ادعية وزيارات

شارك الاستفتاء

المناسبات الدينية

خلال وجود الحجاج في الحرمين الشريفين

من الفترة بين 23/ذي القعدة- 19/ذي الحجة

 

          وفي بعض المناسبات أعمال عبادية راجعها في كتاب (مفاتيح الجنان)

ü     23- ذو القعدة: شهادة الإمام الرضا (عليه السلام) (على رواية) عام 203هـ.

ü     25-ذو القدة: دحوّ الأرض.

ü     آخر ذي القعدة: شهادة الإمام الجواد (عليه السلام) سنة 220 هـ.

ü     الأيام العشرة الأولى من ذي الحجة هي المشار إليها بقوله تعالى: [وَالفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ].

ü     1- ذو الحجة: زواج أمير المؤمنين (عليه السلام) من الزهراء (عليها السلام) سنة 2 هـ.

ü     3- ذو الحجة: النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يأمر علياً (عليه السلام) بإبلاغ سورة براءة سنة 9 هـ بعد استلامها ممن أخذها أول مرة.

ü     7-ذو الحجة: شهادة الإمام الباقر (عليه السلام) سنة 114 هـ على يد هشام بن عبد الملك، وعمره (عليه السلام) 57 سنة.

ü     8-ذو الحجة: خروج الإمام الحسين (عليه السلام) من مكة إلى العراق سنة 60 هـ.

ü     8-ذو الحجة: يوم التروية.

ü     8-ذو الحجة: خروج مسلم بن عقيل بالكوفة وتخلّي الناس عنه واستشهاده.

ü     9-ذو الحجة: أغلق النبي (صلى الله عليه وآله) الأبواب إلى مسجده إلا باب علي بن أبي طالب (عليه السلام).

ü     9-ذو الحجة: يوم عرفة.

ü     10-ذو الحجة: عيد الأضحى المبارك.

ü     11-ذو الحجة: أول أيام التشريق.

 

ü     18-ذو الحجة: عيد الغدير الأغر، يوم تنصيب أمير المؤمنين (عليه السلام) وأخذ البيعة له من الناس مِن قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمحضر أكثر من مائة ألف مسلم جمعهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في غدير خم سنة 10 هـ بعد حجة الوداع وفيها نعى إليهم نفسه الشريفة.

 

شارك الاستفتاء

حديث الإمام السجَّاد (عليه السلام) مع الشبلي في أسرار الحج([1])

 

          لمّا رجع مولانا زين العابدين (عليه السلام) من الحجّ استقبله الشِبْلِيّ، فقال (عليه السلام) له: (حججت يا شبلي؟). قال: نعم، يا ابن رسول الله. فقال (عليه السلام): (أَنَزلْتَ الميقات وتجرّدت عن مخيط الثياب واغتسلت؟) قال: نعم، قال (عليه السلام): (فحين نزلت الميقات نويت أنّك خلعت ثوب المعصية، ولبست ثوب الطاعة؟) قال: لا، قال (عليه السلام): (فحين تجرّدت عن مخيط ثيابك نويت أنّك تجرّدت من الرياء والنفاق والدخول في الشبهات؟) قال: لا، قال (عليه السلام): (فحين اغتسلت نويت أنّك اغتسلت من الخطايا والذنوب؟) قال: لا، قال (عليه السلام): (فما نزلت الميقات، ولا تجرّدت عن مخيط الثياب، ولا اغتسلت)، ثم قال (عليه السلام): (تنظّفت وأحرمت وعقدت بالحج؟) قال: نعم، قال (عليه السلام): (فحين تنظّفت وأحرمت وعقدت الحجّ، نويت أنّك تنظّفت بنورة([2]) التوبة الخالصة لله تعالى؟) قال: لا، قال (عليه السلام): (فحين أحرمت نويت أنّك حرّمت على نفسك كلّ محرّم حرّمه الله عزّ وجلّ؟) قال: لا، قال (عليه السلام): (فحين عقدت الحجّ نويت أنّك قد حللت كلّ عقد لغير الله؟) قال: لا، قال (عليه السلام) له: (ما تنظّفت ولا أحرمت ولا عقدت الحج)، قال له (عليه السلام): (أدخلت الميقات وصلّيت ركعتي الإحرام ولبّيت؟) قال: نعم. قال (عليه السلام): (فحين دخلت الميقات نويت أنّك بنيّة الزيارة؟) قال: لا، قال (عليه السلام): (فحين صلّيت الركعتين نويت أنّك تقرّبت إلى الله بخير الأعمال من الصلاة، وأكبر حسنات العباد؟) قال: لا. قال (عليه السلام): (فحين لبّيت نويت أنك نطقت لله سبحانه بكلّ طاعة، وصمت عن كلّ معصية؟) قال: لا، قال (عليه السلام) له: (ما دخلت الميقات ولا صلّيت ولا لبّيت). ثم قال (عليه السلام): (أدخلت الحرم ورأيت الكعبة وصلّيت؟) قال: نعم، قال (عليه السلام): (فحين دخلت الحرم نويت أنّك حرّمت على نفسك كلّ غيبة تستغيبها المسلمين من أهل ملّة الإِسلام؟) قال: لا، قال (عليه السلام): (فحين وصلت مكّة نويت بقلبك أنّك قصدت الله؟) قال: لا، قال (عليه السلام): (فما دخلت الحرم ولا رأيت الكعبة ولا صلّيت)، ثم قال (عليه السلام): (طُفتَ بالبيت ومسست الأركان وسعيت؟) قال: نعم، قال (عليه السلام):(فحين سعيت نويت أنّك هربت إلى الله، وعرف منك ذلك علاّم الغيوب؟) قال: لا، قال (عليه السلام): (فما طفت بالبيت ولا مسست الأركان ولا سعيت)، ثم قال (عليه السلام) له: (صافحت الحجر ووقفت بمقام إبراهيم (عليه السلام) وصلّيت به ركعتين؟) قال: نعم، فصاح (عليه السلام) صيحة كاد يفارق الدنيا، ثم قال: (آه آه)، ثم قال (عليه السلام): (من صافح الحجر الأسود، فقد صافح الله تعالى، فانظر يا مسكين، لا تضيّع أجر ما عظم حرمته، وتنقض المصافحة بالمخالفة، وقبض الحرام نظير أهل الآثام)، ثم قال (عليه السلام): (نويت حين وقفت عند مقام إبراهيم (عليه السلام) أنّك وقفت على كلّ طاعة، وتخلّفت عن كلّ معصية؟) قال: لا، قال (عليه السلام): (فحين صلّيت فيه ركعتين نويت أنّك صلّيت بصلاة إبراهيم (عليه السلام) وأرغمت بصلاتك أنف الشيطان؟) قال: لا، قال (عليه السلام) له: (فما صافحت الحجر الأسود ولا وقفت عند المقام ولا صلّيت فيه ركعتين)، ثم قال (عليه السلام) له: (أَشْرَفْتَ على بئر زمزم، وشربت من مائها؟) قال: نعم. قال (عليه السلام): (نويت([3]) أنّك أشرفت على الطاعة، وغضضت طرفك عن المعصية؟) قال: لا، قال (عليه السلام): (فما أشرفت عليها ولا شربت من مائها)، ثم قال (عليه السلام) له: (أَسَعَيْتَ بين الصفا والمروة، ومشيت وتردّدت بينهما؟) قال: نعم، قال (عليه السلام) له: (نويت أنّك بين الرجاء والخوف؟) قال: لا، قال (عليه السلام):(فما سعيت ولا مشيت، ولا تردّدت بين الصفا والمروة)، ثم قال (عليه السلام): (أَخَرَجْتَ إلى منى؟) قال: نعم، قال (عليه السلام): (نويت أنك آمنت الناس من لسانك وقلبك ويدك؟) قال: لا، قال (عليه السلام): (فما خرجت إلى منى)، ثم قال (عليه السلام) له: (أوقفت الوقفة بعرفة، وطلعت جبل الرحمة، وعرفت وادي نمرة، ودعوت الله سبحانه عند الميل والجمرات؟) قال: نعم. قال (عليه السلام): (هل عرفت بموقفك بعرفة معرفة الله سبحانه أمر المعارف والعلوم، وعرفت قبض الله على صحيفتك واطّلاعه على سريرتك وقلبك؟) قال: لا، قال (عليه السلام): (نويت بطلوعك جبل الرحمة أنّ الله يرحم كلّ مؤمن ومؤمنة، ويتولّى كلّ مسلم ومسلمة؟) قال: لا، قال (عليه السلام): (فنويت عند نمرة أنّك لا تأمر حتّى تأتمر، ولا تزجر حتّى تنزجر؟) قال: لا، قال (عليه السلام): (فعندما وقفت عند العَلَم والنمرات، نويت أنّها شاهدة لك على الطاعات، حافظة لك مع الحفظة بأمر ربّ السماوات؟) قال: لا، قال (عليه السلام): (فما وقفت بعرفة، ولا طلعت جبل الرحمة، ولا عرفت نمرة، ولا دعوت ولا وقفت عند النمرات)، ثم قال (عليه السلام): (مررت بين العلمين، وصلّيت قبل مرورك ركعتين، ومشيت بمزدلفة ولقطت فيها الحصى، ومررت بالمشعر الحرام؟) قال: نعم، قال (عليه السلام): (فحين صلّيت ركعتين نويت أنّها صلاة شكر في ليلة عشر تنفي كلّ عسر وتيّسر كلّ يسر؟) قال: لا، قال (عليه السلام):(فعندما مشيت بين العلمين ولم تعدل عنهما يميناً وشمالاً، نويت ألاّ تعدل عن دين الحقّ يميناً وشمالاً لا بقلبك، ولا بلسانك، ولا بجوارحك؟) قال: لا، قال (عليه السلام): (فعندما مشيت بمزدلفة ولقطت منها الحصى نويت أنّك رفعت عنك كلّ معصية وجهل، وثبّتَّ كلّ علم وعمل؟) قال: لا، قال (عليه السلام): (فعندما مررت بالمشعر الحرام نويت أنّك أشعرت قلبك إشعار أهل التقوى والخوف لله عزّ وجلّ؟) قال: لا، قال (عليه السلام): (فما مررت بالعلمين، ولا صلّيت ركعتين، ولا مشيت بالمزدلفة، ولا رفعت منها الحصى، ولا مررت بالمشعر الحرام)، ثم قال (عليه السلام) له: (وصلت منى ورميت الجمرة، وحلقت رأسك، وذبحت هديك، وصلّيت في مسجد الخيف، ورجعت إلى مكّة، وطفت طواف الإفاضة؟) قال: نعم، قال (عليه السلام): (فنويت عندما وصلت منى ورميت الجمار أنّك بلغت إلى مطلبك، وقد قضى ربّك لك كلّ حاجتك؟) قال: لا، قال (عليه السلام): (فعندما رميت الجمار نويت أنّك رميت عدوّك ابليس وغضبته بتمام حجّك النفيس؟) قال: لا، قال (عليه السلام): (فعندما حلقت رأسك نويت أنّك تطهّرت من الأدناس ومن تبعة بني آدم، وخرجت من الذنوب كما ولدتك أُمّك؟) قال: لا، قال (عليه السلام): (فعندما صلّيت في مسجد الخيف نويت أنّك لا تخاف إلاّ الله عزّ وجلّ وذنبك، ولا ترجو إلاّ رحمة الله تعالى؟) قال: لا، قال (عليه السلام): (فعندما ذبحت هديك نويت أنّك ذبحت حنجرة الطمع بما تمسّكت به من حقيقة الورع، وأنك اتّبعت سنّة إبراهيم (عليه السلام) بذبح ولده وثمرة فؤاده وريحان قلبه، وحاجه([4]) سنّته لمن بعده، وقرّبه إلى الله تعالى لمن خلقه؟) قال: لا. قال (عليه السلام): (فعندما رجعت إلى مكّة وطفت طواف الإفاضة نويت أنّك أفضت من رحمة الله تعالى ورجعت إلى طاعته، وتمسّكت بودّه، وأدّيت فرائضه، وتقرّبت إلى الله تعالى؟) قال: لا، قال له زين العابدين (عليه السلام): (فما وصلت منى، ولا رميت الجمار، ولا حلقت رأسك، ولا أدّيت نسكك، ولا صلّيت في مسجد الخيف، ولا طفت طواف الإفاضة، ولا تقرّبت، ارجع فإنّك لم تحجّ).

          فطفق الشبلي يبكي على ما فرّطه في حجّه، وما زال يتعلّم حتّى حجّ من قابل بمعرفة ويقين.

 



([1]) مستدرك الوسائل 10: 166ـ172، نقلاً عن كتاب شرح النخبة.

([2]) في نسخة: بنور

([3]) في نسخة: أنويت.

([4]) ربما تكون (وأحييت)

شارك الاستفتاء

دروس وعبر من مناسك الحج

 

          إن مناسك الحج حافلة بالمواعظ والعبر والدروس المعنوية لمن تأمل فيها؛ ابتداءً من استعداده للسفر وتحضيره لمستلزماته وجوازه فيتذكر هل حصّل جواز مروره على الصراط وهل حصّن نفسه وقلبه من الرذائل المعنوية كما اصطحب شهادة للتطعيم ضد الأوبئة وهل حضّر زاده للآخرة بالتقوى [فَإنَّ خَيرَ الزَادِ التَقوَى] كما حضّر أمتعته لسفره مهما طالت مدّته فإنها لا تتجاوز أياماً معدودة أما الموت فهو سفر إلى حياته الدائمة.

          ويتذكر برفقاء السفر قرناءه في القبر فالرفيق المريح المؤنس هو كالعمل الصالح القرين لصاحبه في القبر والرفيق المشاكس المتعب كالعمل السيئ [وَقَيّضنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ] [فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ] وهذا لمجرد التذكرة وإلا فالفرق شاسع.

          ثم يذكر نعمة ربّه عليه إذ سخّر له من الآلات ما تطوي به المسافات البعيدة دون عناء فيكرر قوله تعالى كلما ركب وسائط النقل [سُبحَانَ الذِي سَخَّرَ لَنَا هّذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرِنِينَ].

          وحينما يفارق أهله ووطنه ومحل عمله ونمط حياته الذي تعوّده يتذكر غربته بعد الموت ومفارقته لمالِه وأحبته الذين أفنى عمره لخدمتهم ولم يصحبه إلا عمله.

          وحينما يتجرد عن ملابسه ويرتدي ثوبي الإحرام يستشعر ذهابه إلى ربه وحيداً فريداً [وَلَقَدْ جِئتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكتُمْ مَا خَوَّلنَاكُمْ وَرآءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ الذِينَ زَعَمتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ] مؤتزراً كفنه فقط، وأن يفهم من الإحرام تخلّيه وتوبته عن سيرته السابقة وبدء صفحة جديدة بيضاء من العمل لا يملؤها إلا بما هو صالح.

          وحينما يطوف حول بيت ربه يعلّم نفسه كيف يجعل الله تبارك وتعالى هدفاً في كل تفاصيل حياته ومحوراً لكل أعماله، ثم يصلي لربه فلا يعبد إلا الله ولا يسجد إلا لله ولا يطيع إلا الله ولا يخضع إلا لله، فإذا فعل ذلك كفاه الله حقارة وذل وطاعة غيره والخنوع والعبودية للمخلوقين.

          وحينما يجلس وسط المسجد الحرام وفي قبالة بيته يستشعر الهيبة والجلالة لخالقه العظيم وامتنانه وشكره لجليل نعمه وجميل صنعه ويستشعر الحياء من التقصير في حق طاعته والهمّة والعزيمة في التغيير نحو علاقة أفضل مع ربه.

          وهكذا يسترسل في هذه الأجواء والمعاني القدسية في سعيه بين الصفا والمروة ووقوفه في عرفات والمشعر الحرام ومبيته في منى وذبحه للهدي وحلقه لرأسه حتى إذا وقف لرمي الجمرات أخذه الحماس لرمي النفس الأمّارة بالسوء بسهام الورع والتقوى والشوق إلى رضوان الله تبارك وتعالى ورمي شياطين الإنس وطواغيت الأرض وأولياء الشيطان بسهام الإخلاص لله تبارك وتعالى والالتزام بشريعته الكاملة وعدم الانخداع بالمغريات أو الخوف ونحوها من الوسائل البالية لشياطين الإنس والجن.

          ولو شاهدتم معي منظر المسلمين من شتى دول العالم على اختلاف جنسياتهم وألوانهم ولغاتهم يسعون بصوت واحد في كتائب وألوية ومجاميع وترتفع أمامهم أعلامهم وراياتهم متوجهين جميعاً نحو الجمرات ليرجموا الشياطين التي تبدو عاجزة ساكنة جامدة متحجرة لا تملك أن تدفع عن نفسها ويرجع الجميع مزهوّين بالانتصار وإصابة الشياطين لرأيتم منظراً مهيباً مهولاً وكم تمنيت لو أن هذه الملايين توحدت بهذه الهيئة وبهذا الحماس والاندفاع لترفض طواغيت الأرض والقوى المستكبرة لاستطاعت أن تهزمها بدون سلاح ولا تحتاج أزيد من هذه الحجارة ولكن عليها أن ترجم أهواء النفس الأمّارة بالسوء قبل ذلك فإنّ النصر على الأعداء لا يتحقق إلا بعد الانتصار في ميدان الجهاد الأكبر داخل النفس مع جنود الشياطين.

          وهناك على صعيد منى وداخل الحرم المكي الشريف وفي كل زمان ومكان تعيش الأمل والأمنيات السعيدة يوم العيد الأكبر حينما يأذن الله تبارك وتعالى لوليّه الأعظم بالظهور فيوحّد هذه الجموع ويقودها نحو الخير والسعادة ويحكم بالقسط والعدل؛ لذلك أكثِروا من الدعاء له (أرواحنا له الفداء) بالحفظ والتأييد والنصر وتعجيل الفرج.

          وحينما تتجول في مكة ستجد في كل مكان ذكرى الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ومَعلَماً من معالم الإسلام التي لها مكان شامخ في قلوب أهله؛ فهنا ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهنا عاش في كنف جده عبد المطلب وعمه أبي طالب، وبين هذه الأزقّة كان يتردد، وفي هذا الغار الذي يسمو عالياً ويطلّ على الإنسانية كلها كان يتعبد، وفي هذا الشِعب حاصرته قريش مع عمه وزوجته وأصحابه عدة سنين عاشوا فيها سنوات محنة، وهنا كان بيت الزوجية السعيدة المثالية التي قضاها مع أم المؤمنين خديجة، هذه الأرض وفي ثرى هذه البقعة الطاهرة (الحُجُون) دفنت أجساد جده وعمه وأمه وزوجته، ومن هنا انطلق نور الإسلام ليضيء للبشرية طريق السعادة والكمال، وهذا هو البيت العتيق الذي جعله الله مثابةً وأمناً يتوجه إليه المسلمون من كل أصقاع الأرض.

          هذه هي مكة ومعالمها التي اغتصب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) منها قلبه ونفسه وروحه غصباً وهو يغادرها إلى ارض الهجرة (المدينة المنورة) بأمر الله تبارك وتعالى فمضى (صلى الله عليه وآله) وهو يلتفت إلى الوراء ليملأ ناظريه من الأرض المقدسة حيث يتوسطها أول بيت وضع للناس وودع فيها ذكريات الأهل والأحبة وسنوات الجهاد والدعوة إلى الله تبارك وتعالى والعبادة المخلصة له وأشفقَ على قلبه الربُّ الرؤوف الرحيم فطيَّب قلبه بكلمات نزل بها الروح الأمين [إنَّ الذِي فَرَضَ عَلَيكَ القُرآنَ لَرَادُّكَ إلى مَعَادٍ] وصدق الله وعده فأعاد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى مكة فاتحاً منتصراً بعد ثمان سنوات.

          وتقطع الطريق من مكة إلى المدينة وهي تزيد على أربعمائة كيلومتراً فتتذكر معاناة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه كيف قطعوها ورجال قريش الأشداء تلاحقهم وتبحث عنهم وهم قلّة مستضعفون حتى أنجاهم الله تبارك وتعالى.

          وفي المدينة حيث المسجد النبوي الشريف الذي شهد مقرّ أعظم قيادة عرفتها الإنسانية وأكملها وأنبلها وأشرفها ومنها أقام دولته المباركة التي ما لبثت أن أشرقت بنورها على الأرض كلها وتقف عند مرقد الرسول العظيم (صلى الله عليه وآله وسلم) وستشعر أنك أمام قائدك ونبيك الذي تعرض عليه أعمال الأمة كلها أسبوعياً مرة أو مرتين [وَقُلِ اعمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالمُؤمِنُونَ] وحينئذٍ يستحضر المسلم كل سجل أعماله ليصلح السيئ منها ويطلب القبول والزيادة من الصالح ببركة أحب الخلق إلى الله تبارك وتعالى، وقريباً من المرقد الشريف بيت علي وفاطمة (عليهما السلام) الذي أذن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ببقاء بابه مشرعة إلى المسجد وسدّ كل الأبواب إلا هي وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يستأذن للدخول عليها وتتذكر ما جرى على هذا البيت وأهله بعد رحيله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم تزور الأئمة الهداة المظلومين في البقيع وقبور عظماء الإسلام وأبنائه البررة الذين اختارهم الله تعالى من دون الأجيال ليكونوا الطليعة الرسالية التي تحملت أعباء تأسيس بناء الإسلام الشامخ.

          وتتجول في معالم مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فهذا مسجد قبا الذي صلى فيه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أول وصوله إلى المدينة بعد هجرته من مكة، وهذا مسجد القبلتين الذي كان يصلي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيه إلى القبلة الأولى بيت المقدس فنزل عليه الروح الأمين بأمر الله تبارك وتعالى بالتحول إلى الكعبة فاستدار وأتم صلاته، وهذه بقية المساجد، وهذه آثار الخندق الذي حفره النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه حول المدينة لحمايتها من هجمة قريش الظالمة، وهناك في أحُد رقدَ سبعون شهيداً يتقدمهم حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير ونظراؤهم من خيرة أبناء الإسلام فقدَهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في معركة أحد نتيجة عصيان بعض أصحابه وميلهم إلى الدنيا فحولوا النصر إلى خسارة، وهذا هو جبل أحد الذي استدار حوله خالد بن الوليد بمن معه من المشركين لينقضّ على جيش النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فخاطبه بعد مدة وكان عائداً إلى المدينة (أُحُدٌ: جَبلٌ يُحِبُّنا ونُحِبُّه) حيث استودع في ظله تلك الثلة الطاهرة.

          أكتبُ هذه الكلمات ولا أصدق أن سنة كاملة([1]) مرّت على تلك الأيام وكيف طابت نفوس المؤمنين بمغادرة تلك المشاهد المشرفة وكم أَهلُّوا من الدموع وقذفوا الزفرات والآهات من أعماقهم وهم يلقون نظرات الوداع عليه وها نحن نتجرع مرارة الفراق ويعتصر قلوبنا الألم حتى يأذن الله تبارك وتعالى لنا بالعودة إليها أو يقبضنا إليه راضين مرضيين إنه ولي كل نعمة وصاحب كل حسنة وهو أرحم الراحمين.

 



([1]) كتبت هذه الكلمات قبيل موسم الحج عام 1425.

شارك الاستفتاء

دعاء الإمام زين العابدين (عليه السلام) يوم عرفة

            اَلحَمدُ للهِ رَبِّ العالَمينَ، اَللّهُمَّ لَكَ الحَمدُ بَديعَ السَّماواتِ وَالأرضِ ذَا الجَلالِ والاِكرامِ، رَبِّ الأَربابِ، وَإِلهَ كُلِّ مَألُوه، وَخالِقَ كُلِّ مَخلُوق، وَوارِثَ كُلِّ شَيءٍ، لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ، وَلا يَعزُبُ عَنهُ شَيء، وَهُوَ بِكُلِّ شَيء مُحيطٌ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شِيء رَقيبُ.

          أَنتَ اللهُ لا إِلهَ اِلاّ اَنتَ الاَحَدُ المُتَوَحِّدُ الفَردُ المُتَفَرِّدُ، وَأَنتَ اللهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنتَ الكَريمُ المُتَكَرِّمُ العَظيمُ المُتَعَظِّمُ الكَبيرُ المُتَكَبِّرُ، أَنتَ اللهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنتَ العَلِيُّ المُتَعالِ الشَّديدُ الِمحالِ، أَنتَ اللهُ لا إِلهَ إِلاّ اَنتَ الرَّحمنُ الرَّحيمُ العَليمُ الحَكيمُ، أَنتَ اللهُ لا إِلهَ اِلاّ اَنتَ السَّميعُ البَصيرُ القَديمُ العَليمُ الحَكيمُ، أَنتَ اللهُ لا إِلهَ اِلاّ اَنتَ السَّميعُ البَصيرُ القَديمُ الخَبيرُ، أَنتَ اللهُ لا إِلهَ اِلاّ اَنتَ الكَريمُ الاَكرَمُ الدّائمُ الادوَمُ، أَنتَ اللهُ لا إِلهَ اِلاّ اَنتَ الاوَّلُ قَبلَ كُلِّ أَحَد وَالآخِرُ بَعدَ كُلِّ عَدَد، أَنتَ اللهُ لا إِلهَ اِلاّ اَنتَ الدّاني في عُلُوِّهِ وَالعالي في دُنُوِّهِ، أَنتَ اللهُ لا إِلهَ اِلاّ اَنتَ ذُو البَهاءِ وَالَمجدِ وَالكِبرياءِ وَالحَمدِ. أَنتَ اللهُ لا إِلهَ اِلاّ اَنتَ الَّذي اَنشَأتَ الأشياءَ مَن غَيرِ سِنخ، وَصَوَّرتَ ما صَوَّرتَ مِن غَيرِ مِثال، وَابتَدَعتَ المُبتَدَعاتِ بِلا احتِذاء. أَنتَ الَّذي قَدَّرتَ كُلَّ شَيء تَقديراً، وَيَسَّرتَ كُلَّ شَيء تَيسيراً، وَدَبَّرتَ ما دُونَكَ تَدبيراً. اَنتَ الَّذي لَم يُعِنكَ عَلى خَلقِكَ شَريكٌ، وَلَم يُوازِكَ في أَمرِكَ وَزيرٌ، وَلَم يَكُن لَكَ مُشابِهٌ وَلا نَظيرٌ. أَنتَ الَّذي اَرَدتَ فَكانَ حَتماً ما اَرَدتَ وَقَضَيتَ فَكانَ عَدلاً ما قَضَيتَ، وَحَكمتَ فَكانَ نِصَْفاً ما حَكَمتَ. أَنتَ الَّذي لا يَحويكَ مَكانٌ، وَلَم يَقُم لِسُلطانِكَ سُلطانٌ، وَلَم يُعيِكَ بُرهانٌ وَلا بَيانٌ. أَنتَ الَّذي اَحصَيتَ كُلَّ شَيء عَدَداً، وَجَعَلتَ لِكُلِّ شَيء أَمَداً، وَقَدَّرتَ كُلَّ شَيء تَقديراً. أَنتَ الَّذي قَصُرَتْ الأوهامُ عن ذَاتِيَّتكَ، وعَجَزَتِ الأفهَامُ عَن كَيفِيَّتِكَ، وَلَك تُدرِكِ الأَبصارُ مَوضِعَ أَينِيَّتِكَ. أَنتَ الَّذي لا تُحَدُّ فَتَكُونَ مَحدُوداً، وَلَم تُمَثَّلْ فَتَكُونَ مَوجُوداً، وَلَم تَلِد فَتَكُونَ مَولُوداً أَنتَ الَّذي لا ضِدَّ مَعَكَ فَيُعانِدَكَ، وَلا عِدلَ لَكَ فَيُكاثِرَكَ، وَلا نِدَّ لَكَ فَيُعارِضَكَ. أَنتَ الَّذي ابتَدَأ وَاختَرَعَ وَاستَحدَثَ وَابتَدَعَ وَأَحسَنَ صُنعَ ما صَنَعَ.

          سُبحانَكَ ما اَجَلَّ شَأنَكَ، وَأَسنى في الاَماكِنِ مَكانَكَ، وَاَصدَعَ بِالحَقِّ فُرقانَكَ. سُبحانَكَ مِن لَطيف ما أَلطَفَكَ، وَرَؤُوف ما أَرأَفَكَ، وَحَكيمٍ ما أَعرَفَكَ. سُبحانَكَ مِن مَليكٍ ما أَمنَعَكَ، وَجَوادٍ ما أَوسَعَكَ، وَرَفيعٍ ما اَرفَعَكَ، ذُو البَهاءِ وَالَمجدِ وَالكِبرياءِ وَالحَمدِ. سُبحانَكَ بَسَطتَ بِالخَيراتِ يَدَكَ، وَعُرِفَتِ الهِدايَةُ مِن عِندِكَ، فَمَنِ الَتمَسَكَ لِدينٍ اَو دُنياً وَجَدَكَ. سُبحانَكَ خَضَعَ لَكَ مَن جَرى في عِلمِكَ، وَخَشَعَ لِعَظَمَتِكَ ما دُونَ عَرشِكَ، وَانقادَ لِلتَسليمِ لَكَ كُلُّ خَلقِكَ. سُبحانَكَ لا تُحَسُّ وَلا تُجَسُّ وَلا تُمَسُّ وَلا تُكادُ وَلا تُماطُ (وَلا تُحاطُ) وَلا تُنازَعُ وَلا تُجارى وَلا تُمارى وَلا تخادَعُ وَلا تُماكَرُ. سُبحانَكَ سَبيلُكَ جَدَدٌ وَأَمرُكَ رَشَدٌ وَأَنتَ حَيُّ صَمَدٌ. سُبحانَكَ قَولُكَ حُكمٌ، وَقَضاؤُكَ حَتمٌ، وَاِرادَتُكَ عَزمٌ. سُبحانَكَ لا رادَّ لِمشِيَّتِكَ، وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِكَ. سُبحانَكَ باهِرَ الآياتِ، فاطِرَ السَّماواتِ، بارِئَ النَّسمَاتِ.

          لَكَ الحَمدُ حَمداً يَدُومُ بِدَوامِكَ، وَلَكَ الحَمدُ حَمداً خالِداً بِنعمَتِكَ، وَلَكَ الحَمدُ حَمداً يُوازي صُنعَكَ، وَلَكَ الحَمدُ حَمداً يَزيدُ عَلى رِضاكَ، وَلَكَ الحَمدُ حَمداً مَعَ حَمدِ كُلِّ حامِد، وَشُكراً يَقصُرُ عَنهُ شُكرُ كُلِّ شاكِر، حَمداً لا يَنبَغي إلا لَكَ وَلا يُتَقَرَبُ بِهِ اِلاّ إِلَيكَ، حَمداً يُستَدامُ بِه الأِوَّلُ وَيُستَدعى بِه دَوامُ الآخِرِ، حَمداً يَتَضاعَفُ عَلى كُرُورِ الاَزمِنَةِ وَيَتَزايَدُ اَضعافاً مُتَرادِفَةً، حَمداً يَعجِزُ عَنْ اِحصائِهِ الحَفَظَةُ وَيَزيدُ عَلى ما اَحصَيتَ في كِتابِكَ الكَتَبَةُ، حَمداً يُوازِنُ عَرشَكَ الَمجيدَ وَيُعادِلُ كُرسِيَّكَ الرَّفيعَ، حَمداً يَكمُلُ لَدَيكَ ثَوابُهُ وَيَستَغرِقُ كُلَّ جَزاءٍ جَزاءُهُ، حَمداً ظاهِرُهُ وِفقٌ لِباطِنهِ وَباطِنُهُ وَفَقٌ لِصدقِ النِيَّةِ به، حَمداً لَم يَحمَدكَ خَلقٌ مِثلَهُ وَلا يَعرِفُ أَحدٌ سِواكَ فَضلَهُ، حَمداً يُعانُ مَنِ اجتَهَدَ في تَعديدِهِ وَيُؤَيَّدُ مَن أَغرَقَ نَزعاً في تَوفِيَتِهِ، حَمداً يَجمَعُ ما خَلَقتَ مِنَ الحَمدِ وَيَنتَظِمُ ما أَنتَ خالِقُهُ مِن بَعدُ، حَمداً لا حَمدَ أَقرَبُ إِلى قَولِكَ مِنهُُ وَلا اَحمَدَ مِمَّن يَحمَدُكَ بِه، حَمداً يُوجِبُ بِكَرَمِكَ المَزيدَ بِوُفُورِهِ وَتَصِلُهُ بِمَزيدٍ بَعدَ مَزيدٍ طَولاً مِنكَ، حَمداً يَجِبُ لِكَرَمِ وَجهِكَ وَيُقابِلُ عِزّ جَلالِكَ.

          رَبِّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد المُنتَجَبِ المُصطفَى المُكَرَّمِ المُقَرَبِ أَفضَلَ صَلَواتِكَ، وَبارِك عَلَيهِ أَتَمَّ بَرَكاتِكَ، وَتَرَحَّم عَلَيهِ أمتَعَ رَحَماتِكَ. رِبِّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِه صَلاةً زاكِيَةً لا تَكُونُ صَلاةٌ أَزكى مِنها، وَصَلِّ عَلَيهِ صَلاةً نامِيَةً لا تَكُونُ صَلاةٌ أَنمى مِنها، وَصَلِّ عَلَيهِ صَلاةً راضِيَةً لا تَكُونُ صَلاةٌ فَوقَها. رَبِّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ صَلاةً تُرضيهِ وَتَزيدُ عَلى رِضاهُ، وَصَلِّ عَلَيهِ صَلاةً تُرضيكَ وَتَزيدُ عَلى رِضاكَ لَهُ، وَصَلِّ عَلَيهِ صَلاةً لا تَرضى لَهُ إِلاّ بِها وَلا تَرى غَيرَهُ لَها أَهلاً. رَبِّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِه صَلاةً تُجاوِزُ رِضوانَكَ، وَيَتَّصِلُ اِتّصالُها بِبَقائِكَ، وَلا تَنفَدُ كَما لا تَنفَدُ كَلِماتُكَ رَبِّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ صَلاةً تَنتَظِمُ صَلَواتِ مَلائِكَتِكَ وَاَنبِيائِكَ وَرُسُلِكَ وَاَهلِ طاعَتِكَ، وَتَشتَمِلُ عَلى صَلَواتِ عِبادِكَ مِن جِنِّكَ وَاِنسِكَ وَأهلِ اِجابَتِكَ، وَتَجتَمِعُ عَلى صَلاةِ كُلِّ مَن ذَرَأتَ وَبَرَأتَ مِن اَصنافِ خَلقِكَ. رَبِّ صَلِّ عَليهِ وآلِهِ صَلاةً تُحيطُ بِكُلِّ صَلاةٍ سالِفَةٍ وَمُستأنَفَةٍ، وَصَلِّ عَلَيهِ وَعَلى آلِه صَلاةً مَرضِيَّةً لَكَ وَلِمَن دُونَكَ، وَتُنشِئُ مَعَ ذلِكَ صَلَواتٍ تُضاعِفُ مَعَها تِلكَ الصَّلَواتِ عِندَها وَتَزيدُها عَلى كُروُرِ الاَيّامِ زِيادَةً في تَضاعيفَ لا يَعُدُّها غَيرُكَ. رَبِّ صَلِّ عَلى أَطائِبِ أَهلِ بَيتِهِ الَّذينَ اختَرتَهُم لاِمرِكَ، وَجَعَلتَهُم خَزَنَةَ عِلمِكَ، وَحَفَظَةَ دينِكَ، وَخُلَفاءَكَ في اَرضِكَ، وَحُجَجَكَ عَلى عِبادِكَ، وَطَهَّرتَهُم مِنَ الرِّجسِ وَالدَّنَسِ تَطهيراً بِاِرادَتِكَ، وَجَعَلتَهُمُ الوَسيلَةَ إِلَيكَ وَالمَسلَكَ إِلى جَنَّتِكَ. رَبِّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ صَلاةً تُجزِلُ لَهُم بِها مِن نِحَلِكَ وَكَرامَتِكَ، وَتُكمِلُ لَهُمُ الأشياءَ مِن عطاياكَ وَنَوافِلِكَ، وَتُوَفِّرُ عَلَيهِمُ الحَظَّ مِن عَوائِدِكَ وَفَوائِدِكَ. رَبِّ صَلِّ عَلَيهِ وَعَلَيهِم صَلاةً لا أَمَدَ في أَوَّلِها، وَلا غايَةَ لأمَدِها، وَلا نِهايَةَ لآخِرِها. رَبِّ صَلِّ عَلَيهم زِنَةَ عَرشِكَ وَما دُونَهُ، وَمِلءَ سَماواتِكَ وَما فَوقَهُنَّ، وَعَدَدَ أَرضِكَ وَما تَحتَهُنَّ وَما بَينَهُنَّ، صَلاةً تُقَرِّبُهُم مِنكَ زُلفىً وَتَكُونُ لَكَ وَلَهُم رِضاًً ومُتَّصِلَةٌ بِنَظائِرهِنَّ أَبَداً.

          اَللّهُمَّ إِنَّكَ أَيَّدتَ دِينَكَ في كُلِّ أَوانٍ بِإمِام اَقَمتَهُ عَلَماً لِعِبادِكَ وَمَناراً في بِلادِكَ، بَعدَ اَن وَصَلتَ حَبلَهُ بِحَبلِكَ، وَجَعَلتَهُ الذَّريعَةَ إِلى رِضوانِكَ، وَافتَرَضتَ طاعَتَهُ وَحَذَّرتَ مَعصِيَتَهُ، وَاَمَرتَ بِامتِثالِ أَمرِهِ وَالاِنتهاءِ عِندَ نَهيهِ، وَاَن لا يَتَقَدَّمُه مُتَقَدِّمٌ، وَلا يَتَأخَّرَ عَنهُ مُتَأخِّرٌ، فَهُوَ عِصمَةُ اللاّئِذينَ، وَكَهفُ المُؤمِنينَ، وَعُروَةُ المُتَمَسِّكينَ وَبهاءُ العالَمينَ.

          اَللّهُمَّ فَأوزِع لِولِّيكَ شُكرَ ما أَنعَمْتَ بِهِ عَلَيهِ، وَأَوزِعنا مِثلَهُ فِيهِ، وَآتِه مِن لَدُنكَ سُلطاناً نَصيراً وَافتَح لَهُ فَتحاً يَسيراً، وَاَعِنهُ بِرُكنِكَ الاَعَزِّ، وَاشدُد أَزرَهُ، وَقَوِّ عَضُدَهُ، وَراعِهِ بِعَينِكَ وَاحمِهِ بِحِفظِكَ، وَانصُرهُ بِمَلائِكَتِكَ، وَامدُدهُ بِجُهدِكَ الاَغلِبِ، وَأَقِم بِهِ كِتابَكَ وَحُدُودَكَ وَشرائِعَكَ، وَسُنَنَ رَسُولِكَ صَلَواتُكَ اَللّهُمَّ عَلَيهِ وَآلِهِ، وَأَحيي بِه ما أَماتَهُ الظّالِمونَ مِن مَعالِمِ دِينِكَ، وَأجلُ بِهِ صَداءَ الجَورِ عَن طَريقَكَ، وَاَبن بِه الضَّرَّاءَ مِن سَبيلِكَ وَأَزِلْ بِهِ النّاكِبينَ عَن صِراطِكَ، وَامحَق بِهِ بُغاةَ قَصدِكَ عِوَجاً، وَأَلِن جانِبَهُ لأوليائِكَ، وَابسُط يَدَهُ عَلى اَعدائِكَ، وَهَب لَنا رَأفَتَهُ وَرَحمَتَهُ وَتَعَطُّفَهُ وَتَحَنُّنَهُ وَاجعَلنا لَهُ سامِعينَ مُطيعينَ، وَفي رِضاهُ ساعِينَ، وَإلى نُصرَتِهِ وَالمُدافَعَةِ عَنهُ مُكنِفينَ، وَاِلَيكَ وَاِلى رِسُولِكَ صَلَواتُكَ اَللّهُمَّ عَلَيهِ وَآلِهِ بِذلِكَ مُتَقَرِّبينَ.

          اَللّهُمَّ وَصَلِّ عَلى أَولِيائِهِمُ، المُعتَرِفينَ بِمَقامِهِمُ، المُتَّبِعينَ مَنهَجَهُمُ، المُقتَفِينَ آثارَهُمُ المُستَمسِكينَ بِعُروَتِهُمُ المُتَمسِّكينَ بِوِلايَتَهُمُ، المُؤتَمّينَ بِاِمامَتِهُمُ، المُسّلِّمينَ لأمرِهُمُ، الُمجتَهِدينَ في طاعَتِهِمُ، المُنتَظِرينَ اَيّامَهُمُ، المادّينَ إِلَيهِم اَعيُنَهُم، الصَّلَواتِ المُبارَكاتِ الزّاكِياتِ النّامِياتِ الغادِياتِ الرّائِحاتِ وَسَلِّم عَلَيهِم وَعَلى أَرواحِهِم، وَاجمَع عَلى التَّقوى أَمرَهُم، وَأَصلِح لَهُ شُؤُونَهُم وَتُب عَلَيهِم إِنَكَ أَنتَ التَّوابُ الرَّحيمُ، وَخَيرُ الغافِرينَ، وَاجعَلنا مَعَهُم في دارِ السَّلامِ، بِرَحمَتِكَ يا اَرحَمَ الرّاحِمينَ.

          اَللّهُمَّ هذا يَومُ عَرَفَةَ، يَومٌ شَرَّفتَهُ وَكَرَّمتَهُ وَعَظَّمتَهُ، نَشَرتَ فِيه رَحمَتَكَ، وَمَنَنتَ فيهِ بِعَفْوِكَ وَأَجْزَلتَ فيهِ عَطِيَّتَكَ، وَتَفَضَّلتَ بِهِ عَلى عِبادِكَ. اَللّهُمَّ وَأَنا عَبدُكَ الَّذي أَنعَمتَ عَلَيهِ قَبلَ خَلقِكَ لَهُ وَبَعدَ خَلقِكَ إِيّاهُ، فَجَعلتَهُ مِمَّن هَدَيتَهُ لِدينِكَ، وَوَفَّقتَهُ لِحَقِّكَ، وَعَصَمتَهُ بِحَبلِكَ، وَأَدخَلْتَهُ في حِزبِكَ، وَأرشَدتَهُ لِمُوالاةِ أَولِيائِكَ، وَمُعاداةِ أَعدائِكَ، ثُمَّ اَمرتَهُ فَلَم يَأتَمِر، وَزَجَرتَهُ فَلَم يَنزَجِر، وَنَهَيتَهُ عَن مَعصِيَتِكَ فَخالَفَ اَمرَكَ اِلى نَهيِكَ، لا مُعانَدَةً لَكَ وَلا استِكباراً عَلَيكَ، بَل دَعاهُ هَواهُ اِلى ما زَيَّلتَهُ وَاِلى ما حَذَّرتَهُ، وَاَعانَهُ عَلى ذلِكَ عَدُّوكَ وَعَدُوُّهُ، فَأقدَمَ عَلَيهِ عارِفاً بِوَعيدِكَ راجِياً لِعفوِكَ واثِقاً بِتَجاوُزِكَ، وَكانَ أَحَقَّ عِبادِكَ مَعَ ما مَنَنْتَ عَلَيهِ أَن لا يَفعَلَ، وَها أَنا ذا بَينَ يَدَيكَ صَاغِراً ذَليلاً خاضِعاً خاشِعاً خائِفاً مُعتَرِفاً بِعَظيم مِنَ الذُّنوبِ تَحَمَّلتُهُ وَجَليل مِنَ الخَطايا اجتَرَمتُهُ، مُستَجيراً بِصَفحِكَ، لائِذاً بِرَحمَتِكَ، مُوقِناً اَنَّهُ لا يُجيرُني مِنكَ مُجيرٌ، وَلا يَمنَعُني مِنكَ مانِعٌ، فَعُد عَلَيَّ بِما تَعُودُ بِه عَلى مَن أسرَفَ ( اقتَرَفَ) مِن تَغَمُّدِكَ، وَجُد عَلَيَّ بِما تَجُودُ بِه عَلى مَن أَلقى بِيَدِه إلَيكَ مِن عَفوِكَ، وَامنُن عَلَيَّ بِما لا يَتَعاظَمُكَ أَن تَمُنَّ بِه عَلى مَن أَمَّلَكَ مِن غُفرانِكَ، وَاجعَل لِي في هذا اليَومِ نَصيباً أَنالُ بِه حَظّاً مِن رِضوانِكَ، وَلا تَرُدَّني صِفراً مِمّا يَنقَلِبُ بِهِ المُتَعَبِّدُونَ لَكَ مِن عِبادِكَ، وَاِنّي وَاِن لَم أُقَدِّم ما قَدَّمُوهُ مِن الصّالِحاتِ فَقَد قَدَّمتُ تَوحيدَكَ وَنَفيَ الأضدادِ وَالأندادِ وَالأشباهِ عَنكَ، وَأَتَيتُكَ مِنَ الأَبوابِ الّتي اَمَرتَ أَن تُؤتى مِنها، وَتَقَرَّبتُ اِليكَ بِما لا يَقرُبُ أَحَدٌ مِنكَ إلاّ بِالتَّقَرُّبِ بِه، ثُمَّ اَتبعتُ ذلِكَ بِالإنابَةِ اِلَيكَ وَالتَّذَلُّلِ وَالاِستِكانَةِ لَكَ وَحُسنِ الظَّنِّ بِكَ وَالثِقَةِ بِما عِندَكَ، وَشَفَعتُهُ بِرَجائِكَ الَّذي قَلَّ ما يَخيبُ عَلَيهِ راجيكَ، وَسَألتُكَ مَسأَلَةَ الحَقيرِ الذّليلِ البائِسِ الفَقيرِ الخائِفِ المُستَجيرِ، وَمَعَ ذلِكَ خيفَةً وَتَضَرُّعاً وَتَعَوُذاً وَتَلَوُّذاً لا مُستَطيلاً بِتَكبُّرِ المُتَكَبِّرينَ، وَلا مُتَعالِياً بِدالَّةِ المُطيعينَ، وَلا مُستَطيلاً بِشَفاعَةِ الشّافِعينَ، وَأَنا بَعدُ أَقَلُّ الاَقَلِّينَ، وَاَذَلُّ الاَذَلِّينَ، وَمِثلُ الذَرَّةِ اَو دُونِها. فَيا مَن لَم يُعاجِلِ المُسيئينَ، وَلا يَندَهُ المُترَفينَ، وَيا مَن يَمُنُّ بِأِقالَةِ العاثِرينَ، وَيَتَفَضَّلُ بِإنظارِ الخاطِئينَ، اَنا المُسيءُ المُعتَرِفُ، المُذنِبُ المُقتَرِفُ، الخاطِئُ العاثِرُ، أَنا الَّذي أَقدَمَ عَلَيكَ مُجتَرِئاً، اَنا الَّذي هابَ عِبادَكَ وَاَمِنَكَ، أَنا الَّذي لَم يَرهَبْ سَطوَتَكَ، وَلَم يَخَفْ بَأسَكَ، أَنا الجاني عَلى نَفسِهِ، اَنا المُرتََهَنُ بِبَلِيَّتِهِ، أَنا القَليلُ الحَياءِ، اَنا الطَّويلُ العَناءِ.

 

          بِحَقِّ مَنِ انتَجَبتَ مِن خَلقِكَ، وَبِمَنِ اْصطَفَيتَهُ لِنفِسكَ، بِحَقِّ مَنِ اختَرتَ مِن بَرِيَّتِكَ، وَمَنِ اْجتَبَيتَ لِشَأنِكَ، بِحَقِّ مَن وَصَلتَ طاعَتَهُ بِطاعَتِكَ، وَمَنْ جَعَلتَ مَعصِيَتَهُ كَمَعصِيَتِكَ، بِحَقِّ مَن قَرَنْتَ مُوالاتَهُ بِمُوالاتِكَ، وَمَن نُطْتَ مُعاداتَهُ بِمُعاداتِكَ، تَغَمَّدْني في يَومي هذا بِما تَتَغَمَّدُ بِه مَن جَأرَ اِلَيكَ مُتَنَصِّلاً، وَعاذَ بِاستِغفارِكَ تائِباً، وَتَوَّلَّني بِما تَتَوَلى بِه اَهلَ طاعَتِكَ وَالزُّلفى لَدَيكَ وَالمَكانَةِ مِنكَ، وَتَوَحَّدني بِما تَتَوَحَّدُ بِه مَن وَفى بِعَهدِكَ، وَاَتعَبَ نَفسَهُ في ذاتِكَ، وَاَجهَدَها في مَرضاتِكَ، وَلا تُؤاخِذني بِتَفريطي في جَنبِكَ، وَتَعَدّي طَوري في حُدُودِكَ، وَمُجاوَزَةِ اَحكامِكَ، وَلا تَستَدرِجني بِإمِلائِكَ لِي اِستِدراجَ مَن مَنَعَني خَيرَ ما عِندَهُ وَلَم يَشرُكْكَ في حُلُولِ نِعمَتِهِ بي، وَنَبِّهني مِن رَقدَةِ الغافِلينَ، وَسِنَةِ المُسرِفينَ، وَنَعسَةِ الَمخذوُلينَ، وَخُذ بقَلبي إِلى مَا استَعمَلتَ بِهِ القانِتينَ، وَاستَعبَدتَ بِهِ المُتَعَبِّدينَ، وَاستَنقَذْتَ بِهِ المُتهاوِنينَ، وَأَعِذني مِمّا يُباعِدُني عَنكَ وَيَحُولُ بَيني وَبَينَ حَظّي مِنكَ، وَيَصُدُّني عَمّا اُحاوِلُ لَدَيكَ، وَسَهِّل لي مَسلَكَ الخَيراتِ اِلَيكَ، وَالمُسابَقَةَ اِلَيها مِن حَيثُ أَمَرتَ وَالمُشاحَّةَ فيها عَلى ما أَرَدتَ، وَلا تَمَحَقْني فيمَن تَمحَقُ مِنَ المُستَخِفّينَ بِما أَوعَدتَ، وَلا تُهلِكني مَعَ مَن تُهلِكُ مِنَ المُتَعَرّضينَ لِمَقتِكَ، وَلا تُتَبِّرني فيمَن تُتَبِّرُ مَنَ المُنحَرِفينَ عَن سَبيلِكَ ونَجِّني مِن غَمَراتِ الفِتنَةِ، وَخَلِّصني مِن لَهَواتِ البَلوى وَاَجِرني مِن أَخذِ الإمِلاءِ، وَحُلْ بَيني وَبَينَ عَدّوٍّ يُضِلُّني، وَهَوىً يُوبِقُني، وَمَنقَصَةٍ تَرهَقُني، وَلا تُعرِض عَنّي إعراضَ مَن لا تَرضى عَنهُ بَعدَ غَضَبِكَ، وَلا تُؤيِسني مِنَ الأمَلِ فيكَ، فَيَغلِبَ عَلَيَّ القُنُوطُ مِن رَحمَتِكَ، وَلا تَمتَحِنِّي بِما لا طاقَةَ لي بِه، فَتَبهَظَني مِمّا تُحَمِّلُنيهِ مِن فَضلِ مَحَّبَتِكَ، وَلا تُرسِلني مِن يَدِكَ اِرسالَ مَن لا خَيرَ فيهِ وَلا حاجَةَ بِكَ اِلَيهِ، وَلا إِنابَةَ لَهُ، وَلا تَرمِ بي رَميَ مَن سَقَطَ مِن عَينِ رِعايَتِكَ، وَمَنِ اشتَمَلَ عَلَيهِ الخِزيُ مِن عِندِكَ، بَل خُذْ بِيَدي مِن سَقطَةِ المُرتَدِّينَ، وَوَهلَةِ المُتَعَسِّفينَ وَزَلَّةِ المَغرُورِينَ، وَوَرطَةِ الهالِكينَ، وَعافِني مِمّا ابتَلَيْتَ بِهِ طَبَقاتِ عَبيدِكَ وَاِمائِكَ، وَبَلِّغني مَبالِغَ مَن عُنيتَ بِه، وَأَنعَمتَ عَلَيهِ وَرَضيتَ عَنهُ، فَأَعشْتَهُ حَميداً وَتَوَفَّيتَهُ سَعيداً، وَطَوِّقني طَوقَ الإقلاعِ عَمّا يُحبِطُ الحَسَناتِ وَيَذهَبُ بِالبَركاتِ، وَأَشعِرْ قَلبِيَ الاِزدِجارَ عَن قَبائِح السَّيِّئاتِ، وَفَواضِحِ الحَوْباتِ، وَلا تَشغَلني بِما لا أُدرِكُهُ إِلاّ بِكَ عَمّا لا يُرضِيكَ عَنّي غَيرُهُ، وَاَنزِع مِن قَلبي حُبَّ دُنيا دَنِيَّةٍ تَنهى عَمّا عِندَكَ، وَتَصُدُ عَنِ اِبتِغاءِ الوِسيلَةِ اِلَيكَ، وَتُذهِلُ عَن اَلتَّقَرُبِ مِنكَ، وَزَيِّنْ لِيَ التَّفَرُدَ بِمُناجاتِكَ بِاللَّيلِ وَالنَّهارِ، وَهَب لي عِصمَةً تُدنيني مِنْ خَشيَتِكَ، وَتَقطَعُني عَن رُكُوبِ مَحارِمِكَ، وَتَفُكَّني مِن أَسرِ العَظائِمِ، وَهَبْ لِيَ التَّطهيرَ مِنْ دَنَسِ العِصيانِ، وَأَذهِب عَنّي دَرَنَ الخَطايا، وَسَرْبِلني بِسِربالِ عافِيَتِكَ، وَرَدِّني رِداءَ مُعافاتِكَ، وَجَلِّلني سَوابِغَ نَعمائِكَ، وَظاهِرْ لَدَيَّ فَضْلَكَ، وَأَيِدّني بِتَوفيقِكَ وَتَسديدِكَ، وَأَعِنّي عَلى صالِحِ النِّيَّةِ وَمَرضِيّ القَولِ وَمُستَحسَنِ العَمَلِ، وَلا تَكِلني اِلى حَولي وَقُوَّتي دُونَ حَولِكَ وَقُوَّتِكَ، وَلا تُخزِني يَومَ تَبعَثُني لِلِقائِكَ، وَلا تَفضَحْني بَينَ يَدَي أَولِيائِكَ، وَلا تُنسِني ذِكرَكَ، وَلا تُذهِبْ عَنّي شُكْرَكَ، بَلْ أَلزِمْنيهِ في أَحوالِ السَّهوِ عِندَ غَفَلاتِ الجاهِلينَ لآِلائِكَ، وَأَوزِعني أَن أُثنِيَ بِما أَولَيتَنِيهِ، وَاَعتَرِفَ بِما اَسدَيتَهُ إِلَيَّ، وَاجْعَلْ رَغبَتي اِلَيكَ فَوقَ رَغَبَةِ الرّاغِبينَ، وَحَمدي اِيّاكَ فَوقَ حَمدِ الحامِدينَ، وَلا تَخذُلْني عِندَ فاقَتي اِلَيكَ، وَلا تُهلِكْني بِما اَسدَيتُهُ اِلَيكَ، وَلا تَجبَهْني بِما جَبَهتَ بِه المُعانِدينَ لكَ، فَاِنّي لَكَ مُسلِّمٌ، أَعلَمُ اَنَّ الحُجَّةَ لَكَ وَاَنَّكَ أَولى بِالفَضلِ وَأَعوَدُ بِالاِحسانِ وَاَهلُ التَّقوى وَاَهلُ المَغفِرَةِ، وَاَنَّكَ بِأنَ تَعفُوَ اَولى مِنكَ بِأن تُعاقِبَ، وَاَنَّكَ بِأَن تَستُرَ اَقرَبُ مِنكَ إِلى أَن تَشهَرَ، فَأَحيِني حَياةً طَيِّبَةً تَنتَظِمُ بِما أُريدُ، وَتَبلُغُ بي ما أُحِبُّ مِنْ حَيثُ لا آتي ما تَكرَهُ، وَلا اَرتَكِبُ ما نَهَيتَ عَنهُ، وَاَمِتني مِيتَةَ مَنْ يَسعى نُورُهُ بَينَ يَدَيهِ وَعَن يَميِنِهِ، وَذَلِّلني بَينَ يَدَيكَ، وَأَعِزَّني عِندَ خَلقِكَ، وَضَعني اِذا خَلَوتُ بِكَ، وَاْرفَعْني بَينَ عِبادَكَ، وَاَغنِني عَمَن هُوَ غَنيٌّ عَنّي، وَزِدني اِلَيكَ فاقَةً وَفَقْراً، وَأَعِذني مِن شَماتَةِ الأعداءِ، وَمِن حُلُولِ البَلاءِ، وَمِنَ الذُّلِ وَالعَناءِ، وَتَغَمّدْني فيما اْطَّلَعْتَ عَلَيهِ مِنّي بِما يَتَغَمَّدُ بِه القادِرُ عَلى البَطشِ لَولا حِلْمُهُ، وَالآخِذُ عَلى الجَريرَةِ لَولا اَناتُهُ، وَاِذا أَرَدتَ بِقَومٍ فِتْنَةً اَو سُوءاًً فَنَجِّني مِنها لِواذاً بِكَ، وَاِذا لَم تُقِمني مَقامَ فَضيحَة في دُنياكَ فَلا تُقِمْني مِثلَهُ في آخِرَتِكَ، وَاشْفَعْ لي اَوائِلَ مِنَنِكَ بِأَواخِرِها، وَقَديمَ فَوائِدِكَ بِحَوادِثِها، وَلا تَمدُدْ لي مَدّاً يَقسُو مَعَهُ قَلبْي، وَلا تَقرَعْني قارِعَةً يَذهَبُ لَها بَهائِي، وَلا تَسُمني خَسيسَةً يَصغُرُ لَها قَدري، وَلا نَقيصَةً يُجهَلُ مِن أَجلِها مَكانِي، وَلا تَرُعْني رَوعَةً أُبلِسُ بِها، وَلا خِيفَةً اُوجِسُ دُونَها، اِجعَل هَيبَتي في وَعيدِكَ، وَحَذَري مِن إِعذارِكَ وَإنذارِكَ، وَرَهْبَتي، عِندَ تِلاوَةِ آياتِكَ، وَاعمُر لَيلي بِإيقاضي فيهِ لِعِبادَتِكَ، وَتَفَرُّدي بِالتَّهَجُّدِ لَكَ، وَتَجَرُّدي بِسُكُوني اِلَيكَ، وَاِنزالِ حَوائِجي بِكَ، وَمُنازَلَتي اِيّاكَ في فَكاكِ رَقَبَتي مِن نارِكَ، وَاِجارَتي مِمّا فِيهِ أهلُها مِن عَذابِكَ، وَلا تَذَرنِيْ في طُغيَانِي عَامِهاً، وَلا فِي غَمرَتي ساهِياً حَتّى حين، وَلا تَجْعَلْني عِظَةً لِمَنِ اَتَّعَظَ، وَلا نَكالاً لِمَنِ اعتَبَرَ، وَلا فِتْنَةً لِمَن نَظَرَ، وَلا تَمكُرْ بي فيمَن تَمكُرُ بِهِ، وَلا تَستَبدِل بي غَيري، وَلا تُغَيِّر لي اِسْماً، وَلا تُبَدِّل لي جِسماً، وَلا تَتَّخِذْني هُزُواً لِخَلقِكَ، وَلا سُخْرِيّاً لَكَ، وَلا مُتَّبِعاً إِلاّ لِمَرضاتِكَ، وَلا مُمتَهَناً اِلاّ بالاِنتِقامِ لَكَ، وَأَوجِدْني بَردَ عَفوِكَ، وَحَلاوَةَ رَحمَتِكَ، وَرَوحِكَ وَرَيحانِكَ، وَجَنَّةِ نَعيمِكَ، وَأَذِقني طَعمَ الفَراغِ لِما تُحِبُّ بِسَعَةٍ مِن سَعَتِكَ، وَالاِجتِهادِ فيما يُزلِفُ لَدَيكَ وَعِندَكَ، وَأتحِفني بِتُحفَةٍ مِن تُحَفاتِكَ، وَاجعَل تِجارَتي رابِحَةً، وَكَرَّتي غَيرَ خاسِرَةٍ، وَاَخِفْني مَقامَكَ، وَشَوِّقني لِقاءَكَ، وَتُب عَلَيَّ تَوبَةً نَصُوحاً، لا تُبقِ مَعَها ذُنُوباً صَغيرَةً وَلا كَبيرَةً، وَلا تَذَرْ مَعَها عَلانِيَةً وَلا سَريرَةً، وَانزَعِ الغِلَّ مِن صَدري لِلمُؤمِنينَ، وَاعطِفْ بِقَلبي عَلى الخاشِعينَ، وَكُن لي كَما تَكُونُ لِلصّالِحينَ، وَحَلِّني حِليَةَ المُتَّقينَ، وَاجعَلْ لي لِسانَ صِدق في الغابِرينَ، وَذِكراً نامِياً في الآخِرينَ، وَوافِ بي عَرَصَةَ الأوَّلِينَ، وَتَمِّمْ سُبُوغَ نِعْمَتِكَ عَليَّ وَظاهِرْ كَراماتِها لَدَيَّ، وَاْملأ مِن فَوائِدكَ يَديّ، وَسُقْ كَرائِمَ مَواهِبِكَ إلَيَّ، وَجاوِر بِيَ الأطيَبينَ مِن اَولِيائِكَ في الجِنانِ الّتي زَيَّنتَها لأصفِيائِكَ، وَجَلِّلني شَرائِفَ نِحَلِكَ فِي المَقاماتِ المُعَدَّةِ لأحِبّائِكَ، وَاْجعَلْ لي عِندَكَ مَقيلاً آوي اِليهِ مُطْمَئِناً وَمَثابَةً أَتَبَوَؤُها وَأَقَرُّ عَيناً، وَلا تُقايِسْني بِعَظِيماتِ الجَرائِرِ، وَلا تُهلِكْني يَومَ تُبلى السَّرائِرُ، وَأزِلْ عَنَّي كُلَّ شَكٍّ وَشُبهَةٍ، وَاْجعَل لي في الحَقِّ طَريقاً مِن كُلِّ رَحْمَةٍ، وَأَجزِلْ لي قِسَمَ المَواهِبِ مِنْ نَوالِكَ، وَوَفِّر عَلَيَّ حُظُوظَ الإحسانِ مِن اِفضالِكَ، وَاْجعَل قَلبي واثِقاً بِما عِندَكَ، وَهَمّي مُستَفرَغاً لِما هُوَ لَكَ، وَاستَعمِلْني بِما تَستَعمِلُ بِه خالِصَتَكَ، وَاَشرِب قَلبي عِندَ ذُهُولِ العُقُولِ طاعَتَكَ، وَاجمَع لِيَ الغِنى وَالعَفافَ، وَالدَّعَةَ وَالمُعافاةَ، وَالصِّحَّةَ وَالسَّعَةَ، وَالطُّمَأنينَةَ وَالعافِيَةَ، وَلا تُحبِطْ حَسَناتي بِما يَشُوبُها مِن مَعصِيَتِكَ وَلا خَلَواتي بِما يَعرِضُ لي مِن نَزَعاتِ فِتنَتِكَ وَصُن وَجْهيَ عَنِ الطَّلَبِ اِلى أَحَد مِنَ العالَمينَ، وَذُبَّني عَن اِلِتماسِ ما عِندَ الفاسِقينَ، وَلا تَجعَلني لِلظّالِمينَ ظَهيراً، وَلا لَهُم عَلى مَحوِ كِتابِكَ يَداً وَنَصيراً، وَحُطْني مِنْ حَيثُ لا أَعلَمُ حِياطَةً تَقيني بِها، وَافتَح لي أَبوابَ تَوبَتِكَ وَرَحمَتِكَ وَرَأفَتِكَ وَرِزقِكَ الواسِعِ اِنّي اِلَيكَ مِنْ الرّاغِبينَ وَاَتمِمْ لي إنعامَكَ اِنَّكَ خَيرُ المُنعِمينَ، وَاجعَل باقِيَ عُمري في الحَجّ وَالعُمرَةِ ابتِغاءَ وَجهِكَ يا رَبَّ العالَمينَ، وَصَّلى الله عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ الطَّيبينَ الطّاهرينَ، وَالسَّلامُ عَلَيهِ وَعَلَيهم أَبَدَ الآبِدينَ).

شارك الاستفتاء

دعاء الإمام الحسين (عليه السلام) في يوم عرفة

 

          روى بشر وبشير ابنا غالب الأسدي قالا: كنّا مع الحسين بن علي (عليهما السلام) عشية عرفة فخرج (عليه السلام) من فسطاطه متذللاً خاشعاً فجعل يمشي هوناً هوناً حتى وقف هو وجماعة من أهل بيته وولده ومواليه في ميسرة الجبل مستقبل البيت ثم رفع يديه تلقاء وجهه كاستطعام المسكين ثم قال:

          (الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَيْسَ لِقَضائِهِ دافِعٌ وَلا لِعَطائِهِ مانِعٌ وَلا كَصُنْعِهِ صُنْعُ صانِعٍ وَهُوَ الجَوادُ الواسِعُ، فَطَرَ أَجْناسَ البَدائِعِ وَأَتْقَنَ بِحِكْمَتِهِ الصَّنائِعِ وَلا تَخْفى عَلَيْهِ الطَلائِعِ وَلا تَضِيعُ عِنْدَهُ الوَدائِعُ جازي كُلِّ صانِعٍ وَرايِشُ كُلِّ قانِعٍ وَراحِمُ كُلِّ ضارِعٍ مُنْزِلُ المَنافِعِ وَالكِتابِ الجامِعِ بِالنُّورِ السَّاطِعِ وَهُوَ لِلدَّعَواتِ سامِعٌ وَللْكُرُباتِ دافِعٌ وَلِلْدَّرَجاتِ رافِعٌ وَلِلْجَبابِرَةِ قامِعٌ ؛ فَلا إِلهَ غَيْرُهُ وَلا شَيءَ يَعْدِلُهُ وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيٍْ قَدِيرٌ، اللّهُمَّ إِنِّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ وَأَشْهَدُ بِالرُّبُوبِيَّةِ لَكَ مُقِرَّا بِأَنَّكَ رَبِّي وَإِلَيْكَ مَرَدِّي.

         اِبْْتَدأتَنِي بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ أَنْ أَكُونَ شَيْئاً مَذْكُوراً وَخَلَقْتَنِي مِنَ التُرابِ ثُمَّ أسْكَنْتَنِي الأصْلابَ آمِنا لِرَيْبِ المَنُونِ وَاخْتِلافِ الدُّهُورِ وَالسِّنِينَ، فَلَم أَزَلْ ظاعِناً مِنْ صُلْبِ إلى رَحِمٍ فِي تَقادُمٍ مِنْ الأيَّامِ الماضِيَةِ وَالقُرُونِ الخالِيَةِ، لَمْ تُخْرِجْنِي لِرأْفَتِكَ بِي وَلُطْفِكَ لِي وَإِحْسانِكَ إِلَيَّ فِي دَوْلَةِ أَئِمَّةِ الكُفْرِ الَّذِينَ نَقَضُوا عَهْدَكَ وَكَذَّبُوا رُسُلَكَ، لكِنَّكَ أَخْرَجْتَنِي لِلَّذِي سَبَقَ لِي مِنَ الهُدى الَّذِي لَهُ يَسَّرْتَنِي وَفِيهِ أَنْشّأْتَنِي وَمِنْ قَبْلِ ذلِكَ رَؤُفْتَ بِي بِجَمِيلِ صُنْعِكَ وَسَوابِغِ نِعَمِكَ، فَابْتَدَعْتَ خَلْقِي مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى وَأَسْكَنْتَنِي فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ بَيْنَ لَحْمٍ وَدَمٍ وَجِلْدٍ لَمْ تُشْهِدْنِي خَلْقِي، وَلَمْ تَجْعَلْ إِلَيَّ شَيْئاً مِنْ أَمْرِي ثُمَّ أَخْرَجْتَنِي لِلَّذِي سَبَقَ لِي مِنَ الهُدى إلى الدُّنْيا تامّاًَ سَوِيّاً وَحَفَظْتَنِي فِي المَهْدِ طِفْلاً صَبِيّاً، وَرَزَقْتَنِي مِنَ الغِذاءِ لَبَناً مَرِيّاً وَعَطَفْتَ عَلَيَّ قُلُوبَ الحَواضِنِ وَكَفَّلْتَنِي الأُمَّهاتِ الرَّواحِمَ وَكَلأتَنِي مِنْ طَوارِقِ الجانِّ وَسَلَّمْتَنِي مِنَ الزِّيادَةِ وَالنُّقْصانِ، فَتَعالَيْتَ يا رَحيمُ يا رَحْمنُ حَتَّى إِذا اسْتَهْلَلْتُ ناطِقاً بِالكَلامِ أَتْمَمْتَ عَلَيَّ سَوابِغَ الإنِعْامِ وَرَبَّيْتَنِي زائِداً فِي كُلِّ عامٍ، حَتَّى إِذا اكْتَمَلَتْ فِطْرَتِي وَاعْتَدَلَتْ مِرَّتِي أَوْجَبْتَ عَلَيَّ حُجَّتَكَ بِأَنْ أَلْهَمْتَنِي مَعْرِفَتَكَ وَرَوَّعْتَنِي بِعَجائِبِ حِكْمَتِكَ، وَأيْقَظْتَنِي لِما ذَرَأْتَ فِي سَمائِكَ وَأَرْضِكَ مِنْ بَدائِعِ خَلْقِكَ وَنَبَّهْتَنِي لِشُكْرِكَ وَذِكْرِكَ وَأَوْجَبْتَ عَلَيَّ طاعَتَكَ وَعِبادَتَكَ وَفَهَّمْتَنِي ما جاءتْ بِهِ رُسُلُكَ وَيَسَّرْتَ لِي تَقَبُّلَ مَرْضاتِكَ وَمَنَنْتَ عَلَيَّ فِي جَمِيعِ ذلِكَ بِعَوْنِكَ وَلُطْفِكَ. ثُمَّ إِذْ خَلَقْتَنِي مِنْ خَيْرِ الثَّرى لَمْ تَرْضَ لِي يا إِلهِي نِعْمَةً دُونَ أُخْرى وَرَزَقْتَنِي مِنْ أَنْواعِ المَعاشِ وَصُنُوفِ الرِّياشِ بِمَنِّكَ العَظِيمِ الأَعْظَمِ عَلَيَّ وَإِحْسانِكَ القَدِيمِ إِليَّ، حَتَّى إِذا أتْمَمْتَ عَلَيَّ جَمِيعَ النِّعَمِ وَصَرَفْتَ عَنِّي كُلَّ النِّقَمِ لَمْ يَمْنعْكَ جَهْلِي وَجُرْأَتِي عَلَيْكَ أَنْ دَلَلْتَنِي إلى ما يُقَرِّبُنِي إِلَيْكَ وَوَفَّقْتَنِي لِما يُزْلِفُنِي لَدَيْكَ، فَإِنْ دَعَوْتُكَ أَجَبْتَنِي وَإِنْ سَأَلْتُكَ أَعْطَيْتَنِي وَإِنْ أَطَعْتُكَ شَكَرْتَنِي وَإِنْ شَكَرْتُكَ زِدْتَنِي ؛ كُلُّ ذلِكَ إِكْمالٌ لأنْعُمِكَ عَلَيَّ وَإِحْسانِكَ إِلَيَّ فَسُبْحانَكَ سُبْحانَكَ مِنْ مُبْدِيٍ مُعِيدٍ حَمِيدٍ مَجِيدٍ وَتَقَدَّسَتْ أَسْماؤُكَ وَعَظُمَتْ آلاؤُكَ. فَأَيُّ نِعَمِكَ يا إِلهِي أحْصِي عَدَداً وَذِكْراً أَمْ أَيُّ عَطاياكَ أَقُومُ بِها شُكْراً؟ وَهِي يا رَبِّ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصِيها العادُّونَ أَوْ يَبْلُغَ عِلْما بِها الحافِظُونَ، ثُمَّ ما صَرَفْتَ وَدَرَأْتَ عَنِّي اللّهُمَّ مِنَ الضُّرِّ وَالضَّرَّاءِ أَكْثَرُ مِمَّا ظَهَرَ لِي مِنَ العافِيَةِ وَالسَّرَّاءِ، وَأنا أَشْهَدُ ياإِلهِي بِحَقِيقَةِ إِيْمانِي وَعَقْدِ عَزَماتِ يَقِينِي وَخالِصِ صَرِيحِ تَوْحِيدِي وَباطِنِ مَكْنُونِ ضَمِيرِي وَعَلائِقِ مَجارِي نُورِ بَصَرِي وَأَسارِيرِ صَفْحَةِ جَبِينِي وَخُرْقٍ مَسارِبِ نَفْسِي وَخَذارِيفِ مارِنِ عِرْنيني وَمَسارِبِ سِماخِ سَمْعِي وَما ضُمَّتْ وَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِ شَفَتايَ وَحَرَكاتِ لَفْظِ لِسانِي وَمَغْرَزِ حَنَكِ فَمِي وَفَكّي وَمَنابِتِ أَضْراسِي وَمَساغِ مَطْعَمِي وَمَشْرَبِي وَحِمالَةِ اُمِّ رَأْسِي وَبُلوعِ فارِغِ حَبَائِلِ عُنُقِي وَما اشْتَمَلَ عَلَيْهِ تامُورُ صَدْرِي وَحَمائِلُ حَبْلِ وَتِينِي وَنِياطِ حِجابِ قَلْبِي وَأَفْلاذِ حَواشِي كَبِدِي وَما حَوَتْهُ شَراسِيفُ أضْلاعِي وَحِقاقُ مَفاصِلِي وَقَبْضُ عَوامِلِي وَأَطْرافِ أَنامِلِي وَلَحْمِي وَدَمِي وَشَعْرِي وَبَشَرِي وَعَصَبِي وَقَصَبِي وَعِظامِي وَمُخِّي وَعُرُوقِي وَجَمِيعِ جَوارِحِي وَما انْتَسَجَ عَلى ذلِكَ أَيّامَ رِضاعِي وَما أَقَلَّتِ الأَرْضُ مِنِّي وَنَوْمِي وَيَقْظَتِي وَسُكُونِي وَحَرَكاتِ رُكُوعِي وَسُجُودِي ؛ أَنْ لَوْ حاوَلْتُ وَاجْتَهَدْتُ مَدى الأعْصارِ وَالأحْقابِ لَوْ عُمِّرْتُها أَنْ أُؤَدِّي شُكْرَ وَاحِدَةٍ مِنْ أَنْعُمِكَ ما اسْتَطَعْتُ ذلِكَ إِلاّ بِمَنِّكَ المُوجَبِ عَلَيَّ بِهِ شُكْرُكَ أَبَداً جَدِيداً وَثَناءً طارِفاً عَتِيداً ! أَجَلْ، وَلَوْ حَرَصْتُ أَنا وَالعادُّونَ مِنْ أَنامِكَ أَنْ نُحْصِيَ مَدى إِنْعامِكَ سالِفِهِ وَآنِفِهِ ما حَصَرْناهُ عَدَداً وَلا أَحْصَيْناهُ أَمَداً.

          هَيْهاتَ أَنَّى ذلِكَ وَأَنْتَ المُخْبِرُ فِي كِتابِكَ النَّاطِقِ وَالنَّبَأ الصَّادِقِ: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ الله لا تُحْصُوها، صَدَقَ كِتابُكَ اللّهُمَّ وَإِنْباؤُكَ، وَبَلَّغَتْ أَنْبِياؤُكَ وَرُسُلُكَ ما أَنْزَلْتَ عَلَيْهِمْ مِنْ وَحْيِكَ وَشَرَعْتَ لَهُمْ وَبِهِمْ مِنْ دِينِكَ غَيْرَ أَنِّي يا إِلهِي أَشْهَدُ بِجُهْدِي وَجِدِّي وَمَبْلَغِ طاعَتِي وَوُسْعِي، وَأَقُولُ مُؤْمِناً مُوقِناً: الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً فَيَكُونَ مَوْرُوثاً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي مُلْكِهِ فَيُضادَّهُ فِيما ابْتَدَعَ وَلا وَلِيُّ مِنَ الذُّلِّ فَيُرْفِدَهُ فِيما صَنَعَ، فَسُبْحانَهُ سُبْحانَهُ لَوْ كان فِيهما آلِهَةٌ إِلاّ اللهُ لَفَسَدَتا وَتَفَطَّرَتا ! سُبْحانَ الله الواحِدِ الأحَدِ الصَّمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفْوا أَحَد، الحَمْدُ للهِ حَمْداً يُعادِلُ حَمْدَ مَلائِكَتِهِ المُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيائِهِ المُرْسَلِينَ وَصَلّى الله عَلى خِيرَتِهِ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَآلِهِ الطَيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ المُخْلِصِينَ وَسَلَّمَ).

         ثُمَّ اندفع فِي المسألة واجتهد فِي الدّعاء وَقال وَعيناه سالتا دموعاً:

          (اللّهُمَّ اجْعَلْنِي أَخْشاكَ كَأَنِّي أَراكَ وَأسْعِدْنِي بِتَقْواكَ وَلا تُشْقِنِي بِمَعْصِيَتِكَ وَخِرْ لِي فِي قَضائِكَ وَبارِكْ لِي فِي قَدَرِكَ حَتَّى لا اُحِبَّ تَعْجِيلَ ما أَخَّرْتَ وَلا تَأْخِيرَ ما عَجَّلْتَ، اللّهُمَّ اجْعَلْ غِنايَ فِي نَفْسِي وَاليَّقِينَ فِي قَلْبِي وَالإِخْلاصَ فِي عَمَلِي وَالنُّورَ فِي بَصَرِي وَالبَصِيرَةَ فِي دِينِي وَمَتِّعْنِي بِجَوارِحِي وَاجْعَلْ سَمْعِي وَبَصَرِي الوارِثَيْنِ مِنِّي، وَانْصُرْنِي عَلى مَنْ ظَلَمَنِي وَأَرِنِي فِيهِ ثارِي وَمَآرِبِي وَأَقِرَّ بِذلِكَ عَيْنِي، اللّهُمَّ اكْشِفْ كُرْبَتِي وَاسْتُرْ عَوْرَتِي وَاغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَاخْسَأْ شَيْطانِي وَفُكَّ رِهانِي وَاجْعَلْ لِي يا إِلهِي الدَّرَجَةَ العُلْيا فِي الآخرةِ وَالأوّلى، اللّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ كَما خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي سَميعاً بَصِيراً وَلَكَ الحَمْدُ كَما خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي خَلْقا سَوِيّا رَحْمَةً بِي وَقَدْ كُنْتَ عَنْ خَلْقِي غَنِيّا بِما بَرَأْتَنِي فَعَدَّلْتَ فِطْرَتِي. رَبِّ بِما أَنْشَأْتَنِي فَأَحْسَنْتَ صُورَتِي رَبِّ بِما أَحْسَنْتَ إِلَيَّ وَفِي نَفْسِي عافَيْتَنِي رَبِّ بِما كَلأتَنِي وَوَفَّقْتَنِي رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَهَدَيْتَنِي رَبِّ بِما أَوْلَيْتَنِي وَمِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَعْطَيْتَنِي رَبِّ بِما أَعْطَيْتَنِي وَسَقَيْتَنِي رَبِّ بِما أَغْنَيْتَنِي وَأقْنَيْتَنِي رَبِّ بِما أعَنْتَنِي وَأَعْزَزْتَنِي رَبِّ بِما أَلْبَسْتَنِي مِنْ سِتْرِكَ الصَّافِي وَيَسَّرْتَ لِي مِنْ صُنْعِكَ الكافِي ؛ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَعِنِّي عَلى بَوائِقِ الدُّهُورِ وَصُرُوفِ اللَّيالِي وَالأيَّامِ وَنَجِّنِي مِنْ أَهْوالِ الدُّنْيا وَكُرُباتِ الآخرةِ وَاكْفِنِي شَرَّ ما يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ فِي الأَرْضِ، اللّهُمَّ ما أَخافُ فَاكْفِنِي وَما أَحْذَرُ فَقِنِي وَفِي نَفْسِي وَدِينِي فَاحْرُسْنِي وَفِي سَفَرِي فَاحْفَظْنِي وَفِي أَهْلِي وَمالِي فَاخْلُفْنِي وَفِيما رَزَقْتَنِي فَبارِكْ لِي وَفِي نَفْسِي فَذَلِّلْنِي وَفِي أَعْيُنِ النَّاسِ فَعَظِّمْنِي وَمِنْ شَرِّ الجِنِّ وَالإِنْسِ فَسَلِّمْنِي وَبِذُنُوبِي فَلا تَفْضَحْنِي وَبِسَرِيرَتِي فَلا تُخْزِنِّي وَبِعَمَلِي فَلا تَبْتَلِنِي وَنِعَمَكَ فَلا تَسْلُبْنِي وَإِلى غَيْرِكَ فَلا تَكِلْنِي إِلهِي إلى مَنْ تَكِلُنِي إلى قَرِيبٍ فَيَقْطَعُنِي أَمْ إلى بَعِيدٍ فَيَتَجَهَّمُنِي أَمْ إلى المُسْتَضْعِفِينَ لِي وَأَنْتَ رَبِّي وَمَلِيكُ أَمْرِي؟

          أَشْكُو إِلَيْكَ غُرْبَتِي وَبُعْدَ دارِي وَهَوانِي عَلى مَنْ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي، إِلهِي فَلا تُحْلِلْ عَلَيَّ غَضَبَك فَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَضِبْتَ عَلَيَّ فَلا أُبالِي سُبْحانَكَ غَيْرَ أَنَّ عافِيَتَكَ أَوْسَعُ لِي، فَأَسْأَلُكَ يا رَبِّ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الأَرْضُ وَالسَّماواتُ وَكُشِفَتْ بِهِ الظُّلُماتُ وَصَلُحَ بِهِ أَمْرُ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ أَنْ لا تُمِيتَنِي عَلى غَضَبِكَ وَلا تُنْزِلْ بِي سَخَطَكَ لَكَ العُتْبى لَكَ العُتْبى حَتَّى تَرْضى قَبْلَ ذلِكَ. لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ رَبَّ البَلَدِ الحَرامِ وَالمَشْعَرِ الحَرامِ وَالبَيْتِ العَتِيقِ الَّذِي أَحْلَلْتَهُ البَرَكَةَ وَجَعَلْتَهُ لِلنَّاسِ أَمْنا، يا مَنْ عَفا عَنْ عَظِيمِ الذُّنُوبِ بِحِلْمِهِ يا مَنْ أَسْبَغَ النَّعَماءِ بِفَضْلِهِ يا مَنْ أَعْطى الجَزِيلَ بِكَرَمِهِ يا عُدَّتِي فِي شِدَّتِي يا صَاحِبِي فِي وَحْدَتِي يا غِياثِي فِي كُرْبَتِي يا وَلِيِّي فِي نِعْمَتِي يا إِلهِي وَإِلهَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَرَبَّ جَبْرئِيلَ وَمِيكائِيلَ وَإِسْرافِيلَ وَرَبَّ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَآلِهِ المُنْتَجَبِينَ وَمُنْزِلَ التَّوْراةِ وَالإنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَالفُرْقانِ وَمُنَزِّلَ كهيَّعَصَّ وَطهَ وَيَّس وَالقُرْآنَ الحَكِيم، أَنْتَ كَهْفِي حِينَ تُعْيِينِي المَذاهِبُ فِي سَعَتِها وَتَضِيقُ بِيَ الأَرْضُ بِرُحْبِها وَلَوْلا رَحْمَتُكَ لَكُنْتُ مِنَ الهالِكِينَ، وَأَنْتَ مُقِيلُ عَثْرَتِي وَلَوْلا سَتْرُكَ إِيَّايَ لَكُنْتُ مِنْ المَفْضُوحِينَ وَأَنْتَ مُؤَيِّدِي بِالنَّصْرِ عَلى أَعْدائِي وَلْولا نَصْرُكَ إِيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ المَغْلُوبِينَ. يا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِالسُّمُوِّ وَالرِّفْعَةِ فَأَوْلِياؤُهُ بِعِزِّهِ يَعْتَزُّونَ يا مَنْ جَعَلَتْ لَهُ المُلُوكُ نَيْرَ المَذَلَّةِ عَلى أَعْناقِهِمْ فَهُمْ مِنْ سَطَواتِهِ خائِفُونَ يَعْلَمُ خائِنَةَ الأعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورِ وَغَيْبَ ما تَأْتِي بِهِ الأزْمِنَةُ وَالدُّهُورِ يا مَنْ لا يَعْلَمُ كَيْف هُوَ إِلاّ هُوَ يا مَنْ لا يَعْلَمُ ما هُوَ إِلاّ هُوَ يا مَنْ لا يَعْلَمُهُ إِلاّ هُوَ يا مَنْ كَبَسَ الأَرْضَ عَلى الماءِ وَسَدَّ الهَواءَ بِالسَّماء يا مَنْ لَهُ أَكْرَمُ الأسَّماء، يا ذا المَعْرُوفِ الَّذِي لا يَنْقَطِعُ أَبَداً يا مُقَيِّضَ الرَّكْبِ لِيُوسُفَ فِي البَلَدِ القَفْرِ وَمُخْرِجَهُ مِنْ الجُبِّ وَجاعِلَهُ بَعْدَ العُبُودِيَّةِ مَلِكاً يا رادَّهُ عَلى يَعْقُوبَ بَعْدَ أَنْ ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الحُزْنُ فَهُوَ كَظِيمٌ، يا كاشِفَ الضُّرِّ وَالبَلْوى عَنْ أَيُّوبَ وَمُمْسِكَ يَدَيْ إِبْراهِيمَ عَنْ ذَبْحِ ابْنِهِ بَعْدَ كِبَرِ سِنِّهِ وَفَناءِ عُمُرِهِ، يا مَنِ اسْتَجابَ لِزَكَرِيَّا فَوَهَبَ لَهُ يَحْيى وَلَمْ يَدَعْهُ فَرْداً وَحِيداً، يا مَنْ أَخْرَجَ يُونُسَ مِنْ بَطْنِ الحُوتِ يا مَنْ فَلَقَ البَحْرَ لِبَنِي إِسْرائِيلَ فَأَنْجاهُمْ وَجَعَلَ فِرْعَوْنَ وَجُنُودَهُ مِنَ المُغْرَقِينَ يا مَنْ أَرْسَلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ يا مَنْ لَمْ يَعْجَلْ عَلى مِنْ عَصاهُ مِنْ خَلْقِهِ يا مَنْ اسْتَنْقَذَ السَّحَرَةَ مِنْ بَعْدِ طُولِ الجُحُودِ وَقَدْ غَدَوا فِي نِعْمَتِهِ يَأْكُلُونَ رِزْقَهُ وَيَعْبُدُونَ غَيْرَهُ وَقَدْ حادُّوهُ وَنادُّوهُ وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ.

          يا الله يا الله يا بَدِيءُ يا بَدِيعُ لا نِدَّ لك يا دائِماً لا نَفادَ لَكَ يا حَيّاً حِينَ لا حَيَّ يا مُحْيِيَ المَوْتى يا مَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ، يا مَنْ قَلَّ لَهُ شُكْرِي فَلَمْ يَحْرِمْنِي وَعَظُمَتْ خَطِيئَتِي فَلَمْ يَفْضَحْنِي وَرَآنِي عَلى المَعاصِي فَلَمْ يَشْهرْنِي يا مَنْ حَفِظَنِي فِي صِغَرِي يا مَنْ رَزَقَنِي فِي كِبَرِي يا مَنْ أَيادِيهِ عِنْدِي لا تُحْصى وَنِعَمُهُ لا تُجازى يا مَنْ عارَضَنِي بِالخَيْرِ وَالإحْسانِ وَعارَضْتُهُ بِالإساءَةِ وَالعِصْيانِ يا مَنْ هَدانِي لِلإِيمانِ مِنْ قَبْلِ أَنْ أَعْرِفَ شُكْرَ الاِمْتِنانِ، يا مَنْ دَعَوْتُهُ مَرِيضاً فَشَفانِي وَعُرْياناً فَكَسانِي وَجائِعاً فَأَشْبَعَنِي وَعَطْشاناً فَأَرْوانِي وَذَلِيلاً فَأَعَزَّنِي وَجاهِلاً فَعَرَّفَنِي وَوَحِيداً فَكَثَّرَنِي وَغايِباً فَرَدَّنِي وَمُقِلاً فَأَغْنانِي وَمُنْتَصِراً فَنَصَرَنِي وَغَنِيّاً فَلَمْ يَسْلُبْنِي وَأَمْسَكْتُ عَنْ جَمِيعِ ذلِكَ فَابْتَدَأَنِي؛ فَلَكَ الحَمْدُ وَالشُّكْرُ يا مَنْ أَقالَ عَثْرَتِي وَنَفَّسَ كُرْبَتِي وَأَجابَ دَعْوَتِي وَسَتَرَ عَوْرَتِي وَغَفَرَ ذُنُوبِي وَبَلَّغَنِي طَلَبِي وَنَصَرَنِي عَلى عَدُوِّي وَإِنْ أَعُدَّ نِعَمَكَ وَمِنَنَكَ وَكَرائِمِ مِنَحِكَ لا اُحْصِيها، يا مَوْلايَ أَنْتَ الَّذِي مَنَنْتَ أَنْتَ الّذِي أَنْعَمْتَ أَنْتَ الَّذِي أَحْسَنْتَ أَنْتَ الَّذِي أَجْمَلْتَ أَنْتَ الَّذِي أَفْضَلْتَ أَنْتَ الَّذِي أَكْمَلْتَ أَنْتَ الَّذِي رَزَقْتَ أَنْتَ الَّذِي وَفَّقْتَ أَنْتَ الَّذِي أَعْطَيْتَ أَنْتَ الَّذِي أَغْنَيْتَ أَنْتَ الَّذِي أَقْنَيْتَ أَنْتَ الَّذِي آوَيْتَ أَنْتَ الَّذِي كَفَيْتَ أَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَ أَنْتَ الَّذِي عَصَمْتَ أَنْتَ الَّذِي سَتَرْتَ أَنْتَ الَّذِي غَفَرْتَ أَنْتَ الَّذِي أَقَلْتَ أَنْتَ الَّذِي مَكَّنْتَ أَنْتَ الَّذِي أَعْزَزْتَ أَنْتَ الَّذِي أَعَنْتَ أَنْتَ الَّذِي عَضَدْتَ أَنْتَ الَّذِي أَيَّدْتَ أَنْتَ الَّذِي نَصَرْتَ أَنْتَ الَّذِي شَفَيْتَ أَنْتَ الَّذِي عافَيْتَ أَنْتَ الَّذِي أَكْرَمْتَ، تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ فَلَكَ الحَمْدُ دائِماً وَلَكَ الشُّكْرُ وَاصِباً أَبَداً، ثُمَّ أَنا يا إِلهِي المُعْتَرِفُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرْها لِي. أَنا الَّذِي أَسَأْتُ أَنا الَّذِي أَخْطَأْتُ أَنا الَّذِي هَمَمْتُ أَنا الَّذِي جَهِلْتُ أَنا الَّذِي غَفَلْتُ أَنا الَّذِي سَهَوْتُ أَنا الَّذِي أَعْتَمَدْتُ أَنا لَّذِي تَعَمَّدْتُ أَنا الَّذِي وَعَدْتُ أَنا الَّذِي أَخْلَفْتُ أَنا الَّذِي نَكَثْتُ أَنا الَّذِي أَقْرَرْتُ أَنا الِّذِي اعْتَرَفْتُ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَعِنْدِي، وَأَبُوُء بِذُنُوبِي فَاغْفِرْها لِي يا مَنْ لا تَضُرُّهُ ذُنُوبُ عِبادِهِ وَهُوَ الغَنِيُّ عَنْ طاعَتِهِمْ وَالمُوَفِّقُ مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْهُمْ بِمَعُونَتِهِ وَرَحْمَتِهِ.

          فَلَكَ الحَمْدُ إِلهِي وَسَيِّدِي أَمَرْتَنِي فَعَصَيْتُكَ وَنَهَيْتَنِي فَارْتَكَبْتُ نَهْيَكَ فَأَصْبَحْتُ لا ذا بَراءَةٍ لِي فَأَعْتَذِرُ وَلا ذا قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرُ فَبِأَيِّ شَيٍْ أَنْتَصِرُ فَبِأَيِّ شَيٍْ أَسْتَقْبِلُكَ يا مَوْلايَ أَبِسَمْعِي أَمْ بِبَصَرِي أَمْ بِلِسانِي أَمْ بِيَدِي أَمْ بِرِجْلِي؟ أَلَيْسَ كُلُّها نِعَمَكَ عِنْدِي وَبِكُلِّها عَصَيْتُكَ يا مَوْلايَ؟

          فَلَكَ الحُجَّةُ وَالسَّبِيلُ عَلَيَّ يا مَنْ سَتَرَنِي مِنَ الآباءِ وَالاُمَّهاتِ أَنْ يَزْجُرُونِي وَمِنَ العَشائِرِ وَالإِخْوانِ أَنْ يُعَيِّرُونِي وَمِنَ السَّلاطِينِ أَنْ يُعاقِبُونِي، وَلَوْ اطَّلَعُوا يا مَوْلايَ عَلى ما اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنِّي إِذاً ما أَنْظَرُونِي وَلَرَفَضُونِي وَقَطَعُونِي ؛ فَها أَنا ذا يا إِلهِي بَيْنَ يَدَيْكَ يا سَيِّدِي خاضِعٌ ذَلِيلٌ حَصِيرٌ فَقِيرٌ لا ذو بَراءةٍ فَأَعْتَذِرُ وَلا ذو قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرُ وَلا حُجَّةٍ فَاحْتَجُّ بِها وَلا قائِلٌ لَمْ أجْتَرِحْ وَلَمْ أَعْمَلْ سُوءاً، وَما عَسى الجُحُودُ وَلَوْ جَحَدْتُ يا مَوْلايَ يَنْفَعُنِي كَيْفَ وَأَنَّى ذلِكَ وَجَوارِحِي كُلُّها شاهِدَةٌ عَلَيَّ بِما قَدْ عَمِلْتُ؟

          وَعَلِمْتُ يَقِينا غَيْرَ ذِي شَكٍّ أَنَّكَ سائِلِي مِنْ عَظائِمِ الاُمُورِ وَأَنَّكَ الحَكَمُ العَدْلُ الَّذِي لا تَجُورُ وَعَدْلُكَ مُهْلِكِي وَمِنْ كُلِّ عَدْلِكَ مَهْرَبِي فَإِنْ تُعَذِّبْنِي يا إِلهِي فَبِذُنُوبِي بَعْدَ حُجَّتِكَ عَلَيَّ وَإِنْ تَعْفُ عَنِّي فَبِحِلْمِكَ وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ، لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنْ المُسْتَغْفِرِينَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ المُوَحِّدِينَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الخائِفِينَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الوَجِلِينَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الرَّاجِينَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الرَّاغِبِينَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ المُهَلِّلِينَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ السَّائِلِينَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ المُسَبِّحِينَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ المُكَبِّرِينَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ رَبِّي وَرَبُّ آبائِيَ الأوّلِينَ.

اللّهُمَّ هذا ثَنائِي عَلَيْكَ مُمَجِّداً وَإِخْلاصِي لِذِكْرِكَ مُوَحِّداً وَإِقْرارِي بآلائِكَ مُعَدِّداً، وَإِنْ كُنْتُ مُقِرّا إِنِّي لَمْ أُحْصِها لِكَثْرَتِها وَسُبُوغِها وَتَظاهُرِها وَتَقادُمِها إلى حادِثٍ ما لَمْ تَزَلْ تَتَعَهَّدُنِي بِهِ مَعَها مُنْذُ خَلَقْتَنِي وَبَرَأْتَنِي مِنْ أَوَّلِ العُمرِ مِنَ الإغْناءِ مِنَ الفَقْرِ وَكَشْفِ الضُّرِّ وَتَسْبِيبِ اليُسْرِ وَدَفْعِ العُسْرِ وَتَفْرِيجِ الكَرْبِ وَالعافِيَةِ فِي البَدَنِ وَالسَّلامَةِ فِي الدِّينِ، وَلَوْ رَفَدَنِي عَلى قَدْرِ نِعْمَتِكَ جَمِيعُ العالَمِينَ مِنَ الأوَّلِينَ وَالآخِرِينَ ما قَدَرْتُ وَلا هُمْ عَلى ذلِكَ، تَقَدَّسْتَ وَتَعالَيْتَ مِنْ رَبٍّ عَظِيمٍ رَحِيمٍ لا تُحْصى آلاؤُكَ وَلا يُبْلَغُ ثَناؤُكَ وَلا تُكافى نَعْماؤكَ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَتْمِمْ عَلْينا نِعَمَكَ وَأَسْعِدْنا بِطاعَتِكَ سُبْحانَكَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ، اللّهُمَّ إِنَّكَ تُجِيبُ المُضْطَرَّ وَتَكْشِفُ السُّوءَ وَتُغِيثُ المَكْرُوبَ وَتُشْفِي السَّقِيمَ وَتُغْنِي الفَقِيرَ وَتَجْبُرُ الكَسِيرَ وَتَرْحَمُ الصَّغِيرَ وَتُعِينُ الكَبِيرَ وَلَيْسَ دُونَكَ ظَهِيرٌ وَلا فَوْقَكَ قَدِيرٌ وَأَنْتَ العَلِيُّ الكَبِيرُ، يا مُطْلِقَ المُكَبَّلِ الأسِيرِ يا رازِقَ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ يا عِصْمَةَ الخائِفِ المُسْتَجِيرِ يا مَنْ لا شَرِيكَ لَهُ وَلا وَزِيرَ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَعْطِنِي فِي هذِهِ العَشِيَّةِ أَفْضَلَ ما أَعْطَيْتَ وَأَنَلْتَ أَحَداً مِنَ العالَمِينَ مِنْ عِبادِكَ مِنْ نِعْمَةٍ تُولِيها وَآلاءٍ تُجَدِّدُها وَبَلِيَّةٍ تَصْرِفُها وَكُرْبَةٍ تَكْشِفُها وَدَعْوَةٍ تَسْمَعُها وَحَسَنَةٍ تَتَقَبَّلُها وَسَيِّئَةٍ تَتَغَمَّدُها إِنَّكَ لَطِيفٌ بِما تَشاءُ خَبِيرٌ وَعَلى كُلِّ شَيٍْ قَدِيرٌ، اللّهُمَّ إِنَّكَ أَقْرَبُ مَنْ دُعِيَ وَأَسْرَعُ مَنْ أَجابَ وَأَكْرَمُ مَنْ عَفى وَأَوْسَعُ مَنْ أَعْطى وَأَسْمَعُ مَنْ سُئِلْ يا رَحْمنَ الدُّنْيا وَالآخرةِ وَرَحِيمَهُما لَيْسَ كَمِثْلِكَ مَسْؤولٌ وَلا سِواكَ مَأْمُولٌ، دَعَوْتُكَ فَأَجَبْتَنِي وَسَأَلْتُكَ فَأَعْطَيْتَنِي وَرَغِبْتُ إِلَيْكَ فَرَحِمْتَنِي وَوَثِقْت بِكَ فَنَجَّيْتَنِي وَفَزِعْتُ إِلَيْكَ فَكَفَيْتَنِي، اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ وَعَلى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أَجْمَعِينَ وَتَمِّمْ لَنا نَعْماءَكَ وَهَنِّئْنا عَطائَكَ وَاكْتُبْنا لَكَ شاكِرِينَ وَلآلائِكَ ذاكِرِينَ آمِينَ آمِينَ رَبَّ العالَمِينَ.

          اللّهُمَّ يا مَنْ مَلَكَ فَقَدَرَ وَقَدَرَ فَقَهَرَ وَعُصِيَ فَسَتَرْ وَاسْتُغْفَرَ فَغَفَرَ يا غايَةَ الطَّالِبِينَ وَمُنْتَهى أَمَلِ الرَّاجِينَ يا مَنْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيٍْ عِلْماً وَوَسِعَ المُسْتَقِيلينَ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَحِلْماً، اللّهُمَّ إِنَّا نَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ فِي هذِهِ العَشِيَّةِ الَّتِي شَرَّفْتَها وَعَظَّمْتَها بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَرَسُولِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَأَمِينِكَ عَلى وَحْيِكَ البَشِيرِ النَّذِيرِ السِّراجِ المُنِيرِ الَّذِي أَنْعَمْتَ بِهِ عَلى المُسْلِمِينَ وَجَعَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ.

         اللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَما مُحَمَّدٌ أَهْلٌ لِذلِكَ مِنْكَ يا عَظِيمُ فَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ المُنْتَجَبِينَ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ أَجْمَعِينَ وَتَغَمَّدْنا بِعَفْوِكَ عَنّا، فَإِلَيْكَ عَجَّتِ الأصْواتُ بِصُنُوفِ اللُّغاتِ فَاجْعَلْ لَنا اللّهُمَّ فِي هذِهِ العَشِيَّةِ نَِصيباً مِنْ كُلِّ خَيْرٍ تَقْسِمُهُ بَيْنَ عِبادِكَ وَنُوراً تَهْدِي بِهِ وَرَحْمَةً تَنْشُرُها وَبَرَكَةً تُنْزِلُها وَعافِيَةً تُجَلِّلُها وَرِزْقاً تَبْسُطُهُ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

         اللّهُمَّ اقْلِبْنا فِي هذا الوَقْتِ مُنْجِحِينَ مُفْلِحِينَ مَبْرُورِينَ غانِمِينَ وَلا تَجْعَلْنا مِنَ القانِطِينَ وَلا تُخْلِنا مِنْ رَحْمَتِكَ وَلا تَحْرِمْنا ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ فَضْلِكَ وَلا تَجْعَلْنا مِنْ رَحْمَتِكَ مَحْرُومِينَ وَلا لِفَضْلِ ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ عَطائِكَ قانِطِينَ وَلا تَرُدَّنا خائِبِينَ وَلا مِنْ بابِكَ مَطْرُودِينَ، يا أَجْوَدَ الأجْوَدِينَ وَيا أَكْرَمَ الأكْرَمِينَ إِلَيْكَ أَقْبَلْنا مُوقِنِينَ وَلِبَيْتِكَ الحَرامِ آمِّينَ قاصِدِينَ فَأَعِنّا عَلى مَناسِكِنا وَكَمِّلْ لَنا حَجَّنا وَاعْفُ عَنّا وَعافِنا فَقَدْ مَدَدْنا إِلَيْكَ أَيْدِينا فَهِيَ بِذِلَّةِ الاِعْتِرافِ مَوْسُومَةٌ، اللّهُمَّ فَأَعْطِنا فِي هذِهِ العَشِيَّةِ ما سَأَلْناكَ وَاكْفِنا ما اسْتَكْفَيْناكَ فَلا كافِيَ لِنا سِواكَ وَلا رَبَّ لَنا غَيْرُكَ، نافِذٌ فِينا حُكْمُكَ مُحِيطٌ بِنا عِلْمُكَ عَدْلٌ فِينا قَضاؤُكَ اقْضِ لَنا الخَيْرَ وَاجْعَلْنا مِنْ أَهْلِ الخَيْرِ، اللّهُمَّ أَوْجِبْ لَنا بِجُودِكَ عَظِيمَ الأجْرِ وَكَرِيمَ الذُّخْرِ وَدَوامَ اليُسْرِ وَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا أَجْمَعِينَ وَلا تُهْلِكْنا مَعَ الهالِكِينَ وَلا تَصْرِفْ عَنّا رَأْفَتَكَ وَرَحْمَتَكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللّهُمَّ اجْعَلْنا فِي هذا الوَقْتِ مِمَّنْ سَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ وَشَكَرَكَ فَزِدْتَهُ وَثابَ إِلَيْكَ فَقَبِلْتَهُ وَتَنَصَّلَ إِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِهُ كُلِّها فَغَفَرْتَها لَهُ يا ذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ، اللّهُمَّ وَنَقِّنا وَسَدِّدْنا وَاقْبَلْ تَضَرُّعَنا يا خَيْرَ مَنْ سُئِلْ وَيا أَرْحَمَ مَنْ اسْتُرْحِمَ يا مَنْ لا يَخفى عَلَيْهِ إِغْماضُ الجُفُونِ وَلا لَحْظُ العُيُونِ وَلا ما اسْتَقَرَّ فِي المَكْنُونِ وَلا ما انْطَوَتْ عَلَيْهِ مُضْمَراتُ القُلُوبِ أَلا كُلُّ ذلِكَ قَدْ أَحْصاهُ عِلْمُكَ وَوَسِعَهُ حِلْمُكَ.

سُبْحانَكَ وَتَعالَيْتَ عَمّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّا كَبِيراً تُسَبِّحُ لَكَ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالأَرْضونَ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيٍْ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ، فَلَكَ الحَمْدُ وَالمَجْدُ وَعُلُوُّ الجَدِّ ياذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ وَالفَضْلِ وَالإنْعامِ وَالأيْادِي الجِسامِ وَأَنْتَ الجَوادُ الكَرِيمُ الرَّؤُوفُ الرَّحِيمُ، اللّهُمَّ أَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الحَلالِ وَعافِنِي فِي بَدَنِي وَدِينِي وَآمِنْ خَوْفِي وَاعْتِقْ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، اللّهُمَّ لاتمْكُرْ بِي وَلا تَسْتَدْرِجْنِي وَلا تَخْدَعْنِي وَادْرَأْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الجِنِّ وَالإنْسِ).

          ثم رفع رأسه وبصره إلى السماء وعيناه ماطرتان كأنّهما مزادتان، وقال بصوتٍ عالٍ:

          (يا أَسْمَع السَّامِعِينَ يا أَبْصَر النَّاظِرِينَ وَيا أَسْرَعَ الحاسِبِينَ وَيا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ السَّادَةِ المَيامِينَ، وَأَسأَلُكَ اللّهُمَّ حاجَتِي الَّتِي إِنْ أَعْطَيْتَنِيها لَمْ يَضُرَّنِي ما مَنَعْتَنِي وَإِنْ مَنَعْتَنِيها لَمْ يَنْفَعْنِي ما أَعْطَيْتَنِي ؛ أَسأَلُكَ فَكاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَكَ المُلْكُ وَلَكَ الحَمْدُ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيٍْ قَدِيرٌ يا رَبِّ يا رَبِّ).

         وكان يكرر قوله: (يا رَبِّ)، وشغل من حضر ممن كان حوله عن الدعاء لأنفسهم وأقبلوا على الاستماع له والتأمين على دعائه ثم علت أصواتهم بالبكاء معه وغربت الشمس وأفاض الناس معه.

          وفي بعض نسخ كتاب الإقبال توجد بعد: (يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ…) هذه الزيادة:

(إِلهِي أَنا الفَقِيرُ فِي غِنايَ فَكَيْفَ لا أَكُونُ فَقِيراً فِي فَقْرِي إِلهِي أَنا الجاهِلُ فِي عِلْمِي فَكَيْفَ لا أَكُونُ جَهُولاً فِي جَهْلِي؟

          إِلهِي إِنَّ اخْتِلافَ تَدْبِيرِكَ وَسُرْعَةَ طَواءِ مَقادِيرِكَ مَنَعَا عِبادَكَ العارِفِينَ بِكَ عَنِ السُّكُونِ إلى عَطاءٍ وَاليَّأْسِ مِنْكَ فِي بَلاءٍ، إِلهِي مِنِّي ما يَلِيقُ بِلُؤْمِي وَمِنْكَ ما يَلِيقُ بِكَرَمِكَ، إِلهِي وَصَفْتَ نَفْسَكَ بِاللُّطْفِ وَالرَّأْفَةِ لِي قَبْلَ وُجُودِ ضَعْفِي أَفَتَمْنَعُنِي مِنْهُما بَعْدَ وَجُودِ ضَعْفِي؟

          إِلهِي إِنْ ظَهَرَتِ المَحاسِنُ مِنِّي فَبِفَضْلِكَ وَلَكَ المِنَّةُ عَلَيَّ وَإِنْ ظَهَرَتِ المَساوِيُ مِنِّي فَبِعَدْلِكَ وَلَكَ الحُجَّةُ عَلَيَّ، إِلهِي كَيْفَ تَكِلُنِي وَقَدْ تَكَفَّلْتَ لِي وَكَيْفَ أُضامُ وَأَنْتَ النَّاصِرُ لِي، أَمْ كَيْفَ أَخِيبُ وَأَنْتَ الحَفِيُّ بِي؟

          ها أَنا أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِفَقْرِي إِلَيْكَ وَكَيْفَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِما هُوَ مَحالٌ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ، أَمْ كَيْفَ أَشْكُو إِلَيْكَ حالِي وَهُوَ لا يَخْفى عَلَيْكَ، أَمْ كَيْفَ أُتَرْجِمُ بِمَقالِي وَهُوَ مِنْكَ بَرَزٌ إِلَيْكَ، أَمْ كَيْفَ تُخَيِّبْ آمالِي وَهِي قَدْ وَفَدَتْ إِلَيْكَ، أَمْ كَيْفَ لا تُحْسِنُ أَحْوالِي وَبِكَ قامَتْ؟

          إِلهِي ما أَلْطَفَكَ بِي مَعَ عَظِيمِ جَهْلِي وَما أَرْحَمَكَ بِي مَعَ قَبِيحِ فِعْلِي! إِلهِي ما أَقْرَبَكَ مِنِّي وَأَبْعَدَنِي عَنْكَ وَما أَرْأَفَكَ بِي ! فَما الَّذِي يَحْجُبُنِي عَنْكَ؟

          إِلهِي عَلِمْتُ بِاخْتِلافِ الآثارِ وَتَنَقُّلاتِ الأطْوارِ أَنَّ مُرادَكَ مِنِّي أَنْ تَتَعَرَّفَ إِلَيَّ فِي كُلِّ شَيٍْ حَتَّى لا أَجْهَلَكَ فِي شَيٍْ، إِلهِي كُلَّما أَخْرَسَنِي لُؤْمِي أَنْطَقَنِي كَرَمُكَ وَكُلَّما آيَسَتْنِي أَوْصافِي أَطْمَعَتْني مِنَنُكَ، إِلهِي مَنْ كانَتْ مَحاسِنُهُ مَسَاوِيَ فَكَيْفَ لا تَكُونُ مَساوِؤُهُ مَساوِيَ، وَمَنْ كانَتْ حَقائِقُهُ دَعاوي فَكَيْفَ لا تَكُونُ دَعاواهُ دَعاوي، إِلهِي حُكْمُكَ النَّافِذُ وَمَشِيئَتُكَ القاهِرَةِ لَمْ يَتْرُكا لِذِي مَقالٍ مَقالاً وَلا لِذِي حالٍ حالاً، إِلهِي كَمْ مِنْ طاعَةٍ بنَيْتُها وَحالَةٍ شَيَّدْتُها هَدَمَ اعْتِمادِي عَلَيْها عَدْلُكَ بَلْ أَقالَنِي مِنْها فَضْلُكَ، إِلهِي إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي وَإِنْ لَمْ تَدُمِ الطَّاعَةُ مِنِّي فِعْلاً جَزْماً فَقَدْ دامَتْ مَحَبَّةً وَعَزْماً، إِلهِي كَيْفَ أَعْزِمُ وَأَنْتَ القاهِرُ وَكَيْفَ لا أَعْزِمُ وَأَنْتَ الآمِرُ؟

          إِلهِي تَرَدُّدي فِي الآثارِ يُوجِبُ بُعْدَ المَزارِ فاجْمَعْنِي عَلَيْكَ بِخِدْمَةٍ تُوصِلُنِي إِلَيْكَ، كَيْفَ يُسْتَدَلُّ عَلَيْكَ بِما هُوَ فِي وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ إِلَيْكَ أَيَكُونُ لِغَيْرُكَ مِنَ الظُّهُورِ ما لَيْسَ لَكَ حَتَّى يَكُونَ هُوَ المُظْهِرَ لَكَ؟

          مَتى غبْتَ حَتَّى تَحْتاجَ إلى دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَيْكَ وَمَتى بَعُدْتَ حَتَّى تَكُونَ الآثارُ هِيَ الَّتِي تُوصِلُ إِلَيْكَ؟

          عَمِيَتْ عَيْنٌ لا تَراكَ عَلَيْها رَقِيباً وَخَسِرَتْ صَفْقَةُ عَبْدٍ لَمْ تَجْعَلَ لَهُ مِنْ حُبِّكَ نَصِيباً، إِلهِي أَمَرْتَ بِالرُّجُوعِ إلى الآثارِ فَأرْجِعْنِي إِلَيْكَ بِكِسْوَةِ الأنْوارِ وَهِدايَةِ الاِسْتِبْصارِ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ مِنْها كَما دَخَلْتُ إِلَيْكَ مِنْها مَصُونَ السِّرِّ عَنْ النَّظَرِ إِلَيْها وَمَرْفُوعَ الهِمَّةِ عَنِ الاِعْتِمادِ عَلَيْها إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيٍْ قَدِيرٌ. إِلهِي هذا ذُلِّي ظاهِرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ وَهذا حالِي لا يَخْفى عَلَيْكَ مِنْكَ أَطْلُبُ الوُصُولَ إِلَيْكَ وَبِكَ أَسْتَدِلُّ عَلَيْكَ فَاهْدِنِي بِنُورِكَ إِلَيْكَ وَأَقِمْنِي بِصِدْقِ العُبُودِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْكَ، إِلهِي عَلِّمْنِي مِنْ عِلْمِكَ المَخْزُونِ وَصُنِّي بِسِتْرِكَ المَصُونِ إِلهِي حَقِّقْنِي بِحَقائِقِ أَهْلِ القُرْبِ وَاسْلُكَ بِي مَسْلَكَ أَهْلِ الجَذْبِ، إِلهِي أَغْنِنِي بِتَدْبِيرِكَ لِي عَنْ تَدْبِيرِي وَبِاخْتِيارِكَ عَنْ اخْتِيارِي وَأوْقِفْنِي عَلى مَراكِزِ اضْطِرارِي، إِلهِي أَخْرِجْنِي مِنْ ذُلِّ نَفْسِي وَطَهِّرْنِي مِنْ شَكِّي وَشِرْكِي قَبْلَ حُلُولِ رَمْسِي، بِكَ أَنْتَصِرُ فَانْصُرْنِي وَعَلَيْكَ أَتَوَكَّلُ فَلا تَكِلْنِي وَإِيَّاكَ أَسْأَلُ فَلا تُخَيِّبْنِي وَفِي فَضْلِكَ أَرْغَبُ فَلا تَحْرِمْنِي وَبِجَنابِكَ أَنْتَسِبُ فَلا تُبْعِدْنِي وَبِبابِكَ أَقِفُ فَلا تَطْرُدْنِي، إِلهِي تَقَدَّسَ رِضاكَ أَنْ يَكُونَ لَهُ عِلَّةٌ مِنْكَ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ عِلَّةٌ مِنِّي؟

          إِلهِي أَنْتَ الغَنِيُّ بِذاتِكَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ النَّفْعُ مِنْكَ فَكَيْفَ لا تَكُونُ غَنِيّا عَنِّي؟

          إِلهِي إِنَّ القَضاء وَالقَدَرَ يُمَنِّيِني وَإِنَّ الهَوى بِوَثائِقِ الشَّهْوَةِ أَسَرَنِي فَكُنْ أَنْتَ النَّصِيرَ لِي حَتَّى تَنْصُرَنِي وَتُبَصِّرَنِي وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ حَتَّى اسْتَغْنِي بِكَ عَنْ طَلَبِي، أَنْتَ الَّذِي أَشْرَقْتَ الأنْوارَ فِي قُلُوبِ أَوْلِيائِكَ حَتَّى عَرَفُوكَ وَوَحَّدُوكَ وَأَنْتَ الَّذِي أَزَلْتَ الأغْيارَ عَنْ قُلُوبِ أَحِبَّائِكَ حَتَّى لَمْ يُحِبُّوا سِواكَ وَلَمْ يَلْجَأَوا إلى غَيْرِكَ أَنْتَ المُوْنِسُ لَهُمْ حَيْثُ أَوْحَشَتْهُمُ العَوالِمُ وَأَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَهُمْ حَيْثُ اسْتَبانَتْ لَهُمْ المَعالِمُ، ماذا وَجَدَ مَنْ فَقَدَكَ وَما الَّذِي فَقَدَ مَنْ وَجَدَكَ؟!

          لَقَدْ خابَ مَنْ رَضِيَ دُونَكَ بَدَلاً وَلَقَدْ خَسِرَ مَنْ بَغى عَنْكَ مُتَحَوَّلاً، كَيْفَ يُرْجى سِواكَ وَأَنْتَ ما قَطَعْتَ الإحْسانَ وَكَيْفَ يُطْلَبُ مِنْ غَيْرِكَ وَأَنْتَ ما بَدَّلْتَ عادَةَ الاِمْتِنانِ؟

          يا مَنْ أَذاقَ أَحِبَّاءَهُ حَلاوَةَ المُؤانَسَةِ فَقامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَمَلِّقِينَ وَيا مَنْ أَلْبَسَ أَوْلِياءهُ مَلابِسَ هَيْبَتِهِ فَقامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُسْتَغْفِرِينَ، أَنْتَ الذَّاكِرُ قَبْلَ الذَّاكِرِينَ وَأَنْتَ البادِيُ بِالإحْسانِ قَبْلَ تَوَجُّهِ العابِدِينَ وَأَنْتَ الجَوادُ بِالعَطاءِ قَبْلَ طَلَبِ الطَّالِبِينَ وَأَنْتَ الوَهَّابُ ثُمَّ لِما وَهَبْتَ لَنا مِنَ المُسْتَقْرِضِينَ، إِلهِي اطْلُبْنِي بِرَحْمَتِكَ حَتَّى أَصِلَ إِلَيْكَ وَاجْذُبْنِي بِمَنِّكَ حَتَّى أُقْبِلَ عَلَيْكَ، إِلهِي إِنَّ رَجائِي لا يَنْقَطِعُ عَنْكَ وَإِنْ عَصَيْتُكَ كَما أَنَّ خَوْفِي لا يُزايِلُنِي وَإِنْ أَطَعْتُكَ فَقَدْ دَفَعَتْنِي العَوالِمُ إِلَيْكَ وَقَدْ أَوْقَعَنِي عِلْمِي بِكَرَمِكَ عَلَيْكَ، إِلهِي كَيْفَ أَخِيبُ وَأَنْتَ أَمَلِي أَمْ كَيْفَ اُهانُ وَعَلَيْكَ مُتَّكَلِي، إِلهِي كَيْفَ أسْتَعِزُّ وَفِي الذِّلَّةِ أَرْكَزْتَنِي أَمْ كَيْفَ لا أَسْتَعِزُّ وَإِلَيْكَ نَسَبْتَنِي؟

          إِلهِي كَيْفَ لا أَفْتَقِرُ وَأَنْتَ الَّذِي فِي الفُقَراءِ أَقَمْتَنِي أَمْ كَيفَ أَفْتَقِرُ وَأَنْتَ الَّذِي بِجُودِكَ أَغْنَيْتَنِي وَأَنْتَ الَّذِي لا إِلهَ غَيْرُكَ تَعَرَّفْتَ لِكُلِّ شَيٍْ فَما جَهِلَكَ شَيٌْ وَأَنْتَ الَّذِي تَعَرَّفْتَ إِلَيَّ فِي كُلِّ شَيٍْ فَرَأَيْتُكَ ظاهِراً فِي كُلِّ شَيٍْ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ لِكُلِّ شَيٍْ.

          يا مَنْ اسْتَوى بِرَحْمانِيَّتِه فَصارَ العَرْشُ غَيْباً فِي ذاتِهِ مَحَقْتَ الآثارَ بِالآثارِ وَمَحَوْتَ الأغْيارَ بِمُحِيطاتِ أَفْلاكِ الأنْوارِ، يا مَنْ احْتَجَبَ فِي سُرادِقاتِ عَرْشِهِ عَنْ أَنْ تُدْرِكَهُ الأبْصارُ يا مَنْ تَجَلّى بِكَمالِ بَهائِهِ فَتَحَقَّقَتْ عَظَمَتُهُ من الاِسْتِواءِ، كَيْفَ تَخْفى وَأَنْتَ الظَّاهِرُ أَمْ كَيْفَ تَغِيبُ وَأَنْتَ الرَّقِيبُ الحاضِرُ؟

إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيٍْ قَدِيرٌ وَالحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ).

 

 

شارك الاستفتاء

زيارة باقي مساجد ومشاهد المدينة المنورة:

          يستحب إتيان المساجد والمشاهد كلها التي حول المدينة المنورة.

          فقد ورد في الحديث الصحيح عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (لا تدع إتيان المشاهد كلها: مسجد (قبا) فإنه المسجد الذي أُسس على التقوى من أول يوم، و (مشربة أم إبراهيم) ومسجد (الفضيخ) وقبور الشهداء، و (مسجد الأحزاب) وهو مسجد الفتح).

          قال: (وبلغنا أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا أتى قبور الشهداء قال: السلامُ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار).

          وليكن فيما تقول عند مسجد الفتح:

          (يَا صَرِيخَ المَكرُوبِينَ، وَيَا مُجِيبَ المُضطَرِّينَ اكشِفْ عَنِّي هَمِّي وَغَمِّي وَكَرْبِي كَمَا كَشَفْتَ عَن نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلهِ هَمَّهُ وَغَمَّهُ وَكَرْبَهُ وَكَفَيتَهُ هَولَ عَدُوِّهِ في هَذا المَكَانِ).

          وورد في حديث آخر أنه سُئل الإمام الصادق (عليه السلام): (أنا نأتي المساجد التي حول المدينة فبأيها نبدأ؟ فقال (عليه السلام): ابدأ بـ(قباء) فصلّ فيه وأكثر، فإنه أول مسجد صلى فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذه العرصة، ثم ائتِ (مشربة أم إبراهيم) فصلّ فيها وهي مسكن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومصلاه ثم تأتي مسجد (الفضيخ) فتصلي فيه فقد صلى فيه نبيك، فإذا قضيت هذا الجانب أتيتَ جانب أحد فبدأت بالمسجد الذي دون الحَرَّة فصليت فيه، ثم مررت بقبر حمزة بن عبد المطلب فسلّمت عليه، ثم مررت بقبور الشهداء).

          ولا يخفى أنه يقال للغرفة مشربة، ومشربة أم إبراهيم كانت تسكنها ماريّة القبطية زوجة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأم إبراهيم (عليه السلام)، ومن الدور التي كان يسكنها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو مسجد.

          ومسجد (فضيخ) يقع شرقي مسجد (قبا) على قرب منه وإنما سُمّي بـ(الفضيخ) لوجود نخل التمر فيه، ولهذا المسجد اسم آخر (مسجد رد الشمس) لأنه رُدّت فيه الشمس لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه على ما جاء في الروايات([1]).

          وغير هذا المسجد يوجد مسجد آخر في محلة بني النضير يسمى أيضاً مسجد فضيخ وينقل أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عند غزوته لبني النضير صلى فيه ستة أيام.

          وفي ناحية أحد يوجد مسجد اسمه (مسجد الحرة) يقرب من حرة المدينة، ومسجد آخر في جنب جبل أحد كان مكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أيام غزوة أحد، ومسجد الأحزاب المسمى بمسجد الفتح كان أيضاً مكان صلاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أيام غزوة الأحزاب.

          ومن المساجد المشهورة في المدينة المنورة مسجد أمير المؤمنين (عليه السلام) ومسجد فاطمة سلام الله عليها ومسجد سلمان (عليه السلام) ومسجد القبلتين ومسجد المباهلة ومسجد الغمامة.

          وغير خفي على القارئ الكريم أن في المدينة المنورة وحواليها مساجد كثيرة شيد كل منها بمناسبة وقضية وحادثة مهمة، فكل واحدة من هذه المساجد تذكّر الإنسان بالحوادث والوقائع التأريخية المهمة التي وقعت في صدر الإسلام على يد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام وأصحابه الذين اتبعوه بإحسان.

          فزيارة هذه المساجد في الحقيقة توجب إحياء تلك المعنويات التي كان يتمتع بها المسلمون في الصدر الأول وبسببها تمكّنوا من الدفاع عن الإسلام والتوحيد والوقوف أمام الشرك والمشركين مع قلّة العدد وفقدان الإمكانات اللازمة وفي أحرج الحالات، وجعلوا كلمة الله هي العليا وكلمة أعدائه هي السفلى وتحملوا أنواع الأذى في سبيله.

          كما ونذكر أيضاً عند زيارتنا لهذه المساجد ذكريات عن حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وما تحمله من ألوان المصاعب والمتاعب والأذى لأجل تبليغ رسالته السماوية الخالدة وما تحمّله أهل بيته عليهم السلام في هذا السبيل.

          ومن المناسب على الزوار المحترمين أن يصلّوا في كل مسجد ركعتين تحية المسجد ويرفعوا بعدها أكف الدعاء إلى الله سبحانه وتعالى لأنفسهم ولوالديهم ولإخوانهم المؤمنين ولا سيما للمؤمنين والمسلمين الذين هم في المحنة والبلاء والعذاب في شرق الأرض وغربها.

          ومن المساجد التي ورد التأكيد بالصلاة فيها (مسجد الغدير) الواقع بين طريق مكة والمدينة لأن في هذا المكان نصب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً (عليه السلام) بالخلافة والإمامة من بعده بأمر من الله تعالى، كما قال الإمام الصادق (عليه السلام): (يستحب الصلاة في مسجد الغدير لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أقام فيه أميرَ المؤمنين (عليه السلام) وهو موضع أظهر الله عز وجل فيه الحق)([2]).

          ولكن كما مضى سابقاً أفضل المساجد هناك بعد مسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مسجد (قبا) كما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (من أتى مسجد قبا فصلى فيه ركعتين رجع بعمرة)([3]).

 



([1]) راجع الكافي: ج4، ص 562.

([2]) الكافي: ج4، ص 567.

([3]) كامل الزيارات: ص 25، البحار: 97، ص 215.

شارك الاستفتاء

زيارة سائر شهداء أُحد رضوان الله عليهم

          تقف عند قبورهم بأحُد وتقول:

          (السَلامُ عَلى رَسُولِ اللهِ، السَلامُ عَلى نَبيِّ اللهِ، السَلامُ عَلى محمدٍ بنِ عبدِ اللهِ، السَلامُ عَلى أهلِ بَيتِهِ الطاهِرينَ، السَلامُ عَلَيكُمْ أيُّهَا الشُهداءُ المؤمِنونَ، السَلامُ عَليكُم يَا أهلَ بَيتِ الإيمَانِ وَالتَوحِيدِ، السَلامُ عَليكُم يَا أنصَارَ دِينِ اللهِ وَأنصَارَ رَسُولِهِ عَليهِ وَآلهِ السَلامُ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَارُ، أشْهَدُ أنَّ اللهَ اختَارَكم لِدِينِهِ وَاصطَفَاكُم لِرَسُولِهِ، وَأشهَدُ أنَّكُم قَد جَاهَدتُم في اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ وَذَبَبْتُمْ عَن دِينِ اللهِ وَعَن نَبِيِّهِ وَجُدْتُم بِأنفسِكُم دُونَهُ، وَأشهَدُ أنَّكُم قُتِلتُم عَلى مِنهَاجِ رَسُولِ اللهِ فَجَزَاكُمُ اللهُ عَن نَبِيِّهِ وَعَنِ الإسلامِ وَأهلَهُ أفضَلَ الجَزَاءِ، وَعَرَّفَنا وُجُوهَكُم في مَحَلِّ رِضوَانِهِ وَموضِعِ إكرَامِهِ، مَعَ النَبيّينَ وَالصِدِّيقِينَ وَالشُهَدَاءِ وَالصَالحينَ وَحَسُنَ أولِئكَ رَفِيقاً، أشهدُ أنَّكُم حِزبُ اللهِ، وَأنَّ مَن حَارَبَكم فَقد حَاربَ اللهَ، وَأنّكم لَمِنَ المُقَرَّبينَ الفَائِزينَ الذينَ هُم أحيَاءٌ عِندَ رَبِّهِم يُرزَقُونَ، فَعَلَى مَن قَتَلَكُم لَعنةُ اللهِ وَالملائكةِ وَالناسِ أجمعينَ، أتَيتُكُم يَا أهلَ التَوحِيدِ زَائِراً، وَبِحَقِّكُم عَارفاً، وَبِزيَارَتِكُم إلى اللهِ مُتَقرِّباً، وَبِمَا سَبَقَ مِن شَريفِ الأعمَالِ وَمَرضيِّ الأفعَالِ عَالِماً، فَعَلَيكُم سَلامُ اللهِ وَرَحمَتُهُ وَبَرَكاتُه، وَعَلى مَن قَتَلَكُم لَعنةُ اللهِ وَغَضَبُهُ وَسَخَطُهُ، اللهُمَّ انفَعنِي بِزِيَارَتِهِم وَثَبّتْنِي عَلى قَصدِهِم وَتَوَفَّنِي على مَا تَوَفَّيتَهُم عَليهِ وَاجمَعْ بَينِي وَبينَهم في مُستَقَرِّ دَارِ رَحمَتِكَ، أشهدُ أنَّكُم لَنا فَرَطٌ وَنحنُ بِكم لاحِقُونَ).

 

          وتكرر قراءة سورة [إنَّا أنزَلنَاهُ في لَيلَةِ القَدْرِ] ما تمكنت، وتصلي لكل شهيد بأحد ركعتين إن تمكنت من ذلك.

شارك الاستفتاء

زيارة حمزة (رضي الله تعالى عنه) عم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقبره الشريف في أحد.

          نقل المحدث القمي (عليه الرحمة) عن رسالة فخر المحققين (قدس سره) المسماة بالرسالة الفخرية: (ويستحب زيارة حمزة (رضي الله عنه) وباقي الشهداء بأُحد لما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: من زارني ولم يزر عمي حمزة فقد جفاني.

          ونقل المحدث القمي أيضاً عن الشيخ المفيد (قدس سره) أنه كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر في حياته بزيارة حمزة (عليه السلام) وكان يُلِمُّ به وبالشهداء، ولم تزل فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تغدو وتروح إلى قبر حمزة (عليه السلام) والمسلمون يتناوبون على زيارته وملازمة قبره.

          وأما كيفية زيارته: تقف عند قبره وتقول:

          (السَلامُ عليكَ يَا عَمَّ رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وآلهِ، السَلامُ عَليكَ يَا خَيرَ الشُهَدَاءِ، السَلامُ عَليكَ يَا أسَدَ اللهِ وَأسَدَ رَسُولِه، أشهَدُ أنَّكَ قَد جَاهَدتَ في اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَجُدتَ بِنَفسِكَ وَنصَحتَ رَسُولَ اللهِ وَكُنتَ فِيمَا عِندَ اللهِ سُبحانهُ رَاغباً بِأبِي أنتَ وَأمِّي أتَيتُكَ مُتقرِّباً إلى رَسولِ اللهِ صَلى اللهُ عَليهِ وآلهِ بِذلكَ رَاغباً إليكَ في الشَفاعَةِ، أبتغِي بِزيَارَتِكَ خَلاصَ نَفسِي مُتَعَوّذاً بِكَ من نَارٍ استَحَقَّها مِثلِي بِمَا جَنيتُ عَلى نَفسِي هَارِباً مِن ذُنُوبِي التي احتَطبتُها عَلى ظَهرِي، فَزِعاً إليكَ رَجاءَ رَحمةِ رَبِّي، أتَيتُكَ مِن شُقَّةٍ بَعيدِةٍ طَالِباً فَكاكَ رَقَبَتِي مِنَ النارِ، وقَد أوْقَرَتْ ظَهرِي ذُنُوبِي وَأتيتُ مَا أَسخَطَ رَبّي وَلم أجِدْ أحَداً أفزَعُ إليهِ خَيراً لِي مِنكُم أهلَ بَيتِ الرَحمةِ، فَكُنْ لِي شَفِيعاً يَومَ فَقرِي وَحَاجَتِي فَقَد سِرتُ إليكَ مَحزُوناً، وَأتَيتُكَ مَكروباً، وَسَكبْتُ عَبرَتِي عِندَكَ بَاكِياً، وَصِرتُ إليكَ مُفرَداً، وَأنتَ مِمَّنْ أمَرنِيَ اللهُ بِصِلَتِهِ، وَحَثَّنِي عَلى بِرِّهِ، وَدَلَّنِي عَلى فَضلِهِ وَهَدَانِي لِحُبِّهِ، وَرَغَّبَنِي في الوِفَادَةِ إليهِ، وألهَمَنِي طَلبَ الحَوَائِجِ عِندَهُ، أنتُمْ أهلُ بَيتٍ لا يَشقَى مَن تَوَلاكُم، وَلا يَخِيبُ مَن أتَاكُم، وَلا يَخسَرُ مَن يَهوَاكُم، وَلا يَسعَدُ مَن عَادَاكُمْ).

          ثم تصلي ركعتين.

 

 

شارك الاستفتاء

زيارة فاطمة بنت أسد والدة الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وقبرها الشريف بجوار أئمة البقيع (عليهم السلام) تقف عند قبرها وتقول:

          (السَلامُ على نبيِّ الله، السَلامُ على رَسولِ اللهِ، السَلامُ على محمدٍ سيّدِ المرسَلينَ، السَلامُ على محمدٍ سَيّدِ الأوّلِينَ، السَلامُ عَلى محمّدٍ سَيّدِ الآخرينَ، السَلامُ على مَن بَعثَهُ اللهُ رَحمَةً لِلعَالَمِينَ السَلامُ عَليكَ أيُّها النَبيّ وَرحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، السَلامُ عَلى فَاطمةَ بِنتِ أسَدٍ الهَاشِميّةِ السَلامُ عَليكِ أيَّتُها الصِدّيقةُ المرضِيّةُ، السَلامُ عليكِ أيّتُها التَقيّةُ النَقيّةُ السَلامُ عَليكِ أيَّتُها الكَريمةُ الرَضيّةُ، السَلامُ عَليكِ يَا مَن ظَهَرَتْ شَفَقَتُهَا عَلى رَسُولِ اللهِ خَاتَمِ النَبيينَ، السَلامُ عَليكِ يَا مَن تَربيتُها لِولِيّ اللهِ الأمِينِ، السَلامُ عَليكِ وعَلى رُوحِكِ وَبَدَنِكِ الطَاهِرِ، السَلامُ عَليكِ وَعَلَى وَلَدِكِ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، أشهَدُ أنَّكِ أحسَنتِ الكَفَالَةَ وَأدَّيتِ الأمَانَةَ، وَاجتَهدْتِ في مَرضاةِ اللهِ وَبالَغْتِ في حِفظِ رَسُولِ اللهِ، عَارِفةً بِحَقِّهِ، مُؤمِنةً بِصِدقِهِ، مُعتَرِفَةً بِنُبُوَّتِهِ، مُستَبصِرةً بِنَعمَتِهِ، كَافِلَةً بِتَربِيَتِهِ مُشفِقَةً عَلى نَفسِهِ، وَاقِفَةً عَلى خِدمَتِهِ، مُختَارَةً رِضَاهُ، وَأشهَدُ أنَّكِ مَضيتِ عَلى الإيمَانِ وَالتَمَسُّكِ بِأشرَفِ الأديَانِ، رَاضِيةً مَرضيّةً طَاهِرةً زَكيَّةً تَقيَّةً نَقيَّةً، فَرَضِيَ اللهُ عَنكِ وَأرضَاكِ، وَجَعَلَ الجَنَّةَ مَنزِلَكِ وَمَأوَاكِ، اللهُمّ صَلّ على محمّدٍ وَآلِ محمّدٍ وَانفعنِي بِزيَارَتِها، وَثبّتْنِي عَلى مَحَبَّتِهَا، وَلا تَحرِمنِي شَفَاعَتَها وَشَفَاعَةَ الأئمةِ مِن ذُرِّيَتِها وَارزُقنِي مُرَافَقَتَها وَاحشُرنِي مَعَهَا وَمَعَ أولادِها الطاهِرينَ، اللهُمّ لا تَجعَلْهُ آخِرَ العَهِدِ مِن زِيارَتِي إيَّاهَا وَارزُقنِي العَودَ إليهَا أبَداً مَا أبقَيتَنِي، وَإذا تَوفّيتَنِي فَاحشُرنِي في زُمرَتِها وَأدخِلنِي في شَفَاعَتِها بِرَحمَتِكَ يَا أرحَمَ الرَاحمينَ، اللهُمّ بِحَقِّها عِندَكَ وَمَنزِلَتِها لَدَيكَ اغِفِرْ لِي وِلِوَالِدَيَّ وَلِجَمِيعِ المُؤمِنينَ وَالمؤمِناتِ، وَآتِنا في الدُنيا حَسَنَةً وَفي الآخِرةِ حَسَنَةً وَقِنَا بِرَحمَتِكَ عَذَابَ النَارِ).

 

          ثم تصلي ركعتين للزيارة وتدعو بما تريد.

شارك الاستفتاء

زيارة إبراهيم بن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفاطمة بنت أسد والدة أمير المؤمنين (عليه السلام) وحمزة (عليه السلام) عم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وسائر شهداء أحد رضوان الله عليهم أجمعين:

          إبراهيم بن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمه ماريّة القبطية، كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يحبه حباً شديداً، ومات وعمره يقارب السنتين، ودُفن في البقيع، ونقل زيارته العلامة المجلسي في البحار عن الشيخ المفيد والسيد ابن طاووس وغيرهما بهذه الكيفية:

          (السَلامُ عَلى رَسولِ اللهِ، السَلامُ عَلى نَبيِّ اللهِ السَلامُ عَلى حَبيبِ اللهِ، السَلامُ عَلى صَفِيِّ اللهِ، السَلامُ عَلى نَجِيِّ اللهِ، السَلامُ عَلى محمّدِ بنِ عَبدِ اللهِ سَيّدِ الأنبياءِ وَخَاتَمِ المُرسَلِينَ وَخِيَرَةِ اللهِ مِنْ خَلقِهِ في أرضِهِ وَسَمائِهِ، السَلامُ عَلى جَميعِ أنبِياءِ اللهِ وَرُسُلِهِ، السَلامُ عَلى السُعَدَاءِ وَالشُهَدَاءِ وَالصَالحِينَ، السَلامُ عَلَينا وَعَلى عِبَادِ اللهِ الصَالِحِينَ، السَلامُ عَليكَ أيُّها الرُوحُ الزَاكِيةُ، السَلامُ عَلَيكَ أيَّتُهَا النَفسُ الشَريفَةُ، السَلامُ عَليكَ أيَّتُها السُلالَةُ الطاهِرةُ، السَلامُ عَليكَ أيَّتُها النَسَمَةُ الزَاكيةُ، السَلامُ عَليكَ يَا ابنَ خَيرِ الوَرَى، السَلامُ عَليكَ يَا ابنَ النَبيِّ المُجتَبى، السَلامُ عَليكَ يَا ابنَ المبعُوثِ إلى كَافَةِ الوَرى، السَلامُ عَليكَ يَا ابنَ البَشيرِ النَذيرِ، السَلامُ عَلَيكَ يَا ابنَ السِرَاجِ المُنيرِ، السَلامُ عَلَيكَ يَا ابنَ المُؤيَّدِ بِالقُرآنِ، السَلامُ عَلَيكَ يَا ابنَ المُرسَلِ إلى الإنسِ وَالجانِّ، السَلامُ علَيكَ يَا ابنَ صَاحِبِ الرَايةِ وَالعَلامَةِ، السَلامُ عَلَيكَ يَا ابنَ شَفِيعِ يَومِ القِيامَةِ السَلامُ عَلَيكَ يَا ابنَ مَنْ حَبَاهُ اللهُ بِالكَرَامَةِ، السَلامُ عَلَيكَ وَرحمةُ اللهِ وَبَركاتُهُ، أشهَدُ أنَّكَ قَد اختَارَ اللهُ لَكَ دَارَ إنعَامِهِ قَبلَ أنْ يَكتُبَ عَليكَ أحكَامَهُ أو يُكلِّفَكَ حَلالَهُ وَحَرَامَهُ، فَنَقَلَكَ إليهِ طَيِّباً زَاكِياً مَرضِيّاً طَاهراً مِن كُلِّ نَجَسٍ مُقَدَّساً مِن كلّ دَنَسٍ، وَبَوّأكَ جَنةَ المأوَى، وَرَفَعَكَ إلى الدرَجاتِ الُعلى، وَصَلّى اللهُ علَيكَ صَلاةً يُقِرُّ ِبها عَينَ رَسُولِهِ وَيُبَلِّغُهُ أكبَرَ مَأمُولِهِ، اللهمّ اجعَلْ أفضَلَ صَلواتِكَ وَأزكَاهَا وَأنمَى بَركاتِكَ وَأوفَاهَا عَلى رَسُولِكَ وَنبيِّكَ وَخِيَرَتِكَ مِن خَلقِكَ محمدٍ خَاتَمِ النَبيّينَ وَعَلى مَا نَسَل مِن أولادِهِ الطَيِّبينَ، وَعَلى مَا خَلَفَ مِن عِترتِهِ الطَاهِرينَ، بِرَحمَتِكَ يا أرحمَ الرَاحِمينَ، اللهمّ إنّي أسألُكَ بحقِّ محمدٍ صَفيِّكَ وَإبراهيمَ نَجلُ نَبيّكَ أنْ تَجعَلَ سَعيِي بِهم مَشكُوراً، وَذنِبي بِهم مَغفوراً، وَحَياتِي بِهم سَعيدةً، وَعَافِيَتِي بهم حميدةً، وَحَوَائِجِي بِهم مَقضِيَّةً، وَأفعَالِي بهم مَرضيَّةً، وَأمُورِي بِهم مَسعُودَةً، وَشُؤونِي بهِم محمودَةً، اللهُمّ وَأحسِنْ لِيَ التَوفيقَ، وَنَفِّسْ عَنّي كُلَّ هَمٍّ وَضِيقٍ، اللهُمّ جَنّبنِي عِقَابَكَ، وَامنَحنِي ثَوَابَكَ، وَأسكِنِّي جِنانَكَ، وَارزُقنِي رِضوَانَكَ وَأمانَك، وَأشرِكْ في صَالِحِ دُعائِي وَالِدَيَّ وَوُلدِي وَجَميعَ المؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ الأحيَاءِ مِنهُم وَالأموَاتِ إنَّكَ وَليُّ البَاقِياتِ الصَالحاتِ، آمِينَ رَبَّ العَالمَِينَ).

 

          ثم تسال حوائجك وتصلي ركعتين.

1 2
المجموع: 16 | عرض: 1 - 10

مكتب المرجع الديني

الشيخ محمد اليعقوبي(دام ظله) - ارسل استفتاءك

النجف الاشرف