كتاب
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
لا شك ان من أعظم الواجبات الدينية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. بحسب ما ورد في القرآن الكريم والسنة الشريفة.
قال الله تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران:104) وقال تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)(آل عمران : 110) وغيرها من الآيات.
اما الروايات فتبلغ المئات وصفت الفريضة بانها (غاية الدين) و(قوام الشريعة) و(اسمى الفرائض واشرفها) وان فيه (مصلحة للعوام) و(ردعاً للسفهاء).
وعن الامام الباقر (عليه السلام): (إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الانبياء ومنهاج الصلحاء، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض وتأمن المذاهب وتحل المكاسب وتُرَّد المظالم وتعمر الارض وينتصف من الاعداء ويستقيم الامر).
ورد عن امير المؤمنين (عليه السلام) قوله: (ما اعمال البر كلها والجهاد في سبيل الله عند الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الا كنقية في بحر لجي وإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقربان من أجل ولا ينقصان من رزق وأفضل من ذلك كله كلمة عدل عند إمام جائر).
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (لا تزال امتي بخير ما امروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، وتعاونوا على البر, فاذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات، وسلط بعضهم على بعض، ولم يكن لهم ناصر في الارض ولا في السماء.
ملاحظة: حررنا مسائل هذا الباب بناءً على نمط (الفقه الفردي) الذي جرى عليه السلف الصالح (قدّس الله أرواحهم)، اما على منهج (الفقه الاجتماعي) الذي كتبنا فيه (الأسس العامة للفقه الاجتماعي) فستختلف الرؤية الى بعض المسائل، وقد اضفنا شيئاً منه إلى هذا الكتاب وتمام البحث المفصل في المجلد الخاص بهذه الفريضة من كتاب (فقه الخلاف)، والله الهادي الى سواء السبيل.
(مسألة 1760) : يجب الامر بالمعروف الواجب, ويجب النهي عن المنكر الحرام وجوباً كفائياً (أي يجب على مجموع الأمة وليس على كل فرد بعينه) فإن قام به البعض ممن فيه الكفاية واحدا كان ام متعددا، سقط عن غيره, وان لم يقم به المقدار الكافي، بان لم يقم به احد أو قام به مقدار غير كاف، اثم الجميع ممن لم يقم به واستحقوا العقاب إذا كان التكليف منجزاً عليهم.
(مسألة 1761) : اذا كان المعروف مستحبا كان الأمر به مستحبا, واذا كان المنكر مكروها أو مرجوحا كان النهي عنه مستحباً، ولم يكن واجبا. فإذا أمر أو نهى كان مستحقاً للثواب. وان لم يأمر به أو لم ينه عنه لم يكن عليه اثم، ولا عقاب، لكن دعوة الناس الى فعل المستحبات كقراءة القرآن وزيارة الحسين (عليه السلام) وصلاة الليل، وترك المكروهات كالاستزادة من الدنيا واجب على المبلغين والمرشدين والمتعلمين لئلا تضيع معالم الدين.
(مسألة 1762) : اذا كان الفعل مباحاً دينياً، فلا ميزان شرعي للأمر به, وان كان راجحاً دنيوياً, ولا النهي عنه وان كان مرجوحا دنيوياً، نعم، قد يكون الفعل مباحا شرعا في الاصل ولكنه راجح بعنوان ثانوي أو مرجوح كذلك، ككونه موردا لطاعة الوالدين, أو لاحترام المؤمن أو للتقية، ونحو ذلك. فيكون الامر به أو النهي عنه واجباً, ان كان العنوان الثانوي الزاميا، ومستحباً ان لم يكن كذلك.
(مسألة 1763) : يجب ايجاد مقدمات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر, وذلك :
اولا: بتعلم الاحكام الشرعية الضرورية في الحياة, ليعرف الفرد المعروف والمنكر من نفسه ومن غيره.
ثانيا: بإيجاد المجتهد المطلق الذي يجوز تقليده, وذلك بتصدي جماعة كافية لتعلم العلوم الدينية ليحصل بعضهم على هذه الدرجة الرفيعة. ولا يجوز لاي مجتمع اهمال ذلك بحيث يحصل في المستقبل زوال المجتهدين كلهم، وعدم تعويضهم بآخرين.
ثالثاً: بايجاد القاضي الشرعي الجامع للشرائط, ليمكنه حل المخاصمات بين الناس, وذلك بتعلم العلوم الدينية كما قلنا, ولا يجوز اهمال ذلك ايضاً، بحيث يعود الامر كله إلى القضاء الدنيوي.
شروط وجوب هذه الفريضة:
ذكر المشهور إنه يشترط في وجوب الامر بالمعروف والنهي من المنكر، امور وهي قابلة للمناقشة واكثرها شروط للواجب لا للوجوب الذي هو مطلق ومعنى كونها شروط للواجب أي ان من يمتثل الفريضة يجب ان تتوفر فيه وقد فصل البحث في كتاب (فقه الخلاف) وسنذكر في ضمن المسائل ما يشير الى ذلك باختصار:
الامر الاول: معرفة المعروف والمنكر ولو اجمالا. فلو جهل الفرد ان هذا الفعل قائم على المنكر لم يجب النهي عنه. واما معرفة الحكم الشرعي كقاعدة عامة, فقد اشرنا الى وجوب تعلمها. نعم، لو كان الفرد قاصرا أو عاجزا أو مكرها أو مضطراً ونحوه, لم يجب التعلم.
(مسألة 1764) : لا يجب الاستعلام والفحص عن ان هذه الحادثة أو تلك قائمة على المنكر يجب النهي عنها, بل يكفي الشك في الوجوب لسقوطه.
الامر الثاني : احتمال تأثير الامر بالمعروف والنهي عن المنكر, اما بانجاز ما يقول الآمر واما بتعلم الفاعل وتأثره النفسي والعقلي بالامر, وان لم يطبق عملياً. ويكفي الاحتمال في ذلك ولا يجب العلم بالتأثير، وعليه فيجب الامر بالمعروف مع احتمال التأثير فقط. نعم، لو علم ان الشخص الفاعل لا يبالي بالامر والنهي, ولو لاستصغاره للمخاطب، أو انه يعتبره جاهلا بالحكم، أو لآن الفاعل لا يبالي بالدين اصلا، أو عازم على العصيان وان النصيحة تزيده استكباراً وإصراراً على الإثم, عندئذ لا يجب على الآمر شيء، والمراد بذكر هذا الشرط بيان هذا المسقط للوجوب وليس شرطية الاحتمال المذكور للوجوب، فان التأثير وتحقيق النتائج بيد الله تبارك وتعالى مدبّر الأمور، وعلى الانسان أن يمحض في النصيحة معذرة إلى ربه.
الامر الثالث : ان يعلم الفرد ان حكم المعروف أو المنكر منجز في حق الفاعل، بحيث لا يعذر في تركه وعصيانه, فان كان الفاعل معذورا في فعله المنكر أو تركه المعروف يقيناً أو احتمالا, لم يجب الامر ولا النهي، وانما يكون معذورا لاعتقاد ان ما فعله ليس بحرام, أو ان ما تركه ليس بواجب، اما بالعنوان الاولي يعنى في اصل الشريعة, أو بالعنوان الثانوي يعني للاضطرار أو التقية أو غيرهما. سواء كان الفاعل صادقاً في هذا الاعتقاد أم مشتبها اشتباها معذورا فيه اجتهادا أو تقليداً. فلو علم الفرد الامر بذلك أو احتمله في حق الفاعل, لم يجب الامر بالمعروف أو النهي عن المنكر، لكن هذا لا ينافي الوجوب من ناحية أخرى وهي تعليم الجاهل وهداية الضال.
الامر الرابع : المشهور فقهياً اشتراط الامر بالمعروف والنهي عن المنكر, بان يكون الفاعل مصرا على ترك المعروف أو ارتكاب المنكر، الا ان ذلك بمجرده ليس بصحيح, بل يجب الامر والنهي بمجرد مشاهدة الاقدام على الفعل أو الترك من قبل الفاعل مع اجتماع الشرائط الاخرى. نعم، يرتفع هذا الوجوب مع احراز الندامة والترك، يعني ان يعلم الآمر بندامة الفاعل ونحوها من الاسباب الموجبة لتركه العصيان, ولا يكفي احتمال الندامة أو الاقلاع على الاحوط .
(مسألة 1765) : المراد بالاقدام على العصيان شروع الفاعل في بعض مقدماته, بحيث يراه العرف مشارفا على الوقوع فيه وارتكابه, عندئذ يجب نهيه. واما بمجرد النية والعزم على العصيان, فالنهي عنها ان كان واجبا فهو ليس من باب وظيفة النهي عن المنكر, بل من وظيفة تبليغ الاحكام الشرعية.
الامر الخامس : ان لا يلزم من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ضرر على النفس أو العرض أو المال على الآمر أو على غيره من المؤمنين, بل المسلمين. فاذا لزم الضرر عليه أو على غيره من المسلمين لم يجب شيء, والظاهر انه لا فرق بين العلم بلزوم الضرر والظن به والاحتمال المعتد به عند العقلاء لصدق الخوف. ولا يفرق بين ان يكون مصدر الضرر هو المأمور بالمعروف، أو عشيرته، أو متعلقيه، أو من شخص متنفذ في المنطقة أو في غيرها، وهذا الشرط خاص بافعال الافراد التي لا تعم تأثيراتها غيرهم. أما المظالم الاجتماعية العامة والفساد الذي يعم بضرره الآخرين ونحوها فستأتي الاشارة اليها بإذن الله تعالى.
(مسألة 1766) : قد يكون الامر والنهي احيانا غير مشترط بهذا الشرط الاخير, وذلك عند احراز بل احتمال اهمية الفعل او الفاعل, اعني من حيث تأثيره الضار في المجتمع, وعندئذ فقد يجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مع العلم بترتب الضرر، فضلا عن الظن به أو احتماله، كالتحرك لازالة الظلم والفساد أو للمطالبة بحقوق الأمة، أو للمحافظة على كيان الدين من المحو والزوال ونحوها.
(مسألة 1767) : لا يختص وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بصنف من الناس دون صنف, بل يجب عند اجتماع الشرائط المذكورة على العلماء، وغيرهم، وعلى العدول والفساق، وعلى السلطان والرعية، وعلى الأغنياء والفقراء، الى غير ذلك. كما لا يختص المأمورون بالمعروف والمنهيون عن المنكر بصنف من الناس أيضا, بل يسري هذا الوجوب على كل مكلف آمراً كان أو مأموراً، مع اجتماع الشرائط.
مراتب هذه الوظيفة:
للامر بالمعروف والنهي عن المنكر مراتب :
المرتبة الأولى : وهي أدنى المراتب واقل الإيمان. وهي الإنكار بالقلب, يعني الانزجار عنه نفسيا وكراهته بصفته عاصياً لله سبحانه وتعالى, وهي مرتبة ملازمة مع الايمان، فلو لم توجد في قلب الفرد لم يكن مؤمنا, الا ان في كونها من الامر الفعلي بالمعروف والنهي عن المنكر كذلك تسامح بالتعبير، وإنما هو امر الإنسان لنفسه ونهيه لها عن ان يكون كغيره في العصيان وهذه المرتبة غير مشروطة بالشروط السابقة.
المرتبة الثانية: إظهار الكراهية بعمل من الأعمال. مثل إظهار الانزعاج من الفاعل، أو الأعراض والصد عنه،أو ترك الكلام معه, أو ترك المكان الذي يكون فيه, أو ترك مشاغلته، أو مشاركته بالعمل اقتصاديا كان أو دنيويا أو أخروياً. والمهم هو إظهار ما يدل على كراهة ما وقع منه.
المرتبة الثالثة : الإنكار باللسان. بان يبلغه الحكم الشرعي اولاً. فان كفى في الارتداع لم يجب الزائد, والا وجب نصحه ووعظه, بتذكيره بعذاب الله سبحانه للعاصين وثوابه للمطيعين.
(مسألة 1768) : لا يجب ان يكون الأمر بالمعروف بصيغة الأمر ونحوها, ولا ان يكون النهي عن المنكر بصيغة النهي ونحوها, بل يمكن للفرد ان يختارها، كما يمكن ان يختار تبليغ الحكم الشرعي المنجز في حق الفاعل، فان الأمر والنهي في الحقيقة هما للشريعة وليس الفاعل أكثر من مبلّغ لهما, فاذا بلغ الحكم كفى.
المرتبة الرابعة : الإنكار باليد بالضرب المؤلم الرادع عن المعصية، مع إمكانه واحتمال تأثيره، كما سبق, سواء استعمل آلة في يده أم لم يستعمل.
(مسألة 1769) : المشهور وجوب الترتيب بين هذه المراتب الأربعة، والاقتصار منها على الاقل مع كفايته في التأثير, كما ان لكل مرتبة عدة مراتب فيها، فيجب الاقتصار على الاقل مع كفايته، والا وجب الترقي الى الاكثر وهكذا, وهذا هو الاحوط بل المتعين لان الزائد يكون ظلما حراما وهذا مختص بالمنكرات المتعلقة بالأفراد صدوراً وتأثيراً.
المرتبة الخامسة: إراقة الدم بجرح أو قتل اذا لم تكف المراتب السابقة لارتداع الفاعل وهذا من الاحكام الاجتماعية التي يستأذن فيها الفقيه الجامع لشرائط القيادة الاجتماعية.
المرتبة السادسة: التحرك العام بالاحتجاجات والاضرابات والمظاهرات والعصيان المدني وما يستلزم ذلك من التعرض للضرر في النفس والمال والأهل حينما يتطلب الواجب ذلك، وتشخيصه بيد الفقيه المؤهل للقيادة الإجتماعية.
(مسألة 1770) : قد يرى الفقيه لزوم التغيير باليد قبل اللسان اذا كان الموقف يتطلب ذلك كما لو كان المنكر ذا خطر عام على المجتمع أو على العقيدة، وهذا شأنه وليس شأن الأفراد، وفي ذلك ورد الحديث الشريف (من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده فمن لم يستطع فبلسانه، فمن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) وهذا الترتيب عكس ما ذكره الفقهاء (قدس الله أرواحهم) والفرق ما ذكرناه.
(مسألة 1771) : يتأكد وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في حق المكلف بالنسبة الى اهله, بل هو مأمور به شرعا بعنوانه التفصيلي في نص القرآن الكريم, في قوله تعالى: (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)(التحريم: 6). وكون ذلك مشروطا بالشروط المتقدمة محل اشكال, وان كان غير بعيد, غير ان الغالب توفر تلك الشروط في داخل الأسرة، وان كان قد يوجد فيها من لا يحتمل فيه التأثير, أو من يخاف من ضرره. اذن، فيجب عليه اذا رأى من اهله التهاون في الواجبات، كالصلاة وأجزائها وشرائطها, بان لا يأتون بها على وجهها كعدم صحة القراءة والأذكار الواجبة منهم.أو أنهم لا يتوضؤون وضوءا صحيحا، أو لا يطهرون أبدانهم ولباسهم من النجاسة على الوجه الصحيح. فيجب عليه تعليمهم وامرهم ونهيهم على الترتيب المتقدم, حتى ياتوا بها على وجهها الصحيح. وكذا الحال في بقية الواجبات، وكذلك في المعاملات وسائر الإحكام.
وكذا اذا رأى منهم التهاون في المحرمات, كالغيبة والنميمة والعدوان بين بعضهم على بعض أو على غيرهم أو الزنا، أو شرب الخمر, أو السرقة. فانه يجب عليه ان ينهاهم عن المنكر، حتى يرتدعوا عن المعصية.
(مسألة 1772) : اذا امر الفرد أو نهى بعض اهله فلم يرتدع, وكرر عليه فلم يؤثر فيه , فقد سقط تكليفه مع حسن أدائه للمراتب السابقة للإنكار , ولا يجب عليه بعد ذلك ترك الأسرة أو الانتقال إلى مكان آخر, أو طرد الفاعل ونحو ذلك, ما لم تقتض مصلحة ثانوية مهمة لذلك, وأولى الناس بالسكوت بعد التكرار, الزوجة إذا رأت زوجها عاصيا لا يرتدع, فأنه لا يجوز لها عندئذ حرمانه من حقوقه الواجبة أو الخروج بغير اذنه، بل يبقى (جهاد المرأة حسن التبعل) شاملا لها. وليس الأمر بأشد من فرعون المذكور في القرآن الكريم, وقد صبرت زوجته على مظالمه حتى أصبحت من النساء الأربعة الزاكيات في العالم. وقالت : (رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ)(التحريم: 11). وهذه النجاة تعني النجاة المعنوية أو الأخروية, وليست النجاة الدنيوية, والا لم تكن مكتوبة في المجاهدين.
(مسألة 1773) : اذا صدرت المعصية من شخص من باب الاتفاق, وعلم الآخر ان الفاعل غير مصر عليها, لكنه لم يتب منها, وجب امره بالتوبة. فان التوبة من الواجبات وتركها من المحرمات الكبيرة الموبقة, هذا مع التفات الفاعل الى التوبة وتعمده تركها, اما مع الغفلة ففي وجوب أمره بها إشكال, وان كان هذا هو الاحوط استحبابا بل هو مستحب فعلا.
فروع عامة في هذا الباب
(مسألة 1774) : لو توقف الامر أو النهي، على اجتماع عدة اشخاص، وجب ذلك مع اجتماع الشرائط, أو يجب اشتراكهم عندئذ.
(مسألة 1775) : لو قام عدة من الناس دون مقدار الكفاية ولم يجتمع البقية, وتعذر على الموجودين القيام بالوظيفة، سقط عنهم الوجوب، وبقي الاثم على المتخلفين.
(مسألة 1776) : لو قطع أو اطمأن بقيام الغير بالوظيفة الشرعية, لم يجب عليه القيام بها. نعم، لو ظهر الخلاف وجب عليه مع استمرار الحال.
(مسألة 1777) : لا يكفي الاحتمال أو الظن بقيام الغير، أو كفاية من قام به، بل يجب عليه معهما، ما لم تقم حجه شرعية بذلك.
(مسألة 1778) : لو عدم موضوع الفريضة، أو موضوع المنكر، سقط الوجوب، وان كان بفعل المكلف. كما لو اراق الماء المنحصر الذي يجب حفظه للطهارة، أو لحفظ نفس محترمة.
(مسألة 1779) : لو توقف الامر أو النهي على ارتكاب محرم, كما لو استلزم ايقاف مجلس فسق وفجور على استماع شيء من الغناء، فالظاهر ملاحظة الاهمية بين التكليفين في نظر الشارع.
(مسألة 1780) : لو كان قادراً على احد امرين أو نهيين أو أمر ونهي، دون الجمع بينهما، وجب عليه ملاحظة الاهم ومع التساوي يتخير بينهما.
(مسألة 1781) : الاظهر انه لا يعتبر في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر قصد القربة, بل هما توصليان. نعم، لو قصد القربة حصل له الاجر والثواب.
(مسألة 1782) : لا فرق في وجوب الانكار بين كون المعصية كبيرة أو صغيرة, مادام الفعل أو الترك حراما.
(مسألة 1783) : لو قامت البينة أو خبر الثقة على عدم تأثير الامر أو النهي في الفاعل، فالظاهر كونهما بمنزلة العلم, فلا تكون هذه الوظيفة الشرعية واجبة.
(مسألة 1784) : لو ارتكب شخص حرامين أو ترك واجبين, وعلم الآمر أن امره لا يؤثر, تركه لهما معا, وإن احتمل التأثير بالنسبة الى احدهما بعينه, وجب فيه دون الآخر, ولو احتمل التأثير في احدهما غير المعين وجبت ملاحظة الاهم, ولو لم يكن احدهما اهم, تخير بينهما.
(مسألة 1785) : لو علم أو احتمل ان امره أو نهيه مع التكرار يؤثر وجب التكرار.
(مسألة 1786) : لو علم أو احتمل ان انكاره في حضور الآخرين مؤثر، دون ما اذا كان وحده، فان كان الفاعل متجاهرا جاز، ووجب مع اجتماع الشرائط, والا وجب النظر الى الاهم من عمله الحرام والستر عليه الواجب.
(مسألة 1787) : لو علم أو احتمل تأثير النهي أو الامر في تقليل المعصية لا قلعها تماما، وجب, بل لا يبعد الوجوب لو كان مؤثرا في تبديل الاهم بالمهم, بل لا اشكال في ذلك لو كان الاهم بمثابة لا يرضى المولى بحصوله مطلقا.
فروع في الاتفاق والاختلاف في الفتوى
(مسألة 1788) : لا فرق في معرفة الحكم الشرعي، بين العلم به أو قيام الحجة عليه اجتهادا أو تقليدا. فلو قلد شخصان مجتهدا واحداً يقول بحرمة العصير العنبي المغلي بالنار، فارتكبه احدهما وجب على الآخر نهيه.
(مسألة 1789) : لو كانت المسألة مختلفاً فيها بين الشخصين اجتهاداً أو تقليداً، واحتمل المكلف ان راي الفاعل مخالف له, وان ما فعله جائز عنده. لم يجب نهيه عنه.
(مسألة 1790) : لو كانت المسألة اتفاقية, واحتمل ان يكون المرتكب جاهلا بالحكم، لم يجب الامر والنهي وخاصة لو احتمل جهله عن قصور، ولكن هذا لا ينافي وجوب التعليم والإرشاد على المكلف.
(مسألة 1791) : اذا كان الفاعل جاهلا بالموضوع، لا يجب انكاره ولا رفع جهله, وكذلك لو كان الآمر جاهلا بالموضوع كما لو رأى شخصا يقبل امرأة واحتمل كونها زوجة له.
(مسألة 1792) : لو كان ما ارتكبه مخالفا للاحتياط الوجوبي في نظرهما اجتهادا أو تقليدا, فالاحوط انكاره.
(مسألة 1793) : لو أمر بالمعروف أو نهى عن المنكر, في مورد لا يجوز له ذلك يقينا, يجب على غيره نهيه عنهما، دون ما اذا احتمل الجواز أو الوجوب في حقه.
(مسألة 1794) : لو علم شخصان إجمالا بان إنكار أحدهما مؤثر دون الآخر, وجب على كل منهما الإنكار, فان أنكر أحدهما فحصل التأثير سقط عن الآخر، وإلا وجب عليه.
(مسألة 1795) : لو ظهر من حاله علما أو اطمئنانا أو بطريق معتبر انه أراد ارتكاب معصية, فالظاهر وجوب نهيه.
(مسألة 1796) : إذا علم الآمر بعجز الفاعل عن المحرم أو عن تكراره، لا يجب النهي عنه بالنسبة إلى الفعل غير المقدور, فلو لم يكن الفاعل مقتنعا بعجزه وكان عازما على الفعل، لم يجب نهيه,وكذلك لو قامت بينة ونحوها على عجزه في الحال أو الاستقبال.
(مسألة 1797) : لو علم إجمالا بان أحد الشخصين أو الأشخاص فاعل للمحرم ومستمر عليه، لم يجب نهي أحدهما إجمالا ولا تفصيلا وان كان أحوط.
(مسألة 1798) : لو علم المكلف بارتكاب الآخر حراما أو ترك واجبا، ولم يعلمه بعينه، وجب الامر والنهي على نحو الإبهام على الاحوط . وكذا لو علم إجمالا بأنه أما تارك واجبا أو مرتكب حراما.
(مسألة 1799) : لو كان المرتكب للحرام أو التارك للواجب معتقدا جواز فعله أو تركه, فتارة يكون ذلك لشبهة موضوعية, كدعوى كون الصوم مضرا به، أو ان مرضه منحصر التداوي بالحرام، فانه لا يجب رفع جهله ولا إنكاره, ومن ذلك انه لا يجب تنبيه المصلي على نجاسة في ثوبه خلال صلاته, ولا إيقاظ النائم للصلاة ولا أعلامه بان المكان مغصوب، ولا انه مخطئ في الجهر والاخفات, وكذلك لو كان لجهل بالحكم، كما لو كان مقلدا لمن يرى ذلك, فلا يجب رفع جهله وبيان الحكم له. نعم، سبق انه لو كان جاهلا قاصرا، فان الاحوط استحبابا رفع جهله.
فروع في مراتب الأمر والنهي
(مسألة 1800) : لو احتمل ارتداع الفاعل بالوعظ والقول اللين, تعين ذلك ولم يجز التعدي عنه. ولو علم عدم تأثيره وجبت الزيادة عليه، ويجب الاقتصار على الأيسر مهما أمكن, ولا يجوز التعدي إلى غيره، ولا سيما إذا كان فيه هتك الفاعل.
(مسألة 1801) : لو توقفت هذه الوظيفة على غلظة القول والتشديد والتهديد على المخالفة, جازت بل وجبت، بشرط ان لا يكون فيه كذب ولا فحش ولا إهانة.
(مسألة 1802) : لو فرض تساوي بعض مصاديق المرتبة الأولى, وهي الأعراض عن الفاعل مع بعض مصاديق المرتبة الثانية, وهي تنبيهه لم يتخير بينهما، بل يجب عليه اختيار الأخف والأقل, وكذلك القول في تساوي اية مرتبتين للامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
(مسألة 1803) : لو احتمل التأثير وحصول الردع بالجمع بين بعض درجات المرتبة الأولى والثانية, أو اية مرتبتين, أو بالجمع بين كل درجاتهما, وجب ذلك بما أمكن.
(مسألة 1804) : لو توقف دفع منكر أو إقامة معروف أو إنقاذ حق، على الرجوع إلى ظالم أو الترافع إليه، وجب اذا لم تترتب عليه مفسدة اكبر كتقوية الظالم، ووجبت عليه الإجابة بصفته مشمولا لوجوب هذه الوظيفة الشرعية.
(مسألة 1805) : لو كان يحصل الردع بالمرتبة الدانية من شخص, وبالمرتبة التي فوقها من شخص آخر، فالظاهر وجوب ما هو تكليف كل منهما على نفسه, وان كان الاحوط اتفاقهما على تصدي ذي المرتبة الدانية للامر أو النهي.
(مسألة 1806) : لو كان إنكار شخص مؤثرا في تقليل الفاعل للمنكر, وكان إنكار الآخر مؤثرا في ردعه تماما.وجب على كل منهما القيام بتكليفه.لكن لو قام الثاني بتكليفه، واقلع الفاعل عن المنكر, سقط عن الآخر بخلاف العكس.
(مسألة 1807) : لو علم إجمالا بان الإنكار بإحدى مرتبتين مؤثر,وجب اختيار المرتبة الأدنى,فان لم يحصل الردع انتقل إلى التي بعدها.
(مسألة 1808) : لو توقف الردع على التصرف في الفاعل أو في آلة فعله، كأخذ سكينه أو كأسه أو الاخذ بيده أو طرده,جاز بل وجب، مع الإمكان.
(مسألة 1809) : لو توقف الامر بالمعروف أو النهي عن المنكر، على اتلاف اداة المنكر ككأس الخمر أو آلة الغناء، جاز الإتلاف ولا ضمان عليه لأنه محسن بفعله وما على المحسنين من سبيل. وأمّا الضرر الذي لا تتوقف عليه هذه الوظيفة الشرعية أو لم يلاحظ فيه تسلسل المراتب، فلا إشكال في حرمته وضمانه. ولو وقع الضرر من الفاعل على الآمر أو الناهي اقتصاديا أو جسديا أو معنويا، كان معتديا وضامنا بلا إشكال.
(مسألة 1810) : لو توقف ردعه على حبسه في محله, ومنعه من الخروج من منزله, فأما ان يكون للمكلف الأشراف الشرعي عليه, كما لو كان ابا أو اما أو مربيا أو وصيا، جاز ذلك بل وجب,مراعيا للأيسر فالأيسر, وان لم يكن كذلك لم يجز القيام بذلك، الا في صورة كون التكليف الشرعي مهما جدا في نظر الشارع ويشترط فيه تحصيل الاذن من ولي الأمر.
خاتمة
وفيها مطلبان :
المطلب الأول : في ذكر أمور هي من المعروف :
منها : الاعتصام بالله عز وجل. قال تعالى :(وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(آل عمران: 101). وقال أبو عبد الله (عليه السلام): أوحى الله عز وجل إلى داود :ما اعتصم بي عبد من عبادي، دون أحد من خلقي, عرفت ذلك من نيته, ثم تكيده السماوات والأرض ومن فيهن, إلا جعلت له المخرج من بينهن.
ومنها : التوكل على الله عز وجل. قال سبحانه : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ). وقال أبوعبد الله (عليه السلام): الغنى والعز يجولان فإذا ظفرا بموضع التوكل أوطنا.
اقول : المراد الغنى بالقناعة والعز بطاعة الله عز وجل.
ومنها : حسن الظن بالله عز وجل. قال أمير المؤمنين (عليه السلام) فيما قال : والذي لا اله إلا هو لا يحسن ظن عبد مؤمن بالله إلا كان الله عند ظن عبده المؤمن. لان الله كريم بيده الخير يستحي ان يكون عبده المؤمن قد احسن به الظن ثم يخلف ظنه ورجاءه, فاحسنوا الظن بالله وارغبوا أليه.
ومنها : الصبر، وهو على أقسام : صبر على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبر على البلاء. قال الله تعالى : (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)(الزمر: 10). وقال أيضا: (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ، إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل:127- 128). وقال رسول الله صلى الله عليه واله في حديث : واصبر فان في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا.واعلم ان النصر مع الصبر, وان الفرج مع الكرب، فان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا.وقال أمير المؤمنين عليه السلام: لا يعدم الصبر الظفر وان طال به الزمان. وقال (عليه السلام): الصبر صبران: صبر عند المصيبة حسن جميل. واحسن من ذلك الصبر عند ما حرم الله عليك.
ومنها : العفة، قال أبو جعفر (عليه السلام): ما عبادة افضل عند الله من عفة بطن وفرج. وقال أبو عبد الله (عليه السلام): إنما شيعة جعفر من عف بطنه وفرجه واشتد جهاده وعمل لخالقه رجاء ثواب ربه وخاف عقابه, فإذا رأيت أولئك فأولئك شيعة جعفر (عليه السلام).
ومنها : الحلم، وهو كظم الغيظ. قال رسول الله (صلى الله عليه واله): ما اعز الله بجهل قط ولا اذل بحلم قط. وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أول عوض للحليم على حلمه،ان الناس أنصاره على الجاهل. وقال الرضا (عليه السلام): لا يكون الرجل عابداً حتى يكون حليماً.
ومنها : التواضع، قال الله تعالى: (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) (لقمان:18) وقال رسول الله (صلى الله عليه واله): من تواضع لله رفعه الله، ومن تكبر خفضه الله، ومن اقتصد في معيشته رزقه الله، ومن بذّر حرمه الله.ومن اكثر ذكر الموت احبه الله.
ومنها : أنصاف الناس ولو من النفس، قال رسول الله (صلى الله عليه واله): سيد الأعمال أنصاف الناس من نفسك, ومواساة الأخ في الله تعالى على كل حال.
ومنها :اشتغال الإنسان بعيبه من عيوب الناس، قال رسول الله (صلى الله عليه واله):طوبى لمن شغله خوف الله عز وجل عن خوف الناس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب المؤمنين. وقال (صلى الله عليه واله): ان أسرع الخير ثوابا البر، وان أسرع الشر عقابا البغي، وكفى بالمرء عيباً ان يبصر من الناس ما يعمى عنه في نفسه، وان يعير الناس بما لا يستطيع تركه، وان يؤذي جليسه بما لا يعنيه.
ومنها : إصلاح النفس عند ميلها إلى الشر، قال الله تعالى: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي)(يوسف: 53). وقال سبحانه : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) (الكهف:28) قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من اصلح سريرته اصلح الله تعالى علانيته.ومن عمل لدينه كفاه الله دنياه ومن احسن فيما بينه وبين الله اصلح الله ما بينه وبين الناس.
ومنها : الزهد في الدنيا وترك الرغبة فيها، قال أبو عبد الله (عليه السلام): من زهد في الدنيا اثبت الله الحكمة في قلبه وانطق بها لسانه، وبصره عيوب الدنيا داءها ودواءها، واخرجه منها سالما إلى دار السلام. وقال رجل : قلت لابي عبد الله (عليه السلام) : انى لا القاك إلا في السنين فأوصني بشيء حتى آخذ به. فقال: أوصيك بتقوى الله والورع والاجتهاد, واياك ان تطمع إلى من فوقك، وكفى بما قال الله عز وجل لرسول الله (صلى الله عليه واله): (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا). وقال تعالى : (فلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ). فان خفت ذلك فاذكر عيش رسول الله (صلى الله عليه واله) فانما كان قوته من الشعير وحلواه من التمر ووقوده من السعف إذا وجده. وإذا اصبت في نفسك أو مالك أو ولدك فاذكر مصابك برسول الله (صلى الله عليه واله), فان الخلائق لم يصابوا بمثله قط.
المطلب الثاني : في ذكر بعض الأمور التي هي من المنكر.
منها : الغضب، قال رسول الله (صلى الله عليه واله): الغضب يفسد الايمان كما يفسد الخل العسل. وقال أبو عبد الله (عليه السلام): الغضب مفتاح كل شر. وقال أبو جعفر (عليه السلام): ان الرجل ليغضب فما يرضى ابدا حتى يدخل النار، فايما رجل غضب على قومه وهو قائم فليجلس من فوره ذلك، فانه سيذهب عنه رجس الشيطان، وايما رجل غضب على ذي رحم فليدن منه فليمسه, فان الرحم إذا مست سكنت.
ومنها : الحسد، قال أبو جعفر وأبو عبد الله (عليهما السلام): ان الحسد لياكل الايمان كما تاكل النار الحطب.وقال رسول الله (صلى الله عليه واله) ذات يوم لا صحابه: انه قد دب اليكم داء الامم ممن قبلكم، وهو الحسد, ليس بحالق الشعر ولكنه حالق الدين. ويُنجي فيه : ان يكف الإنسان يده، ويخزن لسانه، ولا يكون ذا غمز على اخيه المؤمن.
ومنها : الظلم، قال أبو عبد الله (عليه السلام): من ظلم مظلمة اخذ بها في نفسه أو في ماله أو في ولده. وقال (عليه السلام): ما ظفر بخير من ظفر بالظلم.اما ان المظلوم ياخذ من دين الظالم اكثر مما ياخذ الظالم من مال المظلوم.
ومنها : كون الإنسان ممن يتقى شره. قال رسول الله (صلى الله عليه واله): شر الناس عند الله يوم القيامة الذين يكرمون اتقاءه شرهم. وقال أبو عبد الله (عليه السلام): من خاف الناس لسانه فهو في النار. وقال (عليه السلام): ان ابغض خلق الله عبد اتقى الناس لسانه.