الرئيسية | | الرسالة العملية | سبل السلام - العبادات
سبل السلام - العبادات

شارك الاستفتاء

كتاب الزكاة

بسم الله الرحمن الرحيم
 
كتاب الزكاة

وفيه مقدمة ومقاصد

المقدمة : 

الزكاة: أحد الأركان التي بني عليها الإسلام، ووجوبها من ضروريات الدين، ومنكر وجوبها كافر لأنه يعني تكذيب الرسالة.

ومنشأ اللفظ أحد معنيين:

الأول: الطهارة والتطهير، قال تعالى (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا) (الشمس:9)، أي طهّرها وهذّبها من الرذائل الخلقية والانسياق وراء الأهواء والشهوات في إشارة إلى النفس. وقال تعالى (مَا زَكَى مِنكُم) (النور:21) أي ما طهر، وقال تعالى (وَمَا عَلَيْكَ أَلاّ يَزَّكَّى) (عبس: 7) أي يتطهر من الشرك.

الثاني: النمو والبركة.

وانطباق المعنيين على الزكاة واضح قال تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلواتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(التوبة103)، وقال تعالى (ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ)( البقرة:232)، لأنها كما دلت الآيات والروايات تنمي المال وتخلف على صاحبها وتوجب البركة فيه، قال تعالى (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)(سبأ:39) وقال تعالى (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)(البقرة:261).

وأما التطهير بها، فلأن إخراج الزكاة يكبح في النفس الطمع وحب المال ويحررّها من أسر الشهوات ويزرع فيها حب الخير ومساعدة الآخرين، ومواساة المحرومين والفقراء، والمساهمة في إنشاء مشاريع الخير ورعاية المصالح العامة، وغيرها من وجوه البر والإحسان. ولان إخراج الحقوق الشرعية من المال يجعل الباقي حلالا طيّبا طاهراً لصاحبه .

فما أعظمها من آثار مباركة تلك التي يمّن الله تبارك وتعالى بها على عباده بهذا التشريع العظيم، وهو المتفضّل المنّان حين رزقهم  ما ينفقون وأبقى لهم أكثر مما يحتاجون وهداهم إلى ما يصلحهم، وجزاهم على استجابتهم، فالحمد لله أولاً وآخراً.

والزكاة بهذا المعنى الواسع لا تختص بالمال، وإنما تتحقق هذه الآثار في كل المجالات، فزكاة العلم إنفاقه وبذله لمستحقيه من الطلبة والمتعلمين، وزكاة البدن تعرضه للصعوبات والإزعاجات ولو كانت يسيرة، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يَوْماً لأصْحَابِهِ: (مَلْعُونٌ كُلُّ مَالٍ لا يُزَكَّى مَلْعُونٌ كُلُّ جَسَدٍ لا يُزَكَّى وَلَوْ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْماً مَرَّةً فَقِيلَ يَا رَسُولَ الله أَمَّا زَكَاةُ الْمَالِ فَقَدْ عَرَفْنَاهَا فَمَا زَكَاةُ الأجْسَادِ فَقَالَ لَهُمْ أَنْ تُصَابَ بآفَةٍ قَالَ فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْهُ فَلَمَّا رَآهُمْ قَدْ تَغَيَّرَتْ أَلْوَانُهُمْ قَالَ لَهُمْ أَتَدْرُونَ مَا عَنَيْتُ بِقَوْلِي قَالُوا لا يَا رَسُولَ الله قَالَ بَلَى الرَّجُلُ يُخْدَشُ الْخَدْشَةَ وَيُنْكَبُ النَّكْبَةَ وَيَعْثُرُ الْعَثْرَةَ وَيُمْرَضُ الْمَرْضَةَ وَيُشَاكُ الشَّوْكَةَ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا حَتَّى ذَكَرَ فِي حَدِيثِهِ اخْتِلاجَ الْعَيْنِ)([1]).

وما هدف الشرائع السماوية إلا تطهير الإنسان وتزكيته وتحريره من أسر الشهوات وأغلال  العقائد الفاسدة وتوحيد العبادة لله الواحد الأحد وتخليصه من طاعة ما سوى الله تبارك وتعالى.

ومما يشير إلى عظمة الزكاة قرنها مع الصلاة عمود الدين في الآيات المباركة.

ووردت أحاديث كثيرة في تشديد العقوبة على مانعها، ففي صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام) أنه قال: (ما من عبد منع من زكاة  ماله شيئاً إلا جعل الله ذلك يوم القيامة ثعباناً من نار مطوّقاً في عنقه ينهش من لحمه حتى إذا يفرغ من الحساب، وهو قول الله عز وجل (سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) يعني ما بخلوا به من الزكاة)([2])، وقد ذكرنا غيرها في مقدمة كتاب الخمس وشرحنا الآثار الاقتصادية والاجتماعية والمعنوية للإنفاق، وقرّبنا أن الزكاة في الآيات الشريفة تشمل كل الإنفاق الواجب المعيّن شرعاً فتشمل الخمس وغيره. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.



(1) أصول الكافي المجلد 2 باب شدة ابتلاء المؤمن.

(2) وسائل الشيعة، كتاب الزكاة،ابواب ما تجب فيه الزكاة، باب 3ح3.

 

شارك الاستفتاء

 

#+

في أحكام الاعتكاف

لا بد للمعتكف من ترك أمور:

منها: مباشرة النساء بالجماع، والأولى والأحوط استحباباً إلحاق اللمس والتقبيل بشهوة به، ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة.

ومنها: الاستمناء على الأحوط وجوباً.

ومنها: شم الطيب والريحان مع التلذذ، ولا أثر له إذا كان فاقداً لحاسة الشم.

ومنها: البيع والشراء بل مطلق التجارة على الأحوط استحباباً إذا لم يلزم منه الخروج عن المسجد وإلا حرم، ولا بأس بالاشتغال بالأمور الدنيوية من المباحات حتى الخياطة والنساجة ونحوهما، وإن كان الأحوط استحباباً الاجتناب، وإذا اضطر إلى البيع والشراء لأجل الأكل والشرب مما تمس الحاجة إليه ولم يمكن التوكيل فيه فعله وإن كان خارج المسجد.

ومنها: المماراة في أمر ديني أو دنيوي بداعي إثبات الغلبة وإظهار الفضيلة، لا بداعي إظهار الحق ورد الخصم عن الخطأ، فإنّه من أفضل العبادات والمدار على القصد، ولو قصدهما كانت الغلبة للأغلب.

(مسألة 1472) : الظاهر إنّ المحرمات المذكورة مفسدة للاعتكاف من دون فرق بين وقوعها في الليل أو في النهار، ويكون الفاعل لها آثماً إذا كان واجباً معيناً، ولو لأجل انقضاء يومين منه حيث يتعين وجوب الثالث.

(مسألة 1473) : إذا صدر منه أحد المحرمات المذكورة سهواً فالظاهر بطلان اعتكافه ولا سيما في الجماع.

(مسألة 1474) : إذا أفسد اعتكافه بأحد المفسدات، فإن كان واجباً معيناً وجب قضاؤه على الأحوط، وإن كان واجباً غير معين وجب استئنافه من جديد، وكذا إن كان مندوباً وكان الإفساد بعد يومين، وأمّا إذا كان قبلهما فلا شيء عليه، ولا يجب الفور في القضاء.

(مسألة 1475) : إذا باع أو اشترى في أيام الاعتكاف لم يبطل بيعه أو شراؤه وإن بطل اعتكافه، وذلك في حدود ما سبق من القول بحرمته.

(مسألة 1476) : إذا فسد الاعتكاف الواجب بالجماع، ولو ليلاً وجبت الكفارة، والأقوى عدم وجوبها بالإفساد بغير الجماع، وإن كان الأحوط استحباباً، والأحوط أن تكون كفارته مثل كفارة الظهار.

(مسألة 1477) : إذا كان الاعتكاف في شهر رمضان وأفسده بالجماع نهاراً وجبت كفارتان، أحداهما لإفطار شهر رمضان والأخرى لإفساد الاعتكاف، وكذا إذا كان في قضاء شهر رمضان بعد الزوال، وإن كان الاعتكاف منذوراً معيناً وجبت عليه كفارة ثالثة لمخالفة المنذور، وإذا كان الجماع لامرأته الصائمة وقد أكرهها وهي معتكفة في شهر رمضان أو قضائه بعد الزوال وجبت عليه كفارتان أخريان على الأحوط، ولو كان النذر لهما كان عليه كفارتان عن النذر أيضاً على الأحوط استحباباً.


شارك الاستفتاء

 

@+

في وجوب الاعتكاف

الاعتكاف في نفسه مندوب، ويجب بالعارض من نذر وشبهه، فإن كان واجباً معيناً فلا إشكال في وجوبه قبل الشروع فضلاً عما بعده، وإن كان واجباً مطلقاً أو مندوباً فالأقوى عدم وجوبه بالشروع وإن كان في الأول هو الأحوط استحباباً، نعم، يجب بعد مضي يومين منه فيجب الثالث إلا إذا اشترط حال النية الرجوع لعارض، فاتفق حصوله بعد يومين، فله الرجوع عنه حينئذٍ ولا عبرة بالشرط إذا لم يكن مقارناً للنية سواء أكان قبلها أم بعد الشروع فيه، ونقصد باشتراط الرجوع لعارض أن يضمّ إلى نية الاعتكاف بأن ينوي العدول عن الاستمرار في الاعتكاف إذا حصل مانع معين ينويه.

(مسألة 1468) : الأولى أن يحدد لاشتراط الرجوع عارضاً مقبولاً عرفاً ولا يطلق الإذن لنفسه بالرجوع متى شاء.

(مسألة 1469) : إذا اشترط الرجوع حال النية، ثم أسقط شرطه بعد ذلك، فالظاهر عدم سقوط حكمه.

(مسألة 1470) : إذا نذر الاعتكاف وشرط في نذره الرجوع فيه فيجوز له الرجوع حتى إذا لم يشترطه في نية الاعتكاف، ولو كان نذره مطلقاً من حيث الرجوع، فإن كان معيناً من حيث الزمان لم تجز نية الرجوع عند نية الاعتكاف، ولو نواه بطل، وإن كان النذر غير معين جازت النية وصحت، فإن أبطله وجب عليه الاعتكاف في وقت آخر.

 

(مسألة 1471) : إذا جلس في المسجد على فراش مغصوب لم يقدح ذلك في الاعتكاف، وإن سبق شخص إلى مكان في المسجد فأزاله المعتكف من مكانه وجلس فيه فالأظهر الصحة، وإن أثم.

شارك الاستفتاء

مقدمة

 

وردت روايات كثيرة عن أهل بيت العصمة (سلام الله عليهم) تؤكّد على أهمية الصلاة ووجوبها وفضلها وعظمة فوائدها التي تعود على النفس والمجتمع، ومن مضامين تلك الأحاديث أن الصلاة عمود الدين إن قبلت قبل ما سواها وإن رُدّت رد ما سواها، وأنها قربان كل تقي حيث يسمو بها الإنسان ويتجرد عن مشاغله ويخلو بربّه ويناجيه مباشرة، وفي الرواية أن الإمام الصادق جمع أهل بيته حينما دنت منه الوفاة وقال (عليه السلام) : لا تنال شفاعتنا مستخفاً بصلاته وقال (عليه السلام) : امتحنوا شيعتنا في أوقات الصلاة حيث يختبر ولاء المسلم وطاعته لربه بالمبادرة إلى أداء الصلاة.

 وفي حديث آخر: ما بين المؤمن والكافر إلا ترك الصلاة.

وقد أكّد عليها القرآن أيما تأكيد وفي آيات عديدة، وذكر أن من ثمراتها (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) ولذا لما سُئِل الإمام (عليه السلام) عن كيفية التعرف على أن الصلاة مقبولة فأجاب (عليه السلام) : إنها مقبولة بمقدار نهيها لك عن الفحشاء والمنكر.

 وكان النبي (صلى الله عليه واله) ينتظر بشوق وقت الصلاة ليخلو بربّه وينادي مؤذنه بلال : أرحنا يا بلال.

 

هذه هي الصلاة باختصار في عظيم أثرها على الفرد والمجتمع في الدنيا والآخرة.  

شارك الاستفتاء

 

بسم الله الرحمن الرحيم

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ)

 

المقدمة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله كما هو أهله وصلى الله على سادة خلقه وأكرمهم عنده محمد وآله الطيبين الطاهرين

تعبّر الرسالة العملية للفقيه عن الاحكام الشرعية بحسب ما ادّى اليه نظره واجتهاده في مصادر التشريع الاسلامي - الكتاب الكريم والسنة الشريفة- في ضوء القواعد والآليات المعتبرة لاستنباط الحكم الشرعي.

وقد شهدت الرسائل العملية تطورا في الشكل والمضمون مع تطور العلوم التي يعتمد عليها الفقيه للوصول الى الحكم الشرعي وعلى رأسها علما  الفقه واصوله، وقد كتبت بلغة رصينة عميقة تناسب الرصانة والابداع الذي وصلت اليه تلك العلوم، فهي تكشف بحق عن بلوغ مؤلفيها أسنى المراتب العلمية وتمثل خلاصة جهود المجتهدين وابداعاتهم واسهاماتهم العلمية.

ومن الطبيعي في كل علم أن تكون له لغته ومصطلحاته واسلوبه الذي لا يتيسر لكل أحد أن يفهمه الا من حاز على ثقافة كافية في ذلك العلم، ولم يشذّ علم الفقه عن هذه الطريقة لذا  لا يمكن تسطيح الرسائل العملية وتبسيطها على حساب مقومات العلم وعناصره، فأي دعوة للتحديث والتجديد لابد أن تفهم ضمن هذا الاطار، ولذا نبهنا في دعوتنا لتأسيس ما سميناه (الفقه الاجتماعي)([1]) الذي ينظم الاحكام الشرعية في اطار نظم اقتصادية وسياسية واجتماعية وانسانية وغيرها، أنها خطوة لاحقة للرسائل العملية المتعارفة.

ولقد سرنا في هذه الرسالة الشريفة على منهج فقهائنا المعاصرين ومنهاجهم (قدس الله ارواحهم جميعاً) وراعينا فيها نوع الأمثلة المناسبة للثقافة المعاصرة وتوضيح بعض المسائل.

كما اننا حاولنا في كتاب (الاجتهاد والتقليد) أن نعطي نموذجاً للعرض المناسب للاجيال المعاصرة وللتأسيس للجانب السياسي من الفقه الاجتماعي.

 كما أودعناها بعض المواعظ والفوائد الروحية والاجتماعية لأشباع كل أبعاد الحكم الشرعي، فان المستفاد من البيان الألهي في القرآن الكريم والاحاديث الشريفة عن المعصومين (عليهم السلام) هو عدم الاكتفاء ببيان الحكم، وإنما حشد كل المؤثرات العقلية والنفسية والقلبية لاقناعه به وتحريكه نحو الالتزام والتطبيق، وهو ما نحتاجه فعلا لأننا نرى الكثير من المنحرفين عن الشريعة لا ينقصهم معرفة الحكم كوجوب الصلاة وحرمة السفور وإنما يفتقدون الارادة الصادقة للألتزام.

 



(1) راجع فصلي (دليل سلوك المؤمن) و(الجاهلية الحديثة واسلوب مواجهتها) في كتاب (الشهيد الصدر الثاني (قدس سره) كما اعرفه ) وبحث (الاسس العامة للفقه الاجتماعي).

شارك الاستفتاء

التكليف تشريف

وحينما نتحدث عن المكلف والتكليف في ثنايا هذه الرسالة فإنّه لا يعني العسر والإلزام القسري والمشقة والعنت، وإنّما يعني التشريف حيث اختار الله تبارك وتعالى خالق السماوات والأرض هذا الإنسان الضعيف ليكون خليفته على هذه الأرض ويحمل هذه الرسالة العظيمة، فلو أنّ ملكاً من ملوك الدول كلف إنساناً بتمثيله في قضية ما فإنّه سيعتبره غاية التكريم، فكيف إذا اختاره الله تبارك وتعالى لهذه المهمة الشريفة، لذا كان بعض العارفين يقيم احتفالاً يوم بلوغ سن التكليف الشرعي لأنّه يوم تشريفه بحمل الأمانة الإلهية (إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنسان إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) (الأحزاب : 72).

وقد سمينا الرسالة (سبل السلام) لأنّ السلام من أسماء الله الحسنى فنبتغي بهذه السبل الارتقاء  للوصول الى الله تبارك وتعالى، ولأنّها أول كلمة يقولها المسلم في تحيته ولأنّ السلام هو مطمح البشرية اليوم بعد أن ذاقت الويلات من الرعب والقلق والخوف والجهل بمصيرها، ولو عادوا إلى الله تبارك وتعالى لاستمعوا إليه يقول عن منهجه القويم (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (المائدة : 16).

 وهو ما نتفاءل بأن تكون هذه الرسالة الشريفة مصداقاً لهذه السبل حتى تكون - وكل آثار العلماء والمفكرين-  قادرة على عرض الاسلام أمام المؤمنين به وغيرهم كنظام شامل لتفاصيل الحياة وقادر على قيادة البشرية نحو السلام والسعادة والخير، هذه الامور التي تبحث عنها البشرية النكدة المتعبة فلا تجدها الا أن يهديها الله تبارك وتعالى بلطفه الى سبل السلام التي تحقق لها كل النتائج المرجوة بأذن الله تعالى .        

 

 

محمد اليعقوبي/ النجف الأشرف

5 محرم الحرام  1430

2/1/2009


شارك الاستفتاء

تقسيم أبواب الفقه

الفقه في اللغة يعني الفهم والمعرفة والتوصل إلى حقيقة الشيء وتفاصيله من خلال سبر أغواره لأنّ أصل معناه الشق والفتح.

والمتتبع لموارد الكلمة في القران الكريم يجد أنّ المراد منها معرفة خاصة، وهي المعرفة بالله تبارك وتعالى التي تضم منظومة كاملة من العقائد والأخلاق والأحكام، فحينما يقول تبارك وتعالى (أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَالِ ِهَـؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) (النساء : 78).

فإنّه يشير إلى نقص في المعرفة بالله تبارك وتعالى بأنّه هو المدبر الحقيقي للموجودات والمتصرف فيها.

وبث الله تبارك وتعالى الآيات والمواعظ والدلائل لتدل عباده عليه وحثهم على الاستفادة منها (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أو مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أو يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيات لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) (الأنعام:65) (وَهُوَ الَّذِيَ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيات لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ) (الأنعام:98).

ووبخ تبارك وتعالى من لا معرفة له في عدة مواضع (وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ) (الإسراء:46) (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا) (الكهف:57).

ويشهد له ما في الروايات المأثورة عن المعصومين (عليهم السلام)، فعن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: ألا أخبركم بالفقيه حقاً ؟ من لم يقنّط الناس من رحمة الله، ولم يؤمّنهم من عذاب الله، ولم يؤيّسهم من روح الله، ولم يرخّص في معاصي الله، ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره([1]).

لكن المصطلح اختص في عرف المتشرعة بالعلم بالأحكام الشرعية خاصة، وتحول الفقه من رؤية متكاملة تهذب النفس وتطهر القلب وتنظم حياة الإنسان في حركة متناغمة مع إرادة الله تبارك وتعالى إلى علم متخم بالمصطلحات والقواعد والمسائل لا تسمو بالروح، وقد ينهي طالب العلم دورة فقهية كاملة دون أن يمر بآية كريمة أو حديث شريف أو موعظة حسنة وفي ذلك خسارة كبيرة، ولذا تجده لا يحصن صاحبه من مشاعر الحسد والأنانية والمراء والجدال وحب الجاه وطلب السمعة والقدسية في قلوب الناس والتزلف إلى الحكام والمترفين.

لذا فإنّ (الفقه) بمعناه المتعارف غير كاف لتحقيق الهدف الذي من أجله حث الله تبارك وتعالى المؤمنين للنفر لطلب العلم والتفقه في الدين وهو تحقق الحذر من الله تبارك وتعالى، وهو لا يتحقق إلا بالمعرفة بالله سبحانه قال عز من قائل (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إذا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (التوبة : 122).

وبهذه المعرفة - لا بالعلم بالمصطلحات والمسائل الشرعية فقط- أصبح المؤمن الواحد يعادل عشرة من جيش الكفار (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ) (الأنفال : 65).

وفي ضوء النقص في هذه المعرفة وضعفها عن تحريك الإنسان نحو الأهداف الحقيقية خفّف الله تبارك وتعالى التكليف عن المؤمنين (الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الأنفال : 66).

وإنّما ذكرت هذه المقدمة لأمور([2]) :

1- فهم المعنى الحقيقي للفقه والفقيه في الكتاب والسنة لكي نستطيع تطبيقه بدقة على مدّعيه والتأكد من مصداقية منتحلي العنوان قبل الالتزام باتباعهم والأخذ عنهم.

2- تحريك الإنسان المسلم نحو الحقيقة الكبرى في الوجود وهي المعرفة بالله تعالى.

3- تصحيح مسار علم الفقه المتعارف وكتبه لكي يستوعب كل استحقاقات هذا العنوان الضخم.

وقد يكون أحد الأعذار لفقهائنا خصوصاً المتأخرين أنّ العلوم قد تشعّبت وتعمّقت وكثرت تفاصيلها فيكون من المفيد فصل مسائلها ومواضيعها، فأصبحت العقائد علماً مستقلاً وكذا علم الأخلاق والعرفان، واختص العلم بالأحكام الشرعية بعنوان( الفقه) وبقي على طالب الحقيقة أن يأخذ كل علم من مظانه.

وجمعاً بين الحقّين سنحاول إثراء الرسالة العملية ببعض النكات المختصرة لإلفات النظر وتحريك الساعي إلى الكمال نحو ما ينفعه ويرشده إلى الطريق بإذن الله تعالى.


 

أبواب الفقه

قسم الفقهاء أفعال المكلفين التي وردت الأحكام لتنظيمها وفق الشريعة المقدسة إلى: ما يشترط قصد القربة إلى الله تعالى في صحته والاكتفاء به كالصلاة والصوم، وإلى ما لا يشترط وإن كان قابلاً للإتيان به كذلك لتحصيل الثواب عليه، والأول هو العبادات وفق المصطلح الفقهي، أمّا الآخر فهي المعاملات بمعناها الواسع، وهي: أمّا أن تكون متقومة بطرفين كالبيع المرتبط بعرض البائع ورضا المشتري، وكالنكاح المنعقد بعرض الزوجة ورضا الزوج وهكذا، أو لاتكون كذلك، والأول وهو الثاني بحسب التسلسل العام هو العقود، والثاني أمّا أن يكون متعلقاً بفعل طرف واحد كالطلاق الذي هو إنشاء الزوج خاصة من دون مدخلية للزوجة فهي الإيقاعات وهو القسم الثالث من التسلسل العام، أو لايكون كذلك وهو الأحكام كالإرث والحدود والديات وغيرها.

وفي ضوء هذا التقسيم جعل المحقق الحلي (قدس سره) كتابه الشريف (شرائع الإسلام) في أربعة أجزاء قبل ثمانية قرون تقريباً وجرى عليه مَنْ خلفه من العلماء الصالحين.

 ولما كانت العبادات هي أشرف الأفعال لما فيها من القرب إلى الله تعالى وأشرف العبادات الصلاة لأنها عمود الدين، فقد قدموها على غيرها، ولما كانت الصلاة متوقفة على الطهارة ومشروطة بها فقد افتتحوا الكتب الفقهية بالطهارة ثم بكتاب الصلاة فبقية الكتب.

ونحن سنجري معهم في هذا الطريق الشريف، وينبغي للمسلم أن يلتفت إلى أنّ هذه التكاليف لا يراد منها الأداء الشكلي الخارجي لها فحسب وإنّما تستهدف بناء شخصيته وضمان سلامة مسيرته في الحياة والفوز بالسعادة والفلاح في الدنيا والآخرة وتحقيق الطهارة والسمو له، قال تعالى عن ذبح الهدي في الحج (لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ) (الحج : 37) وقال تعالى عن علة دفع الحقوق الشرعية: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (التوبة : 103).

وسئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن كيفية التعرف على أنّ الصلاة مقبولة أو لا، فجعل الإمام (عليه السلام) معياراً لذلك وهي قدرتها على نهي صاحبها عن الانحراف في السلوك وخبث النوايا، فجعل نسبة قبولها بمقدار نجاحها في تحقيق هذا الهــــدف مســـتنداً إلــى قوله تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) (العنكبوت : 45).




(1) وسائل الشيعة : 4/829.

(1) توجد تفاصيل أكثر في كتاب (شكوى القرآن) ص92 وما بعدها وبحث (دليل سلوك المؤمن) في كتاب (الشهيد الصدر الثاني (قدس سره) كما أعرفه)

شارك الاستفتاء

المقصد الأول

شرائط وجوب الزكاة العامة

 وهي كما يلي:

الأول: البلوغ، فلا تجب الزكاة في مال الصبي، فإذا كان الشخص بالغاً وقت التعلق فيما لا يعتبر فيه الحول، كالغلات أو طيلة السنة مما يعتبر فيه الحول كالانعام تعلقت الزكاة بماله وإلا فلا.

نعم إذا أراد الولي أن يتصرف بالمال الزكوي للصغير على غير شؤونه مما يقع في حدود ولايته ومصلحة الصغير كاستثمار المال مثلاً بالمضاربة ونحوها، وجب إخراج زكاة هذا الجزء خاصة ويدفعها الولي حينئذٍ من مال الصغير الذي تحقق من الاستثمار ولا يدخل النقص على مال الصغير الاصلي.

لذا قيل بعدم اشتراط البلوغ في زكاة الغلات والثروة الحيوانية للزوم التصرف بالمال، ونفس الكلام يأتي في شرط العقل الآتي .

الثاني: العقل، فلا زكاة في مال المجنون، ونقصد بذلك إن وجوب الزكاة مشروط بأن يكون المالك عاقلا في وقت التعلق فيما لا يعتبر فيه الحول كالغلات الأربع، وطيلة السنة فيما يعتبر فيه الحول كالأنعام الثلاثة، فلو كان مجنونا في وقت التعلق أو لم يكن عاقلا طيلة السنة فلا زكاة في ماله، وإن أصبح عاقلا بعد التعلق أو بعد السنة كما أنه لو كان عاقلا وقت التعلق أو طول السنة، تعلقت الزكاة بماله البالغ حد النصاب وإن جن بعد ذلك، فالمعيار في وجوب الزكاة إنما هو بوجود العقل طيلة السنة فيما يعتبر فيه الحول ووقت التعلق فيما لا يعتبر فيه الحول.

الثالث: التمكن، بأن يكون المالك متمكناً من التصرف في النصاب متى شاء وأراد عقلا وشرعا، ويكون تحت يده وسلطانه، واما إذا لم يكن كذلك فلا زكاة فيه، وذلك كالدين والوديعة والمال المدفون في مكان منسي والمال الغائب وغير ذلك; إذ ليس بإمكان المالك التصرف في تلك الأموال متى شاء وأراد وإن كان بإمكانه تحصيل القدرة والتمكن من التصرف فيها إلا أنه غير واجب.

الرابع: الملك، ونقصد به الملك في وقت التعلق فيما لا يعتبر فيه الحول كالغلات الأربع، وفي طول السنة فيما يعتبر فيه الحول كالأنعام الثلاثة.

(مسألة 1619): ظهر أن تعلق الزكاة بالمال منوط بتوفر الشروط العامة فيه منها الملك، فلذلك لا تجب الزكاة في نماء الوقف، إذا كان مجعولا على نحو المصرف لمكان عدم الملك وتجب إذا كان مجعولا على نحو الملك، من دون فرق بين أن يكون الوقف عاما أو خاصا، فإذا جعل بستانه وقفا على أن يصرف نماءها على ذريته، أو على علماء البلد لم تجب الزكاة فيه، وإذا جعلها وقفا على أن يكون نماؤها ملكا للأشخاص، كالوقف على الذرية مثلا وكانت حصة كل واحد تبلغ النصاب وجبت الزكاة على كل واحد منهم، وإذا جعلها وقفا على أن يكون نماؤها ملكا للعنوان، كالوقف على الفقراء أو العلماء لم تجب الزكاة وإن بلغت حصة من يصل إليه النماء مقدار النصاب.

(مسألة 1620): إذا كانت الأعيان الزكوية مشتركة بين اثنين أو أكثر اعتبر في وجوب الزكاة على كل واحد منهم بلوغ حصته وحده النصاب، ولا يكفي في الوجوب بلوغ المجموع حد النصاب.

(مسألة 1621): ثبوت الخيار في البيع المشروط برد مثل الثمن غير مانع عن التمكن من التصرف في المبيع; لما مر من أن المراد منه كون المال تحت يد المالك وسلطانه فعلا بنحو له أن يتصرف فيه متى شاء وأراد، وعلى هذا فلا مانع من تعلق الزكاة به إذا كانت سائر شروطها متوفرة فيه.

(مسألة 1622) : الإغماء والسكر حال التعلق أو في أثناء الحول لا يمنعان عن وجوب الزكاة.

(مسألة 1623) : إذا عرض على المالك عدم التمكن من التصرف بعد تعلق الزكاة، أو بعد مضى الحول فقد استقر الوجوب، فيجب عليه الأداء، إذا تمكن منه بعد ذلك، فإن تسامح وتماهل كان مقصرا وضامنا وإلا فلا.

(مسألة1624) : زكاة القرض على المقترض بعد قبضه لا على المقرض، فلو اقترض نصابا من الأعيان الزكوية، وبقي عنده سنة وجبت عليه الزكاة، وإن كان قد اشترط المقترض في عقد القرض على المقرض أن يؤدي الزكاة عنه. نعم، إذا أدّى المقرض عنه صح مع تحقق النية من المقترض بأي نحو كان كالإذن في ذلك أو الرضا به ونحوها، وسقطت الزكاة عن المقترض ويصح مع عدم الشرط أن يتبرع المقرض عنه بأداء الزكاة كما يصح تبرع الأجنبي.

 (مسألة 1625) : إذا علم البلوغ والتعلق ولم يعلم السابق منهما لم تجب الزكاة، سواء علم تاريخ التعلق وجهل تاريخ البلوغ أم علم تاريخ البلوغ وجهل تاريخ التعلق أم جهل التاريخان معا، وكذا الحكم في المجنون إذا كان جنونه سابقا وطرأ العقل، أما إذا كان عقله سابقا وطرأ الجنون وجبت الزكاة، فيما إذا كان تاريخ التعلق معلوما وتاريخ الجنون مجهولا، وأما إذا كان العكس أو كان تاريخ كليهما مجهولا فلا تجب الزكاة.

 

(مسألة 1626) : إذا ملك تمام النصاب مما تجب فيه الزكاة وكان بقدر الاستطاعة للحج بحيث إذا أخرج الزكاة يفقد الاستطاعة، فإن كان تعلقها قبل حصول الاستطاعة وجب ولم يجب الحج، وإن كان بعده وجب الحج، ويجب عليه - حينئذٍ - حفظ الاستطاعة مهما أمكن، ولو بتبديل المال بغيره لكي لا يتحقق دوران الحول على العين الزكوية وينتفي وجوب الزكاة، وإن لم يحفظ الاستطاعة ومضى عليه الحول وجبت الزكاة أيضا، وعندئذٍ فإن كان متسامحا ومقصرا في ذلك استقر وجوب الحج عليه وإلاّ فلا.

شارك الاستفتاء

المقصد الثاني

ما تجب فيه الزكاة

 المشهور اختصاص وجوب الزكاة بالأصناف التسعة: وهي النقدان الذهب والفضة المسكوكان كعملة نقدية وبالأنعام الثلاثة: الإبل والبقر والغنم، والغلاّت الأربعة: الحنطة والشعير والتمر والزبيب.

لكن الصحيح المستفاد من روايات أهل بيت العصمة (سلام الله عليهم أجمعين) وجوبها في ما هو أوسع من ذلك فتجب في:

1- كل ما يكال أو يوزن من الحبوب التي تنبتها الارض كالأرز والعدس والماش، أما ما يتجر بها من هذه الحبوب فيدخل في الفقرة  3 .

2- سائر العملات كالدينار والدولار واليورو إذا كنزت حولاً ولم يحرّكها.

3- الأعيان والبضائع التجارية التي يقتنيها طلباً لزيادة قيَمها ويمرُّ عليها عام يُدفع له خلاله ربح فوق سعر الشراء لكنه يحبسها عن البيع طلباً لزيادة أكثر. وستأتي التفاصيل باذن الله تعالى .

وقد قيل باستحبابها في موارد لم يثبت في شيء منها بالعنوان الخاص للزكاة أي بالمقدار المحدّد  شرعاً، لكن الإنفاق في سبيل الله تبارك وتعالى مستحب على أي حال كما نطقت به الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة.

 والكلام فيما تجب فيه الزكاة يقع في مباحث:

 

المبحث الأول : الأنعام الثلاثة

وشروط وجوب الزكاة فيها وهي كما يلي:

 

الشرط الأول: النصاب:

في الإبل اثنا عشر نصابا:

الأول: خمس إبل، وفيها شاة.

الثاني: العشر وفيها شاتان.

الثالث: خمس عشرة وفيها ثلاث شياه.

الرابع: العشرون وفيها أربع شياه.

الخامس: خمس وعشرون وفيها خمس شياه.

السادس: ست وعشرون فيها بنت مخاض، وهي الداخلة في السنة الثانية.

السابع: ست وثلاثون وفيها بنت لبون، وهي الداخلة في السنة الثالثة.

الثامن: ست وأربعون وفيها حقة، وهي الداخلة في السنة الرابعة.

التاسع: إحدى وستون وفيها جذعة، وهي الداخلة في السنة الخامسة.

العاشر: ست وسبعون وفيها بنتا لبون.

الحادي عشر: إحدى وتسعون وفيها حقتان.

الثاني عشر: مائة وإحدى وعشرون وفيها في كل خمسين حقة، وفي كل أربعين بنت لبون، فإن كان العدد مطابقا للأربعين بحيث إذا حسب بالأربعين لم تكن زيادة ولا نقيصة على الأربعين كالمائة والستين حسب على الأربعين، وإذا كان مطابقا للخمسين، بالمعنى المتقدم، عمل على خمسين، كالمائة والخمسين، وإن كان مطابقا لكل منهما كالمأتين تخير المالك بين العد بالأربعين والخمسين وإن لم يكن مطابقا لكل من النصابين كالمائتين وعشرة ولكن كان مطابقا لهما بنحو التوزيع عمل بهما كذلك فيحسب خمسين وأربع أربعينات، وعلى هذا لا عفو إلا فيما دون العشرة، وإذا لم يكن كلا النصابين عادا للجميع ولا كليهما معا، فيجب الأخذ بأكثرهما استيعاباً وأقلهما عفواً.

(مسألة 1627) : إذا لم يكن عنده بنت مخاض أجزأ عنها ابن لبون، وإذا لم يكن عنده ابن لبون أيضا تخير في شراء أيهما شاء.

(مسألة 1628) : في البقر نصابان:

الأول: ثلاثون وفيها تبيع، ولا تجزي التبيعة على الأظهر وهو ما دخل في السنة الثانية.

الثاني: أربعون وفيها مسنة، وهي التي دخلت في السنة الثالثة، وفيما زاد على هذا الحساب يتعين العد بالنصاب الذي يطابق العدد ولا عفو فيه، فإن كان العدد ستين عد بالثلاثين، وإن كان ثمانين عد بالأربعين، وإن كان سبعين عد بهما معا، وان كان مائة وعشرين تخير من العد بالثلاثين والعد بالأربعين، وإذا كان أحدهما أكثر عادا واستيعابا من الآخر تعين الأخذ به دون الآخر، ثم، إن كل عدد لا يكون احد النصابين أو كلاهما عادا له فهو عفو، وكذا ما دون الثلاثين.

(مسألة 1629) : في الغنم خمسة نصب:

الأول: الأربعون، وفيها شاة.

الثاني: مائة وإحدى وعشرون، وفيها شاتان.

الثالث: مائتان وواحدة، وفيها ثلاث شياه.

الرابع: ثلاثمائة وواحدة، وفيها أربع شياه.

الخامس: أربعمائة فما زاد، ففي كل مائة شاة بالغا ما بلغ، ولا شيء فيما نقص عن النصاب الأول ولا فيما بين كل نصابين.

(مسألة 1630) : الجاموس والبقر جنس واحد، ولا فرق في الإبل بين العراب والبخاتي، ولا في الغنم بين المعز والضأن، ولا بين الذكر والأنثى في الجميع.

(مسألة 1631) : المال المشترك بين جماعة إذا بلغ نصيب كل واحد منهم النصاب وجبت الزكاة على كل واحد منهم، وإذا بلغ نصيب بعضهم النصاب دون بعض وجبت على من بلغ نصيبه دون شريكه، وإذا لم يبلغ نصيب أي واحد منهم النصاب لم تجب الزكاة وإن بلغ المجموع النصاب.

(مسألة 1632) : إذا كان مال المالك الواحد متفرقا بعضه عن بعض، فإن كان المجموع يبلغ النصاب وجبت فيه الزكاة، ولا يلاحظ كل واحد على حده.

(مسألة 1633) : الأحوط وجوبا في الشاة التي تجب في نصب الإبل والغنم إن كانت من الضأن اعتبر فيه أن تكمل لها سنة وتدخل في الثانية، وإن كانت من المعز اعتبر فيه أن تكمل لها سنتان وتدخل في الثالثة، ويجوز للمالك دفعها من غير النصاب، كما يجوز له دفع القيمة من النقد المتداول، أما دفعها من غير ذلك فلا بد من استئذان الحاكم الشرعي فيه .

(مسألة 1634) : المدار في دفع قيمة الزكاة إنما هو بقيمتها وقت الأداء والدفع لا وقت الوجوب، كما أن المدار في دفع القيمة إنما هو في بلد الدفع لا بلد الوجوب أي البلد الذي هي موجودة فيه ما دام الدفع في بلد آخر. والأحوط استحبابا دفع أعلى القيمتين.

(مسألة 1635) : إذا كان مالكا للنصاب لا أزيد ـ كأربعين شاة مثلا ـ فحال عليه أحوال، فإن أخرج زكاته كل سنة من غيره تكررت; لعدم نقصانه ـ حينئذ ٍـ عن النصاب، ولو أخرجها منه أو لم يخرج أصلا لم تجب إلا زكاة سنة واحدة لنقصانه - حينئذ - عن النصاب، ولو كان عنده أزيد من النصاب كأن كان عنده خمسون شاة وحال عليه أحوال لم يؤدّ زكاتها وجبت عليه الزكاة بمقدار ما مضى من السنين إلى أن ينقص عن النصاب.

(مسألة 1636) : إذا كان جميع النصاب الموجود لدى المالك من الإناث، فأنه يجزئ دفع الذكران بدلا عن الإناث وبالعكس، وإذا كان كل النصاب من الضأن فأنه يجزئ دفع المعز عن الضأن وبالعكس، وكذلك الحال في البقر والجاموس والإبل العراب والبخاتي .

 (مسألة 1637) : لا فرق بين الصحيح والمريض والسليم والمعيب والشاب والهرم، في العدّ من النصاب. نعم، إذا كانت كلها صحيحة لا يجوز دفع المريض، وكذا إذا كانت كلها سليمة لا يجوز دفع المعيب، وإذا كانت كلها شابة لا يجوز دفع الهرم، وأما إذا كان بعض النصاب مريضا وبعضه سالما أو بعضه صحيحا والبعض الاَّخر معيبا وهكذا، فلا يبعد كفاية دفع المعيب عن الجميع أو المريض أو الهرم ولا ضرورة للتقسيط.

 

الشرط الثاني: السوم طول الحول:

صدق السوم على الأنعام الثلاثة مرتبط بكونها مرسلة في المراعي لترعى من الحشيش والكلأ ونحوهما من الثروات الطبيعية، من دون أن يبذل صاحبها الجهد والعمل في خلق الفرص وتهيئة العلف لها، فإذا كانت كذلك فهي سائمة وفيها زكاة، وأما إذا قام صاحبها بتهيئة العلف لها فأعلفها وأطعمها منه فهي معلوفة، ولا فرق في تهيئة العلف بين أن يقوم صاحبها بإحياء المرعى لها وازدهاره بالأشجار والحشيش والدغل والكلأ ونحوها بقصد أن يعلفها ويطعمها منه، وبين أن يجمع العلف بقطع الحشيش والكلأ ونحوهما; إذ على كلا التقديرين يصدق أنه أعلفها وأطعمها فإذا صدق ذلك صدق أنها معلوفة، وإن كان العرف قد يستشكل في صدق إعلافها في الصورة الاولى فيقتضي الاحتياط.

(مسألة 1638) : من اشترى المرعى أو استأجره من أجل أن يرعى مواشيه فإذا رعاها فيه فهي سائمة، وكذا من رعاها في الحشيش والدغل والكلأ التي تنبت في الأرض المملوكة في أيام الربيع أو في وقت نضوب الماء فإنها سائمة متعلقة للزكاة، حيث لا يكفي في الخروج عن السوم مجرد كون العلف مملوكا ما لم تكن هناك ملابسات أخرى كبذل الجهد وإنفاق العمل في سبيل ذلك.

(مسألة 1639) : لا يقدح في صدق كونها سائمة في تمام الحول اذا اعلفها مقدارا لا يعتد به كيوم أو يومين .

(مسألة 1640) : السوم الذي هو شرط في وجوب الزكاة في الأنعام الثلاثة لا فرق بين أن يكون باختيار المالك طوال السنة، كما إذا كان بإمكانه أن يعلف أغنامه مثلا ويطعمها ولكنه ترك ذلك وأرسلها إلى مرعاها طيلة السنة، أو يكون بغير اختياره، كما إذا كان هناك عائق عن أن يطعمها أو ظالم منع عن ذلك طوال فترة الحول أو غاصب غصب العلف واضطر المالك إلى إرسالها الى مرعاها، فالمعيار في وجوب الزكاة في الأنعام إنما هو بصدق السوم عليها.

 

الشرط الثالث: أن لا تكون عوامل:

ولو في بعض الحول، وإلا لم تجب الزكاة فيها . هذا على المشهور، والصحيح عدم اعتبار هذا الشرط فأن العوامل كغيرها مما تجب فيها الزكاة وإنما لا تجب فيها إذا كانت معلوفة للشرط المتقدم

(مسألة 1641) : بناء على المشهور فأنه لا يقدح العمل بها يوما أو يومين أو ثلاثة في تمام السنة، فإن المعيار إنما هو بصدق أنها ساكنة وفارغة ولا تكون عوامل عرفا، ومن الواضح أن عمل يوم أو يومين لا يضر بصدق ذلك.

الشرط الرابع: أن يمضي عليها حول جامعة للشروط:

بحيث يمضي عليها عام قمري كامل، وإن كان الأحوط استقرار الوجوب بدخول الشهر الثاني عشر، ولا يضر فقد بعض الشروط قبل تمامه. نعم، لا يبدأ الحول الثاني إلا بعد إتمام الشهر الثاني عشر.

(مسالة 1642) : إذا اختل بعض الشروط في الشهر الحادي عشر بطل الحول، كما إذا نقصت عن النصاب أو عجز من التصرف فيها أو قام بتبديلها بجنسها، أو بغير جنسها ولو كان زكوياً، ولا فرق بين أن يكون التبديل بقصد الفرار من الزكاة وعدمه.

(مسألة 1643) : إذا حصل لمالك النصاب في أثناء الحول ملك جديد, بنتاج أو شراء أو نحوهما, فهنا عدة صور:

الصورة الأولى: أن يكون الجديد بمقدار العفو, كما إذا كان عنده أربعون من الغنم, وفي أثناء الحول ولدت أربعين, فلا شيء عليه إلا ما وجب في الأول, وهو شاة في المثال.

الصورة الثانية: أن يكون الجديد نصاباً مستقلا, كما إذا كان عنده خمس من الإبل, فولدت في أثناء الحول خمساً أخرى. كان لكل منهما حول بانفراده, ووجبت عليه فريضة كل منهما عند انتهاء حوله.

الصورة الثالثة: أن يكون الجديد نصاباً مستقلا ومكملاً للنصاب اللاحق, كما إذا كان عنده عشرون من الإبل وفي أثناء الحول ولدت ستة, جرى على الستة حول مستقل, ووجب في العشرين الأولى أربع شياه, وفي الستة الأخيرة شاة واحدة.

الصورة الرابعة: ما إذا كان الملك الجديد مكملاً للنصاب, وليس نصاباً مستقلاً, كما إذا كان عنده ثلاثون من البقر, وولدت في أثناء الحول إحدى عشرة وجب استئناف حول جديد لهما معاً. والاحتياط بدفع زكاة الملك السابق (وهي الثلاثون في المثال) عند انتهاء الحول الخاص بها الذي سيكون أثناء الحول الجديد المستأنف للمجموع.

(مسألة 1644) : يظهر حكم السخال مما مر إذا كانت أمهاتها سائمة، لما عرفت من أنه لا فرق في الملك الجديد في أثناء النصاب بين أن يكون بالنتاج أو الإرث أو الملك، وإذا كانت أمهاتها معلوفة فإن كان عدد السخال بلغ حد النصاب مستقلا ترتب عليه حكمه، وإلا فلا شيء فيه.

 

 

المبحث الثاني : زكاة النقود والعملات المتداولة

 لا يختص وجوب الزكاة بالنقدين المعروفين في الأزمنة القديمة وهما الدينار الذهبي والدرهم الفضي وإنما تتعلق بكل العملات المتداولة كالدينار والدولار والجنيه واليورو والريال وغيرها إذا كنزت سنة كاملة ولم تتحرك وقد بلغت النصاب .

(مسألة 1645) : لا تجب الزكاة في الودائع المصرفية وإن بلغت النصاب ودار عليها الحول لاختلال بعض شروط الوجوب وهو دوران الحول على نفس العين ولا يكفي دورانه على الرصيد، والودائع المصرفية لاتبقى ثابتة بأعيانها لأنها تدخل في نشاطات المصرف. كما أن ملاك وجوب الزكاة وهو تجميد المال وعدم دخوله في النشاطات الاقتصادية غير متحقق في هذه الودائع

(مسألة 1646) : ولنفس السبب اعلاه لا تجب الزكاة فيما يقابل بالمال أو يؤول اليه كالاسهم والسندات والصكوك . 

(مسألة 1647) : يشترط في زكاة العملات - مضافا إلى الشرائط العامة- أمور:

الأول: النصاب وهو في الذهب عشرون دينارا، وفيه نصف دينار، والدينار ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي ويساوي (3.45)غرام، ولا زكاة فيما دون العشرين ولا فيما زاد عليها حتى يبلغ أربعة دنانير، وهي مساوية لثلاثة مثاقيل صيرفية، وفيها أيضا ربع عشرها أي: من أربعين واحد وهكذا كلما زاد أربعة دنانير وجب ربع عشرها.

أما الفضة فنصابها مائتا درهم وفيها خمسة دراهم، ثم أربعون درهما وفيها درهم واحد، وهكذا كلما زاد أربعون كان فيها درهم، وما دون المائتين عفو، وكذا ما بين المائتين والأربعين، ووزن عشرة دراهم خمسة مثاقيل صيرفية وربع، فالدرهم نصف مثقال صيرفي وربع عشره ويساوي (2.415) غرام، والضابط في زكاة النقدين من الذهب والفضة: ربع العشر أي (5,2%).

أما في العملات الأخرى فالنصاب فيها ما يعادل أول نصاب الذهب والفضة، وإذا اختلفا في القيمة فيلاحظ أقلهما وهو نصاب الفضة عادة أي مئتي درهم ويساوي (200* 415,2) =  483 غرام من الفضة.

الثاني: أن يكون الدرهم - الفضي- والدينــار - الذهبي- مسكوكين بسكة المعاملة أي العملة المتداولة، سواء كانت بسكة الإسلام أم بسكة الكفر، كانت بكتابة أم  بغيرها من النقوش.

(مسألة 1648) : إذا مسحت السكة أي نقش العملة الموجود عليها فإن كان المسح يضر بصدق الدينار والدرهم على الممسوح لم تجب الزكاة بعنوان النقود، وإلا وجبت، ولا فرق في ذلك بين الممسوح بالعارض والممسوح بالأصل، فإن المعيار في وجوب الزكاة إنما هو بصدق الدينار والدرهم الرائج في المعاملات، وأما المسكوك الذي جرت المعاملة به ثم هجرت، فإن كان الهجر والخروج عن المعاملة يؤدي إلى خروجه عن مسمى الدينار والدرهم لم تجب الزكاة فيه بعنوان النقود، وإن كان الهجر بسبب آخر - كاتخاذهما زينة للبيت وجمعهما من أجل ذلك لا من اجل أن يتعامل بهما - لم يمنع ذلك عن وجوب الزكاة فيهما; لأن المعيار في وجوبها إنما هو بصلاحيتها للتداول كعملات وإن كان بعض أفراده مهجورا لسببٍ أو آخر، ولا تجب الزكاة في الحلي وإن كان من الدرهم والدينار. لكنه خرج عن امكان التعامل 

الثالث: الحول، ويعتبر في وجوب الزكاة في العملات دخول الشهر الثاني عشر، فإذا دخل تم الحول ووجبت الزكاة فيها، ولابد أن تكون جميع الشروط العامة متوفرة طيلة مدة الحول، فلو فقد بعضها في الأثناء بطل الحول، وإن تجدد استأنفه مرة ثانية من جديد.

(مسألة 1649) : لا فرق في الذهب والفضة بين الجيد والرديء، ولا يجوز الإعطاء من الرديء إذا كان تمام النصاب من الجيد.

(مسالة 1650) : تجب الزكاة في الدراهم والدنانير المغشوشة - أي غير المصنوعة من الذهب والفضة الخالصين وإنما خلط معهما غيرهما كالنحاس والصفر-  وإن لم يبلغ خالصهما النصاب اذا كان وزن المعادن المضافة متعارفا في صنع العملات لانها لا تصنع من الذهب والفضة الخالصين، وإذا كان الغش كثيرا بحيث لم يصدق الذهب أو الفضة على المغشوش، فلا يمنع ذلك من وجوب الزكاة فيها إذا بلغ خالصه النصاب أو  بلغت قيمتها أحد النصابين على ما اخترناه.

(مسالة 1651) : إذا شك في بلوغ النصاب فالظاهر عدم وجوب الزكاة، وفي وجوب الاختبار إشكال أظهره العدم.

(مسالة 1652) : إذا كان عنده أموال زكوية من أجناس مختلفة فقد قال المشهور باعتبار بلوغ النصاب في كل واحد منها على حدة وتطبيق الشروط على كل واحدة منها مستقلاً عن الآخر، ولا يضم بعضها إلى بعض، فإذا كان عنده تسعة عشر دينارا ومائة وتسعون درهما لم تجب الزكاة في شيء منهما، وإذا كان من جنس واحد - كما إذا كان عنده ليرة ذهب عثمانية وليرة ذهب إنجليزية - وجب ضم بعضها إلى بعض في بلوغ النصاب، فإذا بلغ المجموع النصاب وجبت الزكاة فيه هذا، ولكن الأحوط الضّم مطلقاً بملاحظة قيمة الأجناس بالدراهم ففي المثال المذكور تجب الزكاة. ويجري نفس الحكم في العملات المتداولة اليوم، فالشرط بلوغ مجموع أقيامها منضمةً قيمة نصاب الفضة .

(مسألة 1653) : يجوز للمالك التصرف في نصاب الذهب والفضة قبل إن يخرج الزكاة شريطة توفر أمرين:

أحدهما: أن يكون بانيا على إخراج الزكاة منهما وعازما على ذلك.

ثانيهما: أن يبقى منهما بمقدار يفي بالزكاة.




شارك الاستفتاء


المبحث الثالث : زكاة الغلات

وقد قلنا في بداية المقصد الثاني أنها تجب في كل ما يكال أو يوزن من الحبوب خلافا للمشهور الذي خصّ الوجوب بالحنطة والشعير والتمر والزبيب.

(مسالة 1654) : يشترط في وجوب الزكاة فيها - مضافا إلى الشروط العامة المتقدمة - أمران:

الأول: بلوغ النصاب، وهو بالأوزان المتعارفة اليوم ثمانمائة وسبعة وأربعين كيلوا تقريباً، أما وزنه بالمقادير القديمة فقد ذكرنا تفصيلها في كتابنا (فقه الخلاف/ الجزء الثاني).

الثاني : الملك في وقت تعلق الوجوب، سواء أكان بالزراعة أم بشراء الزرع قبل أوان تعلق الوجوب أم بالإرث كذلك أم بغيرها من أسباب الملك .

(مسألة 1655) : المشهور أن وقت تعلق الزكاة عند اشتداد الحب في الحنطة والشعير، وعند الاحمرار والاصفرار في ثمر النخيل، وعند انعقاده حِصرما في ثمر الكرم، لكن الظاهر أن وقته إذا صدق أنه حنطة أو شعير أو تمر أو عنب.

(مسالة 1656) : المشهور أن المدار في قدر النصاب من الغلات اليابس منها مطلقاً، فلو كان الرطب منها بقدر النصاب لكن ينقص عنه بعد الجفاف لم تجب الزكاة، لكن الظاهر هو التفصيل، فالمدار في قدر النصاب هو الرطب, عند انتهاء القطف والتصفية, في الأجناس الثلاثة التمر والحنطة والشعير. فلو كان عندئذ نصاباً. ونقص مع الجفاف بقي وجوب الزكاة. وهذا بخلاف العنب، فانه لا يجب دفع الزكاة في العنب, بل في الزبيب وهو العنب الجاف, ويمكن حسابه على انه جاف ولو خرصاً أو تقديراً.

(مسالة 1657) : لا يجوز للمالك تأخير إخراج الزكاة بعد وقت وجوب الإخراج حين تصفية الحنطة والشعير واجتذاذ التمر واقتطاف الزبيب، فإذا أخر الإخراج بغير عذر وعامدا وملتفتا ضمن مع وجود المستحق، ويجوز للساعي من قبل الحاكم الشرعي أن يطالب المالك بالزكاة من حين التعلق، فإذا طلب ذلك منه وجب على المالك القبول والقيام بإفراز حصة الزكاة وتعيينها وتسليمها إلى الساعي أو إلى الفقراء، كما يجوز للمالك أن يقوم بذلك بنفسه بعد تعلق الوجوب من دون الطلب من قبل الحاكم الشرعي، إذ لا يجب عليه أن يتحفظ على الزكاة إلى وقت التصفية بل له تسليمها إلى الحاكم الشرعي أو إلى الفقراء، وليس للحاكم الشرعي أو الفقراء الامتناع عن القبول.

(مسالة 1658) : لا تتكرر الزكاة في الغلات بتكرر السنين، فإذا أعطى زكاة الحنطة ثم بقيت العين عنده سنين متعددة لم يجب فيها شيء، وهكذا غير الحنطة من الغلات الزكوية.

(مسالة 1659) : يجب على المالك في زكاة الغلات الأربع العُشر إذا سقت الزروع والأشجار والنخيل بالماء الجاري كالعيون والأنهار التي لا يتوقف سقيها بها على مؤنة زائدة، مثل سحب الماء بالآلات كالمكائن ونحوها أو بماء المطر النازل من السماء أو الماء الناضب في الأرض بامتصاص عروقها منه كما في بعض الأراضي والبلدان، ونصف العشر إذا سقيت بالمكائن والدوالي أو غيرهما من الوسائل والعلاجات الحديثة.

وببيان آخر: أن السقي لا يخلو إما أن يكون طبيعيا أو يكون بالآلات كالمكائن ونحوها، فعلى الأول لا فرق بين أن يكون السقي بالأمطار النازلة من السماء أو بالمياه النضبة في الأرض أو بالعيون والأنهار، ولا فرق في العيون بين أن تكون عامرة طبيعية أو عامرة بشرية، وأما إذا كان السقي بكلا الطريقين بنحو الاشتراك، فتكون الزكاة النصف، والنصف بمعنى: أن زكاة نصف الحاصل نصف العُشر وزكاة نصفه الآخر العشر، والضابط في الاشتراك هو: أنه لا يمكن الاستغناء عن أحدهما بالآخر في الوصول إلى النتيجة وهي الحاصل وإن كان السقي بأحدهما أكثر من الآخر كما أو كيفا.

(مسألة 1660) : المدار في التفصيل المتقدم على الثمر لا على الشجر. فإذا كان الشجر حين غرسه يسقى بالدلاء، ولكنه عند أول ثمره يسقى سيحاً, وجب فيه العشر. ولو كان بالعكس، وجب فيه نصف العشر.

(مسألة 1661) : الأمطار المعتادة في السنة لا تخرج ما يسقى بالدوالي عن حكمه، إلا إذا كثرت بحيث يستغنى عن الدوالي, فيجب حينئذ العشر. أو كانت بحيث توجب صدق الاشتراك في السقي فيجب التوزيع بالنسبة.

(مسألة 1662) : المهم في طريقة سقي الغلات, هو دفع الأجور وعدمه. سواء اتحد شكل السقي ام اختلف, ما دام متحداً في إحدى الصفتين. فلو كان سقيه بدون أجور, ولكنه تارة على المطر, وأخرى على السيح, وثالثة على المياه الباطنية، وجب دفع العشر ولو كان سقيه بأجور لكنها تارة في حفر ساقية, وأخرى في حفر بئر, وثالثة في أجور ناعورة أو مضخة ماء, ورابعة لنقل الماء إلى المزرعة عن طريق السيارات أو الحيوانات، وجب نصف العشر.

(مسألة 1663) : إذا أخرج شخص الماء بالدوالي عبثا أو لغرض, فسقى به آخر زرعه, فالظاهر وجوب العشر إن بقي الماء بعد إخراجه, من المباحات العامة ووصل الى الزرع بنفسه بدون تعمل, وإلا وجب نصف العشر. وكذا إذا أخرجه هو عبثا أو لغرض آخر، ثم بدا له فسقى به زرعه. وأما إذا أخرجه لزرع, فبدا له فيه وسقى به زرعا آخر أو زاد الماء به غيره، فالظاهر وجوب نصف العشر.

(مسألة 1664) : أن ما يأخذه السلطان على ثلاثة أنواع:

1-  ما يأخذه بعنوان المقاسمة، وهي الحصة من نفس الزرع .

2- ما يأخذه بعنوان الخراج والضريبة.

3- ما يأخذه بعنوان الزكاة.

أما الأول: فلا يجب إخراج زكاته، ويعتبر حصول النصاب بعد دفعه، فلو كان نصاباً ولكنه أصبح أقل بعد دفع هذه الحصة، لم تجب الزكاة فيه.

وأما الثاني: فلا يكون مستثنى منه فحاله حال سائر المؤن.

وأما الثالث: فهو يحسب من الزكاة شريطة توفر أمرين فيه:

أحدهما: أن يكون ذلك قهرا وجبرا.

وثانيهما: أن يكون من قبل ولاة الأمر، فإذا توفر الأمران أجزء ذلك عن الزكاة.

(مسألة 1665) : المشهور بين الفقهاء استثناء المؤن التي يحتاج إليها الزرع في بلوغه إلى حد الثمر والإنتاج من النصاب، وإخراج الزكاة من الباقي كأجرة الفلاح والحارث والساقي والعوامل التي يستأجرها للزرع وأجرة الأرض ونحو ذلك مما يحتاج إليه الزرع أو الثمر، ومنها ما يأخذه السلطان من النقد المضروب على الزرع المسمى بالخراج، والصحيح هو التفصيل، فإن هذه المؤن إذا كانت على نحو النسبة في الحاصل والحصة منه كما يقتضيه عقد المزارعة والمساقاة فهذا الاستثناء صحيح لأنهم شركاء مع المالك فيحتسب حصته الخالصة، وإن كانت هذه المؤن على نحو أموال أو أعيان يدفعها المالك من غير الحاصل فالاستثناء مشكل.

وهذا كله في المؤن التي تصرف قبل تعلق الزكاة، أما المؤن التي تصرف على الزرع أو الثمر بعد تعلق الزكاة به فبإمكان المالك احتسابها على الزكاة وعدم تحملها، على أساس أن له الحق في تسليمها إلى أهلها كالفقراء أو الحاكم الشرعي، إذ لا يجب عليه الحفاظ عليها إلى زمان التصفية في الغلات والاجتذاذ في الثمر والاقتطاف في الزبيب، وعليه فيجوز له احتساب المؤونة اللاحقة على الزكاة بالنسبة مع الإذن من الحاكم الشرعي وإلا فليس له ذلك.

(مسألة 1666) : إذا كانت النخيل أو الأشجار في أماكن متباعدة، وتفاوتت في إدراك الأثمار زمانا وكانت الأثمار جميعا لعام واحد، وجب ضم بعضها مع بعضها الآخر، فإذا بلغ المجموع حد النصاب وجب إخراج الزكاة منه، فإن المعيار إنما هو ببلوغ ثمرة سنة واحدة هي سنة النصاب، سواء كانت في زمن واحد أم كانت في أزمنة متعددة، مادام يصدق عليها أنها ثمرة في عام واحد وبلغت النصاب كاملا. وكذلك الحكم في الزروع المتباعدة فيلحظ النصاب في المجموع وان كان زمان الإدراك فيها متفاوتا بعد كون الجميع ثمرة عام واحد، فإذا بلغ المجموع النصاب وجبت الزكاة وإن لم يبلغه كل واحد منها، وأما إذا كان نخل يثمر في العام مرتين ففي الضم فيه إشكال وإن كان الضم أحوط وجوبا، بل هو الأقرب.

(مسألة 1667) : يجوز دفع القيمة عن الزكاة من النقدين وما بحكمهما من الأثمان كالأوراق النقدية.

(مسألة 1668) : إذا مات المالك بعد تعلق الوجوب وجب على الوارث إخراج الزكاة، أما لو مات قبله وانتقل إلى الوارث، فإن بلغ نصيب كل واحد النصاب وجبت على كل واحد منهم زكاة نصيبه، وإن بلغ نصيب بعضهم دون نصيب الآخر وجبت على من بلغ نصيبه دون الآخر، وإن لم يبلغ نصيب أي واحد منهم النصاب لم تجب على أي واحد منهم، وكذا الحكم فيما إذا كان الانتقال بغير الإرث كالشراء أو الهبة.

(مسألة 1669) : إذا ملك النبات الزكوي بإرث أو هبة، وجبت الحصة، باعتبار السقي الذي فعله المالك السابق. فان كان بأجور دفع المالك الثاني نصف العشر، وان كان بدونها دفع العشر.

(مسألة 1670) : إذا اختلفت أنواع الغلة الواحدة كأنواع التمر، بأن كان بعضها جيداً وبعضها الآخر أجود والثالث رديء والرابع أردأ جاز دفع الأجود عن الجيد والرديء عن الأردأ، وإلا فالأظهر أن يخرج زكاة كل نوع من نفس ذلك النوع، على أساس أن تعلق الزكاة بالغلات الأربع يكون بنفس العين على نحو الإشاعة. ولا يجوز دفع الرديء عن الجيد.

(مسألة 1671) : لا يضم بعض النبات الزكوي الى بعض, وإنما يعتبر النصاب في كل منها مستقلا. فلو كان التمر والعنب معا نصابا, أو الحنطة والشعير, لم تجب الزكاة في أي منها.

(مسألة 1672) : المدار هو صدق العنوان عرفا, وهي التسميات الأربعة: التمر والزبيب والحنطة والشعير. وهذا له عدة نتائج:

اولاً : ما قلناه من عدم وجوب الزكاة قبل صدقها على النبات حال تكونه.

ثانياً : عدم وجوب الزكاة على ما يشك في إلحاقه بذلك من النبات.

ثالثاً : عدم وجوب الزكاة على ما خالط هذه النباتات من الأدغال, وان كانت مشابهة لها, كالدنان والسلت والعلس.

رابعاً : وجوب الزكاة على الأنواع المختلفة من أي قسم، فيضم أقسام الحنطة الى بعضها البعض، وتعتبر نصابا واحدا، وكذا النباتات الثلاثة الأخرى.

خامساً : انه لا فرق في وجوب الزكاة في عمر الثمرة أو الغلة، ما دام العنوان صادقا. فمثلا تجب في ثمرة النخل سواء كانت بسرا (خلالاً) أم منصّفاً أم رطباً أم جافاً أم مكبوساً أم غيره. وإذا لم يدفع في حال وجب عليه الدفع في الحال الأخرى. وكذا الحال في الحنطة والشعير. ويستثنى من ذلك ثمرة الكرم, فان العنوان المأخوذ في وجوب الزكاة هو الزبيب لا العنب كما سبق.

(مسألة 1673) : الأقوى أن الزكاة في الغلات الأربع متعلقة بالعين على وجه الإشاعة، وفي الغنم والنقدين متعلقة بالعين على وجه الكلي في المعين، وفي الإبل والبقر متعلقة بالعين على نحو الشركة في المالية المتمثلة في مال خاص في كل مرتبة من مراتب نصابهما، وتظهر الثمرة بين هذه الوجوه، فعلى الأول لا يجوز تصرف المالك في النصاب قبل أن يخرج زكاته، وعلى الثاني والثالث يجوز للمالك أن يتصرف فيه مادام يبقى منه مقدار الزكاة عينا، كما في القسم الثاني، ومالا كما في القسم الثالث. نعم، لا يجوز له التصرف في تمام النصاب، فإذا باعه لم يصح البيع في حصة الزكاة إلا أن يدفعها البائع بإذن من الحاكم الشرعي في القسم الثاني، على أساس أن إجزاء غير الزكاة عوضا عن الزكاة يتوقف على الإذن. نعم، في القسم الثالث يصح بلا حاجة إلى الإذن باعتبار أن الزكاة متمثلة في مال خاص كشاة وشاتين مثلا، فإذا دفع المالك الشاة فقد دفع عين الزكاة لا عوضها أو يدفعها المشتري من نفس النصاب في القسم الثاني أو مع الإذن إذا كان من غيره فيصح أيضا، ويرجع بها على البائع وإن أجاز الحاكم البيع قبل دفع البائع أو المشتري صح البيع، وكان الثمن زكاة فيرجع الحاكم به على المشتري إن لم يدفعه إلى البائع، وإلا فله الرجوع على أيهما شاء.

(مسألة 1674) : لا يجوز التأخير في دفع الزكاة من دون عذر، فإن أخره لطلب المستحق فتلف المال قبل الوصول إليه لم يضمن، وإن أخره مع العلم بوجود المستحق ضمن.

 (مسألة 1675) : لا حجية في عزل المالك للحصة الزكوية، بل يبقى حكم النصاب وحكمها واحداً, ما لم يقبضها المستحق. نعم، لا يبعد أن يكون العزل في طريق الدفع حجة, فيشمله حكم المعزول من عدم الضمان مع التلف بدون تأخير ولا تفريط , سواء كان المال المعزول من العين أم من مال آخر، وجد المستحق أم لم يوجد، تأخر الدفع أم تنجز. والمهم أن يكون العزل في طريق الدفع عرفاً. ولو اقتضى الحال التأخير الزائد لغير ضرورة أو حرج, كشهر أو شهرين, لم يجز إلا بإذن الحاكم الشرعي.

‏(مسألة 1676) : نماء الزكاة تابع لها في المصرف، قل أو كثر, ولا يجوز للمالك ‏إبدالها بعد العزل، إلا بإذن الحاكم الشرعي.‏

(مسألة 1677) : إذا باع الزرع أو الثمر، وشك في أن البيع كان بعد تعلق الزكاة حتى تكون عليه، أو قبله حتى تكون على المشتري، لم يجب عليه شيء، حتى إذا علم زمان التعلق وشك في زمان البيع.

وإن كان الشاك هو المشتري، فإن علم أداء البائع للزكاة على تقدير كون البيع بعد التعلق، لم يجب عليه إخراجها، وإلا وجب عليه إخراجها، لعلمه إجمالا إما ببطلان البيع بالنسبة إلى مقدار الزكاة إذا كان تعلقها في ملك البائع، أو بوجوب إخراجها عليه إذا كان تعلقها في ملكه، فبالنتيجة هو يعلم تفصيلا أن تصرفه في مقدار الزكاة محرم. وإذا دفع المشتري الزكاة فليس له أن يرجع إلى البائع ويطالب عوضها عنه لعدم العلم بضمانه لها، ولا فرق في ذلك بين أن يكون زمان كل من الشراء والتعلق مجهولا أو زمان الشراء معلوما وزمان التعلق مجهولا أو بالعكس.

(مسألة 1678) : يجوز للحاكم الشرعي أو وكيله خرص ثمر النخل والكرم على المالك، شريطة أن تكون فيه مصلحة للفقراء، وإلا فلا مقتضى له، وأما عملية الخرص من قبل المالك فهي منوطة بقبول الحاكم الشرعي أو وكيله، وهو مرتبط بما إذا كانت في تلك العملية مصلحة للفقراء، وإلا فهو لا يخلو عن إشكال بل منع، وفائدته جواز الاعتماد عليه، بلا حاجة إلى الكيل والوزن.

(مسألة 1679) : أن وقت إخراج الزكاة يبدأ من حين تعلقها بالمال، لا أنه متأخر عنه، غاية الأمر يجوز للمالك التأخر إلى وقت التصفية والاجتذاذ.

(مسألة 1680) : أن الزكاة في الغلات الأربع بما أنها جزء مشاع لنفس النصاب في الخارج، فلا يجوز إعطاؤها من مال آخر غير النقدين وإن كان من جنسها، كإعطاء زكاة الحنطة من حنطة أخرى من نوعها.

  

المبحث الرابع : زكاة أموال التجارة

 المقصود بأموال التجارة البضائع وسائر الممتلكات التي تُتملَّك بعقد معاوضة بين مالين لأجل الاكتساب والاسترباح، ولا تشمل النقود لدخولها في عنوان العملات.

(مسألة 1681) : تجب الزكاة في الأموال التجارية إذا تحققت الشروط الآتية:

1- مرور حول على نفس العين من حين تملّكها بقصد التكسب والاسترباح.

2- بقاء قصد الاسترباح طول الحول فلو عدل عنه ونوى به الاقتناء الشخصي خلال العام لم تجب الزكاة.

3- أن يطلب المتاع برأس المال أو بزيادة عليه طول الحول لكنه لم يبعه طلباً للزيادة، فلو طلب بنقيصة أثناء السنة لم تجب فيه الزكاة.

4- وقيل باشتراط بلوغه النصاب وهو نصاب أحد النقدين كما تقدم، إلا أن ذلك لم يثبت بدليل تام، فمقتضى إطلاق الروايات عدم اشتراطه وهو الأحوط.

(مسألة 1682) : مقدار الزكاة في أموال التجارة (5,2 %).

(مسألة 1683) : لا تجب الزكاة على ما تملّكه الإنسان بغير عقد كالإرث وحيازة المباحات، أو بعقد غير معاوضة كالهبة، ولا في ما تملكه بمعاوضة ولكن ليست بين مالين كالمهر أو ما صالح به على حق من الحقوق. وإن عرض ما تملكّه بهذه الأنحاء للتجارة.

(مسألة 1684) : لو ملك شيئاً بقصد القنية ثم عدل إلى التجارة لم تجب فيه الزكاة حتى يبيعه ويشتري بثمنه متاعا ً آخر بقصد الاكتساب.

(مسألة 1685) : تتعلق هذه الزكاة بالعين ويجوز دفع القيمة عوضاً عنها.

(مسألة 1686) : إذا كانت السلعة تبلغ النصاب بأحد النقدين - وهو الفضة عادة لأنه أقل قيمة - دون الآخر تعلقت به الزكاة لحصول ما يسمى نصاباً.

 

(مسألة 1687) : قد تجب هذه الزكاة في موارد لم تكن مشمولة بالأصناف التسعة المشهورة كالعقارات والخيل والفواكه المجففة إذا انطبقت عليها شروط الوجوب.




مكتب المرجع الديني

الشيخ محمد اليعقوبي(دام ظله) - ارسل استفتاءك

النجف الاشرف