الامر الاول - الاحرام

شارك الاستفتاء

أحكام الحرم المكي وآداب دخوله

 

حدود الحرم:

          مكة المكرمة حرم الله تعالى وقد شرفها سبحانه وتعالى بنسبتها إليه، والحرم الشرعي أوسع من مكة وهو يعبر عن مساحة تدخل في ضمنها مكة المكرمة، وتقدّر هذه المساحة بمسافة بريد طولاً وعرضاً، والبريد يساوي أربعة فراسخ أي حوالي اثنين وعشرين كيلومتراً، والمسجد الحرام واقع في وسط هذه المسافة، ولكنه ليس في نقطة الوسط حقيقة فإن الحرم يمتد من بعض جوانبه أكثر مما يمتد من بعض جوانبه الأخرى (لاحظ المخطط صفحة 350).

          وقد حافظ المسلمون على علامات تعيّن حدود الحرم، وهذه الحدود التي تعيّنها العلامات المذكورة تشير إلى أماكن قريبة إلى الحرم من جهاته الأربع، وهي كما يلي:

1- يحدّ الحرم شمالاً باتجاه المدينة المنورة مكان يُسمى بـ(التنعيم)، والمسافة بينه وبين المسجد الحرام قدّرت بحوالي سبع كيلومترات.

2- ويحد الحرم غرباً باتجاه جدّة مكان يسمى بـ(الحديبية)، ويبعد عن المسجد الحرام على ما قيل حوالي ثمانية عشر كيلومتراً.

3- ويحد الحرم شرقاً باتجاه نجد مكان يسمى بـ(الجعرانة)، ويبعد عن المسجد الحرام على ما قيل بما يزيد على أربعة عشر كيلومتراً.

4- ويحد الحرم جنوباً باتجاه عرفات والطائف مكان يسمى (نمرة)، وهي تبعد عن المسجد الحرام بما يزيد عن اثنين وعشرين كيلومتراً على ما يقال.

          وهذه النقاط والأماكن التي ذكرناها قريبة من الحرم وليست منه، وكل ما هو خارج عن مساحة الحرم يسمى بـ(الحد) وتُسمى تلك الأماكن المحادّة للحرم (أدنى الحل).

          ولا يجوز للإنسان دخول مكة بل ولا دخول الحرم إلا محرماً في أي وقت من السنة، ولا بد أن يكون الإحرام ضمن عملية حج أو عمرة، فمن لم يقصد الحج إذا أراد دخول مكة أو الحرم لا بد له أن يحرم للعمرة من أحد المواقيت الخمسة أو من أدنى الحل على التفصيل السابق في فصل المواقيت، ويستثنى من هذا الحكم من كان يتكرر دخوله إلى مكة المكرمة وخروجه منها بموجب عمله، بل كل من كان متواجداً بمكة بصورة مشروعه إذا خرج إلى الحل ورجع قبل مضي الشهر الهلالي الذي اعتمر فيه جاز له الدخول بلا إحرام.

 

 

 

محرمات الحرم:

          يحرم على المكلف لأجل كونه في الحرم بغضّ النظر عن كونه محرماً أو غير محرم أمور:

(الأول) قلع شجر الحرم ونبته:

(مسألة – 282) لا يجوز للمحرم –رجلاً كان أو امرأة- بل لكل مكلف وإن لم يكن محرماً أن يقلع أو يقطع أي شيء من أشجار الحرم ونباتاته، ولا بأس بما ينقطع عند المشي على النحو المعتاد والمتعارف، كما لا بأس بأن يترك الدواب في الحرم لتأكل من حشيشه.

          وهناك استثناءات من الحرمة وهي:

1- الإذخر، وهو نبت معروف.

2- النخل وشجر الفاكهة.

3- الأعشاب التي تجعل علوفة للإبل.

4- ما غرسه الشخص بنفسه، أو نما في داره، أو في ملكه دون ما كان موجوداً فيه قبل التملك.

(مسألة – 283) الشجرة التي يكون أصلها في الحرم وفروعها في خارجه، أو بالعكس حكمها حكم الشجرة التي يكون جميعها في الحرم.

(مسألة – 284) كفارة قلع الشجرة أو قطعها قيمة تلك الشجرة، يتصدق بها، وفي قطع بعضها قيمة ذلك البعض، ولا كفارة في قلع الأعشاب وقطعها.

(الثاني) الصيد في الحرم:

(مسألة – 285) يحرم الصيد في الحرم على الرجل المحرم والمرأة المحرمة، بل على كل مكلف وإن لم يكن محرماً، لأن ذلك من أحكام الحرم لا من أحكام المحرم، ولهذا لا يحل للمحرم بعد خروجه من الإحرام الصيد الحرمي ما دام هو في الحرم.

          وتقدمت أحكامه وكفاراته في أول تروك الإحرام ومحرماته.

(الثالث) إقامة الحد أو القصاص أو التعزير على من جنى في غير الحرم ثم لجأ إليه، فإنها غير جائزة، ولكن لا يُطعم الجاني ولا يُسقى ولا يُكلم ولا يُبايع ولا يؤوى حتى يضطر إلى الخروج منه فيؤخذ ويعاقب على جنايته.

(الرابع) أخذ لقطة الحرم على قول، والأظهر كراهته كراهة شديدة، وقال جماعة من الفقهاء بحرمة ذلك، فينبغي للحاج إذا وجد مالاً ضائعاً في الحرم أن لا يمدّ يده إليه حتى يعود إليه صاحبه إذا افتقده.

          وإذا أخذه فلا يجوز له تملّكه ولو عرّف به، بل يجب عليه التعريف وبعد انتهاء أمد التعريف وعدم وجدان المالك يتصدق به ويضمن المال لصاحبه.

 

محل ذبح الكفارة ومصرفها:

          تكرر فيما سبق في محرمات الإحرام أن في بعض الحالات يجب على المحرم أن يكفّر بذبح حيوان، وكل من وجبت عليه الكفارة ولم يؤدها اعتُبر آثماً ولكن حجه لا يبطل بذلك ولا ترتبط صحة الحج بأداء الكفارة، فهي على هذا الأساس واجب مستقل ولا يجب الإسراع به، ولا بد أن نوضّح هنا مكان ذبح الحيوان الذي يجب التكفير بذبحه وطريقة التصرف فيه بعد ذبحه.

          أما مكان الذبح فإن كان كفارة لأجل الصيد في العمرة –الأعم من كونه عمرة تمتع أو عمرة مفردة – ذُبح في مكة المكرمة، وإن كان للصيد في إحرام الحج ذُبح في منى.

          وإن كان لسبب آخر غير الصيد جاز ذبحها في أي مكان، وأمكن للمكلف تأخيرها إلى حين الرجوع إلى بلده، ويُستثنى من ذلك كفارة التظليل فإن الأحوط وجوباً أن تُذبح في منى إن كان الإحرام للحج، وفي مكة إن كان الإحرام للعمرة. وإذا تعذر عليه التكفير لعدم وجود المستحق في مكة ومنى ونحوه فيمكن تأخير ذبحها إلى حين عودته إلى بلده أو في أي مكان شاء.

          أما طريقة التصرف فيجب التصدق بما كان لأجل الصيد، والأحوط التصدق به مهما كان سبب الكفارة وعدم الأكل منه.

          كما أن الأحوط وجوباً اشتراط الفقر في من يتصدق بشيء من الكفارة عليه.

          ولا يجوز على الأحوط إعطاء جلد الذبيحة للجزار كأجر على ذبحه، ويجوز إعطاؤها له صدقة إن كان أهلاً لها.

          وإذا أكل المكلف شيئاً من لحم كفارته فالأحوط وجوباً أن يضمن قيمة ما أكل ويتصدق بتلك القيمة على الفقراء.

 

مستحبات الدخول في الحرم:

(مسألة – 286) يستحب في دخول الحرم أمور:

الأول: النزول من المركوب عند وصوله الحرم والاغتسال لدخوله، وخلع نعليه وأخذهما بيده تواضعاً وخشوعاً لله سبحانه كما في رواية أبان بن تغلب أن الإمام الصادق (عليه السلام) هكذا فعل ثم قال (عليه السلام): (يا أبان، من صنع مثل ما رأيتني صنعت تواضعاً لله محا الله عنه مائة ألف سيئة وكتب له مائة ألف حسنة وبنى الله عز وجل له مائة ألف درجة وقضى له مائة ألف حاجة)([1]).

الثاني: بناءً على قول الشيخ الصدوق (رضوان الله عليه) يدعو بهذا الدعاء عند دخول الحرم: (اللهمَّ إنكَ قُلتَ في كتابِكَ، وقولُكَ الحقُّ [وأَذِّنْ في النَاسِ بِالحَجِّ يَأتُوكَ رِجَالاً وَعَلى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِيْنَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ] اللّهمَّ إنّي أرجو أن أكونَ مِمَّنْ أجابَ دَعْوَتَكَ، قدْ جِئتُ مِنْ شُقَّةٍ بَعيدةٍ وفَجٍّ عَميقٍ سَامِعاً لِنِدائِكَ ومُستَجيباً لكَ، مُطِيعاً لأمرِكَ، وكُلُّ ذلكَ بِفَضلِكَ عَليَّ وإحسَانِكَ إليّ، فَلَكَ الحَمدُ على ما وفّقتَني له أَبتَغي بِذلكَ الزُلفةَ عِندكَ، والقُربَةَ إليكَ، والمَنزِلةً لَديكَ، والمَغفِرةَ لِذُنوبِي، والتَوبةَ عليّ منها بِمَنِّكَ. اللهمّ صلِّ على مُحمّدٍ وآلِ محمدٍ، وحرِّم بَدَنِي على النَارِ، وآمِنِّي من عَذابِكَ وعِقابِكَ بِرَحمَتِكَ يا أَرحَمَ الراحِمينَ).

الثالث: أن يمضغ شيئاً من الإذخر عند دخول الحرم ليطيب به الفم.

 

مستحبات دخول مكة المكرمة:

(مسألة – 287) يستحب لمن أراد أن يدخل مكة المعظمة أن يغتسل قبل دخولها وأن يدخلها بسكينة ووقار، ويستحب لمن جاء من طريق المدينة المنورة أن يدخل من أعلى مكة من عقبة المدنيين ويخرج من أسفلها من عقبة ذي طوى، وفي الحديث الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: (من دخلها بسكينة غفر له ذنبه)([2]).

 

آداب دخول المسجد الحرام:

(مسألة – 288) يستحب لمن أراد دخول المسجد الحرام أن يغتسل ويدخل المسجد حافياً على سكينة ووقار وخشوع وأن يكون دخوله من باب بني شيبة، ويقع هذا الباب –على حسب ما يقال- بإزاء باب السلام فعلاً، فالأولى أن يدخل من باب السلام، ويستحب أن يقف على باب المسجد ويقول: (السَّلامُ عليكَ أَيُّها النَبيُّ ورَحمةُ اللهِ وبركاتُه. بِسمِ اللهِ وبِاللهِ، وَمِنَ اللهِ، وَما شَاءَ اللهُ، السلامُ على أنبياءِ اللهِ ورُسلِهِ، وَالسلامُ على رسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) وَالسَلامُ عَلى إبراهيمَ خليلِ اللهِ، والحمدُ للهِ ربِّ العالَمينَ).

          ثم يدخل المسجد متوجهاً إلى الكعبة رافعاً يديه إلى السماء ويقول: (اللّهمَّ إنِّي أسألُكَ في مَقامِي هذا في أوَّلِ مَناسِكي أنْ تَقْبَلَ تَوبَتي وأَنْ تَتَجاوزَ عن خَطِيئَتِي وَأَنْ تَضَعَ عَنّي وِزْرِي. الحَمدُ للهِ الذي بَلَّغني بيتَهُ الحَرامَ. اللّهمَّ إنّي أُشْهِدُكَ أنَّ هذا بيتُكَ الحرامُ الذي جَعَلتَهُ مَثابَةً للنّاسِ وأمناً مُبارَكاً وهُدىً لِلعالَمينَ. اللّهمَّ إِنَّ العبدَ عَبدُكَ، والبَلدَ بَلَدُكَ والبيتَ بيتُكَ، جِئتُكَ أَطلُبُ رَحمَتَكَ، وأَؤمُّ طَاعَتَكَ، مُطِيعاً لأَمرِكَ، رَاضياً بِقَدرِكَ، أَسأَلُكَ مَسأَلةَ الفَقِيرِ إليكَ، الخائِفِ لِعُقُوبَتِكَ. اللّهمَّ افتَحْ لي أبوابَ رَحمَتِكَ، واستَعْمِلنِي بِطَاعَتِكَ ومَرضَاتِكَ).

          ثم يخاطب الكعبة ويقول: (الحَمدُ للهِ الذي عَظَّمكِ وَشَرَّفَكِ وَكَرَّمَكِ وَجَعَلَكِ مَثَابَةً لِلنَاسِ وَأمناً وَمبَاركاً وَهُدىً لِلعَالَمينَ).

          وفي رواية أخرى أن يقول عند باب المسجد: (بِسمِ اللهِ وبِاللهِ، وَمِنَ اللهِ وإلى اللهِ، وَما شَاءَ اللهُ وعلى ملّةِ رسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله)، وخيرُ الأسماءِ للهِ، والحمدُ للهِ، والسَّلامُ على رسولِ اللهِ، السلامُ على محمدِ بنِ عبدِ اللهِ، السلامُ عليكَ أيُّها النَبيُّ ورَحمةُ اللهِ وبركاتُه، السلامُ على أنبياءِ اللهِ ورُسلِهِ، السلامُ على إبراهيمَ خليلِ الرَّحمنِ، السلامُ على المُرسَلينَ والحمدُ للهِ ربِّ العالَمينَ، السلامُ علينا وعلى عِبادِ اللهِ الصَّالحينَ، اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وآلِ محمدٍ، وبارِكْ على محمّدٍ وآلِ محمدٍ، وارحَمْ محمداً وآلَ محمّدٍ كما صلَّيتَ وبارَكتَ وتَرَحّمتَ على إبراهيمَ وآلِ إبراهيمَ إنكَ حميدٌ مجيدٌ، اللهمَّ صلّ على محمدٍ عبدِكَ ورَسولِكَ وعلى إبراهيمَ خليلِكَ، وعلى أنبيائِكَ ورُسِلِكَ، وسلِّم عليهِم، وسلامٌ على المُرسَلينَ، والحمدُ للهِ ربِّ العالَمينَ، اللهمَّ افتَحْ لي أبوابَ رَحمَتِكَ، واستَعمِلنِي في طاعتِكَ ومَرضاتِكَ، واحفَظنِي بِحفظِ الإِيمانِ أبَداً ما أبقَيتَني، جلَّ ثَناءُ وَجهِكَ، الحمدُ للهِ الذي جَعَلَنِي مِنْ وَفدِهِ وزُوّارِهِ، وجَعَلَنِي ممَّن يَعمُرُ مَسَاجِدَهُ، وجَعَلَنِي ممّنْ يُناجِيهِ، اللهمَّ إنِّي عَبدُكَ وزَائِرُكَ وفي بيتِكَ، وعلى كل مَأتِيٍّ حَقٌ لِمَنْ أَتاهُ وزَارَهُ، وأَنتَ خيرُ مأتيٍّ وأكرمُ مَزورٍ، فأَسألُكَ يا أللهُ يا رَحمانُ وبِأَنَّكَ أنتَ اللهُ لا إلهَ إلا أنتَ وَحدَكَ لا شَريكَ لكَ، وبأنكَ واحدٌ صَمَدٌ لمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ ولمْ يَكُنْ له كُفُواً أحدٌ، وأن مُحمَّداً عَبدُكَ ورسُولُك صلَّى اللهُ عليهِ وعلى أهلِ بيتِهِ، يا جوادُ يا ماجِدُ يا جَبَّارُ يا كَريمُ، أسألُكَ أن تَجعَلَ تُحفَتَكَ إيّايَ بِزيارَتِي إيّاكَ أن تُعطِيَنِي فَكاكَ رَقَبَتِي مِنَ النّارِ).

          ثم يقول ثلاث مرات: (اللّهمَّ فُكَّ رَقَبَتِي مِنَ النّار).

          ثم يقول: (وَأوْسِعْ علىَّ منْ رِزقِكَ الحَلالِ الطّيِّبِ، وادرَأْ عَنّي شَياطِينَ الجِنِّ والإِنْسِ، وشَرَّ فَسَقَةِ العَرَبِ وَالعَجَمِ).

          وعند محاذاته الحجر الأسود يقول: (أشهَدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحْدَهُ لا شَريكَ لهُ، وأشهَدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسُولهُ، آمنتُ باللهِ، وكَفَرتُ بالجِبتِ والطّاغوتِ وباللاتِ والعُزَّى، وبعِبادَةِ الشّيطانِ وبعبادةِ كُلِّ ندٍّ يُدعى من دونِ اللهِ تعالى).

          وقال الشيخ الصدوق عليه الرحمة: ثم انظر إلى الحجر الأسود وتوجه إليه وقل: (الحَمدُ للهِ الذي هَدَانَا لِهَذا وَمَا كُنَّا لِنَهتَديَ لَولا أنْ هَدَانَا اللهُ، سُبْحانَ اللهِ وَالحَمدُ للهِ وَلا إلَهَ إلا اللهُ وَاللهُ أكبَرُ مِنْ خَلقِهِ وَاللهُ أكبَرُ مِمَّا أخشَى وَأَحذَرُ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لهُ، لهُ المُلكُ وَلهُ الحَمدُ يُحيِي وَيُميتُ ويُميتُ ويُحيِي وَهُوَ حيٌّ لا يَموتُ بِيَدِهِ الخَيرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شيءٍ قَديرٌ. اللهمَّ صَلِّ عَلى مُحمَّدٍ وَآلِ مُحمَّدٍ وَبارِكْ عَلى مُحمَّدٍ وَآلِ مُحمَّدٍ وَتَرَحّمْ عَلَى مُحمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَأفضَلِ مَا صَلَّيتَ وَبَارَكتَ وَتَرَحّمْتَ عَلى إبراهيمَ وَآلِ إبراهيمَ إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ، وسَلامٌ عَلى جَميعِ النَبيِّينَ وَالمُرسَلينَ وَالحمدُ للهِ ربِّ العَالَـمِينَ، اللهمَّ إنِّي أُؤمنُ بِوَعدِكَ وأُصَدِّقُ رُسُلَكَ وأَتَّبِعُ كِتَابَكَ).

          وفي رواية صحيحة عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (اللّهمَّ أمَانَتِي أَدَّيتُها، ومِيثاقِي تَعاهَدْتُهُ لِتَشهَدَ لي بالمُوافاةِ، اللّهمَّ تَصدِيقاً بِكِتابِكَ وعلى سُنَّةِ نَبيِّكَ صَلواتُكَ عليهِ وآله، أشهَدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحْدَهُ لا شَريكَ لهُ، وأنَّ محمداً عبدُهُ ورسُولهُ، آمنتُ باللهِ، وكَفَرتُ بالجِبتِ والطّاغوتِ وباللاتِ والعُزَّى، وعِبادَةِ الشّيطانِ وعبادةِ كُلِّ ندٍّ يُدعى من دونِ اللهِ).

          فإن لم تستطع أن تقول هذا كله فبعضه وقل: (اللهمَّ إليكَ بَسَطْتُ يدي، وفيما عِندكَ عَظُمَتْ رَغبَتِي، فاقبَل سَبْحَتي، واغفِر لي وارحمنِي، اللهمّ إني أعوذُ بِكَ منَ الكُفرِ والفَقرِ ومواقِفِ الخِزيِ في الدُنيا والآخِرَةِ).

 

 



([1]) الكافي: ج4، صفحة 398.

([2]) الكافي: ج4، صفحة 400.

شارك الاستفتاء

الجهة الخامسة: تروك ومحرمات الإحرام وكفاراتها

          وهي على أنواع:

الأول: ما يحرم على الرجل والمرأة المحرمين.

الثاني: ما يحرم على الرجل المحرم خاصة.

الثالث: ما يحرم على المرأة المحرمة خاصة.

ملاحظة: سيأتي عند ذكر هذه المحرمات ذكر كفارات المخالفة وهي لا تجب على من صدر منه الفعل جهلاً أو نسياناً، إلا في موارد سنذكرها في محالّها بإذن الله تعالى ومنها:

1- إذا نسي المكلف الطواف في الحج أو بعض أشواط السعي في عمرة التمتع، فأحل وواقع أهله، فإن عليه الكفارة وكذلك الحال إذا أتى أهله بعد السعي في عمرة التمتع وقبل التقصير جاهلاً بالحكم.

2- إذا أمر يده على رأسه أو لحيته عبثاً، فسقطت شعرة أو شعرتان أو أكثر بدون قصد وإرادة، وغافلاً عن ذلك أو جاهلاً به فإن عليه الكفارة.

(النوع الأول) ما يحرم على الرجل والمرأة المحرمين:

          ويشمل عدة أشياء:

الأول: صيد الحيوان البري الممتنع بالأصالة.

(مسألة – 188) لا يجوز للمحرم رجلاً كان أو امرأة صيد الحيوان البري ولا قتله في الحل والحرم، سواء أكان الحيوان محلل الأكل، أم كان محرم الأكل، كما أنه لا فرق في حرمة قتله بين أن يكون بعد صيده أو ابتداءً.

(مسألة – 189) كما لا يجوز للمحرم صيد الحيوان البري، لا يجوز له إعانة شخص آخر على صيده بإراءته أو الدلالة عليه بالإشارة باليد أو غيرها من ألوان الإعانة، وإن كان ذلك الشخص الآخر محِلاً.

(مسألة – 190) لا يجوز للمحرم رجلاً كان أم امرأة إمساك الصيد من الحيوان البري، والاحتفاظ به، وإن كان صيده قبل إحرامه وفي وقت كان محلاً، ولا يجوز له أكل لحم الصيد وإن كان الصائد محلاً.

(مسألة – 191) إذا قتل المحرم صيداً أو ذبحه كان في حكم الميتة على المشهور، ويجتنب عن أكله حتى غير المحرم على الأحوط. وكذلك لا يحلّ للمحرم أكل صيد الحرم مقتولاً كان أو مذبوحاً وإن لم يكن القاتل محرماً.

 (مسألة – 192) الصيد إنما ينطبق على الحيوان النافر كالطيور مثلاً، وأما الحيوان الأهلي كالدجاج والغنم والبقر والإبل، فلا يصدق على أخذه الصيد وإن توحش، ولهذا لا يحرم على المحرم أخذه وإمساكه وذبحه والأكل من لحمه، وأما إذا شك في حيوان أنه بري أو أهلي، فالأظهر جوازه. ولا يختص حرمة الصيد بالحيوان الذي ينتفع عادة بلحومه كالطيور وغيرها، بل تعم غيره أيضاً كالسباع ونحوها. نعم ما يخاف منه على النفس يجوز قتله مطلقاً كالأسد وغيره من السباع كالأفعى والأسود الغدر والعقرب والفأرة وأما الحية فإذا أرادته فلا شيء عليه في قتلها.

(مسألة – 193) يختص الحكم بالحرمة بالحيوان البري النافر، وأما الحيوان البحري كالسمك أو نحوه فيجوز للمحرم صيده وإمساكه، ونقصد بالحيوان البحري ما يعيش فيه فقط، وأما ما يعيش في البر والبحر، فهو ملحق بالبري، فلا يجوز صيده. نعم إذا شك في حيوان أنه بري أو بحري جاز صيده، ويلحق بصيد الحيوان البري إمساك الجراد، فيحرم على المحرم صيده والاحتفاظ به وأكله ويرخص للمحرم أن يرمي الغراب الأبقع والحداة ولا كفارة لو أصابهما وقتلهما.

(مسألة – 194) فرخ الحيوان البحري والأهلي تابع لهما في الحكم وكذلك بيضهما.

 

كفارات الصيد:

(مسألة – 195) في قتل النعامة جمل، وفي قتل بقرة الوحش بقرة، وفي قتل حمار الوحش جمل أو بقرة على الأحوط، وفي قتل الظبي والأرنب شاة، وكذلك في الثعلب على الأحوط الأولى.

(مسألة – 196) من أصاب صيداً وكانت كفارته إبلاً ولم يجدها، فعليه إطعام ستين مسكيناً لكل مسكين مد، وإن كانت قيمة الإبل أكثر، وأما إن كانت قيمتها أقل من ذلك لم يجب عليه إلا التصدق بمقدار قيمتها دون الأكثر، فإن لم يقدر على الاطعام صام ثمانية عشر يوما .

      وإن كانت كفارته بقرة ولم يجدها، فليطعم ثلاثين مسكيناً، فإن لم يقدر على الإطعام صام تسعة أيام، وإن كانت كفارته شاة ولم يجدها فليطعم عشرة مساكين، فإن لم يقدر صام ثلاثة أيام.

(مسألة – 197) إذا قتل المحرم –رجلاً كان أم امرأة- حمامة ونحوها في خارج الحرم، فعليه شاة، وفي فرخها إذا تحرك حمل أو جدي، وفي كسر بيضها درهم على الأظهر، وإذا قتلها المحل في الحرم فعليه درهم من الفضة ، وفي فرخها نصف درهم، وفي بيضها ربعه، وإذا قتلها المحرم في الحرم فعليه الجمع بين الكفارتين هما الشاة وقيمة الحمامة، وإذا كسر البيض وقتل الفرخ فيه في الحرم فعليه في كل منهما كفارتان على الأحوط الأولى.

(مسألة – 198) في قتل القطاة حمل قد فطم من اللبن وأكل من الشجر، وكذلك في قتل الحجل والدراج ونظيرهما على الأحوط، ولا كفارة في قتل العصفور والقبّرة والصعوة والأحوط ما قاله المشهور أن فيه مداً من الطعام، وفي قتل جرادة واحدة تمرة، وفي أكثر من واحدة كف من طعام وفي الكثير عرفاً شاة.

(مسألة – 199) في قتل اليربوع والقنفذ والضب وما أشبهها جدي، وفي قتل العظاية كف من الطعام، وفي قتل الزنبور متعمداً إطعام شيء من الطعام، وإذا كان القتل دفعاً لإيذائه فلا شيء عليه.

(مسألة – 200) يجب على المحرم أن ينحرف عن الطريق يميناً ويساراً إذا كان فيه جراد، فإن لم يتمكن فلا بأس بقتلها.

(مسألة – 201) لو اشترك جماعة من المحرمين رجالاً كانوا أم نساءً في قتل صيد، فعلى كل واحد منهم كفارة مستقلة.

(مسألة – 202) كفارة أكل الصيد ككفارة الصيد نفسه، فلو صاده المحرم وأكله فعليه كفارتان على الأحوط.

(مسألة – 203) من كان معه صيد ودخل الحرم يجب عليه إرساله وإن كان محلاً، وإن لم يرسله حتى مات الصيد فعليه فداء، ولا يجوز له إمساكه بعد إحرامه وإن كان قبل أن يدخل الحرم، والأحوط أن عليه الفداء إذا مات عنده قبل أن يدخل الحرم.

(مسألة – 204) لا فرق في وجوب الكفارة في قتل الصيد وأكله بين أن يكون عن عمد أو جهل أو نسيان.

(مسألة – 205) تتكرر الكفارة بتكرر الصيد جهلاً إذا كان مما يعذر فيه، أو نسياناً أو خطأً، وكذلك في العمد إذا كان الصيد من المحل في الحرم، أو من المحرم مع تعدد الإحرام، وأما إذا كان تكرار الصيد عمداً من المحرم في إحرام واحد، فلا يوجب تعدد الكفارة، وإنما يوجب في المرة الثانية الإدانة والعقوبة في الآخرة.

 

الثاني: الجماع

          يحرم على المحرم الجماع قبلاً أو دبراً أثناء عمرة التمتع والعمرة المفردة والحج، ويجوز ذلك بعد التقصير من عمرة التمتع وبعد طواف النساء من العمرة المفردة والحج، وكذلك حكم المرأة المحرمة أيضاً.

(مسألة – 206) إذا جامع المحرم امرأته في أثناء عمرة التمتع، فمع الجهل بالحكم أو النسيان صحت عمرته سواء كان الجماع بعد الفراغ من السعي بين الصفا والمروة أم قبله، وأما مع العلم بالحكم والعمد فالأظهر صحتها أيضاً – حتى قبل الفراغ من السعي خلافاً للمشهور وإن كان هو الأحوط-، ولكنه آثم وعليه كفارة مخيَّرة بين جمل أو بقرة أو شاة، وإن كان الأولى تقديم الجمل ومع العجز عنه البقرة، ومع العجز فالشاة، أي أن التخيير يكون بلحاظ حال المكلف، ويحسن به أن يحتاط بالإتيان بالعمرة من جديد –إن تمكن- قبل الحج، وإن لم يتمكن لضيق الوقت فبعده بنحو العمرة المفردة.

(مسألة – 207) إذا جامع المحرم للحج امرأته قبلاً أو دبراً، عالماً عامداً، قبل الوقوف بالمزدلفة، وجبت عليه الكفارة وإتمام الحج وإعادته في العام القابل، سواء كان الحج فرضاً أم نفلاً، وكذلك المرأة إذا كانت محرمة وعالمة بالحال ومطاوعة له على الجماع، ولو كانت المرأة مكرَهة على الجماع فلا شيء عليها، وتجب على الزوج المكرِه كفارتان.

          وكفارة الجماع بدنة، ومع العجز عنها شاة، ويجب التفريق بين الرجل والمرأة في حجتهما – بأن لا يجتمعا إلا إذا كان معهما ثالث- إلى أن يفرغا من مناسك الحج حتى أعمال منى ويرجعا إلى نفس المحل الذي وقع فيه الجماع، ولو رجعا من غير ذلك الطريق جاز أن يجتمعا إذا قضيا المناسك.

          كما يجب التفريق بينهما أيضاً في الحجة المعادة من حين الوصول إلى محل وقوع الجماع إلى وقت الذبح بمنى، بل الأحوط استمرار التفريق إلى الفراغ من تمام الأعمال والرجوع إلى المكان الذي وقع فيه الجماع.

(مسألة – 208) إذا جامع المحرم امرأته عالماً عامداً بعد الوقوف بالمزدلفة، فإن كان ذلك قبل طواف النساء وجبت عليه الكفارة على النحو المتقدم، ولكن لا تجب عليه الإعادة، وكذلك إذا كان جماعه قبل إتمام الشوط الخامس من طواف النساء، وأما إذا كان بعده فلا كفارة عليه أيضاً.

(مسألة – 209) من جامع امرأته عالماً عامداً في العمرة المفردة، وجبت عليه الكفارة على النحو المتقدم، ولا تفسد عمرته إذا كان الجماع بعد السعي، وأما إذا كان قبله بطلت عمرته، ووجب عليه أن يقيم بمكة إلى شهر آخر ثم يخرج إلى أحد المواقيت الخمسة المعروفة ويحرم منه للعمرة المعادة، ولا يجزئه الإحرام من أدنى الحل على الأحوط، والأحوط له إتمام العمرة الفاسدة أيضاً.

(مسألة – 210) إذا جامع المُحلّ زوجته المحرمة، فإن كانت مطاوعة وجبت عليها كفارة بدنه، وإن كانت مكرَهة فلا شيء عليها ووجبت الكفارة على زوجها على الأحوط.

          بل الأحوط أن يغرم الكفارة عنها في الصورة الأولى أيضاً، وهذا الحكم شامل لمطلق المحلّ أي وإن لم يكن مسبوقاً بالإحرام.

(مسألة – 211) لا فرق في الجماع بين القبل والدبر وبين الزوجة الدائمة والمنقطعة خرج منه المني أم لم يخرج.

(مسألة – 212) إذا جامع المحرم مع غير زوجته اشتباها أو زنى بها فحكمه حكم من جامع زوجته.

(مسألة – 213) إذا لاعب المحرم زوجته عالماً عامداً فيما دون الفرج ولم يدخل بها وجب عليه الاستغفار، كما تجب عليه الكفارة على الأحوط وهي بدنة مطلقاً وإن لم يمنِ وصحّت عمرته وحجه، ولو كان ذلك قبل الوقوف بالمشعر وقبل السعي.

 

الثالث: تقبيل النساء

(مسألة – 214) يحرم على الرجل المحرم تقبيل زوجته عن شهوة، فلو قبلها وخرج منه المني فعليه كفارة جمل، وإذا لم يخرج منه مني فعليه كفارة شاة، وإن كان الأحوط والأجدر به أن يكفر بجمل. وأما إذا لم يكن التقبيل عن شهوة فكفارته دم شاة.

(مسألة – 215) إذا قبل الرجل بعد طواف النساء وخروجه عن الإحرام امرأته وهي محرمة بشهوة، فعليه دم شاة على الأظهر، ويحرم على المرأة المحرمة ما يناظر ذلك.

 

 

 

الرابع: مس النساء

(مسألة – 216) يحرم على الرجل المحرم أن يمسّ امرأته بشهوة، فإن فعل ذلك فعليه كفارة شاة، وإن أدى المس إلى الإمناء فعليه كفارة ناقة أو جمل، ولا يحرم عليه مس امرأته بدون شهوة، وإذا صنع ذلك فلا شيء عليه أيضاً. وإذا مس الرجل المحرم المرأة الأجنبية بشهوة، فإن لم يؤدِّ إلى الإمناء فعليه كفارة دم شاة، وإن أدى إليه فعليه ناقة أو جمل، وإن فعل ذلك بدون شهوة، فلا كفارة عليه، ولكنه آثم، وتناظر المرأة المحرمة الرجل المحرم في ذلك.

 

الخامس: النظر إلى المرأة

(مسألة – 217) يحرم على الرجل المحرم النظر إلى المرأة الأجنبية بتركيز مؤد إلى الإمناء، فإذا فعل ذلك فعليه الإثم والكفارة، وهي ناقة أو جمل على الموسر، وبقرة على المتوسط، وشاة على الفقير، وأما إذا نظر إليها بشهوة بدون أن يؤدي إلى الإمناء، فلا كفارة عليه ولكن عليه إثم.

(مسألة – 218) إذا نظر الرجل المحرم إلى زوجته عن شهوة، فإن أدى إلى الإمناء فعليه كفارة ناقة أو جمل على الأحوط، وإن لم يؤد إلى الإمناء فلا شيء عليه، وكذلك إذا نظر إليها لا بقصد الشهوة ولكنه أدى اتفاقاً إلى الإمناء، والأجدر به أن لا ينظر إلى زوجته بشهوة أصلاً. والمرأة المحرمة مثل الرجل المحرم في ذلك.

(مسألة – 219) لا يحرم على الرجل المحرم الاستمتاع بزوجته بألوان من الاستمتاعات غير ما مر كمجالستها والتحدث إليها، وإن كان الأحوط الأولى تركها مطلقاً. نعم يحرم عليه الاستمتاع بهذه الأمور بشكل موجب للإمناء، فإذا فعل ذلك فعليه كفارة ناقة.

السادس: الاستمناء

(مسألة – 220) لا يجوز للمحرم إنزال المني مطلقاً بأي نحو كان ولو بالتخيل، لكن الكفارات تختلف بحسب الأسباب وقد تقدم ذكر بعض موارد الاستمناء في عناوين التقبيل والملامسة، وإليك بعض الأسباب الأخرى:

1- من عبث بذكره حتى أمنى -باليد أو بغيرها- فحكمه في الحج حكم الجماع، أي لزمته الكفارة وإتمام الحج وإعادته في العام القادم على الأحوط إذا وقع الفعل قبل الوقوف بمزدلفة، وكذا يتحد الحكم في العمرة المفردة على الأحوط، فتجب عليه الكفارة وإتمام العمرة وإعادتها في الشهر اللاحق.

2- من لاعب امرأته وهو محرم حتى أمنى من غير جماع فحكمه حكم الجماع.

3- إذا أمنى بالنظر إلى أجنبية لزمه بعير إن كان موسراً، وبقرة إن كان متوسطاً، وشاة إذا كان معسراً.

4- إذا أمنى بالنظر إلى زوجته أو مسها بشهوة فعليه بدنة كما تقدم.

5- إذا أمنى بالتخيل أو بالاستماع إلى حديث النساء أو أوصافهنّ فلم يثبت أن عليه كفارة ولكن الأحوط له أن يكفر كما في الفقرتين (3، 4) إذا كان قاصداً الإنزال بذلك.

 

السابع: عقد النكاح

(مسألة – 221) إذا عقد المحرم على امرأة وهو محرم كان العقد باطلاً، سواء أكان لنفسه أم لغيره وسواء أكان ذلك الغير محرماً أو محلاً، كما أنه لا فرق فيه بين العقد الدائم والمنقطع، وكذلك الحال إذا وكّل غيره للعقد على امرأة، فإنه إذا عقد عليها وكالةً منه بطل، وإذا عقد فضولياً من قبله لم تصح إجازته، والأحوط أن لا يحضر المحرم رجلاً كان أم امرأة مجلس العقد والشهادة عليه، نعم قد تجب لدفع ظلم أو إثبات حق كما لا بأس أن يتعرض المحرم بخطبة النساء، ويجوز له الطلاق والرجوع إلى زوجته المطلقة الرجعية، وشراء الإماء وإن كان بقصد الاستمتاع.

(مسألة – 222) إذا عقد المحرم أو المحل للمحرم امرأة ودخل بها، فإن كان العاقد والزوج عالمين بتحريم العقد في هذه الحالة وبطلانه فعلى كل منهما كفارة ناقة، وإن كان أحدهما عالماً بالحال دون الآخر فعلى العالم كفارة دون الجاهل، وكذلك على المرأة إذا كانت محرمة وعالمة بالحكم الشرعي، وأما إذا لم تكن محرمة فإن كانت تعلم أن من يقوم بتزويجها محرم فمع ذلك قبلت تزويجها منه، فعليها كفارة دم ناقة، وإن كانت لا تعلم بذلك فلا شيء عليها.

(مسألة – 223) إذا عقد المحرم على امرأة فإنها تحرم عليه مؤبداً إذا كان عامداً وملتفتاً إلى الحكم الشرعي، وأما إذا كان جاهلاً به فلا تحرم عليه كذلك، ويجوز له التزويج بها بعد إحلاله.

 

الثامن: الطيب

(مسألة – 224) يحرم على المحرم استعمال الطيب شماً وأكلاً واطّلاءً وصبغاً وبخوراً، وكذلك لبس ما يكون عليه أثر منه، والمراد بالطيب كل مادة يطيّب بها البدن أو الثياب أو الطعام أو غيرها، مثل المسك والعنبر والورس والزعفران ونحوها، حتى العطور المتعارفة –كعطر الورد والياس والرازقي وما يشبهها- على الأظهر.

          ويستثنى من الطيب (خلوق الكعبة) وهو طيب كان يتّخذ من الزعفران وغيره يطلى به الكعبة المعظمة، فلا يجب على المحرم أن يجتنب شمه وإصابته لثيابه وبدنه، وإن أصابهما لم تجب إزالته بغسل ونحوه.

(مسألة – 225) يحرم على المحرم شمّ الرياحين وهي نباتات تفوح منها رائحة طيبة وتتخذ للشم، سواء التي يصنع منها الطيب –كالياسمين والورد- وغيرها، ويستثنى منها بعض أقسامها البرية كالشيح والقيصوم والخزامى والأذخر وأشباهها، فإنه لا بأس بشمها على الأظهر.

          وأما الفواكه والخضروات الطيبة الرائحة –كالتفاح والسفرجل والنعناع- فيجوز للمحرم أكلها، ولكن الأحوط الإمساك عن شمها حين الأكل.

          وكذلك الحال في الادهان الطيبة، فإن الأظهر جواز أكل ما يطعم منها ولا يعد من الطيب عرفاً، ولكن الأحوط أن يمسك عن شمها حين الأكل.

(مسألة – 226) لا يجب على المحرم أن يمسك على أنفه من الرائحة الطيبة حال سعيه بين الصفا والمروة، إذا كان هناك من يبيع العطور، وعليه أن يمسك على أنفه من الرائحة الطيبة في غير هذا الحال، نعم لا بأس بشم خلوق الكعبة على ما تقدم.

(مسألة – 227) إذا تعمد المحرم أكل شيء من الطيب أو لبس ما يكون عليه أثر منه، فعليه كفارة شاة على الأحوط لزوماً، ولا كفارة عليه في استعمال الطيب فيما عدا ذلك، وإن كان التكفير أحوط.

(مسألة – 228) يحرم على المحرم أن يمسك على أنفه من الروائح الكريهة، نعم لا بأس بالإسراع في المشي للتخلص منها.

(مسألة – 229) لا بأس بشراء الطيب وبيعه وما فيها من رائحة طيبة إلا أنه لا يجوز استعمالها أو شمها ولو للاختبار.

(مسألة – 230) إذا مات المحرم في إحرام الحج قبل إتمام السعي يجب أن يغسّل بالماء القراح بدل ماء الكافور ولا يحنط بالكافور. وكذلك حكم المحرم للعمرة إذا مات قبل التقصير.

 

التاسع: ادِّهان البدن

(مسألة – 231) لا يجوز للمحرم ادهان جسده بالسمن ولو لم تكن فيه رائحة طيبة. ولا بأس بذلك إذا كان للضرورة أو العلاج.

(مسألة – 232) لا يجوز ادهان الجسد قبل الإحرام إذا كانت تبقى رائحته الطيبة إلى ما بعد الإحرام. ولا بأس بالادهان إذا لم تبق رائحته وإن بقي أثره على الجسد.

(مسألة – 233) لا بأس بأكل السمن حال الإحرام إذا لم يكن معها ما فيه رائحة طيبة.

(مسألة – 234) إذا ادهن المحرم جسده بدهن مخلوط مع شيء فيه رائحة طيبة، وجبت عليه الكفارة على الأحوط وجوباً وإن كان عن اضطرار وللعلاج، وكفارته شاة. وإن كان جاهلاً بالحكم فالأحوط أن يطعم مسكيناً. وإذا كان لنفس الدهن رائحة طيبة فعليه الكفارة على الأحوط. وإن لم يكن للدهن رائحة طيبة، فلم تثبت فيه الكفارة وإن كان الأولى بل الأحوط ذلك.

 

العاشر: الاكتحال

(مسألة – 235) الاكتحال على قسمين:

1- أن يكون الاكتحال بالكحل الأسود، أو أي كحل آخر يعد الاكتحال به زينة عرفاً، وهذا حرام على المحرم إذا قصد به الزينة على الأظهر، بل مطلقاً على الأحوط، نعم لا بأس بالاكتحال به حال الاضطرار لغرض التداوي والعلاج.

2- أن يكون الاكتحال بغير الكحل الأسود وما يعد مثله في التزين به، وهذا لا بأس به إذا لم يقصد به الزينة، وإلا فالأحوط تركه.

          ولا كفارة في الاكتحال مطلقاً، وإن كان الأولى التكفير بشاة إذا اكتحل بما لا يحل له.

(مسألة – 236) إذا اضطر للاكتحال بقصد العلاج جاز ذلك بكحل ليس فيه رائحة طيبة.

الحادي عشر: الزينة

(مسألة – 237) يحرم على المحرم رجلاً كان أم امرأة الزينة، سواء أكان الدافع من ورائها قصد الزينة أم كان له غرض آخر، فإن ما يكون زينة في العرف العام، لا يجوز للمحرم التزين به وإن لم يكن بدافع الزينة، بل بغرض آخر، وما لا يكون زينة في العرف العام فيجوز للمحرم أن يستعمله مطلقاً.

          وضابط ذلك: أن ما هو زينة للإنسان في العرف العام كإصلاح هندامه أو لباسه، أو لبس ما يكون زينة عندهم فإنه محرم على المحرم وإن لم يكن الدافع إليه قصد الزينة، وما لا يكون زينة للإنسان في العرف العام كلبس لباسه الاعتيادي، أو لبس ثوبي الإحرام فلا يكون محرماً على المحرم، ويستثنى من ذلك لبس المرأة الحلي التي كانت تعتاد لبسها قبل إحرامها فإنها زينة في العرف العام ومع هذا يجوز للمرأة المحرمة لبسها، ولكن لا يجوز لها إظهارها لزوجها ولا لغيره من الرجال.

          وأما تختم الرجل المحرم بالخاتم فإن عد زينة في العرف العام لم يجز، وإن لم يكن لبس الخاتم بقصد الزينة كما لو قصد استحباب التختم أو خواص الخاتم أو حفظه أو ليحسب به أشواط الطواف فلا بأس به، ومن هذا القبيل لبس الساعة اليدوية ولا كفارة في ممارسة الزينة وإن كانت عن علم وعمد.

(مسألة – 238) يحرم على المحرم –رجلاً كان أم امرأة- استعمال الحناء إذا عدّ زينة في العرف العام وإن لم يكن بقصد الزينة، ويجوز له ذلك إذا لم يعد زينة عندهم.

 

الثاني عشر: النظر في المرآة

(مسألة – 240) يحرم على المحرم –رجلاً كان أم امرأة- النظر في المرآة إذا كان المقصود بالنظر إصلاح صورته أو هندامه الطبيعي، وأما إذا كان بدافع آخر كالتأكد من عدم وجود حاجب على بشرة الوجه مثلاً، أو تأكد سائق السيارة على جلوس المسافرين في كراسيهم واستقرارهم فيها أو التعرف على ما خلفه من السيارات فلا بأس به .

          ولا يعتبر لبس النظارة من النظر في المرآة فلا يحرم لبسها بشرط أن لا يكون زينة في العرف العام، وإلا لم يجز وإن كان بدافع آخر كالوقاية من الشمس أو لقراءة قرآن أو دعاء أو كتابة شيء، أو لغرض طبي شريطة أن لا يصل إلى حد الاضطرار، وإلا جاز، ولا بأس بالنظر إلى الأجسام الشفافة كالماء الصافي التي ينطبع فيها صورة الناظر، ولا كفارة على المحرم إذا نظر في المرآة وإن اعتُبر آثماً.

 

 

الثالث عشر: الفسوق

(مسألة – 240) لقد جعل القرآن الكريم الفسوق من محرمات الإحرام، وفسر في الأحاديث بالكذب والسباب والمفاخرة. والظاهر أن المقصود من المفاخرة هنا هو ما يثبته الإنسان كذباً لنفسه من الفضائل والمكارم ويسلبها عن الغير، ويثبت الرذائل للغير ويسلبها عن نفسه، والحقيقة أن المفاخرة متفرعة عن الكذب والسباب. ووجوب الاجتناب عن الكذب والسباب والبذاء ثابت في كل حال إلا أنه من المعلوم أنه في الحج أشد وآكد.

          وحرمته على الرجال والنساء. والأولى والأفضل للمحرم أن يحفظ نفسه عن جميع المعاصي ويشتغل بعبادة الله وذكره سبحانه وتعالى.

(مسألة – 241) لا كفارة في الفسوق على المشهور بل يجب الاستغفار وإعادة التلبية.

 

الرابع عشر: الجدال

(مسألة – 242) يحرم على المحرم الجدال، وهو الخصومة مع القسم بقول: (لا والله) أو (بلى والله)، سواء كان الحالف صادقاً أو كاذباً أو كان المحرم رجلاً أو امرأة. والأحوط وجوباً ترك كل قسم بالله تعالى، سواء كان في حال الخصومة أم لا، وبكلمة (لا والله) أو بغيرهما من ألفاظ القسم مثل (والله) أو (تالله) بدون (لا وبلى). وكذلك ترك القسم بترجمة هذه الألفاظ وبسائر أسماء الله تعالى مثل (الرحمن) أو (الرحيم) مثلاً.

          نعم ليس من محرمات الإحرام إذا كان النزاع والخصومة بدون القسم بالله وأسمائه أو كان القسم بالنبي الأكرم والأئمة الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين) أو بنفسه.

(مسألة – 243) لا بأس بالقسم للمحرم في مقامين:

الأول: إذا اقتضت الضرورة للقسم بلفظ الجلالة لإثبات حق أو دفع باطل، والأحوط إذا أقسم ثلاث مرات أن يكفّر بشاة.

الثاني: إذا أراد أن يجري عملاً للغير بقصد إظهار المودة والإكرام، فيقسم في جواب من يقول له: (والله لا تفعل ذلك لي) فيجيبه المحرم: (والله لأفعلن ذلك)، وكذا لا أثر للحلف بالله تعالى لغير الإخبار كما في يمين المناشدة كقول السائل: (أسألك بالله أن تعفيني) ويمين العقد –أي ما يقع تأكيداً لما التزم به من إيقاع أمر أو تركه في المستقبل- كقوله: (والله لأعطينك كذا)، فهذا ليس بجدال ولا كفارة له.

(مسألة – 244) على المشهور إذا أقسم المحرم صادقاً وكررها ثانية فلا كفارة عليه وعليه الاستغفار فقط، ولو أقسم ثالثاً تلزمه كفارة شاة، وإذا أقسم كاذباً تلزمه كفارة شاة ولو كررها ثانية فكفارته شاتان ولو أقسم ثالثاً فعليه كفارة بقرة.

 

الخامس عشر: قتل هوامّ الجسد

(مسألة – 245) لا يجوز للمحرم –رجلاً كان أم امرأة- قتل القمل في جسده، وإذا قتله عامداً وملتفتاً إلى الحكم الشرعي فإنه لا كفارة عليه وإن كان أحوط وأولى.

          ولا يجوز للمحرم إلقاء القمل من جسده، نعم يجوز نقله من مكان إلى مكان آخر، وإذا نقله فكفارته كف من الطعام، وأما غيره من الدواب فيجوز إلقاؤه من جسده، كما يجوز نقله ويجوز قتل البرغوث لترتب الضرر على وجودها.

 

السادس عشر: إخراج الدم من البدن

(مسألة – 246) لا يجوز للمحرم إخراج الدم من جسده بنحو من الأنحاء سواء كان بحك أو بحجامة أو فصد أو أخذ الدم ونحو ذلك.

(مسألة – 247) لا بأس بأخذ الدم أو الحجامة أو الفصد في حالة الإحرام إذا كان لضرورة، وكذلك لا بأس بشق الدمّل وحك الجرب مع الضرورة وإن أوجب ذلك خروج الدم.

(مسألة – 248) لا بأس باستعمال المسواك للمحرم إلا مع العلم بخروج الدم فالأحوط حينئذٍ الاجتناب عن ذلك.

(مسألة – 249) لا بأس بتزريق الإبرة في الإحرام إلا مع العلم بخروج الدم فليجتنب عن ذلك إلا مع الضرورة.

(مسألة – 250) لا كفارة على إخراج الدم، وقد احتاط البعض بشاة.

(مسألة – 251) يجوز للمحرم إخراج الدم من غيره إذا كان محلاً كأخذ الدم منه أو قلع سنه أو حجامته.

 

السابع عشر: تقليم الأظفار

(مسألة – 252) لا يجوز للمحرم –رجلاً كان أم امرأة- تقليم ظفره وهو محرم ولو بعضه، إلا في الحالات التي ينشأ من بقائه الضرر أو الأذى فإنه يجوز حينئذٍ تقليمه، وإذا قلم أظفاره وهو جاهل بالحكم أو ناسٍ فلا شيء عليه، وإذا كان مع العلم والعمد فعليه كفارة، وهي مد من الطعام لتقليم كل ظفر، وإذا قلم أظافير اليدين العشرة في مجلس واحد كان عليه التكفير بشاة، وكذلك إذا قلم أظافير الرجلين العشرة في مجلس واحد، أو جمع بين أظافير اليدين والرجلين العشرين في مجلس واحد، وأما إذا قلم أظافير يديه في مجلس ورجليه في آخر فعليه التكفير بشاتين.

(مسألة – 253) إذا قلم المحرم أظافيره وهو محرم فأدمى اعتماداً على فتوى من جوزه، فالمشهور أن كفارته على المفتي، ولكنه لا يخلو عن إشكال بل منع.

(مسألة – 254) لا بأس للمحرم بتقليم ظفر غيره إن كان محلاً.

 

الثامن عشر: إزالة الشعر عن البدن

(مسألة – 255) لا يجوز للمحرم أن يزيل الشعر عن بدنه أو بدن غيره محرماً كان أو محلاً وسواء كانت الإزالة بالحلق أو النتف أو بالقص أو بالمكينة أو بالنورة قليلة وكثيرة وحتى الشعرة الواحدة، وتستثنى في موردين:

الأول: ما يسقط من الشعر حال الوضوء أو الغسل من أثر إمرار يده على وجهه أو بدنه دون قصد منه.

الثاني: أن تدعو الضرورة إلى إزالته مثل أن يكون الشعر نابتاً في أجفان العين ويتألم المحرم بذلك، أو أن كثرة الشعر أوجبت له صداعاً ولا علاج إلا بالحلق، أو كثرة الشعر أوجبت تكاثر القمل على جسده وهو يتألم منه ولا بد من التكفير في المورد الثاني.

(مسألة – 256) إذا حلق المحرم رأسه دون ضرورة وجب عليه الاستغفار والكفارة، والأحوط وجوباً أن يكفّر بشاة، وإذا كان الحلق لضرورة تلزمه الكفارة ولكنه مخير بين أن يكفر بشاة أو يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين يعطي لكل واحد مدين من الطعام، والأولى إطعام عشرة مساكين لكل واحد مدان.

          والمد يساوي ثلاثة أرباع الكيلو تقريباً فيكون مقدار المدين كيلو ونصف تقريباً والمقصود من الطعام الحنطة والطحين والخبز والأرز.

(مسألة – 257) إذا أزال المحرم شعر رأسه بغير الحلق فالأحوط وجوباً أن يعطي كفارة الحلق، بل هذا الأمر لا يخلو عن قوة.

(مسألة – 258) إذا أزال المحرم شعر إبطيه كفّر بشاة، وكذلك على الأحوط وجوباً لو أزال شعر إحدى إبطيه.

(مسألة – 259) إذا حلق المحرم بعض رأسه بصورة يقال أنه حلق رأسه أو أزال شعر قسم من بدنه غير الرأس والإبطين، فالأحوط وجوباً كون حكمه حكم من حلق تمام الرأس، وكذلك لو أزال شعر بدنه بغير الحلق.

(مسألة – 260) إذا أزال المحرم شعرة واحدة أو أكثر من لحيته أو غيرها فكفارته أن يتصدق بكف من طعام، والأولى أن يكون مداً أو كفين من الطعام يطعم به مسكيناً.

(مسألة – 261) إذا أمرّ المحرم يده على رأسه ولحيته عبثاً وسقطت شعرة أو أكثر فليتصدق بكف من طعام، وأما إذا كان في الوضوء أو الغسل فلا شيء عليه.

(مسألة – 262) يجوز للمحرم حكّ رأسه أو بدنه ما لم يسقط الشعر عن رأسه وما لم يدمه.

(مسألة – 263) إذا حلق المحرم رأس غيره أو أزال منه شعرة يستغفر ولا كفارة عليه، وإن كان الحلق أو إزالة الشعر بإجازة الغير وهو في حال الإحرام تلزمه الكفارة.

(مسألة – 264) إذا حلق المحرم رأسه أو أزال شعرة من بدنه عن نسيان أو لجهل بالحكم فلا شيء عليه.

 

التاسع عشر: قلع الضرس

(مسألة – 265) ذهب بعض الفقهاء إلى حرمة قلع الضرس على المحرم وإن لم يخرج به الدم، وأوجبوا له كفارة شاة، ولكن في دليله تأملاً، بل لا يبعد جوازه، وإن حرمته باعتبار خروج الدم في العملية غالباً.

 

العشرون: حمل السلاح

(مسألة – 266) لا يجوز للمحرم لبس السلاح، بل ولا حمله على وجه يعدّ مسلّحاً على الأحوط، والمراد بالسلاح كل ما يصدق عليه لفظه عرفاً، كالسيف والبندقية والرمح دون آلات التحفظ كالدرع والمغفر ونحوهما.

(مسألة – 267) لا بأس بوجود السلاح عند المحرم، ولا بحمله إذا لم يعدّ مسلحاً عرفاً، ومع ذلك فالترك أحوط.

(مسألة – 268) تختص حرمة التسلح بحال الاختيار، ولا بأس به عند الاضطرار كالخوف من العدو أو السرقة.

(مسألة – 269) كفارة التسلح –لغير الضرورة- شاة على الأحوط.

 

الحادي والعشرون: الارتماس

(مسألة – 270) لا يجوز للمحرم –رجلاً كان أم امرأة- الارتماس في الماء، وهو إدخال رأسه بكامله فيه، والأحوط شمول الحكم لغير الماء من المايعات.

 

(النوع الثاني) ما يحرم على الرجل المحرم خاصة

          وهي أمور نذكرها مع متابعة تسلسل النوع الأول:

الثاني والعشرون: لبس الثياب الاعتيادية.

          والمعروف في كتب السلف الصالح (قدس الله أرواحهم) عنوان (لبس المخيط) مع أن لبس المخيط بعنوانه ليس محرماً على المحرم، وإنما ورد المنع في الروايات الشريفة عن لبس أنواع محددة من الثياب وهي:

1- الملابس التي تسلك في العنق وكل ثوب يسلك في العنق يسمى (قميصاً).

2- الملابس والثياب التي لها يدان أو فتحتان على نحو يتيح للابس أن يدخل يديه فيهما، وكل ثوب من هذا القبيل يسمى بـ(الدرع)، وهو محرم ولو لم يسلك في العنق كالعباءة، وليست الحرمة هنا مرتبطة بإدخال اليدين فعلاً في يدي العباءة ونحوها، فلو لبس العباءة بصورتها الاعتيادية دون أن يدخل يديه في يديها كان حراماً أيضاً.

3- السروال وهو ما تستر به العورة من الملابس الاعتيادية.

4- الثوب الذي فيه أزرار وتعقد بعضها ببعض، ويسمى بـ(الثوب المزرر) وهو حرام حتى لو لم يسلك في العنق ولم تكن له يدان، كما إذا لبس مما دون إبطيه ثوباً مزرراً، وليست الحرمة هنا قائمة بوجود الأزرار بل باستعمال تلك الأزرار بعقد بعضها بالبعض الآخر.

          وهذه الأقسام الأربعة من الثياب محرمة، سواء تم صنعها بهذه الأنحاء عن طريق الخياطة أو عن طريق آخر، فما ينسج من الثياب على نحو يسلك في العنق أو له يدان حرام أيضاً، وكذلك ما يعوض فيه عن الأزرار بمادة لاصقة مثلاً.

          وأما استعمال المحرم للمخيط على غير هذه الأنحاء الأربعة فهو جائز، من قبيل أن يغطي جسده باللحاف المشتمل على الخياطة، لأن هذا ليس تقمصاً للّحاف ولا ادّراعاً له، ومن قبيل الحزام أو الهميان الذي توضع فيه النقود، ورباط الفتق الذي يستعمل لحفظ الأمعاء من النزول عبر الفتحة الحاصلة في الغشاء وغير ذلك.

          وإذا لبس المحرم عالماً عامداً شيئاً مما حرم لبسه عليه فكفارته شاة، والأحوط لزوم الكفارة عليه ولو كان لبسه للاضطرار، وإن لم يعتبر آثماً باللبس في حالة الاضطرار ولا شيء على الجاهل والناسي.

(مسألة – 271) إذا اضطر المحرم إلى لبس القباء أو القميص لبرد ونحوه جاز لبسهما، لكن يجب عليه أن يقلب القباء بأن يجعل أعلاه أسفله وظاهره باطنه وذيله على كتفيه دون أن يلبسه بل يتردى به، وكذلك أيضاً في القميص يتردى به دون أن يلبسه، وإذا فقد المحرم الأزار واضطر إلى لبس السروال جاز له ذلك وعليه الكفارة على الأحوط.

(مسألة – 272) يجوز للمحرم شد العمامة وغيرها على بطنه، والأحوط أن لا يصل إلى صدره والأولى الاجتناب عن كل ذلك.

(مسألة – 273) إذا لبس المحرم ما لا يجوز لبسه عن نسيان أو لجهله بالحكم فبعد التوجه يجب عليه نزعه فوراً، فإن كان لبسه قبل التلبية جاز له أن يخرجه من فوق، وإن كان لبسه بعد التلبية وتحقق الإحرام يخرجه من تحت ولو بشقه، فإن لم يهمل في الصورتين فلا تجب عليه الكفارة وإن أهمل عمداً ولم يبادر إلى نزعه فوراً تجب عليه الكفارة، ويجري هذا التفصيل فيما إذا كان لبسه للممنوع عن علم وعمد.

 

 

الثالث والعشرون: لبس الخف والجورب

(مسألة – 274) يحرم على الرجل المحرم لبس الخف –وهو حذاء يستر ظهر القدم- والجورب ولبس كل ما يستر تمام ظهر القدم، وأما ستر تمام ظهر القدم بدون لبس كأن يضع عليه منديلاً مثلاً أو غطاء فلا باس بذلك.

          وإذا لبس شيئاً من ذلك جاهلاً أو ناسياً فلا شيء عليه وإذا لبسه عالماً عامداً كفّر بشاة.

 

الرابع والعشرون: ستر الرأس والأذنين

          لا يجوز للرجل المحرم ستر رأسه كله أو بعضه، والمراد بالرأس منابت الشعر دون الوجه، ولا يجوز سترالأذنين مهما كان نوع الساتر اعتيادياً كالمنديل مثلاً أو غير اعتيادي كالطين، بل الأحوط عدم ستر الرأس بحمل شيء عليه أيضاً، والأحوط عدم ستر الرأس في وقت النوم أيضاً، ولا بأس بتغطية وجهه.

          ويجوز الستر في حال الضرورة والصداع ونحو ذلك.

          ولا تجب الكفارة على المرتكب إذا كان ناسياً أو جاهلاً أو معذوراً للاضطرار، أما في غير ذلك فالمشهور وجوب التكفير بشاة، وهو الأحوط الأولى، ولا يبعد كفاية التصدق بإطعام مسكين.

 

الخامس والعشرون: حرمة التظليل ووجوب البروز والإضحاء

          المعروف في كلمات الأصحاب (حرمة التظليل) لكن المستفاد من الروايات هو وجوب الإضحاء والبروز من كل ما يُكِنّ المحرم، ولا يحرم من التظليل إلا ما كان منافياً للواجب، لذا فالسائر ماشياً يجوز له أن يستظل بظل المحمل أو السيارة الحاملة لبضائعهم المرافقة لهم ونحوها، بينما يمكن القول احتياطا أنّه لا يجوز للراكب في السيارة المكشوفة والتي لا سقف فيها أن يستظل بالجدار الجانبي للسيارة إذا كان يمنع صدق البروز عليه كما لو كان جالساً على أرضية سيارة الحمل ذات الجدران العالية، فالعبرة إذن بتحقق عنوان البروز والإضحاء مما يُكنّ المحرم وليس عنوان التظليل.

(مسألة – 275) التظليل على قسمين:

الأول: أن يكون بالأجسام السائرة كالمظلة وسقف المحمل أو السيارة أو الطائرة ونحوها، وهذا محرم على الرجل المحرم، راكباً كان أم راجلاً، إذا كان ما يظلله فوق رأسه، نعم لا بأس بالاستظلال بالسحابة السائرة.

          وأما إذا كان ما يظلله على أحد جوانبه، فالظاهر أنه لا بأس به للراجل مطلقاً، فيجوز له السير في ظل المحمل والسيارة ونحوها.

          وأما الراكب فالأحوط أن يجتنبه إلا إذا كان بحيث لا يمنع من صدق الإضحاء (أي البروز للشمس) عرفاً، كأن كان الساتر الجانبي قصيراً لا يستتر به رأسه وصدره كجدران بعض السيارات المكشوفة.

الثاني: أن يكون بالأجسام الثابتة كالجدران والأنفاق والأشجار والجبال ونحوها، وهذا جائز للمحرم، راكباً كان أم راجلاً على الأظهر، لذا فإنّه يجوز له بعد وصوله مكة أن يتحرك تحت الجسور والأنفاق أو في ظل الحيطان.

(مسألة – 276) حرمة التظليل مطلقة ولا تختص بحال وجود الشمس أو المطر لإطلاق وجوب البروز في الليل أو النهار وفي كل الأحوال.

(مسألة – 277) ما تقدم من حرمة التظليل يختص بحال السير وطيّ المسافة، وأما إذا نزل المحرم في مكان سواء اتخذه منزلاً أم لا، كما لو جلس في أثناء الطريق للاستراحة أو لملاقاة الأصدقاء أو لغير ذلك فلا إشكال في جواز الاستظلال له.

(مسألة – 278) لا يجوز للمحرم الاستظلال أثناء تردده في مكة وبين المشاعر المقدسة لأداء مناسكه كما إذا نزل مكة وأراد الذهاب إلى المسجد الحرام لأداء الطواف والسعي أو نزل منى وأراد الذهاب إلى المذبح أو مرمى الجمار فإنه لا يجوز له ركوب السيارة المسقفة أو رفع المظلة فوق رأسه.

(مسألة – 279) لا فرق في حرمة التظليل بالظل المتحرك بحركة المحرم أثناء طي المسافة بين كون الحركة أفقية أو عمودية كالذي ينتقل أثناء حركته من سفح الجبل إلى أعلاه أو الجهة الأخرى منه بمصعد كهربائي أو طائرة عمودية، أما تحقق الحرمة في حركته بالمصعد الكهربائي بين طوابق العمارة التي ينزل فيها فإنه غير واضح لعدم وجود معنى في الحديث عن البروز والإضحاء والتظليل لأن المصعد يتحرك داخل برج مقفل فأدلة الحرمة منصرفة عن مثله ، ولعدم تحقق موضوع طيّ المسافة في هذه الحركة.

(مسألة – 280) لا بأس باستظلال المحرم بظل كالمظلة أو نحوها إذا كان واقفاً غير متحرك، كما في حالة الجلوس والنوم ونحوهما، كما يجوز له الاستظلال بظل ثابت حتى حال سيره وتحركه، ويجوز له أن يستتر من الشمس بيديه وذراعيه.

(مسألة – 281) يرخص للرجل المحرم بالتظليل للضرورة والخوف على صحته من حر أو برد، أو الخوف على سيارته من الضياع لو تركها وركب سيارة مكشوفة، أو على عائلته أو غير ذلك، وإذا ظلل جاهلاً أو ناسياً فلا كفارة عليه، وإن ظلل عامداً عالماً كان عليه التكفير بشاة عن كل إحرام ظلل في أثنائه ولا فرق في ذلك بين أن يكون تظليله لضرورة أو بدون ضرورة، ولو ظلل في إحرام واحد مرات، فلا تجب عليه إلا كفارة واحدة.

(النوع الثالث) ما يحرم على النساء خاصة

          يحرم على المرأة المحرِمة ستر وجهها كله أو بعضه ببرقع أو نقاب أو غيرهما، ويرخّص لها في تغطية وجهها حال النوم، وكذلك في ستر بعض وجهها عند الصلاة مقدمة لستر الرأس، كما يجوز لها أن تتحجب عن الأجنبي بأن تنزل ما على رأسها من الخمار أو نحوه من ملابسها إلى ما يحاذي أنفها أو ذقنها وإن مس ذلك وجهها مباشرة.

          ويقال: إن كفارة ستر الوجه شاة إذا ارتكبت المرأة ذلك عالمة عامدة، وهو الأحوط الأولى.

 

          ويحرم على المرأة المحرمة أيضاً لبس القفازين، وكذلك يحرم عليها لبس الحرير الخالص.

شارك الاستفتاء

الجهة الرابعة: آداب الإحرام ومستحباته

          وهي أمور:

الأول: أن يقوم الشخص بتنظيف جسده، وتقليم أظافره، وإزالة الشعر عن الإبطين، وأخذه من الشارب، وتنظيف الأسنان وغير ذلك.

الثاني: أن يوفر الرجل شعر رأسه منذ بداية شهر ذي القعدة، فلا يأخذ منه شيئاً إذا كان غرضه الحج منذ ذلك الحين.

الثالث: غسل الإحرام، كما مرّ ويدعو المكلف عند الغسل بهذا الدعاء: (بِسمِ اللهِ وبِاللهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لِي نُوراً وطَهُوراً وحِرزاً وأمْناً مِن كُلِّ خَوفٍ، وَشِِفاءً منْ كلِّ داءٍ وسُقْمٍ. اللَّهُمَّ طَهِّرنِي وَطهِّرْ قَلبِي، واشرَح لي صدرِي، وأَجْرِ على لِساني مَحَبَّتَك، ومِدحَتَكَ والثَناءَ عليكَ، فإنّهُ لا قوةَ لِي إلا بِكَ، وقد عَلِمتُ أن قَوامَ دِيني التَسليمُ لكَ والاتّباعُ لِسُنّةِ نبيِّكَ صَلواتُكَ عليهِ وآلهِ).

          ويستحب الإحرام في دبر صلاة مكتوبة أو نافلة فإن كانت مكتوبة أحرمت في دبرها بعد التسليم، وإن كانت نافلة صَليتَ ركعتين وأحرمت في دبرهما، فإذا انفتلت من صلاتك فاحمد الله وأثنِ عليه وصلِ على النبي وقل: (اللَّهمَّ إنّي أسألُكَ أن تَجعلَني مِمَّن استَجابَ لكَ وآمنَ بوَعدِكَ واتَّبعَ أمرَكَ، فإِني عبدُكَ وفي قبضَتِكَ لا أُوقى إلا ما وَقيتَ ولا آخذُ إلا ما أعطيتَ وقَد ذكرتَ الحجَّ فأسألُك أن تَعزِمَ لي عليهِ على كتابِكَ، وسُنَّةِ نبيِّكَ صلواتُكَ عليهِ وآلهِ، وتُقَوِّيَني على ما ضعُفتُ وتُسلم لي مناسِكي في يُسرٍ منكَ وعافية، واجْعلنِي من وَفدِكَ الذي رَضيتَ وارتَضيتَ وسَمَّيتَ وكتبتَ، اللّهمَّ إنِّي خَرَجتُ مِن شُقَّةٍ بَعيدةٍ وأنفقتُ مالي ابتغاءَ مرضاتِكَ. اللّهمَّ فَتمِّمْ لِي حجَّتي وعُمرتِي، اللّهمَّ إني أُريدُ التَمتُّع بالعُمرةِ إلى الحَجِّ على كتابِكَ وسُنَّةِ نبيِّكَ صلَواتُك عليهِ وآلهِ، فإنْ عَرضَ لي عارِضٌ يحبِسُني فخلِّني حيثُ حبَستنِي بِقَدَرِكَ الذي قدَّرتَ عليَّ، اللهمَّ إن لَم تَكُن حجَّةٌ فَعُمرةٌ. أَحْرَمَ لكَ شَعري، وبَشَري ولَحمي ودَمي وعظامي ومُخِّي وعَصَبي مِنَ النساءِ والثيابِ والطيبِ، أبتغي بذلكَ وجهَكَ والدار الآخرةَ).

          ويقول عند لبس ثوبي الإحرام: (الحمدُ للهِ الذي رَزَقني ما أُواري بِهِ عَورتي وأُؤدي فيه فَرضِي وأعبُدُ فيهِ ربِّي وأنتهي فيه إلى ما أمَرَني. الحمدُ للهِ الذي قَصَدتُهُ فَبَلَّغنِي وأرَدتُه فأعانَنِي وقَبِلَنِي ولَمْ يَقْطَعْ بِي، ووَجْهُهُ أردتُ فَسَلَّمَنِي، فَهُوَ حِصنِي وكَهْفِي وحِرزِي وظَهرِي ومَلاذي ورَجائِي ومَنْجايَ وذُخْرِي وعُدَّتي في شِدّتي ورَخائِي).

          ويستحب أن يعقب التلبية التي تقدم ذكرها في كيفية الإحرام بما يلي: (لَبَّيكَ ذا المَعارِجِ لَبَّيكَ ،لَبَّيكَ داعِياً إلى دارِ السَلامِ لَبَّيكَ ،لَبَّيكَ غَفَّارَ الذُنوبِ لَبَّيكَ ،لَبَّيكَ أهلَ التَلْبِيَةٍ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ ذا الجَلالِ والإكرامِ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ تُبْدِئُ والمَعادُ إليكَ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ تَستَغنِي ويُفتَقرُ إليكَ لَبَّيكَ ،لَبَّيكَ مَرغُوباً ومَرهُوباً إليكَ لَبَّيكَ ،لَبَّيكَ إنَّهُ الحَقُ لَبَّيكَ ،ذا النَعْماء والفَضلِ الحَسَنِ الجميلِ لَبَّيكَ ،كَشَّافُ الكُرَبِ العِظامِ لَبَّيكَ ،لَبَّيكَ عَبدُكَ وابنُ عَبدَيكَ لَبَّيكَ ،لَبَّيكَ يا كَريمُ لَبَّيكَ).

          ويستحب بعد أن يحرم الحاج أن يكرر التلبية التي أحرم بها، وسائر التلبيات في مختلف الحالات والأوقات خصوصاً عقيب كل صلاة فريضة أو نافلة، وعند اليقظة من النوم، وبالأسحار وعند استيناف السفر، وعند النزول في وادي، أو من واسطة النقل، وعند الركوب فيها، وهكذا، وحد التلبية في عمرة التمتع مشاهدة بيوت مكة القديمة، وفي حج التمتع زوال يوم عرفة، وفي العمرة المفردة دخول الحرم على الأحوط، كما تقدم.

          ففي الحديث عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من لبّى في إحرامه سبعين مرة إيماناً واحتساباً أشهد الله له ألف ألف ملك ببراءة من النار وبراءة من النفاق).

          ويستحب أن يعلو صوت الرجال بالتلبية.

 

 

شارك الاستفتاء

الجهة الثالثة: ما يجب على المحرم لبسه:

(مسألة – 178) يجب على الرجل المحرم أن يحرم في ثوبين، وهما الإزار والرداء بعد تجرّده من ملابسه الاعتيادية التي يحرم عليه لبسها منذ إنشاء الإحرام حتى الإحلال منه بإتيان المناسك المقررة، ويكفي في الثوبين المذكورين صدق الإزار والرداء عرفاً، ويصدق الإزار على قطعة قماش يستر بها ما بين السرة والركبة، والرداء على قطعة قماش يستر بها ما بين المنكبين، ويحرم في حال لبسه لهذين الثوبين، ولا بأس بزيادتهما على الحد المذكور.

(مسألة – 179) الأظهر أن لبس ثوبي الإحرام واجب تعبدي على الرجل المحرم، وليس من شروط صحة إحرامه، فمن ترك لبسهما عامداً وملتفتاً إلى الحكم الشرعي وأحرم صح إحرامه، وحرم عليه ما يحرم على المحرم وإن كان عاصياً آثماً.

(مسألة – 180) الأحوط وجوباً أن يلبس ثوبي الإحرام بقصد القربة إلى الله سبحانه وإطاعة أمره وبقصد الإحرام. والأفضل أن يكون نزعه لثيابه أيضاً بقصد القربة والإطاعة لله تعالى.

(مسألة – 181) يعتبر في ثوبي الإحرام نفس الشروط المعتبرة في لباس المصلي على الأحوط، بأن لا يكونا من الحرير الخالص، ولا من أجزاء ما لا يؤكل لحمه ولا من الذهب على نحو يصدق أنه لابس للذهب، وأن لا يكونا حاكيين للبشرة ويلزم طهارتهما، نعم لا بأس بتنجسهما بنجاسة معفو عنها في الصلاة والأحوط أن لا يكونا من الجلد، ولا من الملبد ولا من المخيط بل من المنسوج.

(مسألة – 182) لا يجوز للرجل المحرم أن يلبس السراويل إلا أن لا يكون له إزار، ولا خفين إلا أن لا يكون له نعلان.

(مسألة – 183) إن وجوب لبس ثوبي الإحرام مختص بالرجل المحرم دون المرأة، فإنه يجوز لها أن تحرم في ملابسها الاعتيادية، شريطة أن تكون طاهرة والأحوط لها مراعاة سائر الشروط التي تقدمت في المسألة.

          نعم لا يجوز للمرأة المحرمة أن تلبس الحرير الخالص والقفازين في جميع أحوال الإحرام.

(مسألة – 184) إذا تنجس أحد الثوبين أو كلاهما، فالأحوط والأجدر وجوباً المبادرة إلى التبديل أو التطهير.

(مسألة – 185) يسوغ للمحرم أن يزيد على ثوبي الإحرام ما يصلح له أن يلبسه في ابتداء الإحرام وأثنائه، كما يجوز للمحرم تبديل الثوبين بآخرين واجدين لنفس الشروط المعتبرة فيهما، ويجوز له بعد عقد الإحرام والتلبية التجرد منهما بدون تبديل، شريطة أن يكون آمناً من الناظر المحترم أو كون العورة مستورة بشيء آخر.

(مسألة – 186) إذا لبس ثوبي الإحرام قبل أن يتجرد عن لباس المخيط إما نسياناً أو جهلاً بالحكم يجب عليه فوراً نزع المخيط عن بدنه وصح إحرامه، ولا يلزمه نزع المخيط من تحت بدنه، وكذلك لو لبس المخيط بعد الإحرام والتلبية فلا إشكال في صحة إحرامه ولكن يلزمه حينئذٍ إخراج الثوب من تحت ولو بشقه.

(مسألة – 187) الأفضل بل الأحوط عند الورود في مكة المعظمة أن يطوف في ثيابه التي أحرم فيها.

 

ملاحظة: ستأتي مسائل أخرى فيما يجوز وما لا يجوز للمحرم لبسه عند الحديث عن تروك الإحرام.

شارك الاستفتاء

الجهة الثانية: حقيقة الإحرام

          وهي متقومة بأمرين: أحدهما النية، والآخر التلبية، أما لبس ثوبي الإحرام فهو ليس مقوماً للإحرام ولكنه أحد واجباته الذي يتنجّز وجوباً بمجرد النية والتلبية، لذا فيفترض بالمحرم أن يكون قد تجرّد من ملابسه الاعتيادية ولبس ثوبي الإحرام قبل أن ينوي ويلبي.

(أولاً) النية: وهي نية الإنسان الدخول في النسك –وهي العمرة هنا- فيصبح متلبساً فعلاً بعنوان العمرة، كالذي يتلبس بعنوان الصلاة بتكبيرة الإحرام، والدخول في النسك يستلزم تحريم أشياء عديدة على نفسه بإحرامه، ولا يلزم فيها تصور تلك الأشياء تفصيلاً، بل تكفي نية تحريمها على وجه الإجمال.

          وإلى جانب ذلك لا بد أن تتوفر في هذه النية الأمور التالية:

1- إن الإحرام بما أنه جزء العبادة فيجب أن ينويه باسم تلك العبادة المميزة لها شرعاً، فإذا أراد المكلف أن يأتي بعمرة التمتع من فريضة حج التمتع من حجة الإسلام، فعليه أن ينوي الإحرام لعمرة التمتع من حجة الإسلام، وإذا أراد أن يأتي بحج التمتع من حجة الإسلام، فعليه أن ينوي الإحرام لحج التمتع من حجة الإسلام، وهكذا فلو أحرم من دون تعيين لم يصح.

          ولا يجب التلفظ بالنية والنطق بما ينويه وإن جاز له ذلك، بل استحب بأن يقول: (أُحرم لعمرة التمتع من حجة الإسلام قربة إلى الله تعالى) وإذا كان نائباً ذكر اسم المنوب عنه، وإذا كان الحج مستحباً أسقط كلمة (حجة الإسلام) وإذا كان الحج واجباً بالنذر أو العهد أو اليمين أو بالإفساد قصد الحج الواجب بذلك بديلاً عن قصد حجة الإسلام.

2- أن يقصد القربة والطاعة لله تبارك وتعالى بإحرامه لعمرة أو حج.

3- أن يقصد بإحرامه للعمرة أو الحج، الإخلاص ونقصد بذلك عدم الرياء، فالرياء في العبادة مبطل لها.

(ثانياً) التلبية: وبها ينعقد الإحرام كما تنعقد الصلاة بتكبيرة الإحرام ويتحقق بها الدخول في العبادة، أما حج القران فيمكن أن ينعقد بالتلبية أو الإشعار أو التقليد كما سيأتي بإذن الله تعالى.

          وتتكون التلبية من أربع فقرات، وصورتها أن يقول: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك. (والأحوط استحباباً أن يضيف إلى ما تقدم جملة أخرى بهذه الصيغة): إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك)) وليجتهد أن يكون حاضر القلب مجيباً لدعوة ربه.

          فإذا نوى الإحرام لعمرة التمتع مثلاً، ولبى وانعقد إحرامه أصبح محرماً شرعاً، وحرمت عليه أشياء عديدة معينة. وأما إذا نوى ولم يلبّ لم ينعقد إحرامه شرعاً، ولم يحرم عليه ما يحرم على المحرم.

(مسألة – 163) لا يعتبر في صحة الإحرام العزم من المحرم حين النية على عدم ارتكاب ما يحرم زائداً على ما تقدم سابقاً، نعم قد يقال باعتبار العزم من المحرم على ترك خصوص الجماع والاستمناء عند النية في صحة الإحرام، ولكن الأقوى أنهما كسائر المحرمات.

(مسألة – 164) إذا نوى في مكان عمرة التمتع حج التمتع أو بالعكس لجهله بالحكم أو عن غفلة، فإن كان من نيته الإتيان بالعمل الذي أراده الله سبحانه منه الآن وأوجبه عليه وما يأتي به الآخرون وأتى بما يجب عليه وكان الاشتباه في اسم العمل صح عمله، والأفضل تجديد النية بعدما تنبه لذلك.

(مسألة – 165) إذا ظن أن حج التمتع مقدم على عمرة التمتع لجهله بالحكم أو عن غفلة، وفي الميقات أحرم بنية حج التمتع ليمضي إلى عرفات والمشعر وبعد الإتمام يأتي بالعمرة بطل إحرامه، ويجب عليه تجديد الإحرام من الميقات، وإن تجاوز عن الميقات يجب عليه الرجوع إليه.

          وإن لم يمكنه الرجوع فإن كان خارج الحرم جدد الإحرام هناك، وإن كان في الحرم رجع إلى خارجه إن أمكنه ذلك وجدد الإحرام من خارج الحرم وإلا أحرم من الحرم. وفي كل هذه الصور عليه أن يرجع إلى الوراء بالمقدار الممكن على الأحوط ثم يجدد الإحرام.

(مسألة –166) يجب على المكلف أن يتعلم ألفاظ التلبية وصيغها، ويحسن أداءها بصورة صحيحة ويكفي في أدائها أن يقوم شخص بتلقينه بهذه الكلمات والصيغ، بأن يتابعه في النطق بها.

          وأما إذا لم يُتح له أن يتعلم تلك الألفاظ، ولم يتيسّر له التلقين فيجب عليه التلفظ بما تيسّر له منها، والأحوط الأولى أن يأتي إضافة إلى ذلك بما يدل على معاني تلك الألفاظ، ويستنيب أيضاً من يحسن التلبية كاملة لأدائها نيابة عنه.

(مسألة – 167) تلبية الأخرس إنما هي بإشارته بإصبعه مع تحريك لسانه.

(مسألة – 168) إذا كان الصبي غير مميز، ولم يقدر على التلبية لبى عنه وليه.

(مسألة – 169) الأقرب أن لبس ثوبي الإحرام ليس من شروط صحة الإحرام، بل هو واجب مستقل على من يحرم، ومن هنا إذا ترك لبسهما وأحرم في ثيابه الاعتيادية صح إحرامه، وانعقد وإن اعتُبر آثماً.

(مسألة – 170) كما ينعقد إحرام حج القران بالتلبية فهو ينعقد بالإشعار، أو التقليد للهدي الذي يصطحبه معه، والتقليد مشترك بين الناقة وغيرها من أقسام الهدي، وأما الإشعار فالمشهور أنه مختص بالناقة، والإشعار هو أن يشق سنام الإبل من الطرف الأيمن ويلطخه بدمه، والتقليد هو أن يعلق في رقبة هديه نعلاً خلقاً قد صلى فيه وهو الأفضل، وإن كان يمكن الاكتفاء بتعليق أي شيء لهذا الغرض، وإذا كان الإحرام بالإشعار فالأولى والأجدر ضم التقليد إليه أيضاً، والإحرام بالتلبية هو الأحوط منهما.

(مسألة – 171) لا تشترط الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر في صحة الإحرام، فيصح من المحدث بالحدث الأكبر كالجنب والحائض والنفساء، ومن المحدث بالأصغر.

(مسألة – 172) لا يجب في النية إخطار الصورة التفصيلية لفريضة حج التمتع وغيرها، بل يكفي له أن ينوي الإتيان بواجباتها إجمالاً ثم يتعلمها ويأتي بالتدريج بها، كما لا تجب الإشارة إلى الوجوب أو الاستحباب.

(مسألة – 173) يجب على من اعتمر عمرة التمتع أن يقطع التلبية عند مشاهدة بيوت مكة القديمة، ونقصد بها مكة في زمن النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ). وعلى من اعتمر العمرة المفردة إذا جاء من الخارج أن يقطع التلبية على الأحوط عند دخول الحرم، وإذا كان في مكة وخرج منها إلى أدنى الحل والإحرام منه للعمرة المفردة أن يقطع التلبية على الأحوط عند مشاهدة بيوت مكة القديمة.

(مسألة – 174) إذا شك المكلف بعد الإتيان بالتلبية أنه أتى بها صحيحة أو لا، بنى على الصحة تطبيقاً لقاعدة الفراغ، وإذا شك في أنه لبى أو لا، فإن كان قد تجاوز الميقات لم يعتن بشكه تطبيقاً لقاعدة التجاوز، وإلا وجبت عليه التلبية.

(مسألة – 175) إذا نوى الإحرام ولبس الثوبين وشك في أنه لبى أو لا، بنى على أنه لم يلبِّ، فيجوز له ارتكاب ما يحرم على المحرم.

(مسألة – 176) إذا أتى المكلف بما يوجب الكفارة، وشك في أنه كان بعد التلبية حتى تجب عليه، أو قبلها حتى لا تجب، فالأظهر عدم وجوبها، بدون فرق في ذلك بين أن يكون كلاهما مجهولي التأريخ، أو التأريخ الزمني لأحدهما معلوماً وللآخر مجهولاً.

 

(مسألة – 177) يستحب غسل الإحرام في الميقات حتى من الحائض والنفساء أيضاً على الأقوى، وإذا خشي المسافر عدم تيسر الماء في الميقات جاز له أن يغتسل قبل ذلك، فإن وجد الماء في الميقات أعاد، وإذا اغتسل ثم أحدث بالأصغر، أو أكل أو لبس ما يحرم على المحرم قبل أن يحرم أعاد غسله.

شارك الاستفتاء

أحكام المواقيت:

(مسألة – 152) يثبت الميقات إما بالعلم أو بشهادة عدلين من الرجال أو بالشهرة في المحل وبشهادة أهل الاطلاع إذا أوجب الوثوق والاطمئنان.

(مسألة – 153) لا يجوز الإحرام قبل الميقات، ولو أحرم فلا اعتبار به وإن مر على الميقات محرماً، بل لا بد من تجديد الإحرام في نفس الميقات، نعم يستثنى من هذا الحكم موردان:

الأول: أن ينذر الإحرام قبل الميقات في مكان معين، مثلاً يحرم من النجف أو بغداد أو من قم أو من مشهد فإنه يصحّ ويجب العمل بالنذر ولا يلزمه التجديد في الميقات ولا المرور عليه.

الثاني: إذا قصد إدراك العمرة المفردة في رجب لاستحبابه المؤكد وخشي عدم إدراكها إذا أخر الإحرام إلى الميقات جاز له الإحرام قبل الميقات حتى يقع إحرامه في رجب ويدرك ثواب العمرة المفردة، وتسّري هذا الحكم إلى عمرة سائر الشهور لا يخلو عن إشكال.

(مسألة – 154) كما لا يجوز تقديم الإحرام على الميقات لا يجوز تأخيره عنه، فلا يجوز لمن أراد الحج أو العمرة أو دخول مكة أن يتجاوز الميقات اختياراً إلا محرماً حتى إذا كان أمامه ميقات آخر بل لا بد من الإحرام في أول ميقات يمر به، فلو تجاوزه بدون الإحرام وجب العود إليه ليحرم منه.

(مسألة – 155) إذا أراد العمرة أو الحج وترك الإحرام من الميقات إما عن نسيان أو غفلة أو جهل بالميقات أو عدم معرفته بالحكم الشرعي، فإن أمكنه الرجوع إلى الميقات للإحرام منه ولم يضيق وقت الحج وجب عليه ذلك، سواء دخل الحرم أو كان قبل دخوله، ولو لم يمكنه الرجوع إلى الميقات أو خاف فوات الحج فإن لم يدخل الحرم أحرم هناك، وإن دخل الحرم وأمكنه الرجوع إلى خارج الحرم ففي هذه الصورة يجب عليه الرجوع إلى خارج الحرم للإحرام من هناك، وإن لم يمكنه ذلك يلزمه الإحرام من مكانه وإن كان قد دخل مكة، وفي كل هذه الصور يحتاط ويبتعد عن الحرم بالمقدار الممكن ثم يحرم، وهذا الاحتياط مهما أمكن لا يترك بالخصوص للمرأة الحائض.

(مسألة – 156) إذا مرت الحائض على الميقات ولم تحرم منه وكان ذلك عن جهلها بالحكم الشرعي لأنها تصورت أن الحائض لا يمكنها الإحرام من الميقات فحكمها حكم المسألة السابقة.

(مسألة – 157) إذا مر على الميقات بدون الإحرام منه قاصداً لعمل خاص ولم يكن من نيته العمرة أو الحج وبعد الفراغ من عمله التفت إلى استطاعته أو صار مستطيعاً أو كان صبياً فبلغ فأراد العمرة والحج فإن كان يمكنه الرجوع إلى الميقات يجب عليه ذلك للإحرام منه، وإن لم يمكنه الرجوع إلى الميقات فحكمه على المشهور حكم المسألة السابقة (155) وهذا الحكم غير بعيد.

(مسألة – 158) إذا مر المستطيع على الميقات بدون إحرام عن علم وعمد، فإن كان يمكنه الرجوع إلى الميقات يجب عليه ذلك للإحرام منه وصحّ منه العمرة والحج، وإن لم يمكنه الرجوع إلى الميقات فقد فاته وقت العمرة والحج على الأقوى وعليه الحج في السنة الآتية، وإن كان الأولى أن يعمل طبق المسألة السابقة ويعيد الحج فيما بعد.

(مسألة – 159) المسافرون جواً من بلدانهم إلى جدة: إن حصل عندهم الاطمئنان أن الطريق الجوي يمر على بعض المواقيت (ونعلم ذلك من سؤال أهل الاختصاص) والمفروض عدم جواز عبور المواقيت إلا بإحرام فيجب الإحرام من الطائرة أو من مدنهم ولما كان الإحرام قبل الميقات غير جائز فيمكن إيجابه بالنذر بالصيغة الشرعية وعليهم ذبح شاة كفّارة للتظليل المحرَّم على الرجال.

          وإن لم يحصل مثل هذا الاطمئنان -كما هو المنقول عن الثقات- أو قلنا أن عبور الطائرة لا يعدّ مروراً بالميقات أو يعقد المسافر عزمه أنه قاصد للسفر من بلده إلى جدّة وليس إلى مكة فعلى هؤلاء أن يذهبوا من جدة إلى أحد المواقيت والأقرب إليهم هو الجحفة التي تبعد عن جدة حوالي (180) كم ويحرموا من هناك. وإذا تعذر عليهم ذلك فيتوجهون إلى مدينة وراءها كـ(رابغ) الواقعة على الطريق العام ويحرمون بالنذر لأنها قبل الميقات.

          والفرصة لمثل هذا العمل ميسّرة حيث توجد سيارات مكشوفة في مطار جدة يمكن استئجارها لهذا الغرض حيث يلتزم أتباع أهل البيت (عليهم السلام) بحرمة التظليل تأسياً برسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة المعصومين (سلام الله عليهم) من أهل بيته حتى أصبحت هذه الظاهرة من أوضح العلامات لشيعة أهل البيت (عليهم السلام). وإذا تعذّر الذهاب إلى الجحفة فيحرم الحجاج من جدة بالنذر والأحوط تجديده عند الوصول إلى الحديبية باعتبارها أدنى الحِل.

(مسألة – 160) تقدم أن المتمتع يجب عليه أن يحرم لحجه من مكة، فلو أحرم من غيرها –عالماً عامداً- لم يصح إحرامه وإن دخل مكة محرماً، بل وجب عليه الاستئناف من مكة مع الإمكان وإلا بطل حجه.

(مسألة – 161) إذا نسي المتمتع الإحرام للحج بمكة وجب عليه العود مع الإمكان، وإلا أحرم في مكانه – ولو كان في عرفات- وصحّ حجه، وكذلك الجاهل بالحكم.

 

(مسألة – 162) لو نسي إحرام الحج ولم يذكر حتى أتى بجميع أعماله صح حجه، وكذلك الجاهل.

شارك الاستفتاء

الجهة الأولى: في مواقيت الإحرام

          المواقيت هي مواضع عينها الشارع المقدس لأهل الآفاق يجب الإحرام منها على من قصد مكة لعمرة التمتع، إذ لا يجوز دخول مكة إلا محرماً كما تقدم، وتوجد مواقيت أخرى لمن يحرم للحج أو لإجراء بعض الأحكام الأخرى، ويبلغ مجموعها أحد عشر:

(الأول) مسجد الشجرة، وهو في مكان يسمى ذا الحليفة، ويقع قريباً من المدينة المنورة على طريق مكة، وهو ميقات أهل المدينة وكل من أراد الحج عن طريق المدينة سواء للعمرة أو للحج.

(مسألة – 143) الأحوط أن يحرم من نفس المسجد لا من خارجه، وإن كان الأقوى جوازه حواليه.

(مسألة – 144) لا يجوز تأخير الإحرام عن مسجد الشجرة إلا لضرورة من مرض أو ضعف أو غيرهما من الموانع، فيجوز تأخير الإحرام إلى الجحفة إذا كان طريقه يمرّ عليها فيُحرم منها والطريق اليوم لا يتحقق فيه ذلك.

(مسألة – 145) يجوز للجنب والحائض الإحرام من نفس مسجد الشجرة في حال المرور من المسجد، بعد أن يكون قد لبس ثوبي الإحرام في خارج المسجد وفي حال المرور من المسجد ينوي ويلبي ، ولا يجوز لهما المكث في المسجد.

(مسألة – 146) إذا أراد الجُنب الإحرام من نفس مسجد الشجرة في حال المرور لكثرة ازدحام الحجاج ولا يتيسر له غسل الجنابة، فله أن يتيمم ويدخل المسجد ويلبي.

(مسألة – 147) إذا لم يمكن للحائض الإحرام من نفس المسجد وبحال المرور ولا يمكنها أن تصبر حتى تطهر فلها أن تحرم من خارج المسجد محاذياً له.

(الثاني) الجحفة، وهو ميقات أهل الشام ومصر والمغرب وكل من يمر من هذا الطريق ولم يحرم من الميقات السابق عليها لعذر كما شرحناه في المسألة (144).

(الثالث) وادي العقيق، وهو ميقات أهل نجد والعراق والمشرق وكل من يمر من هذا الطريق من غيرهم، وهذا الميقات له ثلاثة أجزاء: (المسلخ) وهو اسم لأوله، و (الغمرة) وهو اسم لأوسطه، و (ذات العرق) وهو اسم لآخره.

(مسألة – 148) الأفضل أن يحرم من المسلخ وبعده من الغمرة، والأحوط أن لا يؤخر الإحرام إلى ذات عرق بل يحرم قبل الوصول إليه إلا في حال الضرورة أو التقية.

(الرابع) يلملم، اسم جبل في جنوب مكة، وهو ميقات لأهل اليمن وكل من يمر من ذلك الطريق.

(الخامس) قرن المنازل، وهو ميقات أهل الطائف وكل من يمر من ذلك الطريق.

(السادس) المنزل الذي يسكنه المكلف، وهو ميقات من كان منزله دون الميقات إلى مكة، فإنه يجوز له الإحرام من منزله بنية العمرة أو الحج ولا يلزمه الرجوع إلى الميقات، وإن كان الذهاب إلى الميقات لا مانع منه بل هو أولى.

(السابع) مكة المعظمة، وهي ميقات لحج التمتع فبعد إتمام عمرة التمتع يحرم منها لحج التمتع ويتوجه إلى عرفات.

(مسألة – 149) يجوز الإحرام لحج التمتع في أي موضع منها، والأفضل المسجد الحرام وأفضله مقام إبراهيم (عليه السلام) أو حجر إسماعيل (عليه السلام)، والأحوط أن يُحرم من أقرب المواضع إلى المسجد الحرام ليطمئن أنه أحرم في حدود مكة في صدر الإسلام.

(الثامن) الجعرانة، وهي مكان خارج الحرم وعلى الأحوط هي ميقات أهل مكة لحج الإفراد أو القران، وعلى المشهور يجوز لأهل مكة الإحرام من منازلهم.

(مسألة – 150) في حكم أهل مكة من أقام فيها سنتين أو أكثر وإن لم يتخذها وطناً له وأما لو كانت إقامته أقل من سنتين ففرضه حج التمتع، والأحوط وجوباً أن يحرم من ميقات بلده أو أحد المواقيت الخمسة، ويحرم للحج من مكة كما فصلناه سابقاً، ومن أراد حج الإفراد أو القران وهو من البلاد البعيدة عن مكة يحرم من أحد المواقيت الخمسة.

(التاسع) أدنى الحل بمعنى أقرب المواطن إلى الحرم، وهو ميقات العمرة المفردة بعد حج الإفراد أو القران.

(مسألة – 151) كل من كان في مكة وأراد الإتيان بالعمرة المفردة فميقاته أدنى الحل فيذهب خارج الحرم ويحرم منه، والأفضل أن يحرم من الجعرانة أو الحديبية أو التنعيم عند المشهور وهو أقرب المواقيت إلى المسجد الحرام.

          وأما البعيد عن مكة إن أراد العمرة المفردة فعليه أن يحرم من أحد المواقيت التي يمر عليها، وكذلك لعمرة التمتع.

(العاشر) منطقة فخ، وهي ناحية من نواحي مكة المعظمة، وهو ميقات غير البالغين على قول ومعناه أن يجوز لغير البالغين تأخير الإحرام إلى أن يصلوا إلى فخ ويحرموا من هذا المكان، وهناك قول آخر وهو أن ميقات غير البالغين أحد المواقيت الخمسة، ولكن يجوز له تبديل اللباس المخيط بلباس الإحرام في فخ، والأحوط مراعاة هذا القول.

(الحادي عشر) محاذاة أحد المواقيت الخمسة لمن حج على طريق لا يؤديه إلى أحد المواقيت، يجب عليه أن يحرم محاذياً لأقرب المواقيت إليه، ومن كان في طريقه محاذياً لعدد من المواقيت فالأحوط أن يحرم محاذياً لأول المواقيت.

 

          ويراد بالمحاذاة أن يكون الميقات إلى يمينه أو إلى يساره عند التوجه إلى مكة وليس إلى ظهره ولو قليلاً ويكون كل ذلك بالتقدير العرفي، والأحوط أن يكون الإحرام من أحد المواقيت الخمسة وعلى الحجاج المحترمين السعي لذلك.

المجموع: 7 | عرض: 1 - 7

مكتب المرجع الديني

الشيخ محمد اليعقوبي(دام ظله) - ارسل استفتاءك

النجف الاشرف