو إذنه ولو بالفحوى أو شاهد الحال.

(مسألة 152) : يجوز الوضوء والشرب والاغتسال من الأنهار الكبار المملوكة لأشخاص معينين، سواء كانت قنوات أو منشقة من نهر وإن لم يعلم رضا المالكين، بل وإن علم منعهم لأنّه ليس لأصحاب مثل هذه القنوات منع الآخرين من ذلك، وكذلك الحال في الأراضي المتسعة اتساعاً عظيماً فإنّه يجوز الوضوء والجلوس والصلاة والنوم ونحوها فيها، ولا يناط ذلك برضا مالكيها، نعم، في غيرها من الأراضي غير المحجبة كالبساتين التي لا سور لها ولا حجاب فيجب الاجتناب عن التصرف فيها بمثل ما ذُكر إن ظن كراهة المالك أو كان قاصراً.

(مسألة 153) : الحياض الواقعة في المساجد أو المدارس أو الحنفيات المستعملة فيها إذا لم يعلم كيفية وقفها واختصاصها بمن يصلي فيها أو على الطلاب الساكنين فيها أو عدم اختصاصها، فالأقرب جواز الوضوء ونحوه مما يعد مقدمة بسيطة للصلاة. أو ما كان بمقداره، نعم، لو كان التصرف أكثر كالغسل أو غسل الثياب لم يجُز إلا  مع جريان العادة به بحيث يكشف عن عموم الإذن.

(مسألة 154) : إذا علم أو احتمل أنّ الماء في حوض المسجد وقف على المصلين فيه لا يجوز الوضوء منه بقصد الصلاة في مكان آخر، ولو توضأ بقصد الصلاة فيه ثم بدا له أن يصلي في مكان آخر بطل وضوؤه لانكشاف عدم الإذن فيه، وكذلك إذا توضأ بقصد الصلاة في ذلك المسجد ولكنه لم يتمكن من ذلك أو توضأ منه غفلةً أو باعتقاد عدم الاشتراط.

ومنها: النية، وهي أن يقصد الوضوء بهذه الأفعال وليس التنظيف أو التبريد أو اللهو والعبث أو غيرها ولابد أن يكون الدافع للفعل هو ابتغاء وجه الله تعالى بأي نحو من الأنحاء كطلب الثواب أو دفع العقاب أو امتثال أوامره حباً له، ويعتبر في هذا الدافع أن يكون كافياً لتحريكه إلى الوضوء من دون أن ينضم إليه حافز آخر كالذي ذكرنا، وحينئذ لا باس أن تنقدح في نفسه رغبات أُخر إضافة إلى نيته المخلصة كالتنظيف وإزالة العرق وتخفيف الحر ونحوها.

(مسألة 155) : على الإنسان أن يهذب نفسه ويطهر قلبه من أية نيةٍ لغير الله تبارك وتعالى فإنّ كل شيء ما خلا الله باطل. و(إنّما الأعمال بالنيات)، و(لكل امرئ ما نوى)،  ومن الحماقة أن يقوم الإنسان بأفعال يستحق بها المقامات الرفيعة لكنه يضيعها بأن يقصد بعمله غير الله تبارك وتعالى فترمى هذه الأعمال في وجهه والعياذ بالله تعالى.

(مسألة 156) : يكفي في النية وجود القصد إلى الفعل في أعماق النفس بحيث لو سئل عما يفعل لأجاب بلا تردد أنّني أتوضأ، ولا يجب فيها قصد تفاصيلها كالوجوب والاستحباب أو كونه وضوءاً تجديدياً على وضوء سابق أو ابتدائياً رافعاً للحدث ولا أي شيء آخر، ويعتبر فيها استمرار القصد إلى نهاية الأفعال.

(مسألة 157) : لو اجتمعت أسباب متعددة للوضوء كفى وضوء واحد، ولو اجتمعت أسباب متعددة للغسل أجزأ غسل واحد بقصد الجميع، بل بقصد واحد منها ولو كان غير الجنابة، ولو قصد الغسل قربة من دون نية الجميع ولا واحد بعينه فالظاهر الصحة لأنه يرجع ذلك إلى نية الجميع إجمالاً.

(مسألة 158) : الظاهر كفاية الأغسال الواجبة عن المستحبة مع قصدها، وكفاية المستحبة عن الواجبة مع قصدها وكون المستحب وارداً بدليل معتبر كغسل الجمعة بشروطه. كما أنّ الظاهر كفاية الأغسال الواجبة والمستحبة المشار إليها عن الوضوء.

ومنها: مباشرة المتوضئ للغسل والمسح. فلو وضّأه غيره، على نحو لا يستند الفعل إليه، بطل إلا مع الاضطرار أو العجز كما لو لم يتمكن من إيصال يديه إلى رجليه فيوضئه غيره نيابة ولكن بأعضاء المتوضئ الذي يتولى النية كما ينوي الموضِّئ احتياطاً فإن لم يتمكن الموضّئ من أداء الفعل بأعضاء المتوضئ باشرها الموضّئ بيده، والأحوط ضم التيمم إليه.

ومنها: الموالاة، وهي التتابع في الغسل والمسح عرفاً بحيث تبدو أفعال الوضوء وكأنها عملية واحدة وقد ذكر الفقهاء (قدس الله أرواحهم)  معايير لذلك كعدم جفاف تمام السابق في الحال المتعارفة فلا يقدح الجفاف لأجل حرارة الهواء أو البدن الخارجة عن المتعارف وعلى العكس من ذلك فإنهم لم يعتدّوا ببقاء الرطوبة في مسترسل اللحية الخارج عن الوجه، بل أي شيء خارج عن حد أعضاء الوضوء من البدن أو الثياب، وكذلك ما كان غسله من باب المقدمة العلمية، والمهم ما ذكرناه من معنى التتابع فلو انقطع التتابع العرفي بطل وإن لم يحصل الجفاف.

ومنها: الترتيب بين الأعضاء بتقديم الوجه ثم اليد اليمنى ثم اليسرى ثم مسح الرأس ثم مسح الرجل اليمنى ثم اليسرى وقد تقدم امكان مسحهما سوية، ويجب الترتيب في أجزاء كل عضو ولو عكس الترتيب عمداً بطل، ولو كان سهواً أعاد على ما يحصل به الترتيب مع عدم فوات الموالاة وإلا استأنف أي أعاد العمل من جديد.

 

$+

في أحكام الخلل

 (مسألة 159) : من تيقن الحدث وشك في الطهارة تطهر، كما لو علم بأنه لم يكن على طهارة وشك في أنه هل توضأ ام لا ؟ وكذا لو ظن الطهارة ظناً غير معتبر شرعاً، وهو ما كان دون الوثوق، ولم يكن له سبب معتبر كالبينة، ولو تيقن الطهارة وشك في الحدث بنى على الطهارة، وإن ظن الحدث ظناً غير معتبر بالمعنى المشار إليه.

(مسألة 160) : من تيقن أنّه قد أحدث، وتيقن أيضاً أنّه قد توضأ ولكنه لا يدري هل الوضوء متأخر كي يبني على الطهارة، أم الحدث متأخر حتى يجدد الطهور فوظيفته الوضوء حتى وإن علم تاريخ الطهارة وجهل تاريخ الحدث فضلاً عن جهله بتاريخهما معاً.

(مسألة 161) : إذا شك في الطهارة بعد فراغه من الصلاة أو غيرها مما يعتبر فيه الطهارة، بنى على صحة العمل وتطهر لما يأتي مما تشترط فيه الطهارة شريطة احتمال أنّه كان ملتفتاً حين الدخول في الصلاة إلى شروطها، لذا لو علم بأنّ الشك في الوضوء كان لسبب سابق على هذه الصلاة، وأنّه قد غفل عنه حين دخوله في الصلاة، ولو التفت إليه قبل أن يدخل فيها لَشَكَّ فيه ولَمَا أقدم على الصلاة حتى يتوضأ، كما إذا أحدث ثم غفل ثم صلى ثم شك بعد الصلاة في التوضؤ حال الغفلة فعليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة في الوقت. واما اذا حصل الشك بعد انتهاء الوقت فلا يجب القضاء.

(مسألة 162) : إذا شك في الطهارة في أثناء الصلاة أو العمل الذي تعتبر فيه الطهارة، قطعها وتطهر واستأنف، إلا إذا كان بناؤه على الطهارة مجزياً كما لو كانت الحالة مورداً لجريان الاستصحاب.

(مسألة 163) : لو تيقن الإخلال بغسل عضو أو مسْحِهِ أتى به وبما بعده مراعياً للترتيب والموالاة وغيرهما من الشرائط. وكذا لو شك في فعل من أفعال الوضوء قبل الفراغ من الوضوء. أمّا لو شك بعد الفراغ منه لم يلتفت، ويحصل الفراغ على الأحوط وجوباً بالدخول بعمل آخر كالدخول في الصلاة ولا يبعد كفاية مثل غلق الحنفية أو مغادرة مكان الوضوء أو بفوات الموالاة. وكذا لو شك في الجزء الأخير. وان كان الشك قبل الدخول في عمل آخر لزمه الإتيان به.

(مسألة 164) : موارد الاعتناء بالشك تختص بغير الوسواسي، وأمّا الوسواسي فله أن لا يعتني بشكه مطلقاً، بل يجب عليه ذلك لأنّ الاعتناء به عبث بل حرج ومشقة، والمراد به من لا يكون لشكه منشأ عقلائي، والأحوط مع ذلك كون شكه متكرراً عرفاً.

(مسألة 165) : إذا كان مأموراً بالوضوء من جهة الشك فيه بعد الحدث، إذا نسي شكه وصلى فلا إشكال في بطلان صلاته ظاهراً، فتجب عليه مع الالتفات إلى شكه لاحقاً الإعادة إن تذكر في الوقت والقضاء إن تذكر بعده، ما لم يتذكر أنّه كان على وضوء خلال الصلاة، ولو اطمئناناً.

(مسألة 166) : إذا كان متوضئاً وتوضأ للتجديد وصلى، ثم تيقن بطلان أحد الوضوئين للإخلال به وليس لانتقاضه، ولم يعلم أيهما، لا إشكال في صحة صلاته، ولا تجب عليه إعادة الوضوء للصلوات الآتية أيضاً.

(مسألة 167) : إذا توضأ وضوئين وصلى بعدهما ثم علم بحدوث حدث بعد أحدهما يجب الوضوء للصلاة الآتية، وأمّا الصلاة فيبني على صحتها، وإذا كان قد صلى بعد كل وضوء صلاة أعاد الوضوء والصلاتين اذا كانت الصلاتان مختلفتين، وإذا كانت الصلاتان متشابهتين في الخصوصيات كعدد الركعات والجهر والإخفات أتى بواحدة بنية ما في الذمة، وقد تكفيه واحدة في غير هذه الحالة كما لو كانت الصلاتان أدائيتين ثم انتهى وقت إحداهما فعليه إعادة الأخرى فقط.

(مسألة 168) : إذا تيقن بعد الفراغ من الوضوء أنّه ترك جزءاً منه ولا يدري أنّه الجزء الواجب أو المستحب، فالظاهر الحكم بصحة وضوئه.

(مسألة 169) : إذا علم بعد الفراغ من الوضوء أنّه خالف في بعض أفعاله كالمسح على العصابة التي تلف يده بدلاً من الغسل، أو مسح على موضع الغسل أو غسل موضع المسح، ولكن شك في أنّه هناك مسوغ لذلك من جبيرة أو ضرورة أو تقية أو لا، فليس عليه إعادة الوضوء، إذا كان ملتفتاً للحالة ولحكمها الشرعي حين الوضوء.

(مسألة 170) : إذا تيقن أنّه دخل في الوضوء وأتى ببعض أفعاله ولكن شك أنّه أتمّه على الوجه الصحيح أم لا، بأن عدل عنه اختياراً أو اضطراراً كما لو عرضت له حاجة فترك وضوءه ولم يكمله فعليه إعادة الوضوء.

(مسألة 171) : إذا شك بعد الوضوء في وجود الحاجب أو شك في حاجبيته كالخاتم أو علم بوجوده ولكن شك بعده في أنّه أزاله أو أنّه أوصل الماء تحته بنى على الصحة، مع احتمال الالتفات حال الوضوء الى ذلك كله. وكذا إذا علم بوجود الحاجب، وشك في أنّه توضأ قبل حدوثه أو بعده بنى على الصحة.

(مسألة 172) : إذا كانت أعضاء وضوئه أو بعضها متنجسة، فتوضأ وشك - بعده - أنّه طهرها أم لا، بنى على بقاء النجاسة فيجب غسلها لما يأتي من الأعمال. وأمّا الوضوء فمحكوم بالصحة، بشرط وجود احتمال أنّه كان ملتفتاً إلى النجاسة ومانعيتها حينما توضأ، وكذلك لو كان الماء الذي توضأ منه نجساً ثم شك بعد الوضوء في أنّه طهّره قبله أم لا، فإنّه يحكم بصحة وضوئه وبقاء الماء نجساً، فيجب عليه تطهير ما لاقاه من ثوبه وبدنه. ويستحب الاحتياط بإعادة الوضوء في الحالتين.

 

%+

في نواقض الوضوء

 إذا توضأ الإنسان فإنّه يبقى في حالة طهور ما لم يطرأ عليه أحد النواقض الآتية فتجب عليه إعادته من جديد لكل فعل مشروط بالطهارة كالصلاة، ويستحب أن يكون الإنسان على طهور باستمرار فقد ورد أنّ مثله إذا مات كان شهيداً.

وحالة انتقاض الوضوء تسمى (الحدث الأصغر)، وهي تحصل بأمور:

الأول والثاني: خروج البول والغائط سواء كان من الموضع المعتاد أو من فتحة مصطنعة لخروجه ما دام يصدق عليه أحد الاسمين المذكورين، ولو أخرجت مكونات البول من الجسم بآلة من دون صدق الاسم فلا يعتبر حدثاً، ويلحق بالبول حكماً - أي اعتباره ناقضاً للوضوء- البلل المشتبه الخارج بعد التبول وقبل الاستبراء.

الثالث: خروج الريح من الدبر أو من فتحة مصطنعة ما دام يصدق عليه الاسم، ولا عبرة بما يخرج من فتحة القبل بالنسبة للأنثى ولو تكرر.

الرابع: النوم الغالب على الوعي من غير فرق بين أن يكون قائماً أو قاعداً أو مضطجعاً، ومع الشك يعرف بغلبته على السمع لأنَّ العين قد تثقل بالنعاس وتنغلق قهراً لكن الشخص يبقى واعياً ويسمع ما يدور حوله فلا ينتقض الوضوء.

(مسألة 173) : يلحق بالنوم حكماً كل ما غلب على الوعي كالجنون والإغماء والسكر والتخدير ونحوها.

الخامس: الاستحاضة على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى.

(مسألة 174) : إذا شك في طروِّ أحد النواقض بنى على العدم. وكذا إذا شك في أن الخارج بول أو ودي، فإنّه يبني على عدم كونه بولاً إلا إذا كان بال وخرج قبل الاستبراء منه، فيحكم بأنّه بول من حيث الطهارتين الخبثية والحدثية(1). والاولى توجب غسل الموضع ومالاقاه، والثانية توجب الوضوء.

(مسألة 175) : إذا خرج الماء الذي حقن به الإنسان من فتحة الدبر ولم يكن معه شيء من الغائط لم ينتقض الوضوء، وكذا لو شك في خروج شيء من الغائط معه، وكذا إذا خرج مما لا يصدق عليه عنوان الغائط كالنوى بدون غائط وكذا لو شك في خروجه معها.

(مسألة 176) : لا ينتقض الوضوء بخروج المذي أو الودي أو الوذي وهي سوائل يفرزها العضو الذكري لمنافع فسلجية، والأول ما يخرج عند الملاعبة والثاني ما يخرج بعد خروج البول والثالث ما يخرج بعد خروج المني، وعدم كونها ناقضة للغسل أوضح وأولى.

 

 ^+

في دائم الحدث

 من استمر به الحدث في الجملة كالمبطون والمسلوس ودائم الريح ودائم النوم، له أحوال أربعة:

الأول: أن تكون له فترة تسع الوضوء والصلاة الاختيارية ولو بالاقتصار على الأجزاء الواجبة فقط، وحكمه وجوب انتظار تلك الفترة حتى لو كانت في آخر الوقت والوضوء والصلاة فيها، نعم، إذا كانت الفترة في أول الوقت أو في أثنائه ولم يصلِّ حتى مضى زمان الفترة فإنّه يأثم ويأتي بتكليفه في الوقت المتبقي في ضوء الحالة التي تنطبق عليه.

الثاني: أن لا تكون له فترة أصلاً، أو تكون له فترة يسيرة لا تسع الطهارة وبعض الصلاة ولو ركعة واحدة، وحكمه الوضوء والصلاة وفعل كل ما هو مشروط بالطهارة وليس عليه تجديد الوضوء لصلاة أخرى ما دام على حاله تلك، إلا  أن يحدث حدثاً آخر غير مستمر لديه، فيجدد الوضوء له.

الثالث: أن تكون له فترة تسع الطهارة وبعض الصلاة ولا يكون عليه في تجديد الوضوء في الأثناء مرة أو مرات حرج مع حفظ الموالاة المعتبرة بين أجزاء الصلاة. وحكمه الوضوء والصلاة في الفترة. ولا يجب عليه إعادة الوضوء إذا فاجأه الحدث خلال الصلاة وبعدها إذا كانت الصلاتان مقرونتين عرفاً. وإن كان الأحوط استحباباً إذا أحدث بعد الصلاة أن يتوضأ للصلاة الأخرى.

الرابع: كالثالث، لكن يكون تجديد الوضوء في الأثناء حرجياً عليه. وحكمه الاجتزاء بالوضوء الواحد، ما لم يحدث حدثاً آخر. والأحوط استحباباً أن يتوضأ لكل صلاة مع تجدد الحدث.

(مسألة 177) : كل ما جاز للمسلوس والمبطون ونحوهما أن يصلي بوضوئه جاز له أن يمارس كل ما هو مشروط بالطهارة، كمس كتابة المصـــــحف الشـــريف وغيره ما دام في أجواء الأعمال المرتبطة بالطهارة ولا تترتب عليه أحكام المحدث إلى أن يغادرها أو ينقض وضوءه بحدث آخر مختلف من نوم أو غيره.

(مسألة 178) : حكم صلاة الاحتياط والأجزاء المنسية وسجود السهو يلحق بحكم الصلاة المذكور.

(مسألة 179) : يجب على المسلوس والمبطون التحفظ من تعدي النجاسة إلى بدنه وثوبه مهما أمكن بوضع كيس أو نحوه، ولا يجب تغييره لكل صلاة، وإن وجب احتياطاً تطهير ما تنجس من بدنه لكل صلاة مع التمكن منه كما في بعض الحالات المتقدمة.

 

&+

في بعض أحكام الوضوء

 لا يجب الوضوء لنفسه وإنّما يجب لغيره فتتوقف صحة الصلاة عليه واجبة كانت أو مستحبة، وكذا أجزاؤها المنسية بل سجود السهو على الأحوط، ومثل الصلاة الطواف الواجب وهو ما كان جزءاً من حجة أو عمرة واجبة أو مستحبة، ولا يجب الوضوء للطواف المندوب الذي ليس جزءاً من حجة أو عمرة واجبة أو مندوبة، نعم، يستحب له بل هو أحوط، وهو شرط في صحة صلاة الطواف أياً كان.

(مسألة 180) : لا يجوز للمحدث مسّ كتابة القرآن الكريم، حتى المد والتشديد على الأحوط، دون علامات التجويد، ودون الآيات المكتوبة في غير المصحف كالشواهد في كتب النحو، ودون ورق المصحف وغلافه فان مسَّها مكروه.

والأحوط اجتناب لفظ الجلالة وغيره من الأسماء الحسنى الواردة في غير المصحف ولا بأس بمسها إذا كانت جزءاً من أسماء مركبة للأشخاص، ونفس الحكم يجري على أسماء المعصومين (عليهم السلام).

(مسألة 181) : الوضوء مستحب في نفسه لأجل الكون على الطهارة وهذا مبرر كاف للإتيان به، ولا حاجة إلى تعلق واجب به كدخول وقت الصلاة للإتيان به، وحينئذٍ تحل له كل الغايات الأخرى.

(مسألة 182) : لا فرق في جريان الحكم المذكور للمصحف بين الكتابة بالعربية وغيرها ما دام لفظ القرآن موجوداً، كما لا فرق في الكتابة بين الحبر والحفر والتطريز والكاشي وغيرها، كما لا فرق في العضو الماس بين ما تحله الحياة وغيره كالشعر على الأحوط استحباباً.

(مسألة 183) : يجب الوضوء إذا وجبت إحدى الغايات المذكورة آنفاً ويستحب إذا استحبت، وقد يجب بالنذر وشبهه، ويستحب للطواف المندوب، ولسائر أفعال الحج، ولطلب الحاجة، ولصلاة الجنائز، وتلاوة القرآن، وقراءة الأدعية، وزيارة المعصومين (عليهم السلام)، وللكون على الطهارة، ولغير ذلك.

(مسألة 184) : إذا دخل وقت الفريضة جاز الإتيان بالوضوء بقصد فعل الفريضة ويمكن أن يقصد الوجوب، كما يجوز الإتيان به بقصد الكون على الطهارة أو أية غاية أخرى، أمّا قبل الوقت فلا تجوز نية الوجوب للصلاة، نعم، تجوز نية التهيؤ لها استحباباً.

(مسألة 185) : سنن الوضوء على ما ذكره العلماء (رضي الله عنهم): وضع الإناء الذي يغترف منه على اليمين، والتسمية عند البدء، والدعاء بالمأثور، وغسل اليدين من الزندين قبل إدخالهما الإناء الذي يغترف منه لحدث النوم أو البول مرة وللغائط مرتين، والمضمضة وهي إجالة الماء في الفم، والاستنشاق وهو سحب الماء في الأنف، وتثليثهما (أي فعلها ثلاث مرات)، والدعاء بالمأثور عندهما وعند غسل الوجه واليدين، ومسح الرأس والرجلين، وتثنية الغسلات.

والأحوط استحباباً عدم التثنية في اليسرى احتياطاً للمسح بها، وكذلك اليمنى إذا أراد المسح بها من دون أن يستعملها في غسل اليسرى، وكذلك الوجه لأخذ البلل منه للمسح عند جفاف بلل اليد. ويلحق بكل ذلك صب الماء على العضو بعد الاطمئنان من استيعاب غسله، ويستحب أن يبدأ الرجل بظاهر ذراعيه في الغسلة الأولى والثانية، والمرأة تبدأ بالباطن فيهما، ويكره الاستعانة بالغير في المقدمات القريبة.



(1) فاذا كان متوضئاً انتقض وضوؤه.

شارك الاستفتاء

المبحث الرابع : الغسل

 الغسل منه واجب وهو على قسمين:

الأول: واجب لنفسه، كغسل الأموات وما يجب بعارض كالنذر، فإنّ وجوبه ليس من أجل شيء آخر.

الثاني: واجب لغيره، وهو ما وجب من أجل القيام بواجب آخر كالصلاة، ويشمل غسل الجنابة والحيض والاستحاضة والنفاس ومس الميت.

ومنه مستحب، وهي كثيرة مرتبطة ببعض الأزمنة كغسل الجمعة، أو ببعض الأمكنة كدخول الحرم، أو ببعض الأفعال كالتوبة، وتأتي تفاصيلها بإذن الله تعالى.

 

المقصد الأول

غسل الجنابة

وفيه فصول:

!+

في موجبات غسل الجنابة

سبب الجنابة أمران:

الأول: خروج المني من الموضع المعتاد، وهو القُبُل، فإنّه موجب للغسل شرعاً، سواء كان بالاختيار أم كان بغير الاختيار، في حال اليقظة أم في النوم، قليلاً كان أم كثيراً، بالجماع أو بغيره، مع لذة ودفق أو بدونهما مع العلم به وبخروجه، فإذا علم الإنسان أنّه منيّ لحقه حكمه، سواء كان واجداً للصفات أم كان بصفة أخرى، وقد يخرج من غير القبل والموضع المعتاد، أو يخرج بلون أصفر وقد لا يخرج بدفق لمرض أو سبب آخر فيترتب عليه حكم المني المعتاد، شريطة أن يعلم ويتيقن بأنّه منيّ.

وأمّا المرأة فلا يحكم عليها بالجنابة بخروج بعض السوائل المهبلية أثناء الملاعبة وغيرها حتى وإن كانت كثيرة وبشهوة وإنّما يجب عليها الغسل إذا بلغت ذروة الشهوة والتهيج الجنسي التي يعقبها فتور وارتخاء بالجسد وهي حالة قليلة الحدوث عند النساء والأحوط عدم الاكتفاء به إن كانت محدثة بالأصغر فتضم إليه الوضوء.

(مسألة 186) : إن عُرف المنيّ بمادته أو بأي وجه آخر، فلا إشكال، وان لم يعرف فالشهوة والدفق وفتور الجسد أمارة عليه. ومع انتفاء أحدها في الصحيح لا يحكم بكونه منيّاً، والمريض يرجع إلى الشهوة والفتور، وإذا شك في حصول أحد هذه الصفات يبني على عدمه، وكذلك إن حدثت بشكل ضعيف غير معتد به عرفاً.

(مسألة 187) : من وجد على بدنه أو ثوبه منيّاً وعلم أنّه منه بجنابة لم يغتسل منها وجب عليه الغسل، ويعيد كل صلاة - سواء كانت في الوقت أم خارجه- لا يحتمل سبقها على الجنابة المذكورة، دون ما يحتمل سبقها عليها وإن علم تاريخ الجنابة وجهل تاريخ الصلاة، وإن كانت الإعادة لها أحوط استحباباً، وإن لم يعلم أنّه منه لم يجب عليه شيء.

(مسألة 188) : إذا دار أمر الجنابة بين شخصين، يعلم كلٌ منهما أنّه أمّا أن يكون هو المجنب أو صاحبه، كما إذا استعمل اثنان لباساً واحداً على التعاقب والتناوب، ووجد فيه منيّ يعلم أنّه من أحدهما جزماً، فلا يجب الغسل على أي منهما للقيام بتكاليفه الخاصة غير المرتبطة بغيره لعدم العلم بجنابته خاصة، نعم، قد يجب عليه الغسل إذا انسدّ باب الاحتمال لعدم الوجوب، كما لو أراد أحدهما أن يأتمّ بالآخر بالصلاة جماعة، أو يستأجره لحمله إلى المسجد فإنّه أمّا هو المجنب فعليه الغسل أو الآخر هو المجنب فكيف يأتم به ؟ وحينئذ فيجب عليه الغسل ويضم إليه الوضوء. ولا يجوز لثالث أن يأتم بأحدهما حتى يغتسل.

(مسألة 189) : البلل المشكوك الخارج بعد خروج المني وقبل الاستبراء بالبول بحكم المني ظاهراً.

الثاني: الجماع ولو لم ينزل المنيّ، ويتحقق بدخول الحشفة كلها في قبل المرأة، إذا كانت الحشفة سليمة، وإن كانت مقطوعة فمقدارها من قضيب الذكر، ولو لم يتحقق هذا المقدار فوجوب الغسل احتياطي لذا يضم إليه الوضوء إن كان محدثاً بالأصغر، وكذا يحتاط الواطئ والموطوء إذا حصل الإدخال في دبر المرأة أو الذكر أو البهيمة بغض النظر عن حرمة الفعل الشنيع القبيح.

(مسألة 190) : إذا تحقق الجماع تحققت الجنابة للفاعل والمفعول به، من غير فرق بين الصغير والكبير، والعاقل والمجنون، والقاصد وغيره، بل الظاهر ثبوت الجنابة احتياطاً للحي إذا أدخل في الميت بغض النظر عن حرمة الفعل.

(مسألة 191) : إذا خرج المني بصورة الدم وجب الغسل بعد العلم بكونه منيّاً.

(مسألة 192) : إذا تحرك المنيّ عن محلّه بالاحتلام أو غيره، ولم يخرج إلى الخارج لم يجب الغسل.

(مسألة 193) : يجوز للشخص إجناب نفسه بمقاربة زوجته ولو لم يقدر على الغسل ولو بعد دخول الوقت، نعم، إذا لم يتمكن من التيمم لا يجوز ذلك على الأحوط. وأمّا في الوضوء فلا يجوز لمن كان متوضئاً ولم يتمكن من الوضوء لو أحدث أن يبطل وضوءه إذا كان بعد دخول الوقت.

(مسألة 194) : إذا شك في أنّه هل حصل الدخول أم لا لم يجب الغسل، وكذا لا يجب لو شك في أن المدخول فيه فرج أو دبر فيجب الغسل أو غيرهما فلا يجب الغسل.

(مسألة 195) : الوطء في دبر الخنثى موجب للجنابة على الأحوط. فيجب الجمع بين الغسل والوضوء إذا كان الواطئ أو الموطوء محدثاً بالأصغر، دون قبلها. إلا مع الإنزال فيجب عليه الغسل دونها إلا أن تنزل هي أيضاً على الأحوط استحباباً وتضم إليه الوضوء، ولو أدخلت الخنثى في الرجل أو الأنثى مع عدم الإنزال لا يجب الغسل على الواطئ ولا على الموطوء، غير أن إيجاد مثل ذلك محرم شرعاً لمنع الخنثى المشكل عن الزواج من أي من الجنسين على الأحوط.

(مسألة 196) : كل مورد يجب فيه الغسل احتياطاً فلا بد من ضمّ الوضوء إليه فيما لو كان محدثاً بالأصغر.

 

 

@+

فيما يتوقف صحته أو جوازه على غسل الجنابة

 وهوأمور:

الأول: الصلاة مطلقاً. (عدا صلاة الجنائز)، وكذا أجزاؤها المنسية. بل سجود السهو على الأحوط وجوباً.

الثاني: الطواف الواجب بالإحرام مطلقاً، كما تقدم في الوضوء.

الثالث: الصوم بمعنى أنّه لو تعمد البقاء على الجنابة حتى طلع الفجر، بطل صومه، وكذا صوم ناسي الغسل على تفصيل يأتي في محله إن شاء الله تعالى.

الرابع: مس كتابة المصحف الشريف، ولفظ الجلالة على تفصيل مر في المسألة (180).

الخامس: اللبث في المساجد، بل مطلق الدخول فيها وإن كان لوضع شيء فيها، بل لا يجوز وضع شيء فيها حال الاجتياز ولا من خارجها، كما لا يجوز الدخول فيها لأخذ شيء منها، ولكن يجوز الاجتياز فيها بالدخول من باب والخروج من آخر إلا المسجدين الشريفين في مكة والمدينة المنورة والأحوط وجوباً إلحاق المشاهد المشرفة وأروقتها دون الصحن الشريف بالمساجد في الأحكام المذكورة.

السادس: قراءة آية السجدة من سور العزائم، وهي حم السجدة (فصلت) وألم السجدة (سورة السجدة) والنجم والعلق، والأحوط بل الأقوى إلحاق تمام السورة بها حتى بعض البسملة المقصودة منها.

(مسألة 197) : لا فرق في حرمة دخول الجنب في المساجد بين المعمور منها والخراب، وإن لم يصلِّ فيه أحد، بشرط بقاء عنوان المسجدية عرفاً حتى وإن قيل عنه (مسجد خراب)، وأمّا مع زوال العنوان فلا تترتب عليه آثار المسجدية، بلا فرق في ذلك كله بين المساجد في الأراضي المفتوحة عنوة وغيرها.

(مسألة 198) : ما يشك في كونه جزءاً من المسجد، من صحنه وحجراته ومنارته وحيطانه ونحو ذلك لا تجري عليه أحكام المسجدية، إلا  إذا كانت هناك سيرة للمسلمين من أهل البلد أو أي دليل أو بيّنة على ترتيب أحكام المسجد عليه.

(مسألة 199) : لا يجوز أن يُستأجر الجنب لكنس المسجد وأي عمل في حال الجنابة مما يتنافى مع ما ذكرناه في النقطة الخامسة، بل الإجارة فاسدة، ولا يستحق الأجرة المسماة مع إنجازه العمل، وإن كان يستحق أجرة المثل، وأمّا الصبي والمجنون فلا ينبغي الإشكال في الجواز.

(مسألة 200) : إذا عُلم إجمالاً بجنابة أحد الشخصين لا يجوز استئجارهما ولا أحدهما لقراءة العزائم أو دخول المساجد أو نحو ذلك مما يحرم على الجنب، سواء علم الأجير بجنابته أم لا، على إشكال سبق.

(مسألة 201) : مع الشك في الجنابة لا يحرم شيء من المحرمات المذكورة، إلا  إذا كانت الحالة السابقة هي الجنابة.

 

#+

في المكروهات حال الجنابة

ذكروا أنّه يكره للجنب الأكل والشرب إلا بعد الوضوء أو المضمضة والاستنشاق، ويكره قراءة ما زاد على سبع آيات من غير العزائم، بل الأحوط استحباباً عدم قراءة شيء من القرآن ما دام جنباً، ولا يعني هذا ترك قراءة القرآن مدة طويلة بل المبادرة إلى الغسل لكيلا يحرم بركة تلاوة القرآن، ويكره النوم جنباً إلا أن يتوضأ أو يتيمم بدل الغسل، وتقدم ذكر مكروهات اخرى في المسألة (180).

 

$+

في واجبات الغسل

فمنها: النية، ولا بد فيها من الاستدامة إلى آخر الغسل، كما تقدم تفصيل ذلك كله في الوضوء.

ومنها: غسل ظاهر البشرة على وجه يتحقق به مسماه، فلا بد من رفع الحاجب وتخليل ما لا يصل الماء معه إلى البشرة إلا بالتخليل، ويجب غسل الشعر إلا ما كان طوله خارجاً عن المتعارف في الرأس كالنساء أو في اللحية كطويلها. ولا يجب غسل الباطن والأحوط استحباباً غسل ما يُشَك في أنّه من الباطن أو الظاهر، إلا  إذا علم سابقاً أنّه من الظاهر وشك في تبدله إلى الباطن فيجب غسله.

ومنها: الإتيان بالغسل على إحدى كيفيتين:

الأولى: الترتيب بأن يغسل أولاً تمام الرأس، ومنه العنق ثم بقية البدن. والأحوط وجوباً أن يغسل تمام النصف الأيمن، ثم تمام النصف الأيسر. ولا بد في غسل كل عضو من إدخال شيء من الآخر نظير باب المقدمة. ولا ترتيب هنا بين أجزاء كل عضو، وإن كان هو الأحوط استحباباً، بل الأولى عدم العكس وعدم غسل الأسفل قبل الأعلى بشكل معتد به. كما أنّه لا كيفية مخصوصة للغسل هنا. بل يكفي المسمى كيف كان. فيجزيء رمس الرأس بالماء أوّلاً، ثم الجانب الأيمن ثم الجانب الأيسر. كما يكفي رمس البعض والصب على الآخر. ولا يكفي تحريك العضو المرموس على الأحوط.

الثانية: الارتماس، وهو تغطية البدن في الماء تغطية واحدة بنحو يحصل غسل تمام البدن فيها مع النية. فيخلل شعره فيها إن احتاج إلى ذلك ويرفع قدمه عن الأرض إن كانت موضوعة عليها. والأحوط أن يحصل كل ذلك في زمان واحد عرفاً. والأحوط أن يخرج الفرد ببدنه كله من الماء ثم يدخل فيه بنية الغسل حتى يتم دخول الجسم كله. ويجب أن يكون غسل الجنابة الارتماسي بعد طهارة البدن.

ومنها: إطلاق الماء وطهارته وإباحته والمباشرة اختياراً فلا يجوز لغيره أن يباشر تغسيله بدلاً عنه. وعدم المانع عن استعمال الماء من مرض ونحوه. وطهارة العضو المغسول قبل ورود الماء عليه. وهذا الشرط ثابت حتى في الغسل الارتماسي في الماء المعتصم، إذ لا يجوز له - على الأحوط- أن يجعل طهارته عن الحدث والخبث بارتماس واحد. وقد تقدم حكم الجبيرة والحائل وغيرهما من أفراد الضرورة، وحكم النسيان والشك وارتفاع السبب المسوغ للوضوء الناقص في الأثناء وبعد الفراغ. فإن الغسل كالوضوء في جميع ذلك، نعم، يفترق عنه في جواز المضي مع الشك بعد التجاوز وإن كان في الأثناء، وفي عدم اعتبار الموالاة في الترتيبي بين الأعضاء الثلاثة. والأحوط وجوباً الموالاة في العضو الواحد.

(مسألة 202) : الغسل الترتيبي أفضل وأحوط من الغسل الارتماسي.

(مسألة 203) : يجوز العدول من الترتيبي إلى الارتماسي أو بالعكس، بإبطال ما في يده والبدء بالآخر.

(مسألة 204) : يجوز الارتماس فيما دون الكر، ما دام مستوعباً للجسم. ولا يجري عليه حكم الماء المستعمل لذلك الغسل، بل للذي بعده.

(مسألة 205) : إذا اغتسل باعتقاد سعة الوقت فتبين ضيقه بعد الانتهاء فغسله صحيح.

(مسألة 206) : ماء غسل المرأة من الجنابة أو الحيض أو نحوهما على زوجها، لأنّه من النفقة الواجبة على الأقوى.

(مسألة 207) : إذا خرج من بيته بقصد الغسل في الحمام فجاء إلى الحمام واغتسل ولم يستحضر النية تفصيلاً كفى ذلك في نية الغسل إذا كان بحيث لو سئل ماذا تفعل لأجاب بأنّه يغتسل أمّا لو كان يتحير بالجواب بطل لانتفاء النية.

(مسألة 208) : إذا كان قاصداً عدم إعطاء العوض الحمامي أو كان بناؤه على إعطاء الأموال المحرمة أو على تأجيل العوض مع عدم إحراز رضا الحمامي بطل غسله وإن استرضاه بعد ذلك.

(مسألة 209) : إذا ذهب إلى الحمام ليغتسل وبعد الخروج شك بأنّه اغتسل أم لا بنى على العدم. ولو علم أنّه اغتسل لكن شك بأنّه اغتسل على الوجه الصحيح أم لا بنى على الصحة.

(مسألة 210) : إذا كان ماء الحمام مباحاً لكن سُخّن بالحطب المغصوب فإنّه لا مانع من الغسل به.

(مسألة 211) : لا يجوز الغسل في حوض المدرسة لأهلها وغيرهم إلا إذا علم بعموم الوقفية أو إباحة المتولي.

(مسألة 212) : الماء الذي يسبلونه للشرب في الأماكن العامة لا يجوز الوضوء ولا الغسل منه إلا مع العلم بعموم الإذن.

(مسألة 213) : لبس المئزر الغصبي حال الغسل وإن كان محرماً لكن لا يوجب بطلان الغسل سواء الارتماسي أو الترتيبي.


 

 %+

في أحكام غسل الجنابة ومستحباته

ذكر العلماء (رضي الله عنهم) أنّه يستحب غسل اليدين أمام الغسل من المرفقين ثلاثاً ثم المضمضة ثلاثاً ثم الاستنشاق ثلاثاً وإمرار اليد على ما تناله من الجسد خصوصاً في الترتيبي. بل ينبغي التأكد من ذلك ومن تخليل ما يحتاج إلى التخليل ونزع الخاتم ونحوه والاستبراء بالبول قبل الغسل والاستبراء من البول بالخرطات.

(مسألة 214) : الاستبراء بالبول ليس شرطاً في صحة الغسل لكن إذا تركه واغتسل ثم خرج منه بلل مشتبه بالمنيّ جرى عليه حكم المنيّ ظاهراً فيجب الغسل له كالمنيّ سواء استبرأ بالخرطات لتعذر البول أم لا، إلا إذا علم بذلك أو بغيره عدم بقاء شيء من المنيّ في المجرى.

(مسألة 215) : إذا بال بعد الغسل ولم يكن قد بال قبله لم تجب إعادة الغسل وإن احتمل خروج شيء من المنيّ مع البول إلا  أن يخرج منه بلل يشك أنّه منيّ فيطبق عليه أحكام المسألة  السابقة.

(مسألة 216) : إذا دار أمر المشتبه بين البول والمنيّ وكانا قد خرجا منه ولم يعلم المتأخر منهما، فإن كان متطهراً من الحدثين وجب عليه الغسل والوضوء معاً بنية الرجاء، وإن كان محدثاً بالأصغر وجب عليه الوضوء فقط، وإن كان الأحوط له وجوباً أن يغتسل.

(مسألة 217) : يجزي غسل الجنابة عن الوضوء لكل ما اشترط به وكذلك كل غسل واجب عدا غسل المستحاضة بالاستحاضة الوسطى فإنّه لا يجزي، وكذا يجزي عن الوضوء كل غسل مستحب ثبت بدليل معتبر كغسل الجمعة. وأمّا ما لم يثبت بدليل معتبر أو شك في موضوعه أو كان الإتيان به على وجه الاحتياط فالأحوط وجوباً ضم الوضوء إليه ولو بنية استحبابه النفسي.

(مسألة 218) : إذا خرجت رطوبة مشتبهة بعد الغسل وشك أنّه استبرأ بالبول أو لا بنى على عدمه فيجب عليه الغسل.

(مسألة 219) : لا فرق في جريان حكم الرطوبة المشتبهة بين أن يكون الاشتباه بعد الفحص وأن يكون لعدم إمكان الاختبار من العمى أو الظلمة أو غيرهما.

(مسألة 220) : لو أحدث بالأصغر في أثناء الغسل أتمّه وتوضأ، وله أن يقطعه ويبدأ بالغسل من جديد ويكون مجزياً عن الوضوء، والأحوط استحباباً الإتمام والاستئناف والوضوء.

(مسألة 221) : حكم سائر الأغسال حكم غسل الجنابة في عدم بطلانها بالحدث الأصغر في أثنائها، بل يتمها ويتوضأ.

(مسألة 222) : إذا أحدث بالأكبر في أثناء الغسل، فإن كان مماثلاً للحدث السابق كالجنابة في أثناء غسلها أو المس في أثناء غسله فلا إشكال في وجوب الاستئناف، وإن كان مخالفاً له -كما لو مسّ الميت في اثناء غسل الجنابة- فالأقوى عدم بطلانه فيتمّه ويأتي بالآخر، ويجوز الاستئناف من جديد بغسل واحد لهما أو بقصد ما في الذمة، ويجزي عن الوضوء.

(مسألة 223) : إذا شك في غسل الرأس والرقبة قبل الدخول في غسل البدن رجع وأتى به. وإن كان بعد الدخول فيه لم يعتنِ ويبني على الإتيان به على الأقوى. وأمّا إذا شك في غسل الطرف الأيمن فالأحوط الاعتناء به حتى مع الدخول في غسل الطرف الأيسر.

(مسألة 224) : إذا انتهى من غسل أحد الأعضاء ثم شك في صحته وفساده، فالظاهر أنّه لا يعتني بالشك سواء كان الشك بعد دخوله في غسل العضو الآخر أم كان قبله.

(مسألة 225) : إذا شك في أصل الغسل من الجنابة بعد إحرازها بنى على عدمه. وإذا شك فيه بعد الفراغ من الصلاة صحت صلاته، ولكنه يجب عليه أن يغتسل للصلوات الآتية. وإن كان قد صدر منه الحدث الأصغر بعد الصلاة جمع بين الغسل والوضوء احتياطاً. وإن كان الشك خلال الصلاة بطلت ووجب الغسل لها وإعادتها.

(مسألة 226) : إذا علم إجمالاً بعد الصلاة ببطلان صلاته أو غسله، وجبت عليه إعادة الصلاة فقط.

(مسألة 227) : إذا اجتمعت عليه أغسال متعددة واجبة أو مستحبة أو بعضها واجب وبعضها مستحب، فقد تقدم حكمها في شرائط الوضوء فراجع المسألة (157).

 

(مسألة 228) : إذا كان يعلم إجمالاً أنّ عليه أغسالاً لكنه لا يعلم بعضها بعينه، يكفيه أن يقصد جميع ما عليه أو ما في ذمته إجمالاً. وإذا قصد البعض المعين - أي واحداً محدداً- كفى عن غير المعين من الواجبات، وترتبت عليه آثاره، فإن علم تفصيلاً أو إجمالاً أنّ منها غسلاً واجباً أو مستحباً ثبت بدليل معتبر مع إحراز موضوعه كفى عن الوضوء.

شارك الاستفتاء

المقصد الثاني

في غسل الحيض

وفيه فصول:

!+

في سببه

الدم الذي تراه المرأة على أنواع ولها أحكام:

الأول: الحيض وما يعرف بالدورة الشهرية حيث يقذف الرحم البيضة التي تنزل إليه واحدة شهرياً إذا لم تصادف تخصيباً بالحيمن الذكري ويقذف معها بعض الأنسجة والمواد المعدة لتغذي البيضة المخصبة.

الثاني: دم البكارة الذي يخرج بسبب افتضاض غشاء البكارة.

الثالث: دم النفاس الذي يقترن خروجه بالولادة.

الرابع: دم الجروح والقروح التي تصيب ذلك الجزء من البدن.

الخامس: دم الاستحاضة الذي يخرج بسبب أعراض مرضية تصيب الرحم ونحوه مما لا يندرج في الأقسام المتقدمة.

والدم الثاني والرابع لا يوجب غسلاً وإنّما يجب تطهير موضع النجاسة بالماء أمّا الثلاثة الباقية فهي من الحدث الأكبر وتوجب الغسل وسنفرد لكل واحدٍ منها مقصداً مستقلاً.

وسبب غسل الحيض خروج دم الحيض الذي تراه المرأة البالغة والمعتاد قذفه في دورة شهرية، ولا يتحقق الحيض إلا بخروج الدم من الفرج فلو انصبّ الدم من الرحم إلى فضاء الفرج لكنه لم يخرج لم يجرِ عليه حكم الحيض، ولكن إن خرج ولو جزء قليل منه أو أخرج بقطنة ونحوها جرى عليه حكم الحيض وإن انقطع خروجه بعد ذلك وظلّ في فضاء الفرج.

ولدم الحيض صفات تميزه فهو غالباً يكون أسود أو أحمر حاراً يخرج بدفق وحرقة، بخلاف دم الاستحاضة فإنّه لا تتوفر فيه هذه الصفات ويكون لونه أصفر، ومتى رأت المرأة دماً بصفات الحيض فلها أن تعتبره حيضاً (مع مراعاة الشروط العامة للحيض الآتية)، وتترك الصلاة والصوم وتبقى متابعة لحالها إلى ثلاثة أيام فإن استمر على هذا الحال طيلة هذه المدة فهو حيض، وإن لم يحتفظ بالصفات كما لو خفّ لونه وأصبح أصفر فليس بحيض وإنّما استحاضة وعليها قضاء الصلاة والصوم.

(مسألة 229) : إذا افتُضت البكر فسال دم كثير وشك في أنّه من دم الحيض أو من دم العذرة أو منهما، أدخلت القطنة وتركتها مليّاً، ثم أخرجتها إخراجاً رفيقاً، فإن كانت مطوقة بالدم فهو من العذرة، وإن كانت مستنقعة فهو من الحيض، ولا يصح عملها بقصد الأمر الجزمي بدون ذلك ظاهراً، إلا أن تعلم بمصادفته للواقع.

(مسألة 230) : إذا تعذر الاختبار السابق لسبب من الأسباب فالأقوى الاعتبار بحالها السابق من حيض وعدمه، وإذا جهلت الحالة السابقة، جاز بناؤها على الطهارة وإن كان الأحوط لها استحباباً الجمع بين أعمال الطاهرة وتروك الحائض فتصلّي وتصوم ولا تمكث في المساجد ولا تمس كتابة القرآن ولا يقربها زوجها وهكذا، ويكون الاحتياط وجوبياً إذا كان احتمال التحيض معتداً به بحسب حالها المعتاد. 

 

@+

في تعييـن زمان الحيض

كل دم تراه الصبيّة قبل إكمالها تسع سنين قمرية ولو بلحظة لا تترتب عليه أحكام الحيض، نعم، قد تكون رؤيتها هذه علامة اطمئنانية على أنّها قد أكملت تسع سنين، على أساس أن البنت لا ترى دم حيض عادة إلا  بعد إكمال التاسعة.

وكذا المرأة إذا وصلت سن اليأس ورأت دماً لم تعتبره حيضاً، إلا إذا لم تعلم أنّها بلغت سن اليأس، كما إذا لم تضبط عمرها بالدقة فتعتبره حيضاً، ولا عمر محدد لسن اليأس، فإنّه متغيّر تبعاً لعدة عوامل كمحل سكن المرأة من مناطق الكرة الأرضية الحارة أو الباردة أو المعتدلة، وممارستها لعملية الإنجاب وعدد مرّاتها، لكن المعدل الطبيعي لسن اليأس هو بين (50 -60) سنة من دون فرق بين القرشية وغيرها.

ويمكن التعرف على حصول سن اليأس أحياناً بعلامات نفسية وجسدية، وإذا لم يتحقق العلم بحصول سن اليأس ورأت دماً قبل بلوغها ستين سنة فتعتبره حيضاً إذا كان كالذي تراه أيام عادتها، وإذا رأت دماً بعد إكمالها ستين سنة لم تعتبره حيضاً.

(مسألة 231) : في الغالب إنّ المرأة الحامل لا تأتيها الدورة الشهرية لانتفاء سببها المتقدم ولكن قد يتحقق الحيض عند الحامل نادراً سواء قبل ظهور الحمل أو بعده، فإذا رأت المرأة الحامل دماً وكانت واثقة ومطمئنة بأنه دم حيض عملت ما تعمله الحائض، وإن لم تكن مطمئنة بذلك فإن كان الدم في أيام العادة أو قريباً منها بيوم أو يومين وكان بصفة الحيض اعتبرته حيضاً، وإن لم يكن في أيام العادة ولا بصفة الحيض اعتبرته استحاضة.

وإن كان في أيام العادة ولم يكن بصفة الحيض، أو كان بصفة الحيض ولم يكن في أيام العادة، فعليها الاحتياط بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة.

 

#+

في أقل الحيض وأكثره

أقل مدة يمكن أن نعتبر الدم الخارج فيها حيضاً هي ثلاثة أيام، ويراد باليوم الفترة الزمنية من طلوع الفجر حتى غروب الشمس فلو صادف نزول الدم أول مرة ليلاً فلا يحسب من الأيام الثلاثة حتى يطلع الفجر وهي المسماة بالليلة الأولى، ويكفي وجود الدم في باطن الفرج ما دام قد خرج أول مرة كما تقدم، والليلتان المتوسطتان داخلتان في الحساب ومشمولتان بما سنقوله من اشتراط عدم انقطاع الدم في هذه المدة إلا في فترات قصيرة متعارفة لدى النساء، ولا يكفي وجوده في بعض كل يومٍ من الثلاثة، ويكفي تجميع الثلاثة من أبعاض اليوم فإذا رأته في وسط نهار اليوم الأول فيشترط استمراره إلى وسط نهار اليوم الرابع.

وأكثر الحيض وأقصاه عشرة أيام، فإذا تجاوز العشرة فالزائد ليس حيضاً وله أحكام تأتي بإذن الله تعالى.

وأقل الطهر - وهي حالة خلو المرأة من الدم أصلاً أو وجود دم الاستحاضة-  بين الحيضتين عشرة أيام، أمّا النقاء المتخلل بين دمين من حيض واحد فانه يكون أقل من ذلك وله أحكام تأتي بإذن الله تعالى.

خلاصة الشروط العامة للحيض، وهي أربعة:

1- أن تكون المرأة قد أكملت تسع سنين قمرية ولم يتجاوز عمرها الستين.

2- استمرار الدم ثلاثة أيام.

3- أن لا يتجاوز عشرة أيام.

4- أن لا تقل فترة الطُهر بين حيضتين عن عشرة أيام.

 

$+

في ذات العادة

 تختلف طبيعة العادة لدى النساء فبعضها تكون ثابتة العدد كستة أيام لكن موعدها غير منتظم فتسمى(عادة عددية)، وبعضها تكون ثابتة الموعد كاليوم الخامس من الشهر القمري مثلاً ولا تنضبط مدتها فتسمى (عادة وقتية)، وقد ينتظم عندها الأمران فتسمى (عادة وقتية عددية).

وتعرف المرأة نفسها من أي نوع بتكرر الحيض مرتين متماثلتين متتاليتين من دون الفصل بعادة مخالفة، فإن اتفقتا بالمدة والتاريخ فالعادة وقتية وعددية، وإن اتفقتا في الزمان خاصة دون العدد فهي وقتية، وإن اتفقتا بالعدد فقط فهي عددية.

(مسألة 232) : ذات العادة الوقتية - سواء كانت عددية أم لا- تتحيض بمجرد رؤية الدم في العادة أو قبلها أو بعدها بيوم أو يومين ونحوها، مما لا يصدق معه التقدم والتأخر عرفاً. وخاصة إذا أحرزت أنّه هو حصة الشهر من الدم. فتترك العبادة وتعمل عمل الحائض في جميع الأحكام، وإن لم يكن الدم بصفة الحيض. ولكن إذا انكشف أنّه ليس بحيض لانقطاعه قبل الثلاثة وجب عليها قضاء الصلاة.

(مسألة 233) : غير ذات العادة الوقتية، سواء أكانت ذات عادة عددية فقط أم لم تكن ذات عادة أصلاً، كالمبتدئة، تتحيض بمجرد الرؤية إن كان الدم جامعاً للصفات مثل الحرارة والحمرة أو التدفق أو الخروج بحرقة، وإن كان فاقداً للصفات تتحيض بعد ثلاثة أيام، ولا يترك الاحتياط خلال الثلاثة بالجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة، وعلى أي حال فمتى انقطع الدم دون الثلاثة فليس بحيض.

(مسألة 234) : إذا تقدم الدم على العادة الوقتية أو تأخر عنها بمقدار كثير لا يتعارف وقوعه، كعشرة أيام، فإن كان الدم جامعاً للصفات أو علمت إنّه حصة الشهر من الدم تحيضت به، وإلا جرى عليها حكم المستحاضة، والأحوط لها الجمع بين تروك الحائض وعمل المستحاضة.

(مسألة 235) : إذا رأت المرأة الدم مرتين متتاليتين في شهرين من دون العلم بأنّه حيض، ولكنها اعتبرته حيضاً لأنّه بصفة دم الحيض (وهذا ما يعرف بالحيض الحكمي)([1]) فإنّ هذا لا يجعلها ذات عادة بأحد الأنواع الثلاثة المتقدمة ولا يجوز لها البناء عليه، فلو رأت في الشهر الثالث في نفس الوقت دماً أصفر فاقداً لصفة الحيض فليس لها أن تعتبره حيضاً وتبقى تعتمد على أساس صفات دم الحيض أو المعايير الأخرى التي اعتمدتها للحيض الحكمي مما ذكرناه في الهامش، بعكس ذات العادة التي ثبتت بالحيض الحقيقي فإنّها تعتبره حيضاً ما دام حصل لها في نفس موعد عادتها ولو لم يكن بصفات دم الحيض كما تقدم.

والفرق بينهما - إضافة إلى النص الذي عرّف ذات العادة بأنّها التي يحصل لها الحيض مرتين متعاقبتين وليست التي يحصل لها ما يعتبر حيضاً على أساس الصفات- أنّ المرأة في حالة الحيض الحقيقي متأكدة بإنّه حيض أمّا في حالة الحيض الحكمي فإنّها ليست على يقين وإنّما اعتبرته حيضاً على أساس الصفات.

 

%+

في تخلّل الطهر بيـن دميـن في شهر واحد

كل ما تراه المرأة من الدم أيام عادتها فهو حيض، وإن لم يكن الدم بصفات الحيض، وكل ما تراه خارج عادتها وكان فاقداً للصفات، بل مطلقاً، فهو استحاضة إن علمت حصول العادة في حينها ولو معجلة أو متأخرة عرفاً، وأمّا لو لم تعلم بذلك وعلمت أنّ هذا الدم هو حصة الشهر تحيضت، بدون اعتبار الصفات. وبدون هذين العلمين تعمل بالصفات على الأظهر.

(مسألة 236) : إذا رأت الدم ثلاثة أيام وانقطع، ثم رأت ثلاثة أخرى أو أزيد، فإن كان مجموع النقاء والدمين لا يزيد على عشرة أيام وكانا في أيام عادتها أو بصفات الحيض كان الكل حيضاً واحداً مع النقاء المتخلل، وإن تجاوز المجموع عن العشرة ولكن لم يفصل بينهما أقل الطهر، فإذا كان أحدهما في العادة عرفاً دون الآخر، كان ما في العادة حيضاً والآخر استحاضة مطلقاً. وأما إذا لم يصادف شيء منهما العادة ولو لعدم كونها ذات عادة، فإن كان أحدهما واجداً للصفات دون الآخر جعلت الواجد حيضاً والفاقد استحاضة، ما لم تعلم أو تطمئن بنزول الدم في وقت عادتها التقريبي أيضاً فتتحيض به.

(مسألة 237) : إذا كان كلا الدمين واجداً للصفات أو فاقداً لها، فإن علمت بحصول عادتها مستقبلاً فهي بحكم المستحاضة، وإن علمت أنّ هذا الدم هو حصتها من الشهر تحيضت بالدم الأول واحتاطت بالدم الثاني، وإن لم يحصل كلا العلمين لها عملت بالصفات، فإن كان الدمان واجدين للصفات فهي في حيض من بدء الدم الأول إلى نهاية العشرة. وإن كانا فاقدين لها فهي مستحاضة، والأَولى لها الجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة.

(مسألة 238) : إذا تخلل بين الدمين أقل الطهر فأكثر كان كل منهما حيضاً مستقلاً إذا كان كل منهما في العادة أو واجداً للصفات أو علمت أنّه حصة الشهر من الدم، وبدون ذلك فهي مستحاضة.

 

 ^+

في الاستبراء والاستظهار ([2])

 إذا انقطع دم الحيض لدون العشرة، فإن احتملت بقاءه في الرحم استبرأت بإدخال القطنة، فإن خرجت ملوثة بقيت على التحيض. وإن خرجت نقية اغتسلت وعملت عمل الطاهر. ولا استظهار عليها هنا حتى مع ظن العود. إلا مع اعتياد العود بحيث تعلم أو تطمئن بحصوله، فعليها الاحتياط بالغسل والصلاة، إلا مع اطمئنانها أنّ الكل حيض، كما لو كان المجموع دون العشرة.

(مسألة 239) : إذا تركت الاستبراء لعذر من نسيان أو غفلة واغتسلت وصادف النقاء صح غسلها. وإذا تركته لا لعذر صح غسلها إذا صادف براءة الرحم مع توفر النية المصححة للغسل، وأن لم تتمكن من الاستبراء فالأقوى أنّها تبقى على التحيض حتى تعلم أو تطمئن بالنقاء، ما لم يزد الدم على العشرة. وإن كان الأحوط لها استحباباً الاغتسال في كل وقت تحتمل فيه النقاء إلى أن تعلم بحصوله، فتعيد الغسل والصوم.

(مسألة 240) : إذا استبرأت فخرجت القطنة ملوثة ولو بصفرة، فإن كانت مبتدئة أو لم تستقر لها عادة أو كانت عادتها عشرة، بقيت على التحيض إلى تمام العشرة، إلا أن يحصل لها النقاء قبلها. وإن كانت ذات عادة دون العشرة، فإن كان ذلك الاستبراء في أيام العادة فلا إشكال في بقائها على التحيض. وإن كان بعد انقضاء أيام العادة فالأحوط لها الجمع بين عمل الحائض والمستحاضة، فإن انقطع الدم قبل العشرة كان الكل حيضاً، وإن علمت من وقتها استمراره إلى ما بعد العشرة كان كل الزائد بعد انقضاء أيام العادة استحاضة. وإن شكّت باستمراره بقيت على الاحتياط إلى تمام العشرة، وتعين لها عمل المستحاضة بعدها.

(مسألة 241) : قد عرفت أنّه إذا انقطع الدم على العشرة كان الجميع حيضاً واحداً من دون فرق بين ذات العادة وغيرها. وإن تجاوز العشرة، فإن كانت ذات عادة وقتية وعددية تجعل ما في العادة حيضاً وإن كان فاقداً للصفات، وتجعل الزائد استحاضة وإن كان واجداً لها.

 

 &+

في أقسام الحائض

1-  المرأة ذات العادة الوقتية والعددية معاً.

2- ذات العادة الوقتية فقط.

3- ذات العادة العددية فقط.

وقد تقدم تعريفها وجملة من أحكامها العامة ويأتي بعضها.

4- المرأة الناسية لوقتها وعددها معاً أو لأحدهما فقط.

5- المرأة المبتدئة وهي التي ترى الدم لأول مرة ولم تستقر لها عادة.

6- المرأة المضطربة وهي التي اضطربت عادتها.

(مسألة 242) : المبتدئة إذا رأت الدم وقد تجاوز العشرة رجعت إلى التمييز، بمعنى أنّ الدم المستمر إذا كان بعضه بصفات الحيض وبعضه فاقد لها أو كان بعضه أسود وبعضه أحمر أو كان بعضه أحمر وبعضه أصفر، وجب عليها التحيض بالدم الواجد للصفات بشرط عدم نقصه عن ثلاثة أيام وعدم زيادته عن العشرة.

(مسألة 243) : إن لم تكن المبتدئة ذات تمييز بالصفات التي ذكرناها في المسألة المتقدمة، بأن كان الكل فاقداً للصفات أو كان الواجد أقل من ثلاثة أيام أو أكثر من عشرة رجعت إلى عادة نسائها عدداً، وإن اختلفن فالأظهر أنّها تتحيض في الشهر الأول ستة أو سبعة أيام، وتحتاط إلى تمام العشرة إن احتملت استمرار الدم أكثر منها. وبعد ذلك من الأشهر تتحيض بثلاثة أيام وتحتاط إلى تمام الستة أو السبعة، بل إلى تمام العشرة على الأحوط استحباباً.

(مسألة 244) : المضطربة إن أحرزت انقطاع الدم قبل العشرة، تحيضت في الجميع. وأن أحرزت استمراره بعدها تحيضت ستة أو سبعة أيام وهي في الأيام الباقية مستحاضة. وإن شكّت بالاستمرار احتاطت ما بينها وبين العشرة.

تنبيه: مما تقدم يظهر أنّ المضطربة تختلف عن المبتدئة في نقطةٍ وهي أنّ المضطربة إذا لم تتمكن من التمييز بالصفات ترجع إلى العدد مباشرة، بينما إنّ المبتدئة إذا لم تتمكن من التمييز ترجع إلى عادة أقاربها، فإن لم تتمكن من ذلك ترجع إلى العدد.

(مسألة 245) : الأقوى عدم ثبوت عادة شرعية مركبة، والمقصود من العادة المركبة هو فيما لو رأت في الشهر الأول ثلاثة وفي الثاني أربعة وفي الثالث ثلاثة وفي الرابع أربعة، فإنّها لا تكون ذات عادة في الشهر الفرد ثلاثة وفي الشهر الزوج أربعة. وكذا إذا رأت في شهرين متواليين ثلاثة، وفي شهرين متواليين أربعة، فإنّها لا تكون ذات عادة في شهرين ثلاثة وشهرين أربعة. وإن تكررت الكيفية المذكورة مراراً عديدة.

(مسألة 246) : الفاقدة للتمييز إذا ذكرت عدد عادتها ونسيت وقتها أو كانت ذات عادة عددية لا وقتية. إن رأت الدم بصفات الحيض ثلاثة أيام فأكثر ولم يتجاوز العشرة كان الجميع حيضاً، وإذا تجاوز العشرة جعلت المقدار الذي تحتمل العادة فيه حيضاً، والباقي استحاضة فإن تردد العدد بين احتمالين، وجب الاحتياط بين الأقل والأكثر، والأحوط ان يستمر الاحتياط إلى نهاية العشرة.

(مسألة 247) : إذا حصرت وقت عادتها في عدد من أيام الشهر يزيد على أيام عادتها، كما لو تذكرت إنّ عادتها خمسة أيام مثلاً ضمن العشرة الأولى من الشهر، فالأحوط إن لم يكن أقوى أن تضع العدد فيه لو نزل الدم وكان ما سواه استحاضة.

(مسألة 248) : إذا ذكرت وقت عادتها ونسيت عددها، أو كانت ذات عادة وقتية لا عددية، فما ترى من الدم في وقتها المعتاد تجعله حيضاً بدون لحاظ التمييز. فإن كان الزائد عليه بصفة الحيض ولم يتجاوز العشرة فجميعه حيض، وإن تجاوزها تحيضت فيما تحتمل العادة فيه من الوقت والباقي استحاضة، ولها أن تجعل العادة أقصى مدة الاحتمال، فإن احتملت استمرار الدم بعد العشرة جمعت واحتاطت وإلا فهي مستحاضة بعد نهاية الوقت.

(مسألة 249) : إذا كانت ناسية للوقت والعدد معاً، فإذا رأت الدم بصفة الحيض أياماً لا تقل عن ثلاثة ولا تزيد عن عشرة كان جميعه حيضاً، مع فصل أقل الطهر فيما زاد عن الحيض السابق، وأمّا إذا كان الدم أزيد من عشرة أيام ولم تعلم بمصادفته أيام عادتها، تحيضت بمقدار ما تحتمل أنّه عادتها، وجمعت بين العملين - أي تروك الحائض وأفعال المستحاضة-  في باقي العشرة إذا احتملت تجاوزها، وإن علمت التجاوز سلفاً فهي مستحاضة، وإن لم يكن الدم كله بصفة الحيض ولم تعلم فيما هو بصفة الحيض مصادفة عادتها، جعلت ما بصفة الحيض حيضاً وما بصفة الاستحاضة استحاضة. والأولى أن تحتاط في الدم الذي ليس بصفة الحيض لاحتمال أن لا يزيد المجموع على عشرة أيام.

(مسألة 250) : إذا علمت هذه الناسية بمصادفة الدم لأيام عادتها تحيضت بالعدد الستة أو السبعة في الوقت المحتمل واحتاطت في الباقي، هذا إذا لم تجد التمييز في الوقت المحتمل بالشكل المناسب معه فتعمل عليه. وإن كان الشكل غير المناسب معه احتاطت في الزائد.

 


 

ملاحظة مع تلخيص:

 

لا دليل على ما عرف بقاعدة الإمكان كقاعدة عامة في باب الحيض، فإنّ المرأة إذا كانت واثقة ومطمئنة بأنّ الدم الذي رأته دم حيض عملت ما تعمله الحائض.

وإن لم تدرِ أنّه دم حيض أو استحاضة فإن كان الدم في موعد العادة اعتبرته حيضاً سواء كان بلون الحيض أم بلون الاستحاضة، وإن لم يكن في موعد العادة فإن كان بصفة الحيض اعتبرته حيضاً على أساس الصفات، وإن لم يكن بصفة الحيض اعتبرته استحاضة وقد تقدمت التفاصيل فلا مجال لقاعدة الإمكان.

 

*+

في أحكام الحيض

 (مسألة 251) : يحرم على الحائض جميع ما يشترط فيه الطهارة من العبادات، كالصلاة والصوم والطواف والاعتكاف، والأقوى أنّها حرمة تشريعية لا ذاتية فهي ليست كحرمة شرب الخمر توجب الإثم بالمخالفة وإنّما تعني عدم المشروعية، ويحرم عليها جميع ما يحرم على الجنب مما تقدم (كمس كتابة القرآن وقراءة آيات السجدة والمرور والاجتياز بالمسجدين واللبث في المساجد ...) حرمة ذاتية لا تشريعية.

(مسألة 252) : يحرم وطؤها في القبل عليها وعلى الفاعل، بل قيل أنّه من الكبائر، بل الأحوط وجوباً ترك إدخال بعض الحشفة أيضاً مما يسمى جماعاً عرفاً. أمّا وطؤها في الدبر فالأحوط وجوباً تركه. ولا بأس بالاستمتاع بغير ذلك، وإن كره بما تحت المئزر مما بين السرة والركبة، بل الأحوط استحباباً الترك. وإن نقيت من الدم جاز وطؤها وإن لم تغتسل، بعد غسل فرجها قبل الوطء على الأحوط.

(مسألة 253) : الأحوط استحباباً للزوج دون الزوجة الكفارة عن الوطء في أول الحيض بدينار وفي الوسط بنصف دينار وفي آخره بربع دينار، وتتعدد الكفارة بتعدد الوطء، والدينار هو(3.45) غرام من الذهب المسكوك بسكة المعاملة. والأحوط استحباباً دفع الدينار نفسه مع الإمكان، وإلا دفع قيمته وقت الوجوب. والأحوط استحباباً اختيار أعلى القيمتين من وقت الجماع ووقت الدفع. ولا شيء على الساهي والناسي والصبي والمجنون والجاهل بالموضوع أو بالحكم.

(مسألة 254) : لا يصح طلاق الحائض وظهارها إذا كانت مدخولاً بها (ولو من الدبر) ولم تكن حاملاً وكان زوجها حاضراً أو في حكمه، بمعنى أنّه متمكن من الاطلاع على حالها، والحاضر إذا لم يتمكن من الاطلاع على حالها كان في حكم الغائب، وإذا كان زوجها غائباً أو في حكمه أو كانت حاملاً أو غير مدخول بها فيجوز طلاقها في حال الحيض. وإذا طلق زوجته على أنّها حائض فبانت طاهراً صح مع توفر القصد الجدي وإن عكس فسد.

(مسألة 255) : يجب الغسل من حدث الحيض لكل مشروط بالطهارة من الحدث الأكبر، وهو مشروع للكون على الطهارة يؤتى به بقصد القربة المطلقة، وهو كغسل الجنابة في الكيفية من الترتيب والارتماس والإجزاء عن الوضوء.

(مسألة 256) : يجب عليها قضاء ما فاتها من الصوم في رمضان بل والمنذور في وقت معين. ولا يجب عليها قضاء الصلوات اليومية وصلاة الآيات ما لم يحترق القرص كله على الأحوط استحباباً. ولا المنذورة في وقت معين ولكنها تقضي الصلوات التي أدركتها وهي طاهر بمقدار يتسع للطهارة والصلاة ولم تؤدِّها سواء في أول الحيض أو آخره. ولا تسقط عنها صلاة الطواف إن فاجأها الحيض بعده.

(مسألة 257) : يستحب لها التحشي والوضوء في وقت كل صلاة والجلوس في مكان طاهر مستقبلة القبلة ذاكرة الله تعالى. والأولى لها اختيار التسبيحات الأربع.

(مسألة 258) : يكره لها الخضاب بالحناء أو غيرها، وحمل المصحف ولمس هامشه وما بين سطوره وتعليقه.

(مسألة 259) : تصح من الحائض الطهارة من الحدث الأكبر غير الحيض، فإذا كانت جنباً واغتسلت عن الجنابة صح، وتصّح منها الأغسال المندوبة وكذلك الوضوء بل هو مستحب لها.

 



(1) ويطلق الحيض الحكمي على بعض الحالات الأخرى كما لو حدّدت عادتها بلحاظ عادة أمثالها أو اقتطعت أياماً من الشهر فجعلتها حيضاً بحسب ما أفادته الروايات وستأتي الإشارة إليها بإذن الله تعالى.

(1)  الاستبراء: هو طلب التعرف على حالة النقاء وبراءة الرحم من الدم، أمّا الاستظهار فيعني طلب التعرف على حالة الحيض ويتضمن ترك العبادة من صلاة وصوم بمجرد رؤية الدم إلى حين ظهور الحالة أنّها حيض أو لا، في ضوء توفر الشروط العامة للحيض.

شارك الاستفتاء

المقصد الثالث

 في الاستحاضة

 دم الاستحاضة - في الغالب-  أصفر بارد رقيق يخرج بلا لذع وحرقة عكس دم الحيض. وربما كان بصفاته ولا تشترط فيه الشروط العامة للحيض. فلا حد لكثيره ولا لقليله، ولا للطهر المتخلل بين أفراده. ويتحقق قبل البلوغ وبعده وبعد اليأس. وهو ناقض للطهارة بخروجه ولو بمعونة القطنة، إذا عرفت أن فيه قابلية الخروج، وإلا لم يكن خروجه بالقطنة ناقضاً وهو يخرج من فتحة الفرج المؤدّية إلى الرحم سواء كانت بوضعها الطبيعي أو الاصطناعي. وإذا خرج من غيرها فلا يبعد القول معه بالطهارة. ويكفي في بقاء حدثيته بقاؤه في باطن الفرج بحيث يمكن إخراجه بالقطنة ونحوها. وإن كان الظاهر عدم كفاية ذلك في انتقاض الطهارة به ابتداءً كما تقدم.

والاستحاضة على ثلاثة أقسام: قليلة ومتوسطة وكثيرة.

فالقليلة: ما يكون الدم فيها قليلاً بحيث لا يغمس القطنة.

والمتوسطة: ما يكون الدم فيها أكثر من ذلك بحيث يغمس القطنة ولا يسيل.

والكثيرة: ما يكون الدم فيها أكثر من ذلك بأن يغمسها ويسيل منها.

(مسألة 260) : الأحوط وجوباً الاختبار للصلاة بإدخال القطنة في الموضع المتعارف، والصبر عليها بالمقدار المتعارف ولا ينبغي الإبطاء بها، ثم تنظر إلى القطنة فتجد بها أحد الأوصاف السابقة فتبني عليها. وإذا تركت الاختبار عمداً أو سهواً وعملت، فإن طابق عملها الوظيفة اللازمة أو زاد عليها بحسب ما سيأتي من الوظائف، وتوفرت منها النية القربية إلى الله تعالى صح، وإلا بطل.

(مسألة 261) : حكم القليلة وجوب تبديل القطنة أو تطهيرها وتطهير ظاهر المكان إذا تنجّس، ووجوب الوضوء لكل صلاة فريضة كانت أو نافلة دون الأجزاء المنسية وصلاة الاحتياط وسجود السهو المتصل بالصلاة، فلا يحتاج فيها إلى تجديد الوضوء وغيره. وإنّما تحتاج إلى تجديد الطهارة الحدثية والخبثية في موردها مع إحراز نزول الدم ولو إلى باطن الفرج، أمّا بدونه فلها الاستمرار في عباداتها إلى حين حصول هذا الإحراز.

(مسألة 262) : حكم المرأة المستحاضة بالاستحاضة المتوسطة - مضافاً إلى ما تقدم من تبديل القطنة وتطهير ظاهر المكان إذا تنجّس والوضوء لكل صلاة- غسل واحد في اليوم يكون وقته قبل الوضوء لأول صلاة فريضة يحصل قبلها الحدث، وفي الأيام التالية يكون قبل وضوء صلاة الصبح، فإذا أصبحت المرأة مستحاضة بالوسطى قبل صلاة الفجر وجب عليها أن تغتسل لصلاة الفجر ثم تتوضأ فتصلي، وإن لم تغتسل لصلاة الصبح لسبب أو لآخر فعليها أن تغتسل لصلاة الظهرين وهكذا، كما أنّ عليها إعادة الصبح حينئذٍ، وإذا ابتليت المرأة بالاستحاضة الوسطى بعد صلاة الصبح وجب عليها أن تغتسل وتتوضأ فتصلي الظهرين، وإذا حصلت لها الاستحاضة الوسطى بعد صلاة الظهر فتغتسل وتتوضأ وتصلي صلاة العصر، هذا في اليوم الأول أمّا في الأيام التالية فتغتسل قبل وضوء صلاة الصبح، وإن أحدثت أثناء الصلاة وجب استئنافها بعد الغسل والوضوء، ولا يغني هذا الغسل عن الوضوء إذا كان غسل الوظيفة، وإنّما يغني عن الوضوء إذا كان غسل انتهاء الحدث بأن لم يعقبه خروج الدم أو نزوله إلى باطن الفرج.

(مسألة 263) : حكم الكثيرة مضافاً إلى ما سبق غسلان آخران، أحدهما للظهرين تجمع بينهما والآخر للعشاءين كذلك، ولا يجوز لها الجمع بين أكثر من صلاتين من الفرائض اليومية بغسل واحد، نعم، يكفي للنوافل أغسال الفرائض بل لكل الأعمال الواجبة والمستحبة كالطواف والزيارة وقراءة القرآن. وغسلها يكفي عن الوضوء ما لم تحرز خروج الدم، كما سبق.

(مسألة 264) : إذا حدثت الكبرى بعد صلاة الصبح، وجب غسل للظهرين وآخر للعشاءين، وإذا حدثت بعد الظهرين وجب غسل للعشاءين. وإذا حدثت بين الظهرين أو العشاءين وجب الغسل للمتأخرة منهما بنية الرجاء أو الاحتياط مع ضم الوضوء إليه.

(مسألة 265) : إذا انقطع دم الاستحاضة وأصبحت المرأة نقية منه قبل الأعمال من وضوء أو غسل وجب عليها أن تقوم بتلك الأعمال، وكذلك إذا انقطع الدم أثناء عملية الطهارة أو أثناء الصلاة أو بعد الفراغ منها إذا كان الوقت متسعاً للطهارة من الحدث - بالغسل- والصلاة، فإنّه يجب عليها في كل تلك الحالات أن تستأنف وتعيد الطهارة والصلاة.

(مسألة 266) : إذا علمت المستحاضة أنّ لها فترة تسع الطهارة والصلاة وجب تأخير الصلاة إليها، وإذا بادرت وصلّت قبلها بطلت صلاتها، ولو مع الوضوء والغسل، وإذا كانت الفترة في أول الوقت فأخّرت الصلاة عنها
- عمداً - عصت، وعليها الصلاة بعد
فعل وظيفتها، وأما إذا أخّرت الصلاة عنها نسياناً أو لعذرٍ آخر فلا إثم، ولكن عليها أن تؤدي عملية الطهارة على الوجه المقرّر لها شرعاً وتصلي، وإذا لم تكن المرأة على علم بهذه الفرصة وصلّت وفقاً لوظيفتها ثم انقطع الدم لأمدٍ معين يتسّع للطهارة والصلاة وجب عليها أن تقوم بعملية الطهارة من جديد وتصلي.

(مسألة 267) : إذا انقطع الدم انقطاع برء وجددت الوظيفة اللازمة لها، لم تجب المبادرة إلى فعل الصلاة، بل حكمها حينئذٍ حكم الطاهرة في جواز تأخير الصلاة.

(مسألة 268) : إذا اغتسلت ذات الكثيرة لصلاة الظهرين أو العشاءين ولم تجمع بينهما عمداً أو لعذر، وجب عليها تجديد الغسل للأخرى على الأحوط وجوباً وتتوضأ بعده.

(مسألة 269) : إذا انتقلت الاستحاضة من الأدنى إلى الأعلى، كالقليلة إلى المتوسطة أو إلى الكثيرة، وكالمتوسطة إلى الكثيرة. فإن كان قبل الشروع في الأعمال فلا إشكال إنّها تعمل عمل الأعلى للصلاة الآتية. أمّا الصلاة التي فعلتها قبل الانتقال فلا إشكال في عدم لزوم إعادتها، وإن كان بعد الشروع في الأعمال فعليها أن تضيف ما يجب عليها للزائد، وكذا إذا كان الانتقال في أثناء الصلاة مع إحرازه أولاً وسعة من الوقت للزائد ثانياً، فتعمل الزائد وتستأنف الصلاة على الأحوط وجوباً، ولكن لا يجب الاستئناف لو كان التكليف متحداً كما في الغسل لصلاة الصبح المشترك وجوبه بين المتوسطة والكثيرة. فإن انتقلت المتوسطة إلى الكثيرة أجزأها العمل إذا كانت نيتها خلال الغسل غير مقيدة بالمتوسطة لا غير وإن كان الأحوط استحباباً خلافه.

(مسألة 270) : إذا حصلت الزيادة في حال المستحاضة في وقت لا يسع الزائد سواء بعد العمل وقبل الصلاة أو خلالها، أجزأها عملها، نعم، لو وسع الوقت للتيمم بدل الغسل الزائد لزم وتستأنف الصلاة. وإذا قصرت وجب القضاء.

(مسألة 271) : إذا انتقلت الاستحاضة من الأعلى إلى الأدنى، فإن كان خلال العمل لم يجب الزائد من أعمال الحالة السابقة على وظيفة الحالة اللاحقة، وإن كان بعد العمل صلّت به وتعمل عمل الأدنى للصلوات الآتية.

(مسألة 272) : قد عرفت أنّه تجب المبادرة إلى الصلاة بعد الوضوء والغسل لكن يجوز لها إتيان الأذان والإقامة قبل الصلاة، وكذلك ما يتوقف عليه فعل الصلاة كتحضير المصلى وملابس الصلاة ولو من جهة لزوم العسر بدونه، والأولى لها جداً عدم التسامح بالمبادرة حتى بترك المستحبات والأدعية، ولكن أن فعلتها في وقت متعارف فالظاهر صحة صلاتها.

(مسألة 273) : يجب عليها التحفظ من خروج الدم بحشو الفرج بقطنة وشده بخرقة ونحو ذلك، بمعنى أن تعمل ما يمكنها، فإن لم يمكن عذرت عن الزائد. وأمّا إذا قصرت وخرج الدم أعادت الصلاة.

 

(مسألة 274) : الظاهر توقف صحة الصوم من المستحاضة على فعل الأغسال النهارية في الكثيرة، حتى غسل العشاءين في الليلة التي قبل نهار الصوم على الأحوط وجوباً، أما غسل الليلة الآتية فاشتراطه استحبابي، وأمّا المتوسطة فيتوقف صحة صومها على غسل الفجر على الأحوط وجوباً، وإذا اغتسلت المستحاضة بالكبرى والوسطى جاز لزوجها مقاربتها. أمّا دخول المساجد وقراءة العزائم ومس المصحف فيجوز لها مطلقاً وإن كان الأولى لها فعل ذلك بعد أداء وظيفتها بحسب نوع الاستحاضة.

شارك الاستفتاء

المقصد الرابع

النفاس

دم النفاس هو دم يقذفه الرحم بالولادة معها أو بعدها، على نحو يعلم استناد خروج الدم إليها. ولا حد لقليله وحد كثيره عشرة أيام من حين رؤية الدم، فإذا رأته في اليوم الرابع فالحد الأكثر له أن لا يتجاوز اليوم الرابع عشر وإذا رأته بعد عشرة أيام لم يكن نفاساً. وإذا لم ترَ فيها دماً لم يكن لها نفاس أصلاً. ومبدأ حساب الأكثر من حين رؤية الدم بعد تمام الولادة لا من حين الشروع فيها وإن كان جريان الأحكام عليه من حين الشروع. ولا يعتبر فصل أقل الطهر بين النفاسين، بل لا يعتبر الفصل بين النفاسين أصلاً، كما إذا ولدت ورأت الدم إلى عشرة ثم ولدت آخر على رأس العشرة فالدمان جميعاً نفاسان متواليان. وإذا لم ترَ الدم حين الولادة ورأته قبل العشرة وانقطع عليها وعرفت استناده إلى الولادة فذلك الدم نفاسها.

وإذا رأته حين الولادة ثم انقطع ثم رأته قبل العشرة وانقطع عليها فالدمان والنقاء بينهما كلها نفاس واحد. وإن كان الأحوط استحباباً في النقاء الجمع بين عمل الطاهرة والنفساء إذا علمت برجوع الدم مرة أخرى.

(مسألة 275) : الظاهر أن الدم الخارج عند الإسقاط وإن لم تتضح معالم السقط يعتبر دم نفاس وتجري على المرأة أحكام النفساء، والاحتياط حسن في الجمع بين تروك النفساء وأفعال المستحاضة.

(مسألة 276) : إذا رأت المرأة الحامل الدم قبل ظهور الولد فهو ليس نفاساً أكيداً، فإن رأته في حال المخاض وعلمت أنّه منه فهو من دم الجروح ولا أثر له، وإن كان الأحوط ترتيب آثار الاستحاضة، وإن كانت واثقة ومتأكدة بأنّه من دم الحيض عملت ما تعمله الحائض، بلا فرق بين أن يكون منفصلاً عن الولادة بعشرة أيام أو أقل أو أكثر أو يكون متصلاً بها، إذ لا يعتبر أن يفصل بين دم الحيض المتقدم ودم النفاس عشرة أيام كالذي اشترطناه من الفصل بين حيضتين، أمّا دم الحيض المتأخر فسيأتي إن شاء الله تعالى، وإذا لم تدرِ بأنّه دم حيض أو دم استحاضة فإن كان بصفة الحيض وفي أيام العادة اعتبرته حيضاً، وتتأكد من ذلك باستمراره ثلاثة أيام، وإن لم يكن بصفة الحيض ولا في أيام العادة اعتبرته استحاضة، وإن كان بصفة الحيض ولم يكن في أيام العادة، أو كان في أيام العادة ولكن من دون صفة الحيض فالأحوط لها الجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة.

(مسألة 277) :النفساء ثلاثة أقسام:

أولاً: التي لا يتجاوز دمها العشرة، فجميع الدم نفاس.

ثانياً: التي يتجاوز دمها العشرة، وتكون ذات عادة عددية في الحيض ويراد بتجاوز العشرة تجاوزها من حين رؤية الدم لا من الولادة كما أسلفنا، ففي هذه الصورة كان نفاسها بمقدار عادتها والباقي استحاضة والأحوط وجوباً لها أن تحتاط بالجمع خلال المدة الزائدة عن عادتها إلى العشرة.

ثالثاً: التي يتجاوز دمها العشرة ولا تكون ذات عادة في الحيض سواء كانت مضطربة أو مبتدئة، تجعل مقدار عادة أقاربها نفاساً والباقي استحاضة ولا تترك الاحتياط بالجمع ما بين العادة والعشرة إن كانت عادتهن أقل من عشرة.

(مسألة 278) : إذا رأت النفساء في عشرة الولادة أزيد من دمٍ واحد كأن رأت دمين أو ثلاثة أو أربعة أو أكثر، سواء كان النقاء المتخلل كالمستوعب لقصر زمن الدمين أو الدماء أو لم يكن كذلك فلها صورتان.

الأولى: أن لا يتجاوز الدم الثاني اليوم العاشر من أول رؤيةٍ للدم، فتجعل كلا الدمين نفاساً ويجري على النقاء المتخلل حكم النفاس على الأظهر، وإن كان الأحوط استحباباً فيه الجمع بين أعمال الطاهرة وتروك النفساء وخاصة ما بين موعد نهاية عادتها إلى نهاية الدم.

الثانية: أن يتجاوز الدم الثاني اليوم العاشر من أول رؤية الدم وهذا على أقسام:   

القسم الأول: أن تكون المرأة ذات عادة عددية في حيضها وقد رأت الدم الثاني في زمان عادتها، ففي هذه الصورة كان الدم الأول مع النقاء نفاساً وما زاد عن العادة استحاضة، والأحوط الجمع بين الوظيفتين ما لم تعلم بزيادة الدم على العشرة.

القسم الثاني: أن تكون المرأة ذات عادة ولكن لم ترَ الدم الثاني حتى انقضت مدة عادتها فرأت الدم وتجاوز الدم العشرة، ففي هذه الصورة يكون نفاسها هو الدم الأول، وأمّا الدم الثاني فهو استحاضة ويجري عليها أحكام الطاهرة في النقاء المتخلل.

القسم الثالث: أن لا تكون المرأة ذات عادة في حيضها وقد رأت الدم قبل مضي عادة أقاربها وتجاوز اليوم العاشر، ففي هذه الصورة يكون نفاسها مقدار عادة أقاربها، وهي في الباقي مستحاضة والأحوط استحباباً الجمع بين الوظيفتين من نهاية العادة إلى العاشر ولو بعنوان عدم علمها باستمرار الدم.

القسم الرابع: أن لا تكون المرأة ذات عادة في حيضها وقد رأت الدم الثاني الذي تجاوز اليوم العاشر بعد مضي عادة أقاربها، ففي هذه الصورة يكون نفاسها هو الدم الأول، وتحتاط استحباباً بالجمع بين الوظيفتين أيام النقاء وأيام الدم الثاني إلى اليوم العاشر.

ثم أن ما ذكرناه في الدم الثاني، يجري في الدم الثالث والرابع وهكذا. فإن لم يتجاوز المجموع العشرة كانت كلها نفاساً، وإن زاد عن العشرة كانت أيام عادتها نفاساً وما زاد استحاضة، وإن لم يكن لها عادة أخذت بعادة أقاربها كما سبق وكان الباقي استحاضة.

(مسألة 279) : يعتبر فصل أقل الطهر وهي عشرة أيام بين دم النفاس ودم الحيض الذي بعده -كما كان يعتبر ذلك بين الحيضتين- فما تراه النفساء من الدم إلى عشرة أيام - بعد تمام نفاسها- استحاضة مطلقاً، سواء أكان الدم بصفات الحيض أو لم يكن، وسواء أكان الدم في أيام العادة أم لم يكن، ويعبَّر عن هذه العشرة بعشرة الاستحاضة، فإذا رأت دماً بعدها - سواء استمر بها أم انقطع ثم عاد- فهو على قسمين:

الأول: أن تكون النفساء ذات عادة وقتية، وفي هذا القسم ترجع إلى عادتها ولا ترجع إلى التمييز، فإن كانت العادة في العشرة التالية لعشرة الاستحاضة كان ما تراه فيها حيضاً، وإن لم تكن فيها بل فيما بعدها انتظرت أيام عادتها وإن اقتضى ذلك عدم الحكم بتحيضها فيما بعد الولادة بشهر أو أزيد، وهذا كما إذا كان لها عادة وقتية واحدة في كل شهر وصادفت في الشهر الأول عشرة الاستحاضة.

الثاني: أن لا تكون لها عادة وقتية فإن كانت ذات تمييز من جهة اختلاف لون الدم وكون بعضه بلون الحيض وبعضه بلون الاستحاضة - مع توفر سائر الشرائط- رجعت إلى التمييز، وهو قد يقتضي الحكم بتحيضها فيما بعد عشرة الاستحاضة بلا فصل، وقد يقتضي الحكم بعدم تحيضها في شهر الولادة بالكلية، أو الحكم بتعدد الحيض في شهر واحد ففي جميع هذه الحالات ترجع مستمرة الدم - إذا كانت ذات تمييز- إلى ما يقتضيه التمييز ولو في شهور متعددة، وأمّا إذا لم تكن ذات تمييز بأن كان الدم ذا لون واحد في عشرة الاستحاضة وما بعدها إلى شهر أو شهور عديدة فحكمها التحيّض في كل شهر بالاقتداء ببعض نسائها، أو باختيار العدد الذي تطمئن بأنّه يناسبها كما تقدّم تفصيل ذلك كله في فصل الحيض.

 

(مسألة 280) : النفساء بحكم الحائض بالاستظهار بالدم عند تجاوز الدم أيام العادة، وفي لزوم الاختبار عند ظهور انقطاع الدم وتقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ويحرم وطؤها ولا يصح طلاقها، والأحوط وجوباً أنّ أحكام الحائض من الواجبات والمحرمات تشمل النفساء أيضا،ً ويندب لها ما يندب لها ويكره لها ما يكره لها.

شارك الاستفتاء

المقصد الخامس

 أحكام الأموات

 موعظة:

في الموت موعظة ما بعدها موعظة وبه تظهر سلطة الله على عباده وقد حثَّ المعصومون (عليهم السلام) على تذّكره لإحياء القلب وإزالة ما يصيبه من أدران بسبب الخوض في أمور الدنيا وإطاعة النفس واتّباع أهوائها وشهواتها، وكثيراً ما كانوا (سلام الله عليهم) يذكّرون الناس بـ(هادم اللذات) يعني الموت.

 خرج الإمام الكاظم (عليه السلام) في تشييع جنازة فلما أنزلوها إلى القبر وقف على شفيره وقال (إنّ شيئاً هذا آخره - وهي الدنيا- لحقيق أن يُزهَد في أوله، وإنّ شيئاً هذا أوله - وهي الآخرة- لحقيق أن يخاف من آخره).

وقد ورد الحث على عيادة المرضى وتشييع الجنائز لما فيها من تذكير وتقليل من غلواء النفس الطامحة التي تغفل عن هذه الحقائق المروّعة، وإنّ الليل والنهار يبليان كل جديد ويقضمان العمر بسرعة، ولا يحسّ الإنسان إلا وقد أشرف على الموت ولا ينفعه الندم على التقصير والإساءة لأن الفرصة لا تعوّض ولا يقبل عذر الإنسان لأن الحجج والمواعظ والنذر تتوالى عليه.

وقد حفل القرآن الكريم ونهج البلاغة وجوامع الحديث وكتب الموعظة والأخلاق بالكثير منها، ولا ينبغي للمؤمن أن يغفل عنها لأنّه يقع حينئذٍ في فخ الغفلة (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ، وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ، وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ، لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (ق : 19-22). 

 

وفي هذا المقصد فصول:

!+

في أحكام الاحتضار

 (مسألة 281) : يجب على الأحوط توجيه المحتضر إلى القبلة بأن يلقى على ظهره ويجعل وجهه وباطن رجليه إليها، بل الأحوط وجوب ذلك على المحتضر نفسه إن أمكنه ذلك ويعتبر في غير توجيه الولي إذن الولي على الأحوط استحباباً ما لم ينافِ الفورية في التوجيه فيسقط.

(مسألة 282) : إذا لم يوجه الميت حال احتضاره لم يجب توجيهه بعد موته وأن كان أحوط أكيداً ما لم ينافِ الإسراع بالتجهيز.

(مسألة 283) : ذكر العلماء رضوان الله عليهم أنّه يستحب نقله إلى مصلاه إن اشتد به النزع، وتلقينه الشهادتين والإقرار بالنبي والأئمة (عليهم السلام) وسائر الاعتقادات الحقة، وتلقينه كلمات الفرج ويكره أن يحضره جنب أو حائض، وأن يمس حال النزع. وإذا مات يستحب أن تغمض عيناه ويطبق فوه ويشد لحياه وتمد يداه إلى جانبيه وساقاه. وينبغي الإسراع في ذلك قبل جفاف جسمه ويغطى بثوب وأن يقرأ عنده القرآن ويسرّج في المكان الذي مات فيه إن مات في الليل، وإعلام المؤمنين بموته ليحضروا جنازته، ويعجّل في تجهيزه إلا إذا شك في موته فينتظر به حتى يعلم موته. ويكره أن يثقل بطنه بحديد أو غيره وأن يترك وحده.

 

@+

في الغسل

 تجب إزالة النجاسة عن جميع جسد الميت قبل الشروع بالغسل على الأحوط. والأقوى كفاية إزالتها عن كل عضو قبل الشروع فيه، ولا يكفي الإزالة بنفس الغسل.

(مسألة 284) : يغسل الميت ثلاثة أغسال:

الأول: بماء السدر .

الثاني: بماء الكافور.

الثالث: بالماء الصافي، كل واحد منها كغسل الجنابة الترتيبي. ولابد فيه من تقديم الجانب الأيمن على الأيسر ومن النية على ما عرفت في الوضوء.

(مسألة 285) : إذا كان المغسل غير الولي فلا بد من إذن الولي مع إمكانه، بحيث لا يؤدي إلى التأخير الكثير المسبب فساد البدن أو الوقوع في ذلة غير مناسبة للميت. والولي هو الزوج بالنسبة إلى الزوجة، ثم الطبقة الأولى في الميراث وهم الأبوان والأولاد، ثم الثانية وهم الأجداد والأخوة، ثم الثالثة وهم الأعمام والأخوال، ثم المولى المعتق، ثم ضامن الجريرة، ثم الحاكم الشرعي على الأحوط وجوباً.

(مسألة 286) : البالغون في كل طبقة مقدمون على غيرهم. وفي تقديم الأب في الطبقة الأولى على الأولاد، والجد على الأخ، والأخ من الأبوين على الأخ من أحدهما، والأخ من الأب على الأخ من الأم، والعم على الخال إشكال. والأحوط الاستئذان من الطرفين، وهو احتياط وجوبي في الأخوة مع اختلاف الانتساب وأمّا في صورة الأب والجد فهو استحبابي.

(مسألة 287) : إذا تعذر استئذان الولي لعدم حضوره مثلاً أو امتنع عن الإذن أو عن مباشرة التغسيل، وجب تغسيله على غيره ولو بلا إذن.

(مسألة 288) : إذا أوصى أن يغسله شخص معين لم يجب عليه القبول إذا كان بالإمكان الإيصاء إلى غيره ولم يكن في القبول حرج عليه، لكن إذا قبل لم يحتج إلى إذن الولي، وإذا أوصى أن يتولى تجهيزه شخص معين جاز له رد الوصية في حياة الموصي وليس له الرد بعد ذلك إلا في الظرف المتقدم، ولكنه إذا لم يرد وجب الاستئذان منه دون الولي.

 

شروط الغسل

(مسألة 289) : تجب على المغسِّل المباشر النية بعناصرها المصححة لها، وهي قصد القربة لله تعالى والإخلاص فيها، أي عدم خلطها بما يشوبها من رياء ونحوه، وأن يكون ملتفتاً إلى ما يفعل، ولو اضطر إلى أن يتولى الغسل غير المسلم فيتولاها الآمر له.

(مسألة 290) : يجب في التغسيل طهارة الماء وإباحته، وإباحة السدر والكافور، بل الفضاء الذي يشغله الغسل على الأحوط، ومجرى الغسالة على الأحوط استحباباً، ومنه السدة التي يغسل عليها إذا كان ماء الغسل يجري عليها، أمّا إذا كان لا يجري عليها فمع عدم الانحصار يصح الغسل عليها، أمّا معه فيسقط الغسل، لكن إذا غسل حينئذ صح الغسل. وكذلك التفصيل في ظرف الماء إذا كان مغصوباً.

(مسألة 291) : يجزي تغسيل الميت قبل برده بعد إحراز خروج روحه.

(مسألة 292) : إذا تعذر السدر والكافور، فالأقوى وجوب تغسيله ثلاث مرات بالماء القراح، وينوي في الأوّلين البدلية عن الغسل بالسدر والكافور، والأحوط استحباباً ضم التيمم إليهما. ومنه يتضح حكم ما لو تعذر أحدهما.

(مسألة 293) : يعتبر في كل من السدر والكافور أن لا يكون كثيراً بمقدار يوجب خروج الماء عن الإطلاق إلى الإضافة، ولا قليلاً بحيث لا يصدق أنّه مخلوط بالسدر والكافور. ويعتبر في الماء القراح أن يصدق خلوصه منهما، فلا بأس بأن يكون فيه شيء منهما إذا لم يصدق الخلط. ولا فرق في السدر بين اليابس والأخضر مع صدق الخلط.

(مسألة 294) : إذا تعذر الماء أو خيف تناثر لحم الميت بالتغسيل - ولو قليلاً- يمّم على الأحوط وجوباً ثلاث مرات، ينوي بكل واحد منها ما في الذمة أو رجاء المطلوبية، وينوي في الأول البدلية عن الغسل الأول، وفي الثاني عن الثاني، وفي الثالث عن الثالث.

(مسألة 295) : يجب على الأحوط الجمع بين أن يكون التيمم بيد الميت مع الإمكان وبيد الحي.

(مسألة 296) : يشترط في الانتقال إلى التيمم الانتظار إذا احتمل تجدد القدرة على التغسيل، فإذا حصل اليأس جاز التيمم. لكن إذا اتفق تجدد القدرة قبل الدفن وجب التغسيل، وكذا إذا تجددت بعد الوضع في القبر. وإذا تجددت بعد الدفن لم يجب. وكذا الحكم فيما إذا تعذر السدر والكافور.

(مسألة 297) : إذا تنجس بدن الميت بعد الغسل أو في أثنائه بنجاسة خارجية أو منه وجب تطهيره، ولو بعد وضعه في القبر، نعم، لا يجب ذلك بعد الدفن.

(مسألة 298) : إذا خرج من الميت بول أو منيّ لا تجب إعادة غسله ولو قبل الوضع في القبر، نعم، يلزم التطهير كما ذكرنا في المسألة  السابقة. ولو خرج في أثناء الغسل فالأحوط استحباباً الإعادة والأحوط منه الإتمام والإعادة.

(مسألة 399) : لا يجوز أخذ الأجرة على تغسيل الميت، ويجوز أخذ العوض على بذل الماء ونحوه مما لا يجب بذله مجاناً.

(مسألة 300) : إذا كان الميت مصاباً بجروح ينزف منها الدم، ولم يمكن الانتظار حتى ينقطع الدم فإن أمكن حشو الجروح وغسل الظاهر بعد التطهير فيجب وإلا جمع بين الغسل بالماء الجاري أو الكثير والتيمم.

 

شروط المغسّل

(مسألة 301) : يجوز أن يكون المغسل صبياً مميزاً إذا كان تغسيله على الوجه الصحيح.

(مسألة 302) : يجب في المغسّل أن يكون مماثلاً للميت في الذكورة والأنوثة، فلا يجوز تغسيل الذكر للأنثى ولا العكس، ويستثنى من ذلك صور:

الصورة الأولى: أن يكون الميت طفلاً لم يتجاوز الست سنوات، فيجوز للذكر والأنثى تغسيله، سواء أكان ذكراً أم أنثى، مجرداً عن الثياب أم لا، وجد المماثل له أم لا. والأحوط اقتصار الجواز على ثلاث سنين.

الصورة الثانية: الزوج والزوجة. فإنّه يجوز لكل منهما تغسيل الآخر، سواء أكان مجرداً أم من وراء الثياب، وسواء وجد المماثل أم لا، من دون فرق بين الدائمة والمنقطعة. وكذا المطلقة الرجعية إذا كان التغسيل في أثناء العدة.

الصورة الثالثة: المحارم بنسب أو رضاع. والأحوط استحباباً اعتبار فقد المماثل وكونه من وراء الثياب.

(مسألة 303) : إذا اشتبه ميت بين الذكر والأنثى لظلام ونحوه، أو لكونه مقطعاً، أو لكونه خنثى مشكل، غسّله كل من الذكر والأنثى من وراء الثياب.

(مسألة 304) : إذا انحصر المماثل بالكافر الكتابي، أمره المسلم أن يتطهر أولاً، ثم يغسل الميت. والمغسل هو الذي يتولى النية بتعليم المسلم إياه، والأحوط استحباباً ضم نية الآمر المسلم. وإذا أمكن التغسيل بالماء المعتصم
- كالكر والجاري- تعين ذلك على الأحوط استحباباً. وإذا أمكن المخالف قدّم على الكتابي، وإذا أمكن المماثل أعاد الغسل على الأحوط وجوباً إذا كان السابق كتابياً، والأحوط
استحباباً إن كان السابق مخالفاً.

(مسألة 305) : إذا لم يوجد المماثل حتى المخالف والكتابي سقط الغسل، لكن الاحتياط لا يترك بتغسيل غير المماثل من وراء الثياب من غير لمس ونظر، ثم ينشّف بدنه بعد التغسيل وقبل التكفين.

(مسألة 306) : إذا دفن الميت بلا تغسيل - عمداً أو خطأ - جاز، بل وجب نبشه لتغسيله أو تيممه، ما لم يكن فيه هتك للميت أو ضرر على الأحياء، وكذا إذا ترك بعض الأغسال ولو سهواً أو تبين بطلانها أو بطلان بعضها.

(مسألة 307) : إذا مات محدثاً بالأكبر كالجنابة أو الحيض لم يجب إلا  غسل الميت خاصة.

(مسألة 308) : إذا كان محرماً لا يجعل الكافور في غسله الثاني، بل يغسل بماء خالص بدله، إلا أن يكون موته بعد السعي في الحج أو العمرة، وكذلك لا يحنط بالكافور، بل لا يقرب إليه طيب آخر. ولا يلحق به المعتدة للوفاة والمعتكف.

(مسألة 309) : يجب تغسيل كل مسلم لم يحكم بكفره عدا صنفين:

الأول: الشهيد المقتول في جهاد مشروع في الإسلام. ويشترط أن يكون خروج روحه في المعركة قبل انقضاء الحرب أو بعدها بقليل ولم يدركه المسلمون وبه رمق، فإن أدركه المسلمون وبه رمق وجب تغسيله.

(مسألة 310) إذا كان في المعركة مسلم وكافر واشتبه أحدهما بالآخر وجب الاحتياط بتغسيل كل منهما وتكفينه ودفنه، وكذا لو اشتبه الفرد بين المسلم والكافر، هذا في صورة عدم سقوط الغسل عن المسلم لعدم توفر الشرطين أعلاه.

الثاني: من وجب قتله برجم أو قصاص، فالمشهور أنّه يغتسل غسل الميت المتقدم تفصيله ويحنط ويكفن كتكفين الميت، ثم يقتل فيصلى عليه ويدفن بدون تغسيل. غير أن الأحوط وجوباً - إن حصل ذلك- إعادة كل هذه الوظائف بعد موته. أمّا لو حصل بقتله دم وتخرق الكفن أو نحوه وجب تطهيره وتدارك ذلك بلا إشكال.

(مسألة 311) : قد ذكروا للتغسيل سنناً مثل أن يوضع الميت في حال التغسيل على مرتفع، وأن يكون تحت الظلال وأن يوجه إلى القبلة كحالة الاحتضار، وأن ينزع قميصه من طرف رجليه، وإن استلزم فتقه بشرط إذن الوارث. ويجب أن تستر عورته بنحو لا يمنع من وصول الماء إليها. ويستحب أن تلين أصابعه برفق وكذا جميع مفاصله مع الإمكان، وأن يغسل رأسه برغوة السدر وفرجه بالأشنان، وأن يبدأ بغسل يديه إلى نصف الذراع في كل من الغسلات الثلاث ثلاث مرات، ثم بشق رأسه الأيمن ثم الأيسر. ويغسل كل عضو ثلاثاً في كل غسل، ويمسح بطنه في الأوّلين، إلا  الحامل التي مات ولدها في بطنها فيكره ذلك، وأن يقف الغاسل على الجانب الأيمن للميت، وأن يحفر للماء حفيرة خاصة به ولا يسلط على الكنيف، وأن ينشف بدن الميت بثوب نظيف أو نحوه وذكروا أيضاً: أنّه يكره إقعاده وترجيل شعره وقص أظافره وحلق رأسه أو عانته أو شاربه. بل الأحوط وجوباً ترك القص والحلق ويدفن بالجسم الذي مات به، ويكره جعل الميت بين رجلي الغاسل وتخليل ظفره، ما لم تتوقف عليه صحة الغسل، وغسله بالماء الساخن بالنار، بل مطلقاً إلا  مع الاضطرار، والتخطي عليه حين التغسيل.

 

#+

في التكفيـن

  يجب كفاية تكفين الميت بثلاثة أثواب:

الأول: المئزر، ويجب أن يكون ساتراً ما بين السرة والركبة.

الثاني: القميص، ويجب أن يكون ساتراً من المنكبين إلى نصف الساق.

الثالث: الإزار، ويجب أن يغطي كل البدن.

(مسألة 312) : الأحوط وجوباً في كل هذه الأثواب أن يكون ساتراً لما تحته غير حاكٍ عنه وإن حصل الستر بالمجموع.

(مسألة 313) : لابد في التكفين من إذن الولي على نحو ما تقدم في التغسيل، ولا يعتبر فيه نية القربة.

(مسألة 314) : إذا تعذرت القطعات الثلاث، اقتصر على الميسور، وإذا دار الأمر بينها يقدم الإزار، وعند الدوران بين المئزر والقميص يقدم المئزر، وإن لم يكن إلا مقدار ما يستر العورة تعين الستر به. وإذا دار الأمر بين ستر القبل وستر الدبر تعين الأول.

(مسألة 315) : لا يجوز اختياراً التكفين بالحرير ولا بالنجس حتى إذا كانت نجاسته معفواً عنها في الصلاة، بل الأحوط وجوباً أن لا يكون مذهّباً ولا من أجزاء ما لا يؤكل لحمه، بل ما يؤكل لحمه أيضاً على الأحوط استحباباً. وأمّا وبره وشعره فيجوز التكفين به. وأمّا في حال الاضطرار فيجوز الجميع. فإذا انحصر في واحد منها تعين ولو باعتبار تعذر تطهير المتنجس.

(مسألة 316) : إذا دار الأمر بين التكفين بالمتنجس والتكفين بغيره من تلك الأنواع فالأحوط اختيار الطاهر، وإذا دار الأمر بين الحرير وغير المتنجس قدم غير الحرير، ولا يبعد التخيير في غير ذلك من الصور.

(مسألة 317) : لا يجوز التكفين بالمغصوب حتى مع الانحصار، وفي التكفين بجلد الميتة إشكال. ومع الانحصار فالأحوط وجوباً الاقتصار على ستر العورة به.

(مسألة 318) : يجوز التكفين بالحرير غير الخالص، بشرط أن يكون الخليط أزيد من الحرير، وإن كان للتكفين بما تجوز به الصلاة وجه.

(مسألة 319) : إذا تنجس الكفن بنجاسة من الميت أو من غيره وجب إزالتها ولو بعد الوضع في القبر بغسل أو بقرض، إن كان الموضع يسيراً ولا يلزم منه انكشاف شيء من البدن. وإذا لم يمكن ذلك وجب تبديله مع الإمكان، هذا إذا لم يستلزم نبش القبر، ومعه لا يجب لو ترك التطهير عمداً.

(مسألة 320 ) : القدر الواجب من الكفن يخرج من أصل التركة قبل الدين والوصية، وكذا ما وجب من مؤونة تجهيزه ودفنه من السدر والكافور وماء الغسل وقيمة الأرض وما يأخذه الظالم من الدفن في الأرض المباحة وأجرة الحمال والحفار ونحوها.

(مسألة 321) : كفن الزوجة على زوجها وإن كانت صغيرة أو مجنونة أو منقطعة أو غير مدخول بها، وكذا المطلقة الرجعية ولا يترك الاحتياط في الناشز دون البائن. ولا فرق في الزوج بين أحواله من الصغر والكبر والجنون والفلس وغيرها، ويتولى وليّه مع قصوره عن التصرف.

(مسألة 322) : يشترط في وجوب الكفن على الزوج أن لا يقترن موتها بموته، فضلاً عما إذا مات قبلها ولو بلحظة، ولو شك في تقدمها لم يجب. كما يشترط عدم تعيينها الكفن بالوصية.

(مسألة 323) : كما أن كفن الزوجة على زوجها، كذلك سائر مؤن التجهيز من السدر والكافور وغيرهما مما عرفت على الأحوط وجوباً، بل هو الأقوى.

(مسألة 324) : الزائد على المقدار الواجب من الكفن وسائر مؤن التجهيز لا يجوز إخراجه من الأصل إلا مع رضا الورثة. وإذا كان فيهم صغير أو غير رشيد لا يجوز لوليّه الإجازة في ذلك، فيتعين حينئذ إخراجه من حصص الكاملين برضاهم وكذا الحال في قيمة القدر الواجب، فإنّ الذي يخرج من الأصل ما هو أقل قيمة، ولا يجوز إخراج الأكثر منه إلا مع رضا الورثة الكاملين، فلو كان الدفن في بعض المواضع لا يحتاج إلى بذل مال وفي غيره يحتاج إلى ذلك لا يجوز للولي مطالبة الورثة بذلك ليدفنه فيه، ما عدا ما سنشير إليه في المسألة  الآتية.

(مسألة 325) : ما ذكرناه في المسألة  السابقة هو المشهور. ولا يبعد الجواز، بل الوجوب فيما لا يؤدي إلى إهانة الميت، بل لا يبعد الجواز فيما يناسب شأنه من التجهيز، وخاصة فيما إذا كانت الخلة بدرجة موجبة للخلة للورثة القاصرين أيضاً، فيجوز لوليّهم الإذن في الصرف من حصصهم، نعم، لو لم يوصِ أو كان يبقى من الثلث بقية بعد تنفيذ الوصية فلا يبعد تعين الصرف منه دون مجموع التركة. ويظهر الأثر فيما إذا كان تجهيزه المناسب زائداً على الثلث، أمّا التجهيز أكثر من المناسب، وكذلك ما زاد على التجهيز من الفاتحة والإطعام ونحوها من الأمور العرفية فيخرج من حصص الكاملين برضاهم. ولا يجوز صرفه من حصص القاصرين.

(مسألة 326) : كفن واجب النفقة من الأقارب في ماله لا على من تجب عليه النفقة، نعم، لو لم يكن له مال فالأحوط وجوبه على المنفق، وإن كان لا يبعد كونه جزءاً من الوجوب الكفائي.

(مسألة 327) : إذا لم يكن للميت تركة لم يجُز دفنه عارياً، فإن اتفق هناك بعض الوجوه المالية الشرعية المنطبقة على مورده صرف عليه منها وإلا وجب على الأحوط كفاية الصرف عليه، ولو بنية الإقراض للوارث أو لبيت المال. فإن تعذر كل ذلك دفن عارياً، مستور العورة مع الإمكان.

(مسألة 328) : ذكروا من سنن هذا الفصل: أنّه يستحب في الكفن العمامة للرجل ويكفي فيها المسمى، والأولى أن تدار على رأسه مرة أو مرتين ويجعل طرفاها تحت حنكه على صدره، الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن، والمقنعة للمرأة ويكفي فيها المسمى أيضاً، ولفافة لثدييها تشد إلى ظهرها، وخرقة يعصب بها وسط الميت ذكراً كان أو أنثى، وخرقة أخرى للفخذين تلف عليهما، ولفافة فوق الإزار يلف بها تمام البدن، والأولى كونها برداً يمانياً، وأن يجعل القطن أو نحوه عند تعذره بين رجليه يستر به العورتين، ويوضع عليه شيء من الحنوط، وأن يحشى دبره ومنخراه وقُبُل المرأة إذا خيف خروج شيء منها، وأن يكون من القطن، وأن يكون أبيض، وأن يكون من خالص المال وطهوره، وأن يكون ثوباً قد أحرم فيه أو صلى فيه، وأن يلقى عليه الكافور والذريرة وأن يخاط بخيوطه إذا احتاج إلى الخياطة، وأن يكتب على حاشية الكفن: فلان بن فلان يشهد أن لا إله إلا  الله وحده لا شريك له، وأنّ محمداً رسول الله، ثم يذكر الأئمة (عليهم السلام) واحداً بعد واحد، وأنّهم أولياء الله وأوصياء رسوله، وأن البعث والثواب والعقاب حق، وأن يكتب على الكفن دعاء الجوشن الصغير والكبير. ويلزم أن يكون ذلك كله في موضع يؤمن عليه من النجاسة والقذارة، فيكتب في حاشية الإزار من طرف رأس الميت.

(مسألة 329) : يستحب أيضاً في التكفين أن يجعل الطرف الأيمن من اللفافة على أيسر الميت والأيسر على أيمنه، وأن يكون المباشر للتكفين على طهارة من الحدث، وإن كان هو المغسل غسل يديه من المرفقين، بل المنكبين ثلاث مرات ورجليه إلى الركبتين. ويغسل كل موضع تنجس من بدنه. والأفضل من ذلك أن يغتسل غسل مس الميت قبل التكفين. وأن يجعل الميت حال التكفين مستقبل القبلة. والأولى أن يكون كحال الصلاة عليه.

(مسألة 330) : يكره قطع الكفن بالحديد وعمل الأكمام والزرور له ولو كفن في قميصه قطع أزراره، ويكره بَلّ الخيوط التي تخاط بها بريقه، وتبخيره وتطييبه بغير الكافور والذريرة، وأن يكون أسود بل مطلق المصبوغ، وأن يكتب عليه بالسواد، وأن يكون من الكتّان، وان يكون ممزوجاً بإبريسم، والمماكسة في شرائه، وجعل العمامة بلا حنك، وكونه وسخاً، وكونه مخيطاً.

(مسألة 331) : يستحب لكل أحد أن يهيء كفنه قبل موته، وأن يكرر نظره إليه.

 

$+

في التحنيط

يجب إمساس مساجد الميت السبعة بالكافور، وهي الجبهة وباطن الكفين والركبتين ورأس إبهامي القدمين، ويكفي المسمى. والأحوط استحباباً أن يكون المسح باليد، بل بالراحة. والأفضل أن يكون وزنه سبعة مثاقيل صيرفية ويساوي (33) غرام. ويستحب سحقه باليد. كما يستحب مسح مفاصله ولبته وصدره وباطن قدميه وظاهر كفيه.

(مسألة 332) : محل التحنيط بعد التغسيل أو التيمم قبل التكفين أو في أثنائه. وفي جواز تأخيره بعد التكفين وجه.

(مسألة 333) : يشترط في الكافور أن يكون طاهراً مباحاً جافاً مسحوقاً. والأحوط استحباباً أن تكون له رائحة، وإن كان الأقوى إجزاء ما فقد رائحته ما دام يصدق عليه الاسم. كما يشترط في الميت أن لا يكون محرماً وإلا لم يقربه الكافور الا ان يكون موته بعد الانتهاء من السعي كما تقدم في المسألة (308).

(مسألة 334) : يكره إدخال الكافور في عين الميت وأنفه وأذنه وعلى وجهه.  


 

%+

في الجريدتيـن

يستحب أن يجعل مع الميت جريدتان رطبتان إحداهما عن الجانب الأيمن من عند الترقوة ملصقة ببدنه، والأخرى من الجانب الأيسر من عند الترقوة بين القميص والإزار، والأولى أن تكونا من النخل، فإن لم يتيسر فمن السدر، فإن لم يتيسر فمن الخلاف أو الرمان، والرمان مقدم على الخلاف، وإلا فمن أي عود رطب.

(مسألة 335) : إذا تركت الجريدتان لنسيان ونحوه، فالأولى جعلهما فوق القبر، واحدة عند رأسه والأخرى عند رجليه.

(مسألة 336) : الأولى أن يكتب عليها ما يكتب على حواشي الكفن مما تقدم، ويلزم الاحتفاظ عن تلوثهما بما يوجب المهانة، ولو بلفهما بما يمنعهما عن ذلك من قطن ونحوه.

 

^+

في الصلاة على الميت

تجب الصلاة وجوباً كفائياً على كل مسلم، ذكراً كان أم أنثى، مؤمناً أم مخالفاً، عادلاً أم فاسقاً. ولا تجب على أطفال المسلمين إلا إذا بلغوا ست سنين فصاعداً. وتستحب على من كان دون ذلك وقد تولد حياً. وكل من وجد ميتاً في بلاد الإسلام فهو مسلم ظاهراً، وكذا لقيط دار الإسلام، وكذا المحكوم بإسلامه إمّا لإسلام أحد عموديه، أي عمود الآباء وعمود الأمهات ولو ارتد بعد ذلك، وإمّا لاعترافه بالإسلام إذا كان طفلاً مميزاً، ولو كان أبواه كافرين.

(مسألة 337) : لا تجوز الصلاة على الكافر بأقسامه، ولا على المحكوم بكفره ممن انتحل الإسلام، ولا على المرتد ملّيّاً كان- وهو من كان بالأصل غير مسلم ثم أسلم- أو فطرياً - وهو من تولّد على فطرة الإسلام- وعدم الجواز هنا تشريعي لا ذاتي، أي إنّ الصلاة غير مشروعة ولا يعني ترتب العقاب على من يخالف.

(مسألة 338) : محل الصلاة بعد الغسل والتكفين، فلا تجزي قبلهما ولا تسقط بتعذرهما كما لا تسقط بتعذر الدفن أيضاً.

(مسألة 339) : أولى الناس بالصلاة على الميت أولاهم بميراثه، فليس لأحد مزاحمته عليها فيما لو أراد مباشرتها بنفسه أو إيكالها لشخص يعيّنه، بل الأحوط وجوباً توقف صحتها مطلقاً على إذنه مع إمكان حصوله.

(مسألة 340) : الأحوط وجوباً في كيفيتها أن يكبر أولاً ويتشهد الشهادتين، ثم يكبر ثانياً ويصلي على النبي (صلى الله عليه وآله)، ثم يكبر ثالثاً ويدعو للمؤمنين، ثم يكبر رابعاً ويدعو للميت، ثم يكبر خامساً وينصرف. والأحوط استحباباً الجمع بين الأدعية بعد كل تكبيرة بنية رجاء المطلوبية. ولا قراءة فيها ولا ركوع ولا سجود ولا تسليم.

(مسألة 341) : أقلُّ ما يجزي من الصلاة أن يقول المصلي: الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا  الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، الله أكبر، اللهم صلِّ على محمد وآل محمد، الله أكبر، اللهم اغفر للمؤمنين، الله أكبر، اللهم اغفر لهذا ويشير إلى الميت، ثم يقول: الله أكبر، وينصرف.

(مسألة 342) : ذكروا في الصلاة المطولة أن يقول: الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا  الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، أو يقول - بعد قوله: ودين الحق-  بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة.

ثم يقول: الله أكبر، اللهم صلِّ على محمد وآل محمد وبارك على محمد وآل محمد وارحم محمداً وآل محمد كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد، وصلِّ على جميع الأنبياء والمرسلين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.

ثم يقول: الله أكبر، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات وتابع بيننا وبينهم بالخيرات إنّك مجيب الدعوات قاضي الحاجات وأنت على كل شيء قدير.

ثم يقول: الله أكبر، اللهم أن هذا عبدك وابن عبدك وابن أمتك. نزل بك وأنت خير منـزول به، اللهم إنّا لا نعلم منه إلا خيراً وأنت أعلم به منا، اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عنه واغفر له. أو يقول: فتجاوز عن سيئاته، واغفر لنا معه فإنّا لا نقيم بعده إلا قليلاً. اللهم اجعله عندك في أعلى علّيّين وارزقه شفاعة أوليائه المعصومين(عليهم السلام)، وأخلف على أهله في الغابرين وارحمه برحمتك يا أرحم الراحمين.

ثم يقول: الله أكبر وينصرف.

(مسألة 343) : يجب في الصلاة على الميت أمور:

منها: النية.

ومنها: حضور الميت، فلا يصلى على الغائب.

ومنها: استقبال المصلي القبلة.

ومنها: أن يكون رأس الميت إلى جهة يمين المصلي ورجلاه إلى جهة يساره.

ومنها: أن يكون مستلقياً على قفاه على الأحوط استحباباً.

ومنها: كون الميت بين المصلي والقبلة.

ومنها: وقوف المصلي محاذياً لبعضه، إلا أن يكون مأموماً، وقد استطال الصف حتى خرج عن المحاذاة.

ومنها: أن لا يكون المصلي بعيداً عنه على نحو لا يصدق الوقوف عنده، إلا مع اتصال الصفوف في الصلاة جماعة.

ومنها: أن لا يكون بينهما حائل من ستر أو جدار. ولا يضر الستر بمثل التابوت ونحوه.

ومنها: أن يكون المصلي قائماً فلا تصح صلاة غير القائم إلا مع عدم التمكن من صلاة القائم.

ومنها: الموالاة العرفية بين التكبيرات والأدعية.

ومنها: أن يكون الميت مستور العورة، ولو بحجر أو ورق الشجر، إن تعذر الكفن. والظاهر أنّ هذا وجوب تكليفي وليس شرطاً في صحة الصلاة.

ومنها: إباحة مكان المصلي على الأحوط وجوباً.

ومنها: إذن الولي، إلا  إذا أوصى الميت بأن يصلي عليه شخص معين فإن لم يأذن له الولي، فله أن يبادر بدون إذنه.

(مسألة 344) : لا يعتبر في الصلاة على الميت الطهارة من الحدث والخبث وإباحة اللباس وستر العورة، وإن كان الأحوط استحباباً اعتبار جميع شرائط الصلاة بما فيها ترك الكلام والضحك والالتفات عن القبلة، بل لا يترك الاحتياط فيها إلا  إذا كانت ماحية لصورة الصلاة فتبطل.

(مسألة 345) : إذا شك أنّه صلى على الجنازة أم لا بنى على العدم، وإذا صلى وشك في صحة الصلاة بنى على الصحة، وإذا علم ببطلانها وجبت إعادتها على الوجه الصحيح، وكذا لو أدّى اجتهاده أو تقليده إلى بطلانها.

(مسألة 346) : يجوز تكرار الصلاة على الميت الواحد وخاصة إذا كان من أهل الشرف في الدين. والنية فيها الاستحباب والأحوط استحباباً قصد الرجاء.

(مسألة 347) : لو دفن الميت بلا صلاة صحيحة فلا يجوز نبش قبره للصلاة عليه وإنّما يؤتى بها رجاء المطلوبية على قبره وجوباً مالم يتلاش جسمه إذا كان التاخير عمداً، وإلا بمقدار يوم وليلة وجوباً وما بعده استحباباً.

(مسألة 348) : يستحب أن يقف الإمام والمنفرد عند وسط الرجل وصدر المرأة.

(مسألة 349) : إذا اجتمعت جنائز متعددة جاز تشريكها بصلاة واحدة، فتوضع الجميع أمام المصلي مع المحاذاة بينها، والأولى مع اجتماع الرجل والمرأة أن يجعل الرجل أقرب إلى المصلي ويجعل صدرها محاذياً لوسط الرجل، ويجوز جعل الجنائز صفاً واحداً فيجعل رأس كل منهم عند إليَة الآخر شبه الدرج، ويقف المصلي وسط الصف، ويراعي في الدعاء بعد التكبير تثنية الضمير وجمعه.

(مسألة 350) : يستحب في صلاة الميت الجماعة، ويعتبر في الإمام أن يكون جامعاً لشرائط الإمامة، من البلوغ والعقل والإيمان، بل تعتبر فيه العدالة أيضاً على الأحوط وجوباً، بل الأحوط وجوباً اعتبار شرائط الجماعة من انتفاء البعد والحائل وأن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأموم وغير ذلك.

(مسألة 351) : إذا حضر شخص في أثناء الصلاة كبّر مع الإمام وجعله أول صلاته وتشهد الشهادتين بعده. وهكذا يكبر مع الإمام ويأتي بما هو وظيفة نفسه. فإذا فرغ الإمام أتى ببقية التكبير بلا دعاء وإن كان الدعاء أحوط. والنية في هذه البقية هي الرجاء دعا أم لم يدعُ، على الأحوط.

(مسألة 352) : يتضح من المسألة  السابقة أن الإمام في صلاة الميت لا ينوب عن المأمومين في القراءة، بمعنى أن السكوت خلفه لا يجزيهم كما في الصلوات اليومية. وإنّما هي مجرد المتابعة. وإنّما تجب المتابعة في التكبيرات، دون الدعاء.

(مسألة 353) : لو صلى الصبي المميز على الميت أجزأت صلاته إذا كانت صحيحة، وإن كان الأحوط استحباباً العدم.

(مسألة 354) : إذا كان ولي الميت امرأة جاز لها مباشرة الصلاة والإذن لغيرها ذكراً كان أم أنثى.

(مسألة 355) : إذا كان الميت مستضعفاً قال المصلي بعد التكبيرة الرابعة: اللهم اغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم. وإن كان مستحقاً للعن لعنه ودعا عليه، وإن كان الميت طفلاً غير بالغ قال: اللهم اجعله لأبويه ولنا سلفاً وفرطاً وأجراً.

(مسألة 356) : إذا كان الميت رجلاً أتى بالضمائر مذكرة وإن كان امرأة أتى بها مؤنثة. وكذلك جميع ما يناسب من ألفاظ الأدعية. وإن جهل ذلك تخيّر. فله أن يذكر بقصد الميت ويؤنث بقصد الجنازة. وليس له ذلك مع علمه بنوعها على الأحوط وجوباً. وكذلك الحال في التثنية والجمع ولو جهلهما جمع.

(مسألة 357) : ذكروا للصلاة على الميت آداباً:

منها: أن يكون المصلي على طهارة ويجوز التيمم مع وجدان الماء إذا خاف فوت الصلاة أن توضأ أو اغتسل، بل مطلقاً، مع قصد الرجاء في غير حالة العذر.

ومنها: رفع اليدين عند التكبير.

ومنها: أن يرفع الإمام صوته بالتكبير والأدعية.

ومنها: اختيار المواضع التي يكثر فيها الاجتماع.

ومنها: اختيار المواضع المقدسة كالمساجد والمراقد.

ومنها: أن تكون الصلاة بالجماعة.

ومنها: أن يقف المأموم خلف الإمام.

ومنها: الاجتهاد في الدعاء للميت المؤمن والمؤمنين ولو بزيادات على الدعاء ينشؤها من عنده.

ومنها: أن يقول قبل الصلاة: الصلاة ثلاث مرات.

ومنها: أن يقف المصلي -لاسيما الإمام-  في مكانه حتى ترفع الجنازة.

ومنها: أن يقول بعد الصلاة: ربَّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

 

 &+

في التشييع

 يستحب إعلام المؤمنين بموت المؤمن ليشيعوه، ويستحب لهم تشييعه وله آداب كثيرة مذكورة في الكتب المبسوطة، مثل أن يمشي المشيع خلف الجنازة خاشعاً متفكراً حاملاً الجنازة على الكتف، قائلاً حين الحمل: بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وآل محمد اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات. ويكره الضحك واللعب واللهو والإسراع في المشي والركوب والمشي قدام الجنازة والكلام بغير ذكر الله تعالى والدعاء والاستغفار. ويكره وضع الرداء من غير صاحب المصيبة، فإنّه يستحب له ذلك وأن يمشي حافياً. ويستحب لمن رأى جنازة أن يقول: الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم أو يقول: الله أكبر، هذا ما وعد الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، اللهم زدنا إيماناً وتسليماً، الحمد لله الذي تعزز بالقدرة وقهر العباد بالموت.

 

*+

في الدفن

 يجب على المجتمع دفن الميت المسلم ومن بحكمه، وهو مواراته في الأرض بحيث يؤمن على جسده من السباع وإيذاء رائحته للناس. ولا يكفي وضعه في بناء أو في تابوت وإن حصل الأمران.

(مسألة 358) : يجب وضع الميت في القبر على الجانب الأيمن موجها وجهه إلى القبلة، وهي بمقدار ما يجب استقباله في الصلاة. وإذا اشتبهت القبلة عمل بالظن على الأحوط وجوباً، ومع تعذره يسقط وجوب الاستقبال إن لم يمكن التأخير.

(مسألة 359) : إذا كان الميت في البحر، ولم يمكن دفنه في البر ولو بالتأخير، غسل وحنط وصلي عليه ووضع في خابية كالكيس ونحوه وأحكم رأسها وألقي في البحر أو ثقِّل بشد حجر أو نحوه برجليه ثم يلقى في البحر. والظاهر أن اشتراط خوف التأخير مبني على الاحتياط الاستحبابي.

(مسألة 360) : لا يجوز دفن الميت المسلم في مقبرة الكافرين، وكذا العكس. ويشمل هذا الحكم من حكم بكفره، ممن انتحل الإسلام على الأحوط استحباباً.

(مسألة 361) : إذا ماتت الحامل الكافرة ومات في بطنها حملها من مسلم دفنت في مقبرة المسلمين على جانبها الأيسر مستدبرة القبلة، وكذلك الحكم أن كان الحمل لم تلجه الروح، وهو الأحوط وجوباً حتى لو كان من زنا.

(مسألة 362) : لا يجوز دفن المسلم في مكان يوجب هتك حرمته كالمزبلة والبالوعة، ولا في المكان المغصوب أو الموقوف لغير الدفن كالمدارس والمساجد والحسينيات المتعارفة في زماننا والخانات الموقوفة لغير الدفن وإن أذن الولي.

(مسألة 363) : لا يجوز الدفن في الأرض المجهولة المالك، وهي المحياة بمال مجهول المالك، أو نحوها، إلا بإذن الحاكم الشرعي. وليس لصاحب اليد الإذن به، كما انّه لا حجية في إذنه.

(مسألة 364) : لا يجوز الدفن في قبر ميت قبل اندراسه وصيرورته تراباً، نعم، إذا كان القبر منبوشاً وأزيل عنه الميت جاز الدفن فيه على الأقوى، ما لم تكن أرض القبر مملوكة شرعاً للغير.

(مسألة 365) : يستحب حفر القبر قدر قامة أو إلى الترقوة، وأن يجعل له لحد مما يلي القبلة في الأرض الصلبة بقدر ما يمكن الجلوس فيه وتسد الفتحة، وفي الرخوة يشق وسط القبر شبه النهر ويجعل فيه الميت ويسقف عليه ثم يهال التراب، ويمكن جعل اللحد بطرق أخرى منها: أن تستثنى مسافة من قعر الحفيرة وتسقف، بعد جعل الميت على أرضها، ومنها: أن تبنى حول الميت بعد وضعه على أرض الحفيرة شبه الغرفة وتسقف، ويهال التراب على المجال الباقي. وأمّا طم الجسد في التراب فهو مرجوح ومخالف لسيرة المتشرعة.

(مسألة 366) : الظاهر جواز ما عليه سيرة حفاري القبور في أيامنا من بناء لحود على جانبي سرداب كبير، إذا كان اللحد تحت سطح الأرض المتعارف بمعنى أن يصل سقفه إليها أو دونها.

(مسألة 367) : ذكروا:  أنّه يستحب أن يغطى القبر بثوب عند إدخال المرأة، والذِّكر عند تناول الميت وعند وضعه في القبر، والتحفي وحل الأزرار وكشف الرأس للمباشر لذلك، وأن يحل عقدة الكفن من طرف الرأس بعد وضعه في القبر، ويكشف عن وجهه ويجعل خده على الأرض، ويعمل له وسادة من تراب، وأن يوضع شيء من تربة الحسين (عليه السلام) معه، وتلقينه الشهادتين والإقرار بالأئمة (عليهم السلام)، وأن يسد اللحد باللبن، وأن يخرج المباشر من طرف الرجلين، وأن يهيل الحاضرون التراب بظهور الأكفّ غير ذي الرحم، وطم القبر وتربيعه، يعني جعله مربعاً أو مستطيلاً لا مثلثاً ومخمساً ولا غير ذلك، ورش الماء عليه دوراً، يستقبل القبلة ويبتدأ من عند الرأس، فإن فضل شيء صب على وسطه، ووضع الحاضرين أيديهم عليه غمزاً بعد الرش، ولا سيما إذا كان الميت هاشمياً أو أنّ الحاضر لم يحضر الصلاة عليه، والترحم عليه بمثل قوله: اللهم جافِ الأرض عن جنبيه وصعد روحه إلى أرواح المؤمنين في علّيّين وألحقه بالصالحين، وأنّ يلقنه الولي بعد انصراف الناس رافعاً صوته، وأن يكتب اسم الميت على القبر أو على لوح أو حجر وينصب على القبر.

(مسألة 368) : يكره دفن ميتين معاً في قبر واحد، أمّا دفن الثاني بعد دفن الأول فقد علمت حرمته، ونزول الأب في قبر ولده وغير المحرم في قبر المرأة، وإهالة الرحم التراب، وفرش القبر بالساج من غير حاجة كالرطوبة الشديدة، وتجصيص القبر وتطيينه إلا أن يكون الميت من أهل الشرف، وتعليته وتسنيمه والبناء عليه والمشي عليه والجلوس والاتكاء.

(مسألة 369) : يكره نقل الميت من بلد إلى آخر، إلا المشاهد المشرفة، والمواضع المحترمة، فإنّه يستحب ما دام لم يدفن ولا سيما الغري والحائر، وفي بعض الروايات أن من خواص الأول إسقاط عذاب القبر ومحاسبة منكر ونكير.

(مسألة 370) : إذا اتفق ظهور جسد الميت لسبب أو لآخر او نبش قبره لأحد المبررات الآتية فانه لا يجب دفنه في نفس المكان، ويجوز نقله كجوازه قبل الدفن اصلاً.

(مسألة 371) : لا يجوز نبش القبر وإخراج الميت لنقله ودفنه في المشاهد المشرفة فضلاً عن غيرها حتى إذا كان بإذن الولي ولم يلزم هتك حرمة الميت، إلا إذا أوصى بذلك. أو أن الميت قد انكشف جسده بسببٍ ما كانفجار قنبلة أو جرفته السيول، وحينئذٍ لا يجب إعادته إلى نفس القبر فيجوز نقله إلى مكان آخر بشرط عدم حصول حالة الهتك لكرامته.

(مسألة 372) : يحرم نبش قبر المؤمن على نحو يظهر جسده، إلا مع العلم باندراسه وصيرورته تراباً، من دون فرق بين الصغير والكبير والعاقل والمجنون.

ويستثنى من ذلك موارد:

منها: ما إذا كان النبش لأجل تنفيذ وصية الميت بالنقل إلى المشاهد المشرفة ونحوه.

ومنها: ما إذا كان لأجل رفع مفسدة مهمة عن جسد الميت، ولا يمكن تلافيها بإخفاء قبره ونحو ذلك، أمّا لكونه مدفوناً في موضع يوجب مهانة عليه كمزبلة أو بالوعة، أو في موضع يتخوف على جسده من سيل أو سبع أو عدو.

ومنها: ما لو عارضه أمر راجح أهم في نظر الشرع، كما لو توقف دفع مفسدة على رؤية جسده، أو توقف عليه حكم قضائي معين.

ومنها: ما لو لزم من ترك النبش ضرر مالي معتد به، كما إذا دفن في ملك غيره بغير إذنه ولم يمكن استرضاؤه، أو دفن معه مال غيره من خاتم ثمين ونحوه.

ومنها: ما إذا دفن بلا غسل ولا تكفين أو تبين بطلان غسله أو بطلان تكفينه، أو لكون دفنه على غير الوجه الشرعي لوضعه في القبر على غير القبلة ونحو ذلك، مع إمكان تدارك ذلك باحتمال معتد به من دون هتك لحرمته، وإلا  لم يجُز النبش ويعرف ذلك عادة بمضي المدة.

(مسألة 373) : لا يجوز الإيداع المتعارف عند بعض الشيعة (أيدهم الله تعالى) بوضع الميت في موضع والبناء عليه ثم نقله إلى المشاهد المشرفة، بل اللازم أن يدفن على الوجه الشرعي، بحيث لو استمر فيه لم يكن فيه إشكال، ثم إذا أريد نقله إلى المشاهد المشرفة جاز في بعض الموارد المتقدمة.

(مسألة 374) : إذا وضع الميت في سرداب جاز فتح بابه وإنزال ميت آخر فيه إذا لم يظهر جسد الأول، أمّا للبناء عليه أو لوضعه في لحد داخل السرداب. وأمّا إذا كان بنحو يظهر جسده ففي جوازه إشكال.

(مسألة 375) : إذا مات ولد الحامل دونها، فإن أمكن إخراجه صحيحاً وجب. وإلا جاز تقطيعه، ويتحرى الأرفق فالأرفق وتتولى ذلك طبيبة مختصة، وإلا فطبيب مختص يقتصر على مقدار الضرورة. وإن ماتت هي دونه شق بطنها وأخرج، ثم يخيط هذا الجرح ما لم يوجب الهتك والتأخير الزائد فيكون الاحتياط بالتعجيل.

(مسألة 376) : إذا وجد بعض الميت وفيه الصدر غسل وحنط وكفن وصلي عليه ودفن. وكذا إذا كان الصدر وحده بحيث يصدق عليه أنّه بدن ميت لكنه مقطوع الرأس واليدين والرجلين، أو بعضه مما يصدق عليه الصدر، أو كان الموجود جميع عظامه مجردة عن اللحم أو معظمها بشرط أن تكون فيها عظام صدره، على الأحوط وجوباً. وفي حالة وجود الصدر أو بعضه فقط يقتصر في التكفين على القميص والإزار، ويضاف إليهما المئزر أن وجد محل معتد به.

(مسألة 377) : إذا وجد غير عظم الصدر مجرداً كان أو مشتملاً على لحم، غسل ولف بخرقة ودفن ولم يصلَّ عليه. فإن كان للتحنيط محل وجب على الأحوط، وإذا لم يكن فيه عظم لف بخرقة ودفن وجوباً.

 

(مسألة 378) : السقط إذا تم له أربعة أشهر غسل وحنط وكفن ولم يصلَّ عليه. وإذا كان لدون ذلك لكنه بحيث يصدق عليه اللحم والعظم عرفاً، لف بخرقة ودفن على الأحوط وجوباً، لكن لو ولجته الروح حينئذٍ فالأحوط -إن لم يكن أقوى- جريان حكم الأربعة أشهر عليه. وأمّا إذا كان السقط بحيث يصدق عليه أنّه دم وليس بلحم وعظم عرفاً، فلا يجب فيه شيء. 

شارك الاستفتاء

المقصد السادس

 غسل مس الأموات

 يجب الغسل بمس الميت الإنساني بعد برده بالموت وقبل إتمام غسله، يعني الأغسال الثلاثة كلها، مسلماً كان أو كافراً، حتى السقط إذا ولجته الروح وإن لم يتم أربعة أشهر على الأحوط. ولو غسل دون الوظيفة عن عذر، كما لو غسله الكافر لفقد المماثل أو غسل بالماء الصافي لفقد الخليط أو أقل من ثلاثة أغسال لفقد الماء، فالأقوى عدم وجوب الغسل بمسه لقيام الحجة على الاجتزاء بهذه البدلية. وكذلك لو يمم الميت للعجز عن تغسيله، وإن كان الأحوط استحباباً في صورة التيمم، بل مطلق العذر عن الوظيفة الإتيان بغسل المس.

(مسألة 379) : لا فرق في الماس والممسوس بين أن يكون من الظاهر والباطن، وكونه مما تحله الحياة وعدمه، ماساً وممسوساً، حتى بالشعر في طرف الممسوس مطلقاً، وفي طرف الماس إذا كان تابعاً للبشرة عرفاً، بل مطلقاً أيضاً على الأحوط ما دام يصدق عليه المس.

(مسألة 380) : لا فرق بين العاقل والمجنون والصغير والكبير والذكر والأنثى والمس الاختياري والاضطراري.

(مسألة 381) : إذا مس الميت قبل برده لم يجب الغسل بمسه، نعم، يتنجس العضو الماس بشرط وجود الرطوبة المسرية بينهما.

(مسألة 382) : إذا حصل برد الميت أسرع من المعتاد في مكان شديد البرودة ونحوه، فالأحوط وجوب الغسل بمسه.

(مسألة 383) : إذا شك في البرد بعد الموت لم يجب الغسل وإذا شك في حصول غسل الميت أو إتمامه بنى على عدمه، فيجب الغسل بمسه. وإذا شك بأنّ الممسوس هل هو جسد الميت أو شيء من ثيابه لم يجب.

(مسألة 384) : إذا شك في المس وعدمه، أو في موت الممسوس، أو كونه إنساناً أم حيواناً، لم يجب غسل المس. وأمّا إن كان الشك في الشهادة موضوعاً أو حكماً، فالأحوط وجوباً الغسل بمسه.

(مسألة 385) : مس الميت ليس بحدث أكبر بل هو كالحدث الأصغر حكماً، إلا في إيجابه الغسل للصلاة ونحوها، وهو يكفي عن الوضوء وإن كان الأحوط استحباباً ضمه إليه، وعلى هذا فيجوز له قبل الإتيان بالغسل دخول المساجد والمكث فيها وقراءة العزائم ونحوها، مما يجوز للمحدث بالأصغر دون المحدث بالأكبر، نعم، يحرم عليه مايحرم على المحدث بالأصغر كمس كتابة القرآن الكريم. ولايصح منه كل عمل مشروط بالطهارة إلا  بالغسل.

(مسألة 386) : يجب الغسل بمس القطعة المبانة من الميت، بل الحي على الأحوط إذا كانت مشتملة على لحم وعظم، دون الفاقدة لأحدهما سواء كانت من حي أو ميت.

(مسألة 387) : إذا قلع السن من الحي، وكان معه لحم يسير لم يجب الغسل بمسه.

 

(مسألة 388) : كيفية هذا الغسل مثل غيره من الأغسال.

1 2
المجموع: 13 | عرض: 1 - 10

مكتب المرجع الديني

الشيخ محمد اليعقوبي(دام ظله) - ارسل استفتاءك

النجف الاشرف