كتاب الخمس

شارك الاستفتاء

كتاب الخمس

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مقدمة

في وجوب الخمس وآثاره

الخمس من الفرائض المالية المهمة التي حُفِظ بها كيان الدين الإسلامي ومدرسة أهل البيت (سلام الله عليهم) خاصة، وسيّرت به شؤونها عبر القرون في اكتفاء ذاتي صممه الشارع المقدّس لتُصان العقيدة والمبادئ من التذويب في سياسة السلطات الحاكمة والتبعية لإرادتها التي كانت تفرضها بقوة السلطة والمال. ولذا كان هاجس وصول هذه الأموال إلى أئمة أهل البيت (سلام الله عليهم) يقضّ مضاجع الحكّام ويدفعهم إلى مداهمة دور الأئمة (سلام الله عليهم) وتفتيشها واستدعاء الأئمة (عليهم السلام) إلى مقر السلطة لاستجوابهم كما حصل مرات عديدة، وجففوا المنابع المالية لأهل البيت (عليه السلام) وصادروا ممتلكاتهم المهمة ومنعوا في وقت مبكر من صدر الإسلام وصول حق بني هاشم من الغنائم إليهم.

وتلافياً للاصطدام مع السلطة وحماية للشيعة فقد اسقط عدد من أئمة أهل البيت (سلام الله عليهم) حقهم من الخمس في أموال المؤمنين وسكتوا عن مطالبة الناس بهذا الحق إلا في حدود ضيّقة مدة قرنين من الزمان حتى أواخر حياة الإمام الجواد (عليه السلام) (الذي استشهد سنة 220 هجرية) فحدد الإمام (عليه السلام) الأحكام العامة لهذه الفريضة، كما ورد في معتبرة يونس بن يعقوب قال: (كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدخل عليه رجل من القماطين فقال: جعلت فداك تقع في أيدينا الأموال والأرباح وتجارات نعلم أن حقك فيها ثابت وأنّا عن ذلك مقصرون، فقال ابو عبد الله (عليه السلام): ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك اليوم) .

وقد ورد وجوب الخمس صريحاً في القران الكريم بقوله تعالى {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}الأنفال41، ويراد بالغنيمة مطلق ما يستفيده الإنسان ولا تختص بغنائم الحرب، قاله الراغب في المفردات وغيره، وأكدته موثقة سماعة قال سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الخمس فقال: (في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير) وغيرها.

وقد اجمع علماء الفريقين على أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يعمل بها فيخصّ قرباه من بني هاشم بالخمس حتى وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم منعه القوم عن مستحقيه من آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وجعلوهم كغيرهم (راجع الكشّاف في تفسير هذه الآية ومسند أحمد وغيرها من الصحاح) وقد عبّر الأئمة (عليهم السلام) عن لوعتهم لهذه المخالفة الصريحة للكتاب والسنة فعن أبي جعفر الأحول قال: قال أبو عبــد الله (عليه السلام) (ما تقول قريش في الخمس، قال: قلت تزعم إنه لها، قال ما أنصفونا والله لو كان مباهلة لتباهُلنّ بنا ولئن كان مبارزة لتبارُزن بنا ثم يكون هـــم وعلي سواء).

لقد تعرّض وجوب الخمس لحملة واسعة من التشكيك والتضليل وتزييف الحقائق لمنع الناس من أداء هذا الحق إلى أهله لينسفوا هذا الركن الوثيق الذي يستند إليه هذا الكيان الإسلامي الحنيف من أجل بقائه وديمومة مشاريعه المباركة.

فقالوا: إن الخمس واجب في غنائم الحرب فقط أو انه كان واجبا في زمان النبي (صلى الله عليه واله) دون غيره، وقد اتضح مما تقدم الجواب عن مثل هذه الإشكالات.

كما أننا ألقينا محاضرة قبل سنين بعنوان (حبس الحقوق الشرعية من الكبائر) وهي منشورة في كتاب (ثلاثة يشكون) وطبعت مع تعليقات في كتاب مستقل يحمل نفس العنوان شرحنا فيها عظمة هذه الفريضة وسبب عزوف الناس عنها وآثارها المادية والمعنوية وكيفية معالجة التقصير في أداء هذه الفريضة.

إن الالتزام بأداء هذه الفريضة الإلهية يعود ببركات عظيمة على الفرد والمجتمع، أما على الفرد فما قاله الامام الجواد (عليه السلام) في صحيحة علي بن مهزيار (إن مواليَّ أسأل الله صلاحهم أو بعضهم قصّروا فيما يجب عليهم فعلمتُ ذلك فأحببتُ أن أطهرهم وأزكّيهم بما فعلت من أمر الخمس في عامي هذا، قال الله تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (التوبة : 103- 105)، فدفع الحقوق المالية يطهّر الإنسان من البخل والشح والأنانية وحب الدنيا ويعلّمه التراحم والتعاون ويطهّر ماله لان المتبقي بعد دفع الخمس يكون له حلالاً هنيئا، ويزكو عمل الانسان وينمو بزيادة من الحسنات لا يعلمها إلا الله تبارك وتعالى (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ)(البقرة: 261)، وقد وعد الله تبارك وتعالى بالخلف والتعويض لمن انفق في سبيل الله فيعود إليه ماله بأزيد مما أعطى مع ما حصل عليه من ثواب الآخرة، قال تعالى (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (سبأ : 39).

وأما بركاتها على الكيان الديني والمجتمع عموماً فمما لا يحتاج إلى بيان.

وفي مقابل ذلك فان التقصير بأداء هذه الفريضة ينتج آثاراً وخيمة:

منها: ما ورد في الرسالة الثانية من الناحية المقدسة إلى الشيخ المفيد (رضي الله عنه) الموجودة في كتاب الاحتجاج حيث رتّب (عليه السلام) على ذلك أمرين:

1- تأخير ظهوره (عليه السلام) وبما يعني استمرار معاناة البشرية من الظلم والاضطهاد والتعسف والانحراف والضلال وكثرة مستحقي النار من البشر .

2- عدم الأمان من الفتن المضلة لأن رايات ضلال عديدة تخرج قبل ظهور القائم (عجل الله فرجه) - وقد كثرت اليوم أكثر من أي زمانٍ مضى- وتخلط الأوراق على الناس فيتيهون ولا يستطيعون التمييز بين راية الحق وراية الباطل، وقد عبّر أحد أصحاب الأئمة عليهم السلام عن مخاوفه من مثل تلك الفتنة وسأل عن كيفية النجاة والإصابة في التمييز بين هذه الدعوات المختلطة فقال (عليه السلام): (والله إن أمرنا لأبين من الشمس)، ومن مقومات هذا الوضوح بحسب ما أفادته الرسالة الشريفة ـ أداء الحقوق الشرعية.

ومنها: ما ورد في حق مانع الزكاة حيث أن جميع ما ورد من التهديد والوعيد لتارك الزكاة ينطبق على تارك الخمس بوجهين .

1- إن كليهما فريضتان ماليتان والغرض منهما واحد بل إن أمر الخمس اخطر لتعلق حق أهل البيت (عليهم السلام) وذرياتهم فيه بعد أن حُرّمت عليهم الزكاة قال الصادق (عليه السلام) (إن الله لا إله إلا هو لما حرّم علينا الصدقة أبدل لنا الخمس فالصدقة علينا حرام والخمس لنا فريضة)،  وإنما صار الاهتمام بالزكاة في صدر الإسلام لما قلناه من أنّ طبيعة الحياة الاقتصادية يومئذٍ كانت مورداً لوجوب الزكاة .

2- إن كثيراً من موارد ذكر الزكاة أريد بها معناها الأعم، أي مطلق الإنفاق الواجب في سبيل الله تعالى، أي عموم الحقوق الشرعية لا خصوص الزكاة المصطلحة كما قد يعبّر عن الزكاة الواجبة بالصدقة في مثل قوله تعالى (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها...) (التوبة :60 )، ومما جاء في مانع الزكاة الشاملة لمانع الخمس بالتقريب المتقدم ما ورد عن أبي جعفـــر (عليه السلام) قال: (ما من عبدٍ منع من زكاة ماله شيئاً إلا جعل الله ذلك يوم القيامة ثعباناً من نار مطوّقاً في عنقه ينهش من لحمه حتى يفرغ من الحساب وهو قول الله عز وجل (سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) (آل عمران:180)، (يعني ما بخـلوا به مـن الزكاة).

ويتخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إجراءً في حق مانعي الزكاة بإخراجهم من المسجد كما ورد عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: بينما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في المسجد إذ قال: قم يا فلان قم يا فلان، حتى أخرج خمسة نفر فقال: (اخرجوا من مسجدنا لا تصلّوا فيه وانتم لا تزكّون) وعن أبي عبد الله (عليه السلام): (من منع قيراطاً من الزكاة فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانياً) وفي وصية  النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام) قال: يا علي كفر بالله العظيم من هذه الأمة عشرة وعدَّ منهم مانع الزكاة، ثم قال: يا علي ثمانية لا يقبل الله منهم الصلاة وعدَّ منهم مانع الزكاة، ثم قال: يا علي من منع قيراطاً من زكاة ماله فليس بمؤمن ولا بمسلم ولا كرامة، يا علي تارك الزكاة يسأل الله الرجعة إلى الدنيا وذلك قوله عز وجل: (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) (المؤمنون: 99).

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (الأنفال: 24)









شارك الاستفتاء


المبحث الأول : فيما يجب فيه

وهي أمور:

الأول: الغنائم المنقولة المأخوذة بالقتال من الكفار الذين يحل قتالهم إذا كان بإذن الامام (عليه السلام). سواء كان القتال بنحو الغزو للدعاء إلى الإسلام أم كان دفاعاً لهم عند هجومهم على المسلمين.

(مسألة 1478) : المال المأخوذ من الكفار الحربيين على نحوين: ما يعتقده الفرد منهم محل استحقاق للمسلم وما لا يعتقده كذلك. فالأول يجوز أخذه ولو لم يكن مستحقاً في شرعنا كما لو كان فائدة ربوية أو دعوى قضائية. وفيه خمس الفائدة وليس خمس الغنيمة لأنه لم يؤخذ بقتال. وأما الثاني كالأخذ بوجه مخالف لقوانينهم لمن منحوه اللجوء في بلدانهم فيتوقف جوازه على أذن الحاكم الشرعي. وبالنسبة إلينا فنحن نمنع عن ذلك لوجود مفاسد اجتماعية مهمة فيه.

(مسألة 1479) : لا يعتبر في وجوب الخمس في الغنيمة، بلوغها عشرين دينارا على الأصح. نعم يعتبر فيها إلا تكون غصبا من مسلم أو غيره، ممن هو محترم المال كالذمي، وإلا وجب ردها على مالكها. أما إذا كان في أيديهم مال للحربي بطريق الغصب أو الأمانة أو نحوها، جرى عليها ما ذكرناه من الحكم في المسألة السابقة.

(مسألة 1480) : ما قلناه في المسألتين السابقتين في أموال الكفار الحربيين، يأتي في أموال المسلمين المحكوم بكفرهم والنواصب والخوارج واضرابهم. فإن اخذ بشكل مشروع وجب فيه الخمس من باب الفائدة، وان اخذ بالحرب كان الخمس من باب الغنيمة. وعلى أي حال يجب الخمس بغض النظر عن سببه. لكن هذا الحكم مما نمنع من تطبيقه في الظروف التي نعيشها لان تحديد موضوعه مما يخفى على عامة الناس بل يتسامحون في تطبيقه بحسب أهوائهم ويفسدون من حيث يظنون أنهم يصلحون.

الثاني: المعدن: كالذهب والفضة والرصاص والنحاس والعقيق والفيروز والياقوت والكحل والملح والقير والنفط والكبريت ونحوها. والمهم صدق المعدن، سواء كان سائلا ام جامدا، وسواء كان على سطح الأرض أم في باطنها، وسواء اخذ من ارض مملوكة أم من ارض مباحة. والأحوط وجوباً إلحاق مثل الجص والنورة يعني ترابهما ولو قبل الطبخ وحجر الرحى وطين الغسل، ونحوها مما يصدق عليه اسم الارض، وكان له خصوصية في الانتفاع به.

(مسألة 1481) : لا فرق في المعدن بين أن يكون المخرج مسلما أم كافرا، صبيا أم بالغا، عاقلا أم مجنونا، ذكرا أم أنثى، حراً أم مملوكاً.

(مسألة 1482) : يشترط في وجوب الخمس في المعدن النصاب وهو قيمة عشرين دينارا. والدينار مثقال شرعي من الذهب المسكوك وهو ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي، الذي زنته (6,4) غرام، سواء كان المعدن ذهباً أم فضة أم غيرهما. والأحوط أن لم يكن أقوى كفاية بلوغ المقدار المذكور، ولو قبل استثناء مؤونة الإخراج والتصفية. فإذا بلغ ذلك اخرج الخمس من الباقي بعد استثناء المؤونة. والأحوط استحباباً أن يكون النصاب ديناراً واحداً، كما أن الأحوط استحباباً دفع الخمس منه مطلقاً.

(مسألة 1483) : يعتبر في بلوغ النصاب وحدة العمل على إخراج المعدن. فإذا أخرجه دفعات في عمل واحد عرفاً ليوم أو لشهر أو لموسم أو لسنوات كفى بلوغ المجموع النصاب. نعم، إذا أهمل العمل مدة طويلة ولو لظروف محيطة به بحيث لا يعدّ عمله عرفاً في إخراج المعدن لا يضم اللاحق إلى السابق. ولو لم يؤثر إعراضه في وحدة العمل أو الإخراج، كفى بلوغ المجموع النصاب.

(مسألة 1484) : إذا اشترك جماعة في إخراج المعدن اختلف الحكم باختلاف القصد في نية التملك. فان قصد الكل نية التملك لواحد بعينه وجب عليه الخمس دون سواه مع توفر النصاب، وان قصد كل واحد التملك لنفسه معزولا عن غيره. اعتبر النصاب في نصيب كل واحد منهم. وان قصد كل واحد التملك بنحو الاشتراك مع غيره في ملكية المعدن فالأحوط اعتبار النصاب في مجموع الحصص. ومنه يظهر الحكم فيما إذا اختلفت هذه القصود لدى العاملين في المعدن.

(مسألة 1485) : المعدن في الارض المملوكة، إذا كان من توابعها عرفا، فهو ملك لمالك الارض وان أخرجه غيره بدون إذنه وعليه الخمس، والأحوط فيما إذا نوى الآخر التملك لنفسه، مراعاة الاحتياط بالمصالحة، وخاصة فيما إذا لم يكن الإخراج بكراهة من المالك.

(مسألة 1486) : إذا كان المعدن في الارض المفتوحة عنوة، التي هي ملك للمسلمين، ملكه المخرج إذا أخرجه بإذن ولي المسلمين على الأحوط وجوباً، وفيه الخمس، وكذلك ما كان في الارض الموات حال الفتح، بدون حاجة إلى الإذن.

(مسألة 1487) : إنما يجب الخمس على المخرج فيما إذا قصد التملك لنفسه ولو ارتكازاً، فان قصد ملكية غيره بعمل مجاني أو باجرة، دخل في ملكية من قصده وعليه الخمس. وان لم يقصد ملكية احد بقي على إباحته العامة، ولا يجب الخمس على احد قبل الحيازة.

(مسألة 1488) : إذا شك في بلوغ النصاب، فالأحوط وجوباً الاختبار مع الإمكان. ومع عدمه لا يجب عليه شيء. وكذا إذا اختبره فلم يحصل له الوثوق بوجود النصاب. وان كان الأحوط  تخميسه مطلقاً.

الثالث: الكنز، وهو المال المذخور في موضع، أرضا كان أم جدارا أم غيرهما فانه لواجده وعليه الخمس. والأحوط شمول الحكم لكل معدن، وان لم يكن من الذهب والفضة المسكوكين، سواء وجده في دار الحرب أم دار الإسلام، مواتا كانت الارض حال الفتح أم عامرة أم خربه باد أهلها، وسواء كان عليه اثر الإسلام أم لم يكن، إلا أن يعلم انه ملك لمسلم فيجب عندئذ دفعه لمالكه بالبحث عنه أو عن ورثته، وان لم يجده فالوارث الامام (عليه السلام) أو وكيله الخاص أو العام.

21

40

 

(مسألة 1489) : يشترط في وجوب الخمس في الكنز بلوغ النصاب، وهو في الذهب: النصاب الأول، وهو عشرون ديناراً أو قيمتها. وفي الفضة: نصابها الأول وهو مئتا درهم أو قيمتها (والدرهم يساوي  من المثقال الصيرفي المساوي (6,4) غرام فيكون وزن الدرهم 2.415 من الفضة الخالصة فالمئتا درهم تساوي 105 مثاقيل صيرفية)، وفي غيرهما: بلوغ قيمة النصاب الأول للذهب، وان كان الأحوط مراعاة اقل النصابين: الذهب أو الفضة، من حيث القيمة، وان بلغ النصاب وجب في الزائد قل أو كثر.

(مسألة 1490) : لا فرق بين الإخراج دفعة أو دفعات ولا يعتبر هنا وحدة العمل كما قلنا في المعدن. بل يعتبر للكنز قيمة واحدة لمجموعه. نعم، يجري هنا استثناء المؤونة، وحكم بلوغ النصاب قبل استثنائها، وحكم اشتراك جماعة فيه إذا بلغ المجموع النصاب، وكذلك قصد التملك لنفسه أو غيره كما تقدم في المعدن.

(مسألة 1491) : إن لم يعلم أن للكنز مالكاً، كما لو كان يحتمل أن يكون من المباحات العامة وهو مذخور صدفة أو بفعل حيوان مثلا، فلا إشكال في جواز تملكه بعد دفع الخمس، وكذا لو علم انه ملك لمن لا حرمة لماله كالكافر الحربي، ويلحق به ما كان عليه علامة سابقة على الإسلام أو دالة على أن مالكه مشرك في أي زمن كان. وكذا لو كان ملكا لشخص من الملل المحكوم بكفرها من منتحلة الإسلام. نعم، لو علم أن للمالك من هؤلاء وارثاً أو أكثر من المسلمين وجب البحث عنهم، ويكون الكنز بمنزلة ما كان في ملك المسلم.

(مسألة 1492) : إذا علم إن الكنز لمسلم، بأي سبب حصل له العلم بذلك، فان كان موجودا معروفا له، وبَيَنَّ صفته دفعه إليه، وان كان له ورثة كذلك دفعه إليهم، وان جهل ذلك فالأحوط  التعريف به إلى حين حصول اليأس، فان لم يعرف المالك بعد التعريف، أو كان المال مما لا يمكن التعريف به أمكنه أن يطبق عليه ثلاث خصال: أما دفعه إلى الحاكم الشرعي، أو التصدق به بإذنه، أو تملكه بنية الضمان. ولا فرق في ذلك بين أن يكون المسلم قديماً أو حديثاً، وان كان الأحوط استحبابا على أي حال إجراء حكم ميراث من لا وارث له عليه.

(مسألة 1493) : إذا وجد الكنز في الارض المملوكة له، فان ملكها بالإحياء كان الكنز له وعليه الخمس، إلا أن يعلم انه لمسلم موجود أو قديم، فتجري عليه الأحكام المتقدمة. وان ملكها بالشراء ونحوه فالأحوط أن يعّرفه المالك السابق، واحدا كان أم متعددا فان عرفه دفعه إليه، وإلا عرفه الأسبق منه، مع العلم بوجوده في ملكه أو الظن كذلك بمقدار معتد به وهكذا. فان لم يعرفه الجميع فهو لواجده، إذا لم يعلم انه لمسلم موجود أو قديم، وإلا جرت عليه الأحكام المتقدمة. وكذا إذا وجده في ملك غيره، سواء كان تحت يده أو تحت يد مالكه أو يد ثالث. ولا يفرق فيما تحت يده أو غيره ما كان بشكل مشروع كالاجارة، أو غير مشروع كالغصب، فانه يعرفه المالك وذا اليد ويدفعه لمن عرفه. والأحوط وجوبا أن يعرفه السابق من مالك أو ذي يد،  مع العلم بوجوده في ملكه أو الظن بذلك بمقدار معتد به، وهكذا. فان لم يعرفه الجميع فهو لواجده، إلا أن يعلم انه لمسلم موجود أو قديم، فيجزي عليه حكم ما تقدم.

(مسألة 1494) : الأحوط بل الأقوى إلحاق الذمي بالمسلم من حيث الأحكام السابقة، فيما لو علم أو ظن سبق تملكه للكنز.

(مسألة 1495) : إذا اشترى دابة فوجد في جوفها مالا عرفه البائع، فان لم يعرفه كان له. وكذا الحكم في أي حيوان غير الدابة مما كان تحت يد البائع. وكذا لو انتقل الحيوان إليه بمعاملة أخرى كالهبة أو عوض الإيجار وغير ذلك.

(مسألة 1496) : إذا اشترى سمكة ووجد في جوفها مالا فهو له، من دون تعريف. ولا يجب فيما وجده في الدابة أو في السمكة ونحوها الخمس بعنوان الكنز. بل يجري عليه حكم الفائدة والربح.

الرابع: الغوص، وهو ما اخرج من البحر بالغوص كالجواهر مثل اللؤلؤ ونحوها مما كان فيه بالخلقة من غير الحيوان، ولا ما يكون وجوده في البحر كوجوده على الارض كالصخر والحجر المرجاني. فالحيوان مطلقا وجزؤه لا غوص فيه وان اخرج بالغوص. كما أن الساقط في البحر من خارجه كالخاتم والسوار لا يشمله هذا الحكم وان اخرج به، كما أن إخراج الصخور والأتربة أو النباتات البحرية ليس من الغوص أيضا، كما أن ما يؤخذ من ماء البحر بالتحليل ليس غوصاً وان اخرجوا الماء من القعر بسبب الغوص.

(مسألة 1497) : إذا كان شيء موجوداً في البحر بالخلقة، ولكنه يوجد على سطح الماء لا في قعره، فانه لا يشمله حكم الغوص. بخلاف ما لو كان الشيء موجودا في القعر عادة ،ولكنه وجده على السطح صدفة، فأخذه من دون غوص، فالأحوط وجوبا جريان حكم الغوص عليه.

(مسألة 1498) : الأحوط  أن الأنهار العظيمة حكمها حكم البحر بالنسبة إلى ما يخرج منها بالغوص.

(مسألة 1499) : الأحوط  وجوب الخمس في الغوص، وان لم يبلغ النصاب الشرعي له وهو دينار واحد. يعني انه لا نصاب له، بل يجب خمسه قلّ أو كثر، بعد إخراج المؤن.

(مسألة 1500) : لا إشكال في وجوب الخمس في العنبر إن اخرج بالغوص، والأحوط وجوبه فيه إن اخذ من وجه الماء أو الساحل.

(مسالة 1501) : إذا اخرج بآلة من دون غوص فالأحوط وجوباً جريان حكم الغوص عليه إذا كان المخرَج مما يتوفر فيه الشرط.

الخامس: الأرض التي تملّكها الذمي من مسلم، فانه يجب فيها الخمس على الأحوط . ولا فرق بين الارض الخالية إذا كانت مملوكة، وارض الزرع، وارض الدار، وغيرها. ولا يختص الحكم بصورة وقوع البيع على الارض، بل إذا وقع على مثل الدار أو الحمام أو الدكان، وجب الخمس في الارض. كما انه لا يختص الحكم بالشراء بل يجري في سائر المعاملات الاختيارية حتى المجاني منها، كالهبة والصلح، وأما شمول الحكم لسائر الانتقالات الاختيارية، كوقوعها عوض ضمان القرض، أو ضمان الإتلاف ونحوها، فشمول الحكم لها مبني على الاحتياط الاستحبابي.

(مسألة 1502) : إذا كان الانتقال قهريا كالإرث، إذا قلنا بملكية الوارث من حين الوفاة، واسلم قبل القسمة، بحيث ينكشف ملكية الكافر لها بالميراث من حينها كما لا يبعد. ونحوه حكم القاضي الشرعي بالملكية قهرا، أو الولي الشرعي العام أيضا بها. فما دام الانتقال قهريا لم يشمله وجوب الخمس من هذه الناحية.

(مسألة 1503) : إذا اشترى الارض ثم اسلم لم يسقط الخمس. وكذا إذا باعها إلى مسلم، فإذا اشتراها منه مسلم ثانية، وجب خمس آخر. فان كان الخمس الأول قد دفعه من العين، كان الخمس الثاني خمس الأربعة أخماس الباقية، وان كان قد دفع الخمس الأول من غير العين، كان الخمس الثاني من تمام العين، فإذا باعها الذمي على مسلم من الشيعة جاز له التصرف بها من دون إخراج الخمس.

(مسألة 1504) : يختص هذا الحكم بالذمي، ولا يشمل مطلق الكافر، سواء كان كتابيا ام غيره، مرتدا أم أصليا أم محكوما بكفره. وان كان الأحوط جريانه على مطلق الكافر الأصلي، وبخاصة الكتابي وان لم يكن ذميا.

(مسألة 1505) : يتعلق الخمس برقبة الأرض المشتراة، ويتخير الذمي بين دفع خمس العين ودفع القيمة، فلو دفع احدهما وجب القبول. وان لم يدفع الخمس كان للحاكم الشرعي إجباره على ذلك مع الإمكان.

(مسألة 1506) : يدفع هذا المورد من الخمس كغيره إلى الحاكم الشرعي فلا مجال للإشكال الذي يذكر حول من الذي يتولى النية حين الدفع إلى المستحقين.

(مسألة 1507) : إذا كانت الأرض مشغولة بشجر أو بناء، فان اشتراها الذمي على أن تبقى مشغولة فيها باجرة أو مجانا، قوم خمسها كذلك. وان اشتراها على ان يقلع ما فيها قُوِّم، أيضا كذلك. وان اشترى الارض وما عليها، قومت الأرض كذلك، ولم يجب الخمس فيما عليها من هذه الناحية.

(مسألة 1508) : إذا اشترى الذمي الأرض، وشرط على البائع المسلم أن يكون الخمس عليه، فان كان المراد هذا القسم من الخمس صح الشرط، واستحق البائع مجموع الثمن، وتكفل هو بدفع الخمس عن المشتري. وان كان المراد به الخمس بعنوان آخر بطل الشرط، أو رجع إلى أن المبيع أربعة أخماس الارض، فيجب الخمس فيه دون غيره.

(مسألة 1509) : إذا اشترط المشتري الذمي في العقد أن لا يكون في الارض الخمس، أو أن يسقطه الحاكم الشرعي عن ذمته، بطل الشرط.

السادس: المال الحلال المختلط بالحرام بحيث لم يميز ولم يعرف مقداره، ولا أصحابه، فإنه يحل بإخراج خمسه ودفعه إلى الحاكم الشرعي بنية الخمس، والأحوط استحبابا قصد الأعم من رد المظالم والخمس،ليصرفه على من ينطبق عليه كلا العنوانين للاستحقاق. وأما لو علم المقدار ولم يعلم المالك، فعليه التصدق به عنه، سواء كان الحرام بمقدار الخمس أم كان اقل منه أم كان أكثر منه، والأحوط وجوباً أن يكون بإذن الحاكم الشرعي. وله أن يقسطه عليه أو يعفيه من بعضه، إن وجد في ذلك مصلحة. وان علم المالك وجهل المقدار تراضيا بالصلح، وان لم يرض المالك بالصلح جاز الاقتصار على دفع الأقل إليه، والأحوط استحبابا دفع أكثر المحتملات إليه. والأحوط مع ذلك الرجوع إلى الحاكم الشرعي لحسم الدعوى. وان علم المكلف بالمالك والمقدار وجب دفعه إليه ويكون التعيين بالقرعة أو التراضي.

(مسألة 1510) : إذا علم قدر المال الحرام ولم يعلم صاحبه بعينه، بل علمه في عدد محصور أعلمهم بالحال، فإن ادعاه أحدهم وأقرّه عليه الباقي واعترفوا بأنه ليس لهم سلّمه إليه ويكون التعيين بالتراضي بينهما، وان ادّعاه أزيد من واحد فإن تراضوا بصلح أو نحوه فهو، وإلا تعيّن الرجوع إلى الحاكم الشرعي في حسم الدعوى، وإن أظهر الجميع جهلهم بالحال أو أنكروه تصدق بالمال عن أصحابه الواقعيين، وإن امتنعوا عن التراضي تعيّن الرجوع إلى الحاكم الشرعي فقد يوقع الرضا بينهم أو يحسمها بالقرعة، وإذا احتمل ملكية البعض دون الجميع فان أمكن استرضاء الجميع وجب وإن لم يمكن عمل بالقرعة.

(مسألة 1511) : في مفروض المسألة السابقة إذا تعذّر السؤال منهم جميعاً لوجود ضرر في ذلك أو لغيبتهم جميعاً وغير ذلك فالحكم في مثله بيد الحاكم الشرعي، وإذا تعذّر السؤال من بعضهم دون بعض، فمن أمكن سؤاله تحلل منه ومن لم يمكن فكالسابق.

(مسألة 1512) : إن علم المالك في عدد غير محصور تصدق به عنه، والأحوط وجوبا أن يكون بإذن الحاكم الشرعي.

(مسألة 1513) : إذا علم إجمالا أن الحرام أكثر من مقدار الخمس، لم يشرع الخمس في تحليله على الأحوط إذا لم يعلم المالك. بل يكون في الذمة كرد للمظالم. ولا يجب عليه الخمس لو علم أن الحرام اقل من الخمس بل يجزئه دفع ما يحصل به العلم إجمالاً ببراءة الذمة.

(مسألة 1514) : إذا كان في ذمته مال حرام فلا محل للخمس. ولكن تارة يعلم جنسه ومقداره وأخرى لا يعلم. وتارة يعلم مالكه في واحد أو في عدد محصور وأخرى لا يعلم. فهنا صور:

الصورة الاولى: إذا علم جنس المال ومقداره، وعرف صاحبه واحدا كان أو متعددا. وجب رده إليه أو إلى ورثته.

الصورة الثانية: إذا علم جنس المال ومقداره، وعرف صاحبه في عدد محصور فالأحوط وجوبا استرضاء الجميع مع الإمكان. وإلا اخذ بالظن الراجح في تعيين المالك، فان تساوى الظن عمل بالقرعة. ومع إمكان استرضاء البعض دون البعض فالأحوط  انجازه.

الصورة الثالثة: أن يعلم جنس المال ومقداره، ويشتبه مالكه في عدد غير محصور. فهو مجهول المالك يطبق عليه حكمه. والاهم فيه هو اخذ الإذن من الحاكم الشرعي.

الصورة الرابعة: إذا علم جنس المال وجهل مقداره، وعرف مالكه، واحداً كان أم متعددا، جاز له دفع المقدار الأقل من حدّي الترديد لإبراء ذمته، ويكون دفع الباقي مبنياً على الاحتياط الاستحبابي.

الصورة الخامسة: إذا جهل مقدار المال وجهل المالك، على انه يعلم به في عدد محصور، ففيها ما قلناه في الصورة الثانية. ولكن يدفع إليهم المقدار الأقل من احتمالات المبلغ، ولا يجب دفع الزائد.

 الصورة السادسة: إذا جهل مقدار المال وجهل المالك، بمعنى تردده في عدد غير محصور، فهو من قبيل مجهول المالك إن كان عينا، ورد المظالم إن كان في الذمة. وعلى أي حال لا يجب عليه دفع الزائد على المقدار الأقل، إلا بنحو الاحتياط الاستحبابي.

الصورة السابعة: أن يجهل جنس المال ومقداره، وكان المال قيمياً، وكانت قيمته في الذمة، فالحكم فيه كما لو عرف جنسه في تفاصيل الصور الثلاث السابقة.

الصورة الثامنة: أن يجهل جنس المال ومقداره، وكان المال مردداً بين أجناس مختلفة سواء كان الجميع قيمياً أو مثلياً أو مختلفاً فان أمكنت المصالحة مع المالك تعين ذلك، وإلا فلا يبعد الرجوع إلى القيمة بما يقطع معه ببراءة الذمّة على أن لا يسبب له ذلك ضرراً أو حرجاً ولو بمعونة القرعة. هذا وأما في أسواقنا الحالية، فالعمل على القيمة فقط. فيكون دفعها مجزيا، مع الاقتصار على الأقل. ويكون دفع الزائد احتياطاً استحبابياً، كما يكون العمل بالقرعة بين الأجناس كذلك.

(مسألة 1515) : إذا ظهر المالك - أي صاحب المال الذي افترض انه محرم لأنه ملك الغير- بعد دفع الخمس، في مورد اجتزائه، فالظاهر عدم الضمان له.

(مسألة 1516) : إذا ظهر المالك بعد دفع رد المظالم أو التصدق بالمال، فان كان ذلك بإذن الحاكم الشرعي فلا إشكال في عدم الضمان وان لم يكن بإذنه فالأحوط استرضاء المالك. وان كان الأحوط وجوباً للمالك العفو.

(مسألة 1517) : إذا علم بعد دفع الخمس أن الحرام أكثر من الخمس، وجب عليه دفع الزائد أيضاً. وان علم انه انقص لم يجز له استرداد الزائد على مقدار الحرام.

(مسألة 1518) : إذا كان المال المختلط من الخمس أو الزكاة أو الوقف العام أو الخاص، يعني يكون الفرد قد اختلط احد هذه الأموال مع أمواله، فانه لا يحل بإخراج الخمس، بل يجري عليه حكم معلوم المالك، فيراجع ولي الخمس أو الزكاة أو الوقف العام أو الوقف الخاص، على احد الوجوه السابقة.

(مسألة 1519) : إذا كان الحلال المختلط بالحرام قد تعلق به الخمس، وجب تخميسه مرتين، بتقديم الخمس المحلل للحرام، ثم دفع الخمس الآخر، فلو كان مجموع المال مائة فخمسها الأول عشرون والباقي وهو ثمانون خمسه ستة عشر فيبقى له من مجموع المال أربعة وستون، ولا يجوز الاقتصار على خمس واحد.

(مسألة 1520) : إذا تصرف في المال المختلط بالحرام قبل إخراج خمسه بالإتلاف لم يسقط الخمس، بل يكون في ذمته يدفعه إلى مستحقه. وكذا الحال في مجهول المالك أن تصرف فيه بالإتلاف، فانه يكون في ذمته كرد للمظالم، فان عرف قدره دفعه، وإلا كان له الاقتصار على مقدار الأقل، ويبقى دفع الباقي مبنيا على الاحتياط الاستحبابي.

السابع مما يجب فيه الخمس: ما يفضل عن مؤونة سنته، مما صرفه لنفسه وعياله من فوائد الصناعات والزراعات والتجارات والاجارات وحيازة المباحات، بل الأحوط الأقوى تعلقه بكل فائدة مملوكه له، كالهبة والهدية والجائزة والمال الموصى به، ونماء الوقف الخاص والعام، والميراث الذي لا يحتسب - أي لا يُتوقّع-، وعوض الخلع، وإنما يجب الخمس على تقدير الملك بالقبض في عدد من هذه العناوين.

(مسألة 1521) : في وجوب الخمس في الميراث المحتسب كميراث الطبقة الأولى ومهر الزوجة وديات الأعضاء وارش الجنايات تردد، من جهة الشك في صدق عنوان الغنيمة والفائدة عليها خصوصاً الأخير فيحصل الشك في شمول عموم مثل قوله (عليه السلام) (في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير) فتجري أصالة البراءة، فلا يجب الخمس وهو قول المشهور الذي يمكن الرجوع اليه في موارد التردد والاحتياط.

(مسألة 1522) : إذا كان الشخص موردا لصرف الحقوق الشرعية كالخمس والزكاة، فان ما قبضه منها على نحو التملك يدخل في الفائدة فما فضل منه في نهاية السنة يجب فيه الخمس والمفروض أنه لا يمتلك أزيد من مؤونة سنته لخروجه بذلك عن عنوان الفقير فلا يستحق الزائد. وحينئذٍ لا يجب عليه الخمس فيما وقع تحت يده وحيازته إذا لم ينوِ عليه التملك.

(مسألة 1523) : إذا كان عنده من الأعيان التي لم يتعلق بها الخمس، أو تعلق بها وأداه، فنمت وزادت، فهذه الزيادة يمكن أن تكون على أنحاء:

النحو الأول: الزيادة المنفصلة أو ما بحكمها عرفا، كالولد والثمر واللبن والصوف، مما كان منفصلا بطبعه، وان لم ينفصل فعلا، فالظاهر وجوب الخمس في الزيادة، ما لم يستعمل في مؤونة السنة، ممن له حق تأجيل الخمس إلى سنة.

النحو الثاني: الزيادة المتصلة، كنمو الشجرة وسمن الشاة المعدّة للاستفادة من لحمها، فحكمها حكم النحو الأول، إذا كانت زيادة معتد بها عرفا.

النحو الثالث: زيادة القيمة السوقية، بلا زيادة عينية من النحوين الأول والثاني، وكان قد اعد البضاعة للتجارة، ولا زال من قصده ذلك، فيجب الخمس في الارتفاع المذكور.

النحو الربع: زيادة القيمة السوقية فيما لا خمس عليه كالذي أعده للمؤونة من حين أو قبل حصول الزيادة، فلا يجب فيها الخمس، وإذا باعه بالسعر الزائد فان كان تملكه للعين بعوض -كالشراء- اعتبر الزائد من أرباح السنة وخمس الفاضل في نهايتها، وإن لم يكن بعوض، كما لو كانت من الموارد التي ترددنا في وجوب الخمس فيها كديّة الأعضاء فلا خمس في الزائد حتى إذا باعها.

ولا يفرق في هذه الأنحاء الأربعة بين أن يبيعه أو لا. فان وجب الخمس قبل البيع وجب بعده، وان لم يجب قبله لم يجب بعده، عدا ما قلناه في النحو الرابع.

ويمكن تلخيص الصور ببيان آخر بأن يقال:

إن أقسام ما زادت قيمته ثلاثة: 

الأول: ما يجب فيه الخمس في الزيادة، وإن لم يبعه، وهو ما أعده للتجارة.

الثاني: ما لا يجب فيه الخمس في الزيادة، وإن باعه بالزيادة كالذي ملكه بالإرث المحتسب وارش الجناية ونحوها - على القول بعدم وجوب الخمس فيه-، مما لم يتعلق به الخمس ولم يعده للتجارة . ومن قبيل ذلك ما ملكه بالهبة أو الحيازة مما كان متعلقاً للخمس ولكن قد أداه من نفس المال، وأما إذا أداه من مال آخر فلا يجب الخمس في زيادة القيمة بالنسبة إلى أربعة أخماس ذلك المال ويجري على خمسه الذي ملكه بأداء قيمته من مال آخر حكم المال الذي ملكه بالمعاوضة .

الثالث: ما لا يجب فيه الخمس في الزيادة، إلا إذا باعه، وهو ما ملكه بالمعاوضة كالشراء ونحوه، بقصد الاقتناء لا التجارة.

(مسألة 1524) : الظاهر أن جعل رأس السنة مصلحة للمكلف بعنوان الولاية، فلا يجوز الزيادة على السنة، يعني تأجيل دفع الخمس أكثر إلا بإذن الولي، وأما دفعه قبل ذلك فلا مانع منه.

(مسألة 1525) : بناء على عدم وجوب الخمس في المال الموروث فانه لا يجب فيه الخمس بشرطين:

الشرط الأول: أن لا يكون متعلقاً للخمس في حياة المورِّث، كما لو كان خمسه مدفوعاً، أو كان إرثاً أو مهراً لا يجب تخميسه.

الشرط الثاني: أن يكون من الميراث المحتسب وهو ميراث الطبقة الأولى مع الزوج أو الزوجة.

 (مسألة 1526) : تفريعاً على المسألة المتقدمة فإنه مع عدم توفر الشرطين المذكورين في المال الموروث يجب دفع خمسه. وله صور:

الصورة الأولى: أن يكون ميراثاً محتسباً ولكنه متعلق للخمس منذ حياة المورث، فيجب تخميسه قبل التوزيع بين الورثة. وان لم يخمس وجب على الوارث تخميس ما وصل إليه.

الصورة الثانية: أن يكون ميراثا غير محتسب، ولكنه غير متعلق للخمس في حياة المورث، فيجب على الوارث تخميس ما وصل إليه.

الصورة الثالثة: بان يكون ميراثا غير محتسب، وكان متعلقا لوجوب الخمس في حياة المورث، ففي مثله يجب التخميس مرتين: الاولى: عن ذمة الميت قبل التقسيم، والأخرى: عن ذمة الوارث فيما وصل إليه.

(مسألة 1527) : الذين يملكون الغنم يجب عليهم في آخر السنة إخراج خمس الباقي بعد مؤونتهم، من نماء الغنم من الصوف والسمن واللبن والسخال المتولدة منها، وإذا بيع شيء منها في أثناء السنة وبقي شيء من ثمنه، وجب إخراج خمسه أيضا. وكذلك الحكم في سائر الحيوانات، فانه يجب تخميس ما يتولد منها إذا كان باقياً في آخر السنة بنفسه أو بثمنه.

 

(مسألة 1528) : يمكن أن يجتمع الخمس والزكاة في مال واحد، بمعنى وجوب دفعهما في زمان واحد أو زمانين، كما لو كان عنده نحواً من ستين رأسا من الغنم مما يقصد به التجارة والاسترباح، فإذا مضى عليها عام، وجبت زكاتها ووجب خمسها، ولو دفع الخمس لم ينقص نصاب الزكاة، ولو دفع الزكاة لم يسقط الخمس، والأحوط البدء بدفع الخمس لتكون حصة الزكاة مخمسة. ويمكن أن يجب الخمس دون الزكاة، وان كان النصاب زكوياً. وذلك لأنه ينقص بدفع الخمس عن النصاب فلا تجب الزكاة. وقد تجب الزكاة دون الخمس، كما لو كان رأس سنتها اسبق من سنة الخمس، فيدفع الزكاة، ويخمس الباقي مع حصول وقته. 

شارك الاستفتاء

فروع في تحديد مؤونة السنة

 (مسألة 1529) : المؤونة المستثناة من الأرباح والتي لا يجب فيها الخمس أمران:

الأمر الأول: مؤونة تحصيل الربح : وهي كل مال يصرفه الإنسان في سبيل الحصول على الربح، كأجور النقل والدلال والكاتب والحارس والدكان وضرائب السلطان وغير ذلك. فان جميع هذه الأمور تخرج من الربح ثم يخمس الباقي. ومن هذا القبيل ما ينقص من ماله في سبيل الحصول على الربح، كالمصانع والسيارات وآلات الصناعة والخياطة والزراعة وغير ذلك. فان ما يرد على هذه الأمور من النقص أو العطل باستعمالها في أثناء السنة يتدارك من الربح مثلا إذا اشترى سيارة بعشرة آلاف واستعملها للأجرة وفي نهاية السنة كان صافي واردها ثلاثة آلاف لكن قيمتها نزلت الى تسعة آلاف، اقتطع ألفاً من صافي الوارد لجبر النقصان وخمس الباقي وهو ألفان.

(مسألة 1530) : كل ما يصرفه الإنسان في سبيل حصول الربح يستثنى من الأرباح كما مر، ولا يفرق في ذلك بين حصول الربح في سنة الصرف وحصوله فيما بعد، فكما لو صرف مالاً في سبيل إخراج المعدن استثنى ذلك من المخرج، ولو كان الإخراج بعد مضي سنة أو أكثر فكذلك لو صرف مالاً في سبيل حصول الربح، ومن ذلك النقص الوارد على المصانع والسيارات وآلات الصنائع وغير ذلك مما يستعمل في سبيل تحصيل الربح.

الأمر الثاني: مؤونة العيال : وهي كل ما يصرفه في سنته في معاش نفسه وعياله على النحو اللائق بحاله، وفي صدقاته وزياراته وهداياه وجوائزه المناسبة له، وكذلك ما يصرفه في ضيافة أضيافه وان زادوا على المناسب لحاله، إذا لم يكن وجودهم بتسبيب منه، وأما المقدار المناسب منهم لحاله، فلا يعتبر فيه ذلك. وكذلك يعتبر من المؤونة وفاؤه بالحقوق اللازمة له بنذر أو كفارة أو أداء دين أو أرش جناية أو غرامة ما أتلفه عمداً أو خطأ. أو فيما يحتاج إليه مما هو مناسب لحاله من دابة أو سيارة أو أكثر، أو جارية أو خادم، وكتب وأثاث، أو في ختان أولاده وتزويجهم ذكوراً أم إناثا، ولا يختلف الحال في المؤونة بين أن يكون الصرف على نحو الوجوب كالحج الواجب، أم الاستحباب كالزيارة، أم الإباحة أم الكراهة ما لم يكن الصرف محرما، أو يكون متعلقه محرما، فيجب الخمس فيما صرفه، بخلاف ما لو كان موضوعه محرما كإتلاف مال الغير بدون إذنه، فان العوض يدخل في المؤونة.

(مسألة 1531) : لا تصدق المؤونة إلا فيما صرف فعلاً من المال، لا على المال المذخور للصرف، فيجب الخمس بعد مصروف السنة، وان كان الباقي مالا مذخوراً للصرف.

(مسألة 1532) : إذا تبرع له متبرع بنفقته أو بعضها، لا يستثنى ذلك من أرباحه، بل يحسب ما يقابله من الربح من المال الذي لم يصرف في المؤونة، فيجب عليه تخميسه.

(مسألة 1533) : يجب أن يكون الصرف على النحو المتعارف المناسب لحاله عرفا واجتماعيا، فإذا زاد الصرف على ذلك وجب خمس التفاوت، وكذلك إذا كان الصرف سفها أو تبذيراً، ولكن إذا صرف اقل من المقدار المناسب له، وجب الخمس في الزائد كله.

(مسألة 1534) : الظاهر أن المصرف إذا كان راجحا شرعا لم يجب فيه الخمس، وان زاد عن المتعارف، كالزيادة في الصدقات والمبرات، وقضاء حاجات المحتاجين، وعمارة المساجد، وسائر الأمور النافعة للآخرين من المؤمنين.

(مسألة 1535) : رأس سنة المؤونة لمن ليس له سنة مالية، هو يوم البدء بالعمل، ويمكن حسابها من يوم ظهور الربح، ومن الراجح بل الواجب أن لا يهمل الفرد نفسه من هذه الناحية، فيجعل لنفسه رأس سنة منذ أول حياته العملية. فعند البدء بالعمل التجاري أو الصناعي أو الزراعي أو التعليم أو الطب، أو أي عمل محلل آخر يكون أول سنته المالية الشرعية، ويمكن كما قلنا تأجيل الحساب إلى أول يوم يظهر فيه الربح أو يقبض الراتب، فإذا مضت على ذلك سنة صرف فيها ما يناسب حاله من المؤونة، فان بقي لديه زائد وجب فيه الخمس قل أو كثر، سواء كان من الأثمان أو العروض مما ينقل أو مما لا ينقل.

(مسألة 1536) : يجوز للفرد أن يجعل لكل نوع من أنواع العمل بخصوصه رأس سنة، فيخمس ما زاد عن مؤونته منه في آخر تلك السنة.

(مسألة 1537) : المهم هو صدق السنة عرفا بأي تقويم كان، كالهجري أو الميلادي أو غيرهما، أو بدون أي تقويم كعدد الأيام أو الأسابيع مثلا.

(مسألة 1538) : ليس تعيين رأس السنة اختياريا للمكلف في أول حصوله، بل يتعين عند البدء بالعمل كما مر، وسيأتي أن من لم يعين له رأس سنة فسيكون ذلك له في يوم دفع أول أقساط الخمس لماله، كما أن هذا التعيين لم تثبت ولاية الفقيه عليه، بحيث يختار رأس السنة للمكلفين، فانه من الأمور الموضوعية المربوطة بأسبابها الواقعية كما اشرنا، نعم، يكون له ذلك فيما إذا فقد السبب الواقعي.

(مسألة 1539) : إذا لم يكن للفرد عمل، بان كان يعيش على نفقة شخص آخر كأبيه أو ابنه، أو على التبرعات أو الوجوه المالية الشرعية أو نحو ذلك،  كان أول سنته أول يوم يقبض فيه أول دفعة من المال، فان لم يكن قد عين له رأس سنة، كان رأس سنته هو يوم دفع أول مبلغ من الخمس، فان لم يكن له زيادة يدفع خمسها، لم يكن له رأس سنة حتى تحصل تلك الزيادة. ويجب المبادرة عندئذ إلى دفع الخمس، ومع عدمها فالأحوط له استحبابا اختيار يوم معين لجعله رأس سنة له بالاتفاق مع الحاكم الشرعي.

(مسألة 1540) : رأس سنة المؤونة لمن لا مهنة له يتعاطاها في معاشه وحصلت له فائدة اتفاقاً أول زمان حصولها، فمتى حصلت جاز له صرفها في المؤونة اللاحقة إلى عام كامل، وأما من له مهنة يتعاطاها في معاشه فرأس سنته حين الشروع في الاكتساب، فيجوز له احتساب المؤن المصروفة بعده من الربح اللاحق.

(مسألة 1541) : إذا كان الشخص مهملاً لمسألة الخمس قصوراً أو تقصيراً ولم يحاسب نفسه مدة من السنين وقد ربح فيها واستفاد أموالاً، واشترى منها أعياناً وأثاثاً، وعمّر دياراً وكوّن له أرصدة في البنوك وأموالاً مستثمرة في جهات عديدة ونحوها من الأموال، ثم التفت إلى ما يجب عليه من إخراج الخمس من هذه الأموال المنقولة وغير المنقولة، فالواجب عليه إخراج الخمس من كل هذه الأموال والموجودات ومن كل ما اشتراه أو عمّره أو غرسه مما لم يكن معدوداً من المؤونة.

أما ما اتخذه للمؤونة من هذه الأمور كدار السكن أو السيارة الشخصية أو الأثاث فلا خمس عليه إن كان اشتراه من أرباح السنة، ويجب فيه الخمس في حالتين:

أ- إذا كان المال الذي دفعه لشرائها قد جمعه في أكثر من سنة من الفاضل عن مؤونته فيخمس كل ما جمعه في غير سنة الشراء.

ب- إذا كانت العين المشتراة بقيت فاضلة عن المؤونة بعد شرائها إلى أن مرّت عليها سنة قبل دخولها في المؤونة.

(مسألة 1542) : من كان له أكثر من شكل واحد من الأعمال المذكورة في المسألة السابقة كالتجارة والإجارة والزراعة، كان لكل واحد حكمه، حتى لو اقتضى أن يكون لكل عمل عام مالي مستقل، كما يجوز له أن يجعل لنفسه رأس سنة واحدة فيحسب مجموع وارداته في آخر السنة ويخمّس ما زاد على مؤونته.

(مسألة 1543) : من كان بحاجة إلى رأس مال لإعاشة نفسه وعياله، فحصل على مال لا يزيد على مؤونة سنته، بحيث لو صرفه فيها لم يزد عليها، ولكنه اشتغل به للتجارة، فالظاهر انه ليس من المؤونة ما لم يصرف فيها أو قسم منه فعلا، فيجب إخراج خمسه في بدء العمل، وإلا ففي رأس السنة، مضافا إلى خمس أرباحه بعد استثناء المؤونة. وإذا نقص رأس المال خلال السنة بخسارة تجارية أمكن جبره من الربح، بخلاف ما لو نقص بالصرف في المؤونة فانه لا يجبر من الربح، ويكون الجبر من أرباح نفس السنة لا من السنين الآتية.

(مسألة 1544) : لا فرق في مؤونة السنة بين ما يصرف عينه، مثل المأكول والمشروب، وما ينتفع به مع بقاء عينه، كالدار والفرش والأواني ونحوها من الآلات المحتاج إليها. فيجوز استثناؤها إذا اشتراها من الربح. وان بقيت للسنين الآتية، ما لم تهمل لمدة عام فإنها تخرج عن المؤونة.

(مسألة 1545) : يدخل في مؤونة السنة ما يتم استعماله، كما اشرنا وما لا يتم استعماله ولكن ملكيته مناسبة لحاله الاجتماعي، كشيء من الحلي للمرأة، ومن الكتب لرجل الدين أو للمثقف، أو شيء من المعروضات والصور المناسبة لحاله، وكذلك يدخل فيها الآلات المدخرة لاستعمالات محتملة بالمقدار المناسب لحاله، وان لم تستعمل فعلا كآلة الإطفاء للحريق والفرش والأواني المذخورة للضيوف المحتمل ورودهم، وكذلك لو كانت سيارة مدخرة لنقل الضيوف، أو فسطاط مدخر لجلوسهم أو لنقل أولاده إلى المدارس أو التسوق أو أي شيء يناسب حاله، فانه يدخل في المؤونة وان لم يستعمل. نعم، إذا كان المدخر زائداً عن حاله الاجتماعي أو عن احتمال حاجته وجب فيه الخمس.

(مسألة 1546) : يجوز إخراج المؤونة من الربح، حتى وان كان له مال غير مال التجارة، وسواء كان ذلك المال مما وجب فيه الخمس أو لم يجب، فلا يجب إخراج المؤونة من ذلك المال ولا التوزيع عليهما.

(مسألة 1547) : إذا زاد ما اشتراه للمؤونة من الحنطة والشعير والسمن والسكر والشاي وغيرها، وجب عليه إخراج خمسه، أما المؤن التي يحتاج إليها - مع بقاء عينها - إذا استغنى عنها فالظاهر عدم وجوب الخمس فيها، إذا كان الاستغناء عنها بعد السنة، لأنها وإن أصبحت فاضلة عن المؤونة إلا أنها لا يصدق عليها أنها من أرباح السنة، كما في حلي النساء التي يستغنى عنها في عمر الشيب، وكالملابس اذا لم تعد مناسبة لحال الشخص أو جسمه، أما إذا كان الاستغناء عنها في أثناء السنة، فان كانت مما يتعارف إعدادها للسنين الآتية، كالثياب الصيفية والشتائية عند انتهاء موسمها، أو الفرش والآلات المعدة للضيوف في مواسم معينة كزوار الإمام الحسين (عليه السلام)، فالظاهر عدم وجوب الخمس فيها أيضاً، وإلا وجب أداء خمسها على الأحوط.

(مسألة 1548) : إذا اشترى بعين الربح شيئا، فتبين الاستغناء عنه، وجب إخراج خمسه، والأحوط مع نزول القيمة عن رأس المال، مراعاة رأس المال وكذا إذا اشتراه عالما بعدم الاحتياج إليه، كبعض الفرش الزائدة والجواهر، أو الحلي المدخرة لوقت الحاجة في السنين اللاحقة، أو المواد التي يؤجل بيعها، وكذلك البساتين والدور التي يقصد الاستفادة من نمائها وأرباحها، فانه لا يراعي في الخمس رأس مالها، بل قيمتها رأس السنة وان كانت اقل منه، ما لم يكن رأس المال غير مخمس فيجب الاحتياط بحساب أعلى القيمتين، والظاهر انه لا فرق في ذلك بين ما يشتريه بعين الأرباح، أو بالذمة ثم وفاه من الأرباح.

(مسألة 1549) : ما يدخره من المؤن، كالحنطة والدهن ونحو ذلك إذا بقي منه شيء إلى السنة الثانية - وكان أصله مخمساً- لا يجب فيه الخمس لو زادت قيمته إذا كان دفع الخمس من نفس العين، كما أنه لو نقصت قيمته لا يجبر النقص من الربح .

 (مسألة 1550) : من جملة المؤن مصارف الحج واجبا كان أو مستحبا، وإذا استطاع الحج في أثناء السنة من الربح ولم يحج ولو عصيانا، وجب خمس ذلك المقدار ولم يستثن منه، وإذا حصلت الاستطاعة من أرباح سنين متعددة وجب خمس الربح الحاصل في السنين الماضية، فان بقيت الاستطاعة بعد إخراج الخمس وجب الحج وإلا فلا، أما الربح المتممّ للاستطاعة في سنة الحج، فلا خمس عليه إلى نهاية العام، وإذا لم يحج ولو عصياناً وجب إخراج خمسه.





شارك الاستفتاء

فروع في أحكام الأرباح

 (مسألة 1551) : إذا عمر بستاناً وغرس فيه نخلاً وشجراً  ليس للتجارة بنفس البستان وإنما للاتجار بثمره لم يجب إخراج خمسه، إذا صرف عليه مالاً لم يتعلق به الخمس مما تقدم، أو مالاً قد أخرج خمسه كأرباح السنة السابقة، أو أدّى ثمنه عن ذمته من مالٍ فيه الخمس ـ كأرباح السنة السابقة ولم يخرج خمسه، كأن اشترى ما غرسه فيه في الذمة ووفى ثمنه مما يجب فيه الخمس، نعم يجب عليه حينئذ إخراج خمس المال نفسه، وأما إذا صرف عليه من ربح السنة قبل تمام السنة ـ وجب إخراج خمس نفس ما غرسه وأحدثه بعد استثناء مؤونة السنة، وعلى أي تقدير يجب الخمس في نمائه المنفصل، أو ما بحكمه من الثمر، والسعف، والأغصان اليابسة المعدة للقطع، بل في نمائه المتصل أيضاً إذا عد مصداقاً لزيادة المال على ما عرفت، وكذا يجب تخميس الشجر الذي يغرسه جديداً في السنة الثانية، وإن كان أصله من الشجر المخمس ثمنه مثل: (التال) الذي ينبت فيقلعه ويغرسه، وكذا إذا نبت جديداً لا بفعله، كالفسيل وغيره، إذا كان له مالية، وبالجملة كل ما يحدث جديداً من الأموال التي تدخل في ملكه يجب إخراج خمسه في آخر سنته، بعد استثناء مؤونة سنته، ولايجب الخمس في ارتفاع قيمة البستان في هذه الصورة، نعم إذا باعه بأكثر مما صرفه عليه من ثمن الفسيل، وأجرة الفلاح وغير ذلك وجب الخمس في الزائد، ويكون الزائد من أرباح سنة البيع، وأما إذا كان تعميره بقصد التجارة بنفس البستان وجب الخمس في ارتفاع القيمة الحاصل في آخر السنة وإن لم يبعه كما عرفت .

 (مسألة 1552) : إذا اشترى عينا بقصد تجاري، فزادت قيمتها في أثناء السنة، ولكنه لم يبعها غفلة أو طلبا للزيادة أو لغرض آخر، ثم رجعت قيمتها في رأس السنة إلى رأس مالها الأول، فليس عليه خمس تلك الزيادة. نعم، إذا بقيت الزيادة إلى آخر السنة وجب الخمس، وان لم يبعها، بل وان صادف نزول قيمتها بعد ذلك.

(مسألة 1553) : إذا حصل لديه أرباح تدريجية فاشترى في السنة الأولى عرصة لبناء دار، وفي الثانية خشباً وحديداً، وفي الثالثة آجراً مثلاً، وهكذا لا يكون ما اشتراه من المؤن المستثناة لتلك السنة، لأنه مؤونة للسنين الآتية التي يحصل فيها السكنى، فعليه خمس تلك الأعيان، نعم إذا كان المتعارف لمثله تحصيل الدار تدريجاً على النحو المتقدم بحيث يعد تحصيل ما اشتراه في كل سنة من مؤنته فيها لكون تركه منافياً لما يقتضيه شأنه فيها لعدم مناسبة السكن الذي هو فيه الآن مثلاً ولان وضعه الاقتصادي لا يسمح بغير ذلك ونحوه فالظاهر عدم ثبوت الخمس .

(مسألة 1554) : إذا أجر نفسه سنين، كانت الأجرة الواقعة بإزاء عمله في سنة الإجارة من أرباحها، وأما ما يقع بإزاء العمل في السنين الآتية، فان قبضه في هذه السنة كان من أرباحها خاصة فيجب الخمس في الفاضل منها. وان قبض أجرة كل سنة فيها، كانت من أرباح تلك السنين.

(مسألة 1555) : إذا باع ثمرة بستان سنين، وقبض الثمن معجلا، كان الثمن بتمامه من أرباح سنة البيع، ووجب فيه الخمس بعد المؤونة، وبعد استثناء ما يجبر به النقص الوارد على البستان، من جهة كونه مسلوب المنفعة في المدة الباقية خلال هذه السنة وما بعدها، مثلاً إذا كانت له دار بخمسين وأجرها بعشرين لمدة أربع سنوات دفعت له مباشرة وأصبحت قيمة الدار حال كونها مستأجرة مدفوعة الإيجار لمدة أربع سنوات أربعين خُصِم النقص في سعرها وهو عشرة من الأجرة وهي عشرون، وان كان الأحوط وجوبا عدم استثناء خسارات السنين الآتية من أرباح هذه السنة. ومنه يظهر الحال فيما لو أجر داراً أو فندقا لسنين عديدة.

(مسألة 1556) : إذا دفع من السهمين أو احدهما، ثم بعد تمام الحول حسب موجوداته ليخرج خمسها، فان كان ما دفعه من أرباح هذه السنة عدّه منها وحسب خمس الجميع ثم استثنى المدفوع ودفع الباقي.

(مسألة 1557) : أداء الدين من المؤونة، إذا كان مصروفا في المؤونة، سواء أخذه بهذا القصد أم بقصد آخر، وسواء كانت الاستدانة في سنة الربح أم فيما قبلها، تمكن من الأداء قبل ذلك أم لا. نعم، إذا لم يؤد دينه إلى أن انقضت السنة وجب الخمس، من دون استثناء مقدار وفاء الدين، سواء كان معذوراً في التأجيل أو عاصيا، ويلحق بذلك الدين الشرعي كالخمس والزكاة والنذر والكفارات، وكذا مثل اروش الجنايات وقيم الملتقطات والمتلفات، فإنه إن أداها من الربح لم يجب عليه الخمس فيه، وان كان حدوثه في السنة السابقة، وان لم يدفعها وجب الخمس سواء كان معذوراً في التأجيل أم عاصيا.

(مسألة 1558) : ليس من الديون المعدود أداؤها من المؤونة الدين الذي صرف في محرم كالخمر أو لحم الخنزير.

(مسألة 1559) : الديون التجارية، ومنها ما تعارف عليه التجار اليوم من أخذ البضاعة على التصريف، أو دفع بعض ثمنها لتاجر الجملة وإبقاء البعض الآخر إلى حين تسوّقه الآتي تخصم من الأرباح ويجب الخمس في الصافي منها.

(مسألة 1560) : إذا اشترى ما ليس من المؤونة بالذمة، أو استدان شيئاً لإضافته إلى رأس ماله ونحو ذلك، مما يكون بدل دينه موجوداً ولم يكن من المؤونة، جاز له أداء دينه من أرباح السنة اللاحقة، نعم يعد البدل حينئذ من أرباح هذه السنة فيجب تخميسه بعد انقضائها إذا كان زائداً على مؤونتها، ولو فرض إعداده للتجارة في السنة السابقة وارتفاع قيمته فيها بحيث زادت على قيمة الدين كان الزائد من أرباح تلك السنة لا هذه.

(مسألة 1561) : إذا أتجر برأس ماله المخمس مراراً متعددة في السنة، فخسر في بعض المعاملات وربح في البعض الآخر، فان كان الخسران بعد الربح أو مقارنا له، فانه يجبر الخسران بالربح، فان تساوى الخسران والربح فلا خمس، وان زاد الربح وجب الخمس في الزيادة، وان زاد الخسران على الربح فلا خمس عليه، وصار رأس ماله في السنة اللاحقة اقل مما كان عليه في السنة السابقة. وكذا يجبر الربح للخسران حتى ما إذا كان بعده بزمان معتد به، بل حتى إذا وزع رأس ماله على تجارات متعددة عرفا، بل الظاهر الجبران مع اختلاف نوع الكسب، كما إذا اتجر ببعض رأس المال وزرع بالبعض الآخر، فخسر في التجارة وربح في الزراعة إذا لم تكن هذه الأنواع متمايزة في مصاريفها ومدخولاتها ورؤوس أموالها وتفاصيل عملها، وكذا الحكم فيما إذا تلف بعض رأس ماله أو صرفه في نفقاته، بل إذا انفق من مال غير مال التجارة قبل حصول الربح، جاز له أن يجبر تلك من ربحه وليس عليه خمس ما يساوي المؤن التي صرفها، وإنما عليه صرف خمس الزائد لا غير.

(مسألة 1562) : ما قلناه في المسألة السابقة ينطبق على أهل المواشي، فانه إذا باع بعضها لمؤونته أو مات بعضها أو سرق، فانه يجبر جميع ذلك بالنتاج الحاصل له قبل ذلك، فضلا عن الحاصل بعده، ففي آخر السنة يضم السخال إلى أرباحه في تلك السنة من الصوف والسمن واللبن وغير ذلك، فيجبر النقص ويخمس ما زاد عن الجبر، فإذا لم يحصل الجبر إلا بقيمة جميع السخال مع أرباحه الأخرى، لم يكن عليه خمس في تلك السنة.

(مسألة 1563) : في فرض المسألتين السابقتين، إذا تلف بعض أمواله مما ليس من مال التكسب، كما إذا انهدمت دار غلته، ففي الجبر إشكال، وكذا إذا انهدمت دار سكناه إلا أن يعمرها، فيكون تعميرها من المؤن المستثناة، وكما لو تلفت بعض أمواله الأخرى مثل ألبسته أو سيارته.

(مسألة 1564) : الخمس بجميع أقسامه متعلق بالعين بنحو الكلي في المعين، ويتخير المالك بين دفع العين ودفع القيمة، ولا يجوز له التصرف بعد انتهاء السنة قبل أدائه، وإذا ضمنه في ذمته بإذن الحاكم الشرعي أو عزله بإذنه أيضا صح، ويسقط الحق عندئذ من العين فيجوز التصرف فيها.

(مسألة 1565) : إذا أخر دفع الخمس مع وجوبه ترتبت على ذلك آثار باطلة عديدة، منها : حرمة تصرفه في العين أكلا أو لبساً أو سكنى أو غير ذلك. ومنها: انه تشتغل ذمته باجرة المثل لهذا التصرف، فيما يقابل الخمس المستحق لذويه. ومنها: أن المعاملات الجارية على الأعيان أو الأثمان المستحقة تكون نافذة في الأربع أخماس، وباطلة في مقدار الخمس، وليس له أن يأخذ الثمن بإزائها كاملة، كما انه ليس له أن يدفع العين إلى مشتريها قبل التخميس، ما لم يخبره بذلك ويثق بأنه سوف يقوم بهذه الوظيفة الشرعية. ومنها: أن إنتاج الخمس وأرباحه لذوي الخمس وليس للمالك. ومنها : انه اذا مات قبل دفع الخمس وجب على ورثته دفع خمس التركة مع الديون، قبل تقسيمها بينهم.

(مسألة 1566) : تفريعاً على ما قلناه من عدم جواز التصرف في العين بعد انتهاء السنة قبل دفع الخمس، فلو تصرف فيها بالاتجار فإن كان الاتجار بما في الذمة وكان الوفاء بالعين غير المخمسة صحت المعاملة ولكن يلزمه دفع خمس تلك العين ولو من مال آخر، وإن كان الاتجار بعين ما فيه الخمس، فالظاهر صحة المعاملة أيضاً إذا كان طرفها مؤمناً من غير حاجة إلى إجازة الحاكم الشرعي ولكن ينتقل الخمس حينئذ إلى البدل، كما أنه إذا وهبها لمؤمن صحت الهبة، وينتقل الخمس إلى ذمة الواهب الا اذا تعلق الخمس بنفس العين بدوران الحول عليها، وعلى الجملة كل ما ينتقل إلى المؤمن ممن لا يخمس أمواله لأحد الوجوه المتقدمة بمعاملة أو مجاناً يملكه فيجوز له التصرف فيه، وقد أحل الأئمة (سلام الله عليهم ) ذلك لشيعتهم تفضلاً منهم عليهم، وكذلك يجوز التصرف للمؤمن في أموال هؤلاء، فيما إذا أباحوها لهم، من دون تمليك، ففي جميع ذلك يكون المهنأ للمؤمن والوزر على مانع الخمس، إذا كان مقصراً .

(مسألة 1567) : لو اشترى ما فيه ربح بنحو بيع الخيار، فصار البيع لازماً، فاستقاله البائع فأقاله، وكان ذلك بعد رأس السنة لم يسقط الخمس، أما إذا كانت الإقالة خلال السنة فلا خمس على الربح اذا كانت الإقالة لسبب مشروع كاستحباب إقالة المؤمن لا لسبب غير مشروع كالمداهنة.

(مسألة 1568) : إذا اتلف المالك أو غيره المال الذي تعلق به الخمس بتعد أو تفريط، ولو من اجل التسامح بالدفع زمنا معتداً به، ضمن المتلف الخمس ورجع عليه الحاكم. وكذا الحكم إذا دفعه المالك إلى غيره وفاء لدين أو هبة أو عوضاً عن معاملة، فانه ضامن للخمس، وجاز للحاكم الرجوع عليه ولا يجوز له الرجوع على من انتقل إليه المال إذا كان مؤمنا، وان رجع الحاكم على الأخير - في حال جوازه- رجع هو على المالك مع جهله بالحال عند قبضه العين.

(مسألة 1569) : إذا كان ربحه غير المخمس حباً فبذره فصار زرعا، أو إذا كان بيضا فصار دجاجا وجب الخمس في الناتج كله، وإذا كان ربحه أغصانا غرسها فصارت شجراً، وجب عليه خمس الشجر، أو كانت فسيلا فصارت نخلاً، وجب عليه خمس النخل لا خمس الأصل.

(مسألة 1570) : إذا حسب ربحه فدفع خمسه، ثم انكشف أن ما دفعه كان أكثر مما وجب عليه، جاز له استرداده أو بدله مع علم المستحق (الفقير أو الحاكم الشرعي) بالحال، ولم يجز له احتساب الزائد مما يجب عليه في السنة التالية. نعم، يجوز له التسبب إلى حفظ عينها لدى الفقير - في حال إذن الحاكم الشرعي بإعطائه مباشرة-، أو اعتبارها دينا عليه إلى السنة الآتية مع تصرف الفقير بها إذا كان عالماً بالحال، فان وجب عليه الخمس عندئذ وبقي الفقير على وجه الاستحقاق جاز احتسابه عندئذ.

(مسألة 1571) : إذا ربح خلال السنة، فدفع الخمس باعتقاد عدم حصول مؤونة زائدة، فتبين عدم كفاية الربح لتجدد مؤونة لم تكن محتسبة، لم يجز له الرجوع على المستحق مطلقاً لان الخمس يجب بمجرد ظهور الربح وان تأخيره سنة رخصة من الشارع.

(مسألة 1572) : في جواز تصرف المالك ببعض الربح بعد حلول رأس السنة الخمسية إشكال، إن كان مقدار الخمس باقيا، والأحوط عدم الجواز بدون إذن الحاكم.

(مسألة 1573) : إذا جاء رأس الحول، كان ناتج بعض الزرع حاصلا دون بعض، فما حصلت نتيجته يكون من ربح سنته، ويخمس بعد إخراج المؤن، وما لم تحصل نتيجته يكون من أرباح السنة اللاحقة. نعم، إذا كان له أصل موجود له قيمة اخرج خمسه في آخر السنة، ويكون الفرع من أرباح السنة اللاحقة إذا كان له قيمة عرفية معتد بها. فمثلا : في رأس السنة كان بعض الزرع له سنبل وبعضه قصيل لا سنبل له، وجب إخراج خمس الجميع، وإذا ظهر السنبل في السنة الثانية كان من أرباحها لا من أرباح السنة السابقة.

(مسألة 1574) : إذا كان الغوص أو إخراج المعدن مكسبا كفاه إخراج خمسها، ولا يجب عليه إخراج خمس آخر من باب أرباح المكاسب، إلا إذا تجدد له نماء تجاري زائد على ذلك.

(مسألة 1575) : المرأة التي تكتسب يجب عليها الخمس، وان عال بها زوجها، ولا يستثنى من أرباحها ما يصرفه زوجها عليها، بل وكذا الحكم إذا لم تكسب، وكانت لها فوائد من زوجها أو غيره، فانه يجب عليها في آخر السنة إخراج خمسها. وبالجملة يجب على كل مكلف أن يلاحظ ما زاد عنده في آخر السنة من أرباح مكاسبه وغيرها، قليلا كان أو كثيراً ويخرج خمسه، كاسبا كان ام غير كاسب.

(مسألة 1576) : الظاهر عدم اشتراط البلوغ والعقل والحرية في ثبوت الخمس في كل أنواعه، كالكنز والغوص والمال الحلال المختلط بالحرام والأرض التي يشتريها الذمي من المسلم، كل ما في الأمر أن من كان ساقطا عنه التكليف كالطفل والمجنون، يجب على وليه دونه، هذا إن أريد التصرف بالمال في حدود ما تسمح به الولاية، أما إذا كان المال مدخراً فلا يجب إخراجه حتى يبلغ المالك التكليف فيتولى هو إخراج الخمس، لان تعلق الخمس بالأموال له حكمان، احدهما تكليفي وهو وجوب إخراجه والآخر وضعي وهو حرمة التصرف بالمال قبل إخراجه، والأول يسقط عن غير المكلفين دون الثاني.

(مسألة 1577) : إذا اشترى من أرباح سنته ما لم يكن من المؤونة، فارتفعت قيمته كان اللازم إخراج خمسه عيناً أو قيمة فإن المال حينئذ بنفسه من الأرباح، وأما إذا اشترى شيئاً بعد انتهاء سنته ووجوب الخمس في ثمنه، فإن كانت المعاملة شخصية وجب تخميس ذلك المال أيضاً عيناً أو قيمة بعد تصحيحها بإجازة الحاكم الشرعي إذا لم يكن المنتقل إليه مؤمناً، وأما إذا كان الشراء في الذمة، كما هو الغالب، وكان الوفاء به من الربح غير المخمس فلا يجب عليه إلا دفع خمس الثمن الذي اشتراه به، ولا يجب الخمس في ارتفاع قيمته إذا لم يكن معداً للتجارة ما لم يبعه، وإذا علم أنه أدّى الثمن من ربح لم يخمسه، ولكنه شك في أنه كان أثناء السنة ليجب خمس نفسه المرتفع قيمته على الفرض أو كان بعد انتهائها لئلا يجب الخمس إلا في مقدار الثمن الذي اشتراه به فقط، فالأحوط المصالحة مع الحاكم الشرعي.

(مسألة 1578) : إذا كان الشخص لا يخرج الخمس من ماله، وقد وهبه إلى شخص آخر لم يجب على الموهوب له تخميسه إذا كان للموهوب له سنة خمسية ودفعه الواهب من أرباح السنة، أما إذا كان قد تعلق الخمس بالهبة عند المالك لدوران الحول عليها فيجب على الموهوب له تخميسها فوراً إبراءاً لذمة الواهب، وإذا لم يكن للموهوب له سنة خمسية خمّسها مع سائر أمواله إذ يجب الخمس فيها جميعاً على تفصيل قد تقدّم.

(مسألة 1579) : إذا أحب من له رأس سنة أن يغير رأس سنته، فأما أن يريد تقديمها، وأما أن يريد تأخيرها. فان أراد تقديمها أمكنه محاسبة حاله المالي ودفع ما عليه من خمس في الموعد الذي يراه مناسباً، ويكون هو الموعد الجديد لرأس سنته، بدون حاجة إلى مراجعة الحاكم الشرعي. وأما إن أراد تأخيرها احتاج إلى مراجعة الحاكم في تأجيل الدفع إلى ذلك الموعد، فان اجّله ودفع ما في ذمته من خمس بحيث يشمل حتى مدة التأجيل كان الموعد الجديد هو رأس سنته.

(مسألة 1580) : يتعلق الخمس بالربح بمجرد حصوله، أما تأجيل دفع الخمس إلى سنة فهو حكم بالولاية، إرفاقا بحال المكلف، وإلا فيجوز أن يدفع خمس الأرباح فورا، يعني في كل يوم أو في كل أسبوع أو في كل شهر أو في كل ستة أشهر أو عشرة أشهر وهكذا، بعد استثناء مؤونة هذه المدة، وأما جعل الموعد أكثر من سنة، كخمسة عشر شهرا أو عشرون ونحوها، فيحتاج إلى أذن الحاكم الشرعي.

(مسألة 1581) : يجب على كل مكلف في آخر السنة أن يخرج خمس ما زاد من مؤونته، مما ادخره في بيته للمؤونة، من الأرز والدقيق والحنطة والشعير والسكر والشاي والنفط والحطب والفحم والسمن والحلوى، وغير ذلك من أمتعة البيت، مما اعد للمؤونة ولم يستعمل إلى رأس السنة، بما فيها الحلي والكتب الزائدة على حاله الاجتماعي، والثياب والفرش والأواني الزائدة عن حاجته.

(مسألة 1582) : إذا كان عليه دين استدانه لهذا الزائد من المؤونة المذكور في المسالة السابقة، وكان مساوياً له، لم يجب الخمس في الزائد. وكذا إذا كان أكثر، أما إذا كان الدين اقل اخرج خمس مقدار التفاوت لا غير. وإذا بقيت الأعيان المذكورة إلى السنة الآتية، فوفى الدين في أثنائها، لم يجب الخمس إلا على ما يزيد منها على مؤونة تلك السنة.

(مسألة 1583) : إذا اشترى خلال السنة أعيانا لغير المؤونة كبستان وكان عليه دين بازاء ما اشترى يساويها بحيث لا يعد عرفا انه قد ربح شيئاً، فلا يجب إخراج خمسها، فإذا وفى الدين في السنة الثانية، كانت معدودة من أرباحها، ووجب إخراج خمسها آخر السنة. وإذا اشترى بستانا مثلا، بثمن في الذمة مؤجلا، فجاء رأس السنة قبل اجل الدين أو بعده، لم يجب إخراج خمس البستان. فإذا وفى الثمن في السنة الثانية كانت البستان من أرباح السنة الثانية، ووجب إخراج خمسها، وإذا وفى نصف الثمن في السنة الثانية، كان نصف البستان من أرباح تلك السنة، ووجب إخراج خمس النصف، وإذا وفى ربع الثمن في السنة الثانية، كان ربعها من أرباح تلك السنة. وهكذا كلما وفى جزءاً من الثمن، كان ما يقابله من البستان من أرباح تلك السنة، بمعنى انه إذا انتهت هذه السنة الثانية، وجب عليه دفع خمس البستان نفسه، إن كان أعده للتجارة، وخمس الباقي من أرباحه إن كان أعده للمؤونة. هذا إذا بقيت البستان إلى رأس السنة الثانية، أما إذا تلفت قبل ذلك فلا خمس فيها. نعم، إذا بقي من أرباحها شيء وجب تخميسه.

(مسألة 1584) : إذا ربح في سنة مائة دينار مثلا، فلم يدفع منها عشرين ديناراً خمساً حتى جاءت السنة الثانية، فدفع عشرين ديناراً من أرباحها، وجب الخمس في العشرين ديناراً التي هي الخمس مع بقائها لا مع تلفها بدون تفريط، كما هو الغالب، بمعنى انه يعتبر المال المخمس في السنة الاولى ثمانين دينار لا مئة.

(مسألة 1585) : إذا فرض انه اشترى دارا للسكنى فسكنها، وبقيت قيمتها في ذمته، ثم وفى في السنة الثانية ثمنها من مال لا يجب فيه الخمس، لم يجب عليه خمس الدار. وكذا إذا وفى في السنة الثانية بعض أجزاء الثمن، لم يجب الخمس في الحصة من الدار. ويجري هذا الحكم في كل ما اشتراه من المؤن بالدين.

(مسألة 1586) : إذا نذر أن يصرف نصف أرباحه السنوية مثلا، في وجه من وجوه البر، وجب عليه الوفاء بنذره، فان صرف المال المنذور في الجهة المنذور لها قبل انتهاء السنة، لم يجب عليه تخميس ما صرفه، بل لا يجب عليه الخمس فيما صرفه في وجوه البر، وان لم يكن منذورا. وان لم يصرفه حتى انتهت السنة، وجب عليه إخراج خمسه، ضمن مجموع ما يجب عليه من الخمس بعد إخراج المؤن. نعم، لو كان المنذور عينا أو مقداراً موجودا من المال، لم يجب خمسه، ولكن لا يجوز صرفه في غير النذر.

(مسألة 1587) إذا كان رأس ماله ألف دينار مثلا، فاستأجر دكانا بمائة دينار واشترى آلات للدكان بمائة، وفى آخر السنة وجد ماله ألفا فقط، كان عليه خمس الآلات فقط على الأحوط . ولا يجب عليه إخراج خمس أجرة الدكان، لأنها من مؤونة التجارة، وكذا أجرة الحارس والحمال، والضرائب التي يدفعها إلى السلطان والسرقفلية، فان هذه المؤن مستثناة من الربح، مضافا إلى مؤن عياله، والخمس إنما يجب فيما زاد عنها، كما سبق. نعم، إذا كانت السرقفلية التي دفعها إلى المالك أو غيره أوجبت له حقا في أخذها من غيره، أو حق البقاء في المحل أمدا طويلا فان كان اتخاذه للمحل للاتجار فيه خمّس مبلغ السرقفلية فقط، وإن كان اتخاذه للاتجار به وجب تقويم ذلك الحق في آخر السنة وإخراج خمسه، فربما تزيد قيمته على مقدار ما دفعه من السرقفلية، وربما تنقص وربما تساوي فان زادت وجب الخمس.

(مسألة 1588) : إذا حل رأس الحول فلم يدفع خمس الربح، ثم دفعه تدريجياً من ربح السنة الثانية، والدفع التدريجي لا يجوز إلا بإذن الحاكم الشرعي، ولكنه إن دفعه كذلك بإذنه أو بدونه، لم يحتسب من المؤن على الأحوط، بل يجب فيه الخمس. وكذا لو صالحه الحاكم على مبلغ في الذمة، فان وفاءه من أرباح السنة الثانية لا يكون من المؤن، بل يجب فيه الخمس على الأحوط، إذا كان مال المصالحة عوضا عن خمس عين موجودة. وكذا إذا كانت تالفة في غير المؤونة. أما إذا كانت تالفة في المؤونة فوفاؤه يحسب من المؤن ولا خمس فيه.

(مسألة 1589) : إذا حل رأس السنة فوجد بعض أرباحه أو كلها ديناً في ذمم الناس، فان أمكن استيفاؤه بدون مشقة أو حرج بحيث كانت بحكم أمواله الموجودة تحت يده وجب دفع خمسه على الأحوط  وان لم يستوف، وان لم يمكن استيفاؤه تخير بين أن ينتظر استيفاءه في السنة اللاحقة، فإذا استوفاه اخرج خمسه، وكان من أرباح السنة السابقة لا من أرباح سنة الاستيفاء، يعني يجب تخميس ما استوفاه فوراً لأنه من أرباح السنة السابقة، وبين أن يقدر مالية الديون فعلا، فيدفع خمسها، فإذا استوفاها في السنة الآتية كان الزائد على ما قدر من أرباح سنة الاستيفاء.

(مسألة 1590) : إذا أتلف ربح السنة خلالها بشكل غير عقلائي ضمن خمسه، وكذا إذا أهمل الحفاظ عليه فتلف. وكذا إذا أسرف في صرفه زائداً على حاله الاجتماعي، أو وهبه كذلك، وكذا إذا باع أو اشترى على نحو المحاباة، إذا كانت الهبة أو الشراء أو البيع غير لائقة بشأنه. وإذا علم أن الربح ليس من المؤونة إلى آخر السنة، يعني لا يحتمل صرفه فيها، فالأحوط استحباباً، أن يبادر إلى دفع الخمس ولا يؤخره إلى نهاية السنة.

(مسألة 1591) : إذا مات المكتسب خلال السنة بعد حصول الربح، فالمستثنى هو المؤونة إلى حين الموت لا إلى تمام السنة، كما أنه يجب المبادرة إلى دفع خمسه من قبل الولي أو الورثة، ولا يجوز تأجيله إلى رأس السنة، بمعنى أن هذا التأجيل يكون ساري المفعول مادام المالك حياً ولكنه يسقط عن المشروعية والاعتبار إذا مات.

(مسألة 1592) : إذا علم الوارث أن مورثه لم يؤد خمس ما تركه وجب عليه أداؤه عن ذمة الميّت، فإن كان الميراث غير محتسب وجب تخميس الباقي مرة أخرى فوراً على الأحوط لأنه من الغنيمة، وإن كان محتسباً عمل بمقتضى التردد الذي ذكرناه في الأمر السابع ص398.

 

(مسألة 1593) : إذا علم أن مورِّثه أتلف مالا له قد تعلق به الخمس، وجب إخراج خمسه من تركته كغيره من الديون.





شارك الاستفتاء

فروع في عدم دفع الخمس

 (مسألة 1594) : ظهر مما سبق أن الخمس بجميع أقسامه وان كان يتعلق بالعين، إلا أن المالك يتخير بين دفع العين ودفع قيمتها، ولا يجوز له التصرف في العين بعد انتهاء السنة قبل أدائه. بل الأحوط وجوباً عدم التصرف في بعضها أيضاً، وان كان مقدار الخمس باقياً في البقية. وإذا ضمنه في ذمته بإذن الحاكم الشرعي أو عزله كذلك صح. ويسقط الحق من المال، فيجوز التصرف فيه.

(مسألة 1595) : لا باس بالشركة مع من لا يخمس، أما لاعتقاده بعدم وجوبه قصوراً أو تقصيراً، أو لعصيانه وعدم مبالاته بالدين، ولا يلحقه وزر من قبل شريكه، ويجزيه أن يخرج خمسه من حصته من الربح.

(مسألة 1596) : لا بأس للمؤمنين بأخذ المال مضاربة من شخص لا يخمس. وكذا لا بأس بالاقتراض ممن لا يخمس وليس عليه دفع الخمس، ويجري هذا الحكم فيما تعارف عليه المجتمع (السلفة أو الجمعية) بحيث يتفق مجموعة على دفع مبالغ شهرية أو أسبوعية ويعطى المجموع لأحدهم كل شهر بحسب القرعة. نعم إذا كان الخمس متعلقاً بالمال الواصل لكونه فائضاً عن المؤونة ودار عليه حول وجب إخراج خمسه والرجوع به على الدافع.

(مسألة 1597) : إذا كان رب الأسرة لا يخمس، أو كان وارده من مجهول المالك، وهو لا يقبضه قبضا شرعيا، فان أمكن لأي فرد من الأسرة الاستقلال في الصرف على نفسه فهو خير له، وان كان مضطرا للبقاء وجبت مراجعة الحاكم الشرعي لتحليل تصرفاته ومصرفه. ومن قبلنا فإننا نجيز له الاستفادة مما يصرفه عليه رب الأسرة في حدود الحاجات المتعارفة فيكون المهنأ له والوزر على غيره، ولا يترك وظيفته في الهداية والإرشاد والموعظة.

 

فروع في عدم وجوب الخمس

(مسألة 1598) : ليس لفاضل المؤونة مما يجب خمسه نصاب أو مقدار، فيجب فيه الخمس قل أو كثر، ما لم يسقط عن المالية، كعود ثقاب أو حبة حنطة، أو يسقطه الشارع المقدس عنها كالخمر والخنزير.

(مسألة 1599) : لا يجب الخمس في التالف بدون تعد ولا تفريط. فان تلف بعضه وجب خمس الباقي، كما لا يجب الخمس فيما كان بمنزلة التالف، وان كان موجودا حقيقة، كالمال المفقود أو المحجوز أو الغارق في البحر أو المسروق أو نحو ذلك. فانه لا يعتبر من أرباح السنة.

(مسألة 1600) : العرصة من الأرض مهما كان حجمها أو سعتها، لا تدخل في ملك صاحب اليد ما دامت قفراء لم يعمل عليها عملا، حتى وان اعتبرت عرفا أو في (الطابو) ملكا له، نعم يجب الخمس في المبلغ الذي دفعه بإزائها إن لم يكن مخمساً بعينه ولا يكفي أن يكون له سنة خمسية، ولذلك عدة نتائج منها: عدم وجوب دفع الخمس عنها. ومنها: أنها لا تذهب إرثا. ومنها: بطلان المعاملة في بيعها أو هبتها وغيرها. غير أن اخذ ثمنها العرفي يمكن توجيهه فقهيا. 





شارك الاستفتاء


المبحث الثاني: مستحق الخمس ومصرفه

يدفع الخمس كله في عصر الغيبة إلى الفقيه الجامع للشرائط باعتبار نيابته العامة عن الإمام المعصوم (عليه السلام) ليصرفه في موارده المقررّة، وعلى الفقيه أن يسد احتياجات بني عبد المطلب بن هاشم جد رسول الله (صلى الله عليه وآله) منه وهم من انتسبوا إليه من جهة الأب، والأحوط للفقيه أن يصرف نصفه عليهم لما ورد في تفسير قوله تعالى (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)(الأنفال:41)، من أن الأسهم الثلاثة الأولى للإمام والثلاثة الثانية لهذه العناوين من  بني عبد المطلب. وعلى أي حال فالفقيه اعرف بوظيفته.

وفي ضوء ذلك فالقول بتنصيف الخمس إلى نصفين معروفين بسهم الإمام (عليه السلام) وسهم السادة وان كان مشهوراً إلا أن الصحيح ما قلناه من عودة الخمس كله إلى الفقيه الجامع للشرائط وهو الذي يعرف تكليفه.

(مسألة 1601) : يعتبر الإيمان فضلا عن الإسلام في بني هاشم، وكذلك ما في حكمه من الصغر والجنون، ولا تعتبر العدالة على الأصح. وإن كان الأولى ملاحظة الرجحان في الأفراد، وأن لا يكون الآخذ متجاهراً بارتكاب الكبائر أو بعضها، بل ولا عاصيا للمهم من أحكام الشريعة كالصلاة في الواجبات، والسرقة وشرب الخمر في المحرمات. فانه لا ينبغي الدفع إليه من الخمس وان كان هاشمياً، بل يقوى عدم الجواز إذا كان في الدفع إعانة على الإثم أو الإغراء به أو مع العلم بصرفه فيه.

(مسألة 1602) : لا فرق في الهاشمي بين العلوي والعقيلي والعباسي. وغيرهم كالحسني والحسيني والموسوي والرضوي. وان كان الأولى تقديم العلوي بل الفاطمي، ولا يفرق عندئذ من كان من أفخاذهم.

(مسألة 1603) : يجب إحراز صحة النسب قبل الدفع إليه، أما بالعلم أو الاطمئنان أو بالبينة الشرعية، وكذلك بالشياع والاشتهار في بلده، بل يكفي فيه الوثوق النوعي بل الشخصي. وان ظهر الخلاف أو تجدد الشك، أمكن أخذه منه مع انحفاظ العين، بل ومع تلفها مع علمه بالحال وهو كون المدفوع خمساً من حق السادة.

(مسألة 1604) : مساكين بني هاشم فقراؤهم، وأما الأيتام منهم فالأحوط فيهم اعتبار الفقر، ويكفى في ابن السبيل الفقر في بلد التسليم، ولو كان غنياً في بلده. والأحوط وجوباً أن لا يكون سفره معصية، وأن لا يعطى أكثر من قدر ما يوصله إلى بلده إذا كان هناك غنياً، وإلا كان له احتسابه من سهم الفقراء، ولا يعطى ابن السبيل من هذا السهم إذا لم يكن هاشمياً.

(مسألة 1605) : الأحوط  أن لا يعطى الفقير أكثر من مؤونة سنته دفعة، ولو أعطي تدريجاً حرم عليه الزائد، ويجوز البسط والاقتصار على إعطاء صنف واحد، بل يجوز الاقتصار على إعطاء واحد من أي صنف.

(مسألة 1606) : لا يجوز إعطاء سهم الفقراء لمن تجب نفقته على المعطي، كالزوجة والأبوين والأولاد، بل وكذلك إن كان الوجوب كفائياً على الأحوط. ولكن الإعطاء زائداً على النفقة الواجبة جائز، ما لم يصبح بها غنياً، كما أن الإعطاء من حق الامام (عليه السلام)، مع وجود المصلحة وإذن الحاكم الشرعي جائز، وتسقط بذلك نفقة مقداره في غير الزوجة، وكذلك يجوز الإعطاء لمن كانت نفقته غير واجبة على المعطي، وإن التزمه في كل مصارفه فضلا عن بعضها كالضيف.

(مسألة 1607) : لا يجوز استقلال المالك في توزيع نصف الخمس العائد إلى الهاشميين، ويجب عليه الدفع إلى الحاكم الشرعي أو استئذانه في الدفع إلى المستحق، ولكن إن طلبه وجب على المالك دفعه إليه. وقد أعطينا الأذن للمؤمنين بصرف ثلث ما بذمتهم من الخمس على المؤمنين المحتاجين من السادة وغيرهم.

(مسألة 1608) : مصرف سهم الإمام (عليه السلام) الذي يقوم به الفقيه الجامع للشرائط أو غيره مع الاستئذان منه، هو ما يوثق برضاه (عليه السلام) بصرفه، كدفع ضرورات المؤمنين من السادات زادهم الله تعالى شرفا وغيرهم، والأحوط استحباباً فيه التصدق به عنه (عليه السلام). ومن أهم مصارفه في هذا الزمان الذي قل فيه المرشدون والمسترشدون، إقامة دعائم الدين ورفع أعلامه، وترويج الشرع المقدس ونشر قواعده وأحكامه، ومؤونة أهل العلم الذين يصرفون أوقاتهم في تحصيل العلوم الدينية، الباذلين أنفسهم بإخلاص في تعليم الجاهلين وإرشاد الضالين ونصح المؤمنين ووعظهم وإبلاغ الأحكام إليهم، وإصلاح ذات بينهم، ونحو ذلك مما يرجع إلى إصلاح دينهم وتكميل نفوسهم.

(مسألة 1609) : حق الإمام (عليه السلام) غير مملوك بطبعه لمن يقبضه، وان كان له أن يتصرف فيه بإذن الحاكم الشرعي، ولكنه قابل للتملك بنية التملك بعد إذن الحاكم، ولكن يجب على الأحوط ترتيب آثار الملكية عليه، من وجوب الخمس في فاضل المؤونة، وحصول الاستطاعة للحج وغير ذلك. وأما سهم السادات، فلا إشكال بملكيته بعد قبضه. وتترتب عليه جميع آثار الملكية.

(مسألة 1610) : لو مات وفي حيازته من حق الامام (عليه السلام)، فان كان قد نوى التملك عليه بشكل مشروع فلا إشكال، وان لم ينو لم يجز للورثة التصرف فيه أو تقسيمه بينهم إلا بإذن الحاكم الشرعي.

(مسألة 1611) : إذا أذن الحاكم الشرعي له بصرف الخمس أو بعضه في موارد معينة أو في مكان معين لم يجز له صرفه في غيرها. كما يجوز دفعه إلى وكيل الحاكم الشرعي، وكذا إذا وكل الحاكم الشرعي المالك فيقبضه بالوكالة عنه ثم ينقله إليه.

(مسألة 1612) : الخمس بقسميه أمانة شرعية بيد المالك قبل دفعه، فلا يضمن مع تلفه إلا بتعد أو تفريط، سواء سافر فيه أم لا. وكذلك فان حق الإمام (عليه السلام) أمانة بيد الوسيط، وبيد وكيل الحاكم الشرعي، بل الحاكم الشرعي نفسه. لا يضمن أي منهم إلا بعد تلفه بتعد وتفريط.

(مسألة 1613) : إذا كان المال الذي فيه الخمس في غير بلد المالك، فاللازم عدم التساهل والتسامح في أدائه، والأحوط تحري اقرب الأزمنة في الدفع، سواء أكان بلد المالك أم بلد المال أم غيرهما.وعلى أي حال فسيبقى المكلف ممنوعاً من التصرف في المال ما لم يصل الخمس إلى مستحقيه.

(مسألة 1614) : في صحة عزل الخمس بحيث يتعين في مال مخصوص إشكال إلا إذا كان بإذن الحاكم الشرعي وعليه فإذا نقله إلى بلد الحاكم الشرعي فتلف بلا تفريط يشكل  فراغ ذمة المالك. نعم، إذا قبضه وكالة عن الحاكم فرغت ذمته، ولو نقله بعدئذ بإذن موكله فتلف من غير تفريط لم يضمن.

(مسألة 1615) : إذا كان له دين في ذمة المستحق وأراد احتسابه من الخمس، فلابد من استئذان الحاكم فيه.


 

مضمون روايات التحليل

 (مسألة 1616) : إذا اشترى المؤمن ما فيه الخمس ممن لا يعتقد بوجوب الخمس في دينه أو مذهبه، جاز للمشتري التصرف فيه من دون إخراج الخمس، ويشمل هذا الجواز ما كان من أرباح التجارات والمعادن والغوص والمال المختلط بالحرام وغير ذلك. وكذا لا يجب الخمس عليه إذا اشترى المؤمن أو غيره ما فيه الخمس، ممن يعتقد وجوب الخمس عليه في دينه أو مذهبه، وان كان جاحداً أو عاصياً إلا إذا تعلق الخمس بعين المبيع لمرور سنة عليه وكونه من فاضل المؤونة ونحوه فيدفع الخمس ويرجع به على البائع أو يفسخ البيع إذا لم يكن عالماً بالحال.

وفي هذه المسألة تخفيف من الأئمة المعصومين (عليهم السلام) على شيعتهم لتطيب ولادتهم ومساكنهم ومناكحهم ولرفع الحرج عنهم في التعامل مع من لا يخمّسون من الناس وهم الأكثر.

(مسألة 1617) : إذا اشترى المؤمن ما فيه الخمس، ممن لا يعتقد وجوبه كما سبق، سقط خمسه من هذه الناحية، فإذا باعه أو وهبه أو انتقل إلى ورثته، كان بمنزلة المال المخمس. نعم، هذا لا ينافي وجوب الخمس من ناحية أخرى، كما لو كان إرثا غير محتسب أو كان من فاضل المؤونة.

 (مسألة 1618) : إذا شك المشتري في أن ما وصل إليه بالبيع ونحوه قد تعلّق به الخمس على النحو الذي ذكرناه في ذيل المسألة (1616) لم يجب عليه السؤال فضلاً عن وجوب إخراج خمسه، وإذا علم أنه قد تعلّق الخمس به ولم يعلم أن بائعه قد دفع خمسه أمكن سؤاله أو العمل بمقتضى حاله من التديّن وإلا بنى على العدم ووجب إخراج الخمس على المشتري.




شارك الاستفتاء

خاتمة

في الأنفال

وهي ما يستحقه الإمام (عليه السلام) على وجه الخصوص، ولا يجوز التصرف فيها إلا بإذنه الخاص والعام. وقاعدتها العامة هي ملكيته لها بالسلطان والولاية، ما لم يثبت ملكيته الشخصية لبعضها.

وهي أمور:

منها: الأرض التي لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب، يعني التي تم الاستيلاء عليها بدون قتال، سواء انجلى عنها أهلها أم سلموها للمسلمين طوعا.

ومنها: الأرض الموات التي لا ينتفع بها، لتصحرها أو لانقطاع الماء عنها أو استيلائه عليها، أو لغير ذلك، ولم يجر عليها ملك احد كالمفاوز، أو جرى فباد.

ومنها: سيف البحار وهي شواطؤها، وشطوط الأنهار، بل كل ارض لا رب لها وإن لم تكن مواتا، كالجزر التي تظهر في دجلة والفرات.

ومنها: الآجام وهي الغابات وهي كل ارض مشجرة طبيعيا.

ومنها: بطون الأودية، والوادي هو المنخفض بين جبلين.

ومنها: رؤوس الجبال، وما يكون بها مما هو متصل بها من نبات ومعادن وغيرها.

ومنها : ما كان للملوك من قطايع وصفايا، والاولى مما لا ينقل والثانية مما ينقل، بما فيها من حيوان. وقد يقيد الحكم باستيلاء المسلمين على بلاد الكفر لا مطلقا.

 

ومنها : الغنائم التي لم تغنم بإذن الإمام (عليه السلام)، أو لم يكن القتال بإذنه أساسا، فتعود غنائمه كلها له (عليه السلام).

ومنها : صفو الغنيمة، كفرس وثوب وجارية مما يختاره هو (عليه السلام)، وقد يقيد بما لا يكون مجحفا بالآخرين. وهو من قبيل تعيين التكليف الشرعي له (عليه السلام)، وهو تطاول على مقامه بلا إشكال.

ومنها : إرث من لا وارث له، يعني لا يعرف له وارث إطلاقا.

ومنها : المعادن قبل استخراجها، من أي نوع كانت.

وما دامت هذه الأمور للإمام (عليه السلام)، فمقتضى الأصل حرمة التصرف بها إلا بإذنه. ولكن دل الدليل على جواز التصرف بأمور:

الأمر الأول : إحياء الأراضي البوار فتكون لمن أحياها، والمقصود بالإحياء إيجاد عمل مؤثر فيها كالزراعة والبناء والحفر ونحو ذلك.

الأمر الثاني : استخراج المعادن، فيدفع المستخرج خمسها ويكون له الباقي على التفاصيل التي سبقت.

الأمر الثالث : المال المنتقل إلى المؤمن ممن لا يعتقد وجوب الخمس في دينه أو مذهبه. سواء كان الانتقال بشراء أم بيع أم هبة أم اجارة أم ميراث أو غيرها. وكذا المنتقل إليه ممن يعتقد وجوب الخمس ولم يؤدّه مادام لم يتعلق الخمس بنفس العين كما تقدم.

الأمر الرابع: حيازة المباحات العامة، كأخذ النبات أو غيره من شواطئ البحار والأنهار والغابات ورؤوس الجبال، وإن كانت في الأصل من الأنفال.

وفي كل هذه الأمور لا يجب اخذ الإذن من الحاكم الشرعي، وإن كان أحوط استحبابا، إلا في إرث من لا وارث له. فإنه لا يجوز التصرف فيه إلا بإذن الحاكم الشرعي على الأحوط وجوبا.

 

نعم، هناك عناوين أخرى مما سبق حكمها ذلك أيضا، كصفايا الملوك وصفو الغنيمة والغنائم التي تغنم بغير إذن الإمام (عليه السلام)، إلا أن هذه الأمور لا وجود لها في عصرنا الحاضر. وإنما يكون حكمها ثابتا لها على تقدير وجودها في أي زمان أو مكان.





المجموع: 7 | عرض: 1 - 7

مكتب المرجع الديني

الشيخ محمد اليعقوبي(دام ظله) - ارسل استفتاءك

النجف الاشرف