الرئيسية | | الرسالة العملية | الحج اشهر معلومات | مقدمات الحج وأحكام عامة
مقدمات الحج وأحكام عامة

شارك الاستفتاء

ما يعتبر في حج التمتع:

     أمور:

1- النية بعناصرها الثلاثة، من نية القربة والإخلاص وقصد اسمه الخاص المميز له شرعاً.

2- أن يكون مجموع العمرة والحج في أشهر الحج، وهي شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، فلو أحرم للعمرة قبل دخول شهر شوال بطل وإن وقعت بقية أعمالها فيه.

3- أن يكون الحج والعمرة في سنة واحدة، بادئاً بالعمرة ثم بالحج، فلو أتى بالعمرة وأخّر الحج إلى السنة القادمة لم يصح حج التمتع، ولا فرق في ذلك بين أن يقيم في مكة أو يرجع إلى أهله أو يبقى محرماً إلى السنة الآتية أو يحل منها بالتقصير.

4- إن موضع إحرام الحج مكة، والمراد بمكة هنا البلدة على امتدادها، فالأحياء الجديدة تعتبر جزءاً منها عرفاً، فيجوز الإحرام منها والأفضل أن يكون من المسجد الحرام، وأفضل مواضعه مقام إبراهيم (عليه السلام) أو حجر إسماعيل (عليه السلام)، نعم لا يجوز الإحرام في قرية أو بلدة أخرى لها عنوانها المتميز واسمها الخاص، وإن كانت اتصلت بمكة من طريق توسع العمران.

(مسألة – 136) يجوز للمكلف بعد الفراغ من أعمال عمرة التمتع الخروج من مكة إذا عرضت له حاجة بشرط أن يكون واثقاً من رجوعه إلى مكة وإدراكه الوقوف في عرفات، وإذا كان الوقت قبل الموقف بيوم أو يومين فإن الأحوط الأولى له أن يخرج محرماً بالحج ثم يعود إلى مكة بذلك الإحرام ويذهب منها إلى عرفات، وإذا لم يمكنه الرجوع إلى مكة ذهب من مكانه إلى عرفات.

          وإن خرج من مكة بغير إحرام فإن رجع إليها قبل انقضاء الشهر الذي اعتمر فيه فلا يلزمه إحرام جديد لدخول مكة، فيحرم منها للحج، وإن رجع في غير الشهر الذي اعتمر فيه وجب عليه الإحرام من الميقات لعمرة التمتع ويأتي بها مرة أخرى وتكون هي عمرة التمتع له لاشتراط ارتباطها بالحج، أما عمرته الأولى فتنقلب مفردة وليس عليه أن يأتي بطواف النساء لها، وإن كان أحوط وأولى.

          وإذا رجع إلى مكة في غير شهر عمرته محرماً بعمرة مفردة جهلاً أو غفلة صحّت، ولكن عليه أن يأتي بعمرة تمتع أخرى ولا تنقلب هذه العمرة المفردة إلى عمرة تمتع.

(مسألة – 137) يجوز للمكلف الخروج من مكة أثناء عمرة التمتع بشرط أن يكون واثقاً من قدرته على الرجوع إلى مكة وإتمام العمرة، ثم إدراك الحج، وبشرط عدم فوات الموالاة في المواضع المشروطة فيها.

(مسألة – 138) من كانت وظيفته حج التمتع لا يجوز له العدول إلى حج القران أو الإفراد في حال الاختيار وسعة الوقت، أما لو أحرم لعمرة التمتع ثم علم بضيق الوقت ولم يمكنه إتمامها لعدم درك الوقوف بعرفات وهو أول ركن في الحج ينقلب حجه إلى الإفراد وينقل نيته من العمرة إلى حج الإفراد، والأولى تجديد الإحرام وبعد إتمام الحج يأتي بعمرة مفردة ويسقط عنه حج التمتع، ولو علم ضيق الوقت قبل إحرام عمرة التمتع فالأحوط أن يحرم بنية حج الإفراد، وبعد إتمام الحج يأتي بعمرة مفردة ولكن في كفايته حينئذٍ عن حجة الإسلام إشكال، فإن كانت استطاعته باقية أو وجب الحج عليه سابقاً فالأحوط وجوباً الإتيان بحج التمتع في السنة الآتية، وكذلك لو أحرم في سعة الوقت بنية عمرة التمتع وأخر أعمال العمرة عمداً حتى ضاق الوقت ولم يمكنه إتيانها لفوات درك الحج، فالأحوط أيضاً أن ينقل نيته إلى حج الإفراد مع تجديد الإحرام وفي الاكتفاء به عن حجة الإسلام إشكال.

(مسألة – 139) يجوز الإحرام من الميقات للحائض والنفساء فتحرم لعمرة التمتع، فإن حصل لها النقاء قبل الحج فعليها الإتيان بأعمال العمرة وإن لم يحصل ذلك حتى ضاق الوقت عن إتيان أعمال العمرة لفوات الوقوف بعرفات فتنقل نيتها إلى حج الإفراد وبعد إتمام الحج تأتي بعمرة مفردة.

          وكذلك لو أحرمت في الطهر وقبل الطواف رأت الدم، وإن رأت الدم بعد الطواف وصلاته فعليها بالسعي والتقصير، ويجوز لها الإحرام للحج وهي في حال الحيض ، وإن رأت الدم قبل صلاة الطواف قضتها بعد الانتهاء من أعمال يوم النحر قبل طواف الحج وصلاته .

(مسألة – 140) إذا وصلت إلى الميقات وكانت حائض أو نفساء ولم تعلم بحصول النقاء لها لطواف العمرة أم لا أو كانت مطمئنة بعدم حصول النقاء، فالأحوط أن تحرم وتنوي بما هو وظيفتها من عمرة التمتع أو حج الإفراد، فإن طهرت في وقت يسع لأعمال العمرة أتت بأعمال عمرة التمتع وبعدها تحرم للحج، وإن لم تطهر فعليها حج الإفراد بنفس إحرامها وبعد إتمام الحج تأتي بعمرة مفردة وصح حجها.

(مسألة – 141) لا يجوز لمن أحرم لعمرة التمتع المستحبة من المواقيت ودخل الحرم أن يلغيها ويعود إلى أهله ولو فعل كان آثماً وبقي محرماً حتى يأتي بتمام أعمالها الموجبة للإحلال .

          ولو أتم عمرة التمتع ولكنه لم يحج ورجع إلى بلده عصى وبطلت عمرته لاشتراط ارتباطها بالحج ولا تنقلب مفردة.

 

(مسألة – 142) من أحرم لعمرة مفردة فلا يجوز له إبطالها إذا دخل الحرم، وإذا فعل عصى وبقي محرماً ولا يحل منها حتى يأتي بتمام أعمالها الموجبة للإحلال.

شارك الاستفتاء

واجبات حجة التمتع:

          أمور:

1- الإحرام: وصورته نفس صورة الإحرام لعمرة التمتع، غير أنه يقصد هنا الإحرام لحجة التمتع قربة إلى الله تعالى، ومكانه مكة المكرمة، وزمانه يجب أن يكون قبل ظهر اليوم التاسع من ذي الحجة، على نحو يتمكن من إدراك الوقوف الواجب بعرفات.

2- الوقوف بعرفات: وهو أن يكون الحاج متواجداً فيها من ظهر اليوم التاسع من ذي الحجة إلى الغروب، ولو تأخر عن أول الظهر بمقدار ساعة لأداء المستحبات المسنونة للموقف فلا ضير .

3- الوقوف بالمزدلفة: وهو أن يكون الحاج متواجداً فيها بعد أن يغادر من عرفات، والواجب هو التواجد في المزدلفة من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ولا يجب المبيت، أي قضاء بقية الليل فيها وإن كان الاحتياط لا يترك بإدخال شيء من الليل.

4- رمي جمرة العقبة: ووقته بين طلوع الشمس وغروبها، ويعتبر أن يكون بسبع حصيّات على سبيل التتابع لا دفعة واحدة.

5- الهدي: وهو عبارة عن الذبيحة التي يجب على الحاج أن يذبحها أو ينحرها يوم النحر بعد رمي جمرة العقبة في منى.

6- الحلق أو التقصير: على الرجل الحاج بعد ذلك أن يحلق رأسه أو يقصر، وعلى المرأة التقصير دائماً، ونقصد بالحلق حلق شعر الرأس بتمامه، وبالتقصير أخذ شيء من الشعر أو الأظافر، ومكانه منى.

7- الطواف حول البيت: وهو كطواف عمرة التمتع، غير أنه ينويه باسم طواف حج التمتع قربة إلى الله تعالى.

8- صلاة الطواف: وهي كصلاة طواف العمرة، إلا أنه ينويها باسم صلاة طواف الحج كذلك.

9- السعي بين الصفا والمروة: وصورته نفس صورة السعي بينهما في العمرة، غير أنه ينويه لحج التمتع قربة إلى الله تعالى.

10- طواف النساء وصلاته: وهما كطواف العمرة والحج وصلاتهما.

11- المبيت في منى: وهو التواجد ليلتي الحادي عشر والثاني عشر فيها ويكفي فيه من أول الليل إلى نصفه، أو من منتصفه إلى طلوع الفجر.

12- رمي الجمرات الثلاث: مبتدءاً من الجمرة الأولى ومنتهياً إلى الجمرة العقبى في اليوم الحادي عشر والثاني عشر.

 

النوع الثاني: حج الإفراد:

          وهو وظيفة من يكون موطنه ومسكنه دون ستة عشر فرسخاً من المسجد الحرام، وهو واجب مستقل لا يرتبط بالعمرة، نعم إذا استطاع المكلف لهما معاً وجب الإتيان بهما كذلك مقدماً للحج على العمرة، على الأحوط كما سبق.

النوع الثالث: حج القِران:

          وهو كحج الإفراد، ولا فرق بينهما إلا أن المكلف إذا صحب هدياً معه وقت الإحرام وساقه في حجه وجب عليه أن يضحي بذلك الهدي يوم العيد، ويسمى الحج حينئذٍ بحج القران، حيث أن الحاج يقرن معه الهدي وإذا لم يصحب هدياً مع وقت الإحرام سمي بحج الإفراد باعتبار أن الحاج يفرد بالحج، ولا يقرن معه الهدي.

 

موارد التطابق بين حج التمتع وحج الإفراد في الأعمال التالية

1- الإحرام.

2- الوقوف بعرفات وفي المزدلفة.

3- رمي جمرة العقبة.

4- الحلق أو التقصير للرجال، والتقصير فقط للنساء.

5- الطواف حول البيت الشريف وصلاة الطواف.

6- السعي بين الصفا والمروة.

7- طواف النساء وصلاته.

8- المبيت في منى ليلة الحادي عشر والثاني عشر.

9- رمي الجمرات الثلاث في اليوم الحادي عشر والثاني عشر.

    وأما الذبح أو النحر فهو لا يجب في حج الإفراد إذ لم يصحب المؤدي له هدياً معه وقت الإحرام، وإلا كان من حج القران ووجب ذبحه أو نحره في منى.

 

الافتراق بين الحجتين في الأمور التالية:

1- ترتبط صحة حج التمتع بكونه مسبوقاً بعمرة التمتع بصورة صحيحة، بينا لا ترتبط صحة حج الإفراد بذلك.

2- يجب في حج التمتع الذبح أو النحر في منى، ولا يجب ذلك في حج الإفراد لأنه لم يسق هدياً معه في وقت الإحرام.

3- موضع إحرام حج التمتع مكة المكرمة، وموضع إحرام حج الإفراد أدنى الحل كالجعرانة إذا كان من أهل مكة ومجاوريها وإلا فبحسب حاله كما سيأتي بإذن الله تعالى.

 

4- لا يجوز تقديم طواف الحج والسعي بين الصفا والمروة في حج التمتع على الوقوف بالموقفين اختياراً، ويجوز ذلك في حج الإفراد.

شارك الاستفتاء

النوع الأول: حج التمتع:

          وهو عبادة مركبة من جزأين مترابطين: أحدهما عمرة التمتع، والآخر الحج، ويسمى (حج التمتع).

 

واجبات عمرة التمتع أمور:

1- الإحرام: وصورته: أن يلبس ثوبي الإحرام ويقصد الإحرام لعمرة التمتع من حجة الإسلام قربة إلى الله تعالى، ويلبي، فإذا لبى انعقد الإحرام وأصبح محرماً، وحرمت عليه أشياء محددة يأتي شرحها.

2- الطواف: وصورته: أن يبدأ بالطواف حول البيت الشريف من النقطة المحاذية للحجر الأسود مراعياً أن يكون البيت إلى جانبه الأيسر، فيطوف حول البيت سبع مرات لعمرة التمتع من حج التمتع حجة الإسلام قربة إلى الله تعالى، وفي كل مرة يبدأ من المكان المحاذي للحجر، وينتهي إليه في كل مرة.

3- صلاة الطواف: وصورتها: ركعتان كصلاة الفجر مخيراً فيها بين الجهر والإخفات.

4- السعي: وصورته: أن ينوي السعي بين الصفا والمروة لعمرة التمتع من حج التمتع حجة الإسلام قربة إلى الله تعالى، ويسير بادئاً من الصفا منتهياً إلى المروة، ويعود من المروة إلى الصفا، وهكذا حتى يصل عدد السعي بينهما إلى سبع مرات، ويسمى كل واحد منها شوطاً، أربع مرات ذاهباً من الصفا إلى المروة، وثلاث مرات ذاهباً من المروة إلى الصفا، فيكون ختام السعي عند المروة.

 

5- التقصير: وهو أن يأخذ شيئاً من شعره أو أظفاره، وينوي بذلك التقصير لعمرة التمتع من حجة الإسلام قربة إلى الله تعالى، فإذا أتى المكلف بهذه الأعمال الخمسة خرج من إحرامه، وحلت عليه الأمور التي كانت قد حرمت عليه بسبب الإحرام، ولم يبق عليه حينئذٍ إلا أعمال الحج في وقتها.


شارك الاستفتاء

أنواع الحج

          الحج على ثلاثة أنواع بحسب كيفية أدائه وترتيب مناسكه، وليس اختيار أحدها موكول للمكلف وإنما يتعين لكل مكلف فرضه بلحاظ بُعد موطنه عن مكة، فمن كان البعد بين أهله ومكة أقل من ستة عشر فرسخاً (أي 88 كيلومتراً) ففرضه حج القران أو الإفراد، وأما إذا كانت المسافة بهذا المقدار أو أكثر من ذلك ففرضه حج التمتع.

          نعم قد تنقلب وظيفة المتمتع إلى الإفراد لمرض أو عذر كما يأتي تفصيل ذلك بإذن الله تعالى. ولكن من أتى بخلاف فرضه حال الاختيار وبلا عذر فإنه لا يكفي عن حجة الإسلام.

          ومن كان متوطناً في مدينتين: إحداهما دون الحد المذكور والأخرى أبعد منه فالميزان أغلبهما توطناً، فإن غلب عليه التوطن في الأول كان فرضه في حجة الإسلام الإفراد أو القران، وإن غلب عليه التوطن في الثاني كان فرضه في حجة الإسلام التمتع.

(مسألة – 129) البعد المتمثل بـ(88 كم) يلاحظ بين بلد الإنسان ومكة بحدودهما وليس إلى المسجد الحرام أو من منزل الشخص.

(مسألة – 130) المذكور أعلاه وظيفة من عليه حجة الإسلام، وأما في الحج المندوب فلا فرق بين أهل مكة وضواحيها ومن كان بعيداً عنها، فإنه مخير بين هذه الأقسام الثلاثة للحج وإن كان الأفضل حج التمتع. ومن وجب عليه الحج بنذر وشبهه أو بإجارة فالمدار على قصد الناذر والمستأجر.

          ومن أفسد حجه وجب عليه أن يعيد حجه السابق الذي أفسده.

(مسألة – 131) إذا نوى البعيد الإقامة في مكة بقصد التوطن، انقلبت وظيفته من التمتع إلى الإفراد بمجرد صدق الاستيطان عليه بحيث يُعدّ من أهلها، ولا يتوقف الانقلاب على الإقامة فيها مدة، وإن كانت استطاعته في بلده.

(مسألة – 132) إذا أقام البعيد في مكة بقصد المجاورة، فإن كانت إقامته بعد استطاعته ووجوب الحج عليه، وجب عليه حج التمتع، وكذا لو أقام بمكة واستطاع في أقل من سنتين وكان يمكنه الحج قبل إكمال السنتين، وأما لو استطاع بعد الدخول في السنة الثالثة من إقامته بمكة فيكون فرضه الإفراد أو القران.

(مسألة – 133) إذا نوى المكي الإقامة في بلد آخر بعيد سنتين أو أكثر فلا يلحقه حكم ذلك البلد إلا إذا عُد من أهله.

(مسألة – 134) من جاور مكة المعظمة وكان من نيته الرجوع إلى وطنه يشترط في استطاعته أن يملك مصارف الحج والرجوع إلى وطنه، فإذا كان يملك مصارف الرجوع إلى وطنه فقط فلا يجب عليه أن يصرفها في الحج.

(مسألة – 135) من جاور مكة المعظمة ولم ينقلب فرضه من حج التمتع إلى حج الإفراد أو القران فالأحوط أن يحرم من ميقات بلده أو من إحدى المواقيت الخمسة، وإذا أراد أهل مكة المعظمة الإتيان بحج التمتع المندوب أو المنذور أو بإجارة فالأحوط أن يكون إحرامهم من إحدى المواقيت الخمسة وتجديد النية في أدنى الحل والتلبية، ويأتي تفصيل ذلك في مبحث المواقيت.

 

 

شارك الاستفتاء

العمرة

          العمرة على نوعين:

(الأول): العمرة المفردة، وهي مستحبة باستثناء العمرة الأولى للمستطيع، فإنها واجبة على كل مستطيع تكون المسافة بين مسكنه وموطنه وبين المسجد الحرام دون ستة عشر فرسخاً (أي 88 كيلومتراً)، لأن وظيفته أن يحج ويعتمر مبتدئاً بالحج ومنتهياً بالعمرة على الأحوط، وتسمى مثل هذه الحجة بحجة الإفراد، وتعتبر العمرة فيها عملاً مستقلاً عن الحج، وليست جزءاً له، ولهذا تسمى بالعمرة المفردة، وإذا لم يتمكن من الحج، وتمكن من العمرة وجب عليه أن يأتي بها مفردة.

(الثاني): عمرة التمتع، وهي جزء من فريضة حج التمتع ، وعلى كل من يستطيع مالاً وبدناً وأمناً، ويبعد موطنه ومسكنه عن المسجد الحرام ستة عشر فرسخاً أو أكثر من ذلك ، أن يعتمر ويحج بادئاً بالعمرة ومنتهياً بالحج، وتسمى الحجة التي تبدأ بالعمرة وتنتهي بالحج بحجة التمتع، فالعمرة تعتبر الجزء الأول من حجة التمتع، ولا تجب عليه العمرة المفردة وإن استطاع ذلك.

          وبكلمة مختصرة: إن وظيفة القريب حج الإفراد والعمرة المفردة، بادئاً بالحج، ثم بالعمرة على الأحوط، ووظيفة البعيد حج التمتع بادئاً بالعمرة ثم بالحج، ولا ترتبط صحة حج الإفراد بالعمرة المفردة، فلهذا لا يمثلان عبادة واحدة، بل عبادتين مستقلتين، ولا يستلزم بطلان أحدهما بطلان الأخرى، بينما ترتبط صحة حج التمتع بعمرة التمتع، فلهذا يمثلان عبادة واحدة، فبطلان أي منهما يستلزم بطلان الآخر.

(مسألة – 119) كل من أراد أن يحج حجاً استحبابياً، سواء أكان قريباً أم بعيداً، تخيّر بين حج التمتع أو الإفراد أو القران، وإن كان الأول أفضل، وإذا أراد أن يأتي بالعمرة في غير موسم الحج، فلا بد من أن يأتي بالعمرة المفردة، ولا يجوز له الإتيان بعمرة التمتع إلا في أشهر الحج.

(مسألة – 120) يستحب الإتيان بالعمرة المفردة في كل شهر، ولا إشكال في جواز الإتيان بعمرة في شهر وإن كان في آخره، وبعمرة أخرى في شهر آخر وإن كان في أوله، والأقوى جواز الإتيان بعمرتين في شهر واحد خلافاً للمشهور الذي منع من ذلك فيما إذا كانت العمرتان عن نفس المعتمر أو عن شخص آخر.

      ونحن ننصح هنا من أراد أن يعتمر عمرة بعد عمرة بلا فاصل أن ينويها نيابة عن المعصومين ( سلام الله عليهم ) لما فيها من الأجر المضاعف أو ينويها عن والديه وأقربائه ، لأنه سينال نفس الأجر وزيادة مع وصول مثله إلى الآخرين ويتخلص من احتمال اشتراط الفصل .

      وعلى المشهور فإنه لا إشكال فيما إذا كانت إحدى العمرتين عن نفسه والأخرى عن غيره، أو كانت كلتاهما عن شخصين غيره، كما لا إشكال فيما إذا كانت إحداهما العمرة المفردة والثانية عمرة التمتع، فمن اعتمر عمرة مفردة يجوز له الإتيان بعمرة التمتع بعدها ولو كانت في نفس الشهر بلا إشكال، وكذلك الحال في الإتيان بالعمرة المفردة بعد الفراغ من أعمال حج التمتع.

          ولا يجوز الإتيان بالعمرة المفردة بين عمرة التمتع والحج.

(مسألة – 121) مرّ أن العمرة المفردة تجب على القريب بالاستطاعة، ولا تجب على البعيد، وأما بالنذر أو اليمين أو العهد أو الشرط في ضمن العقد، فهي تجب على القريب والبعيد على حد سواء.

 

موارد التطابق بين نوعي العمرة:

1- الإحرام: وصورته أن يلبس المكلف ثوبي الإحرام، وينويه ويلبي بقصد القربة، فإذا لبّى كذلك انعقد الإحرام، وأصبح محرماً، وحرمت عليه أشياء معينة سيأتي شرحها ضمن المسائل القادمة.

2- الطواف: وهو أن يقف إلى جانب الحجر الأسود، مراعياً أن يكون البيت الشريف إلى جانبه الأيسر، فيطوف حوله سبع مرات، بادئاً في كل مرة بالحجر، ومنتهياً في كل مرة إليه.

3- صلاة الطواف: وهي ركعتان مخيراً فيهما بين الجهر والإخفات.

4- السعي بين الصفا والمروة: وهو أن يبدأ الإنسان بالصفا وينتهي بالمروة، ويعود من المروة إلى الصفا، وهكذا سبع مرات.

 

موارد الافتراق بين نوعي العمرة:

1- موضوع عمرة التمتع من الناحية الزمانية أشهر الحج، وهي شوال وذو القعدة وذو الحجة، بينما يكون موضوع العمرة المفردة من الناحية الزمانية تمام شهور السنة، وأفضلها للعمرة المفردة شهر رجب.

2- تشتمل العمرة المفردة على طواف آخر يسمى بطواف النساء، وهو آخر ما يأتي به المعتمر في هذه العمرة، بينما لا تشتمل عمرة التمتع إلا على طواف واحد.

3- لا يخرج المحرم عن الإحرام في عمرة التمتع إلا بالتقصير، بينما يخرج في العمرة المفردة بأحد أمرين: إما بالتقصير أو الحلق.

4- تمثل عمرة التمتع وحج التمتع عبادة واحدة، فلا يصح إنجاز العمرة بصورة مستقلة عن حج التمتع، ولا بد من إنجازهما في سنة واحدة في أشهر الحج، خلافاً للعمرة المفردة، فإنها لا تمثل مع حج الإفراد عبادة واحدة، بل هي تعتبر عبادة مستقلة عن الحج، ولهذا يجوز الإتيان بعمرة مفردة في سنة، وحج الإفراد في سنة أخرى.

5- لا يصح الإحرام لعمرة التمتع إلا من أحد المواقيت الخمسة، أو من محاذاتها، بينما يجوز الإحرام للعمرة المفردة من أدنى الحل في حالة عدم المرور على أحد تلك المواقيت ولا على محاذاته.

6- مرّ أن عمرة التمتع بما أنها مرتبطة بحج التمتع ثبوتاً وسقوطاً، ولا يصح إتيانها بصورة مستقلة عن الحج، فلذلك كل من أراد أن يأتي بعمرة مستحبة يتعين عليه أن يأتي بعمرة مفردة.

7- إن من تكون وظيفته حج التمتع، فلا تكتمل استطاعته إلا أن تتوفر بالنسبة إلى كلا الجانبين معاً، من عمرة التمتع وحجة التمتع، فإذا كان مستطيعاً لإحداهما دون الأخرى فلا يجب عليه شيء منهما، وهذا بخلاف من تكون وظيفته حج الإفراد، فإنه يكفي لكل من الحج والعمرة استطاعته، فإذا استطاع للحج وجب عليه الحج دون العمرة، وإذا استطاع للعمرة وجبت عليه العمرة دون الحج، وإذا استطاع للاثنين وجب عليه الاثنان مقدماً الحج على العمرة على الأحوط.

 

 

مسائل:

(مسألة – 122) كل شخص أراد الإتيان بالعمرة المفردة، فإذا مر على أحد المواقيت أو من محاذاته التي يحرم منها لعمرة التمتع، وجب عليه أن يحرم منه، ولا يجوز له الاجتياز بدون إحرام بقصد الإحرام من أدنى الحل، وأما من كان في مكة وأراد الإتيان بالعمرة المفردة، فيجوز له أن يخرج من الحرم ويحرم لها من أدنى الحل، وهو النقطة التي تنتهي فيها منطقة الحل، وتبدأ منطقة الحرم المحيطة بمكة، والأولى أن يكون إحرامه من أحد الأمكنة التالية: الحديبية، أو الجعرانة، أو التنعيم على المشهور ، بينما لا يصح إحرام عمرة التمتع إلا من أحد المواقيت الخمسة، أو من محاذاتها، حتى لمن كان في مكة، وأراد الإتيان بها، فإن عليه أن يخرج إلى أحد تلك المواقيت، والإحرام منه، إلا إذا لم يتمكن من الذهاب إليه، وحينئذٍ فإن تمكن من الخروج عن الحرم والإحرام من هناك وجب، وإلا فمن مكانه، على تفصيل يأتي في ضمن المسائل الآتية.

(مسألة – 123) من خرج من مكة بعد الفراغ من أعمال الحج، أو بعد الإتيان بالعمرة المفردة، إذا أراد الدخول إليها مرة ثانية، جاز بدون إحرام إذا كان قبل مضي الشهر الذي أتى بالحج أو العمرة المفردة فيه.

          وأما غيره فلا يجوز له الدخول بدون إحرام، إلا من يتكرر دخوله فيها، والخروج منها كالحطاب والحشاش والمجتلبة، ويشمل الحكم كل من يتكرر دخوله فيها والخروج منها لحاجة تتطلب ذلك، كالممرض والمعلم والطالب الجامعي أو غير ذلك.

(مسألة – 124) من أتى بعمرة مفردة في أشهر الحج غير قاصد الحج وناوياً الرجوع إلى بلده بعد العمرة، فإذا بقي في مكة بعدها إلى يوم التروية، فإن نوى الحج انقلبت عمرته متعة، ولم يجز له الخروج منها، وترْك الحج، وإلا جاز له ذلك حتى في يوم التروية.

(مسألة –125) انقلاب العمرة المفردة المأتي بها في أشهر الحج إلى عمرة التمتع مختص بمن لم يكن قاصد الحج ثم قصده، أما من كان قاصد الحج فعليه أن يأتي بعمرة التمتع لحج التمتع بعدها.

(مسألة – 126) يتحقق الانقلاب من حين قصدِه الحج وليس من حين العدول عن الرجوع إلى بلده والبناء على البقاء في مكة إلى يوم التروية أو غيره.

(مسألة – 127) حكم الانقلاب المذكور شامل لحج التمتع الواجب والمندوب.

 

(مسألة – 128) يجوز الإتيان بالعمرة المفردة في العشرة الأولى من ذي الحجة.

شارك الاستفتاء

الحج المندوب:

(مسألة – 115) يستحب لمن يمكنه الحج أن يحج وإن لم يكن مستطيعاً أو أنه أتى بحجة الإسلام، ويستحب الإتيان به في كل سنة لمن يتمكن من ذلك.

(مسألة – 116) يشترط في حج المرأة إذن الزوج إذا كان الحج مندوباً، وكذلك المعتدة بالعدة الرجعية، ولا يعتبر ذلك في البائنة.

(مسألة – 117) تستحب نية العود إلى الحج، وتكره نية عدم العود، فعن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: (من خرج من مكة وهو لا يريد العود إليها فقد اقترب أجله ودنا عذابه).

 

(مسألة – 118) يستحب إحجاج من لا استطاعة له، كما يستحب الاستقراض للحج إذا كان واثقاً بالوفاء بعد ذلك، ولا ضير في كثرة الإنفاق في الحج.

شارك الاستفتاء

شرائط النائب:

1- البلوغ: فلا تصح نيابة الصبي، وأما المميز الموثوق به فلا تصح نيابته في الحج الواجب على الأحوط، وتصح نيابته في الحج المندوب بإذن الولي.

2- العقل: فلا تجزي استنابة المجنون سواء في ذلك ما إذا كان جنونه مطبقاً أم كان أدوارياً إذا كان العمل في دور جنونه، وأما السفيه فلا بأس باستنابته.

3- الإيمان: فلا تصح نيابة غير المؤمن وإن أتى بالعمل على طبق مذهبنا وحصل منه قصد القربة.

4- أن يكون النائب متمكناً من الأداء المباشر بكل واجبات الحج، وأما إذا كان عاجزاً عن القيام ببعض واجباته لمرض أو نحوه، فلا تجوز نيابته، كما إذا كان عاجزاً عن الطواف وصلاته، أو السعي بين الصفا والمروة أو غير ذلك، وإذا بادر والحال هذه وتبرع بالحج عن غيره فلا يكتفى بذلك.

          نعم إذا لم يتمكن من رمي الجمرات الثلاث في اليوم الحادي عشر والثاني عشر مباشرة، فلا بأس باستنابته، كما أنه إذا علم باضطراره أثناء الإحرام إلى التظليل أو نحوه لم يعق ذلك عن صحة الاستنابة.

          ولا يضرّ بصحة الاستنابة ما لو كان الشخص متمكناً من القيام بكل واجبات الحج من الأول واستؤجر للحج عن غيره ثم طرأ عليه العجز أثناء الأعمال، كما إذا مرض أو انكسرت رجله اتفاقاً فعجز عن القيام المباشر بالطواف والسعي ونحوهما.

5- أن لا يكون الإنسان مكلفاً بحجة الإسلام أو غيرها من الحج الواجب في سنته، فلا يجوز له أن ينوب عن غيره فيها ويهمل ما وجب عليه من الحج، ولكن إذا صنع ذلك غافلاً أو جاهلاً بوجوب الحج عنه صحت استنابته وحجته النيابية معاً.

          وإذا صنع ذلك عامداً وملتفتاً إلى أنه مكلف بالحج فعلاً فإن الإجارة لا تصح، وأما حجته النيابية فهي صحيحة، وإذا كانت الإجارة باطلة فإنه لا يستحق الأجرة المسماة وإنما يستحق أجرة المثل، وهي الأجرة التي يتقاضاها الأجراء عادة للقيام بمثل ذلك العمل، وعليه فإذا كانت الأجرة المعينة في الإجارة أكثر من أجرة المثل لم يكن له المطالبة بالزائد.

(مسألة – 90) لا تعتبر في صحة عمل النائب العدالة، ولا الوثاقة، ولا الأمانة، ولا في صحة استيجاره ولكن بما أن ذمة الميت لا تبرأ بمجرد عقد الإيجار، وإنما ترتبط براءتها بأداء النائب للحج على الوجه الصحيح، فيتطلب ذلك من الوصي أو الوارث أن يستنيب شخصاً يكون واثقاً ومطمئناً بأنه يؤدي العمل على الوجه المطلوب، ولا يجوز له أن يستنيب من لا يثق به لأن وظيفته إحراز فراغ ذمة الميت عن الحج، ولا يمكن ذلك إلا أن يكون النائب مأموناً بأداء الحج بكامل واجباته وذا معرفة في تطبيقها وجديراً بالثقة وكذلك الحي العاجز الموسر الذي تكون وظيفته الاستنابة، فإن الواجب عليه أن يستنيب شخصاً جديراً بالثقة والأمانة، ومتأكداً بأنه يؤدي العمل على الوجه الصحيح والمطلوب حتى يحصل له الوثوق والاطمئنان بفراغ ذمته.

(مسألة – 91) إذا استقرت حجة الإسلام على شخص ثم صار مجنوناً، فإن انقطع الأمل عن استعادة عقله أُرسل شخص مكانه ليحج عنه نيابة وإن مات وجب على وليه أن يحج عنه مباشرة أو استنابة.

(مسألة – 92) لا تعتبر المماثلة في نيابة الحج بين النائب والمنوب عنه، فتصح نيابة المرأة عن الرجل وبالعكس، ولا يعتبر في نائب الرجل أن يكون رجلاً وفي نائب المرأة أن يكون امرأة، كما أنه لا فرق في ذلك بين أن يكون النائب قد حج سابقاً أو لم يحج، لكن يستحب إنابة الرجل الصرورة وهو من لم يحج سابقاً.

(مسألة – 93) تصح النيابة في الحج المندوب عن الحي رجلاً كان أو امرأة مطلقاً، أي سواء أكان عاجزاً أم لا وسواء أكانت بالتبرع أم بالإجارة، وفي الحج الواجب عنه شريطة أن يكون الوجوب مستقراً عليه ، وأن يكون عاجزاً وميئوساً من التمكن بالقيام به مباشرة وأن يكون بالإجارة، ولا تصح بالتبرع وتصح عن الميت مطلقاً في الحج الواجب والمندوب، كانت بالتبرع أم بالإجارة.

(مسألة – 94) يعتبر في صحة عمل النائب امران: أحدهما قصد النيابة عن غيره، وهو المنوب عنه وثانيهما تعيينه ولو على وجه الإجمال، فلو أتى بعمل كان يقصد به النيابة عن غيره بدون تعيينه ولو إجمالاً، لم يقع عنه كما أنه لو أتى بعمل بدون أن يقصد النيابة عن غيره لم يقع عنه.

(مسألة – 95) كما تصح النيابة بالإجارة، تصح بالجعالة، وبالشرط في ضمن العقد أيضاً.

(مسألة – 96) إذا مات النائب قبل الإحرام، لم تبرأ ذمة الميت عن الحج، ويجب على الوصي أو الوارث أن يستنيب شخصاً للحج عنه مرة ثانية، وإذا مات بعد الإحرام أجزأ عنه وبرئت ذمته وإن كان قبل دخول الحرم، ولا فرق في ذلك بين أقسام الحج، كما أنه لا فرق بين أن تكون النيابة بالإجارة أو بالتبرع.

(مسألة – 97) إذا مات الأجير بعد الإحرام فإنه يستحق تمام الأجرة إذا كانت الأجرة على تفريغ ذمة الميت، وإذا كانت على الأعمال والمناسك توزع الأجرة عليها، فيستحق منها بالنسبة.

(مسألة – 98) إذا مات الأجير قبل الإحرام فإنه لا يستحق من الأجرة شيئاً مطلقاً، سواء أكانت الإجارة على تفريغ الذمة، أم كانت على الأعمال والمناسك، نعم ما صرفه من الأجرة على المقدمات إلى ما قبل الميقات، فلا يكون ضامناً، ولا يحق للوارث أو الوصي أن يطالبه به.

(مسألة – 99) إذا استأجر الوارث أو الوصي شخصاً للحجة البلدية عن الميت، ولم يعيِّن طريقاً خاصاً كان الأجير مخيراً في اختيار أي طريق شاء ، وأما إذا عيَّن طريقاً خاصاً وكان بنظره أصلح من سائر الطرق، فلا يجوز له العدول عنه، فإذا عدل عنه وذهب إلى الحج من طريق آخر وحج صح حجه وبرئت ذمة المنوب عنه، وأما استحقاق الأجرة كلها فإن كان الطريق المعين داخلاً في متعلق الإجارة فيستحق من الأجرة بالنسبة، وإن لم يكن داخلاً في متعلقها بأن تكون الإجارة على الأعمال والمناسك، أو على تفريغ الذمة استحق تمام الأجرة، غاية الأمر أنه خالف الشرط.

(مسألة – 100) إذا آجر أحد نفسه للحج عن شخص -مباشرة في سنة خاصة، ثم آجر نفسه للحج عن آخر في نفس تلك السنة كذلك، فإن الإجارة الثانية باطلة لأنها وقعت على ملك الغير بدون إذنه.

(مسألة – 101) إذا آجر إنسان نفسه للحج عن شخص آخر في سنة معينة، وجب عليه أن يحج عنه في هذه السنة تنفيذاً للوفاء بالإجارة، ولا يجوز له التأخير إلى سنة أخرى، ولا التقديم، فإذا أخّر أو قدم فذمة الميت وإن برئت إلا أنه قيل بأن الأجير لا يستحق شيئاً على المستأجر، لا الأجرة المسماة، لعدم وفائه بالإجارة، ولا أجرة المثل، لأن ما أتى به لم يكن بإذن المستأجر وأمره، وهذا صحيح، لو لم تترتب عليها ثمرة كما لو كانت الإجارة مقيدة بهذه السنة على نحو وحدة المطلوب لأن ما في ذمة الميت مقيد بهذه السنة لنذر ونحوه، أما في غير ذلك بأن ترتب على فعل الأجير براءة ذمة الميت فالأحوط التصالح، كما لو كان الشرط على نحو تعدد المطلوب.

(مسألة – 102) إذا منع ظالم أو عدو الأجير بعد الإحرام عن ممارسة أعمال الحج، أو منعه مرض عن ممارستها، كان حكمه حكم الحاج عن نفسه إذا صد أو أحصر، وسيأتي بيان ذلك في ضمن مسائل المصدود والمحصور. نعم على هذا انفسخت الإجارة إذا كانت مقيدة بهذه السنة الخاصة، وإلا ظل الحج في ذمته، وعليه الإتيان به في السنين القادمة.

(مسألة – 103) إذا مارس النائب محرمات الإحرام عامداً وملتفتاً إلى الحكم الشرعي أو اضطراراً فكفارتها عليه دون المنوب عنه، ولا فرق في بين أن تكون النيابة بالإجارة أو بالتبرع.

(مسألة – 104) إذا استأجر شخصاً للحج عن الميت بأجرة معينة، ثم قصرت الأجرة عن نفقات الحج فلا يجب على المستأجر تكميلها كما أنها إذا زادت عنها فلا يحق له أن يطالب الأجير بإرجاع الزائد.

(مسألة – 105) إذا كان الميت قد أوصى بصرف مبلغ معين من المال في الحج عنه سنين متعددة، وحدد لكل سنة مقداراً خاصاً منه، واتفق عدم كفاية ذلك المقدار لكل سنة فعلى الوصي أن يصرف نصيب سنتين أو أكثر في سنة واحدة للحج عنه.

(مسألة – 106) إذا مارس الأجير الاستمتاع بامرأته جماعاً قبل الوقوف بالمشعر الحرام فعليه الحج من قابل وكفارة ناقة وإتمام هذا الحج، فإذا أكمل هذا الحج فقد برئت ذمة الميت واستحق تمام الأجرة، وأما الحج في العام القادم فهو عقوبة عليه ويكون حاله حال سائر الكفارات.

(مسألة – 107) يملك الأجير الأجرة بعقد الإيجار ولكن لا يجب على المستأجر تسليمها إليه إلا بعد إتيانه بالعمل المستأجر عليه، هذا إذا لم يشترط الأجير في ضمن العقد تسليم الأجرة قبل العمل وإلا وجب، والقرينة هنا على هذا الاشتراط موجودة وهي أن المتعارف الخارجي والمرتكز في أذهان الناس تقديم الأجرة قبل البدء بالعمل المستأجر عليه، ومنشأ ذلك أن الأجير في الغالب لا يتمكن من نفقات الحج بكاملها قبل أخذ الأجرة، وحيث أن عقد الإيجار الواقع بين الأجير والمستأجر في باب الحج مبني على ذلك، فيكون بمثابة شرط ضمني لتسليم الأجرة قبل الشروع في العمل.

(مسألة – 108) إذا آجر زيد نفسه للحج عن الميت، فليس له أن يستأجر شخصاً آخر للإتيان بالحج عنه، إلا إذا أذن المستأجر الأول بذلك، أو كانت هناك قرينة على أن مقصود المستأجر الأول ليس قيام الأجير بالحج عنه مباشرة، فيجوز له أن يستأجر غيره للقيام به.

(مسألة – 109) إذا استأجر الوارث أو الوصي لحج التمتع باعتقاد سعة الوقت، ثم بان أن الوقت قد ضاق ولا يتمكن الأجير من الإتيان بعمرة التمتع وإدراك الحج بعدها فإن حصل ذلك اتفاقاً فعدل الأجير عن عمرة التمتع إلى حج الإفراد وأتى بعمرة مفردة بعده، برأت ذمة المنوب عنه، لكن الأجير لا يستحق الأجرة إذا كانت الإجارة على نفس الأعمال، نعم إذا كانت الإجارة على تفريغ ذمة الميت استحقها.

          وإذا كان ضيق الوقت مستنداً إلى إهمال الأجير، وتأخير السفر إلى الحج تساهلاً وتسامحاً، لم يكشف ذلك عن بطلان الإجارة ولا انقلاب الوظيفة من حج التمتع إلى حج الإفراد، ووقتئذٍ يثبت الخيار للمستأجر، وله فسخ الإجارة، واسترجاع الأجرة منه.

(مسألة – 110) تصح نيابة شخص واحد عن جماعة في الحج المندوب بدون فرق بين أن يكون هؤلاء الجماعة من الأحياء أو الأموات، ولا تصح في الحج الواجب، فإذا كان الحج واجباً على كل واحد من الشخصين أو الأشخاص احتاج كل منهم إلى نائب مستقل، ولا تتصور كفاية نائب واحد عن الجميع.

(مسألة – 111) يجوز لجماعة أن ينوبوا في سنة واحدة عن شخص واحد، سواء أكان ذلك الشخص حياً أم كان ميتاً، فيحج كل واحد منهم نيابة عنه، سواء أكان قصد بعضهم مختلفاً عن قصد البعض الآخر، كما إذا قصد أحدهم النيابة عنه في حج مندوب وقصد الآخر النيابة عنه في حج واجب، أو قصدوا جميعاً النيابة عنه في حج واحد كحجة الإسلام احتياطاً، على أساس أن كل واحد منهم يحتمل أن عمل الآخرين ناقص في الواقع وباطل.

(مسألة – 112) يجب تعيين نوع الحج من تمتع أو إفراد أو قران في عقد الإيجار، نعم لو كان الإيجار على الحج المندوب، ولم يعين نوعاً خاصاً منه، كان الإيجار على الجامع، وعليه فيكون الأجير مخيراً في تطبيق ذلك الجامع على أي نوع من أنواعه شاء، وأما إذا عيّن المستأجر نوعاً خاصاً من الحج، فلا يجوز للأجير العدول منه إلى غيره وإن كان أفضل، إلا بإذن المستأجر، فإذا عدل بدون إذنه لم يستحق على المستأجر شيئاً من الأجرة المسماة ولا المثل.

(مسألة – 113) الطواف حول البيت الشريف جزء من الحج، وجزء من العمرة، وهو مضافاً إلى ذلك مستحب في نفسه، وعبادة مستقلة من هذه الناحية، كالوضوء فإنه شرط للصلاة، ومع ذلك يكون عبادة مستقلة، وعلى هذا فيجوز للإنسان أن يطوف حول الكعبة الشريفة مستقلاً، بدون أن يضم إلى ذلك شيئاً آخر من أعمال العمرة أو الحج، وتجوز النيابة فيه عن الميت، وكذا عن الحي إذا كان غائباً عن مكة، أو حاضراً فيها ولم يتمكن من الطواف مباشرة، ولا يعتبر في الطواف المستحب المستقل أن يكون حال الطواف متوضئاً، ولكن لا بد أن يكون متوضئاً حال الإتيان بركعتيه من صلاته.

(مسألة – 114) يسوغ للنائب بعد الفراغ من أعمال الحجة النيابية أن يأتي بعمرة مفردة عن نفسه وعن غيره تبرعاً أو إجارة.

 

 

شارك الاستفتاء

الاستنابة في الحج:

(مسألة – 55) إذا وجب الحج على الإنسان بسبب ما لديه من الإمكانية المالية وتوفر سائر شروطه، ولم يحج إلى أن توفي، وجبت الاستنابة للحج عنه، وتسدد نفقات هذا الحج من تركته، فإذا لم يكن قد أوصى بأن يحج عنه أخرجت نفقات الحجة الميقاتية من التركة ويكفي أن تكون من أقرب المواقيت ، ولا حق للميت في هذه الحالة إلا في نفقاتها، وهي لا تكلف النائب السفر إلا من الميقات، وتكون نفقاتها أقل من نفقات الحجة البلدية التي تكلف النائب السفر من البلد، وعلى هذا فإذا أمكن وجدان شخص يسكن في الميقات أو نواحيه من البلاد القريبة كالمدينة المنورة مثلاً، كفى استيجاره للحج عن الميت، وإذا كان الميت قد أوصى بأن يُحج عنه من تركته أُخرجت نفقات الحجة البلدية من التركة، ومعنى أن نفقات الحج تخرج من التركة، أن الميت لو كان قد أوصى بثلثه ليصرف في وجوه البر والإحسان، فالواجب أولاً إخراج نفقات الحج من التركة ككل، ثم تقسيم الباقي إلى ثلاثة أقسام وتخصيص قسم منها للميت وفقاً للوصية.

(مسألة – 56) إذا كان الميت قد أوصى بالحج عنه وأوصى بالثلث لأشياء أخرى، وجب الإنفاق من التركة على حجة بلدية عنه، ثم إخراج الثلث من الباقي وصرفه فيها تنفيذاً للوصية.

(مسألة – 57) إذا كان الميت قد أوصى بالحج عنه وبأمور أخرى كالصلاة والصيام ونحوهما، على أن يسدد الكل من الثلث، فحينئذٍ إن اتسع الثلث للجميع فهو المطلوب، وإن لم يتسع إلا لنصف النفقة التي تتطلبها الكل أخرج نصف نفقة الحج من الثلث، والنصف الآخر من الأصل، إذا كان الحج الموصى به حجة الإسلام.

(مسألة – 58) إذا مات شخص رجلاً كان أم امرأة، وترك مالاً متعلقاً للخمس أو الزكاة، وهو في نفس الوقت لم يحج حجة الإسلام، وجب أن يدفع الخمس أو الزكاة أولاً، فإن وفى الباقي من التركة ولو للحد الأدنى من نفقات الحج، وجب صرفه فيه وإلا سقط وجوب الحج، وكان للورثة إذا لم يوجد دين أو وصية، ولا يجب عليهم تكميل النفقة من مالهم الخاص، نعم إذا كان الخمس أو الزكاة في ذمة الميت لا في نفس التركة ولم تفِ التركة للكل فالأظهر تقديم الحج على الخمس أو الزكاة ولا فرق في ذلك بين الدين الشرعي والدين العرفي، وإذا أوصى هذا الشخص بان يحج عنه حجة الإسلام من ماله على الرغم من أنه متعلق للخمس أو الزكاة، وجب على الوصي أن يخرج الخمس أو الزكاة أولاً، ثم ينفق من الباقي على الحج فإن وفى بنفقات الحجة البلدية وجب صرفه فيها، وإن لم يفِ إلا للحد الأدنى من نفقاته، وهي نفقات الحجة الميقاتية أنفق عليها، وإلا كان للورثة شريطة أن لا يكون هناك دين أو وصية أخرى.

(مسألة – 59) إذا مات شخص وعليه حجة الإسلام، فلا يجوز للورثة أن يتصرفوا في التركة قبل الاستنابة للحج عنه إلا إذا كانت أوسع من نفقة الحج فيجوز لهم التصرف في الزائد شريطة التزامهم بتهيئة النيابة المطلوبة، وعدم خوف فوتها وإلا لم يجز.

(مسألة – 60) إذا لم تتسع التركة بمجموعها للحد الأدنى من نفقات الحج سقط الحج، وكانت التركة كلها للورثة إذا لم يوجد دين أو وصية، ولا يجب على الورثة تكميل التركة لتفي نفقة الحج، وكذا إذا لم تكن للميت تركة أصلاً ولا فرق في ذلك بين أن يكون الميت قد أوصى بالحج عنه أو لا.

(مسألة – 61) إذا مات شخص وعليه حجة الإسلام ولم يوصِ بها لم يجب الاستيجار إلا من الميقات، بل يكفي من أقرب المواقيت إلى مكة فإن الواجب عليه الحجة الميقاتية، ولا حق له في التركة في حالة عدم الوصية إلا بمقدار نفقاتها دون الأكثر.

(مسألة – 62) في مفروض المسألة السابقة إذا علم الوارث بذلك فاستأجر لحجة بلدية، ضمِن ما زاد عن الحجة الميقاتية الاعتيادية.

(مسألة – 63) إذا وجبت حجة الإسلام على شخص فمات قبل أن يحج، وجب الاستيجار عنه للحج في سنة موته ولا يجوز تأخير ذلك إلى سنة أخرى ولا يكون عدم وجدان الوارث من يقبل بأجرة الحجة الميقاتية في تلك السنة مبرراً للتأجيل، ويتعين عليه في هذه الحالة دفع الأجور للحجة البلدية من أصل التركة، وكذلك الحال إذا اقترح شخص أجرة أكبر من الأجرة الاعتيادية المقررة عادة للاستيجار في الحج ولم يوجد من يقبل بالأجرة الاعتيادية وجب تلبية اقتراحه ولا يجوز التأجيل إلى سنة أخرى.

(مسألة – 64) إذا اختلف الورثة فأقر بعضهم بأن على الميت حجة الإسلام وأنكر الآخرون أو تمردوا، فعلى الوارث المقرّ أن يدفع تمام نفقات الحج من حصّته إذا لم يوجد من يكمل له الباقي وإذا وجد أكثر من مقر توزعت عليهم النفقة بنسبة حصصهم من التركة، وإذا لم يؤدِ المقرون الآخرون دفع من حصته إن كانت وافية بتمام النفقة ويرجع عليهم، وإذا لم تفِ ولو بأبسط صورها سقط عنه الوجوب وحصته كلها له.

          ويلاحظ هنا أنه إذا كان من المقرّين عادلان فقد ثبتت الحجة وتكون ملزمة للجميع حتى لغير المقرّين.

(مسألة – 65) إذا وجبت حجة الإسلام على شخص، ثم مات قبل أن يحج، ولم يوصِ بالحج عنه، وتبرع متبرع بالحج نيابة عنه، كانت التركة كلها للورثة ولا يجب عليهم أن يستثنوا مقدار نفقات الحج منها للميت وصرفه في مصلحته من وجوه البر والإحسان، بل الأمر كذلك إذا أوصى بالحج عنه من تركته، فإنه إذا وجد متبرع تبرع بالحج عنه سقطت الوصية بسقوط موضوعها وترجع التركة إلى الورثة، ولا يستثنى مقدار نفقات الحج منها لمصلحة الميت. نعم إذا كان الميت قد أوصى بإخراج حجة الإسلام من ثلثه وتبرع متبرع بالحج عنه لم يحق للورثة إهمال الوصية رأساً، بل وجب صرف مقدار نفقات الحج من الثلث في وجوه البر والإحسان.

(مسألة – 66) إذا كان الميت قد أوصى بأن يحج عنه من بلدته وجب على الوصي أو الوارث استيجار شخص للحجة البلدية عنه تنفيذاً للوصية، ولكن إذا خالف واستأجر شخصاً للحجة الميقاتية برئت بذلك ذمة الميت، ولا تجب إعادة الحج وإن اعتبر الوارث آثماً.

(مسألة – 67) إذا كان الميت قد أوصى بحجة الإسلام من بلدة أخرى غير بلدته، وجب على الوصي استيجار شخص للحج عنه من تلك البلدة، وتسدد نفقاته من الأصل، وإن كانت أكبر من نفقات الحج من بلدته شريطة أن يكون له في هذه الوصية غرض عقلائي، كما إذا كان الحج من تلك البلدة أكثر ثواباً لا مجرد إضرار بالورثة.

(مسألة – 68) إذا كان الميت قد عين مقداراً معيناً من ماله وأوصى بأن يحج به عنه، فحينئذٍ إن كان ذلك المال أكثر من الأجرة الاعتيادية بأعلى درجاتها أخرجت الأجرة الاعتيادية من الأصل والزائد من ثلث الباقي يصرف في وجوه البر.

(مسألة – 69) إذا كان الميت قد أوصى بالحج عنه بمال معين، وعلم الوارث أو الوصي أنه متعلق للخمس وجب عليه إخراج خمسه أولاً، ثم يصرف الباقي على الحج، ولا يسوغ له أن يصرف على الحج من المال الذي لا يزال الخمس فيه ثابتاً. نعم إذا كان الخمس ثابتاً في ذمة الميت وديناً عليه، لا في عين ماله خارجاً قدم الحج عليه، هذا كله إذا كان الحج الموصى به حجة الإسلام، وأما إذا كان حجة أخرى فيجب عليه أولاً إخراج الخمس من ذلك المال، ثم إن الباقي إن كان بمقدار ثلثه دون الأزيد منه، وجب العمل بالوصية وصرفه على الحج وإن لم يفِ بالحج أنفق في وجوه الخير والإحسان.

(مسألة – 70) من مات وعليه حجة الإسلام وجب على من تكون التركة في حيازته الاستيجار للحجة عنه، فإذا أهمل وتسامح إلى أن تلف المال كان ضامناً، وعليه الاستيجار للحج عن الميت من ماله بدل التالف،نعم إذا تلف المال المذكور في حيازته بدون تفريط وإهمال منه، فلا يضمن ووجب الإنفاق على الاستيجار للحج عنه من باقي التركة، وكذلك إذا كان المال في حيازة الوصي، فإنه إذا أهمل وتسامح في الإنفاق على الاستيجار للحج عن الميت وتلف ضمن، وعليه الاستيجار عنه من ماله الخاص، وإلا فلا ضمان عليه، ووجب الاستيجار عنه من باقي التركة.

(مسألة – 71) إذا علم الوارث أو الوصي باشتغال ذمة الميت بحجة الإسلام، وشك في أنه حج في حياته أو لا، وجب عليه الاستيجار للحج عنه.

(مسألة – 72) إذا علم الوارث أن الميت كان قد أوصى بحجة الإسلام، وبعد فترة زمنية شك في أن الوصي قد نفّذ الوصية واستأجر من يحج عنه، ففي هذه الحالة يجب عليه الاستيجار للحج عنه، ما لم يكن واثقاً بالتنفيذ.

(مسألة – 73) لا تبرأ ذمة الميت بمجرد عقد الإيجار، وإنما تبرأ بإتيان الأجير بكامل العمل خارجاً، وعلى هذا فإذا علم أن الأجير لم يقم بالحج عن الميت، إما لعذر أو عامداً وملتفتاً وجب الاستيجار للحج عنه مرة ثانية من التركة، وحينئذٍ فإن أمكن استرداد الأجرة من الأجير تعيّن إذا كانت الأجرة من مال الميت.

(مسألة – 74) إذا كانت الأجرة الاعتيادية على درجات تبعاً لنوعية الأجير واختلافه من جهة الفضل والشرف والعلم والدقة في التطبيق والمكانة، فلا مانع من استيجار الأفضل والأخذ بأعلى تلك الدرجات إذا كان الميت قد أوصى فتؤخذ أجرة الحجة الميقاتية الاعتيادية من الأصل، والزائد من الثلث.

          كما يجوز الأخذ بأدناها، ولا مانع من استيجار من هو أفضل من الميت شرفاً وعلماً ومكانة، كما أنه لا مانع من استيجار من هو دون الميت فضلاً وعلماً شريطة أن لا تكون فيه مهانة للميت.

(مسألة – 75) إذا حج شخص حجة الإسلام، ثم أوصى بأن يحج عنه حجة أخرى، أخرجت نفقات ذلك من الثلث، وإذا أوصى بحج ولم يعلم أنه حجة الإسلام أم غيرها، اعتبرت نفقاته من الثلث.

(مسألة – 76) إذا كان المتصدي لعملية الاستيجار للحج عن الميت الوارث فهو يعمل على طبق نظره اجتهاداً أو تقليداً، دون نظر الميت، إلا فيما إذا كان نظر الميت موافقاً للاحتياط، ونظر الوارث مخالفاً له، ومبنياً على الأصل العملي المؤمّن كأصالة البراءة، دون الدليل الاجتهادي، ففي هذه الحالة الأحوط والأجدر به وجوباً أن يعمل على طبق نظر الميت اجتهاداً أو تقليداً، وإذا كان المتصدي للعملية الوصي، فإن كان نظره مطابقاً لنظر الموصي اجتهاداً أو تقليداً فهو المطلوب، وإن كان مخالفاً له، فإن كان نظره مطابقاً للاحتياط دون نظر الموصي، فعليه أن يعمل على طبق نظره، وإن كان نظر الموصي مطابقاً للاحتياط دون نظره فعليه أن يعمل على طبق نظر الموصي تنفيذاً للوصية.

(مسألة – 77) إذا علم الوصي أن الميت كان مقلداً لمجتهد لا يعلم أن رأيه في المسألة كان موافقاً للاحتياط أو مخالفاً له وجب عليه الاستيجار للحج عن الميت بشروط موافقة للاحتياط تطبيقاً لتنفيذ الوصية، وإذا علم الوارث بذلك لم يجب عليه العمل إلا بما يراه صحيحاً بحسب نظره اجتهاداً أو تقليداً دون نظر الموصي.

(مسألة – 78) إذا كان الميت قد عين شخصاً خاصاً وأوصى بأن يحج عنه وجب على الوصي استيجاره للحج عنه، وإن لم يقبل إلا بأجرة أكبر من الأجرة الاعتيادية اعتبر الزائد من ثلث الباقي وإن لم يمكن ذلك بسبب أو آخر استأجر غيره بالأجرة الاعتيادية.

(مسألة – 79) إذا كان الميت قد أوصى بأن يحج عنه، وعين أجرة لا يرغب أحد أن يحج بها، فحينئذٍ إن كان الحج الموصى به حجة الإسلام وجب تكميل نفقاتها من باقي التركة، وإن كان حجة أخرى بطلت الوصية ويصرف ما عينه من الأجرة في وجوه البر والإحسان.

(مسألة – 80) إذا باع شخص داره مثلاً من آخر بثمن معين كمائة دينار أو صالحها منه بذلك المبلغ واشترط عليه في ضمن العقد أن يُنفق ذلك المبلغ على الحج عنه بعد موته فعندئذٍ إن كان الحج الموصى به حجة الإسلام اعتبر المبلغ من التركة شريطة أن لا يكون زائداً على الأجرة الاعتيادية بأعلى مرتبتها، وإلا اعتبر الزائد من الثلث إذا كانت له تركة أخرى، ولو كانت التركة منحصرة به فإن كان بقدر الأجرة الاعتيادية أنفق على الحج وإن كان أزيد منها كان ثلثا الزائد للورثة وثلثه للميت ويصرف في وجوه البر والإحسان وإن كان أقل منها بدرجة لا يتسع للحد الأدنى من نفقات الحج كان المبلغ كله للورثة.

          وإن كان الحج الموصى به حجة أخرى، فإن كان المبلغ بقدر ثلثه وجب على الوصي إنفاقه على الحجة، وإن كان أزيد من الثلث فالزائد للورثة، والباقي إن وفى بنفقات الحج فهو المطلوب، وإلا صرف في سائر وجوه البر، وكذلك الحال إذا كانت التركة منحصرة به، فإن ثلثيه للورثة وثلثه للميت، فإن وفى بالحج فهو وإلا صرف في وجوه الخير والإحسان.

          وعلى هذا فإن امتنع المشروط عليه من العمل بالشرط، فإن كان الشرط حجة الإسلام فللحاكم الشرعي إجباره على العمل، فإن لم يكن ذلك انتقل الخيار إليه دون الورثة، وله حينئذٍ فسخ العقد فإذا فسخه انتقلت الدار إلى الميت، وبعد انتقالها إليه ينفق منها على الحج، فإن زاد اعتبر الزائد من الثلث كما مرّ، نعم لو كانت التركة منحصرة به، وكان أزيد من الأجرة الاعتيادية كان ثلثا الزائد للورثة، وعندئذٍ فيثبت الخيار لهم أيضاً من جهة امتناع المشروط عليه عن تسليم ثلثي الزائد إليهم.

          وإن كان الشرط حجة أخرى، فإن كان المبلغ بقدر ثلثه ظهر حكمه مما مر، وإن كان زائداً على الثلث أو كانت التركة منحصرة به، ثبت خياران، أحدهما للميت والآخر للورثة، والأول انتقل إلى الحاكم الشرعي.

(مسألة – 81) إذا صالحه شخص على داره، أو باعها منه وشرط عليه أن يحج منه بعد موته، أو باع الدار لينفق ثمنها على الحج عنه، فهذا وإن لم يكن من الوصية، إلا أنه يجب عليه الوفاء بالشرط، فإن امتنع فلوارث الميت أن يطالب منه العمل بالشرط، فإن لم يقبل يرجع إلى الحاكم الشرعي لكي يجبره على العمل به، وإن لم يمكن ذلك أيضاً فللوارث أن يفسخ العقد بمقتضى خيار تخلف الشرط، على أساس أن الشرط بما أنه ملك للمشروط له، فيكون من التركة، وينتقل الخيار إليه تبعاً لانتقاله.

(مسألة – 82) إذا مات الوصي ولم يعلم أنه قام بتنفيذ الوصية قبل موته، فيجب الاستيجار من التركة إذا كان الحج الموصى به حجة الإسلام، ومن الثلث إذا كان حجة أخرى، وعلى هذا فإن كان الوصي قابضاً لمال الإيجار وكان موجوداً عنده أُخذ، ولا يعتنى باحتمال أنه قد استأجر من مال نفسه بديلاً عنه، وإن لم يكن موجوداً عنده فلا يحكم بضمانه لاحتمال أنه تلف عنده بدون تفريط وإهمال، هذا إذا لم تكن هناك قرينة على التنفيذ كظهور حاله الموجب للوثوق به.

(مسألة – 83) إذا تلف المال عند الوصي بلا تفريط وتقصير منه، وجب الاستيجار للحج عن الميت من بقية التركة وإن كانت موزعة بين الورثة إذا كان الموصى به حجة الإسلام، ومن بقية الثلث إذا كان الموصى به حجة أخرى، وكذلك الحال إذا مات الأجير قبل الشروع في العمل، ولا فرق فيه بين إمكان استرداد مال الإيجار من ورثة الأجير أو لا.

(مسألة – 84) إذا كان الميت قد أوصى بحج غير حجة الإسلام، وعين مالاً لنفقاته يحتمل أنه أزيد من الثلث، لم يجُز التصرف فيه وإنفاقه جميعاً على الحج، وإذا زاد عن الأجرة الاعتيادية أنفق الزائد على وجوه البر والإحسان.

(مسألة – 85) إذا كان عند أحد مال من شخص آخر، ومات صاحب المال بعد استقرار حجة الإسلام عليه، واحتمل من يكون المال في حيازته أنه إذا رده إلى ورثته أكلوه ولم ينفقوا على الحج نيابة عنه، كانت وظيفته أن ينفق منه للحج عن الميت، فإن زاد من أجرة الحج رد الزائد إلى الورثة، ولا فرق فيه بين أن يقوم بنفسه مباشرة الحج نيابة عنه وبين أن يستأجر شخصاً آخر للحج عنه، كما أنه لا فرق بين أن يكون المال موجوداً عنده أو في ذمته.

(مسألة – 86) إذا علم بالإمكانية المالية لدى الميت في زمن حياته، وشك في توفر سائر الشروط فيه فلا يجب القضاء، إلا إذا كانت لهذه الشروط حالة سابقة، وإذا كانت لها حالتان سابقتان متضادتان فلا يجب القضاء إلا إذا علم إجمالاً بأنه في الوقت الذي توفر فيه سائر الشروط كان مستطيعاً.

(مسألة – 87) من كانت عليه حجة الإسلام فلا يسوغ له أن يحج عن غيره تبرعاً أو إجارة، ولكن إذا أصر على ذلك وحج عن غيره كذلك فإن حجه يصحّ وإن اعتبر آثماً.

(مسألة – 88) تبين مما تقدم أن النيابة لا تكون مشروعة إلا عن الشخص الذي استقرت عليه حجة الإسلام، ولم يقم بأدائها إلى أن مات، أو كان مستطيعاً وأخّر تسامحاً وإهمالاً، ولم يحج حتى عجز عن الحج لسبب من الأسباب وانقطع أمله في التمكن من الأداء المباشر بالحج، وأما من مات ولم تستقر عليه حجة الإسلام، كمن مات في سنة استطاعته، فلا شيء عليه حتى تكون النيابة عنه مشروعة ويستحب للوارث أن يحج عن الميت وإن لم يكن الحج واجباً عليه.

(مسألة – 89) تجوز الاستنابة في الحج المندوب عن الأحياء والأموات على السواء، ولا تكون مشروطة بأي شروط ما عدا كون المنوب عنه مسلماً، ولا فرق في ذلك بين أن يكون المنوب عنه رجلاً أو امرأة، بالغاً وعاقلاً أو مجنوناً أو صبياً مميزاً.

 

 

 

شارك الاستفتاء

النيابة عن الحي العاجز:

          إذا استقر الحج على الإنسان - بمعنى اشتغال ذمته به - ولم يتمكن منه بنفسه - لمرض، أو حصر، أو هرم، أو كان ذلك حرجاً عليه ولم يُرجَ تمكنه من الحج بعد ذلك من دون حرج-  وجبت عليه الاستنابة فوراً، وأما من لم يستقر عليه الحج وكان موسراً ولم يتمكن من المباشرة أو كانت حرجية عليه فلا تجب عليه الاستنابة وإن كان ذلك مستحباً له، والأولى أن يختار رجلاً لم يحج من قبل لكي ينوب عنه، ولا بأس بإنابة المرأة عن الرجل.

          وببيان آخر: يعتبر في صحة النيابة عن الحي رجلاً كان أم امرأة أمران:

          أحدهما: استقرار الحج في ذمته، كما إذا كان مستطيعاً مالاً ولكن لم يُتح له أن يحج لمرض أو أي عائق آخر، أو أتيح له ذلك ولكنه تسامح وتساهل في ذلك، ولم يحج حتى عجز عن الحج لسبب من الأسباب.

          والآخر: انقطاع أمله في استعادة قوته في التمكن من القيام المباشر للحج طول عمره.

(مسألة – 50) يجزي حج النائب عن الحي العاجز إذا مات وهو عاجز عن الأداء المباشر للحج، وإذا مات بعد استعادة قوته في التمكن من ذلك وارتفاع عذره فإنه لا يجزي، وأولى من ذلك ما إذا استعاد صحته وقوته في التمكن من الحج قبل حج النائب.

(مسألة – 51) من استقر عليه الحج من سنة سابقة إذا مات بعد الإحرام للحج في الحرم أجزأه عن حجة الإسلام، سواء في ذلك حج التمتع والقِران والإفراد، وإذا كان موته في أثناء عمرة التمتع أجزأ عن حجه أيضاً ولا يجب القضاء عنه حتى لو خرج من الحرم بعد دخوله لسبب من الأسباب، وإن مات قبل ذلك وجب القضاء عنه وإن كان موته بعد الإحرام وقبل دخول الحرم أو بعد الدخول في الحرم بدون إحرام.

          والظاهر اختصاص الحكم بحجة الإسلام فلا يجري في الحج الواجب بالنذر أو الإفساد، بل لا يجري في العمرة المفردة أيضاً، فلا يحكم بالإجزاء في شيء من ذلك.

          ومن مات بعد الإحرام مع عدم استقرار الحج عليه بأن تحققت استطاعته هذا العام فإن كان موته بعد دخوله الحرم فلا إشكال في إجزائه عن حجة الإسلام، وأما إذا كان قبل ذلك فالظاهر عدم وجوب القضاء عنه.

(مسألة – 52) من لم يتمكن من الأداء المباشر للحج لتدهور صحته أو هرمه، أو أي عائق آخر، مع انقطاع أمله في التمكن من ذلك نهائياً، فوظيفته الاستنابة، ومع تعذرها بسبب أو آخر، إلى أن مات، يجب على وليه أن يستنيب شخصاً يحجّ عنه نيابة وتخرج نفقات الحج من تركته، نعم إذا مات في سنة الاستطاعة فلا شيء عليه.

(مسألة – 53) إذا وجبت الاستنابة ولم يستنب ولكن تبرع متبرع عنه لم يُجزئه ذلك ووجبت عليه الاستنابة على الأحوط.

 

(مسألة – 54) يكفي في الاستنابة الاستنابة من الميقات ولا تجب الاستنابة من البلد.

شارك الاستفتاء

مسائل متنوعة في الشروط الأخرى للاستطاعة وموانعها:

(مسألة – 31) لا يشترط إذن الزوج للزوجة في الحج الواجب إذا كانت مستطيعة، ولا يجوز للزوج منع زوجته عن الحج الواجب عليها، نعم يجوز له منعها من الخروج في أول الوقت مع سعة الوقت، كما يجب استئذانه في الحج المندوب، والمطلقة الرجعية كالزوجة ما دامت في العدة.

(مسألة – 32) إذا نذر أن يزور الحسين (عليه السلام) في كل يوم عرفة مثلاً واستطاع بعد ذلك وجب عليه الحج وانحل نذره، وكذلك كل نذر يزاحم الحج.

(مسألة – 33) يجب على المستطيع الحج بنفسه إذا كان متمكناً من ذلك، ولا يجزئ عنه حج غيره تبرّعاً أو بإجارة.

(مسألة – 34) إذا تضمن السفر التعرض إلى دفع ضريبة مالية معتد بها، فللحكم عدة صور:-

1-     إذا كانت الضريبة شيئاً مألوفاً كالرسوم الحكومية التي تأخذها الدولة من كل حاج يدخل الديار المقدسة فهي لا تمنع عن وجوب الحج، ويجب عليه دفعها وإن كانت مضرة بحاله.

2-     وإن كانت الضريبة اتفاقية وليست مألوفة، فإن كان مقدارها غير معتد به وجب دفعها ولا يجوز تأجيل الحج، وإن كان مقدارها معتداً به فإن كانت بحال يخل بشرط الأمن والسلامة وتخلية السرب انتفى وجوب الحج بانتفاء أحد شروط الاستطاعة وإن لم تكن كذلك وجب دفعها.

3-     إذا كانت شيئاً غير مألوف من قبيل ما يفرضه اللصوص وقطاع الطرق، فلا أمن ولا يجب الحج.

(مسألة – 35) إذا كان الطريق الاعتيادي المألوف غير مأمون بسبب وجود لصوص أو قطاع طرق فيه سقط وجوب الحج. نعم إذا كان هناك طريق آخر أطول منه وأكثر مؤونة، ولكنه مأمون وجب الحج من ذلك الطريق على كل من لديه إمكانية مالية، ولا مبرر للتأجيل.

(مسألة – 36) من كان عنده أولاد صغار يخشى عليهم من الضياع إذا تركهم وسافر إلى الحج، فإنه لا أمن ولا يجب عليه الحج.

(مسألة – 37) من كان عنده مال معتد به في البلد يخاف عليه من الضياع والتلف إذا تركه وسافر إلى الحج، فإنه لا أمن حينئذٍ ولا يجب الحج، وكذلك إذا كانت عنده تجارة أو نحوها وخاف عليها من الضياع والتلف إذا تركها وذهب إلى الحج. والحاصل إنه كل من خاف على نفسه أو عرضه أو ماله رجلاً كان أم امرأة من الهلاك والضياع إذا سافر إلى الحج لم يجب.

(مسألة – 38) المرأة المستطيعة إذا خافت على نفسها من السفر إلى الحج بدون اصطحاب محرم لها، وهي غير متمكنة من اصطحابه، لم يجب عليها الحج، نعم إذا كانت واثقة ومطمئنة من نفسها على الأمن والسلامة في السفر فسافرت وحجت صح حجها، ولا يجب عليها اصطحاب المحرم وإن أمكنها، ومن هنا ليس وجود المحرَم شرطاً أصلياً في وجوب الحج عليها، وإنما هو شرط إذا خافت من السفر بدونه.

(مسألة – 39) الموظف الحكومي الذي عنده المقدرة المالية بقدر نفقات الحج ولكنه لم يحصل على إجازة للسفر إلى الحج، ولو سافر بدون الإجازة ثم إذا رجع يفقد وظيفته فإذا فقدها تعذر عليه استعادة وضعه المعاشي العادي بدون الوقوع في ضيق وحرج، فلا يجب عليه الحج.

(مسألة – 40) من يعمل أجيراً عند أرباب العمل ولديه الإمكانية المالية بقدر نفقات الحج ولكنه لم يحصل على إجازة منهم للسفر إلى الحج، ولو سافر والحال هذه ثم إذا رجع يفقد عمله عندهم ويقع في ضيق وحرج فلا يجب عليه الحج.

(مسألة – 41) من يعيش على الوجوه الشرعية، فإذا حصل على مال يفي بنفقات الحج وجب، فإن الوجوه الشرعية تكفل له استيناف وضعه المعاشي الاعتيادي بعد رجوعه من الحج بدون الوقوع في ضيق وحرج.

          وكذلك من كانت نفقته مضمونة طيلة حياته كالزوجة مثلاً، أو من يعيش من صلات وهبات من أرحامه أو غيرهم كالإنسان العاجز عن العمل، فإن حاله قبل السفر إلى الحج وبعده على حد سواء، ولا يؤثر إنفاق ما لديه من المال على سفر الحج في استيناف وضعه المعاشي بعد الرجوع.

(مسألة – 42) من يعيش على عمله الحر بأجور كأصحاب المهن من النجارين والخياطين والبنائين والحدادين وغيرهم من أهل الفن، والجامع أن كل من يعيش طبيعياً بمهنته وحرفته وعمله الذاتي، فإنه إذا حصل على مال يفي بنفقات الحج وجب عليه، فإن المهنة والصنعة التي يتقنها تكفل له استعادة وضعه المعاشي بعد الرجوع، ومن هذا القبيل السائل بالكف فإنه إذا حصل على مال يفي بنفقات الحج وجب.

(مسألة – 43) إذا كان على الإنسان واجب أهم من حجة الإسلام كأداء دَين حالّ مطالب به شرعاً أو إنقاذ نفس محترمة من الهلاك، كما إذا كان عنده مريض لو تركه وذهب إلى الحج لمات أو غير ذلك مما يفوقه أهمية شرعاً، وجب تقديمه على الحج، ومع هذا إذا ترك المكلف الأهم وأنفق ما لديه من المال على الحج فحج صحّ حجه، وأجزأ عن حجة الإسلام وإن اعتُبر آثماً.

          نعم لو كان الواجب الأهم مسقطاً للتكليف من أصله كما لو كانت عنده حاجة ماسّة إلى صرف ذلك المال فيها بحيث لو صرفه بالحج فإنه يقع في الضرر، فصرف المال في الحج وترك قضاء تلك الحاجة فإن حجه باطل لا يجزي عن حجة الإسلام.

(مسألة – 44) إذا كان على ذمة الإنسان خمس أو زكاة وكان عنده مال يفي بنفقات سفر الحج وجب عليه صرفه في أداء الخمس أو الزكاة دون الحج، ومع هذا إذا أصرّ على الحج فحج به صحّ وأجزأ عن حجة الإسلام وإن اعتبر آثماً.

(مسألة – 45) إذا كان الخمس أو الزكاة متعلقاً بعين الأموال الموجودة عند الإنسان كأموال التجارة أو غيرها لا متعلقاً بذمته، وأراد أن يحج بتلك الأموال قبل إخراج خمسها أو زكاتها، فإن حجه يصحّ شريطة أن يكون ثمن هديه حلالاً، أو أنه مشترى في الذمة وكذا لباسه الذي يحرم به ويطوف ويصلي به، ولا يجوز التسامح والإهمال في إخراج الحقوق الشرعية من أمواله، ولا يجوز أن يجعل سفر الحج ذريعة للتأخير والإهمال.

(مسألة – 46) مرّ أن وجوب الوفاء بالدين لا يمنع عن الاستطاعة المالية، وإنما يمنع عن وجوب الحج بها باعتبار أنه يفوقه أهمية، وأما في الاستطاعة البذلية فلا يمنع عن وجوبه من جهة أنه لا يجوز له صرف المال المبذول في غير الحج. نعم إذا كان سفر الحج يفوت عليه فرصة الوفاء بالدين، لم تجب الاستجابة.

(مسألة – 47) لا أثر لمنع الوالد ولده عن الحج، فإن الولد إذا كانت لديه الإمكانية المالية لسفر الحج ذهاباً وإياباً وعند ممارسة الأعمال، وجب عليه الحج، وليس له أن يترك الحج إيثاراً لأبيه بذلك المال على نفسه، نعم إذا نذر الحج كان لوالده نقضه، كما أن الحج إذا كان مندوباً فله أن يتركه إيثاراً لأبيه.

(مسألة – 48) إذا كان عنده مال يفي بمصارف الحج وكان جاهلاً به أو بوجوب الحج عليه أو كان غافلاً عنه أو عن وجوب الحج عليه، وكان جهله أو غفلته عن قصور لم يجب عليه الحج.

          وأما إذا كان جهله بوجوب الحج أو غفلته عنه عن تقصير ثم علم أو تذكر بعد أن تلف المال فلم يتمكن من الحج فالحج مستقر عليه إذا كان واجداً لسائر الشرائط حين وجوده، وأما لو كانت غفلته عن وجود المال أو جهله به عن تقصير –كتارك الفحص مع احتمال وجوده- فالأحوط استقرار الحج عليه.

 

(مسألة – 49) إذا حج عنه غيره تبرعاً أو نيابة مع كونه غير مستطيع، فإنه لا يجزئه عن حجة الإسلام إذا استطاع وعليه أن يأتي بها حين استطاعته.

1 2
المجموع: 16 | عرض: 1 - 10

مكتب المرجع الديني

الشيخ محمد اليعقوبي(دام ظله) - ارسل استفتاءك

النجف الاشرف